عبد العزيز الخضر's Blog, page 4

June 20, 2015

الفضائيات.. والجمهور الموسمي


في زمن تفتت فيه الجمهور بشرائحه المختلفة إلى أجزاء صغيرة متناثرة في الفضاء الالكتروني والتلفزيوني، وأصبح فيه المعلن وأصحاب البرامج الإعلامية والفنية، يجدون صعوبة بالغة في اصطياد المشاهد طوال أشهر العام، ومعرفة الأوقات المناسبة




في زمن تفتت فيه الجمهور بشرائحه المختلفة إلى أجزاء صغيرة متناثرة في الفضاء الالكتروني والتلفزيوني، وأصبح فيه المعلن وأصحاب البرامج الإعلامية والفنية، يجدون صعوبة بالغة في اصطياد المشاهد طوال أشهر العام، ومعرفة الأوقات المناسبة.

يبدو شهر رمضان هو الشهر الوحيد، الذي يحافظ على قاعدة جماهيرية يمكن قياسها وتوقعها في أوقات جلوسها، وطقوسها اليومية ومائدتها..ولحظات كسلها، وهي ساعات طويلة ممارسة مشاهدة التلفزيون هو الشيء المشترك بين كثير من أفراد المجتمع بكافة شرائحه.

بمعنى آخر هو جمهور مضمون تواجده، بسبب ساعات الصيام الطويلة، وأوقات الطعام المحددة، فيكون جالسا أمام مسرح التلفزيون رغما عنه في الصالة المنزلية، يقلب الريموت، فهو إن لم يشاهد برنامجك، فهو سيمر عليه أحيانا ويعرف محتواه.

ولهذا يبدو رد البعض على من ينتقد أحد الأعمال التي تقدم..بأنه لماذا تشاهدها!؟ فيه شيء من الاستعباط، فالمشاهد في هذه الأوقات الرمضانية موجود ليس بانتظار عملك الفني وطلتك الفضائية، وإنما لأن هذا الوقت الطويل لا يناسبه إلا تصفح البرامج عند كثير من الناس من الصغار والكبار، الجلسات الجماعية للعائلة تحتاج المتابعة الجماعية، والتلفزيون هو الشيء المناسب لها في أوقات محددة، بعكس القراءة التي هي ممارسة فردية، وكذلك متابعة مواقع التواصل والانترنت.

تغيرت خارطة المشاهد طوال العام، ولم يعد هناك أوقات ذروة وذهبية محددة، أو حتى يوم مميز، فقد ضاع المشاهد المحدد منذ بدايات الفضائيات، وحتى نشرات الأخبار التي كانت تضبط المشاهد في أوقات معينة، أصبحت متاحة على مدار الساعة.

لقد ارتبط في أذهان بعض الوعاظ منذ سنوات طويلة أن استهداف رمضان من قبل هذه القنوات الفضائية كمؤامرة، والواقع أنه عمل تجاري بحت فهو الفرصة الوحيدة التي يجد فيها الجمهور متاحا بدون جهد كبير.

ولهذا حتى البرامج الدينية المتنوعة أصبحت مغرية للكثير من هذه القنوات، وتستقطب المشاهير في الساحة الدينية، ويتاح لها الأوقات المناسبة فيما قبل الإفطار.

وأصبحت منصات هذه القنوات المميزة عوامل شهرة كبيرة للكثير من الدعاة، تتجاوز شهرة زمن الكاسيت في عصره الذهبي، وإذا كان بعض هؤلاء المشاهير كانت شهرتهم سابقة لظهورهم في الفضائيات، فإنها أضافت لهم جمهورا جديدا ومختلفا، وبعضهم كانت الشاشة هي المؤثر الأكبر في جماهيريتهم كدعاة، ولهذا ستلاحظ الفرق بين جماهرية علماء ودعاة لم يخرجوا في هذه القنوات وبين من خرج فيها خلال عدة سنوات.

يأتي عمرو خالد كأبرز الشخصيات الدعوية التي حققت جماهيرية عالية، وأيضا تميزا مستمرا، وتطورا في كل سنة بالمواضيع وأسلوب عرضها، ومحتواها..وكان آخرها قصة الأندلس.

غيابه العام الماضي كان مؤثرا، عدنان إبراهيم لم يكن بداية ظهوره على روتانا لافتا، وهو القادم من شهرة اليوتيوب لعدة سنوات، وقد يكون البرنامج الجديد هذا العام «ليطمئن قلبي» مع سعود الدوسري محاولة مختلفة للاستفادة منه.

التجديد في البرامج الدينية يبدو محدودا، وهو يعتمد كثيرا على مهارة المتحدث أكثر من الموضوع.

أما في مجال الأعمال الفنية الأخرى، والدراما السعودية، فالواقع أن هناك أزمة مستمرة، ولم يقصر الكثير من الكتاب في نقدها منذ سنوات في الصحافة، وبيان الكثير من العلل في هذا الوسط.

القضية لم تعد نجوما مخضرمين أو جددا، فحالة الضعف عامة، وعدم القدرة على إنجاز أعمال لافتة تتفوق على هواة اليوتيوب الذين حققوا نجاحات عديدة، بدون مواسم.

مشكلة مؤسسات الإنتاج هذه أن شهر رمضان يتيح لها جمهورا مضمونا مهما كان مستوى أعمالها، ولهذا لا يوجد أي حافز وتحدٍ يجعلها تبذل جهودا كبيرة، وتنفق على هذه الأعمال..ليس في الديكور، وإنما في النصوص والمحتوى والأفكار.

هذه السهولة الربحية والشهرة السريعة التي تتيحها المواسم الرمضانية، جعلت التطور يبدو مستحيلا، وأصبحت الحالة الفنية..تشبه الحالة الرياضية لدينا.

فاللاعب السعودي لا يتطور مستواه بمجرد تحقيق شهرة مفاجئة.

كثير من هذه الأعمال لو تم عرضها في غير رمضان فإنها ستمر بلا جمهور.

ليس مجديا تهديد النقاد لهذه القنوات بحكاية الجمهور في شهر رمضان لطبيعة يومه، وحتى التهديد بقضية المنافسة بين القنوات التي تستهدف الجمهور السعودي ليست تحديا كبيرا، فهي محصورة في السنوات الأخيرة بين مجموعة «إم.بي.سي» و»روتانا»..وبينهما القناة الأولى السعودية!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 20, 2015 06:23

June 13, 2015

تحولات المجتمع: حوار في باص حكومي


المشرف: يا بنات اللي كاشفة وينها.. السيارة مهي ماشية، اللي كاشفة هنا لازم تنزل. الطالبة: ليه السيارة ماهي مظللة؟ المشرف: مظللة أو ما هي مظللة.. عندك سواق غريب.. الطالبة: لحظة.. لحظة لو سمحت طيب أنا أكشف برا. المشرف: والله عاد ممنوع أنت تركبين وكاشفة/ هي: ليش طيب/ هو: ممنوع نظام الجامعة ما وقعتي على الورقة أنت../ هي: مهب أنا اللي كشفت بس أنا أقولك يعني أنا أكشف برا/ هو: السيارة لها قوانين. ما تكشفين ما تفتحين قزاز/ هي: يعني كل هذا عشان كشفت وجهها يعني/ هو: يعني عندك عادي هذا/ هي: أنا بالنسبة لي عند أهلي أكشف.. أروح وجي.. يعني لو أجيب أبوي بيقولك هذه مهزلة أصلا/ هو: وش اللي مهزلة../ هي: عادي هذا بكيفي أنا بكشف طيب/ هو: بكيفك.. طيب الله لا يهينك باصات الحكومة أنت عارفة برا المواضيع ما عندنا بنات تكشف/ هي: مين حط القرار/ هو: الجامعة طال عمرك/ هي: مين مين/ هو: جامعة الأميرة نورة




المشرف: يا بنات اللي كاشفة وينها.. السيارة مهي ماشية، اللي كاشفة هنا لازم تنزل. الطالبة: ليه السيارة ماهي مظللة؟ المشرف: مظللة أو ما هي مظللة.. عندك سواق غريب.. الطالبة: لحظة.. لحظة لو سمحت طيب أنا أكشف برا. المشرف: والله عاد ممنوع أنت تركبين وكاشفة/ هي: ليش طيب/ هو: ممنوع نظام الجامعة ما وقعتي على الورقة أنت../ هي: مهب أنا اللي كشفت بس أنا أقولك يعني أنا أكشف برا/ هو: السيارة لها قوانين. ما تكشفين ما تفتحين قزاز/ هي: يعني كل هذا عشان كشفت وجهها يعني/ هو: يعني عندك عادي هذا/ هي: أنا بالنسبة لي عند أهلي أكشف.. أروح وجي.. يعني لو أجيب أبوي بيقولك هذه مهزلة أصلا/ هو: وش اللي مهزلة../ هي: عادي هذا بكيفي أنا بكشف طيب/ هو: بكيفك.. طيب الله لا يهينك باصات الحكومة أنت عارفة برا المواضيع ما عندنا بنات تكشف/ هي: مين حط القرار/ هو: الجامعة طال عمرك/ هي: مين مين/ هو: جامعة الأميرة نورة

هذا جزء من أغلب محتوى حوار بين مشرف على الباصات في جامعة نورة، وطالبة.. عبر مقطع مسجل نشر في مواقع التواصل. وضع باسم «طرد طالبات من باص جامعة نورة» ولم يكن عنوان الهاشتاق معبرا عن مضمونه! يختلف هذا المقطع كثيرا عن المقاطع الأخرى، إنك أمام حوار عفوي شبه مكتمل بين رؤية تمثل نظاما تعليميا رسميا، وبين طالبة تمثل أحد أوجه التحولات الاجتماعية، وتغيرات الوعي في تقييم ما هو خطأ ومدى القناعة فيه. ما ميز هذا الحوار أنه بلا شتائم. المشرف كان واضح الرؤية، لم يستعمل خطابا دينيا أو وعظيا والدخول في جدل فقهي، فهو هنا يطبق النظام، ولم ينصحها حتى وهي تتحدث عن كشف وجهها خارج الجامعة.

لقد أصبح الفضاء الرسمي في السنوات الأخيرة يواجه ضغطا في جوانب كثيرة، ومنها متغيرات الوعي الاجتماعي حول المرأة، بأكثر من صورة. فقد تراجع دور بعض فئات المجتمع، وتغيرت قناعاتها حول ممارسات اجتماعية عديدة. أصبح الفضاء التعليمي خاصة هو الحاضن الأقوى لهذه القيم، والمدافع عنها عمليا وخطابيا. زي المرأة بكل تفاصيله وما يتصل به أحد هذه الجوانب المعبرة في مجتمعنا، فقد أخذ عدة مسارات في التحول منذ السبعينات. مقابل ذلك حافظ الفضاء الرسمي خاصة في التعليم على ضوابطه وخطابه، مع تغيرات طفيفة فرضتها ظروف كل مرحلة.

مرحلة الفضائيات ثم الانترنت وتوالد مواقع التواصل المستمر أحدث تحولات كبيرة بشأن المرأة أكثر من التعليم، لم يستطع الخطاب الديني المكثف بخصوص المرأة، مرورا بخطاب الصحوة وقف الكثير من هذه التحولات.. خلال العقدين الأخيرين، وبالرغم أن أي مجتمع ستوجد فيه فئة محافظة وأخرى منفتحة وما بينهما، فإن هذه المرحلة تميزت عن سابقها.. بأن وسائل التواصل كسرت الحواجز بين هذه الفئات، وطبعت بينهما، وعطلت فاعلية الوعظ الديني. فقد أصبح هناك تعايش بين كل النماذج مع الاختلاف، فكل حفلة وجلسة وسفرة.. تبدو منقولة للأقارب والمعارف تفاصيلها بالصور، ولهذا ستلاحظ كيف تغير الموقف من السفر للخارج حتى عند كثير من الفئات المحافظة جدا.

لقد بقي الفضاء الرسمي في مساحات عديدة هو الصامد، والكابح الأهم في وجه هذه المتغيرات الاجتماعية المتسارعة، كما هو صامد أيضا في الأسواق والأماكن العامة تحت رقابة الرئاسة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفقدت الأسر قدرتها على مقاومة رغبات التغيير وضغط الفتيات في الخروج والتسوق وملاحقة الموضة والجديد. ولهذا يبدو أقوى عامل في مقاومة إقرار رياضة البنات، لدى الرؤية المتحفظة هو هذا الجانب. مسألة الزي، وضوابطه عمليا، وصعوبة السيطرة على هذا المجال.

كثيرون يستعيدون قصة تعليم البنات من واقع انتصار الانفتاح على المحافظة، وهي قصة مختزلة ومغلوطة في صحافتنا عند كثير من الكتاب، وقد ناقشت تفاصيل هذه المغالطة في مكان آخر، بما فيه قصة التعليم العالي المجهولة لدى البعض. فالواقع أن الرؤية المحافظة هي التي انتصرت واستمرت، وهو مما يفخر فيه الفضاء الديني كأحد أهم المكتسبات، وهذه الصرامة الإدارية.. مقرونة بهم رسالي صمدت لعدة عقود. لقد ارتبطت تجربة التعليم في العالم العربي والإسلامي بتحرير المرأة كثيرا في وعي النخب. التجربة السعودية مختلفة، وأصبح التعليم هو الحائط الأخير لمواجهة رياح التغيير!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 13, 2015 06:00

June 6, 2015

.. ولكن ما هو خطاب الكراهية؟


تزامن هجاء خطاب الكراهية في الحالة العربية مع تطورات الإرهاب في أكثر من دولة، وفي المشهد المحلي، كان هو أحد المواضيع الثابتة منذ أحداث سبتمبر 2001م




تزامن هجاء خطاب الكراهية في الحالة العربية مع تطورات الإرهاب في أكثر من دولة، وفي المشهد المحلي، كان هو أحد المواضيع الثابتة منذ أحداث سبتمبر 2001م .

حاولت معالجة مشكلة علاقتنا بالآخر، وبعض المفاهيم الدينية والفقهية التي ولدت منها بعض التصورات الخاطئة، وقد كان كتاب راشد المبارك « فلسفة الكراهية – دعوة إلى المحبة « الذي صدر عام 2001م، أبرز العناوين التي ظهرت، في هذه المرحلة كمحاولة جادة، وأشار فيها إلى كتاب كان صدر عام 2000م، « سجناء الكراهية « لأرونت بك.

كان هناك احتفاء عام بالكتاب، مع بعض التعليقات النقدية من منظور سلفي عند سليمان الخراشي، لكن أقوى قراءة نقدية هو ما كتبه مرزوق بن تنباك في جريدة الحياة 1 أغسطس 2001م.

وأشار فيه إلى أن «مما يؤخذ على الكتاب منهجياً في هذا الجانب أنه عندما عرض «الجذور» أبرز عنواناً للخوارج، وللشيعة والمعتزلة والجبرية ثم ذكر تحت كل عنوان أشهر الرجال من غلاة المذهب تحت اسم المذهب العام نفسه، مما يفهم منه أن هذا الرأي هو ما يوافق عليه أغلب أهل المذهب ..إلخ».

فكرة الإشارة إلى هذا المذهب أو ذاك بأنه انتقاء من أقوال الغلاة تبدو مريحة في أي عملية نقد هلامي لا يكمل بقراءات مفصلة من الناقد نفسه، فالواقع أن مقولات جميع المذاهب العامة وأسس أي فكر لا تؤسس على الشاذ وغير المشهور منه، فأي مذهب لا معنى له إلا بالأفكار الكبرى التي تؤسس له ليميزه عن غيره، وإلا بهذه الطريقة يمكن التهرب من أي مقولة لا تعجبنا في هذه اللحظة والادعاء بأنها شاذة ولا تمثل المذهب، وهذا ما يضعف مواجهتنا للواقع كما هو.

لم تتطور هذه السجالات القيمة إلى رؤى صلبة، وانشغلت الساحة المحلية باستقطاب حاد ومعارك آنية انتهازية، على هامش تطورات الإرهاب المحلي، لسنوات طويلة ثم تراجعه ..لكن مع عودته الأخيرة بصورة بشعة وجديدة بثلاث عمليات، عاد الحديث عن ضرورة تجريم خطاب الكراهية والتحريض ..لكنها عودة بعد أن تغيرت أجواء كثيرة فلم يعد الداخل العربي كما هو، ووصل الاستقطاب الطائفي إلى أقصى حد.

وبدلا من العودة إلى جذور المشكلة لتحديد ما هو خطاب الكراهية في مشهدنا المحلي، وكيف نواجهه قانونيا، ولماذا فشلنا في الماضي، عاد البعض إلى كلام هجائي لا فائدة عملية منه.

لا أحد يختلف على خطورة وجود هذا الخطاب على أي منبر أو مؤسسة أو مقررات أو مواقع إعلامية.

ولأن الواقع أصبح أكثر تعقيدا، ظن البعض أن الخلاف الشكلي حول أيهم أكثر تأثيرا في حدوث الإرهاب، هل هو الوضع السياسي في المنطقة والحرب المشتعلة منذ سنوات، أم هذا الخطاب.

وهي مشكلة تنظيرية جانبية، فالإشكال هو لماذا فشلنا ليس فقط في سن هذه القوانين وإنما حتى المثقف فشل في تحديد المعايير الدقيقة للحكم على أي خطاب هل هو كراهية أم غيره في ظل ظروفنا المحلية ثقافيا ودينيا.

أحيانا يكون التأخر في القوانين والأنظمة بسبب بيروقراطي كما في كثير من القضايا العادية، فكيف بمثل هذه القضية المعقدة في بلورتها وفق نظرة لا تتصادم مع رؤى أخرى تشكل أسسا في الرؤية الدينية لأغلب المجتمع.

طرح مشكلة كيف تحارب خطاب الكراهية دون المساس في حرية التعبير، ليست ذات أهمية إلا في مجتمعات متقدمة جدا في هذا المجال، لكن في مجتمعاتنا ليست بهذا المستوى، فهي أصلا منخفضة بدون هذه القضية.

عبدالرحمن الراشد في مقالته الخميس قبل الماضي حول الحاجة إلى قانون يجرم العنصرية والطائفية، أشار إلى هذه ومثال النازية في الغرب، والواقع أن مشكلة خطابنا مختلفة جذريا، لأن الالتباس مشكلته أن جزءا منه في عمق المفاهيم الدينية.

يمكن محاربة الكراهية على مستوى التحريض والسخرية والإهانة بسبب اللون أو الطائفة أو المنطقة وغيرها، ويمكن رفع قضايا الآن عليها في المحكمة ويكسبها الفرد.

ولهذا يمكن مواجهة المستوى الأول من الكراهية فورا، بعدة أساليب رسمية يشعر معها الجميع أن هذا الخطاب ممنوع.

المشكلة الأهم وهي التي يلف البعض ويدور حولها دون الدخول في عمقها إما جهلا أو شعورا مسبقا بالمأزق الذي يتطلب كلفة عالية من الاعتراف والمكاشفة الفكرية والفقهية، وهي الأحكام والآراء الفقهية في بعض الممارسات، وهي مادة ليست هامشية في مسائل محدودة، نمارس فيها الهجاء والاستعراض التنويري، حول مفهوم البدعة والأعمال المكفرة، ونتركها إلى مساحة أخرى.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 06, 2015 05:46

May 30, 2015

تحرير أفكار متداولة في الطائفية


كان أحد العناوين في الحوار الوطني عام 2003م، الشيخان العودة والصفار أكملا الحوار في سيارة واحدة، وثار حينها جدل كبير ومقالات عديدة .. ترى لو كانت أسماء غيرها تحسب على صقور كل طرف في هذه السيارة هل سيتغير المشهد، أم إن الساحة ستولد صقورا من نوع آخر. لم يكن حينها شكل التحدي بهذه الصورة من التعقيد بالرغم من أن مستوى التنظير والأفكار والمواقف الدينية والفكرية لا جديد في مضمونها سوى أن الواقع السياسي بسبب التوسع الإيراني المستمر في المنطقة هو الذي يعقد المشهد باستمرار.




كان أحد العناوين في الحوار الوطني عام 2003م، الشيخان العودة والصفار أكملا الحوار في سيارة واحدة، وثار حينها جدل كبير ومقالات عديدة .. ترى لو كانت أسماء غيرها تحسب على صقور كل طرف في هذه السيارة هل سيتغير المشهد، أم إن الساحة ستولد صقورا من نوع آخر. لم يكن حينها شكل التحدي بهذه الصورة من التعقيد بالرغم من أن مستوى التنظير والأفكار والمواقف الدينية والفكرية لا جديد في مضمونها سوى أن الواقع السياسي بسبب التوسع الإيراني المستمر في المنطقة هو الذي يعقد المشهد باستمرار.

لكل بلد مستوى معين من الإشكال الطائفي، ينخفض ويزداد وفقا لمعطيات واقعية، فالطائفية في لبنان وسوريا والعراق لها مستوى من التعقيد السياسي والاجتماعي يختلف عن دول الخليج، ويمكن تحديدها ولا علاقة لها بتهويل طرف ضد آخر. إذا اختلفت هذه المعطيات تختلف طريقة التناول ونوع الأفكار المطروحة في العلاج. فالقضية في حالات كثيرة ليست مجرد طرح لمثاليات ما يجب.. وإنما بما يمكن أن يكون في الواقع، والخطوات العملية لحصار أي توتر وتشدد.

خطورة بعض الأحداث والجرائم الإرهابية كما حدث في القديح، ترفع من مستوى القلق والجدية إلى رؤية أكثر تقدما في الحفاظ على النسيج الوطني. مشكلتنا ليست في المتطرفين في كثير من الحالات، فالتطرف لا يمكن الوصول إلى حلول صفرية معه ويقضى عليه تماما، لكن المشكلة في أن الاتجاه المعتدل وهو الأكثر حضورا يفتقد للمصارحة، حيث يوجد خطابان، خطاب علني يستمر فيه التكاذب وعدم المصارحة بالتحديات الحقيقية. خطاب المجاملات الاستهلاكية، نتبادل فيه إعادة التغريد بمواقع التواصل، والمديح المتبادل بالوطنية والتنوير، وهجاء المتطرفين، ثم هجاء معتدلين آخرين بحجة أنهم هم من صنع المتطرفين، وفي الأخير لا تمسك بقضية محددة، يمكن البناء عليها لإشاعة التسامح وتغيير الأخطاء في الواقع.

هناك خلط بين العديد من الأفكار والقضايا في عرضها وطلب معالجتها، فالمستوى الرسمي يتضح دوره ومسؤوليته في الأماكن الرسمية من مؤسسات حكومية وأماكن تعليم ومساجد وإعلام يواجه فيها أي تجاوزات لصناعة التوتر. وهذه المراقبة في الواقع تمارس بدرجة ما في مراحل عديدة، لكن الظروف السياسية في المنطقة تعيد التراخي مع الاستفزازات والشعارات، وهي في حالة تزايد مع اتساع دائرة الإعلام والفضائيات والاتصال الجديد، وهذه تنقلنا إلى مسألة الداخل والخارج.

فهل لا توجد علاقة بين ما يحدث في الخارج مع الداخل فعلا؟ من السهل قول مثل هذا الكلام نظريا، والدعوة إلى الفصل بينهما، وهي دعوة عقلانية .. لكن الواقع ليس كذلك، فله منطقه المختلف. فجميع التوتر والتأزم الذي حدث ويحدث باستمرار هو بسبب أحداث الخارج وتمدد إيران الطائفي في أكثر من دولة. يحدث الاتصال الحتمي والعلاقة بين الداخل والخارج بسبب نوع المواقف والميول والتأييد المبطن وعدم القدرة صراحة على إدانة من هو ضد بلدنا ووطننا ويحاربنا في كل مكان. الرغبة في عدم إدانة ما يقوم به ذلك التنظيم أو الحزب، عبر الاكتفاء بالتذاكي واللف والدوران من خلال عموميات حول القتل والحروب والكلام عن الإنسانية.

من مفارقات الإدانة في الفترة الماضية، أن يلاحق البعض أسماء بحجة أنها لم تدن داعش بما يكفي، وهو في الوقت نفسه لم ولا يستطيع إدانة إيران وحسن نصر الله باسمه مباشرة، وهو الذي أصبح يهاجمنا كل أسبوع في خطبه .. بمواجهة مفتوحة! لست من أنصار ملاحقة الآخرين بالإدانة إلا من يكون أحد عوامل صنع التوتر، ومن الناشطين في ذلك، أو من يمثل جهات اعتبارية.

المفارقة الأخرى في حفلة الإدانة أن يتورط داعية بتغريدات غير مؤدبة، عبر تشبيه الآخرين بمقدمة سيارات بسخرية بشكل الوجه بلغة شوارعية، والتهييج ضدهم، ثم بعد الحادثة يقدم تغريدات وكلاما مختلفا، وكأنه عقلاني مهتم بالنسيج الوطني. وهو بدلا من أن يعتذر عن خطئه وحماقته السابقة، أخذ يشارك في حفلة الإدانة وكأنه خارج المشكلة!

النخب التي تكتب في المجال السياسي وتحلل في أزمات المنطقة، أيضا عليها مسؤولية أخلاقية، وأن تكون صادقة ليس فقط المطالبات الاستعراضية النظرية. مواجهة خطابات الكراهية، وسن قوانين ضد صناع التوتر، وخلق بيئة تعايش سلمية، ونشر الاعتدال والآراء المستنيرة .. لن تأتي بمجرد تكرار الكلام العام والجميل، دون أن نحدد مواجهة وتفكيك طبيعة الأزمات وتشابكها، ونحدد العوائق التي تواجه الرسمي والنخب الثقافية والدينية بسبب التداخلات المعقدة بين الاجتماعي والسياسي ومكونات التراث والخطاب الديني.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 30, 2015 09:06

May 23, 2015

الثامنة.. وكلفة تعرية التطرف!


التعامل مع الأفكار الموبوءة، لا يختلف عن التعامل مع المواد الخطرة، فتناولها بحاجة إلى خبرة وأساليب واعية لهذه النوعية من الخطاب، فليس سهلا القرار بعرض عينات من هذه الأفكار على جمهور واسع، دون استحضار العديد من الجوانب، فأي خلل في تصور القضية ورؤية مختلف الشرائح الاجتماعية لها ستكون كلفته عالية على المجتمع، لا تظهر آثاره إلا في مدى زمني طويل




التعامل مع الأفكار الموبوءة، لا يختلف عن التعامل مع المواد الخطرة، فتناولها بحاجة إلى خبرة وأساليب واعية لهذه النوعية من الخطاب، فليس سهلا القرار بعرض عينات من هذه الأفكار على جمهور واسع، دون استحضار العديد من الجوانب، فأي خلل في تصور القضية ورؤية مختلف الشرائح الاجتماعية لها ستكون كلفته عالية على المجتمع، لا تظهر آثاره إلا في مدى زمني طويل.

مشكلة التشدد المستمرة أن تعريته ارتبطت بتعرية أخطائنا العديدة التاريخية والمعاصرة في مجالات عدة بدءا من التعليم ونوعية الخطاب الديني والثقافي إلى البرامج الإعلامية.

اللقاء دائما مع أي سجين في أي قضية له حساسية خاصة في ذهنية المشاهد، مهما كانت قضيته، فالضيف يفقد شيئا يملكه المحاور، خاصة أنها حوارات ليست مباشرة.

وسيكون البعض في صف الأضعف..في الحوار.

وإذا تجاوزنا هذا الإشكال من أجل مصلحة أخرى، وهي عرض الأفكار المتطرفة وطرق التفكير لدى بعضهم، وخطابهم كنموذج يواجه المسؤول الأمني في إشكالية التعامل معهم، فإن توسيع دائرة عرض هذه الأفكار بدون تصحيح في الوقت نفسه له ضريبته.

مشكلة ردود الفعل على مثل هذه اللقاءات أنها تأتي بصورة انطباعية، متأثرة بتضخيم جانب على آخر، وفقا لأولوياته طرف وليس لأوليات القضية ذاتها والمصلحة العامة.

فإذا كنت إعلاميا أو صاحب قناة أو صحيفة فستعتبر هذا العمل مهما وشيئا عظيما، وستنظر إليه كخبطة إعلامية كبيرة لصالحك، وهي نظرة صحيحة في العرف الإعلامي، ومكسب لأي قناة أو جريدة يتاح لها مثل هذا.

وإذا كانت الرؤية من جانب المتأثر بهذا التيار، فسيعتبره غير أخلاقي وتحت الضغط لتشويه تنظيمه، وتشويه السجناء الذين لا علاقة لهم بهذا الفكر.

ولأن هذا النوع من التطرف ارتبط برؤية دينية، فإن كثيرا من الفئات المتدينة وخاصة التي تنتمي إلى تيارات ناشطة في الدعوة، قد ترى أنه محاولة تشويه التدين.

أما الكاتب والمثقف فقد تتضخم لديه فائدة الاطلاع على نماذج من هذا الخطاب ليوظفها في نقده الفكري والاجتماعي.

لكن للمسؤول وصاحب القرار أوليته في رؤية المصلحة المتصلة بمسؤوليته عن المجتمع والمحافظة عليه، وهو يقرر في أوقات تحت ضغط ظرف معين، تتضخم فائدة آنية تفرضها المرحلة في نظره.

ليست هذه المرة الأولى التي يعرض فيها حوارات من هذا النوع، فقد عرضت قديما تجارب مختلفة، ومنها حوار ما عرضته القناة الأولى قبل أكثر من عقد حول تراجعات الخضير والفهد والخالدي، وكان حينها حضور مواقع التواصل غير موجودا كما هو اليوم.

فقد كان لتلك الحوارات كتراجعات رسالة محددة المحاور والهدف منها، لكن الإشكال في برنامج الثامنة هذه المرة مختلف وأكثر تعقيدا.

فالبرنامج جماهيري جدا وطبيعته مختلفة، يعالج عادة هموم أخرى اجتماعية وخدماتية ومشكلات المجتمع اليومية، والمحاور يمتلك مهارة خاصة لهذا النوع من المشكلات التي تناسب شخصيته الإعلامية بتلقائيته التي هي أحد أقوى عوامل نجاحه.

فهل هذا النوع من البرامج مناسب في تناول هذه القضايا ذات الحساسية الدينية والسياسية، لشخصيات وعيها الديني مشوش وملتبس مع مقولات وآراء فقهية لها حضورها في الخطاب الفقهي، مما قد يسهم في نقل هذا التشويش إلى مستويات أوسع، وفئات لا تدرك أين الإشكال الفكري والفقهي في حقيقته.

في الحوار مع وليد السناني من قبل وخالد المولد في الأسبوع الماضي، الحضور هنا مختلف، فهو ليس تراجعا، فالضيف متمسك جدا بفكرته، ويدافع عنها بصلابة، وقد تجعل بعض الصغار يعجبون بشجاعتهم وقوتهم واعتدادهم برأيهم، وعدم خوفهم بالرغم من المدة الطويلة في السجن.

جزء من هؤلاء ليست مشكلته سياسية مشغولة بأمريكا والطغاة وغيرها من الشعارات، وإنما مشكلته فقهية في الرأي الفقهي وأسلوب إنكار المنكر، وتكرار كلمة «حنا مع علمائنا» في البرنامج وغيره لم تعد صالحة في هذا العصر..كرقية شرعية بنفس فعاليتها قبل عقود.

صحيح أن الحوار الذي تطغى عليه شخصية داود الجذابة بلهجته المحلية «مهب تسذا يا ابن الحلال» تجعل ساعة المشاهدة ممتعة، وقد ينسى الكثير منهم خطورة القضية ذاتها، وكأنه يشاهد مقطعا من مسرحية غير كاملة في حواراتها، فقدت بعض فصولها في تعرية هذا الخلل الفكري.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 23, 2015 05:59

May 16, 2015

حدود الخلاف الخليجي الأمريكي


كانت أحد عناوين نشرات الأخبار الساخنة عام 2008، في أواخر عهد إدارة الرئيس بوش الحديث عن ضربة عسكرية أمريكية محتملة لإيران، أو فرض حصار بحري عليها، حينها كان المرشح الديموقراطي باراك أوباما يحذر بوش من الإقدام على هذه الخطوة




كانت أحد عناوين نشرات الأخبار الساخنة عام 2008، في أواخر عهد إدارة الرئيس بوش الحديث عن ضربة عسكرية أمريكية محتملة لإيران، أو فرض حصار بحري عليها، حينها كان المرشح الديموقراطي باراك أوباما يحذر بوش من الإقدام على هذه الخطوة.

كان التغير في السياسة الأمريكية في عهد أوباما واضحا منذ البدايات، وليس تحولا مفاجئا، لكن إعلامنا استمر طويلا..يهدد إيران خطابيا، بتلك الضربة المحتملة أكثر مما يجب، لقد أثر هذا الأداء الإعلامي على رؤية الاتجاه السياسي الأمريكي الجديد، وخدر الوعي بخطورة المرحلة على مصالحنا الإقليمية.

وفي الفترة التي كانت تطبخ فيها المتغيرات الأمريكية الإيرانية..كان إعلامنا أيضا منشغلا بملاحقة فرقعات أحمدي نجاد الخطابية، التي توهم بأنها ستقود إلى مواجهة مع الغرب.

لم يتعامل الإعلام بجدية مع تلك المتغيرات المبكرة، ولم يصدقها..حتى آفاق العام الماضي على كارثة التقارب الغربي مع إيران حول برنامجها النووي، والذي كان أسوأ ما فيه هو التكتم الشديد، عبر تهميش الجانب الخليجي الأقرب للخطر الإيراني، وسياستها التوسعية.

جاءت دعوة أوباما لكامب ديفيد لاحتواء الغضب الخليجي، وطمأنته.

وبعيدا عن نقد سياسة أوباما التي تزايدت بصورة هجائية إعلاميا في المرحلة الأخيرة، وكأنها مندهشة من هذا التحول.

لقد كان رؤية أوباما مختلفة عن رؤية بوش لمشكلات المنطقة وأسلوب معالجتها.

ولهذا فهو كان ضد غزو العراق، وأشار لذلك في حواره مع جريدة الشرق الأوسط قبل يومين عشية قمة كامب ديفيد «بأن أحد الأسباب التي عارضت من أجلها غزو العراق في عام 2003 هو شعوري بأننا لم نقدر العواقب طويلة المدى.

وفي الواقع، فإن سنوات عدم الاستقرار التي تبعت الغزو الأمريكي ساعدت في ظهور (القاعدة) في العراق».

يواجه الخليج وضعا مختلفا تماما لم تعد فيه التصريحات السياسية كافية لتهدئة المخاوف، وقد أصبحت المنطقة في المنعطف الأخير لسعي واشنطن وشركائها للاتفاق حول البرنامج النووي، مما سيعزز النفوذ الإيراني، وكأنه تحالف ضمني معها.

يبدو اليوم الخلاف الخليجي مع الولايات المتحدة أكثر صعوبة من أي وقت مضى، مع استمرارها بدور المتفرج على الممارسات الإيرانية في سوريا والعراق، فالصعوبة تكمن في التأخر الشديد في مواجهة التغير في السياسة الأمريكية قبل سنوات عديدة، وقد جاءت عاصفة الحزم، وأيضا عدم حضور أهم الزعماء الخليجيين للقمة كرسالة سياسية قبل القمة بأنها يجب أن تكون قمة أفعال وليست مناسبة لأخذ الصور.

دول الخليج بعد أكثر من ثلث قرن تدرك أن السياسة الإيرانية وأساليبها التوسعية والتدخل في المنطقة لا يمكن أن تتغير، بدون تغيير النظام نفسه، واستمرار السياسة الأمريكية بهذا المسار سيقود حتما إلى تغير قواعد اللعبة..لصالح إيران التي تجيد العبث بالمكون الطائفي، ودمرت من خلاله أربع دول عربية.

ومع أن هناك أصواتا أمريكية تدعو إلى عدم المبالغة بأن واشنطن يمكن أن تضحي بالخليج لأجل إيران، فستظل مجرد وعود وتخمينات، فالمشكلة في حقيقتها ليست في الوعود الأمريكية، وإنما في السياسة الإيرانية التي تستفيد من أي ثغرة تتوسع فيها في المنطقة.

لقد توالت بعد القمة تصريحات عديدة، وأكد أوباما بأن بلاده ملتزمة بمواجهة أي تهديدات خارجية لدول الخليج، لكن هذا لم يصل إلى حد عرض معاهدة دفاع رسمية كما سعت إليها بعض الدول الخليجية.

وأعلن بدلا من ذلك إجراءات أقل من المأمول، من خلال مبيعات الأسلحة والتدريبات العسكرية المشتركة، وتعزيز أمن الشبكات الالكترونية.

لقد كانت دول الخليج تسعى إلى تطوير تحالفها الأمني أكثر مما ترغبه الولايات المتحدة.

ومن غير الممكن الوصول إلى معاهدة أمنية تشابه ما هو بين اليابان وأمريكا أو كوريا.

لقد انتهت القمة بمثل ما بدأت به من تصريحات وجدول أعمال، وتوقعات، وليس هناك من جديد مضمون قادر على تغيير مسار الأحداث في اللحظات الأخيرة من الوصول إلى اتفاق مع إيران.

لقد كان الطموح في عام 2010 حث أمريكا على «قطع رأس الأفعى» كفلاشات مرحلة..وانتهى إلى التفكير في ذيلها!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 16, 2015 06:11

May 9, 2015

حميدان التركي: لماذا الاهتمام الشعبي!؟


عندما تجد قضية أحد أبناء بلدك، تحظى باهتمام واسع من قبل مختلف شرائح المجتمع خلال عشر سنوات، وتعاطف كبير يدعون له ويتداولون آخر الأخبار والتطورات، عند كل محطة جديدة، فستشعر بالاطمئنان. هذه الظاهرة الشعبية إيجابية، وتعبر عن شعور عام بوحدة أبناء هذا المجتمع وتكاتفه، وتفاعله مع قضية من يشعر أنه مظلوم. لكن مع أي ظاهرة جماهيرية في المجتمع لا بد لها من أسباب وعوامل ساعدت على تشكلها بهذه الصورة أو تلك. فخلال عقد كامل مرت القضية بمحطات وتحولات عديدة، وبدأ مسار الأحداث كراوية أو فيلم سينمائي، فيه المأساة والصدمة، والآمل والانتظار عند كل محطة من تطورات القضية.. وأخذ التفاعل الشعبي معها مساره منذ مرحلة المنتديات إلى مرحلة ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ينتظر النهايات السعيدة مع كل منعطف. هذا المقال أرسل قبل ساعات من ظهور نتيجة الحكم على المساجين الذين تعرض قضاياهم على لجنة البرول.




عندما تجد قضية أحد أبناء بلدك، تحظى باهتمام واسع من قبل مختلف شرائح المجتمع خلال عشر سنوات، وتعاطف كبير يدعون له ويتداولون آخر الأخبار والتطورات، عند كل محطة جديدة، فستشعر بالاطمئنان. هذه الظاهرة الشعبية إيجابية، وتعبر عن شعور عام بوحدة أبناء هذا المجتمع وتكاتفه، وتفاعله مع قضية من يشعر أنه مظلوم. لكن مع أي ظاهرة جماهيرية في المجتمع لا بد لها من أسباب وعوامل ساعدت على تشكلها بهذه الصورة أو تلك. فخلال عقد كامل مرت القضية بمحطات وتحولات عديدة، وبدأ مسار الأحداث كراوية أو فيلم سينمائي، فيه المأساة والصدمة، والآمل والانتظار عند كل محطة من تطورات القضية.. وأخذ التفاعل الشعبي معها مساره منذ مرحلة المنتديات إلى مرحلة ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ينتظر النهايات السعيدة مع كل منعطف. هذا المقال أرسل قبل ساعات من ظهور نتيجة الحكم على المساجين الذين تعرض قضاياهم على لجنة البرول.

كان من أهم الجوانب التي لفتت فيها القضية الرأي العام المحلي منذ اللحظة الأولى، هو غرابتها والدهشة التي جعلت البعض لم يصدق الحكم بالسجن المؤبد، وفي دولة مثل أمريكا على مثل هذه التهم الكيدية، ولأن القضية أصبحت مشهورة ومعروفة فلا نحتاج هنا تفاصيلها وتطوراتها، فالرأي العام المحلي أصبح يعرف الخطوط العريضة للقضية.

ولأن أغلب تفاصيل الحادثة تتعلق بالخدم وطريقة التعامل معهم، وثقافة الشعب السعودي متقاربة في هذا الشأن في كيفية وجودها في المنزل، وطريقة الخروج والدخول وغرفهم وإعطائهم الرواتب، فقد شعرت الكثير من العائلات السعودية أنها جزء من مسلسل الحدث، فبعض الممارسات مع الخدم أصبحت هي الأصل وتكيف معها الجميع الكفيل والمكفول وحتى الدول المصدرة للعمالة، وحتى لو فرض أن بعض المخالفات القانونية حقيقية، كنظام الإقامة أو أسلوب التعامل مع الخدم، فالحكم ورقم السنوات القريب من الثلاثين عاما، هو بحد ذاته قصة مأساوية ومجزرة تحكيم مثيرة، جعلت النظرة الشعبية للقضية تتيقن بأنها كيدية.. والتي جاءت مع تطورات وأجواء ما بعد 11 سبتمبر، وأصبحت من أبرز علامات تلك المرحلة، وأحدثت يقظة عند الكثير من المقيمين والمبتعثين.. واهتماما بالتفاصيل القانونية الدقيقة.

ولأن الشخصية ارتبط اسمها وقضيتها بنشاط سلمي دعوي، فقد اعتبر الرأي العام أن أحد العوامل التي أسهمت في تعقد مسار القضية، هو الترصد الأمني الذي سبق التهم الكيدية، لاشتغال المتهم بالدعوة للإسلام ونشر الكتب في هذا المجال. من أهم الأعمال التي يشعر المسلم العادي أنها من أعمال الخير وأن من واجبه دعمها، وتأييدها هي الدعوة إلى الله. ولهذا شعر الناشطون في مجال الدعوة، والكثير من القيادات الدعوية أن من واجبهم الوقوف معه، ونشر قضيته، ومتابعة تطوراتها. وقد طرحت حينها نصائح ونقد في توقيت بعض الأعمال الخيرية إلا أن الجميع اتفق على أنها هامشية أمام الظلم الذي وقع عليه.

قضية الدعوة إلى الله هي من القضايا التي يجمع عليها أفراد المجتمع المتدين وغيره وفقا للتصنيفات الإجرائية، وبعضها تكون تحت غطاء رسمي. ولو أن القضية تتعلق بقضايا الإرهاب أو الجهاد في الخارج لاختلفت طريقة التعاطف والتفاعل الشعبي معها، ولهذا فهناك أعداد كبيرة من السعوديين منذ أكثر من عقدين موجودون في الخارج، ومنهم المعتقلون في جوانتانامو. فهذا الموضوع ذو حساسية سياسية وأمنية، ويحجم أيضا الكثير من الوجوه الدعوية والرسمية والمشايخ من التفاعل العلني معه، وحتى المجتمع نفسه.. لديه حساسية من هذه القضايا بعد تجربة طويلة مع هذا النوع من الأفكار والمشكلات التي تلت مرحلة الجهاد الأفغاني.

طرح بين فترة وأخرى منذ مرحلة المنتديات وحتى في مواقع التواصل السؤال: لماذا فقط هذه القضية التي حظيت بهذا الاهتمام، وخاصة أنه هناك العديد من القضايا للسعوديين من المبتعثين حدثت لهم مشكلات وقبض عليهم، وينسون بسرعة. هذا التساؤل قد يطرحه البعض بحسن نية ويريد أن يحلل ظاهرة معينة، والبعض لديه مشكلة نفسية وخصومة مع كل ما هو إسلامي فيستطيع أن يستنتج ما يريده.

ومع كل الأسباب التي حاولت استحضارها هنا لفهم ظاهرة التعاطف واستمراريتها، مقارنة بغيرها، فالواقع أنها أسباب ليست كافية، فالرأي العام بطبيعته ينسى سريعا، وتشغله قضايا أخرى بما فيهم الناشطون في مجالات معينة، فلا يمكن أن تنجح حملة تعاطف بهذا القدر المستمر خلال عشر سنوات، بدون عامل مهم جدا، وهو ما ينقص قضايا الآخرين الذين يسأل البعض عنهم. العامل الأهم هو عائلة حميدان التركي الكريمة زوجته وأبناؤه، فاستمرارهم في تزويد الرأي العام والانفتاح على الإعلام وتقديم المستجدات، مع كل مرحلة.. والظهور بحوارات وإنتاج مواد وثائقية، والتواصل مع المشاهير وقيادات الرأي العام، وهو جهد ضخم يستحق أن يدرس في أسلوب إدارة الحملات الإعلامية. كثير من الهاشتاقات والقضايا ينساها الناس بسرعة. بمجرد ما يذبل نشاط أصحاب هذه القضية أو تلك، سينتهي وقود التعاطف حتما، فالرأي العام لا يتحرك بدون طاقة، وشمعة تضيء له.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 09, 2015 08:31

May 2, 2015

في أمراض السلطة العربية


الصراع على السلطة وانتقالها من جيل إلى آخر كان ولا يزال من أكبر أمراض الحالة العربية في كثير من الدول. مضى نصف قرن مليء بالخيبات والفشل والتراجع التاريخي، حتى أصبح البعض يحن إلى زمن الاستعمار الأجنبي، عندما يشاهد صور بلده ومجتمعه بالأبيض والأسود. منذ أن افتتح زمن الانقلابات العسكرية ودخول تلك الجمهوريات العربية في منحدر سياسي تاريخي لا يعرف قاعه بعد، تفاقمت الأزمة وخلفت معها أمراضا عديدة في بنية مجتمعاتها ومكوناتها بلا أفق سياسي للحل.الصراع على السلطة وانتقالها من جيل إلى آخر كان ولا يزال من أكبر أمراض الحالة العربية في كثير من الدول. مضى نصف قرن مليء بالخيبات والفشل والتراجع التاريخي، حت




ى أصبح البعض يحن إلى زمن الاستعمار الأجنبي، عندما يشاهد صور بلده ومجتمعه بالأبيض والأسود. منذ أن افتتح زمن الانقلابات العسكرية ودخول تلك الجمهوريات العربية في منحدر سياسي تاريخي لا يعرف قاعه بعد، تفاقمت الأزمة وخلفت معها أمراضا عديدة في بنية مجتمعاتها ومكوناتها بلا أفق سياسي للحل.

كيف انتهى العراق مع البعث وصدام بسياساته المتهورة، وكيف تحولت سوريا إلى رهينة بيد نظام بشار الأسد، ولم تنجح فكرة التوريث التي عمل عليها والده، لأن المشروعية السياسية التاريخية بحاجة إلى مقومات أخرى تصعب صناعتها في العالم الحديث ما لم يكن لها جذور اجتماعية في عمق التاريخ، فالسلطة ليست مجرد قوة، وقبضة أمنية. ويعيش اليمن في هذه المرحلة أكثر منعطفاته التاريخية صعوبة، وكيف ساهم نظام علي صالح بهذه النهايات العبثية بمستقبل بلده. عدم الشعور بالمسؤولية التاريخية سمة هذا النوع من القيادات التي تأتي عبر انقلابات عسكرية في مختلف دول العالم، فتبدو احتمالية تضحيتها من أجل الوطن ضعيفة، فتقاتل حتى آخر لحظة للبقاء على الكرسي، حتى وهو يرى وطنه يتفتت .. ويقتل ويشرد الملايين.

يظن كثيرون بأن مشكلة السلطة العربية تنحصر فقط في لحظة الوصول للحكم وينتهي الأمر عند هذا الحسم، والواقع بعد أكثر من نصف قرن كشف لنا أزمات أخرى، جعلت هذه الدول منكوبة بهذه القيادات، لأن كلفة البقاء في السلطة تستهلك مجمل طاقات هذه الأنظمة التي تشعر بعدم وجود أي شرعية لها. عدم وجود أي نوع من الشرعية يجعل النظام مشغولا في تفاصيل كل ما يثبت سلطته أكثر من اهتمامه بمستقبل البلد وتنميته، وتبدأ مع هذا الهاجس المحاولات العبثية في اللعب في تركيبة المجتمع، وطوائفه، والدخول إلى الفضاء الاجتماعي وتدميره، بأساليب متعددة.

ويترتب على هذا الهم الأمني، تخشب إداري طويل الأمد، فحالة الثقة بالآخرين تكون ضيقة ومحصورة بدوائر خاصة، وهذا يفسر عدم قدرة تلك الأنظمة على تجديد نفسها، ودفع دماء جديدة ومتنوعة إلى النخب الإدارية، حيث تصبح كل المناصب القيادية في الدولة شبيهة الوضع بمنصب الزعيم، وكأن خروجها منه يهدد السلطة بكاملها.

المشكلة الأخرى والحتمية التي واجهتها تلك الأنظمة، كانت في المنعطفات التاريخية التي تنتظرها مع مرور الزمن، ولهذا حدثت كوارث السقوط المتسارع عندما اقتربت لحظة التوريث وانتقال السلطة، حيث لا يوجد أي أفق يساعد تلك الشعوب على تصور المستقبل. منذ أكثر من عقدين .. كان التحدي البيولوجي وشيخوخة زعماء تلك الأنظمة من أخطر القضايا التي بدت بالأفق منذ التسعينات، وتم تداولها ونقاشها وظهور المخاوف حول مستقبل تلك الدول، وقد أتيحت لتلك الأنظمة فترة طويلة لإيجاد التحول لمرحلة انتقال السلطة، ووضع آلية معقولة لترتيب هذه التحولات المصيرية من مرحلة إلى أخرى. فقد أكدت تجربة نصف القرن أن الاستقرار مهما طالت مدته، بدون وجود مشروعية وآلية انتقال سينتهي إلى فقدان الثقة، وتفكك النظام.

لقد فشلت تلك الأنظمة العربية في صناعة الثقة بينها وبين شعوبها، وهي معادلة سياسية بالغة التعقيد تاريخيا للتكيف مع تحديات كل مرحلة، ومع أن الثقة بحاجة إلى عمق تاريخي، إلا أنها أيضا بحاجة إلى تفاعلات حيوية مستمرة، مع كل منعطف تاريخي تمر فيه الدولة. فالثقة إذا لم تتم حمايتها بدماء جديدة فإنها تتآكل بمرور الزمن مع تدني أداء الحكومة، وزيادة الفساد، والقبضة الأمنية. مشكلة الثقة أنها ليست حالة فردية، وإنما ظاهرة مجتمعية، ولا يمكن صناعتها عبر الأداء الإعلامي بدون وجود مقومات على أرض الواقع.

لقد نجت الأنظمة الملكية العربية من كثير من أمراض السلطة العربية التي افتتح عهدها بانقلابات الخمسينات والستينات، ووفرت الكثير من طاقاتها السياسية والاقتصادية إلى قضايا مجتمعها، واستطاعت هذه الدول الحفاظ على كثير من مقومات هذه الثقة، والتي هي أقوى عوامل الاستقرار. «فالثقة هي كلمة السر في انتقال المجتمعات من حال إلى حال وتطور الدول من وضعية إلى وضعية مغايرة» كما يرى فرانسيس فوكوياما.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 02, 2015 10:16

April 25, 2015

اليمن والتنمية .. مسؤولية من!؟


تبدو التجربة اليمنية حالة خاصة في سياق التخلف التنموي العربي، فحركة التغيير الحضاري بطيئة تاريخيا، لموقع جغرافي يمتلك مقومات كثيرة للانطلاق، ومطلات بحرية




تبدو التجربة اليمنية حالة خاصة في سياق التخلف التنموي العربي، فحركة التغيير الحضاري بطيئة تاريخيا، لموقع جغرافي يمتلك مقومات كثيرة للانطلاق، ومطلات بحرية استراتيجية، يؤهلها لأن تكون في حالة أفضل. ومع أن التخلف التنموي يكاد يشمل غالبية الدول العربية إلا أنه في الحالة اليمنية من نوع خاص، فاليمن لم تتح له بعد انطلاقة بارزة في العصر الحديث يمكن البناء عليها، مقارنة بعدد من الدول العربية التي مرت بمحطات عديدة خلال أكثر من نصف قرن، وانتهت إلى تجارب فاشلة، خاصة في الدول التي تعسكرت أنظمتها مبكرا كالعراق ومصر وسوريا والسودان والجزائر. لقد كانت هذه الدول في موقع تاريخي متقدم على كثير من التجارب التنموية الآسيوية، لكنها منذ الستينات أخذت في الانحدار والتراجع التاريخي، بسبب العقلية العسكرية لهذه الأنظمة، في الحالة اليمنية تبدو المشكلة أنه لا توجد بدايات حقيقية.

يحاول كثير من المثقفين العرب أن يحمل مسؤولية تخلف اليمن على الخارج، والجوار بطرق عديدة، وهو كلام يتضمن الكثير من المغالطات. اليمن دولة كان من المفترض أن تكون في وضع أفضل من غيرها عربيا، فهي بعيدة عن مشكلات العرب التقليدية كحكاية الصراع مع إسرائيل، ومشكلات بقايا الاستعمار التي تكرر في الأدبيات العربية والخطابة الغوغائية لتبرير الفشل التنموي والسياسي، ويمكن اعتبار اليمن أفضل مكان عربي لبعدها الحدودي عن المشكلات الإقليمية، فهي جارة لدول عاقلة جدا، لا تحب إثارة الأزمات كسلطنة عمان والسعودية، وتستطيع بناء علاقات تجارية مع العالم دون الحاجة إلى جيرانها، ولهذا فالإعاقة اليمنية هي داخلية، ورسختها تجربة نظام علي صالح منذ السبعينات.

قبل الإعلان عن عملية إعادة الأمل، كشف وزير الخارجية اليمني رياض ياسين عن أن هناك وعودا خليجية وعلى رأسها السعودية بشأن إعمار اليمن، وقال إن البنية التحتية اليمنية «كانت أصلا متهالكة، وغير فعالة، فعلي عبدالله صالح لم يعمل خلال الثلاث وثلاثين سنة التي حكم فيها على إنشاء بنية تحتية قوية ..». تدرك دول الخليج وفي مقدمتها السعودية أن الحل في اليمن مهما كانت القوة المتاحة لا بد أن يرافقه مسار سياسي وآخر تنموي، وأن مهمة دعم اليمن ليست قضية دول الجوار فقط وإنما مهمة عالمية لاعتبارات عديدة، منذ أن أصبح اليمن خلال ربع قرن ملاذا لبعض الحركات المتشددة وقياداتها، وقد حاولت دول عديدة ومنظمات عالمية مساعدة اليمن، لكن النتيجة في أكثر من مرة محبطة للمراقبين ولأهل اليمن.

مؤخرا يكرر البعض طرح إشكالية الدعم وأنه يجب أن يوجه للشعوب، وللبنية التحتية وإنشاء المدارس والمرافق الصحية والمطارات. مثل هذا الكلام من الناحية الوعظية والنظرية سهل جدا، لكنه مؤشر على عدم متابعة الواقع اليمني، أو معرفة بطرق الدول المانحة في العالم للعالم النامي. من الناحية العملية من غير الممكن الدعم من دون التنسيق مع الأنظمة الموجودة، فلن يتم إنشاء حتى غرفة سكنية واحدة دون المرور على النظام القائم. لقد ابتليت كثير من دول العالم الثالث ومنها بعض الدول العربية بأنظمة ليست مشكلتها أنها استبدادية أو فاسدة فقط، وإنما عدم إحساسها بالمسؤولية التاريخية أمام شعوبها، فقد وجدت دول آسيوية استبدادية لكنها استطاعت خلق نهضة وتطور حضاري واقتصادي، بعكس نماذجنا العربية. في الحالة اليمنية .. لم تكن مشكلة نظام علي صالح في استبداده على الطريقة الصدامية أو البعث السوري، فقد كان متاحا نقده علانية حتى في كتب تباع وسط صنعاء، وإنما في عدم إحساسه بروح الدولة، والشروع في هذا الاتجاه، وأبقى البلد يسير بطريقة بدائية، وفساد نظامه الذي أعاق أكثر من مرة تدفق المعونات الدولية، وفشل المنح التي وعد بها.

في عام 2006 أقيم مؤتمر المانحين في لندن، لدعم مسيرة التنمية في اليمن، وتعهد علي صالح حينها أن تنجز كل الشروط المتفق عليها من المانحين، لكن في النهاية لم يحصل اليمن إلا على حوالي 27 % من المبالغ الموعود بها بسبب فقد الثقة، ويجب ألا تحمل هنا المسؤولية إلا على النظام نفسه، فعدم قدرته على الحصول على الدعم هو بسبب أساليبه منذ السبعينات. فتقديرات بعض الأرقام للدعم الخارجي قبل سنوات: للأردن حوالي 114 دولارا للفرد، واليمن حوالي 21 دولارا، والسودان 50 دولارا. مثل هذه الفوارق تعبر عن فشل النظام في استقطاب الدعم، وفقدان الثقة من الداعمين بالنظام، فدول العالم لن تقدم دعمها لأي دولة ونظام دون أن تعرف أين تصرف؟ يخلط كثيرون بين الدعم التنموي والدعم الذي يقدم لشراء القوى السياسية والتيارات والزعماء لتوجيه السياسات، فهذا له تقييم سياسي آخر!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 25, 2015 12:38

April 18, 2015

نزع السحر عن "القطاع الخاص"


كيف نقيم الكفاءات الإدارية، ومتى نقرر نجاح هذا المسؤول أو ذاك في منصبه، سواء كان في القطاع الحكومي أم في القطاع الخاص. هل السيرة الذاتية الممتلئة والمزدحمة




كيف نقيم الكفاءات الإدارية، ومتى نقرر نجاح هذا المسؤول أو ذاك في منصبه، سواء كان في القطاع الحكومي أم في القطاع الخاص. هل السيرة الذاتية الممتلئة والمزدحمة بالمهام والأعمال، والتي لا نستطيع التمييز فيها بين كفاءته العملية والإدارية الفعلية، وبين كفاءته بالعلاقات الشخصية حيث جعلت اسمه موجودا في أماكن كثيرة. هناك حالة هيام نمطي عند كثير من الكتاب بالقطاع الخاص، وتقديمه على الخبرة في المجال الحكومي، واعتبار مجرد العمل فيه شهادة مفتوحة للكفاءة الإدارية والعملية. مثل هذه الطريقة في التقييم الانطباعي المتعجل مؤشر على عدم الوعي بحقيقة كل قطاع وطبيعة مهامه وتحدياته. فالقطاعات الحكومية ليست شيئا واحدا، فبعضها أكثر صعوبة عملية من تحدي القطاعات الخاصة، والقطاعات الخاصة نفسها ليست قطاعا واحدا، وليست بالدرجة نفسها من القوة الإدارية والعملية.

هناك أنواع ومجالات عديدة في القطاع الخاص، ولهذا يجب أن ننزع السحر من عبارة «القطاع الخاص» وكأنها شهادة نجاح فورية، فالواقع أن الكثير من الأشخاص تجربتهم القيادية في القطاع الخاص سيئة جدا، وسببت خسائر للشركات التي عملوا بها.. لكن هذا الفشل لا يكتب في سيرهم الذاتية، فلا يعرفه إلا القريبون والمتابعون لهذه الشركات وكيفية أدائها ومقارنتها بين مرحلة وأخرى، ويكفي أن تكون مطلعا ومتابعا لأداء الكثير من شركات القطاع الخاص في سوق الأسهم مثلا.. لرؤية سوء أدائها والفساد الذي فيها.

إذن كلمة «القطاع الخاص» التي يهيم بها البعض.. هي مناسبة فعلا لأسواق ودول رأسمالية وصناعية كبرى في الغرب والشرق، حيث تواجه الشركات تحديات حقيقية وضخمة وتنافسا عالميا شديدا، تبرز من خلالها القيادات التنفيذية المتميزة التي تصنع الفارق، والتغيير بمفاهيم العمل الإداري، فيخلق كل جيل ثورته عبر شركات تبدأ من الصفر، وشركات استطاعت الاستمرار أكثر من قرن، وواجهت تحديات كبرى في عالم السيارات ومختلف أنواع الصناعات الغذائية والالكترونية وغيرها. ولهذا عندما تقرأ في سيرهم الذاتية وتفاصيل العمل الإدارية، وطرق مواجهتهم لهذه التحديات وكيف انتشلوا شركاتهم من الإفلاس سيظهر لك الفارق، بعكس قطاعاتنا الخاصة وكبار الإداريين منذ أكثر من أربعة عقود حيث السيرة الإدارية غامضة ورتيبة.

القطاع الخاص السعودي يحتاج منا رؤية تفصيلية، ومن خلاله يمكن تقييم أداء الخبرات الإدارية وتجربتها، وإذا كانت هناك قطاعات تبدو ذات هيبة وسمعة كبيرة كأرامكو وسابك والبنوك.. فالواقع أن تقييم نجاحها أيضا يجب أن يستحضر أنها قطاعات محمية وتحت حضانة الدولة، وكثير منها وخاصة البنوك لولا الضوابط الصارمة التي تحيط بها لربما شهدنا انهيارات لبعضها لسوء إدارتها.

الرؤية الشعبية والتقليدية بأن القطاع الخاص أكثر دواما ورقابة على موظفيه خلقت مثل هذه الانطباعات الأولية. الموظف في بداية حياته العملية قد يكون القطاع الخاص أفضل له، وأكثر ديناميكية، وتنوع خبرات، وانضباطا، لكن في مسألة المناصب الإدارية الكبرى خاصة القيادات التي تهبط أحيانا إليها بصورة مظلية لأسباب عديدة، ليست كافية لإنضاج نخب إدارية ذات كفاءات عالية فعلا، ويجب أن لا يكون تقييمها محميا بالكلمات الرنانة السحرية .. بمجرد أنه قادم من القطاع الخاص. كثير من الأعمال القيادية في القطاعات الحكومية معقدة جدا، وذات مسؤولية حساسة، وتفوق بأهميتها إدارة الكثير من شركات القطاع الخاص، ولهذا يتميز بعضهم عندما ينتقل للقطاع الخاص.

هناك جانب آخر يستحق التأمل، وهي الكفاءات القادمة من المجال الأكاديمي، عندما تنتقل لإدارات القطاع الخاص أو تستلم مناصب عليا في المجال الحكومي. كيف يمكن تقييم التجارب السابقة. يمكن متابعة بعض ملامح هذه التجربة في المقارنة بين تجربتين وزاريتين في منتصف السبعينات، وفي منتصف التسعينات الميلادية، فالذين يأتون إلى هذه المسؤولية الإدارية مباشرة دون خبرات سابقة، في بعض مراحل عمرهم، تبدو تجاربهم باهتة. ولهذا التميز الأكاديمي ما لم يصاحبه خبرات عملية حقيقية، لا يعني بالضرورة تميزا إداريا. ولهذا تبدو تجربة وزير التجارة والصناعة الحالي لافتة.. لأنه قبل استلام هذه الوزارة عمل لسنوات في إدارة هيئة المدن الصناعية جعلته أكثر وعيا بهذا المجال وتفاصيله.

لدينا اتساع أفقي هائل في الكفاءات والنخب، والتنمية الحقيقية والإصلاح الإداري لن تقوم على مجرد مسميات وبريق سير ذاتية، ولهذا فكثير من المناصب في القطاعات الحكومية والخاصة بحاجة إلى قراءات نقدية جادة لأدائها وتقييم مستواها بعيدا عن كلام الصحافة الانطباعي، والصحف الالكترونية والهاشتاقات الشعبوية.

      

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 18, 2015 12:40

عبد العزيز الخضر's Blog

عبد العزيز الخضر
عبد العزيز الخضر isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد العزيز الخضر's blog with rss.