حدود الخلاف الخليجي الأمريكي


كانت أحد عناوين نشرات الأخبار الساخنة عام 2008، في أواخر عهد إدارة الرئيس بوش الحديث عن ضربة عسكرية أمريكية محتملة لإيران، أو فرض حصار بحري عليها، حينها كان المرشح الديموقراطي باراك أوباما يحذر بوش من الإقدام على هذه الخطوة




كانت أحد عناوين نشرات الأخبار الساخنة عام 2008، في أواخر عهد إدارة الرئيس بوش الحديث عن ضربة عسكرية أمريكية محتملة لإيران، أو فرض حصار بحري عليها، حينها كان المرشح الديموقراطي باراك أوباما يحذر بوش من الإقدام على هذه الخطوة.

كان التغير في السياسة الأمريكية في عهد أوباما واضحا منذ البدايات، وليس تحولا مفاجئا، لكن إعلامنا استمر طويلا..يهدد إيران خطابيا، بتلك الضربة المحتملة أكثر مما يجب، لقد أثر هذا الأداء الإعلامي على رؤية الاتجاه السياسي الأمريكي الجديد، وخدر الوعي بخطورة المرحلة على مصالحنا الإقليمية.

وفي الفترة التي كانت تطبخ فيها المتغيرات الأمريكية الإيرانية..كان إعلامنا أيضا منشغلا بملاحقة فرقعات أحمدي نجاد الخطابية، التي توهم بأنها ستقود إلى مواجهة مع الغرب.

لم يتعامل الإعلام بجدية مع تلك المتغيرات المبكرة، ولم يصدقها..حتى آفاق العام الماضي على كارثة التقارب الغربي مع إيران حول برنامجها النووي، والذي كان أسوأ ما فيه هو التكتم الشديد، عبر تهميش الجانب الخليجي الأقرب للخطر الإيراني، وسياستها التوسعية.

جاءت دعوة أوباما لكامب ديفيد لاحتواء الغضب الخليجي، وطمأنته.

وبعيدا عن نقد سياسة أوباما التي تزايدت بصورة هجائية إعلاميا في المرحلة الأخيرة، وكأنها مندهشة من هذا التحول.

لقد كان رؤية أوباما مختلفة عن رؤية بوش لمشكلات المنطقة وأسلوب معالجتها.

ولهذا فهو كان ضد غزو العراق، وأشار لذلك في حواره مع جريدة الشرق الأوسط قبل يومين عشية قمة كامب ديفيد «بأن أحد الأسباب التي عارضت من أجلها غزو العراق في عام 2003 هو شعوري بأننا لم نقدر العواقب طويلة المدى.

وفي الواقع، فإن سنوات عدم الاستقرار التي تبعت الغزو الأمريكي ساعدت في ظهور (القاعدة) في العراق».

يواجه الخليج وضعا مختلفا تماما لم تعد فيه التصريحات السياسية كافية لتهدئة المخاوف، وقد أصبحت المنطقة في المنعطف الأخير لسعي واشنطن وشركائها للاتفاق حول البرنامج النووي، مما سيعزز النفوذ الإيراني، وكأنه تحالف ضمني معها.

يبدو اليوم الخلاف الخليجي مع الولايات المتحدة أكثر صعوبة من أي وقت مضى، مع استمرارها بدور المتفرج على الممارسات الإيرانية في سوريا والعراق، فالصعوبة تكمن في التأخر الشديد في مواجهة التغير في السياسة الأمريكية قبل سنوات عديدة، وقد جاءت عاصفة الحزم، وأيضا عدم حضور أهم الزعماء الخليجيين للقمة كرسالة سياسية قبل القمة بأنها يجب أن تكون قمة أفعال وليست مناسبة لأخذ الصور.

دول الخليج بعد أكثر من ثلث قرن تدرك أن السياسة الإيرانية وأساليبها التوسعية والتدخل في المنطقة لا يمكن أن تتغير، بدون تغيير النظام نفسه، واستمرار السياسة الأمريكية بهذا المسار سيقود حتما إلى تغير قواعد اللعبة..لصالح إيران التي تجيد العبث بالمكون الطائفي، ودمرت من خلاله أربع دول عربية.

ومع أن هناك أصواتا أمريكية تدعو إلى عدم المبالغة بأن واشنطن يمكن أن تضحي بالخليج لأجل إيران، فستظل مجرد وعود وتخمينات، فالمشكلة في حقيقتها ليست في الوعود الأمريكية، وإنما في السياسة الإيرانية التي تستفيد من أي ثغرة تتوسع فيها في المنطقة.

لقد توالت بعد القمة تصريحات عديدة، وأكد أوباما بأن بلاده ملتزمة بمواجهة أي تهديدات خارجية لدول الخليج، لكن هذا لم يصل إلى حد عرض معاهدة دفاع رسمية كما سعت إليها بعض الدول الخليجية.

وأعلن بدلا من ذلك إجراءات أقل من المأمول، من خلال مبيعات الأسلحة والتدريبات العسكرية المشتركة، وتعزيز أمن الشبكات الالكترونية.

لقد كانت دول الخليج تسعى إلى تطوير تحالفها الأمني أكثر مما ترغبه الولايات المتحدة.

ومن غير الممكن الوصول إلى معاهدة أمنية تشابه ما هو بين اليابان وأمريكا أو كوريا.

لقد انتهت القمة بمثل ما بدأت به من تصريحات وجدول أعمال، وتوقعات، وليس هناك من جديد مضمون قادر على تغيير مسار الأحداث في اللحظات الأخيرة من الوصول إلى اتفاق مع إيران.

لقد كان الطموح في عام 2010 حث أمريكا على «قطع رأس الأفعى» كفلاشات مرحلة..وانتهى إلى التفكير في ذيلها!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 16, 2015 06:11
No comments have been added yet.


عبد العزيز الخضر's Blog

عبد العزيز الخضر
عبد العزيز الخضر isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد العزيز الخضر's blog with rss.