حميدان التركي: لماذا الاهتمام الشعبي!؟
عندما تجد قضية أحد أبناء بلدك، تحظى باهتمام واسع من قبل مختلف شرائح المجتمع خلال عشر سنوات، وتعاطف كبير يدعون له ويتداولون آخر الأخبار والتطورات، عند كل محطة جديدة، فستشعر بالاطمئنان. هذه الظاهرة الشعبية إيجابية، وتعبر عن شعور عام بوحدة أبناء هذا المجتمع وتكاتفه، وتفاعله مع قضية من يشعر أنه مظلوم. لكن مع أي ظاهرة جماهيرية في المجتمع لا بد لها من أسباب وعوامل ساعدت على تشكلها بهذه الصورة أو تلك. فخلال عقد كامل مرت القضية بمحطات وتحولات عديدة، وبدأ مسار الأحداث كراوية أو فيلم سينمائي، فيه المأساة والصدمة، والآمل والانتظار عند كل محطة من تطورات القضية.. وأخذ التفاعل الشعبي معها مساره منذ مرحلة المنتديات إلى مرحلة ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ينتظر النهايات السعيدة مع كل منعطف. هذا المقال أرسل قبل ساعات من ظهور نتيجة الحكم على المساجين الذين تعرض قضاياهم على لجنة البرول.
عندما تجد قضية أحد أبناء بلدك، تحظى باهتمام واسع من قبل مختلف شرائح المجتمع خلال عشر سنوات، وتعاطف كبير يدعون له ويتداولون آخر الأخبار والتطورات، عند كل محطة جديدة، فستشعر بالاطمئنان. هذه الظاهرة الشعبية إيجابية، وتعبر عن شعور عام بوحدة أبناء هذا المجتمع وتكاتفه، وتفاعله مع قضية من يشعر أنه مظلوم. لكن مع أي ظاهرة جماهيرية في المجتمع لا بد لها من أسباب وعوامل ساعدت على تشكلها بهذه الصورة أو تلك. فخلال عقد كامل مرت القضية بمحطات وتحولات عديدة، وبدأ مسار الأحداث كراوية أو فيلم سينمائي، فيه المأساة والصدمة، والآمل والانتظار عند كل محطة من تطورات القضية.. وأخذ التفاعل الشعبي معها مساره منذ مرحلة المنتديات إلى مرحلة ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ينتظر النهايات السعيدة مع كل منعطف. هذا المقال أرسل قبل ساعات من ظهور نتيجة الحكم على المساجين الذين تعرض قضاياهم على لجنة البرول.
كان من أهم الجوانب التي لفتت فيها القضية الرأي العام المحلي منذ اللحظة الأولى، هو غرابتها والدهشة التي جعلت البعض لم يصدق الحكم بالسجن المؤبد، وفي دولة مثل أمريكا على مثل هذه التهم الكيدية، ولأن القضية أصبحت مشهورة ومعروفة فلا نحتاج هنا تفاصيلها وتطوراتها، فالرأي العام المحلي أصبح يعرف الخطوط العريضة للقضية.
ولأن أغلب تفاصيل الحادثة تتعلق بالخدم وطريقة التعامل معهم، وثقافة الشعب السعودي متقاربة في هذا الشأن في كيفية وجودها في المنزل، وطريقة الخروج والدخول وغرفهم وإعطائهم الرواتب، فقد شعرت الكثير من العائلات السعودية أنها جزء من مسلسل الحدث، فبعض الممارسات مع الخدم أصبحت هي الأصل وتكيف معها الجميع الكفيل والمكفول وحتى الدول المصدرة للعمالة، وحتى لو فرض أن بعض المخالفات القانونية حقيقية، كنظام الإقامة أو أسلوب التعامل مع الخدم، فالحكم ورقم السنوات القريب من الثلاثين عاما، هو بحد ذاته قصة مأساوية ومجزرة تحكيم مثيرة، جعلت النظرة الشعبية للقضية تتيقن بأنها كيدية.. والتي جاءت مع تطورات وأجواء ما بعد 11 سبتمبر، وأصبحت من أبرز علامات تلك المرحلة، وأحدثت يقظة عند الكثير من المقيمين والمبتعثين.. واهتماما بالتفاصيل القانونية الدقيقة.
ولأن الشخصية ارتبط اسمها وقضيتها بنشاط سلمي دعوي، فقد اعتبر الرأي العام أن أحد العوامل التي أسهمت في تعقد مسار القضية، هو الترصد الأمني الذي سبق التهم الكيدية، لاشتغال المتهم بالدعوة للإسلام ونشر الكتب في هذا المجال. من أهم الأعمال التي يشعر المسلم العادي أنها من أعمال الخير وأن من واجبه دعمها، وتأييدها هي الدعوة إلى الله. ولهذا شعر الناشطون في مجال الدعوة، والكثير من القيادات الدعوية أن من واجبهم الوقوف معه، ونشر قضيته، ومتابعة تطوراتها. وقد طرحت حينها نصائح ونقد في توقيت بعض الأعمال الخيرية إلا أن الجميع اتفق على أنها هامشية أمام الظلم الذي وقع عليه.
قضية الدعوة إلى الله هي من القضايا التي يجمع عليها أفراد المجتمع المتدين وغيره وفقا للتصنيفات الإجرائية، وبعضها تكون تحت غطاء رسمي. ولو أن القضية تتعلق بقضايا الإرهاب أو الجهاد في الخارج لاختلفت طريقة التعاطف والتفاعل الشعبي معها، ولهذا فهناك أعداد كبيرة من السعوديين منذ أكثر من عقدين موجودون في الخارج، ومنهم المعتقلون في جوانتانامو. فهذا الموضوع ذو حساسية سياسية وأمنية، ويحجم أيضا الكثير من الوجوه الدعوية والرسمية والمشايخ من التفاعل العلني معه، وحتى المجتمع نفسه.. لديه حساسية من هذه القضايا بعد تجربة طويلة مع هذا النوع من الأفكار والمشكلات التي تلت مرحلة الجهاد الأفغاني.
طرح بين فترة وأخرى منذ مرحلة المنتديات وحتى في مواقع التواصل السؤال: لماذا فقط هذه القضية التي حظيت بهذا الاهتمام، وخاصة أنه هناك العديد من القضايا للسعوديين من المبتعثين حدثت لهم مشكلات وقبض عليهم، وينسون بسرعة. هذا التساؤل قد يطرحه البعض بحسن نية ويريد أن يحلل ظاهرة معينة، والبعض لديه مشكلة نفسية وخصومة مع كل ما هو إسلامي فيستطيع أن يستنتج ما يريده.
ومع كل الأسباب التي حاولت استحضارها هنا لفهم ظاهرة التعاطف واستمراريتها، مقارنة بغيرها، فالواقع أنها أسباب ليست كافية، فالرأي العام بطبيعته ينسى سريعا، وتشغله قضايا أخرى بما فيهم الناشطون في مجالات معينة، فلا يمكن أن تنجح حملة تعاطف بهذا القدر المستمر خلال عشر سنوات، بدون عامل مهم جدا، وهو ما ينقص قضايا الآخرين الذين يسأل البعض عنهم. العامل الأهم هو عائلة حميدان التركي الكريمة زوجته وأبناؤه، فاستمرارهم في تزويد الرأي العام والانفتاح على الإعلام وتقديم المستجدات، مع كل مرحلة.. والظهور بحوارات وإنتاج مواد وثائقية، والتواصل مع المشاهير وقيادات الرأي العام، وهو جهد ضخم يستحق أن يدرس في أسلوب إدارة الحملات الإعلامية. كثير من الهاشتاقات والقضايا ينساها الناس بسرعة. بمجرد ما يذبل نشاط أصحاب هذه القضية أو تلك، سينتهي وقود التعاطف حتما، فالرأي العام لا يتحرك بدون طاقة، وشمعة تضيء له.
عبد العزيز الخضر's Blog
- عبد العزيز الخضر's profile
- 44 followers
