عبدالعزيز السويد's Blog, page 12
December 30, 2017
العلاقات مع تركيا إلى أين؟
إيجابية هي كل تصريحات رئيس الوزراء التركي بعد زياته السعودية ولقائه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ قال السيد بن علي يلدريم: «يمكنني القول إن وجهات نظرنا متطابقة بنسبة 90 في المئة بشأن قضايا (المنطقة) وسبل حلها». وأضاف أن «اللقاءات تناولت جميع الأوضاع في المنطقة، لا سيما تطورات العراق وسورية وفلسطين وإسرائيل، والاضطرابات والحرب الداخلية في اليمن، وليبيا، وإيجاد السبل المناسبة لحلها»، وأنه «لا توجد خلافات في وجهات النظر بين تركيا والسعودية، بل تباينات بسيطة في ما يتعلق بكيفية حل القضايا»، كما جاء في النص.
ثم أعلن عن زيارة مرتقبة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى تركيا.
فهل يمكن القول إن العلاقات السعودية التركية تجاوزت الخلافات ونجح يلدريم في إطفاء الحرائق؟
من الصعب الإجابة بـ «نعم» على هذا السؤال، لأن أسباب الخلافات نابعة من صلب السياسة التركية في المنطقة العربية التي واكبت ما سُمّي «الربيع العربي»، ولم تتوقف تغذية هذه الخلافات عند استخدام أدوات القوة الناعمة التركية والقطرية بمواقعها ووسائل إعلامها المتعددة، بل تتجاوزه أحياناً بتصريحات شعبوية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه تحمل في طيّاتها غمزاً ولمزاً لا يليقان برئيس دولة يبحث عن علاقات جيدة لبلاده مع الآخرين.
كان من المتوقع أن تتغير السياسة التركية في علاقاتها مع الدول العربية بعد الإخفاق الكبير في سورية، واضطرار أردوغان إلى الاعتذار الشهير لموسكو، ثم ركوب قطار الحل السوري- الروسي- الإيراني، وبعد دفن الخطوط الحمراء. لكن ذلك لم يحدث. انكفأت السياسة التركية في سورية بسبب القوة الروسية وتخلي الغرب عنها، لكنها استمرت على المنوال ذاته مع الدول العربية الأخرى!
والصورة أن الزعيم التركي السيّد أردوغان أسير الخطاب الجماهيري ومفتون بمداعبة العواطف وتغذية أحلامها بالأقوال كما يحدث في أي حملة انتخابية موقتة، ولا حاجة إلى أدلة، وكان هذا ليُتفهَّم لو أنه في إطار الشأن التركي الداخلي، أما إذا خرج عن ذلك فمن الطبيعي أن يُحدث خسائر في العلاقات مع الدول العربية.
في جانب آخر ذي صلة، وبعد زيارة الرئيس التركي السودان والمشروع الذي أعلنه في جزيرة سواكن، لا أعتقد أن دولة السودان العربية ستسمح بأي استهداف للأمن العربي من أراضيها، لذا يجب أن ننظر إلى المشروع من زاويته الاقتصادية، ومن الخطأ لدى بعض إعلاميينا إحداث شرخ في العلاقات مع السودان لأجل الرد على تصريحات أردوغان الشعوبية المبطنة.
December 28, 2017
من الفراولة إلى الجوافة
أعلنت وزارة البيئة والزراعة السعودية حظر استيراد الجوافة من مصر بسبب تلوثها بمتبقيات المبيدات، ومنذ فترة غير قصيرة ونحن نرى الجوافة المصرية معروضة في الأسواق فهل هي من المنتجات الملوثة أم لا. نريد من وزارة البيئة التصريح والوضوح ومعرفة طريقتها في الفرز بين الملوث والنظيف، ثم ما دامت بلادنا من أهم الأسواق لورادات مصر الزراعية لماذا لا يتم العمل مع الأجهزة المصرية على الفحص هناك أي في المنبع بدلاً مما يحدث الآن. ما يجب أن تعلمه الجهات المصرية المعنية أن سمعة المنتجات الزراعية المصرية في أسواق الخليج وخصوصاً السعودية أصبحت في الحضيض من البرتقال إلى الفراولة والجوافة وغيرها، حتى لو لم يصدر عنها بلاغ أو إعلان حظر، وهذا ليس في مصلحة الاقتصاد ولا الفلاح المصري. وهو من مصلحة منتجات أخرى تتوافر ولله الحمد في السوق السعودي.
أما وزارة البيئة وهيئة الغذاء في السعودية فالواجب عليهما العمل على المنع قبل وليس بعد وصول المنتج إلى الأسواق، وكل من يستهلك مثل هذه المنتجات من المستهلكين الذين لا يعلمون هم في واقع الأمر في ذمة المسؤولين في هذين الجهازين.
في جانب آخر من واجب وزارة البيئة والزارعة التركيز على دعم وتوسيع الاهتمام بالزراعة العضوية المحلية بخاصة التي تستخدم التقنيات الحديثة، وذلك لهدف توطينها أولاً ثم خفض تكاليفها لتستطيع المنافسة، أيضاً فتح المجالات لتسويق منتجاتها، أصبحت هناك منتجات من الفراولة وغيرها لكنها لا تصل بسهولة إلى أسواق المدن وقد تقع في يد محتكر تسويق يرفع أسعارها.
December 26, 2017
صحوة مرورية
قيادة النساء السيارات المتوقعة في 10/ 10 من العام الهجري، دفعت في ما أظن إلى صحوة إدارية مرورية، فأصبحنا نقرأ ونشاهد عملية كبيرة لتطوير الرقابة المرورية وتدريبها على الحركة ورصد المخالفات باستخدام التقنيات الحديثة، وهي تقنيات موجودة ومستخدمة في الخارج منذ زمن، لكننا تأخرنا في استخدامها بسبب أسلوب الانتقائية
لـ «صيد» المخالفات التي بدأ بها ساهر عمله في الشوارع منذ تدشينه. وخلال الفترة الطويلة الماضية، ترسخت تشوهات كبيرة في واقع احترام قوانين المرور، حتى أصبحت القيادة العدائية متفشية، بل يمكن القول أن نسبة لا بأس بها من السائقين لا تعرف الكثير من بنود نظام المرور، المسموح والممنوع، ويمكن البعض أن يجادل في هذا، وهو ما يحضّ على إعادة نشر قوانين المرور كلها والتوعية بها.
أهم بند في احترام أنظمة المرور هو احترام حقوق الآخرين من السائقين والمشاة وعدم تعريضهم للخطر، وهو كما يعلم الجميع حق مهدر ومستباح نتيجة التهاون الطويل في تطبيق الأنظمة.
أتمنى أن توفق إدارة المرور في ترسيخ احترام الأنظمة وترسخها كقناعة لدى السائق وليس خوفاً من المخالفات المــــالية وهو ليس بالأمر الهين، كما أتمنى أن توفق إدارة المرور في تنظيف الشوارع من المخالفين سواء في قيادتهم الخطرة أو في أوضاع سياراتهم غير الآمنة قبل 10/10، حتى نستمتع ولو قليلاً بقيادة آمنة ولو لشهر أو اثنين، قبل وصولنا إلى عنق الزجاجة أو التجربة الكبيرة المفتوحة على جميع الاحتمالات.
December 25, 2017
دعوة إلى الإنصاف
إذا قام أجنبي أو أكثر بجُرم ما أو مخالفة، فهذا لا يعني أن كل الأجانب أو معظمهم على هذه الشاكلة.
وإذا بدرَت من أجنبي شتيمة أو نحوها في وسيلة من الوسائل، سواء كان يعمل في بلدنا أم هو خارجها، فهذا لا يعني أنه المتحدّث الرسمي باسم أبناء جنسيته أو يُعبّر عن مشاعر غالبيتهم.
وإذا كان لدينا الكثير من القضايا والعقبات التنموية، مثل البطالة ونحوها، فإن الأجنبي ليس بالضرورة هو السبب! كل منشأة لا تشجّع على التوطين أو تتهرّب منه أو استغلته وحلبت من ضرعه حتى الدم، يملك معظمها مواطنون.
يرى المتأمِّل أن موجة كراهية الأجانب في تصاعد ولها مغذيات ليست بعيدة منها أيادٍ خارجية لها أهداف ليست في مصلحة الوطن.
القوانين والأنظمة هي المحك، فإذا طُبّقت كما يجب أن يكون التطبيق، وإذا سُدَّت ثغراتها، فهي الفيصل في فرز الصالح من الطالح من أي جنسية أو بقعة كان، ولا تنس أن من يطبقها مواطن فهو إذاً المسؤول عن الخلل.
هي دعوة إلى الإنصاف، خصوصاً أن بيننا من أجبرتهم ظروف الحروب والدمار في بلادهم على اللجوء إلى السعودية. يكفي أن تسترجع ما حل بديارهم وتتأمل أحوالهم، فحتى لو أراد بعضهم العودة فإن القتل على الهوية سيكون مصيره.
إنني هنا لا أقصد المخالفين لأنظمة الإقامة أو العمل، فكل نظام يجب احترامه وحراسته. لكن ما لاحظته من ارتفاع هذه الموجة المشينة دعاني إلى إثارة القضية مرة أخرى، فلن يختلف معي أحد على أن لغة التعميم السائدة ضد الأجانب ليست من الدين في شيئ، وليست من المروءة ولا من الأخلاق التي تربّينا عليها ونتمسّك بها. فإذا كان لك رأي أو تجربة سلبية مع
December 24, 2017
الاختراعات ونفخ الذات
هل توافقني الرأي على أن «أخبار» الاختراعات المحلية والمخترعين لم تعد تحقق أثراً إيجابياً في نفسك؟ ثم ألا ترى معي أن فيها كثيراً من «الهياط»؟
وضعت «أخبار» بين قوسين لأنها في الغالب الأعم لا تحوي الشروط المهنية الدقيقة للخبر. معظمها يأتي في شكل إعلانات لنفخ الذات، وهي تصدر من أفراد مدعومين من منصات، أحياناً تكون لها صفة رسمية، والهدف منها هو الإبهار ولفت الأنظار، فالجهة تلمع نفسها والأخ يتصدر التلميع، وقد تم الخلط بين فكرة لازالت جنيناً أو حتى نطفة واختراع مستوفي شروط الإنجاز والابتكار أو حتى التطوير.
إن من السهل الرد على انتقاد أخبار لا رأس لها ولا أقدام عن اختراعات من هذا وذاك بالحديث عن أعداء النجاح، لكن هذا لا ينفع إلا لهواة الجدال، من جماعة «خلونا نفرح وبعدين نتفاهم».
لقد أدى نفخ الذات هذا من أفراد وجهات إلى ضياع الحقيقة، وجعل قضية الابتكار والاختراع قضية سهلة في المتناول، وكأنها عملية حفظ نشيد، وكما تطرد العملة الرديئة الجيدة يطرد المتوهمون أنهم مخترعون، والمدعومون من منصات إعلامية أو واسطات، يطردون من يؤمل منهم تحقيق إنجاز حقيقي. وهذا ليس من المصلحة العامة، وأثره السلبي كبير على الصدقية والثقة بحقيقة الإنجاز إن وجد.
أدعو إلى ترشيد أخبار الاختراعات وإلى منع ظهور من يدعي اختراعاًَ، إلا بعد مروره على جهة موثوقة متخصصة رسمية، أما من لديه أفكار فلا بد عند الإعلان عنها أن يؤطرها بحالتها الجنينية.
December 23, 2017
اليمن بعد إعدام صالح
في الظاهر المعلن كل الأحزاب السياسية اليمنية والنخب من الشمال والجنوب ضد الحوثي، لكن الخلافات في ما بينها لم تجعل لهذا الاتفاق على «العدو» قيمة فعلية، رغم تغوله ووحشيته خلال السنوات الماضية مع ارتباطه الصريح بإيران على حساب عروبة اليمن وسيادته وتهديده الاستقرار في المنطقة.
الجنوبيون لديهم مشاكل وخلافات مع الشماليين وفي داخل كل طرف ركام من الخلافات والتوجسات وعدم الثقة، ولهذا أسباب يمكن تفهمها وتجب معالجتها أو تبريدها بسرعة ومسؤولية خاصة من السياسيين اليمنيين أنفسهم. وأعتقد أن على التحالف العربي العمل الجاد على بناء الثقة بين الخصماء السياسيين في اليمن لتوحيد الصف ضد الميليشيات الحوثية الإيرانية، ولتكن قاعدة الثقة هي عدم التعامل مع إيران أو العلاقة المشبوهة بها أو بعملاء لها من أي لون كانوا، ومن هذه القاعدة ولتحقيق هدفها يمكن بعدها طرح التوجسات.
ولا بد لكل طرف من تقديم تنازلات، وإذا كان لبعض الجنوبيين بعد تاريخ من الوحدة وملابساتها تطلّع إلى تقرير المصير فمن حقهم ذلك لكن هذا يأتي بعد اجتثاث الحوثي عسكرياً وسياسياً… إن القبول بالحوثي حتى كحزب سياسي خطر كبير على اليمن وجيرانه، وفي مقدمهم السعودية، لأن تاريخ الجماعات الطائفية التي زرعتها إيران يخبر عن جوهر وسبب إنشائها.
من الواضح خلال السنوات الماضية، برغم ما حل باليمن من الحوثي وصالح، وحتى بعد حادثة إعدام الأخير، أن لا احتمال لتوحد القوى السياسية في اليمن حتى تحت لواء الشرعية الضعيفة، ولا يبدو في المستقبل المنظور أي تغير ملموس، وهذا ليس من مصلحة اليمن العربي ولا مصلحة دول التحالف العربي.
December 21, 2017
متلازمة المناكفة
أصبح «الطيران في العجة» هو الحال السائدة سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أم وسائل الاعلام، وصار بالإمكان صناعة موجة او زوبعة إعلامية حول قضية ما حتى ولو كانت عابرة للحدود، بسهولة ويسر اذا ما توافر لها مجندون في الخفاء لديهم هدف محدد، ولأن متلازمة المناكفة هي السائدة أمكن بسهولة ويسر النجاح في الاستدراج الإعلامي للكثير من مستخدمي وسائل التواصل ابرزها تويتر، والغريب ان من هؤلاء من يصنفون اعلاميين او مثقفين لديهم في المفترض الخبرة في التأثر والتأثير، لكنهم في ما يبدو انجرفوا مع الموجات ويخفي ذلك في باطنه تطلعا لتحقيق أثر في دائرة الأكثر متابعة والأقوى تأثيرا واعجابا، لكن الواقع ان الأثر السلبي من مشاركة هؤلاء بالذات وخضوعهم للرياح النشطة له تأثير مدمر ويحقق اهداف صانع الزوابع، لأنه يزيد من اتساع الموجات وتجذيرها، اعود لهذا الموضوع مرة أخرى لأهميته، ولأنني أرى ان الاستدراج الإعلامي بغرض التشويه واستهدافنا وصناعة الكراهية من حولنا يحقق نجاحا كبيرا، وللأسف فإن وقوده وحطبه في الغالب هم من ربعنا، ولا يقلل من المسؤولية في أثرها السلبي المتحقق القول ان الغرض الدفاع عن الوطن، لأن للدفاع أساليب مختلفة واللغة المستخدمة واحدة منها والأصل فيه عدم ترديد ما يهدف الى ترسيخه الأعداء في العالم الافتراضي، لينتقل لاحقا الى العالم الواقعي.
ان من السهولة بمكان وضع صورة مسيئة او هاشتاغ مستفز لا يعلم من صنعه وأهدافه لينجرف الكثير وراءه بدعاوى الرد عليه، والنتيجة انه يتسيد المشهد ويحقق هدف المغرضين.
December 20, 2017
اللئيم والتمرد
يعزي البعض أنفسهم ببيت الشعر العربي الشهير، عند كل موقف يرون فيه غدراً أو جحوداً ونكراناً للجميل، إذا أكرمت الكريم ملكته، وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا، لكنهم في واقع الأمر يدارون خيباتهم في الاختيار وفشل بوصلة فراستهم، لأن الفارق بين الكريم واللئيم مسافات ضوئية لا تحتاج إلى كثير من الفحص والتدقيق، كما ان هناك ألواناً من الخصال متعددة ما بين الكريم واللئيم، فاللؤم يفضح صاحبه ويظهر في كل تصرفاته حتى البسيطة منها، له بريق حاضر في العيون يلمع، لا تخطئه العين السليمة، وهو خصلة، حتى لو تم إخفاؤها بمهارة، تظهر وتطفح، وإذا كان الشخص لئيماً مع غيرك فهو لا بد سيكون عند أول فرصة لئيماً معك، التوقيت وتقلب أحوال العلاقة هما ما يحددان لحظة إعلان لؤمه.
واللئيم يجاهر بلؤمه عند شدائد تصيبك أو عند استغنائه عنك، فلو كنت في منافسة مع آخر، وهبت رياح لمصلحته، فستجد أن صديقك أو موظفك القديم أو حتى رفيقك اللئيم لا ينحاز إلى صفه فقط، بل يقدم له كل ما لديه ضدك، فهذه هي أوراق طلب الاعتماد. اللؤم لدى اللئيم رأسمال، ومن أدوات التسلق، فإذا كنت قد «استثمرت» في رأس المال القذر هذا فلا تلومن إلا نفسك، واترك الكريم في حاله لا تضعه في مقارنة بائسة وظالمة مع لئيم.
December 18, 2017
النزاهة تهمة غير معلنة
هناك موظفون كرام سواء في القطاع الحكومي أم القطاع الخاص قاوموا الفساد أو حاولوا مقاومته كل بحسب قدرته، لا شك في أن مثل هؤلاء قد دفعوا ثمناً كبيراً من صحتهم ومن فرصهم الوظيفية في الترقيات وغيرها وحتى من علاقاتهم الاجتماعية، وظيفياً التجميد كان أبسط الأساليب لإبعاد من لا ينضم إلى دائرة الفساد، أو بالتلذذ في الاستهداف الوظيفي، في مثل هذه البؤر ينظر إلى النزاهة كمرض يُتخوف من عدواه، وليس هناك أصعب على الموظف النزيه من العمل وسط بؤرة فساد، خصوصاً حينما يكون رئيس الدائرة أو الجهاز الحكومي جزءاً من هذا الفساد بالخفاء طبعاً، لا شك في أن مثله يختنق كل يوم.
لكن الإجراءات العملية والكبيرة التي اتخذتها اللجنة العليا لمكافحة الفساد قلبت الصورة، وأعادت للنزاهة الوظيفية صورتها الناصعة، التي هي في المفترض السلوك الطبيعي للموظف رجلاً كان أو امرأة يعمل في القطاع العام أو الخاص، لكنه سلوك لا يحفظه سوى القوانين، فلا توعية ولا وعظ سيحقق نتيجة تذكر.
في زمن مضى، كان النزيه يتحدث – إذا تحدث – بصوت هامس عما يجري في عمله من خروقات للأنظمة، وتلاعب فيها، وبحث عن ثغرات للنفاذ منها إلى الثراء غير المشروع، كان الهمس أو الصمت هو السبيل لاتِّقاء الضرر المحتمل، الآن تغيَّرت الصورة، وإن احتاجت إلى وقت وقدوات لتترسَّخ، مع ضرورة استمرار جهود فرض القانون ومعالجة ثغراته ليكتمل التغيير، وليصبح الفساد استثناء منزوياً غير قادر على تسيُّد المشهد.
December 17, 2017
الأشجار تثمر بطانيات
لأجل من يحتاج إلى بطانية لمواجهة البرد القارس؛ وضع البعض بطانيات جديدة على جذوع أشجار، هكذا قالت صورة «لا أعلم عن صحتها»، وكتب تحتها تعليقات في «تويتر»، بعضهم قال إنها في حي الريان بالرياض، وآخر قال إنها في حائل، وانشغل الأكثرية من المعلقين والمعلقات بإزجاء الشكر والدعاء لفاعلي الخير، في حين نبه آخرون إلى كرم السكان «هنا وهناك»، ومحبتهم لعمل الخير.
ومن الطبيعي أن مثل هذه الخطوة لن تصل في الغالب الأعم إلى المحتاج في حيه الفقير البعيد، والأغرب أن من لا يحتاج سيأخذها للبيع، أو لإضافتها إلى ما لديه.
ولو نشرت الصورة من دون إشارة إلى فعل الخير لربما أحدثت تهكماً و«طقطقة» على أشجار تثمر بطانيات أو تتدثر بها اتقاء البرد، إلا أن ما يلاحظ هو سهولة اقتناع البعض بمثل هذه التصرفات، إن صحت، مع أن هناك احتمالات، منها أن يكون تاجر بطانيات لديه مخزون ويريد تصريفه فاخترع هذه الصورة طمعاً في تحولها إلى ظاهرة، وإلا فإن المحتاجين يجب البحث عنهم، وليس تعليق ما يحتاجون إليه أمام منازل المقتدرين.
في حوار مع تشاماث باليهابيتيا، الذي كان يشغل منصب نائب قسم نمو المستخدمين في شركة فيسبوك في الفترة من 2007 إلى 2011، قال إن الموقع يدمر آلية العمل في المجتمع. تشاماث المستقيل من عمله أضاف كلاماً مهماً، إذ ذكر أن «حلقات التغذية المرتدة، التي أنشئت بالموقع على المدى القصير، تدمر كيفية تطور المجتمع، في إشارة إلى التفاعلات المستخدمة على (فيسبوك)، مثل الإعجاب وغيرها».
كم من الصور والتعليقات والمقاطع يبحث منشؤها في الحقيقة عن الإعجاب في وسائل التواصل المختلفة لزيادة عدد المتابعين والإشادات من دون اهتمام بحقيقة وفائدة المحتوى، وربما أثره المدمر أو المشوه.
غني عن القول إن فعل الخير له أساليب تتحرى من يستحقه، والبحث عن المحتاج جزء مهم وأساسي، بل هو الجزء الأكثر صعوبة لفعل الخير ونيل ثوابه.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

