عبدالعزيز السويد's Blog, page 103
November 23, 2014
الحفر أخطر عند المطر
مادامت لجنة التحقيق الأولى في غطاء الصرف الصحي الذي ابتلع مواطناً مع ابنه بجدة لم تحدد المسؤولية وتقرر الحساب حتى الآن! ومع احتمال أن يوكل إليها التحقيق في ضحية غطاء الصرف الثاني الذي ظهرت له صورة مهترئة، ولأنه لم يصدر شيء من «الجهات ذات العلاقة»، وهي التي دائماً يطالب الإعلام بالأخذ منها لأنها «مصادر موثوق بها»، نتوقع وليس لنا إلا التوقع – كما نفعل حينما نقود سياراتنا أو نمشي كل يوم – أن الجهات ذات العلاقة المشاركة في لجنة التحقيق لم تستطع تحديد المسؤولية، أو أن «نسبة» الخطأ والإهمال مختلف عليها، وربما تخضع لمزيد من «الدراسات العلمية المتكاملة». ولأن هذا على قولة «ربعنا»: «لايودّي ولايجيب» لإصلاح العطب، واضعين في الاحتمال وقوع ضحايا جدد من الأنفس البريئة، كما حدث للمرحوم الطالب عبدالله الزهراني وغيره من الضحايا. ما العمل إذاً؟
بحكم أن «اللجان» هي الأداة الإدارية الوحيدة لدينا تقريباً، للتحقيق في الحوادث والقضايا، ولإصلاح الخلل الإداري، وتداخل صلاحيات يتوالد منها تهرّب من المسؤوليات، ولمساعدة صاحب القرار، يُقترح التالي:
عند تشكيل أية لجنة، تحدد مدة تاريخية لإنجاز عملها، وإذا لم تتمكن من ذلك خلال هذه المدة يتم تغيير أعضائها.
يعيّن متحدث رسمي باسم اللجنة المشكلة، تكون مهمته التواصل مع الإعلام وتقديم إيضاحات عن تطور سير عمل اللجنة والإجابة على التساؤلات أولاً بأول.
ثالثاً يكون تشكيل اللجنة من الجهات الرقابية فقط، ولا يضم إليها موظفو الجهات ذات العلاقة، واللجنة تقوم باستدعاء مندوب عن كل جهة وأخذ إفادتها في القضية محل التحقيق.
أما غير ذلك، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فسنبقى ندور في حلقة مفرغة وتتكرر الحوادث والإخفاقات وإفرازاتها السلبية على المجتمع، في حين يستمر كل جهاز حكومي برمي المسؤولية على جهاز آخر.
asuwayed@
للبنوك الدعاية وعليكم التبرع!
تراجع الاهتمام الإعلامي بالفقر والمحتاجين، ولم يعد أحد يذكر صندوقاً تم تغيير اسمه!
أحد الأصدقاء من المهتمين بأعمال الخير أرسل لي رابطاً لموقع لجنة «تراحم» في منطقة مكة المكرمة، وهي لجنة وطنية خيرية أنشئت بقرار من مجلس الوزراء لرعاية أسر السجناء والمفرج عنهم.ومن أهم نشاطاتها سداد مبالغ الإيجارات عن منازل المحتاجين من الفئة المستهدفة.في هذه الصفحة قائمة تضم عشرات الأسر، منها ما هي مهددة بالطرد لعدم التسديد، ومنها من هم بحاجة إلى عون لئلا يصلوا إلى هذه المرحلة.
في أعلى الصفحة أرقام حسابات وشعارات لبنكين من أضخم بنوك المملكة، المفاجأة أن حوالى 160 أسرة من أسر السجناء والمفرج عنهم – بحسب القائمة في موقع اللجنة – ومن بينهم 20 حالة مهددة بالطرد من المنزل، كل هؤلاء مجتمعين حاجتهم للتخلص من هم الإيجار واحتمال «سكناهم» في الشارع لا تتعدى مليون ريال فقط لا غير.
لا شك في أن السؤال الذي سيبرز يقول أين المسؤولية الاجتماعية للبنوك، خصوصاً البنوك التي لديها حسابات لجنة «تراحم»؟ والمبلغ حتى ولو زاد بفعل احتمال ازدياد الأسر المحتاجة يصنّف في عرف البنوك بالضئيل جداً، ومن شر البلية المضحك أن إيجار مقر اللجنة نفسها ومستودعاتها وضع في قائمة مستقلة أيضاً بانتظار التبرع لسداد إيجاراتها.
ومع البنوك بل وقبلها أين وزارتا المالية والشؤون الاجتماعية؟ هل ينتظر أن تطرد بعض الأسر لتظهر لهم رسائل على الإنترنت فيتم وقتها إطفاء الحرائق؟ ثم لماذا يترك الناس وهم مستحقون تحت وطأة الهم وقهر الدين لحين حضور متبرع؟ أليس هذا من مسببات مرض «النفسيات» المنتشر؟
asuwayed@
November 21, 2014
الميليشيات الطائفية في ملف إيران الإرهابي
بدأت دول الخليج العربي تتخذ موقفاً معلناً من الميليشيات الطائفية المدعومة إيرانياً في سورية والعراق واليمن وهو ما طالبت به هنا قبل أشهر.
واختلفت هذه المواقف من دولة إلى أخرى. الإمارات وضعت عدداً من هذه التنظيمات المتطرفة على قائمتها للمنظمات المصنفة إرهابية، والسعودية دعت مجلس الأمن الدولي قبل أيام إلى «إصدار قرار يضع جميع الجماعات والتنظيمات الإرهابية الموجودة في سورية على قائمة العقوبات، بما فيها ميليشيات حزب الله وفيلق أبي العباس وعصائب أهل الحق وغيرها»، بحسب ما نشرت الصحف.
ولا شك في أن هذه المواقف بددت صمتاً طويلاً من دول الخليج العربي تجاه تنظيمات إرهابية مدعومة علناً من طهران تقتل وتختطف وتفجّر، ويلاحظ أن حزب الله اللبناني لم يذكر، لكن فروعه و«نسخه» في سورية والعراق واليمن وكذلك الخليج ذكرت.
استطاعت إيران فرض أمر واقع من خلال المشاركة السياسية لميليشيات طائفية أقدمها حزبها في لبنان، والحوثي في اليمن يكرر التجربة الآن، وفي العراق أيضاً حضور مثل هذه التنظيمات في السلطة معروف، واتحادها مع إيران معلن ويتم التفاخر به، والسؤال هو كيف ستواجه دول الخليج ذلك في تعاملاتها مع حكومات هذه الدول؟
إضافة إلى العمل لوضع هذه التنظيمات الطائفية على لائحة الإرهاب الدولي يجب عدم استقبال ممثلين لها حتى لو أمسكوا بمواقع حكومية في دول عربية شبه محتلة من إيران، هذا أولاً، أما الثاني فهو العمل على تجريم استخدام إيران للطائفية، ميليشيات وخطاباً إعلامياً، تدفق المسلحين من إيران لم يعد سراً، واستخدامها للشيعة الأفغان ممن لجؤوا إليها وكثير من جنسيات أخرى يجب كشفه وجعله في الصدارة الإعلامية والسياسية، وقبل أيام عدة كشفت مصادر إعلامية عراقية أن أكبر دفعة من الحرس الثوري الإيراني دخلت العراق تحت غطاء «السياحة الدينية»، قدّر عددهم بـ 500 فرد، أرسلوا دفعة واحدة.
وتصريحات العسكريين الإيرانيين لا تتوقف عن التطوع و«الملايين المجهزين»، كل هذه أدلة دامغة تبحث عمن يستثمرها لتحجيم استغلال إيران للطائفية ضد أمن واستقرار الدول العربية والمنطقة وليفتح ملف إيران الإرهابي.
November 19, 2014
المناديل أهم من فتحات تصريف جائعة!
وزارة البلديات حريصة على صحتنا، إلى درجة من الدقة لا تخطر على البال، الحرص وصل إلى المناديل الورقية التي توزّع «دعائياً» في بعض محطات الوقود، إذ اطلعت على تعميم لأمين مدينة الرياض مبني على خطاب لوكيل الوزارة للشؤون الفنية، ينبه فيه وكلاء الأمانة إلى «ظاهرة توزيع المناديل في المحطات، وما تشكله من خطر على صحة العملاء، لتشبع المناديل بأبخرة الوقود».
أعجبتني كلمة «العملاء»، ولتعرف سبب ورود هذه الكلمة في تعميم من جهة حكومية تتحدث في العادة عن «المواطنين» لا بد أن تبحث في أصل المعاملة!
أساس الشكوى أو التنبيه صادر عن مجلس الغرف التجارية السعودي كما ورد في الخطاب، ولا يُذكر في تاريخ المجلس اهتمام مشهود بصحتنا ولا سلامتنا، لم نسمع له صوتاً ضد الغش الذي يمارس من عدد لا يحصى من منسوبي غرف المجلس التجارية في السلع والخدمات. هذا التعميم يصلح لإجراء دراسة صغيرة، تبحث فيمن يوجه الجهات الحكومية؟ ولماذا؟
في الظاهر صحة «العملاء» هي الهم الشاغل، وفي الباطن يمكن استشراف أن في المسألة منافسة مناديل ضد مناديل! مناديل متشبعة، ومناديل لم ..«تشبع».
لماذا نخمن ذلك؟ لأننا لا نذكر لمجلس الغرف تحركاً يذكر ضد موجات الإضرار بـ«العملاء» في الصحة والسلامة، ولن أتحدث عن غلاء الأسعار وخدمة ما بعد «بيع العميل»، مع أنهم «عملاء كويسين»، شكاواهم محدودة، وقد استكانوا لسطوة الغرف ونفاذها داخل الجهاز الحكومي.
أما البلديات التي اهتمت بهذا الأمر، وجرى تعميمه على أماناتها، فالواجب أن تلتفت لكل مصادر التلوث، أقلها غبار أعمال المقاولين، وتلويث معداتهم للأحياء التي تحولت بعض جنباتها إلى ورش تغيير زيوت، هذا أهم من منديل في محطة، أما الأكثر أهمية فهو أن تقفل فتحات التصريف المكشوفة وتعيد تأهيلها، ما الذي يمنعها من ذلك، أم أن الفتحات المكشوفة لم «تتشبع» بعد؟
November 18, 2014
مجلس المنافسة هل يتدخل في الاستقدام؟
استبشرنا خيراً بمجلس المنافسة في الآونة الأخيرة مقارنة بوضعه السابق، لعله يصحح المسار ويخفف من سطوة الاحتكار، أعتقد أن الأخير خطر كبير على المجتمع، وفي تقديري أنه شريك في المسؤولية عن حال الإحباط التي أطلق عليها البعض «نفسيات»! أقول يخفف من الاحتكار ولا أقول يقضي عليه، فهذا يبدو لي من المستحيلات،
واستقدام العمالة المنزلية وغير المنزلية تجارة وبيع وشراء، لمسنا منذ مدة تجفيفاً للعرض فيها، التبريرات اتفاقات دول لم توقع، واختلافات حول شروط وحقوق العمالة، لكننا لا نرى سوى جزء بسيط من الصورة، المعلومات كلها لدى الوزارة ولجنة تجارة الاستقدام، ويتم استخدام الإعلام بتصريحات لا تتعدى المسكنات.
من واجب مجلس المنافسة أن يبحث ويحقق في هذه التجارة ومدى الاحتكار فيها، وتحديد أو بالأصح رفع الأسعار بتجفيف العرض، وأنصح أن يبحث هناك أكثر من هنا، أقصد في البلاد المصدرة للعمالة وعلاقاتها مع مكاتب أو شركات استقدام في السعودية.
نعلم أن صاحب العمل يدفع لمكتب أو شركة الاستقدام مبلغاً أصبح يرتفع بسرعة الصاروخ، في حين يدفع العامل أيضاً للمكتب المصدر في بلده مبلغاً تقول بعض العمالة إنه ارتفع هو الآخر، ربما يفسر هذا سبب ارتفاع كلفة الاستقدام على صاحب العمل. ويقارن الناس بدول الخليج ثم يستغربون لماذا لا يحدث هذا إلا في بلادنا!
البحث في هذا اللغز مقدمة لمعرفة حقيقة المشكلة ومن المستفيد وعلى حساب من؟ وهي أيضاً – أي دفع العامل مبلغاً مرتفعاً في بلده لو كان هناك من يفاوض لأجل المصلحة العامة – ورقة ضغط على الدول المصدرة للعمالة خصوصاً وهي دائماً ما ترفع الصوت مطالبة بالحقوق.
اندمجت الكثير من مكاتب الاستقدام في شركات لترتفع الكلفة بصورة غير معقولة، وينحسر العرض فماذا يعني هذا، أليس وحده كاف لأن يتدخل مجلس المنافسة، فلا يترك الأمر بيد جهات خاصة وعامة تحولت إلى ما يشبه تكتلاً ضد المواطن، أصبحت جزءاً من المشكلة ولا يبدو منها أي بصيص لإيجاد حل.
November 17, 2014
لماذا لم تحضر الجماهير؟
مع أن كرة القدم هي الشغل الشاغل لكثير من شباب الوطن ولدورة الخليج تاريخ تنافسي كروي جاذب بين المنتخبات، لم يحضر افتتاح «خليجي 22» ولقاء المنتخب السعودي بالقطري إلا عدد قليل من الجماهير.
ما هي الأسباب وماذا تخبئ في دواخلها؟
أجتهد في الإجابة مستشرفاً ما هو أهم من دورة أو مباراة كرة قدم.
رياضياً أو كروياً بالأصح، الكرة العربية والخليجية استلبت ولم يعد لها ذلك الأثر «الفني» المغري في نفوس الجماهير، وخصوصاً مع سطوة حضور ومتابعة منافسات الأندية العالمية، لذلك نجد للمشجعين نادياً عالمياً، إسبانياً أو إنكليزياً مثلاً، ولهم نادٍ محلي، بمعنى نصف التعلق العاطفي تم استلابه. ولنا في انتشار تسويق شعارات وأردية الأندية العالمية لدى الأطفال والفتيان مع أسماء نجومها خير دليل.
من زاوية ثانية، الإعلام الرياضي المحرك والمستقطب للجماهير هو في الحقيقة إعلام أندية يقوم أساساً على «التشجيع»، وهو مرض قديم، هذا من المهم، ولكن الأهم ولتقريب وجهة النظر، يشبه النادي القطاع الخاص، في حين يشبه المنتخب القطاع العام، الأخير الكل يعتقد أن هناك من هو مسؤول عنه أكثر من مسؤوليته هو، لذلك تضيع المسؤولية. أما القطاع الخاص «النادي»، فالمسؤولية عنه فرض عين لا فرض كفاية، بعكس «العام» التي يعتقد كل طرف مسؤول فيه أن هناك من سيكفيه.
حسناً.. نستلهم واقع كرة القدم وحضور الجماهير، لنرى أن الحال الوطنية لا تختلف عنها، بدلاً من الأندية هناك «تيارات فكرية» و«اقتصادية تجارية»، وهي تتصادم وتتضارب فيما بينها ولو على حساب المصلحة الوطنية.
الاستقطاب العاطفي الذي حصل للجماهير في كرة القدم من «الكرة العالمية»، حدث ويحدث مثله في واقع المشهد العام لفكر وثقافة وتوجهات سياسة وتجارب تنمية خارج الحدود.
لعلي نجحت في إيصال وجهة النظر، أما الجماهير الكروية فأتوقع ازدياد عدد حضورها مع كل مباراة قادمة للمنتخب في «خليجي 22»، لكن بعد أن يدخل «محقق الآمال» في حسبة النقاط وانتظار هزيمة ذاك المنتخب أو تعادل آخر!
November 16, 2014
لجان التحقيق .. ماذا عن النتائج؟
في أبريل الماضي، أدى غرق العبارة الكورية «سيوال» إلى مصرع أكثر من 300 راكب، معظمهم طلاب كانوا في رحلة مدرسية، هذه الكارثة هزت كوريا، ولاحقاً ذكرت الأخبار أن نائب مدير مدرسة الطلاب انتحر، شنق نفسه على شجرة بجوار موقع لتجمع أسر الضحايا.
بعد شهر من النقاشات، أجاز البرلمان الكوري مشاريع قوانين تهدف إلى منع تكرار حدوث مثل هذه الكارثة، تنوعت هذه القوانين، بين المطالبة بحل إدارة خفر السواحل ووكالة الطوارئ، ووضعها بإدارة حكومية جديدة مكلفة بالإشراف على السلامة العامة، وبين تجميد التصرف بأموال المتهمين بالتسبب في الكارثة.
لهذا تتقدم كوريا الجنوبية! حين تقع كارثة تسن قوانين جديدة، ويتم إصلاح إدارات تسببت بوقوع الكارثة، ليس شخصاً واحداً، وإنما جهاز بأكمله.
في بلادنا لا نعلم عن لجان التحقيق في كثير من القضايا سوى خبر تشكيلها، ثم تتوارى في الظل بعيداً عن الرأي العام، لا أشك في أن هذه اللجان تعمل وتعقد اجتماعات لأعضائها، لكن لا يُعلم هل لهذه الجهود فائدة تذكر في منع تكرار وقع كارثة، أم أنها مجرد عمل روتيني يخرج منه عضو اللجنة إلى اجتماع في لجنة أخرى؟ ولو استعرضت قضايا اهتم بها الرأي العام في بلادنا لوجدنا أنه من النادر إعلان نتائج التحقيق أو منع تكرار وقوع الكارثة، فلا هذه حصلت ولا تلك. ولا أتوقع أن أسلوب العمل هذا متعمد، لكنه صار عرفاً إدارياً، لا تجيد الماكينة غيره، لذلك أقترح – من باب أضعف الإيمان – أن يُعلَن، مع تشكيل لجنة التحقيق، اسم متحدث رسمي لها، يكلف بالتواصل الفعال مع وسائل الإعلام، في هذه الحال يستثمر صاحب القرار الإعلام لتحريك عمل اللجنة، خلاف ذلك سيتم نسيان اللجنة وسبب تشكيلها مع أية أزمة أو كارثة جديدة، وبالتالي يتكرر وقوع ما وقع.
November 15, 2014
الشيخ المقاول
أصبح هو رفيق الطريق الذي لم تختره، وداخل الأحياء لم يتبق إلا أن يطرق عمال المقاول أبواب المنازل طالبين «قدوراً وكراتين» لوضعها علامات تحذيرية أمام أعمال حفر وردم.
الأعمال والإنشاءات تحتاج إلى مقاول، لكن أرى كما ترى أنه أصبح الحاضر الوحيد تقريباً في الشارع، تحوّل المقاول إلى شيخ مثل مشايخ الطرق الصوفية، له طريقة ونحن قسراً نتبعها حذو الحفرة بالصبة، يتحكم هو وعمّاله بطريقك وعدد الحفر والمطبات التي يجب أن تتفاداها طلباً للسلامة، والمقاول بشخصه قد لا يكون موجوداً لعله مسافر إلى جنيف أو باريس، لكن عمالته حاضرة أمامك في كل شبر، ولا بأس في هذا لابد من الصبر والتحمل لولا أنك لا ترى أحداً سوى شبحه، لا ترى جهازاً رقابياً أو إشرافياً يتأكد من أن عمالة المقاول الظاهر والباطن يعملون كما يجب لسلامة مرتادي الطريق على سطح الأرض، أما ما تحت الأرض فالله تعالى أعلم بتفاصيله، والبعرة تدل على البعير. يوكل المقاول الظاهر أعماله للمقاول الباطن الذي يوكلها هو الآخر لمقاول النفر، كل من لديه معدّة ثقيلة أو خفيفة يمكن جلبه للعمل. يلح علي سؤال: هل المقاول وحده هو من يدير المدينة وطرقها؟
تشاهد استخدام معدات ثقيلة وخطرة ليلاً داخل أحياء دون أدنى وسائل السلامة، أخطرها ليست الحفارات، بل معدات صب الخرسانة الضخمة بقوائمها الفولاذية التي تتحول إلى فخ خطر لسائقي السيارات، وتقف وتتحرك ليلاً من دون أنوار، وكأن المقاول يعمل داخل منزله وأسكن أهله شقة مفروشة! وعمالة الطرق الرئيسة تختلف عنها داخل الأحياء من حيث ارتداء وسائل السلامة ونوع إشارات التحذير، وكذلك معداتهم. الطرق الرئيسة مثل المجلس في المنزل معد للضيوف، لابد أن يكون مرتباً ونظيفاً في حين تركت غرفة المعيشة لصبيان المقاول من عمالة تم جلبها من نطاق التسيب الأخضر!
حمى النهم
نحتاج إلى مصل مضاد لداء النهم، هذا المرض المستشري أخطر من «كورونا» ومن «إيبولا» وغيرهما من أمراض انشغلت بها أجهزة الصحة المحلية والعالمية.
الشخص النهم فاقد للإحساس بالشبع، هو لا يشبع من مال أو من غيره، لديه كرش افتراضية لا حدود لطاقتها التخزينية ومن دون نطاق واضح المعالم، وهو بالتأكيد فاقد للإحساس بالآخرين من حوله، فاقد للقيمة مثل ماكينة، حواسه تختلف عن حواس البشر الأسوياء. والشبع مضاد للجوع والشعور به، هنا يتعدى الجوع للطعام إلى جوع لكل ما يمكن الوصول إليه بأية وسيلة، معضلة هذه الرغبة الجامحة أنها على خلاف حواس خمس معروفة تلك التي تضعف مع التقدم في السن أو الوصول إلى مرحلة من النضج والتفكر في الحياة، وعلى النقيض فإن هذا الشعور بالجوع النهم يتفاقم ويزداد لدرجة يتحول فيها إلى شراهة محصّنة ضد الإصابة بالتخمة، إن المعدة هنا قادرة على هضم الحجر والبشر، لا تصاب بالعسر،
وليس هناك من تفسير لقضايا الفساد الكبيرة بالملايين من الريالات والكيلومترات إلا الإصابة بحمى النهم. وعلى عكس الحميات الأخرى هي لا تخضع للعزل، ولا يخاف الكثير من الإصابة بالعدوى منها، بل ربما يتقرب البعض من مصاب بها! هذا البعض من طالبي القرب ينظرون إلى هذا النهم كقدوة وبطل قصة نجاح «عصامية»، لذلك قالوا من «حصل شيء يستاهل» بعيداً عن كيف تم ذلك؟ ولِمَ لا؟ وهم يرون أن من أصيب بداء النهم تحول إلى «حلم» يطمحون إليه.
وإذا لم نضع قائمة للمصابين بالنهم لعزلهم عن المجتمع والاقتصاد الذي ينتظر منه الكثير من الحلول لمشكلاتنا، فإن فايروس النهم سينتشر متجاوزاً اجتياحه المال والأراضي إلى اللحم والعظم.
November 12, 2014
ابحث عن «المسؤولية الوطنية»!
ثبت أن التعويل على «الوازع» الداخلي للفرد لا يكفي ليكون شخصاً سوياً ملتزماً بالحدود الدنيا من الأمانة تجاه العمل أو تجاه حقوق الآخرين، لذلك لا تتحقق فوائد تذكر من كثرة الزن والوعظ وما يطلق عليه «التوعية»، والمسألة لا تعني الفساد الوظيفي العادي، الرشوة والاختلاس وغيرهما، بل تتعداه لما هو أكبر من ذلك في قضايا تمس شريحة واسعة من المواطنين في حقوق خاصة مثل الاكتتابات في الأسهم والمتاجرة بها.
هيئة السوق المالية أعادت قضية اكتتاب شركة مجموعة محمد المعجل إلى الواجهة، بما أعلنته على موقعها، الهيئة في إعلانها كشفت عن توجهها لـ«رفع دعوى» لدى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية ضد أعضاء مجلس إدارة شركة مجموعة محمد المعجل أثناء مرحلة الاكتتاب في أسهمها، وبعض كبار التنفيذيين والمحاسبين القانونيين للشركة خلال الفترة من 2008 حتى 2011، لمخالفتهم نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية ولإثبات المسؤولية عن تعويض الأشخاص المتضررين من شراء الورقة المالية محل المخالفات.
لا يعرف هل لتوقيت إعلان الهيئة هذا التوجه مغزى معين، بينما هناك قضية ساخنة ما زالت مطروحة.
ذكرت أن التعويل على «الوازع» والذمة لا يحقق ردعاً يذكر لممارسات «تذاكٍ واستغفال» يسكت عنها، لها أناس متخصصون بها، ومما أطلع عليه من نقاشات حول هذه القضايا، أجد أن فئات من المتحاورين تستطيع تحديد المسؤولية كما يفعل الموظف البيروقراطي الذي يعتمد على نص مكتوب أمامه من دون فحص وتدقيق لمعرفة أساسه وما قد يؤدي إليه.
لذلك تتوزع التهم على هذه الجهة أو تلك، حتى يضيع الدم بين الأجهزة الحكومية – مع مؤسسات أو شركات – هي من تشرف على صحة ونظافة أعمالها.
إن الأساس في عمل كل جهة حكومية خدمة المواطن، هذه الخدمة تستدعي بالضرورة القصوى العمل على عدم الإضرار به، الأصل درء المفاسد قبل جلب المصالح، لذلك فإن كل جهة حكومية أو خاصة عليها «مسؤولية وطنية»، بعيداً عن الذمة والوازع، فما يسيء ويضر بالمواطن والوطن، يجب أن يوقف ويحاسب من سمح أو أهمل أو اتكل فيه على آخرين، وإلا ستستمر الثغرات التي ينفذ منها أصحاب التخصص في التذاكي من رجال أعمال أو موظفين لم يكن لهم النجاح في تحقق ثروات على حساب آخرين لو كان هناك إحساس بمسؤولية وطنية حقيقية.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

