محمد إلهامي's Blog, page 89

January 11, 2012

الحركة الإسلامية والرئيس التوافقي!!

هذا هو المقال الثالث من مجموعة "تصورات فاسدة لدى الحركة الإسلامية"، وكان المقال الأول عن تصحيح مفهوم "كما تكونوا يولى عليكم"، كما كان المقال الثاني عن تصحيح مفهوم "لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت".. وهذا المقال الثالث نناقش فيه ما أكدت عليه جماعة الإخوان المسلمين في مصر من أنها تبحث عن مرشح توافقي للرئاسة، ولا ترى أن رئيسا إسلاميا يكون المناسب لهذه المرحلة، فهي لم تكتف بقراراتها السابقة بأنها لن ترشح أحدا من أعضائها، ولن تدعم أحدا من أعضائها اتخذ قرار الترشح، وفي هذا ما قد يكون تطمينا كافيا للجهات المعنية، أما أن تبحث الجماعة "الإسلامية" عن مرشح "غير إسلامي" لتدعمه.. فهذا عجبٌ ما ظننا أن نرى أو نسمع بمثله من قبل!!

***

على غير ما كان في المقالات السابقة، كان التصور الخاطئ يستند إلى أصلٍ أو قولٍ فنعود للتحقيق والتمحيص في صحة هذا القول سندا ثم في صحته متنا، نجد أنفسنا في هذه المرة أمام قول بلا أساس ولا أصل، بل هو فكرة نبتت في الواقع المعاصر ولم يحاول أحد البحث في تأصيلها من الكتاب أو السنة أو القواعد الشرعية المعروفة. وعليه نجد أنفسنا إزاء الفكرة معنيين بإثبات بعض المفاهيم:

1. حب الرئاسة ليس دائما سبة، ولا تركها دائما منقبة

يذكر الإمام ابن القيم أنه ما من غريزة إنسانية إلا وجعل الله لها طريقا حلالا لإنفاذها تحولها إلى عبادة، وذكر من هذه الغرائز حب الإنسان للجاه والسلطان والنفوذ، يقول: "[فجعل الله] لمحبة الجاه مصرفاً وهو استعماله في تنفيذ أوامره وإقامة دينه ونصر المظلوم وإغاثة الملهوف وإعانة الضعيف وقمع أعداء الله فمحبة الرياسة والجاه على هذا الوجه عبادة"

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 11, 2012 02:35

January 4, 2012

الحركة الإسلامية وشعرة معاوية!

هذا المقال هو الثاني في مجموعة "تصورات فاسدة لدى الحركة الإسلامية" والتي تهدف إلى تصحيح بعض المفاهيم التي تعتبر من الثوابت والمسلمات في التصور الحالي للحركة الإسلامية المعاصرة، مما أدى إلى أن انبنى عليها فكر وسياسات وخطوات عملية، في حين أن المفاهيم ذاتها لا تثبت عند التحقيق العلمي.

في المقال الأول ناقشنا فكرة "كما تكونوا يولي عليكم" وكيف أنها لا تثبت لا بالنص إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما لا تثبت حين استعراضها تاريخيا، لا سيما في عصر الدولة المركزية حيث يستطيع الحاكم بما أتاحت له الدولة المركزية من سلطات تمكنه من صبغ المجتمع بطابعه وحماية هذا الطابع بما يملكه من أجهزة القهر والقمع وما يملكه من فرض القوانين وإنفاذها في الإعلام والتعليم وما إلى ذلك.

(2)

"لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت"

لعل طول السنين التي مرت بها الحركة الإسلامية وهي تحت القهر والطغيان، تذوق السياط وتشرب الذل، قد صنع بها أثرا عظيما، لا على مستوى التكتيك والمناورة بل على مستوى الفكر والرؤية، لذا لا تخطئ عين المتابع لخطاب الحركة الإسلامية انقلابا على كثير من ثوابتها وتراثها وأقوال مؤسسيها، ثمَّ من كان لديه الشجاعة ليعلنها "مراجعة" وثمَّ من التمس لها تأويلا وتفسيرا جديدا ليناسب ما يسميه "متطلبات المرحلة".. وكان من المتوقع أن يتدحرج الحال إلى أن يكون هم الحركة الإسلامية أن تحافظ على وجودها بينما كان أول أمرها عندما نشأت أن تغير من أحوال بلادها وشعوبها.

وفي ظل "الحفاظ على البقاء" كثرت الاستدلالات في غير موضعها والأقيسة الفاسدة، وعاشت الحركات الإسلامية "فقه المرحلة المكية" وأصَّلت لسلوكها بتلك الأجواء، لكن الأمر لم يخل من استدعاء نصوص المرحلة المدنية إذا لزم الأمر، فلو أنها أرادت الإقدام على أمر ظاهره الخسارة استدلت بغزوة بدر وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة، ولو أنها تراجعت تراجعا مشينا غير مفهوم استدلت بتصرف النبي في صلح الحديبية، ولو أنها أرادت المداراة على مواقفها استدلت بموقف النبي من عبد الله بن أبي بن سلول زعيم المنافقين. وفي كل هذا تُجْتَزأ المواقف من أجوائها لتخدم الخطوة القادمة.

ومن هذه الاستدلالات ما سمعته من فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين د. محمد بديع، بشأن موقف الجماعة فيم لو لم يستجب المجلس العسكري للمطالب الوطنية وتسليم السلطة إلى المدنيين، وقد حاول المحاور

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 04, 2012 19:07

January 2, 2012

December 31, 2011

كيف صنعنا من المجلس العسكري فرعونا؟!

حاول عالم الاجتماع مارك بوكانان دراسة الأنماط البشرية في السلوك، فأثمرت هذه المحاولة كتابه "الذرة الاجتماعية.. لماذا يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا"، ولسنا الآن بمعرض مناقشة ما توصل إليه الكتاب، فقد شرحنا هذا في مقال سابق

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 31, 2011 14:04

December 28, 2011

عن الإخوان وإعلامهم والاشتراكيين الثوريين!

"Fear and lack of trust is what controls the MB now; what they want is the stability of the state, in the quickest way possible, with any concessions possible," former Brotherhood member Mohamed Elhamy told DNE.

"The RS represent the opposite of this, and the MB does not want any confrontation with the ruling military council, which will eventually lead to a conflict with radical revolutionary forces like the RS," he added.

Elhamy believes that Tag's complaint was probably met with approval inside the MB, but the once-banned group had to pressure him to avoid being seen as betraying their former allies.

"This image of the MB as a strictly strong hierarchical organization that is run with an iron fist that controls everything is simply not true," Elhamy said, describing the performance of MB's media outlets as not necessarily following the orders of the group's guidance office.

"The guidance office does not know how every member inside the organization is acting, so you cannot say it directly controls the performance of its media outlets," he added.

Elhamy said the group is frightened by the possibility of a repeat of the 1954 scenario, when the military crushed them.

"Two contradictory conspiracy scenarios are currently controlling the MB, a scenario that they will not be allowed to reach power in parliament, and a scenario where they will be embroiled with total powers in such a critical time," he explained.

"Believing these conspiracies causes all this confusion in the performance of the MB."

thedailynewsegypt
"الخوف وانعدام الثقة هو ما يهيمن على سياسة الإخوان المسلمين الآن، إنهم يريدون استقرار البلاد في أسرع وقت ممكن وبأي تنازلات ممكنة" هكذا قال العضو السابق في الإخوان المسلمين محمد إلهامي لـ DNE
وأضاف: "الاشتراكيون الثوريون يمثلون النقيض لهذا التفكير، بينما الإخوان لا يرغبون في أي مواجهة مع المجلس العسكري، بما يعني معارضتهم لأي حركة ثورية راديكالية قد تتسبب في مواجهة من هذا النوع مثل الاشتراكيين الثوريين"
ويرى إلهامي أن جمال تاج، مقدم البلاغ، قد يكون تعرض لضغط لسحب هذا البلاغ كي لا تبدو الصورة وكأن الإخوان خانوا حلفاءهم السابقين في النضال.
"صورة الإخوان باعتبارهم تنظيما صارما حديديا، بحيث يكون كل تصرف من أحد أفراده بناء على أوامر ليست صحيحة"، هكذا وصف إلهامي صورة وسائل الإعلام الإخوانية، فهي تتحرك بناء على التوجه العام وليس بأوامر مباشرة من مكتب الإرشاد، وأضاف: "مكتب الإرشاد لا يعرف ماذا يفعل كل فرد داخل الجماعة بالتحديد، ولهذا فلا يمكن القول بأن سيطرة مباشرة تتحكم في التغطية الإعلامية للإخوان.
وذكر إلهامي أن الجماعة خائفة من تكرار سيناريو 1954، وهذا الخوف يدفع باتجاه توقع المؤامرات دائما، حتى إن ثمة مؤامرتان متناقضتان تسيطران على التفكير، فمن ناحية يظل الخوف من إلغاء الانتخابات والانقلاب على الديمقراطية، ومن ناحية يعارضون تسلم السلطة عبر البرلمان خشية أن تكون مؤامرة لتوريطهم في السلطة.. هذا الخوف والشعور بالمؤامرة هو ما يفسر كل هذا الارتباك في أداء الإخوان المسلمين.
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 28, 2011 16:45

December 26, 2011

قراءة افتكاسية في السيرة النبوية

عثر المؤرخ الذكي، المفتكس اللوذعي، على هذه القطعة المجهولة البهية، من إحدى كتب السيرة النبوية، وكان المخطوط محروقا، والورق مخروقا، فلم يعرف للكتاب مؤلف، ولا عُثِر فيه على اسم المصنف..

ورأى المؤرخ المفتكس أن هذه القطعة مفيدة في تحليل الوضع السياسي المصري فوضع لها هذا العنوان:

"دَلِيلُكَ الكَامِلُ بَالْخَلْطَةِ.. لِلنَّجَاةِ مِنَ التَّوَرُّطِ فِي الْسُّلْطَةِ"!

***

وحين وصل النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة رفض رفضا قاطعا أن يتولى الرئاسة في المدينة رغم أن الإسلام منتشر في بيوت المدينة، وذلك من عظيم حكمته وبعد نظرته (صلى الله عليه وسلم) لأن المدينة في ذلك الوقت كانت على أربعة أنواع:

1. المشركون الذين ما زالوا يعبدون الأوثان، وهؤلاء تسيطر عليهم العصبية القبلية فيرفضون أن يحكمهم واحد من خارج يثرب وبيوتها وقبائلها العريقة، كما أنهم لن يقبلوا برئاسة صاحب دين جديد على غير دينهم، ثم إنه مطرود من أرضه وقومه، فلسان حالهم يقول: كيف للشريد المطرود أن يأتي ليحكمنا؟!

2. أتباع عبد الله بن أبي بن سلول، وهو الزعيم القوي في المدينة والذي تدين له العديد من المجموعات بالولاء، ولم يكن من الحكمة الدخول في نزاع مع هذا الرجل في بداية تكوين الدولة.

3. اليهود، وهؤلاء كانوا أعداء الدعوة الإسلامية منذ بزوغ فجرها في مكة، وكانت لهم محاولات خبيثة بالتعاون مع المشركين لإظهار النبي في ثوب الكذاب المفتري، الذي جاء بدين من عنده لا علاقة له بمن سبقه من الأنبياء والمرسلين.

4. ثم المسلمون الذين اتبعوا النبي، وهؤلاء وإن كان عددهم كثير ومؤثر إلا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يغره أن هؤلاء ما زالوا في بداية تعرفهم على الإسلام، وما زالوا في حاجة إلى مزيد من التربية والتكوين والتأهيل قبل أن يستطيعوا الجهاد في سبيل هذا الدين..

لقد آمن النبي (صلى الله عليه وسلم) بضرورة البحث عن رئيس توافقي يحكم المدينة في ظل هذه المرحلة الحرجة، موقنا أن تيارا واحدا لا يمكنه النهوض بالمدينة في ظل التحديات الداخلية والخارجية المفروضة عليها.. فهل تعلم ما هي هذه التحديات:

1. السياسة الخارجية: حيث اتخذت مكة –وهي حاضرة العرب- موقفا عدائيا من المدينة بعد هجرة النبي إليها، وكان معها في هذا كل العرب، فكان من المستحيل تحدي الإجماع الدولي المتكون ضد الدعوة.

2. الوضع الداخلي: حيث يمكن لليهود بالتحالف مع المشركين وأتباع عبد الله بن سلول من تفجير نزاعات قبلية واضطرابات أهلية في المدينة، ولا أدل على هذا من محاولة شاس بن قيس التي كاد يفجر بها الصراع مرة أخرى بين الأوس والخزرج.

3. الاقتصاد المنهار للمدينة: وذلك أن المدينة كانت تعتمد على الاستيراد من الخارج، وكان إنتاجها الذاتي لا يكفي حاجتها من الموارد برغم أنها أرض زراعية.

4. مشكلة البطالة: حيث أتى المهاجرون من أرض تجارة –وهي مكة- وهم لا يجيدون الزراعة التي تميز اقتصاد المدينة.

5. ومشاكل أخرى لا مجال لعرضها في هذه العجالة.

من هنا، كان لا بد من التفكير في رئيس توافقي يوحد الجبهة الداخلية للمدينة صفا واحدا، وتتعاون تحته جميع التيارات والطوائف في حل هذه المشكلات العويصة للمدينة، خارجيا وداخليا، وكمحاولة لتجنب الاستقطاب المتوقع حدوثه فيما لو اختار النبي مبدأ "المغالبة لا المشاركة" واستأثر بحكم المدينة، وكمحاولة للتبرؤ من الاتهامات التي سيكيلها له الإعلام المكي ومعه الإعلام السلولي من أنه طامع بالسلطة وحريص عليها، وأنه لا يتقبل الآخر ولا يعترف به شريكا في الوطن..

رفض النبي محاولات توريطه في السلطة في هذه المرحلة الحرجة والظروف الصعبة، وقرر وضع "الدستور أولا"، فوضع وثيقة المدينة بالتعاون مع الأقليات الموجودة في المدينة، وحرص على أن تكون اللجنة ممثلة لكافة أطياف الشعب اليثربي، وحذف منها كل ما من شأنه أن يثير الخلافات بين الفرقاء داخل المدينة، لكنه تمسك بالمادة التي تقول إن "مبادئ الشريعة (وليس أحكامها) مصدر رئيسي للتشريع"، فصنع بهذا إنجازا كبيرا كان البذرة لقيام الدولة الإسلامية الراشدة بعد عقود من الزمان، اكتملت فيها سنة التدرج الكونية وتحول فيها الناس تدريجيا من الكفر إلى الإيمان ومن الظلمات إلى النور.

***

شاهد: محاضرة "كيف نبني نظاما جديدا" – محمد إلهامي – بتاريخ 20/4/2010 م.

http://www.youtube.com/watch?v=N7B0HFZL8w0

نشر في رابطة النهضة والإصلاح

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 26, 2011 12:13

December 24, 2011

تسليم السلطة في يناير.. والإخوان!

"تسليم السلطة في يناير لرئيس مجلس الشعب المنتخب، ليشرف على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في فبراير".. هذا هو جوهر الفكرة المطروحة لتسليم مبكر للسلطة إلى المدنيين وعودة الجيش إلى ثكناته.

وفي هذه الفكرة عدة فوائد:

1. أنها تنسف كثيرا من المخططات التي خططتها جميع الأطراف بناء على معلومة تسليم السلطة في يونيو 2012.. لا سيما ما توقعه الإعلامي والباحث القدير أحمد منصور من أن المهمة الحقيقية لحكومة الجنزوري هي إغراق البلاد بفيض من الديون ذات الفائدة العالية والاتفاقيات الاقتصادية التي تكبل عمل أي حكومة قادمة على غرار ما فعلته حكومة السبسي في تونس. على أن هذه الخطة هي الأهون فيما يبدو بالنسبة لما يدور خلف الكواليس ومواقع إسرائيل وأمريكا في خريطة الصراع.

2. أنها لا تقفز على أية إرادة شعبية، فالمجلس القادم هو مجلس منتخب في أفضل انتخابات مرت على مصر –على ما فيها من شوائب مريبة في بعض اللجان، وعلى مجهولية ما سنقدم عليه في المرحلة الثالثة- وبالتالي فهذا المجلس هو التعبير الوحيد، بل والأوحد، حتى هذه اللحظة عن الإرادة الشعبية.

3. أن المهمة الأساسية لرئيس مجلس الشعب المنتخب في هذه الحالة هي الإشراف على انتخابات رئاسية مبكرة لا إدارة البلاد بصفة رئاسية، وهذا بحكم الضرورة الواقعية وشذوذ الوضع الدستوري القائم حتى الآن.

ولكن ثمة تخوفات يقول بها البعض ممن يرتاب في هذه الدعوة، منها: أن في هذا تجاوزا للإعلان الدستوري القائم والذي ينظم خريطة الطريق كالآتي: مجلس شعب، شورى، دستور، رئاسة..

والرد بسيط:

1. أن خريطة الطريق هذه أصلا غير شرعية بل مخالفة للاستفتاء الشعبي في 19 مارس، والذي كان معناه الواضح: مجلس شعب وشورى ورئاسة ثم دستور. فخريطة الطريق الجديدة هذه لم تنشأ إلا في وثيقة "الأحزاب – عنان" والتي لا تمثل أي شرعية شعبية أصلا، إضافة إلى تراجع عدد من رؤساء الأحزاب وسحب توقيعاتهم على هذه الوثيقة.

2. الأوضاع الخاصة تحمل شذوذا قانونيا ودستوريا بطبيعتها، ليس أولها تكليف مبارك للمجلس العسكري بإدارة البلاد، وليس آخرها أن يشكل المشير طنطاوي حكومة ليس فيها وزير دفاع أو هو وزير الدفاع في ذات الوقت!! ولكن الكل يقبل بهذا أو يتقبله لضرورة الواقع غير الطبيعي.

3. الإعلان الدستوري ليس مقدسا، لا سيما وقد تم انتهاكه كثيرا، أبرزها تمديد قانون الطوارئ بالمخالفة الصريحة لما ورد فيه بخصوص إنهاء قانون الطوارئ بعد ستة أشهر لا يجوز تمديدها إلا باستفتاء شعبي (وتراجع في هذا مقالات المستشار طارق البشري والدكتور محمد سليم العوا)

4. وضع المجلس العسكري قبل ذلك مادة في الإعلان الدستوري لا تجيز للأحزاب ترشيح كوادرها على المقاعد الفردية، وهي المادة التي وضعت سرا ونشرت في الوقائع المصرية سرا ثم تراجع عنها في جلسة الأحزاب عنان.

5. ولا يعني هذا بطبيعة الحال أن كل ما في الإعلان الدستوري قد سقط، فالذي لا يجوز تجاوزه هو ما جاء في الاستفتاء الشعبي فحسب، فهو الإرادة الشعبية الوحيدة القائمة حتى الآن.

6. كما انتقلت صلاحيات الرئيس إلى المجلس العسكري بتكليف منه وتنازل عن منصب الرئيس، فيمكن أن تنتقل صلاحيات المجلس العسكري إلى رئيس مجلس الشعب لفترة مؤقتة بموجب هذا التنازل عن السلطة.

7. ما الذي يجعل المجلس العسكري (غير المنتخب) أفضل في الإدارة المؤقتة من رئيس مجلس الشعب (المنتخب مرتين) في إدارة فترة زمنية أقصر.

هل هي محاولة لتوريط الإسلاميين في حكم دولة هم لم يتهيأوا لها وغير مستعدين لإدارتها؟ ربما تكون مؤامرة لإظهار فشلهم؟

في الحقيقة ربما تكون مؤامرة، كل شيء قد يكون مؤامرة وقد يكون فرصة، وحيث أننا لا نملك علم الغيب، فلا ينبغي أن ننطلق من دافع الخوف والتحفز والترقب، لننطلق من دافع المصلحة والترجيحات، وكم من مؤامرات انقلبت على أصحابها، وكم من مؤامرات كانت فرصا لا تقدر بثمن!

لكننا سنبقى أمام احتمالين لا ثالث لهما:

1. المجلس العسكري حريص بالفعل على نقل السلطة في أسرع وقت والعودة إلى الثكنات، وساعتها سيكون المجلس العسكري كله من عوامل تأمين المرحلة الثالثة من الانتخابات وتأمين الانتخابات الرئاسية ليحقق حرصه هذا.. ثم سيكون من عوامل ضمان نجاح التجربة في نقل السلطة إلى المدنيين.

2. المجلس العسكري مراوغ ولا يريد ترك السلطة مطلقا، أو لا يريد تركها إلا بوضع خاص في الدستور والصلاحيات، وساعتها فإن المجلس العسكري لن يسلم السلطة لا في يناير ولا في يونيو ولا في رمضان ولا في أمشير.. ساعتها سيكون المجلس العسكري من عوامل تفجير الوضع في المرحلة الثالثة، ومن عوامل تفجير انتخابات الشورى، وتفجير لجنة وضع الدستور، وتفجير الانتخابات الرئاسية.. وليس من بأس أن يفكر في إلغاء الانتخابات كلها كما فعل الجيش الجزائري، أو حتى الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب كما فعل الجيش التركي والباكستاني أكثر من مرة. وعليه، فإن لحظة الدفع الثوري هي في صالح القوى الشعبية، وكل يوم يمضي إنما يزيد وضع المجلس العسكري قوة، ويزيد وضع الحركات الوطنية ضعفا.

***

لقد صعقني حقا أن يُستخدم نقدي للنهج غير الثوري للإخوان –جماعتي سابقا- على يد العلمانيين والمتطرفين الكنسيين ليسيئوا إلى صورة الإخوان كلها ومواقفهم كلها، وكانوا –كالعهد بهم- يأخذون الكلام من سياقه وموقفه ليخدم أغراضهم، ويعلم الله أنه ما ساءني نقد من نقدني أو حتى سب من سبني من الإخوان وغيرهم بقدر ما ساءني مدح من مدحني من العلمانيين والكنسيين.. فهو مدح لا يشرفني على الإطلاق ولم أطلبه يوما ولا يسعدني إذا حدث..

والموقف من الإخوان على غير ما يفقه هؤلاء، وخلاصته أني أعيش رعبا هائلا يملك عليّ كل كياني من تكرار سيناريو 1954، وكلما بدا أن الأمور سائرة في هذا الطريق كلما كان الرعب أكبر، لأن هذا المسار يؤول إلى خيارين لا ثالث لهما: السجون والمعتقلات مرة أخرى أو النفي والطرد خارج الأوطان لسنين لا يعلمها إلا الله.

والمشكلة الأكبر أن النهج الإصلاحي في اللحظات الثورية قد يعني طعنات بالغة في ظهر الثورة وتفتيتا لكلمة الحركات الوطنية وانقساما واستقطابا لا يستفيد منه إلا من يمتلك القوة المسلحة بفعل الأمر الواقع، فمن هنا كانت الصدمة الهائلة في اختيارات الإخوان في موقفين بالتحديد: توقيعهم على وثيقة "الأحزاب – عنان" وهي التي وضعت خريطة طريق طويلة وممطوطة ولا ملامح لآخرها، وجددت قانون الطوارئ بالمخالفة للاستفتاء الشعبي والتزمت شرفيا بمبادئ فوق دستورية.. والموقف الثاني هو رفضهم صراحة مبادرة نقل السلطة في يناير واعتبارهم إياها مخالفة للإعلان الدستوري الذي أعادوا تفسيره بما يجعل وضع الدستور أولا بمخالفة الإرادة الشعبية وبالتراجع عن مواقفهم هم أنفسهم والقائل بالانتخابات أولا!

هذه هي الخلاصة، ويظل للإخوان أنهم لم ينافقوا سلطة مستبدة، ولم يستفيدوا منها على حساب منهجهم وثوابتهم، ولم يكونوا ضد الثورة في أي من مراحلها، (بخلاف الكنيسة الشنودية، وبخلاف التيار العلماني وإعلام رجال الأعمال) وظلوا –بخلاف هذين الموقفين- داعمين للإرادة الشعبية المتمثلة في استفتاء 19 مارس..

ولهذا أعلن أنا –محمد إلهامي- العضو السابق في الإخوان المسلمين أن نقدي لجماعتي السابقة غير صالح للاستخدام العلماني والكنسي، فالإخوان أطهر وأشرف منهم مليون مرة، لكنهم يفتقدون الثورية!

نشر في: رابطة النهضة والإصلاح، وشبكة رصد الإخبارية

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 24, 2011 10:57

December 23, 2011

تصورات فاسدة لدى الحركة الإسلامية

فهم، وإخلاص، وجهاد..

لاشك أن واحدا أو أكثر من هذه الثلاثة مفقود في الحركة الإسلامية المعاصرة، والدليل هو ما آلت إليه الأوطان العربية الإسلامية، ذلك أن "الإسلام" صالح لكل زمان ومكان، بمعنى أنه قادر على إصلاح الأحوال مهما كانت الظروف المحيطة شرط أن يتصف حاملوه بهذه الصفات المجتمعة معا..

أما الفهم فلأنه يحدد الرؤية والطريق، ويرسم الحدود والضوابط، ويقرر الثوابت والمتغيرات فيصنع المنطلقات ويدير المناورات. وأما الإخلاص فهو العاصم من الهوى والمقاوم للشهوة والحارق لحب الراحة وطلب السلامة وهو قبل كل ذلك وبعده الأمر الفاصل بين مصلحة الإسلام ومصلحة الفرد أو المجموعة أو الكيان، وأما الجهاد فهو الشرط الذي وعد الله بتحقيق الهداية إن هو كان (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين).

ثم يزداد الأمر تعقيدا حين تتحول الكيانات والجماعات والأحزاب إلى أصنام تعبد من دون الله، ليست العبادة بمعنى الركوع والسجود لها، بل بمعنى قبول كل ما جاء منها قبولا لا يشوبه نقاش، والدفاع عنه دفاعا لا يتناوشه تردد، والترويج له ترويج من يراه عين الحكمة بل ويكاد يراه نور الوحي!

عندئذ تتحول الجماعات وقياداتها إلى كيانات مقدسة، لا يخطئون، يرون ما لا يرى أحد، ويعلمون ما لا يعلمه أحد، ويخططون كما لم يخطط أحد.. وتتحول المكاسب الهامشية إلى إنجازات كبرى، كما يتحول الفشل الذريع إلى ابتلاء الله للمؤمنين، فمن استمر على السمع والطاعة فهو الأخ المجاهد، ومن عارض وانتقد فهو من المتساقطين على طريق الدعوة (ونسأل الله الثبات!) الذي لم يثبت ولم يصبر و.... و.... و.... إلى آخر قائمة طويلة يصنعها الجهاز التبريري الذي تم تصنيعه للحفاظ على الكيان أمام تراجعاته المستمرة وفشله الواضح للعيان!

حسب من يكتبون في المجال العلمي أن يركزوا على الجانب الأول، وهو جانب الفهم، فلا سبيل لأحد على "الإخلاص" ولا على "الجهاد".. فهذه مناطها النفوس والقلوب، ولا يطلع عليها غير الحق سبحانه وتعالى..

من هنا كانت ضرورة مناقشة هذه "التصورات الفاسدة" التي تظهر في حديث وتصريحات وأدبيات الكثيرين من الرموز الإسلامية المعروفة، وهي تصورات بلغت أن تكون من الثوابت والمُسَلَّمات رغم أنها لا تثبت عند النقاش العلمي.

(1)

"كما تكونوا يُولَّى عليكم"

وهي المقولة الذائعة الشائعة المنسوبة للنبي (صلى الله عليه وسلم) والتي تُحَمِّل الشعوب مسؤولية ما نزل بهم من استبداد وقهر وذل، وتجعل الطريق راجعا إلى إصلاح الشعوب وحدها كطريق واحد لصلاح البلاد، فابتعد الكثيرون عن السياسة والحكم وقبعوا في المساجد والزوايا يظنون أنهم بالخطب والدروس يستطيعون إصلاح ما أفسده الإعلام والتعليم والقوانين!!

وبالعودة إلى كتب السنة للبحث عن الحديث تجد أن الحديث أحسن أحواله أن يكون ضعيفا، وقد يكون موضوعا، وقد أجمل الشيخ الألباني العيوب في طُرُقه بقوله:

"أخرجه الديلمي من طريق يحيى بن هاشم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده عن أبي بكرة مرفوعا، والبيهقي في "الشُعَب" من طريق يحيى عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق مرسلا، ويحيى في عداد من يضع. لكن له طريق أخرى عند ابن جميع في "معجمه" (ص 149) والقضاعي في "مسنده" (47/1) من جهة أحمد بن عثمان الكرماني عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعا. قال ابن طاهر: والمبارك وإن ذُكِر بشيء من الضعف فالتهمة على من رواه عنه فإن فيهم جهالة، كذا في "المناوي"، وقال الحافظ ابن حجر في "تخريج الكشاف" (4/25): وفي إسناده إلى مبارك مجاهيل. قلت (الألباني): ومن هذا الوجه رواه السلفي في "الطيوريات" (1/282)"

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 23, 2011 17:22

December 20, 2011

مصر.. جَلَد الفاجر وعجز الثقة


(ولا يجرمنكم شنئانقوم على ألا تعدلوا، اعدلوا، هو أقرب للتقوى، واتقوا الله)
"ما رأيت مظلوما تواطأ الناس على هضمهكالحقيقة" - الشيخ محمد الغزالي
* التعميم الوارد في المقال لا يعني الجميع بطبيعة الحال
***
لا أحد يريد أن يرى الصورة كاملة..
الإسلاميون يعتبرونها مؤامرة عليهم لتفويت الانتخابات،قد يكون ذلك حقا، لكن هل معنى هذا أن الواقفين أمام العسكر بلطجية وعاهرات ومدمنيمخدرات؟؟
العلمانيون يرون ما حدث جريمة أخرى من العسكر ودليلا آخرعلى دياثة الإسلاميين ونفاقهم وتجارتهم بالدين، قد يكون ذلك حقا، لكن: من الذيطالب بتأجيل الانتخابات وإطالة الفترة الانتقالية ليستعد؟؟
الإسلاميون يعتبرون أن الحكمة في تفويت الفرصة، قد يكونذلك حقا، لكن متى انتصر ذو حق على عدو مخادع يزرع الفخاخ وينصب الكمائن لأنه كانماهرا في سحب الذرائع وتفويت الفرصة؟
العلمانيون احترقوا لعرض المرأة التي عُريَت وللشبابالذين طُحِنوا، وثاروا يسألون عن النخوة والرجولة والدين، لا بأس، لماذا لا تكونونرجالا ذوي نخوة ودين تقبلون بخسارتكم الحقيقية في الانتخابات أمام من يريدون تطبيقالدين في الحياة؟
الإسلاميون لا ينزلون إلى الشارع لحقن الدماء، ليكن،لماذا لم ينزلوا إلى جنازة الشيخ الشهيد عماد عفت؟
العلمانيون يصرون على أن الإسلاميين لم يشاركوا لا فيالثورة ولا في الاعتصامات بل ركبوها أبو باعوها، ربما، لكن أين نضع: الشيخ عمادعفت ومصعب الشاعر ومصطفى الصاوي؟ أين نضع حملة حازم أبو إسماعيل وائتلاف دعمالمسلمين الجدد والجبهة السلفية ورابطة النهضة والإصلاح؟؟
الإسلاميون يدينون محاولات ركوب الثورة من البرادعيوالأسواني وممدوح حمزة، ويخشون أن يوفروا الغطاء لهؤلاء لمحاولة الانقلاب على مسارتسليم السلطة، لعلهم محقون، لكن هل يكون البديل الوحيد هو وضع كل البيض في سلةالعسكر ليصير البديل المطروح إما عسكريا وإما علمانيا؟ إذا كنتم تناوئون حتى حازمأبو إسماعيل.. فما هو البديل الشعبي الذي تقدمونه؟
العلمانيون صاروا أحرص الناس على دماء الشهداء وحقوقالجرحى، ورغم هذا لا نجد أحدا من ساكني الفضائيات مرة في الميدان أو في خطوطالمواجهة، نجدهم في الصحف وفي الفضائيات، يوجهوننا وينصحوننا ثم ينزلون بعد الهدوءليفرضوا علينا البرادعي باعتباره اختيار الميدان!!
الإسلاميون اضطربت لديهم الموازين، لأنهم متعلقونبتقديرات قياداتهم وشيوخهم، من الصعب على من عاش زمنا يثق في عقلية ورؤية الشيخالكبير أو القيادة الخبيرة أن يعيش عذاب الشعور بالخدعة، لذا يقومون بما هو حراملتبرير سكوتهم، حرام يصل إلى قذف العرض للفتاة المنتهكة العرض باعتبارها لم تلبسالمزيد من الثياب أو التساؤل: لماذا نزلت من بيتها أصلا؟ أو القول بأن الصور"فوتوشوب".. لقد كانت الفضيحة قاسية حين جاء الفيديو!
العلمانيون يريدون تصفية الحسابات مع الإسلاميين على جثثالشهداء.. وزاد في غيظهم ما حققوه من تقدم في الانتخابات، لا حبا في الشهادة ولكنكرها في الإسلاميين!! كيف يتكلم إنسان فيه ذرة من عقل أو ذرة من وطنية في هذهاللحظات بإلغاء الانتخابات والبداية من جديد؟؟؟؟؟ البداية من جديد تحت حكمالعسكر!!
الإسلاميون رغم تقدمهم في الانتخابات لا يقفون بقوةوثبات ليتحدثوا باسم الشعب.. والعلمانيون حين انصرف الشعب عنهم بدأوا في شتمه كماتعودوا دائما.. رحم الله سيدنا عمر "اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجزالثقة"
***
العسكر لن يسلموا السلطة إلا إذا وُضِعوا بين هذينالخيارين: خروج آمن أو محاكمات.. بغير هذا سيظلون يطمحون لوضع في الدستور ولنصيبفي السلطة.
الخارج لن يتعامل مع خيار الشعب إلا إذا علم أنه لا طريقآخر، ولن يعلم هذا إلا حين يعرف أن عملاءه من العسكر والنخبة فشلوا في مهمتهم..هذه مهمة الإسلاميين في الحقيقة، مهمتهم ولو كان الثمن هو الشهادة، فالموت نصيبالإسلاميين بعد كل الثورات الفاشلة، ولكنه موت في السجون والمعتقلات، فلتكن شهادةترفع الوطن لا موتا في الزنزانة يعيد الوطن إلى الاستبداد من جديد.
***
ثمة مقترح بأن يتم تسليم السلطة في يناير إلى رئيس مجلسالشعب ليدير انتخابات رئاسية في فبراير.. لو أن النفوس تريد مصلحة الوطن فسيمكنهمالضغط على العسكر!
نشر في شبكة رصد الإخبارية
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 20, 2011 11:40

December 14, 2011

عن محمد نور فرحات أمين المجلس الاستشاري

تقريبا منذ عشر سنوات اصطدمت باسم "محمد نور فرحات"، وكان هذا في كتاب الأستاذ فهمي هويدي "تزييف الوعي"، في هذا الكتاب قام هويدي بالرد على أربعة من منظري العلمانية الذين خاضوا الحرب ضد التيار الإسلامي نهاية الثمانينات وأوائل التسعينات، وهم: فرج فودة، وفؤاد زكريا، وحسين أحمد أمين، ومحمد نور فرحات..

وقد صدق فيهم قول الله تعالى (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)، فأما فرج فودة فقد قُتِل على يد شباب لم يمتلك أعصابه من فجور ما يكتب، وهو اغتيال أرفضه وإن كنت لا أُدِينه.. فمن يعرف كتابات فرج فودة يعرف ما أعني، لا سيما حين كان الشباب والإسلاميون لا يجدون فرصة للرد والتفنيد مثلما هو الحال الآن مع فضاء الانترنت الذي اتسع لما ضاقت له السلطات فنَفَّس كثيرا من الغضب المكبوت. وأما فؤاد زكريا وحسين أحمد أمين ومحمد نور فرحات فقد ألقتهم السلطات التي استعملتهم في أقرب مزبلة، كالقفاز الذي يُستخدم في الأعمال القذرة، وعادوا جميعا لمواقع تأثيرهم المجهرية الضئيلة، واعترف حسين أحمد أمين في مذكراته بأن المستشار طارق البشري قد نبهه إلى هذا: سيستعملونه ثم يلقونه مهانا.

وعلى حين مات فؤاد زكريا في مجاهله، بقي حسين أحمد أمين، وكلاهما ما زال له بعض أثر طفيف يبزغ بين الحين والآخر لمن يتابع الساحة الفكرية، فزكريا يصنف كفيلسوف وله ترجمات مهمة كترجمة "حكمة الغرب" لبراتراند رسل، وحسين أحمد أمين يحظى بالتفاتات بين الحين والآخر من قِبَل بعض المثقفين من أعداء التيار الإسلامي (وقليل ماهم) بالإضافة لترجماته أيضا مثل: صدام الحضارات لهنتنجتون وفضل الإسلام على أوروبا لمونتجمري وات وغيرها.

وكان محمد نور فرحات هو الذي اختفى تماما، حتى لقد ظننت أنه في عداد الأموات، حتى أعيد بعثه مرة أخرى فيما بعد الثورة ليشارك في المناحة القائمة الدائمة ضد الإسلاميين، ولكي يبرر مع أمثاله من القانونيين استبداد العسكر ويُقنن استبعاد التيار الإسلامي ويصدر مشاريع دستورية ومبادئ فوق دستورية بالاشتراك مع الفريق القانوني الشهير (حسام عيسى، سامح عاشور، تهاني الجبالي ...)، وقد تدرج في المناصب حتى وصل إلى "الأمين العام" للمجلس الاستشاري الذي أنشأه المجلس العسكري كقفاز آخر بعد الجمل والسلمي.

بحثت عن كتبه فيما استطعت من مكتبات فلم أجد له أثرا، بحثت على الانترنت فلم أجد كذلك اللهم إلا بعض مقالات لا تمثل إضافة، وهكذا تمخض الفارس الأخير من الأربعة الذين كانوا رأس حربة قبل سنين، وصدق الله (فأما الزبد فيذهب جفاءا وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).. فأين ما بلغه فرسان العلمانية مما بلغته التيارات الإسلامية.

لم يعد من طريق إلا العودة لكتاب فهمي هويدي لنلقي ضوءا على أفكار الرجل، وسنفاجأ أنه:

1. يعيش جو المؤامرة العالمية الكبرى، ويتخيل أن المؤسسات الاقتصادية تمول التيار الإسلامي، يقول: "إننا إذا انتبهنا إلى تنامي التيار الديني، وإلى دور المؤسسات الاقتصادية المالية في تمويل الحركة الدينية الإسلامية وفي الزعم بأن هناك اقتصادا إسلاميا، لأدركنا حجم المؤامرة التي تحاول إفساد الحياة المصرية، وقهر المجتمع المصري".. ولم يفكر –وهو القانوني- في تقديم الدليل!

2. يرى أن البداية يجب أن تكون بضرب القناعات الإسلامية التي تعتبر أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، يقول: "أحد المرتكزات الرئيسية للتأثير في الأغلبية الصامتة هو ضرب المرتكزات الأساسية التي تنطلق منها هذه الاتجاهات الدينية، وأهم هذه المرتكزات قولهم أن هناك نصوصا ثابتة، صالحة للتطبيق في كل مكان وزمان، فإذا ألقينا الضوء على هذه النصوص، وبيَّنَّا أنها متغيرة تتغير باختلاف الزمان والمكان، سنكون قد خطونا خطوة كبيرة".

3. وفي كتابه "المجتمع والقانون والشريعة" لم يُخفِ فرحته بإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية التي كانت تمثلها المحاكم الشرعية واعتبره "أمرا ألحت عليه الظروف الاجتماعية والاقتصادية والحضارية" رغم أنه يعلم أن الذي ألح بذلك وفعله هو الاحتلال الإنجليزي.. وطبيعي أن يبدي سعادته بإنشاء المحاكم الأهلية (التي طبقت القانون الفرنسي) معتبرا إياها "تتويجا لنضال الطبقة الوسطى التي بدأت في النمو منذ عهد محمد علي باشا".. أرأيت أيها المصري كيف حقق الاحتلال الإنجليزي آمال أجدادك المناضلين؟!!

4. ولا يُخفي رفضه الكامل للشريعة الإسلامية، وإن قال ذلك بعبارة بهلوانية ملتوية: "أما عن تطبيق ما يظنه البعض تنظيما دينيا لأحوالنا الاجتماعية فهذا ما نرفضه ويرفضه معنا كثيرون".. (الكثيرون الذين يسكنون الفضائيات طبعا!)

5. وهو يعتبر أن آيات القرآن وأحاديث النبي "في مجملها دلائل للاستنباط والاسترشاد في ظل وقائع اجتماعية متباينة، دون أن تقدم حلولا تفصيلية لكل حادثة مستجدة.. أي أن هذه النصوص بذاتها لا تمثل نظاما قانونيا متكاملا يمكن أن يُطلق عليه اسم الشريعة".

6. وأحيانا يكون الدكتور ظريفا لطيفا، فهو يقول بأن "هناك فارقا دقيقا لا يتبينه الكثيرون بين الدعوة إلى الإسلام والدعوة إلى تطبيق الشريعة"!!!

7. وأحيانا يكون مثيرا للشفقة حين يدعي أن جماعة الإخوان المسلمين كانت صدى لصيحات أبي الأعلى المودودي، في حين يعرف أبسط المتابعين للحركة الإسلامية أن الإخوان أنشئت في أواخر العشرينات بينما جماعة المودودي نشأت في الهند في أوائل الأربعينات!!

في النفس كلام كثير، ولكن.. ألا يتعظ هؤلاء من أننا صرنا نأتي بكلامهم من كتب خصومهم التي خلدت بينما فنيت كتبهم؟ ألا يمل هؤلاء من كونهم قفازات يُستعملون في لحظات ثم لا يُلقي أحد لهم بالا ولا يعرف أحد لهم طريقا؟ ألم يدركوا بعد أنهم يحاربون القَدَر حين يحاربون الشريعة؟ ألا يرون أين بلغت أفكارهم وأفكار خصومهم في وجدان الناس.. أفلا يُبصرون؟

اقرأ:

شهادة قانوني غربي للشريعة قبل مائة عام

رأيت النخبة في سورة البقرة

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 14, 2011 08:14