محمد إلهامي's Blog, page 85

June 4, 2012

معركة تسالونيك (291 هـ)

في المقال السابق [image error] [image error]

وكانت تسالونيك محاطة بسور ضخم، بنيت خلفه حصون على تلال ومرتفعات، فكان ذلك يوفر لها حماية قوية، لكنها في ذلك الوقت كان في حالة من الإهمال، وافتقدت إلى حامية قوية للقيام بدور الحراسة، فزاد هذا من حالة الارتباك البيزنطي، وصار الامبراطور يدفع بعدد من القادة لمواجهة الأمر، فكانوا يضطربون ويلغي كل قائد خطة سلفه، فقد أيقن القائد بتروناس أن الوقت قد فات لإصلاح حال السور والأبراج الدفاعية، فكانت خطته ردم ما استطاع من البحر المواجه للأسوار بحيث يمنع اقتراب السفن من الأسوار، فتكون المعركة دفاعية من خلال رمي المهاجمين باللهب من بعيد، لكن ليو –القائد الثاني- لم ير هذا مفيدا فأوقف العمل فيه وبدأ في رفع الأسوار من جديد، وكان العمل يجري فيه ببطء لا يناسب الموقف المتدهور، كما أن الروايات البيزنطية تندد بسلوك أهل المدينة الذين تعلقوا بالخرافة وكان لديهم إيمان بأن القديس سوف يحميهم بكراماته وكانوا على يقين بأن المدينة لا تسقط أمام غير المسيحيين، وقد أدى هذا بالقائد الثالث نيكيتاس الذي قدم حديثا إلى أن يحاول الاستعانة بفرق الصقالبة الموالين للدولة البيزنطية، ولكن فرق المرتزقة إذ علموا بتدهور الأوضاع طلبوا أموالا وأجورا طائلة، فتعطلت خطة نيكيتاس ولم يعد أمامه إلا الدفاع الذاتي عن المدينة. ولم يُفِق أهل المدينة من خرافاتهم إلا حين رأوا سفن الأسطول الإسلامي تظهر في الأفق، فسرت حالة الرعب والارتباك والهلع داخل المدينة.

كانت خطة غلام زرافة تعتمد على استطلاع الدفاعات ووسائل الحرب داخل المدينة، فكانت الأيام الأولى محاولات البحث عن ثغرة، فجرت محاولة لاقتحام إحدى البوابات الأربعة وحرقها، ولكن قوة الدفاع الذي انهال باللهب والحجارة والسهام على المهاجمين جعل المحاولة الأولى غير ناجحة.

في اليوم التالي كانت الخطة مختلفة؛ تم تحديد بوابتين لكي يُشن عليهما هجوم سريع في ذات الوقت، والهدف إحراقهما لكي ينفتح الطريق إلى داخل المدينة، فأعدت عربات مملوءة خشبا ومشحونة بالمواد سريعة الاشتعال، ثم استخدمت مراكب صيد خشبية لتغطية هذه العربات من أعلى كحماية لها وللمهاجمين أثناء دفعهما حتى توصيلهما إلى الأبواب كي لا يتمكن الروم من حرقها أو إصابة المهاجمين قبل الوصول إلى الهدف، وبالفعل، تمت الخطة بنجاح، واندفع المهاجمون في وقت واحد وتحت حماية المراكب المقلوبة فأوصلوا العربات المنشودة إلى الأبواب ثم أشعلوا فيها النيران، وعادوا بسرعة إلى صفوف الجيش بعيدا عن مرامي الروم.. لم يمر وقت كثير حتى اشتعلت البوابات وانصهرت الرتاجات، وانهارت البوابتان.. ولكن وُجد خلفهما تحصينات حجرية، مما أفشل الخطة أيضا!

لم يعد من طريق إلا اقتحام السور، وكان لابد من فكرة مبتكرة لتنفيذ هذا الاقتحام.. وقد كان!

طوال الليل انشغل الجيش الإسلامي في صناعة أبراج خشبية عالية تفوق ارتفاع النقاط المتهدمة من الأسوار، وتم تحديد نقاط الاقتحام، ولمزيد من تعلية الأبراج تم ربط سفينتين ببعضهما ليشكلا قاعدة أوسع يعتمد عليها البرج الخشبي، ومع بزوغ الفجر كانت الأبراج العالية قد بنيت، وأقيمت فوق السفينتان المربوطتان، وقد استعد المهاجمون فشُحِنوا في هذه الأبراج.. واستيقظ الروم على أبراج جديدة بزغت لهم فجأة!

اندفع المهاجمون بكل ما لديهم من قوة نحو نقاط السور المقصودة، يرمون المدافعين بكل وسيلة، لا سيما وقد صنعوا في الأبراج ما يشبه مدفعا ناريا.. أنبوبا نحاسيا تقذف فيه مواد اللهب والسوائل المشتعلة، فتخرج من الأنبوب نحو المدافعين وكأنها مدفع ناري كبير..

وإزاء ما نزل بالمدافعين من مفاجأة صاعقة، فكرة مبتكرة، وهجوم غير متوقع، انهارت دفاعات الروم، وولوا الأدبار بعد معركة ليست بالطويلة.. واندفع المسلمون يقتحمون المدينة، ويطاردون عدوهم، وكان هذا هو الاقتحام الأول لهذه المدينة البيزنطية العنيدة!

وكالعادة في مثل هذه المعارك، كان الشغل الشاغل للجيش بعد الانتصار، تحطيم القدرات الحربية للمدينة، وجمع ما أمكن من الغنائم والأموال والأسرى، فأما الأموال فلدعم الجيش وللاستفادة القصوى من النصر ولتعويض نفقات الحملة وتكاليفها، وأما الأسرى فلمبادلتهم مع الأسرى المسلمين في سجون الروم (وكانت عمليات تبادل الأسرى تجري بشكل شبه سنوي في ذلك الوقت بين الدولة الإسلامية والامبراطورية الرومية)، وقد تم هذا بأقصى ما يستطاع، حتى أن الرواية البيزنطية تذكر أن الأسرى كانوا عُشر سكان المدينة، وأنهم بلغوا 22 ألفا!

وبغض النظر عن دقة العدد، فالمؤكد أن العدد كان كبيرا إلى الحد الذي ابتعد فيه الأسطول الإسلامي العائد إلى الشام عن الاقتراب من السواحل والجزر الرومية فلم يكن يستطيع أن يحارب حامية وهو محمل بهذا العدد الكبير من الأسرى!

لكن أهم ما ظفر به غلام زرافة في هذه المعركة هو سر السلاح البيزنطي الذي أفشل كثيرا من محاولات المسلمين لفتح القسطنطينية، وهو "النار البيزنطية" والتي كانت فعالة في صد الهجوم الإسلامي على المدن البيزنطية، فكان امتلاك سر هذا السلاح تفوقا جديدا في الميدان الحربي ظفر به المسلمون على يد بطلهم غلام زرافة.

***

هبت عاصفة قوية في البحر المتوسط شطرت إحدى السفن التي تحمل طاقم البحارة القليل من المسلمين، وأكثرها أسرى من الروم، وفيم كان أسهل شيء في مثل هذه الظروف أن يهتم القائد بطاقم البحارة تاركا هؤلاء الأسرى للبحر، إلا أن الإسلام الذي تشربه غلام زرافة لم يسمح له بمثل هذا، بل قام بمناورة بحرية قاوم فيها الأمواج والعاصفة لينقذ السفينة المنكوبة، طاقهما وأسراها، وهذا ما شهد به القائدان المأسوان ليو ونيكيتاس، وسجله المؤرخ البيزنطي كامنياتس الذي تعد روايته هي الرواية المفصلة الوحيدة عن هذه المعركة!

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 04, 2012 12:15

الدولة الأموية قبل الغروب

دراسة انهيار الدولة ضروري للأمم تماما كدراسة بنائها، ذلك أن سنن الله في خلقه لا تتغير ولا تتبدل، وأن الإنسان يكرر نفسه وسيرته عبر الأيام مهما اختلفت الظروف والأعراف والأحوال، وينتصب التاريخ معلما حكيما يرشد من يريد إلى خير السبل وأقومها، والتاريخ في هذا السبيل أفضل تفسير للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فهو الترجمة الواقعية لما ورد فيهما من آيات وأحاديث، ثم هو بعد ذلك حجة لهما عند من لا يؤمن بهما.

وننوي بإذن الله تعالى أن تكون مجموعة المقالات القادمة عن هذه اللحظات، لحظات غروب الدول، والمشهد فيها قبل انهيارها الأخير، وذلك لاستشعار الحاجة إليها عند القارئ المسلم المعاصر، كما سنحاول أن يكون المشهد مفصلا بما يحقق الحد الأدنى من المعرفة التاريخية غير السطحية، فلا هو كاستغراق الكتب والدراسات ولا هو في بساطة المقالات السريعة والقصيرة.. ونحسب أن هذا مما يُفتقد في الكتابة التاريخية المعاصرة.

ونبدأ بإذن الله في غروب الدولة الأموية عبر حوالي ثلاث مقالات، ثم نثني بسقوط الدولة العباسية القوية وابتداء عصر السيطرة العسكرية عليها في حوالي ثلاث مقالات أخرى، ثم بسقوط السيطرة العسكرية التركية وبداية السيطرة البويهية.. وهكذا إلى أن يشاء الله تعالى.

***

توفي هشام بن عبد الملك (125 هـ) آخر الخلفاء الأقوياء من بني أمية، وكان مُلزمًا بأن يكون ولي العهد من بعده ابن أخيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ولم يكن الوليد على مستوى المسؤولية بل كان منصرفا للهو والعبث والمجون وشرب الخمر، وتفيض بعض المصادر في وصف مساوئ الوليد إلى حد لا يمكن تصديقه كما دافعت عنه كثير من المصادر المعاصرة التي وصل بعضها إلى تحميل كل المسؤولية لهشام بن عبد الملك ثم للعباسيين الذين أرادوا تشويه صورة الأمويين، والذي نطمئن إليه هو أن الوليد لم يكن على مستوى اللحظة مطلقا وأنه مُدان بالمجون والعبث والانصراف إلى اللهو وشرب الخمر وترك تدبير الأمور.

ولقد فكر هشام كثيرا في عزل الوليد عن ولاية العهد وصرفها إلى غيره، وكان ممن يؤيده في هذا الإمام الكبير محمد بن شهاب الزهري حتى عرف الوليد منه ذلك وجرت بينهما خصومات قال فيها الزهري: "ما كان الله ليسلطك علي يا فاسق"، وبالفعل شاء الله له ومات قبل ولاية الوليد، بل لقد تمنى المحدث المؤرخ ابن كثير أن لو نجح هشام في إقصائه عن ولاية العهد

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 04, 2012 06:12

June 3, 2012

ندوة: كيف نتعامل مع الحاكم القادم

كلمتي "كيف نتعامل مع الحاكم القادم" في ندوة "مصر ما بعد الثورة" التي نظمتها "رابطة النهضة والإصلاح" بالتعاون مع "مكتبة أ" إلى جوار أخي الكريم د. حسام أبو البخاري

بتاريخ 21/5/2012



وهذه كلمة أخي الكريم د. حسام أبو البخاري



وهذه فقرة أسئلة الحضور


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 03, 2012 04:50

June 2, 2012

فكرة المجلس الرئاسي

أخشى أن تكون هذه الفكرة هي التي ستفشل التجمع الحالي كما حدث في محمد محمود.. ولهذا أرجو من أصحابه الآتي:

1. أن يمثل الجميع والكل (ألحظ حذفا مريبا لشخصية الشيخ حازم وللتمثيل الإخواني.. وهذا أول التفتيت وأول الريبة، وهذا سيوحي لكثيرين بأنه فكرة ليبرالية علمانية ضد الإسلاميين.. وسنفترق ونتحارب مرة أخرى)

2. أن يكون هذا المجلس ضمن مؤسسة الرئاسة، بمعنى أن يُدعم محمد مرسي مع التعهد بأن يكون هذا المجلس جزءا من مؤسسة الرئاسة (فكرة إلغاء الانتخابات الآن فضلا عن أنها لا تفعل أكثر من تثبيت حكم العسكر فاحتمال رفض الإخوان وقطاع شعبي كبير لها قائم بشدة.. من فضلكم لا تطرحوا حلولا تعجيزية ولا إقصائية وتصطدم برغبات رفاق النضال)

من كان وطنيا حقا فليغلب مصلحة الوطن على مصلحة تياره.. لم نأخذ من التفرق شيئا إلا أن وصلنا إلى هذه الأزمة التي قد تنفرج إن أحسنا استقبال نعمة الله التي جاءتنا من حيث لا نحتسب!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 02, 2012 13:40

لا تكرروا هذه الأخطاء

بالله عليكم، أقبل أيديكم وأقدامكم، لا تكرروا هذه الأخطاء في هذه اللحظة:

1. استمرار الميدان الثوري بلا قيادة.. عدم وجود القيادة ينتهي إلى افتراق الميدان على كل شيء.

2. لا تفرضوا أحدا على الميدان كقيادة.. فأنتم بهذا تدمرونه تماما قبل أن يدمره أحد.

3. الشخصيات القيادية أرجو أن تنزل من عليائها ولا يغرها تكرار اسمائها على قنوات أو صفحات ثورية، ليجتمعوا دون شروط مسبقة فهذه اللحظة ربانية أتى بها تدبير الله لا ذكاء أحدهم..

4. الكيانات الإسلامية يجب أن تتوحد بذاتها، مجلس شورى من الشاطر وحازم وصفوت حجازي مثلا.. المهم أن يتوحد الصوت الإسلامي حتى لو افترق الآخرون.. وأن يستعدوا لاحتمال رفع اللواء وحدهم في حالة تعالى عليهم الآخرون اغترارا بالإعلام والقنوات والصوت العالي أو بألاعيب عسكرية (هذا محتمل جدا)

5. أرى المكان المناسب الآن للاعتصام ليس ميدان التحرير .. بل هو وزارة الدفاع، مع استمرار الفاعليات خارج الميدان وفي كافة الأنحاء.. التحرير ليس المكان المناسب، ولا نريد أن نكرر ثورة اليمن التي فشلت ببقائها في الميادين ولم تتجه لحصار مناطق السلطة.

6. هذه المعركة قد تكون الأصعب، واحتمال الاختبار الدموي بالهجوم على الميدان أو تفجيره من داخله احتمال وارد.. نحن الآن نواجه النظام نفسه بلا أقنعة يمكن التضحية بها.. ومن ورائه الخارج!.. إنها فعلا لحظات فاصلة.

7. لدينا الآن ميزتان كبيرتان: تاريخ من الأخطاء والفشل والتلاعب ينبغي ان نتعلم منه في التعامل مع العسكر بأذرعه المخابراتية والإعلامية.

8. والميزة الثانية هي برلمان يجب أن يتحول إلى ثورة، يحمي الثائرين ويشكل إسنادا لهم كما يشكل ترجمة لما أمكنه من طلباتهم.

9. في النهاية لن يفوز حقا إلا من سيرزق الشهادة، هذا هو الفائز في كل الأحوال، سواء نجحت هذه الثورة وصنعت حياة كريمة أو لم تنجح.. فالفوز الأكيد ليس في الحياة بل في الشهادة ودخول الجنة.

10. اللهم ارزقنا يقينا صادقا حتى نعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وأن ما أخطأنا لم يكن ليصينا، اللهم انزع من قلوبنا حب الدنيا وكراهية الموت، اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير، اللهم أعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا.. اللهم إنا نبرأ لك من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك، ونعلم أنه لا نصير لنا في العالمين إلا أنت، اللهم عاملنا برحتمك لا بعدلك، أنزل علينا ما أنت أهله لا ما نحن أهله.. يا رب.. يا رب.. يا رب!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 02, 2012 12:41

June 1, 2012

هل الإخوان متطرفون؟!

"الإخوان هي الجماعة التي خرجت من عبائها الحركات المتطرفة"

1. الإعلام الشيطاني يرى هذه العبارة ذما وتجريحا في الإخوان، بينما المفترض أن تكون دليل المدح والبراءة، فهي تساوي ببساطة "المتطرفون لم يتحملوا البقاء داخل الإخوان"

2. ومعنى هذا أن الجماعة سلمية إصلاحية هادئة غير متطرفة ولا صدامية

3. وهذا بالضرورة ينسف كل مخاوف "الدولة الدينية" التي هي أصلا تراث مسيحي لا تراث إسلامي (أولى بالحريص على الدولة المدنية أن يخافوا من تغول الكنيسة وتدخلها في السياسة.. لو كانوا صادقين!)

4. وفي هذا درس جليل بأنك مهما قدمت من تنازلات فإن هذه النخبة لا ترضى منك إلا بالكفر الصريح الواضح.. أو الإيمان بيسوع، فهنا تتحول إلى حبيب القلب المضطهد الذي يحتاج إلى الأمان في وطنه!

5. أقول هذا مع موقفي بأن الإخوان في طبعتهم الأخيرة صاروا إلى أن يكونوا "علمانية ذات لحية" وأن تنازلاتهم في المنهج الإسلامي للتقارب مع شياطين الإنس والجن لم تحفظ لهم حب الإسلاميين ولا جلبت لهم رضاء الشياطين

6. ويبقى المنهج الإسلامي متميزا متفردا مستقلا لا يتهيب المواجهة ولا يستسلم للطاغية ولا يقتصر فقط على التربية ولا يعمل فيما أتيح له ولا يسعى لتوافق مشين، بل يسعى ليواجه ويقاوم ويجاهد.. وهذا ما اختصره الإمام الشهيد حسن البنا في لفظة "وأعدوا" تحت سيفين يحميان المصحف!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 01, 2012 19:56

حلٌ.. حلمٌ

بداية: لا يأس من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

بالمقاييس المادية واستقراء الواقع المسار الحالي انتهى بنا إلى مرحلة سيئة بفعل الأخطاء الكثيرة لدى كل الأطراف، لكني لا أهتم إلا بالطرف الإسلامي وحده، فهو الوحيد المؤهل لحمل الأمانة والمكلف بها دينا، وهو الذي إن لم يفقد الثقة بنفسه ولم يفضل "غير ذات الشوكة" ولم يثق فيمن ليس أهلا للثقة لكان الوطن كله في وضع آخر تماما.

الحل الذي يستطيع أن يقلب الميزان الحالي بشكل مؤثر يبدو مستبعدا لكني لا أكاد أرى غيره.. وهو:

أن يبدأ الإسلاميون ثورة جديدة يقودها العلماء والرموز والقيادات التي اكتشفت بعد هذا الزمن أنها أخطأت وخدعت، وأن يكون شعارهم "النصر أو الشهادة".. وأن ينتصب لتمثيلهم رجال كانوا الأبصر بالحال، وفي مقدمة هؤلاء الشيخ حازم أبو إسماعيل..

إن هذا مستبعد لأنه يتطلب أشياء كثيرة في غاية الصعوبة على النفس، يتطلب من كيانات قديمة أن تتخلى عن غرورها وعن إصلاحيتها.. وأن تسكت كيانات تكلمت بعد الثورة فلم تأتنا إلا بالبلايا والتشويه للمشروع كله.. وأن تتخلى بعض الشخصيات عن ثقتها الزائدة في النفس من بعد ما ظهر لنا أنها قد خُدِعت فلم تكن أهلا لإدارة الصراع مع الذئاب والثعالب.. وهذا شيء على النفوس عظيم!

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 01, 2012 14:50

May 9, 2012

أمير البحر غلام زرافة

انتهى عهد العباسيين الأقوياء بموت المتوكل على الله، وابتدأ عصر السيطرة العسكرية التركية على الدولة العباسية التي دخلت به في حالة من الضعف، اللهم إلا فترة الخلفاء: المعتمد (وكانت القوة الفعلية والحكم الحقيقي بيد أخيه أبي طلحة الموفق بالله)، والمعتضد، والمكتفي.. ففي تلك الفترة عاد للدولة بعض من قوتها الذاهبة، وعلى رغم الإنجازات الهائلة التي قدمها أولئك الخلفاء إلا أن ميراث الضعف الذي ورثوه جعل جل جهدهم في إصلاح الضعف وإخماد الفتن وإعادة بسط نفوذ الخلافة، فلم تبلغ الدولة ما كان لها في عهد العباسيين الأقوياء الأوائل.

وإذا اقتصرنا على مشهد العلاقات بين الدولة الإسلامية والدولة البيزنطية، سنجد أن الثلث الأخير من القرن الثالث الهجري كان واحدا من أحرج وأصعب الفترات في العلاقة بين الدولة الإسلامية والامبراطورية البيزنطية، حيث "كانت الظروف مواتية زمن هذا الامبراطور (باسيل الأول) لتحقيق نصر في هذا الميدان (الحروب الإسلامية البيزنطية) لأن علاقات الامبراطور كانت حسنة مع: أرمينيا في الشرق، ومع الروس والبلغار في الشمال، ومع البندقية والامبراطورية الفرنجية في الغرب، وإذا أضفنا إلى هذا الجو من الصداقة والود مع هذه الأقوام، ظروف الخلافة العباسية الداخلية وما كانت تعيشه من أزمات إبان تسلط ضباط القصر الأتراك على الخلفاء وانفصال مصر عن جسد الخلافة زمن الطولونيين، واضطراب الأوضاع في الغرب الإسلامي لوجدنا أن باسيل كان يتمتع بفرصة ذهبية لتحقيق نصر على المشرق والمغرب، ولكن على الرغم من كل هذه الظروف المواتية، وبرغم أن الحرب بين الطرفين العربي والبيزنطي لم تتوقف لم تستطع الإمبراطورية تحقيق نصر في هذه الجبهة"

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 09, 2012 07:47

May 3, 2012

سقوط صقلية الإسلامية

يعرف المسلمون أن ثمة أرضا كان اسمها الأندلس ضاعت منهم، ولكن البلاد التي ضاعت –غير الأندلس- كثير، ومن المؤسف أن أغلبها ما زال مجهولا لعامة المسلمين، ومن هذه البلاد جزيرة صقلية (الإيطالية الآن) والتي ظلت تحت الحكم الإسلامي لنحو قرنين من الزمان، صعدت فيهما على خارطة التاريخ، فلما أن سقط عنها الحكم الإسلامي، عادت مرة أخرى جزيرة غير ذي قيمة، وما زالت حتى هذه اللحظة من المناطق التي لا تبلغ ما وصلته النهضة الأوروبية في مناطق الشمال الإيطالية.

وقد ألمحنا في مقالين سابقين إلى فكرة بسيطة عن صقلية الإسلامية، حضارتها الإنسانية والمادية، وها نحن نختم بهذا المقال عن سقوط الحكم الإسلامي في صقلية

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 03, 2012 18:02

April 30, 2012

أدركوا الثورة قبل أن تفقدوها!

** كتب هذا المقال صبيحة يوم الاثنين 30/4/2012 بعد ليلة في اعتصام وزارة الدفاع.

في مصر شباب لا يتردد في التضحية، وسياسيون لا يترددون في قبول الدنية في دينهم ودنياهم بكل أسف..

مشكلة الثورة الآن أن حصادها استقر في جهتين: إعلام موجه يتحكم فيه أصحاب النفوذ والأموال من النظام الفاسد أو من مراكز التوجيه في الخارج، وبرلمان يسيطر عليه إصلاحيون لم يفكروا طول عمرهم في إشعال ثورة فما زالوا يتعاملون بنفسية إصلاحية كانت أخطر على الثورة من نفسية المستبد ذاته!

وفي كل يوم يزيد الخرق ما بين الشباب الثائر من جهة والإعلام والبرلمان من جهة، ولذلك تسيل الدماء تزرع للمستقبل وتصنع خريطة قوة جديدة على الأرض لكنها لا تجد من يحصدها في خريطة السياسة ولا يمضِ بها نحو المستقبل!!

ورغم كل ما أدت إليه السياسة الإصلاحية المتدرجة الهادئة البطيئة من نكبات لا تخطئها العين، إلا أن أحدا لا يريد التفكير في تصحيح المسار ولا يريد أن يقيم المسيرة تقييما موضوعيا منصفا بعيدا عن شماتة الأعداء وثناء الأولياء..

المصريون الذين لم يكونوا على شك قبل عام وشهور من أنهم سيتسلمون دولتهم وحقوقهم كاملة غير منقوصة، صاروا يرون الآن برلمانا هشا كسيحا لا قدرة له على الفعل، ويقال علنا بأنه لن يشكل الحكومة، وإن شكلها فلن يقترب أحد من الوزارات السيادية، وها هي لجنة رئاسية يتحكم بها المجلس العسكري فيمن سيصل إلى الرئاسة..

ببساطة.. الثورة تحولت إلى انقلاب عسكري صريح..

***

لمرة أخرى: الحل في الشارع وفي الميادين..

وهذا الحل –ليس كما يتخيل البعض- متاحا دائما، أبدا، هذا الحل متاح فقط في لحظات الثورة، وكل البشر يثورون ثم يهدأون، واستعمال هذا الحل بعد هدوء الشارع غير مفيد، ولا يجرؤ عليه أحد.. تماما كما كان الحال في عهد المخلوع!

اللحظة الثورية لحظة فارقة وفاصلة وحاسمة، القوة الشعبية ليست موجودة دائما، وليست دائما تحت الطلب.. لا توجد ثورات ديليفري كلما شاء قوم أن يثور الشعب فإنه يثور..

***

قرر البرلمان تعليق جلساته لأسبوع، إنها خطوة ضعيفة جدا ولكنها على المسار الصحيح، ولأنها ضعيفة جدا فقد تأتي بمكسب ضعيف جدا جدا كما تم التصريح بتغيير وزاري محدود (3 وزارات!!!) وتحت نفس قيادة الجنزوري..

كنت أتمنى أن يعقد الدكتور الكتاتني مؤتمرا صحفيا، يصرح فيه بكل ما دار في الكواليس، وبمحاولاتهم الدؤوبة للحفاظ على مكاسب الثورة بأقل قدر من الخسائر حفاظا على الاستقرار والإنتاج وما إلى ذلك، ولكن كل هذا لم يشفع عند المجلس العسكري الذي ما زال يريد سيطرة كاملة على البلاد.. وليعلق عمل البرلمان إلى أجل غير محدود لينزل الأعضاء إلى الشارع معتصمين يبدأون موجة ثورية جديدة.. أتمنى أن يفعل هذا قادة الإخوان والسلفيين.. ليخرجوا أنفسهم من الغرف المغلقة التي يستنزفون فيها وليعودوا بالمعركة إلى الشارع.. الناس أمام سلطة المجلس العسكري مباشرة.

إنكم تملكون من القوة ما لا تقدرون قيمته.. تملكون قوة شباب ثائر لا يتردد في التضحية ولا يبالي هل يعيش أم يموت في سبيل الله، ولكنكم لا تستعملون هذه القوة، بل المؤسف أنكم كنتم من خصومها وعوامل إطفائها في مراحل فاصلة (ترى ماذا لو استثمر الإخوان تيار الثورة في ذكرى 25 يناير والمطالب بتسليم السلطة للبرلمان وانتخابات رئاسية مبكرة، بدل أن يقفوا منه الموقف المخزي "بانديتا"؟!.. ماذا لو كان البرلمان ثوريا بحق هادرا بحق بدلا من أن يمرر قانون انتخابات الرئاسة ويغض الطرف عن قوانين صدرت قبل انعقاده بأيام، وتصبح الثورة فيه وجهة نظر ونسمع عبارات البلطجية والترامادول ونرى البعض يهنئون المنافق القديم المقيم مصطفى بكري؟!!.. في النفس عتاب كبير لا تكفيه السطور)..

"الاستقرار".. هو هدف المجلس العسكري وأمريكا وإسرائيل قبل أن يكون هدف الشعب المصري، ولا ريب أنكم تعرفون هذا، إن المصري المطحون لا يهمه كثيرا أمر الاستقرار بقدر ما يهم أصحاب العروش والكروش والمصالح الاستراتيجية والأمن!

المصري المطحون لا يخسر كثيرا، بينما الآخرون يفقدون العروش وتتغير من بين أيديهم خريطة القوى، فليكن استقرارا كريما أو فلا يكون.. فكم عشنا في الاستقرار المهين فسالت منا الدماء في الطرقات والقطارات والعبارات والسجون، ثم كانت بلادنا منصة صواريخ لأعدائنا يُقتل منها إخواننا، وقبضة حصار يحاصر بها إخواننا، ومؤتمرات مؤامرات تنسج على إخواننا!!

ليكن استقرارا كريما أو لا يكون.. فكم عشنا في الاستقرار المهين حتى صار الواحد فينا لا يأمن على نفسه أن يقتحم بيته، ولا أن يخطف أبوه أو أمه مساومة عليه، ثم لا يجد بعد ذلك لا عملا كريما ولا علاجا كريما ولا معاملة كريمة.. الاستقرار المهين هو الذل بعينه!

فلا يقايضكم أحد بالاستقرار ولا يساومكم عليه، فهم أحوج إليه منا.. وهم بالأصل لا يقايضون إلا لأنهم يعجزون عن تثبيت استقرار حديدي وإقرار سلطة مستبدة، وما هذا إلا لأنها لحظة ثورة.. لحظة فارقة، ما توشك أن تذهب فلا تعود!

الشباب في الشارع مستعدون للموت في مقابل وطن كريم فلا تخذلوهم..

***

لمرة أخرى: تغيير لجنة الانتخابات الرئاسية وإلغاء قراراتها وتغيير المادة 28 ضرورة ثورية.. ليس لمصلحة أحد ولكنها لمصلحة الوطن كله، والساكتون على هذا الآن لأنهم يحسبون أن الأمل ما زال موجودا يقطعون على أنفسهم خط العودة حين تظهر المؤامرة كاملة ويفوز مرشح المجلس العسكري! حينها سيفقدون كل أساس موضوعي أو أخلاقي للمعارضة.. وحينها سيكون قد اكتمل الانقلاب العسكري، ونراكم مرة أخرى بعد نصف قرن!

***

لست حكيما ولا عبقريا والله.. ولكن المسار واضح لمن لا يعميه حب المذهب!

اقرأ:

في معنى اللحظة الفارقة

خلاصة المعركة القائمة في مصر

الثورة والبرلمان بعضهم أولياء بعض

ميدان هادر وبرلمان ثائر

مصر.. جَلَد الفاجر وعجز الثقة

الحركة الإسلامية وشعرة معاوية

كيف صنعنا من المجلس العسكري فرعونا؟

امتحان الشعب المصري

تسليم السلطة في يناير.. والإخوان

الثورات.. والدعاة المخدوعون

عصيان مدني.. لماذا؟

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 30, 2012 05:49