محمد إلهامي's Blog, page 86
April 26, 2012
قصة مقال "في معنى اللحظة الفارقة"
April 22, 2012
خلاصة المعركة القائمة في مصر
في مصر ثلاثة أطراف قوية لا غير: العسكر والإسلاميون والتيار العلماني، العسكر يمتلكون قوة السلاح، والإسلاميون يمتلكون القوة الشعبية، والتيار العلماني يملك قوة الإعلام!
وخلف المشهد تظل أمريكا فاعلة بالاشتراك المباشر سياسيا مع العسكر، وإعلاميا مع التيار العلماني الذي هو بالأصل ليس إلا أصواتا إعلامية عالية!
وتظل المجموعات الشبابية والثوار قوى موجودة على الساحة، ولكنها محدودة وضعيفة التأثير في السياق العام!
الشعب يريد التحرر من الاستبداد..
في الطريق إلى هذا التحرر تقف بعض الرغبات حجر عثرة، فالعسكر إن لم يحكموا بأنفسهم فهم يريدون حكما على الطريقة الباكستانية أو التركية أو الجزائرية بحد أدنى، والعلمانيون -في التحليل الأخير- يريدون حكما يظلون نجوما في سمائه وهم متقبلون لاستمرار حكم استبدادي عسكري بهذا الشرط ويرون في التيار الإسلامي تهديدا لهم، والإسلاميون انقسموا: فمنهم من رآها لحظة فارقة إن لم تؤسس لحرية حقيقية فهي بداية المذبحة القادمة، ومنهم من اتخذ الطريق الإصلاحي الرسمي فهو يتحرك دائما تحت السيطرة موقنا أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان ولا يطمح إلا للحفاظ على الوجود!
بالنسبة للإسلاميين:
مشكلة التيار الإصلاحي أنه لا يتعلم من التاريخ، يظن دائما أنه أذكى ممن سبقه أو أن خصمه أغبى ممن سبقوه، أو أن الزمن تغير وأتى بفوارق مؤثرة، وهو عامة لا يستيقظ إلا على المذبحة ويترك ميراثا رائعا من المذكرات الشخصية أقلها يعترف بالخطأ وأكثرها يحمل المسؤولية للآخرين.
ومشكلة التيار الثوري أنه استيقظ متأخرا، وما زال يحاول جمع شتات نفسه وتنظيم أموره، وتنسيق الفئات التي تنضم إليه في كل يوم، وهو بإمكاناته المحدودة يحارب في كل الجبهات: العسكر دفاعا عن الحرية، والإعلام دفاعا عن الإسلام، والإصلاحيين دفاعا عن الثورة! وهو رغم هذا يحقق نتائج أفضل من المتوقع، ولكنها تظل أقل من المطلوب..
واستطلاع الأحوال في أطراف المعركة الثلاثة يؤدي إلى توقع مزيد من التوتر والمواجهة في الأيام القادمة!
***
العسكر
تستقر في الذهنية العسكرية ثوابت عميقة زاد ترسخها بطول فترة الحكم العسكري لمصر، منها أنهم: يرون أنفسهم الأحق بحكم هذه البلاد والتي لا يصلح لها شخص مدني (المدني عندهم هو من يفتقر إلى الحزم والضبط والقدرة على السيطرة) بل هي تحتاج إلى رئيس "مقاتل" (واللفظ لأحد المرشحين العسكريين للرئاسة).
والعلاقة بين العسكر والإسلاميين عدائية راسخة، فالجيش هو أحد أهم المناطق المحرمة على الإسلاميين، بل والمحرم على من فيها أن يكون له أدنى صلة أو شبهة بواحد من الإسلاميين، وتبلغ القطيعة إلى الحد الذي يُمنع فيه الملتحون والمنتقبات من مجرد الدخول إلى الأندية العسكرية ولو لحضور حفل زفاف!!
وكانت مهمة الأجهزة الاستخبارية العسكرية معتمدة على تنقية الصفوف ممن قد يكون على اقتراب نفسي من الفكر الإسلامي، فذلك هو الخطر الكبير الذي يوضع في سلم الأولويات الحاكمة لعمل هذه الأجهزة.. وبهذا كان العداء للإسلاميين محميا بالمراقبة والمتابعة والفحص!
القيادات العسكرية الحالية دخلت إلى الجيش في عهد عبد الناصر، وتولت مراكزها الأولى في عهد السادات، وترسخت في حكم مبارك.. هذه العهود الثلاثة لم تر في الإسلاميين إلا أعداء! ولا ريب في أن التكوين النفسي للقيادات المتحكمة لا يرى فيهم إلا هذا.
وإذا أضفنا إلى هذا ما حدث من تغير جوهري بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بما نتج عنه حالة سكون راقد على الجبهة العسكرية، ثم انهيال المعونة الأمريكية بما نتج عنها من امبراطوريات اقتصادية عسكرية خارج سلطة الدولة، وبما نتج عنها من علاقات شخصية وودية ورسمية.. إذا أضفنا هذا إلى سياق الرؤية علمنا أن الإسلاميين يمثلون –في نظر القيادات العسكرية- تهديدا حقيقيا! لأنهم جمعوا بين المشكلتين: العداء لإسرائيل وأمريكا (بما يهدد حالة السكون الحربي) وطلب دولة حقيقية مستقلة (بما يهدد وجود نفوذ عسكري أو اقتصاد عسكري خارج سلطة الدولة)!!
ومنذ شهور والحديث في الكواليس يدور صراحة وبوضوح حول رفض واستحالة وجود رئيس إسلامي، وأما الحديث حول ميزانية عسكرية فهو يُقال علنا في وثائق يحيى الجمل وعلي السلمي وغيرهم!
العسكر يرون في الحرية تهديدا حقيقيا، وهم لا يقبلون برئيس ذو شخصية قوية أصلا، فضلا عن أن يكون إسلاميا!
***
العلمانيون
الفكر العلماني يتعارض جذريا مع الإسلام، والعلمانيون أصلا نشأوا في بلادنا بدعم من العسكر، منذ عهد محمد علي الذي استنبت حوله طبقة لا جذور لها لكي يقضي بها على الزعامات الشعبية (والتفاصيل تجدها عند الجبرتي والشيخ محمد عبده) حتى نجح في هذا بالفعل، وكانت سياسة محمد علي هي التي أدت إلى دخول البلاد في التبعية الغربية الضمنية حتى جاء الاحتلال الصريح، فاستمرت هذه الطبقة مرتبطة بالرؤية والفكر والمصالح الغربية، ولما ذهب الاحتلال كان قد وضع هؤلاء في مواطن التأثير ونوافذ الإعلام حتى وصلنا إلى اللحظة الحاضرة: النخبة في واد والشعب في واد آخر تماما، فلا كأنه يعرفهم وكأنهم منه!
وفي حالة المعركة يقف العلمانيون دائما –إلا النادر منهم- في صف الحكم المستبد ضد الحرية طالما ستأتي بالإسلاميين، وتعمل الصحف والفضائيات في تشويه التيار الإسلامي بكل ما استطاعت من قوة، وبكل ما أوتي الشيطان من افتراء (لا شك يعينها في هذا أخطاء حقيقية تقع من الجانب الإسلامي، ولكن العداوة الأصيلة لا تتوقف عند وقوع أخطاء كما لا تشيد بالمزايا والمواقف الوطنية)..
ولا يتوقف الأمر عند شيطنة الإسلاميين، بل يتعداه للتحريض والاستعداء، يغري العسكر بسحق الإسلاميين صراحة (راجع في هذا: إبراهيم عيسى، ممدوح حمزة، هشام البسطويسي، أبو العز الحريري، حسام عيسى، تهاني الجبالي... وقائمة طويلة، وليس الغرض الاستقصاء!).. فالقوم لا يهمهم لا وطن ولا استقرار ولا حرية!
***
الإسلاميون
الإسلاميون مضطرون للوجود في وجه الأزمة لكثير من الاعتبارات منها: أنهم أصحاب الشعبية الأولى وربما نقول الوحيدة، كما أنهم الطرف المسحول دائما والمسحوق دائما والمهدد الأول بالتصفية والذبح في حال فشل الثورات، وهم قوم لا سند لهم من الخارج لا الإقليمي ولا الدولي، وهم أصحاب مشروع ورسالة لا يقف أمام تنفيذها إلا الحكم الاستبدادي!
التجربة الإسلامية حافلة بالمذابح، ليس في عهد عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك فحسب، بل في كل الدول التي حكمها انقلاب عسكري، منذ باكستان وجمهوريات وسط آسيا شرقا، وحتى المغرب العربي غربا، ومن القوقاز والاتحاد اليوغوسلافي شمالا حتى أواسط إفريقيا جنوبا.. الحكم العسكري لا يسمح بوجود طرف قوي آخر، والطرف القوي في كل البلاد الإسلامية هم الإسلاميون!
وكما سبق في الحالة المصرية، فإنهم حُرِموا حتى من دخول نوادي القوات المسلحة فضلا عما كان ينزل بهم في المحاكمات العسكرية والسجون الحربية.. ثقتهم في العسكر صفر، بل وتحت الصفر، ويستوي في هذا الإصلاحيون والثوريون إلا قليلا من مشايخ لا عهد لهم بالسياسة فيخدعهم من يقابلهم بالحفاوة ويُظهر لهم بعض التدين!
الثوريون يعرفون أن فشل الثورة يعني عودة عهد عبد الناصر (ثمة أنباء تتسرب على فترات من أنه يجري بناء سجون جديدة تتسع لخمسين ألفا، ربما لا تكون صحيحة فالسجون في مصر كثيرة، وسواء صحت أو لم تصح، فهذا لا يغير من الواقع كثيرا) ولذا يعرفون أن معركة الثورة هي معركتهم المصيرية الفاصلة!
الإصلاحيون يظنون أن التفاهم والمساومة واكتساب الأرض شبرا شبرا يحقق لهم الغاية بدون الدخول في اشتباك، ورغم أن الأيام اضطرتهم في أكثر من موقف للتظاهر وإعادة إرسال رسائل "القوة الشعبية" إلا أن غاية مناهم ألا يضطروا لإعادة ثورة جديدة.. لعل الله يوفقهم ولا يكررون سيرة السابقين!
وما أبدته الأيام للإسلاميين من مفاجآت "علمانية" بانقلاب من كانوا يظنونهم "رفاق النضال" يجعلهم لا يستطيعون الاعتماد إلا على أنفسهم فحسب (حتى المجموعات الثورية الشبابية كان موقفها من استبعاد حازم أبو إسماعيل والشاطر من سباق الرئاسة سيئا ومفاجئا إلى أبعد أحد).. وبعضهم يخشى من أن "أنفسهم وحدها" ليست كافية فلهذا يُحجِم، ويحاول الوصول إلى توافق وتفاهم مع الآخرين.. غير أن حصاد العام الماضي لا يبشر بخير على الإطلاق في هذا المسار!
***
الخلاصة:
1. الإسلاميون الآن بين منزلتين: إما أصحاب الأخدود، وإما أصحاب طالوت.. وكلاهما منزلة محمودة عند الله، ولكن التعلم من الأخطاء ومن التاريخ واجب، والتقصير في هذا ذنب!
2. أصحاب طالوت انتصروا رغم أنهم فقط (313 فردا) في معركة غير متكافئة على الإطلاق، ولم يضرهم أن باقي القوم تساقطوا عبر الطريق.. إن النصر مع الصبر، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله
3. مجموعات الشباب الإسلامي الثائر، عليهم مسؤولية تاريخية حقيقية.. فهم يكتبون التاريخ! إن اجتماعهم واتفاقهم والتنسيق بينهم وتوزيع المهام قد صار ضرورة وفرضا عينيا عليهم!
April 17, 2012
الأزمة القانونية والأخلاقية في قضية الشيخ حازم
أكتب هذه السطور قبل معرفة قرار لجنة الانتخابات الرئاسية، وهي لتوضيح أشياء مختلطة في قضية الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل..
بداية يجب التفريق بين الشق القانوني والشق الأخلاقي في القضية..
الشق القانوني هو الذي تعتمد عليه المؤسسات والمكاتبات والقرارات الرسمية بغض النظر عن الجانب الأخلاقي، بينما الناس والرأي العام هم من يهتمون بالشق الأخلاقي ولا يعنيهم كثيرا السلامة القانونية..
ملخص الموضوع في الشق القانوني كالآتي:
المؤكد أن الموقف القانوني للشيخ حازم هو الأقوى بكل ما أسفرت عنه الأيام الماضية، وبالتالي فهذا يعطيه الحق في وجود اسمه في قوائم المرشحين لانتخابات الرئاسية حتى ولو كانت السيدة والدته قد اكتسبت الجنسية الأمريكية بشكل مؤكد.. فطالما لم يستطع أحد إثبات هذا الحصول عبر مستندات وأوراق رسمية غير قابلة للطعن فهي –في نظر القانون- لم تكتسب الجنسية الأمريكية، وعليه؛ فإن أحدا لا يحق له استبعاده من المرشحين لرئاسة الجمهورية..
وأسوأ مثال على هذا هو تاجر المخدرات الذي يعلم الجميع أنه ارتكب هذه الجريمة، إذا لم يكن محضر التحريات وإجراءات الضبط سليمة قانونا، لم يعد أمام القانون إلا أن يحكم له بالبراءة في هذه القضية..
بالنسبة للشيخ حازم، فقد حكمت له محكمة القضاء الإداري بما يفيد خلو السجلات الرسمية من اكتساب والدته أي جنسية غير المصرية.. وكل المستندات التي اعتمدت عليها اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة أو وسائل الإعلام لم تنهض لأن تكون حجة قانونية! وحتى لو كان هذا لعيب في القانون أو لمهارة من المحامي البارع أبو إسماعيل، فإن الخلاصة أن القانون يجيز له الترشح للرئاسة..
فإذا انتهينا من الشق القانوني ودخلنا إلى الشق الأخلاقي فهو كالتالي
بداية، من حق الرأي العام أن يعاقب المرشح حازم أبو إسماعيل على كذبه واستخدام مهارته القانونية في الإفلات من الاستبعاد القانوني.. فمن رأى أن الشيخ حازم كذب ولم يكن على المستوى الأخلاقي المطلوب، فالواجب عليه –تجردا- أن يجعل معركته مع الشيخ حازم معركة أخلاقية عبر صناديق الانتخابات، وليست معركة يتم فيها إهدار القانون وانتهاكه!
الاحتمالات في حق الشيخ حازم كالآتي:
- كان يعلم باكتساب والدته للجنسية وكذب على الناس!
وبالنسبة لي فهذا الاحتمال مرفوض عقلا قبل أن يكون مرفوضا شرعا، فلا يُعقل أن يبذل إنسان هذا المجهود الرهيب طوال عام كامل، في الحشد والدعاية ومحاولة اكتساب القلوب وهو يعلم أنه فاقد لشرط الترشح للانتخابات، ومن المستحيل أن يقدم –وهو القانوني- إقرارا على نفسه بعدم اكتساب أي من والديه جنسية أخرى وهو يعلم في قرارة نفسه أن والدته لديها هذه الجنسية!
فإذا أضفنا إلى هذا أنه شيخ يتحدث بالقرآن والسنة، وأنه يعرف أن هذا هو رأس ماله عند الناس، وأن مجرد شبهة الكذب تسقط تاريخه القديم ومستقبله القادم، كان من المستحيل فوق المستحيل أن يخاطر بنفسه هذه المخاطرة..
فكيف إذا كان الرجل طوال هذا العام لم ينتمِ إلا للطرف المستضعف، وأنه خاض معركته ضد الحكم العسكري المسيطر، ولم يمايع أو يناور في ضرورة التخلص من الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.. كيف لرجل أن يخوض معركة بهذه الجسارة ولديه بعض رائحة من شك في أن والدته أمريكية وأن السلاح الذي سيطعن به موجود في يد خصمه؟!!
الاحتمال الثاني: أن تكون اكتسبت الجنسية وهو لا يعلم
وهنا تنتفي شبهة الكذب عن الشيخ حازم، وهذا هو المهم في الشق الأخلاقي، ويبقى الطرف الآخر هو المطالب بالإثبات، وبالإتيان بوثائق دالة قاطعة على اكتساب هذه الجنسية، فيما يكون الموقف الأخلاقي للشيخ هو الانسحاب من سباق الرئاسة معلنا أنه اكتشف ما لم يكن يعلمه مما يحرمه من شروط الترشح.
وحيث أن هذا لم يحدث، فلا خصومه (اللجنة العليا – الحكم العسكري – أمريكا) قدموا شيئا يمكن الاعتماد عليه والقطع بأنها حملت الجنسية، ولا الشيخ أعلن هذا وانسحب.. بل ما لدى اللجنة مستندات حكمت المحكمة بتهافتها، قبل أن نرى بأعيننا أنها متهافته بعد أن نشرت، والشيخ يؤكد أن أمه مصرية مائة بالمائة وأنها لم تحمل جنسية أخرى، وأن لديه أوراقا ثبوتية سيظهرها في الوقت المناسب!
حيث كان هذا فالموقف الأخلاقي، وهو الموقف الشرعي واقف عند قاعدة "البينة على من ادعى"، وعند قوله تعالى (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) وعند قوله تعالى (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين).. وتاريخ اللجنة مقارنة بتاريخ الشيخ حازم في ميزان الصدق يميل بلا تردد نحو الشيخ حازم..
وعلى كل حال.. ليقل الشعب المصري رأيه عبر الصندوق في الجانب الأخلاقي، ولتلتزم المؤسسات حد الشق القانوني في الموضوع..
وفي النهاية، لن يمر أكثر من مائة عام، إلا ويكون جميع الموجودين على هذه الأرض قد رحلوا عنها، منهم كاتب هذه السطور، ومنهم القارئون لها، وسيفصل الله في الأمور كلها.. فويل لمن باع آخرته بدنياه! سواء كان في المجلس العسكري أو في لجنة الانتخابات أو في الإعلام أو في مروجي الشائعات أو في أنصار الشيخ حازم أو الشيخ حازم نفسه..
هذا..
(وما شهدنا إلا بما علمنا، وما كنا للغيب حافظين)
April 9, 2012
April 8, 2012
في معنى "اللحظة الفارقة"
اعترف فضيلة الدكتور صفوت حجازي –الداعية البارز، وفارس الميدان- ببعض الأخطاء التي ارتكبها الإسلاميون، حتى لقد وصل الحال إلى "انهيار البلد"، منها: الوثوق في المجلس العسكري والظن في أنه سيطهر البلاد من النظام القديم! (حلقة 6/4/2012، قناة الجزيرة مباشرة مصر)
الشيخ حجازي واحد ممن يصعب جدا الكتابة في نقدهم، لا سيما وأني لا أساوي شيئا في مقامه ولم أظفر بشيء من جهاده، غير أن الحق فوقه وأحب إلينا منه.. لقد كان الشيخ حجازي من أنصار التهدئة والصبر، وكان محتدا في الخلاف مع شيخنا حازم أبو إسماعيل، وكان واثقا من نفسه وذاته وقوة الثورة إلى الحد الذي قال فيه بكل حزم "حين نعبر انتخابات البرلمان، سنقول للمجلس العسكري، حدد موعد الانتخابات، وسينفذ المجلس ما طلبناه"، ويمكن أن تراجع في سجل ثقة الشيخ حلقاته (شاهد على الثورة، قناة الجزيرة) ثم تقارن بينها وبين حلقة الجزيرة مباشر مصر.. الشيخ ما زال متفائلا ورابطا وعلى استعداد للجهاد، ولكن الفارق في قراءة المشهد والتمكن منه لا تخطئه العين.
في ذلك الوقت كتبت أن الشيخ صفوت حجازي يذكرني شخصيا بعبد القادر عودة، كان واثقا من امتلاكه للمشهد، حتى لقد صرف الناس في مظاهرة عابدين، وما كان يدري أن الخصم العنيد سيغدر به!
***
لعل كثيرا من الناس، بل وكثيرا من الإخوان أنفسهم، لا يعلمون أن اللحظة الفارقة بين مواجهتهم الأخيرة مع عبد الناصر كانت يومان فحسب، اسمع لقول حسن العشماوي (ضابط اتصال الإخوان بعبد الناصر قبل الثورة، والمهاجر الطريد بعدها) إذ يقول: "حدد يوم الخميس التالي 29 أكتوبر لانعقاد الهيئة التأسيسية الجديدة التي سيحضرها الأستاذ الهضيبي شخصيًا، على أن تخرج الهيئة بعد الاجتماع- ومع أفراد الجماعة- في مظاهرة سلمية يحميها بعض الأفراد المسلحين ويسير في المظاهرة بعض كبار الساسة في الأمة، وكنا على اتفاق معهم في ذلك، وكان المفروض أن هذه المظاهرة- بما يحميها من أفراد مسلحين- ستكون نقطة الانطلاق، تسعى لإسقاط الدكتاتورية العسكرية، ولتسليم مقاليد الحكم لحكومة مؤقتة تجري انتخابات عامة... وكان كل منا يعرف دوره في هذا المظاهرة، ولكن الأحداث سبقت هذا التقدير الذي رسمناه".
والأحداث التي يقصدها العشماوي هي مسرحية المنشية التي افتعلها عبد الناصر (26 أكتوبر) أقبل مظاهرتهم الحاشدة والفاصلة بيومين فحسب..
تلك هي اللحظة الفارقة التي ظفر بها عبد الناصر، فكسب بها البلاد ثمانية عشر عاما، ودخلت بها مصر في حكم العسكر الذي تجاهد الآن لاستخلاصه بعد ستين سنة!
[اقرأ كتابيه المهمين: الأيام الحاسمة وحصادها و مذكرات هارب (أو: حصاد الأيام)، والنقل السابق كان عن الكتاب الأخير]
***
ولئن كان بعض القيادات الإخوانية قد استوعبت الدرس كما تقرأ من كلام حسن العشماوي في مذكراته، إلا أن بعضهم الآخر ظل حتى اللحظة لا يستوعبه ولا يريد أن يستوعبه، دفاعا عن الجماعة وتاريخها بما يجاوز التقييم الموضوعي.. مثال ذلك الأستاذ الأديب جابر قميحة..
ففي مقاله "الإخوان ومظاهرة فبراير 1954م"
بعد هذه السنين الستين، ترى ما الأفضل للوطن؟ أن يموت المئات والآلاف في مظاهرة تكنس حكم العسكر ولم يكونوا استقروا بعد، بل كانوا مختلفين حول البقاء أم العودة للثكنات؟ أم حكم عسكري امتد لستين سنة؟ها نحن افترضنا أسوأ الاحتمالات، أن سيسقط الآلاف قتلى وجرحى، فأيهما نفضل الآن بعد ستين سنة؟!!
***
المثير للدهشة أن الإخوان –وكما سبق النقل عن حسن العشماوي- اعترفوا بالخطأ وقرروا أن يحشدوا لمظاهرة كبرى فاصلة (29/10/1954) لولا أن عبد الناصر كان أسبق منهم بيومين، فاخترع حادث المنشية، فذهب حلمهم إلى السجون والقبور، وجاءت أجيال تبكي واقعها ولا ترى مستقبلها!
والآن يتكرر الوضع، الإسلاميون النظاميون بعد أن قضوا دهرا في الثقة بالعسكر والسعي لتوافق موهوم، واتهموا من خالفوهم بالجهل والعمق والتهور، عاد لهم الوعي متأخرا –كالعادة، للأسف- حين رأوا أمامهم العدو السام عمر سليمان مرشحا للرئاسة!!
إن الوقت الذي ضاع ثمين جدا، وقد خسرنا فيه ما لا يمكن تعويضه، ولكن الأمل لم ينتهِ، وما زال في الوقت متسع لتغيير الفكرة.. وتغيير الأسلوب.. وتغيير الطريقة..
الحل الآن في الميدان لا البرلمان، ولقد كان يستطيع البرلمان أن يكون رأس حربة للميدان كما صرخ الكثيرون مناشدة له ورجاء، على التيارات الإسلامية أن تعود إلى الشارع، فالعسكر قد حزبوا أمرهم، وليعتبروا من مظاهرة 29 أكتوبر التي لم تتم أبدا لأن عدوهم كان أسبق منهم بيومين فحسب!
لقد ضاعت ذكرى ثورة 25 يناير الأولى مثلما ضاعت مظاهرات عابدين 1954، ولئن ضاعت هذه اللحظة.. فنحن قوم نستحق فعلا أن نموت على يدي عمر سليمان!
***
حتى الآن، لم يكسب من هذه الثورة إلا.. الشهداء، فقد فازوا فوزا عظيما!
وحازم أبو إسماعيل.. فقد أدى ما عليه، وما زال يجاهد حتى حقق للثورة وحده ما لم تستطع الكيانات الكبرى أن تفعل بعضه!
ومخلصون مجهولون، لا نعلمهم.. الله يعلمهم، وهو بكل شيء عليم!
نشر في رابطة النهضة والإصلاح
April 3, 2012
أبو إسماعيل.. رجل بصير بالتاريخ
"أدركوا اللحظة الفارقة"
كان هذا هو الشعار الأول الذي نادى به الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل حين نزل إلى ميدان الانتخابات الرئاسية منذ سنة، وهو الشعار الذي لم أسمع من قبل أن مرشحا رئاسيا في أي دولة قد اتخذه لحملته الانتخابية، ذلك أنه يعبر عن عقلية مختلفة حقا، عقلية رجل لديه شيء لا ينتبه له كثيرون.. "البصيرة بالتاريخ"!
أكتب هذا الكلام من موقع الباحث في التاريخ، وأشهد أن حازم أبو إسماعيل هو المرشح الوحيد ضمن المطروحين على الساحة المصرية الذي يمتلك رؤية واضحة وبصيرة بالتاريخ..
بداية من الشعار ومرورا بالتصريحات والمواقف وانتهاء بالأفعال والحشد والمظاهرات، يثبت الرجل أن لديه المعرفة التاريخية الواجب توافرها عند "الزعيم" وليس "الرئيس" فحسب، ومن خلال متابعتي له فوجئت أنه يمتلك قدرا من المعرفة التاريخية أعلى مما ينبغي أن يدركه رجل في موقعه، إذ هو أحيانا يتحدث بالسنوات والأرقام مما لا يجيده أحيانا إلا المتخصصون.
كان الشيخ حازم أول من انتبه –من بين المرشحين- إلى أن المجلس العسكري يحاول الالتفاف على الثورة، ويستدل في هذا بالتجارب التاريخية المصرية؛ فهو الوحيد الذي تكلم عن محمد علي باشا وكيف استطاع تأسيس حكمه الاستبدادي رغم أنه رُفِع إلى الحكم عبر ثورة قادها شيوخ الأزهر ونقيب الأشراف السيد عمر مكرم، وهو أول من تحدث عن سرقة ثورة 1919 عبر سعد زغلول الذي أدخل الثورة في المسار التفاوضي الذي قتل "عامل الزمن" وضيع "اللحظة الفارقة" لتنتهي الثورة في مفاوضات ولجان ومناقشات حتى فشل المصريون في تحقيق شعار الثورة "الاستقلال التام أو الموت الزؤام"..
وفي حين لم يقف في وجه العسكر أحد من المرشحين –بخلاف الشيخ حازم والدكتور أبو الفتوح- فإن الشيخ كان الوحيد الذي أعلن أن عسكر اليوم ليسوا شيئا مختلفا عن العسكر في 1954، وأن احتمالية التفافهم على الثورة وانقضاضهم على الحكم ما زالت قائمة وفاعلة، وتثبتها الأفعال على الأرض في كل يوم، لذا كان أجرأ من تعرض لهم في الوقت الذي وقف فيه الباقون موقف الثناء، أو الانتقاد مع رفع شعار إحسان الظن بدعوى عدم وجود خبرة في الإدارة، أو الانتقاد بعبارات مائعة غائمة.. وقف الشيخ يقول: "ليس لهم عندنا إلا ما قدموه لنا"، "لن نتعامل معهم إلا كما تعامل المسلمون مع أبي بكر وعمر، إذا رأينا اعوجاجا قومناه.. هل يريدون معاملة فوق معاملة المسلمين لأبي بكر وعمر"، واستطاع بخبرته القانونية أن يكتشف الثغرات التي لم ينتبه إليها غيره، والتي تؤسس لبقاء الحال على ما هو عليه! وكانت كلمته الصادقة المبكرة التي ارتاع لها الجميع –بما فيهم كاتب هذه السطور نفسه- حين قال: "انظروا كيف يروضون شعبا بأكمله، يا إخواننا سنُسْتَنْعج (يراد لنا أن نكون نعاجا)، هؤلاء ذئاب وثعالب"..
وفي مناظرته مع برنامج "ممكن" على (cbc) بدت معرفة الرجل بالتاريخ أكثر من كونها معرفة عمومية، رغم أن المعرفة العمومية كافية لرجل الدولة، ورغم أن أسامة الغزالي حرب كان الأسوأ أداء في هذه المناظرة، إلا أنه كشف لنا –من حيث أراد إحراجه- عن هذه المعرفة بالتاريخ، حين سأله ما رؤيتك لتاريخ مصر؟
[على الهامش: الشيخ حازم لم يكن يعرف أنها مناظرة أصلا، فقد ترك له خيري رمضان رسالة على الهاتف ولم يسمعها، وذهب وهو يظن أنه لقاء عادي!]
الملفت للنظر أن الشيخ فرق بين "التاريخ الحديث" و"التاريخ المعاصر" وهي تفرقة دقيقة لا ينتبه لها غير المهتمين بالمجال، ثم تحدث عن معلومات تاريخية مثل بذور النهضة التي أنشأها محمد علي والتي كانت قد ضعفت بحلول عهد الخديوي إسماعيل، وكيف أن عبد الناصر قال بضرورة نقل البلاد من الزراعة إلى الصناعة لكنه لم يصنع شيئا، ووصلت الصناعات الوطنية إلى حالة ضعف بالغة حتى صناعة "الإبرة".. وذكر أن تراكم الديون وضعف الصناعة الوطنية كان هو السبب لاحتلال مصر عام 1882م.
وعاد بالحديث عن الاستقلال الصوري لمصر، وكيف استعمل هذا لتكون عضوا في الجامعة العربية التي كانت هي الأخرى خدعة [أول نشوء فكرة الجامعة العربية كان من رئيس الوزراء الإنجليزي إيدن عام 1941م]
من عوامل الاطمئنان أن يكون رئيس مصر القادم رجلا بصيرا بالتاريخ، فالتاريخ كما قال ابن خلدون: "يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا".
نشر في: رابطة النهضة والإصلاح
اقرأ:
الثورات.. والدعاة المخدوعون!
تحتاج العلاقة بين العلماء والسلطان إلى تجديد فقهي واسع بعد أن كُتب الكثير مما يشوهها ويخرجها عن نطاقها في ظل الاستبداد الطويل الذي عاشته أمتنا، لا سيما هذا الاستبداد الذي ورث الاستعمار؛ ذلك أنه الاستبداد الأول الذي أعلن صراحة قطيعته مع الشريعة وثبت باليقين القاطع عمالته وولاءه لأعداء الأمة من يهود وصليبيين وملحدين.. ولم يعد يصلح مع هؤلاء قياس أحوالهم على السلطان الجائر الذي تناولته كتب الفقه القديمة التي كانت ترى نفسها أمام سلطان جائر إلا أنه يحكم بالشريعة بل وقد يكون مجاهدا لأعداء الأمة أو هو في أضعف الأحوال رجل ليس له ولاء إلا للأمة ولا يُتَّهم بالعمالة لأعدائها والسعي في مصالحهم.
وأول ما ينبغي أن يُنتبه إليه أن الله لم يكلف الأنبياء والرسل، ثم ورثتهم من العلماء والدعاء، بمجرد البيان فحسب، لا سيما سيدهم وإمامهم وخاتمهم محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي لم يكتف بالتوضيح بل جاهد حتى أقام دولة الإسلام ولم يمت إلا وقد استقرت وبدأت امبراطوريتها الواسعة [راجع مقال: فقه البلاغ الإسلامي
April 2, 2012
الدولة الإسلامية ضد الدولة المركزية
عن آثار ترشح الشاطر
لصحيفة the daily news egypt
في شأن تأثير ترشيح الجماعة لخيرت الشاطر داخليا على الجماعة، قال محمد إلهامي الباحث في التاريخ والعضو السابق في الإخوان المسلمين أن الاستقالات الشبابية من الإخوان تحدث بالفعل منذ الثورة والإطاحة بالرئيس حسني مبارك، ولكن تأثير استقالات الشباب لا يأخذ حجمه الإعلامي الحقيقي لأن الإعلام يتعامل في العادة مع القيادات الوسيطة المعروفة إعلاميا أكثر من الشباب غير المعروف.
وفي حين أن القيادات الوسيطة يصعب عليها اتخاذ مواقف كالاستقالة لأنها بالفعل تكون قد ارتبطت حياتهم ومصالحهم بالجماعة بشكل يجعل القرار عسيرا، على خلاف الشباب الذين لم يرتبطوا بالجماعة مثل هذا الارتباط، لكن الجماعة داخليا تعرف جيدا حجم تأثير الاستقالات، لا سيما أن الاستقالات كانت من الشباب الفاعل.
وحول المخاوف من وجود حزب وطني جديد من خلال تزاوج السلطة بالثروة بشأن ترشح خيرت الشاطر وما إذا كان شبيها بحالة أحمد عز، قال إلهامي: أنه ينبغي إعطا الفرصة لجماعة الإخوان لتقديم مشروعها، مستبعدا المخاوف من إعادة إنتاج الحزب الوطني، وقال: "علينا أن نفرق بين نقدنا لسياسات الإخوان وحقيقة أنه تم انتخابهم من قبل الشعب لتولي الحكم وإدارة الدولة، ويجب ألا ندع الناس يخشون من صعود الإخوان إلى السلطة.
ويتفق إلهامي مع العناني في أنه من الظلم تشبيه أحمد عز بخيرت الشاطر لأنهما من خلفية رجال الأعمال، فهذه المقارنة ظالمة للإخوان، ويجب أن يأخذ مشروعهم فرصته.
وحول السياسة الأمريكية قال إلهامي إن الإخوان لا يسعون للمواجهة مع أمريكا في المنطقة، وهذا ليس شيئا سلبيا بالضرورة.
وأضاف أنه لا يمكن لجماعة كالإخوان المسلمين أن ترشح دون استطلاع رأي الولايات المتحدة حول هذا الموضوع، وهذا ليس بالضرورة مؤامرة، فهذا يحدث في عالم السياسة في كل وقت، وحيث أن الخليج جزء من السياسة الأمريكية فإنه سيقبل بهذا.
Historian and a former member of the Brotherhood Mohamed Elhamy told DNE Monday that the resignations of the Brotherhood youth has been happening since the Jan. 25 uprising, due to the Brotherhood's conservative stance towards the revolution since the ouster of Hosni Mubarak.
"The effect of the youths' resignations is not very obvious in the eyes of the media and the public, because media usually focuses on the public figures that are usually attached to the group more than the youth," Elhamy said.
Away from the well-connected, older members, the increasing number of resignations by "effective" younger members is taking its toll on the group internally, "more than anyone could imagine," he said. Half of that sector has resigned since the ouster of Mubarak, he added.
Elhamy, on the contrary, believes that the chance should be given to the Brotherhood to present its project, ruling out the usual fears of creating a new National Democratic Party, the now disbanded party of ousted president Hosni Mubarak.
"We have to differentiate between our criticism of the policies of the Brotherhood and the fact that they were fairly elected by the people to run the state's affairs," Elhamy explained. Criticism directed at the way the group has dealt with the revolution should not let people fear the Brothers' rise to power, he added.
"It is unfair to mix between a corrupt regime and Al-Shater even if he comes from a business background," El-Anani said.
Elhamy agreed, adding that the comparison is unfair for the Brotherhood. The group's project should be given the chance, he said.
The Brotherhood doesn't intend to challenge the American "political monopoly" in the region, Elhamy said, describing it as a positive sign for the group.
"The Brotherhood cannot nominate him without surveying the US opinion about it. But we should not take this as a conspiracy, because this happens in politics all the time," Elhamy explained, adding that there will be an acceptance form the Gulf.