أمير البحر غلام زرافة
انتهى عهد العباسيين الأقوياء بموت المتوكل على الله، وابتدأ عصر السيطرة العسكرية التركية على الدولة العباسية التي دخلت به في حالة من الضعف، اللهم إلا فترة الخلفاء: المعتمد (وكانت القوة الفعلية والحكم الحقيقي بيد أخيه أبي طلحة الموفق بالله)، والمعتضد، والمكتفي.. ففي تلك الفترة عاد للدولة بعض من قوتها الذاهبة، وعلى رغم الإنجازات الهائلة التي قدمها أولئك الخلفاء إلا أن ميراث الضعف الذي ورثوه جعل جل جهدهم في إصلاح الضعف وإخماد الفتن وإعادة بسط نفوذ الخلافة، فلم تبلغ الدولة ما كان لها في عهد العباسيين الأقوياء الأوائل.
وإذا اقتصرنا على مشهد العلاقات بين الدولة الإسلامية والدولة البيزنطية، سنجد أن الثلث الأخير من القرن الثالث الهجري كان واحدا من أحرج وأصعب الفترات في العلاقة بين الدولة الإسلامية والامبراطورية البيزنطية، حيث "كانت الظروف مواتية زمن هذا الامبراطور (باسيل الأول) لتحقيق نصر في هذا الميدان (الحروب الإسلامية البيزنطية) لأن علاقات الامبراطور كانت حسنة مع: أرمينيا في الشرق، ومع الروس والبلغار في الشمال، ومع البندقية والامبراطورية الفرنجية في الغرب، وإذا أضفنا إلى هذا الجو من الصداقة والود مع هذه الأقوام، ظروف الخلافة العباسية الداخلية وما كانت تعيشه من أزمات إبان تسلط ضباط القصر الأتراك على الخلفاء وانفصال مصر عن جسد الخلافة زمن الطولونيين، واضطراب الأوضاع في الغرب الإسلامي لوجدنا أن باسيل كان يتمتع بفرصة ذهبية لتحقيق نصر على المشرق والمغرب، ولكن على الرغم من كل هذه الظروف المواتية، وبرغم أن الحرب بين الطرفين العربي والبيزنطي لم تتوقف لم تستطع الإمبراطورية تحقيق نصر في هذه الجبهة"