الحركة الإسلامية وشعرة معاوية!
هذا المقال هو الثاني في مجموعة "تصورات فاسدة لدى الحركة الإسلامية" والتي تهدف إلى تصحيح بعض المفاهيم التي تعتبر من الثوابت والمسلمات في التصور الحالي للحركة الإسلامية المعاصرة، مما أدى إلى أن انبنى عليها فكر وسياسات وخطوات عملية، في حين أن المفاهيم ذاتها لا تثبت عند التحقيق العلمي.
في المقال الأول ناقشنا فكرة "كما تكونوا يولي عليكم" وكيف أنها لا تثبت لا بالنص إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما لا تثبت حين استعراضها تاريخيا، لا سيما في عصر الدولة المركزية حيث يستطيع الحاكم بما أتاحت له الدولة المركزية من سلطات تمكنه من صبغ المجتمع بطابعه وحماية هذا الطابع بما يملكه من أجهزة القهر والقمع وما يملكه من فرض القوانين وإنفاذها في الإعلام والتعليم وما إلى ذلك.
(2)
"لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت"
لعل طول السنين التي مرت بها الحركة الإسلامية وهي تحت القهر والطغيان، تذوق السياط وتشرب الذل، قد صنع بها أثرا عظيما، لا على مستوى التكتيك والمناورة بل على مستوى الفكر والرؤية، لذا لا تخطئ عين المتابع لخطاب الحركة الإسلامية انقلابا على كثير من ثوابتها وتراثها وأقوال مؤسسيها، ثمَّ من كان لديه الشجاعة ليعلنها "مراجعة" وثمَّ من التمس لها تأويلا وتفسيرا جديدا ليناسب ما يسميه "متطلبات المرحلة".. وكان من المتوقع أن يتدحرج الحال إلى أن يكون هم الحركة الإسلامية أن تحافظ على وجودها بينما كان أول أمرها عندما نشأت أن تغير من أحوال بلادها وشعوبها.
وفي ظل "الحفاظ على البقاء" كثرت الاستدلالات في غير موضعها والأقيسة الفاسدة، وعاشت الحركات الإسلامية "فقه المرحلة المكية" وأصَّلت لسلوكها بتلك الأجواء، لكن الأمر لم يخل من استدعاء نصوص المرحلة المدنية إذا لزم الأمر، فلو أنها أرادت الإقدام على أمر ظاهره الخسارة استدلت بغزوة بدر وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة، ولو أنها تراجعت تراجعا مشينا غير مفهوم استدلت بتصرف النبي في صلح الحديبية، ولو أنها أرادت المداراة على مواقفها استدلت بموقف النبي من عبد الله بن أبي بن سلول زعيم المنافقين. وفي كل هذا تُجْتَزأ المواقف من أجوائها لتخدم الخطوة القادمة.
ومن هذه الاستدلالات ما سمعته من فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين د. محمد بديع، بشأن موقف الجماعة فيم لو لم يستجب المجلس العسكري للمطالب الوطنية وتسليم السلطة إلى المدنيين، وقد حاول المحاور