عبدالعزيز السويد's Blog, page 27
June 8, 2017
كرامة الشعب القطري
وسط ما يضطرم بعد قطع العلاقات السياسية مع دولة قطر، أنبه إلى الحذر من المساس بكرامة الشعب القطري بأي شكل كان، سواء بصيغة مباشرة أو بصيغ الغمز واللمز، فلا علاقة للشعب بما فعلت حكومته، وفي بيان وزارة الخارجية السعودية الذي أعلنت فيه قطع العلاقات مع الدولة القطرية قالت «إن السعودية ستظل سنداً للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه واستقراره»، مشيرة إلى أنه امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة العربية السعودية، وأكدت أنها تلتزم بتوفير كل الخدمات والتسهيلات للمعتمرين والحجاج القطريين.
وعقب جلسة مجلس الوزراء السعودي الذي عقد هذا الأسبوع برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، جدد المجلس في بيانه تأكيد «أن المملكة العربية السعودية ستظل سنداً للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه واستقراره بغض النظر عما ترتكبه السلطات في الدوحة من ممارسات عدائية».
كل هذه التأكيدات لم تصدر عن فراغ، فخصوصية العلاقة معروفة والخلاف سياسي بحت ولا يصح أن يتضرر القطري المواطن منه، والسعودية في خلافات أخرى لم تمس الشعوب بضرر على اختلاف أعداد الجاليات بل فتحت أراضيها لهم، من العراقيين إلى اليمنيين إلى السوريين واللبنانيين وغيرهم، لذلك فإن بعض أدوات الإعلام تتجاوز حينما تسيء إلى الشعب القطري تصريحاً أو تلميحاً، وهي في واقع الأمر تحدث قطيعة في الأفئدة والقلوب وترسخها في الوجدان وفي هذا ضرر بالغ بما تسعى إليه المملكة من وحدة الأمة العربية، كما أن هذا ليس من شيمنا ولا يقبله عاقل وليس من الوطنية في شيء.
ثم إن بعض الإجراءات التي اتخذت بسبب عدائية السياسة القطرية تمس المواطن القطري، بعض منها من ضرورات الأمن الوطني لا مفر من اتخاذه، لكن بعضاً آخر يمكن التجاوز عنه، منها ما ذكرته في مقال سابق عن أحوال الأسر المختلطة بين البلدين مع تحديد مهلة الـ14 يوماً، أضيف إلى ذلك منع نقل البضائع، وأركز على المواد الغذائية والطبية، ولو كانت لدى المواطن القطري خيارات أخرى، فأرجو وأتمنى أن يعاد النظر في ذلك وأن توجه المقاطعة والعزل في وجهتها الصحيحة المؤثرة التي لا تمس الشعب القطري الشقيق بضرر، وفي هذا ترجمة دقيقة لما صدر عن مجلس الوزراء والخارجية ولثوابت الدولة السعودية وأخلاق السعوديين.
 
  June 7, 2017
انتهت سياسة المجاملات!
أتمنى تحييد الشعوب عن الخلافات السياسية، وإذا أجبرت ضرورات الأمن الوطني على اتخاذ إجراءات استثنائية مثل منع السفر والمكوث في قطر والتبادل التجاري وإغلاق الحدود بعد قطع العلاقات، فلا بد من إجراءات تتفهم أحوال أسر مختلطة ما بين السعوديين والقطريين، فهؤلاء لا ذنب لهم.
لقد اشتهرنا في الخليج بسياسة المجاملات، وهي من مشكلاتنا داخل البيت الخليجي والعربي، ولفهم الإجراءات التي اتخذتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر ضد الحكومة القطرية يجب العودة إلى عقود من الزمن منذ احتضان الدوحة قناة الجزيرة، بدأت القناة تبث تحت عنوان «قناة الجزيرة في قطر»، ثم تعدلت إلى «الجزيرة من قطر». وإنشاء القناة بسياستها المعروفة والمحترفة كان قراراً قطرياً يؤكد الاستهداف، فالقناة بخطابها شكلت صوت نشاز في البيت الخليجي، حتى لو كانت العناوين عن الرأي والرأي الآخر، لأن الرأي الآخر في واقع الأمر يجري انتقاؤه وتوظيفه لأهداف لا تخفى على المراقب.
مثلت «الجزيرة» سياسة وزير الخارجية الأسبق الشيخ حمد بن جاسم الذي كان في الواجهة ينافح عن ذلك التوجه ويراه أمراً سيادياً، وقد وجد الكثير من المناوئين لدول الخليج وللسعودية تحديداً العش الآمن في قناة الجزيرة إما مباشرة أو بالوكالة، ثم تفرع التوجه لحزمة من الأدوات الإعلامية وجد فيها عدد كبير من المسيسين العرب فرصتهم إما خدمة لحساباتهم الخاصة في اللعب على حبال السياسة أو خدمة لتنظيمات ودول، ولكل فترة محطة وخطاب، وهكذا لعبت الجزيرة دور المنبر لكل خصم سياسي يستهدف السعودية أو دولاً خليجية محددة.
فرض هذا الواقع على المشهد السياسي والإعلامي الخليجي والعربي لم يعنِ القبول به، إذ كانت الوساطات واللقاءات تخفف حدة الطرح أحياناً ليرتفع أحياناً اخرى إلى ان جاءت ثورات الربيع العربي وتعارضت سياسات دول الخليج مع سياسة الدولة القطرية بصورة مكشوفة في اكثر من ساحة. الإجراءات السعودية الخليجية الأخيرة هي ضد السياسة الخارجية لقطر وليست ضد الشعب القطري، وإن تضرر من بعضها، ومن الواضح بحسب بيان وزارة الخارجية السعودية ان هناك اتفاقات وتعهدات لم يتم الوفاء بها فلم يكن هناك بد مما ليس منه بد، وقرارات الدول تستهدف في المقام الأول أمنها الوطني، ولا أرى أن هناك خطراً على الأمن الوطني القطري من جاراتها الشقيقة، فالخطر من احتضانها ومسايرتها لمن لم تستفد منهم وأحدثوا ضرراً بالغاً بعلاقاتها مع الأشقاء.
 
  June 6, 2017
عن إطلاق السجناء
في كل عام ينتظر سجناء الحق الخاص العفو الملكي عنهم في شهر رمضان، وتشرف على إطلاق السجناء إدارات ولجان في إمارات المناطق، وهذه السنة أضيف إلى ذلك مبادرات أهلية فيها من الإنسانية والتكافل الشيء الجميل، وللعلم فإن هناك من يسجن بسبب مبالغ بسيطة في ذمته للغير، منهم مواطنون ومقيمون، وأسباب دخول السجن في الحق الخاص كثيرة، ومع الاهتمام المتزايد أجدها فرصة للكتابة عن تفاصيل في هذا الموضوع المهم.
قبل سنوات كان بعض فاعلي الخير يذهبون إلى السجون، وبحسب ما يتوفر بين أيديهم من أموال معظمها زكاة لميسورين يسألون عن حالات السجناء، من خلال الوثائق، ثم ينتقون منهم من يرون أنه أحق، بحسب كل حالة وظروفها، وكانت هذه العملية تعتمد في حجم نجاحها وسهولتها على تعاون إدارة السجن والضباط المعنيين بإدارته.
ومن استفسارات بعض الذين كانوا ينشغلون في شهر رمضان بهذا العمل النبيل، علمت أنه تم إيقافها، فأصبحت متركزة في اللجان الحكومية، وأعتقد أن إعادة النظر في فتح هذا الباب مهم وضروري، فهو يحقق الهدف الأساسي؛ أي إطلاق مزيد من السجناء الذين تنطبق عليهم الشروط اللازمة، ومن جهة أخرى فإنه يتجاوز عقبات بيروقراطية العمل الحكومي المعروفة، ويضيف إليه جهداً أهلياً يحس فيه من عمل عليه برضا وبهجة نفسية لا نظير لها.
ثم إن بعض فاعلي الخير يتحرون التأكد من أحقية الحالات التي يصرفون أموال زكاتهم عليها، ومن حقهم ذلك، وإضافة إلى إعادة فتح هذا الباب، أقترح توسيع عضوية لجان إطلاق السجناء، بحيث يضم إليها أعضاء من جمعية حقوق الإنسان، وبخاصة أن كثيراً من الشكاوى والمظالم تبعث إليها، وهي، بوصفها جمعية أهلية، لها مرونة في التعامل مع ما يصل إليها، وهذا سيوسع الرؤية ويوفر مزيداً من مساحات الأمل للمساجين وعودتهم إلى أهاليهم في شهر كريم.
والقصص حول حالات عجيبة نجح أهل الخير في إطلاق سراحها، خلال السنوات الماضية، كثيرة، وهي تستحق مقالات، والعجب يتأتى في أن مال الدين بسيط أو أن السجين لا أهل له يلاحقون معاملة أطلاق سراحه!
 
 
  June 5, 2017
تدريب الأئمة والمؤذنين
 أدعو وزارة الشؤون الإسلامية إلى تدريب الأئمة والمؤذنين على استخدام مكبرات الصوت، صحيح أن الوزارة لا تتفاعل مع الاقتراحات والأفكار التي تنشر ولا يذكر لها مبادرات ذات شأن معتبر حتى بعد «رؤية 2030» التي أجبرت الكثير من الأجهزة على صياغة مبادرات مهما كان رأينا في بعضها، إلا أنه مازال لدي أمل بأن «تصحصح» الوزارة وتلحق بالركب، ركب التطوير والتحسين والبحث عن الأفضل ومعالجة الأخطاء والقصور.
والمساجد في أحيائنا لا تبعد كثيراً عن المساجد، ولا بد أنك لاحظت مثلي تداخل أصوات الأئمة ما بين مسجد وآخر عند الإقامة وأداء الصلاة وبخاصة في رمضان وصلاتي العشاء والتراويح يتضح فيها ذلك أكثر من غيرها، مثلها مثل صلاة الجمعة، ومع أن أثر الإرباك هذا منافٍ للخشوع ويحدث خلطاً لدى المصلين إلا أن الوزارة منذ سنوات طوال لم تفكر في دورة تدريبية للأئمة والمؤذنين يتدربون فيها على التعامل مع مكبرات الصوت، فلا يرفعون أصواتهم بقربها لأن وظيفتها تضخيم الأصوات وصممت واخترعت لأجل ذلك، ولا يرفعون قدراتها بما يزيد على الحاجة، والدورات التي اقترحها يجب أن يقوم عليها مهندسون يضعون أسساً هندسية تعتمد على معايير فنية لاستخدام مكبرات الصوت، تضع في الحسبان نطاق تأثير صوت المكبر والدرجة التي يجب أن يكون عليها، ويوضع في الاعتبار ألا يكون مزعجاً مجلجلاً للمنازل المحيطة بالمساجد، وحتى يكون التأثير من المكبرات أفضل وأنجع.
وأعتقد أن إنجاز هذا الاقتراح أمره سهل وفوائده جمة، وما يستغرب أن الوزارة لم تلتفت إليه مثلما لم تلتفت إلى قضايا أخرى تتعلق بالسلامة والنظام، أي الانضباط في الدخول والخروج للمصلين من المساجد، وكذا إيقاف السيارات حولها، صحيح أن الأخيرة من وظائف المرور لكن الوزارة يجب أن تخطط المواقف وتجهزها أو تطلب ذلك من إدارة المرور أو البلديات بحسب المواصفات المطبقة.
 
  June 4, 2017
«الإسكان»… كيف تكسب القلوب
والمقصود وزارة الإسكان، فالانطباع العام عنها غير مرضٍ لعموم متنظري الاستقرار في منزل، ولا شك في أن المنتظر له ظروفه وأحلامه التي كلما طال أوان تحققها أو تباشير ظهورها على أرض الواقع، يصاب بيأس وإحباط، ومع تعدد برامج الوزارة ومحاولاتها بتصريحات مبشرة بسرعة الإنجاز فإن الصورة لم تتغير، طبعاً أتمنى أن تتغير، لكن هذه القضايا ليست بالأماني، بل بظهور طلائع المباني السكنية الكافية لتتحقق الأحلام، من زاوية أخرى حل مشكلة الإسكان مع التأخر في التوصل إلى أسلوب أو خطة وتغييرات أسهم في تفاقمها، ولا شك في أن الوزارة تريد تحسين الانطباع عن نشاطها، وهي غفلت عن شأن مهم نرى يوماً بعد آخر عدداً من ضحاياه يظهرون في مقاطع مصورة يشكون من طامة وقعت على رؤوسهم، إذ يشتري الواحد منهم منزلاً بالتقسيط بواسطة مصرف، ثم يجد المنزل في حال يرثى لها، و«الحسّابة تحسب» والأقساط يتم سحبها، فلا هو الذي وجد منزلاً معقولاً، ولا الذي سلم من الديون!
إن وزارة الإسكان تستطيع كسب الناس بإمكانات بسيطة، مكتب فيه عدد من المهندسين الأكفاء، وسكرتارية تتلقى هذه الشكاوى وتفحص هندسياً أوضاع تلك المباني، ثم تحقق العدالة المنشودة، فالمصرف أو شركة العقار مسؤول عن المنزل الذي باعه أو توسط في بيعه. والتغافل عن هذه المشكلة سيزيد تفاقم مشكلة الإسكان ويضيف اليها مشكلات للمصارف، ويسمح لأصحاب النفوذ بتسويق منتجاتهم التعسة بعلاقات لهم بشركات عقار أو إدارات مصارف، وهذا لا يرضي الله تعالى سبحانه، ولا يرضي خلقه. ما الذي يمنع وزارة الإسكان من التقدم خطوة لتضيف لبنة إلى جودة البناء وتشعر المطورين و«الطامرين» بأن هناك جهة حكومية تحاسب، فلا تصبح السوق ميداناً للتلاعب واستغلال أحلام المواطنين.
سبق لي طرح هذا الاقتراح، وأعيد طرحه في شهر رمضان المبارك، لعل وعسى يلتفت إليه وزير الإسكان، في اعتقادي أن السرعة في اتخاذ خطوة كهذه سيزيد الثقة بعمل الوزارة والشعور بقيامها بدور المنظم والمشرف على الجودة واستعادة الحقوق، وسيؤدي إلى حذر من يعمل على قدم وساق لتصريف منتجات إسكانية رديئة، ومن لايزال في مرحلة العظم يستخير ويعيد حساباته.
 
  June 3, 2017
لماذا الصمت تجاه الحشد الإرهابي؟
منذ أن بدأت أدوات إيران في العراق من ميليشيات إرهابية طائفية الظهور على سطح المشهد العراقي المتأزم، وإعلان كياناتها وأهدافها وخضوعها لقرار الملالي في طهران، طالبتُ في عدد من المقالات الدول العربية ودول مجلس التعاون بخاصة أن تضمها جميعاً إلى قائمة المنظمات الإرهابية، وما بين تلك الأيام واليوم تصاعدت قوة حشود هذه الميليشيات وارتفعت أصوات تهديدات قادتها، حتى تم دمج بعضها بالجيش العراقي والتصريح لبعض آخر بإنشاء أحزاب سياسية في العراق.
وعلى رغم الصور والمقاطع والتقارير الصحافية الغربية عن بشاعة جرائم هذه الميليشيات الإرهابية تجاه مدنيين في العراق، والتي وصلت إلى مقاطع لحرق وقتل وإذلال للسنّة هناك، فإن الصمت عنها دولياً لا يزال مخيماً، وفي العراق التذرّع بأنها تحارب «داعش» الإرهابي لا يقنع أحداً، فهي ومن ورائها إيران تستخدم الحرب ضد «داعش» لتحقيق أهدافها، ولا حاجة لتقصي نياتها فهي معلنة ويتم التشديد عليها في كل مرة يظهر فيها أحد من زعمائها المفطومين في طهران. بل إن وجودهم ضمن الطبقة السياسية العراقية بحد ذاته محرّض على مزيد من إشعال الطائفية في المنطقة. وقد عجزتُ عن فهم الصمت عن جرائمهم! حتى الإعلام الغربي لا يتناولها إلا نادراً كتقرير مجلة “دير شبيغل” الألمانية الأخير الذي فضح جرائم الميليشيات الإرهابية وقوات من الجيش العراقي. وعلى رغم أهمية المجلة لم يجد هذا التقرير الميداني الاهتمام المستحق من وسائل الإعلام، ولم يجد اهتماماً من أجهزة سياسية عربية ولا من المنظمات الإقليمية الإسلامية والدولية.
يشابه هذا الصمت المطبق صمتاً قبله بسنوات ضد تمدد إيران في المنطقة ودعاياتها وتحريضها المعلنة، إلا أنه صمت أكثر خطورة… إن كون جرائم هذه الميليشيات الإرهابية لم تتعدَّ العراق وسورية لا يعني أنها بعيدة، كما لا يعني عدم وجود اتصالات بينها وبين مجموعات تطمح إلى إنشاء جماعات طائفية على غرارها في دول عربية مستقرة. وخطورة التأخر في تصنيفها مع قادتها أنها ستصبح جزءاً من الجسم السياسي في العراق، لتجلس إلى طاولات الديبلوماسية وتفصل الاتفاقات والمعوقات لإجهاض أي محاولات لإعادة العراق إلى عروبته، فهي ليست إلا أذرعاً إيرانية بأسماء عربية.
ولا يزال الوقت مناسباً لتصنيفها في قائمة المنظمات الإرهابية في دول الخليج سعياً لأن تصنف دولياً في قائمة الإرهاب الدولي. فالعراق الإيراني بميليشياته هو رأس الحربة الإيرانية ضد العرب والسنّة تحديداً.
 
  June 1, 2017
الوعود الأميركية الجديدة
 القمم التاريخية في العاصمة السعودية الرياض ركزت على محاربة الإرهاب مع وضع نظام الملالي الإيراني أمام مسؤولياته المتراكمة في دعمه للإرهاب وتجييشه الطائفية واستخدامها للتدخل في شؤون البلاد العربية والإسلامية، ونحن في انتظار رؤية أفعال على الأرض خصوصاً من جانب الولايات المتحدة الأميركية، التي تدعم بشكل غير مباشر الطموحات الإيرانية في العراق وإن صعّدت تصريحاتٍ إعلامية ضدها، وفيما فشلت الإدارة الأميركية في تجهيز جيش عراقي وطني طوال سنوات عهدي بوش الابن وأوباما، تغاضت عن حشر الميليشيات الطائفية العراقية – الإيرانية تحت عباءة الجيش العراقي «الجديد»!، ذهبت كل جهود إدارات واشنطن المتعاقبة هباءً منثوراً هكذا تقول الصورة، أما المضمون فواضح المعالم في صناعة المشكلة، سرّحت الجيش العراقي ثم قالت إنها ستبنيه من جديد، والنتيجة أنها قدمت بلداً منهكاً مجوفاً من دون قوات تحميه لإيران.
كيف يمكن أن نصدق نوايا الإدارة الأميركية والمخطط الإيراني في العراق يسير بشكل حثيث، آخر الأخبار إصدار تصاريح أحزاب سياسية لميليشيات طائفية مرتهنة القرار لطهران، ولم يعد أحد يتذكر الوعود الأميركية بديموقراطية في العراق لم يرها العراقي حتى في أحلامه، النتيجة لهذه الوعود دمار شامل واجتثاث طائفي وقتل على المذهب يستهدف السنة العرب.
هناك حال من الالتباس المقصود في عمل السياسة الأميركية في المنطقة، فهي وإن انكفأت في سورية إلى حدٍّ ما، سمحت وشجعت على تجذر الهيمنة الإيرانية في العراق، ودعمها للعبادي لم يغيّر شيئاً يذكر سوى خفض الصوت الطائفي الذي كان نوري المالكي يرفع لواءه، أما على الأرض فلم يتغير شيء يذكر، إيران هناك وتتجذر أكثر فأكثر، وكل يوم يمر يزداد عدد الضحايا بالآلاف من المواطنين العراقيين السنة، وحتى الشيعة العراقيون الذين يرفضون استيلاء طهران على مقدرات بلادهم، مع أن صوتهم أضعف إلا أنهم في دائرة الاستهداف. الاختبار الحقيقي للحرب على الإرهاب يجب أن يتركز على الدولة الداعمة، وما حدث ويحدث في العراق وانتشار تداعياته للمنطقة العربية مسؤولية الدول التي اعترفت بخطأ الغزو والتدمير، وهل بعد الاعتراف الأميركي – البريطاني من دليل واستحقاق فعل ناجز، وإذا لم يتم فعل على الأرض العراقية يضع حداً للمطامع الإيرانية فإن كلام الإدارة الأميركية ووعودها لا تختلف عن اعتذارات توني بلير فلا قيمة لها، هي ليست سوى مخدرات جديدة.
 
  May 30, 2017
«زين» والطفل عمران!
ضخامة إعلانات شركة زين للاتصالات في شهور رمضان لا تتوافق مع ضعفها من أوضاعها المالية المعلنة إلى الخدمية المعروفة، خصوصاً فرعها في السعودية، فالأصل أنها شركة اتصالات، وفي السعودية حصلت على رخصة، وتعثرت لتسد أفق المنافسة عن الآخرين، فلا هي التي قامت على أرجلها لتنافس السعودية للاتصالات وموبايلي «سابقاً»، ولا هي تواضعت وابتعدت عن المشهد الإعلامي، احتلت مساحة من قطاع الاتصالات، وحجبت أفق المنافسة، لكنها في كل رمضان تخبرنا أنها شركة إعلان أكثر منها شركة اتصالات!
الإعلان المتعوب عليه والذي يحشد له سنوياً، يرتب من الشركة الأم في الكويت، وموضوع الإرهاب الذي اختير لإعلان هذا العام موضوع شائك يحتاج إلى تدبر وتفكر قبل الغوص فيه، وتعنينا هنا النتائج والأثر من إعلان ضخم وراءه ماكينة بث هائلة، لأن استخدام «مكافحة» الإرهاب يتم على قدم وساق، ولكل شيخ طريقته وأهدافه.
لا يمكن فهم أو القبول باستخدام كلمة «لنفجر» لفضح الإرهاب أو التحذير منه، التفجير كلمة لا تقبل القسمة على اثنين حتى ولو نطقت بشفاه مبتسمة أو متألمة، واللغة أداة والكلمة طاقة، فماذا سيصل للنشء من استخدام هذه الكلمة المفخخة والإصرار عليها والترويج لها بصوت مغنٍ مشهور وبث في مختلف القنوات أوقات الذروة؟ لا يحتاج الأمر إلى تحليل أو استقصاء لمعرفة الأثر السلبي.
في جانب فرعي، أخذ بعض المشاهدين على هذا العمل الإعلاني أنه زيف جريمة قتل الطفل السوري عمران، إذ إنه قتل بغارات وقصف طائرات لنظام إرهابي تدعمه إيران وروسيا، ولم يقتل بفعل فرد إرهابي يتبع تنظيماً إرهابياً، والتوجس هنا مشروع لأن القصة حاضرة ومعروفة وتغيير القتلة فيها ببساطة هكذا، لا يمكن صدوره من فراغ، والخلط الأول باستخدام التفجير ضد التفجير قاد للخلط الثاني، والحرص على الإبهار أدى إلى نتيجة الفشل المزدوج هذه، فعلى رغم أن الاسم للشركة «زين»، إلا أن العمل أقل ما يقال عنه إنه «شين».
 
 
  May 29, 2017
الجارة المزعجة
لا شك في أن إيران جارة، ولها حدود برية وبحرية مع دول عربية مختلفة، فلا يمكن تغيير الجغرافيا، كما لا شك في أن هناك علاقات قديمة تاريخية عربية مع الشعوب الإيرانية، وقد وطد دخول الإسلام بلاد فارس هذه العلاقات أكثر، إذ لم يميز بين عربي وأعجمي. لكن هذه الحقائق الثابتة لا يمكن أن تعمينا عن أهداف وأفعال وخطط من يمسك السلطة في طهران منذ أكثر من ثلاثة عقود، أهدافه تجاه العرب دولاً وشعوباً ودول الخليج العربي تحديداً. على رغم كل المهادنة والمداراة لنظام الملالي في طهران من دول الخليج، على فترات مختلفة، استمر في خططه، بل إنه انتهز حسن النيات ذاك لبناء قواعد نائمة، من خلال جماعات وأحزاب طائفية، وهو لم يوفر فرصة إلا ويعلن نياته تجاه استقرار دول الخليج، ولنأخذ البحرين مثالاً صارخاً على النيات والأفعال، وقائمة جرائمه في السعودية ودول أخرى لا تحتاج إلى سرد.
طهران الملالي لن توفر دولة عربية أو إسلامية إذا ما استطاعت التغلغل فيها، وها هي تنشط في الجزائر، ودعمت الإرهاب في نيجيريا، وأفعالها في ماليزيا موثقة.
ونظام الملالي على صلافته وتحجره يستثمر الخلافات العربية- العربية، والخليجية- الخليجية، لذا فإن الإشارات الخليجية، حتى لو كانت بعباءة الدبلوماسية، لن تغير من قناعات طهران وأهدافها، بل ستكون فرصة لها لإحداث ثغرات في الصف، ومساحة حيوية للتحرك وتجميل الصورة المخيفة.
إذا أردنا معرفة نيات نظام طهران وأهدافه، لدينا نماذج حاضرة حية تبث حصيلتها على الهواء مباشرة في العراق، الذي تمكنت منه تماماً بلون، وفي سورية التي لم تتمكن منها كاملة حتى الآن بلون آخر. وهي بلون ثالث في لبنان، ورابع مشابه في اليمن. وكل هذه الألوان تجتمع في لون أساسي هو الهيمنة التامة والطائفية المعلنة، وأساسها القتل أو التهجير. لقد أدت سياسات المجاملات والتغاضي إلى ما نحن عليه من استئساد نظام طهران، وهو ما مكن القوى الغربية التي فتحت له المجال، ولم يكذب خبراً من الحضور أقوى من أي وقت سابق، وأجبر على التعاطي معها.
إن إيران النظام لا تعبر عن الشعوب الإيرانية، ولا عن العلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعوب الإيرانية والعرب والمسلمين، فمداهنتها والتغاضي عن عدائها المعلن بالأسلحة والقتل مقامرة خاسرة. وإذا وجدت إيران صفاً خليجياً متماسكاً فستنكشف أكثر، لأن كل إشارة إيجابية لإيران لم تدفعها في الماضي إلى التعاطي بإيجابية مع دول الخليج العربي.
هل يستطيع عربي، أو غيره، ملم بما يحدث، التغاضي عن جرائم إيران في العراق أو في سورية؟! وإذا قدر لها الإمكان فستفعل أكثر منها في بلاد عربية أخرى، وهي تعمل بجهد على تحقيق ذلك.
 
  May 28, 2017
الأكل على قدر المخدة
علاقة الأكل بشهر رمضان المبارك علاقة غريبة، فصيام الشهر الكريم من ضمن ما يعلّم – في المفترض – الصبر على الجوع والعطش، لكنه في الواقع علّم ودرّس التفنن في الأكل طبخاَ ونفخاَ وعرضاَ واستعراضاَ، وهذه الإشكالية غير المفهومة ليس سببها رمضان، بل هو خليط من جوع موقت أدى الى تفاقم الشعور بالحرمان، وانتظار الفرحة بالإفطار بتكديس يملأ جوع العين العطشى، ذاك على المستوى الفردي، أما على مستوى المجتمع فيضاف إليه استغلال تجاري بالإعلانات والتخفيضات التي تستثمر نقاط الضعف هذه، ثم برامج الطبخ التي انضمت إلى القافلة الغذائية في رمضان.
إلا أن مقدار الأكل المأكول، مقارنة بالمعروض، في تقديري قليل، والكلام عن الأكل أكثر من تناوله، والفاقد مؤكد أنه كبير، فالسائد في الذهنية الشعبية هو امتثال للمثل الشعبي «واعد عشرة جمالين» والعشرة في رمضان من الأطباق أو أنواع الغذاء، والرجل في عصر يوم من شهر رمضان يشبه المرأة طوال العام، نفسه أمارة بالشراء، مع تركيز على الغذاء.
ويختلف الناس في طريقة تناول الإفطار في رمضان، بعضهم يجعله على دفعات، للحاق بصلاة المغرب ثم التفرغ لما بقي، والبعض الآخر تخصص جملة، فرفع الأذان طلقة انطلاق السباق، ولازلت مصراً على أن المأكول، مقارنة بالمقدم على المائدة، قليل؛ فالـ«عين تشبع قبل البطن أحياناً»، وكانوا يقولون إن الأكل على قدر المحبة، وهو كلام لو انطبق في عصرنا الحاضر لكانت المحبة للطباخة الآسيوية أو لطباخ في مطعم – الله وحده أعلم بما يحشو مأكولاته – فإذا دعوت أحداً فلا تكثر الإلحاح عليه بتناول الأكل وتجريب هذا وذاك، فالشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، بل اتركه على راحته، وهو سيأخذ حاجته، وليس لحجم ما أكل علاقة بمؤشر المحبة، ففي كل الأحوال المؤشر – يقيناً – ليس في المعدة.
 
  عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers
 


