عبـــــــدالله خلــــــــيفة's Blog: https://isaalbuflasablog.wordpress.com , page 68

January 24, 2022

عبـــــــدالله خلــــــــيفة : إنتاجُ وعيٍ نفعي مُسيَّس

#اليسار_في_البحربن  #المنبر_التقدمي ⇦ (اللاتقدمي)!

كان يُفترض أن تكونَ ثقافةُ اليسارِ والقوى التحديثية ثقافةً موضوعية تدمج العقلانية بموضوعاتها وتحليلاتها، لكن هذا لا يحدث بشكل عام ومستقيم، لأن البرجوازية الصغيرة المدنية وهي تشكلُ تنظيمات شموليةً متحزبة لذاتها بشكل متعصب، سوف تؤلهُ تاريخَها ومبادئها وقياداتها وتدخلها في نطاق المقدس، ومن هنا يتوارى النقدُ والتحليل الموضوعي.

حين تتحلل البرجوازيةُ الصغيرةُ السياسية في المدن وتضعفُ مقاومتها بسبب هذا التعصب والانغلاق، سوف تورثُ خصائصَ سلبيةً للقوى البرجوازية الصغيرة الطالعة في الريف والبادية.

من الصعب وجود وعي نقدي موضوعي عند وعي يحيل التنظيمات والأفكار والشخوص والدول إلى كائناتٍ مقدسة، إن الوعي (الشيوعي) يرى الاتحادَ السوفيتي ورموزه كائنات مقدسة، في احتفالاتها وسياساتها وتاريخها وسوف يرى القومي وسوف يرى البعثي ذاتَ الخصائص في الدول والزعماء الذين يحرقُ البخور السياسي لهم.

سوف يخرجُهم من دائرةِ الواقعي، ومن إمكانيةِ وجود أخطاء عميقة ضاربة في هذا البناء كما جرى فعلاً. ولهذا سوف تكون سياستهُ اليومية قائمةً على انتصار هذا النموذج غير القابل للهزيمة، وسوف تشتغل التكتيكاتُ تبعاً لهذه القدرية الدينية، وسوف تدخلُ أنصافُ الحقائق والتاريخُ المؤدلج الرسمي وتجزئةُ التحليل واقتصارُهُ على ما ينفعُ الذات ولا يضرها، وتُخفى جوانب عن القواعد وتظهر جوانب، وتصبحُ النفعيةُ الانتهازيةُ متغلغلةً ويصبحُ الرفاقُ شلة مستفيدة بدلاً من تنظيم ثوري.

ويأتي المذهبي المرتكزُ على الدين الإسلامي بعد أن صدأت آلاتُ الأحزابِ (الثورية) القديمة، من دون أن يَعرفَ لماذا صدأتْ إلا لكونِها مخالفة للتعاليم الربانية بحسب فهمه، وليس لأنها تستندُ إلى قوى إجتماعية متذبذبة نفعية خاصةً من قبل القادة الذين كرسوها لهم، ولم تقم على التنظيمات الجماعية وديمقراطيتها ومؤتمراتها وكتبها النقدية الفاحصة، فهو سيقومُ بذات الفعل، ويطبقُ نفسَ المبادئ الداخلية الاجتماعية المريضة وليس أشكالها الخارجية السطحية.

وهذا التاريخ الذي يعتبرهُ انتصاراً غيبياً هو كارثة عليه، لأنه سوف ينسخُ أسوأَ ما فيه، بدلاً من أن يكون هو كتنظيمٍ ثمرةٍ لتاريخٍ سياسي غني ديمقراطي.

إنه سينهضُ فوق عضلات الكادحين ويطوعها من أجل صعوده، وستكون معركته من أجل انتصارِ (دولة الحق)، ويتحالفُ مع المخالفين للشريعة فقط لأنه يوظفهم لأجل مصلحته، هنا تغدو الانتهازية فاقعة، وخاصة في الدول التي ليس لها تراث حزبي سياسي عريق، ويكون الهدف علو شأن جماعته من أجل الكراسي والحصص المالية والمنافع.

التراث السلبي للجماعات (العلمانية) من انتهازية وشمولية وتحايل على التحليلات السياسية الموضوعية وجعلها لخدمة الذات ومصالحها، تغدو في الطبقات السفلى للخطاب السياسي الطائفي (النبيل)، غائرةً وجزءًا من مرض الطبقة المتذبذبة الانتهازية، وفي المطبخ تُعدُ الأكلات المسمومة للشعب، وتُتبل بالجمل العظيمة والكلمات الفخمة التي تذهب لرموز المقدس وتضعها في أعلى الدوائر، تسحرُ الجمهورَ وتُدخلُ السمومَ في عظامهِ السياسية لكي يقوم بالأفعال المغايرة لأخلاقية الدين، ليتصور أنها جزء من الدين فيحصل على أجري الدنيا والآخرة!

الموضوعية والحقيقة تتطلبان الدفاع عن مصالح الشعب من خلال الأدوات المتاحة السلمية العقلانية ويتم تصاعدها عبر التاريخ وإمكانيات الشعب الموحد لا الطائفة، فيجري نقد الواقع والتحالف مع القوى الأخرى المشاركة في ذات الأهداف بحسب طابع وظروف البلد المعني، وقراءة درجة تطوره، ويُصنع الممكن المعقول المفيد للأغلبية من السكان، ولا يجري اللجوء إلى وسائل العنف والكذب والتهويل والخداع.

حين تريد أن يكتبوا نقداً ضد دولة متفاقمة الخطر العسكري على المنطقة يسكتون، فقط لأنهم يشاركون الطرفَ الديني نفس التوقير لهذه الدولة، من دون أن يروا الأخطار المحدقة الهائلة من طرقها في السياسة على الحياة والتطور في المنطقة.

هنا مثال ملموس على كيفية التحايل وعدم النقد الموضوعي والوصول بهذا النقد إلى آفاق من التطور الديمقراطي الحقيقي، لأنك بالسكوت عن دولة خطرة على البشر تؤدلج رأيك ولا تطوره، ويعكس ذلك طرق الحربائية السياسية وقتلها للتحليل الموضوعي.

عدم نقد القوى العليا في المراحل السابقة والأنظمة الشمولية السابقة أهل لموت التحديثية التابعة لها، فتدهورت الرؤى العقلانية الموضوعية النقدية، فتماشت مع صعود قوى شمولية جديدة، لكنها للأسف أكثر تخلفاً بكثير من تلك القوى السابقة. 

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61ef3243eb6f7', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 24, 2022 15:11

January 13, 2022

عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الوعي والمادة

جسد فهم المجتمعات للمادة، وهي الأشياء والعالم الخارجي الموضوعي، خارج العقل البشري، مدى قدرة البشر على السيطرة على الطبيعة والمجتمع، ومدى قدرتهم على التصنيع وخلق تراكم للعلوم الطبيعية والاجتماعية.

وقد بدأ العرب يقاربون الحضارة الحديثة منذ أن تفتحت عيون المثقفين في النهضة الحديثة، ومن ثم راحوا يراكمون وعياً جديداً مختلفاً عن (المادة) منذ الأنظمة الملكية الليبرالية فالأنظمة العسكرية الوطنية والثقافة التنويرية العلمانية وراح يتصاعد بتقطع وضعف دون أن قطع بجذورهم الإسلامية والقديمة والإنسانية.

وهذا التصاعد والتقطع والاستمرارية تعبر كلها عن حصيلة الصناعة والعلوم والحرية وعن جذور ضعيفة في حفر الأرض المادية.

لقد كان الحصول على معنى المادة ومعنى العلم وكشف سببيات الوجود لتلك القبائل التي خرجت من الجزيرة العربية أمراً صعباً محفوفاً بالمخاطر ولجماعاتٍ أميةٍ محدودة الأرث العلمي، والتي إنتجت منها فئات وسطى حرفية وثقافية في ظل الإمبراطورية وراحت تتساءلُ عن معنى الوجود وكيفية فهمه وكيف السيطرة عليه؟

إن الشعوبَ لا تفهم الطبيعةَ والمجتمعَ بشكلٍ مجرد سحري غيبي تلقائي عجائبي بشكلٍ أساسي، وإن كانت هذه هي المراحلُ الدنيا لتشكلِ العقول، لكنها تتجاوزها، لأنها ذات مستويات دنيا، ولاعتمادها على الحدس وهو أدنى أشكالِ الفكر وعلى التجارب البسيطة غير المعللة وغير المجربة تجريباً حديثاً.

لكن هذه الأشكال الدنيا ملاصقة كثيراً للعرب والمسلمين لأنهم في المستويات الدنيا من الإنتاجين الصناعي والعلمي، ومن هنا فالأشكال الأخرى من السحر والدين غير العقلاني تبقى مترافقةً مع هذا التطور ذي المستوى المنخفض.

ومن هنا كانت الجهود الجبارة للعلماء العرب والمسلمين في إنتزاع أسرار الطبيعة والمجتمع، وهم في بدايات الحضارة، وهو أمر مهدهُ علماءُ اللغةِ والكلامِ ثم الفلاسفة، الذين وضعوا جميعاً القواعدَ الأولى لبناءِ العقلية العربية الموضوعية النقدية، التي تراكمُ لبناتِ المعرفةِ الموثَّقة، والتي تكشفُ خلايا المادةِ وعملياتِ التغلغلِ فيها بشتى أشكالِ تمظهراتها، سواءً كانت جسم إنسان أو حيوان أو أشياء مادية بمختلف حالاتها، أو كانت كوكباً أم نجماً.

ولا تنفصلُ العلومُ الإنسانيةُ هنا عن العلوم الطبيعية، بل كانت هي مقدمتها، فتطورُ علومِ النحو والصرف والبيان ودراسة جذور اللغة وحياة العرب الاجتماعية، قادَ إلى وضعِ لغةٍ كبيرة ذات إمكانيات تعبيرية وإشتقاقية حيوية تحت تصرف علماء الطبيعة والرياضيات والطب والفلك والكيمياء وغيرهم.

فتغيرت الرياضيات بداية من تغيير الأرقام إلى جعل الصفر فيها وجعلها بالتالي سهلة ولا نهائية الحساب، لأن المادة لانهائية، وعبر الجبر تم إظهار الكم المجهول من الكم المعلوم، فغدت الرياضيات أداةً أخرى، وتطورت الهندسة الأقليدية، خاصة عبر التلاقح مع الثقافة اليونانية، ثم بدأت الكيمياء والفيزياء بالتطور مع تطور الحرف والصناعات.

لكن هل تنفصل العلوم هنا عن الشعوذة خاصة مع هذه النشأة الأولى الضعيفة؟

(أخذ جابرٌ «بن حيان» مادة الكيمياء – كما هو معلومٌ – من مدرسةِ الإسكندرية التي كانت تقولُ بإمكانيةِ انقلابِ العناصر وتحولها بعضها إلى بعض، وأخذ مع هذه الكيمياء فيضاً من الفلسفة الهيلينية والآدابَ السحريةَ والتصوف والروحية الإيرانية)، (الجامع في تاريخ العلوم عند العرب، الدكتور محمد عبدالرحمن مرحبا، منشورات عويدات ط2، 1988، ص 315).

إن إمكانياتِ الوصولِ إلى الأبعادِ المتعددة للمادةِ مسألةٌ مرهونةٌ بقوى الإنتاجِ السائدة في المجتمع وتجلياتها في البحثِ العلمي خاصةً مدى تقدم الحرف ومن ثم وجود معامل الإختبار، وظهور وتعمق تخصصات العلماء، وتنوع أدوات السبر والصهر والتحليل المختلفة.

ولهذا فإن حدوثَ جدلٍ عميقٍ بين الصناعة والعلوم لم يحدث:

(مزجَ العلماء العرب والمسلمون الذهبَ بالفضة، وإستخدموا القصديرَ لمنع التأكسد والصدأ في الأواني النحاسية، وإستخدموا خبرتَهم الكيمائية في صناعةِ العطور ومواد التجميل وصناعة الأقمشة والشموع..) الخ، الموسوعة العربية العالمية، ص 460.

لنلاحظ هنا كيف أن منهجيات البحث العقلي كانت محدودة وكذلك فإن توجه الطبقات الحاكمة للاستئثارِ بجانبٍ كبيرٍ من الفيضِ الإقتصادي، وجهَ الصناعات نحو الصناعات الاستهلاكية التابعة للقصور وكبارالتجار، مثلما أن الحركة الفلسفية لم تقمْ بتحليلات عميقة للمواد الطبيعية والاجتماعية.

إن المادة هنا باعتبارها مواداً وكواكب ونجوماً، أي مادةً كونيةً، لم تتغلغلْ الأبحاثُ فيها، فجثمت أشكالُ الوعي العربي العلمية على سطوح المواد والعمليات، وهي الموادُ المقاربةُ للاستهلاكِ أو للصحةِ الجسدية البسيطة، أو للتنجيم، وهو الثقبُ الأسودُ الذي إنهالتْ فيهِ موادُ الخرافةِ الواسعة وبلعتْ العقولَ والحضارة العربية.

وحتى شبكة العلوم الطبيعية كانت خاضعةً لأهدافِ الطبقاتِ العليا، فالطبُ والتنجيمُ والصيدلةُ يتمُ الصرفُ عليها، في حين لا تحظى علومٌ أخرى بمثل ذلك.

إن أشكال الوعي من دين وفلسفة وعلوم لم تستطع أن تصل إلى المادة إلا بمستويات محدودة وعجزتْ عن كشفِ تنوعاتِها والوصولِ إلى مكوناتِها الأصغر، وفي مختلفِ تجليات المادة الحية والجامدة على السواء، كما لم تصلْ – تلك الأشكال- إلى فهم عمليات المادة الأكثر تطوراً وهي الحياة الاجتماعية البشرية ونتاجها الأعمق وهو الظاهرات الفكرية.

ومن هنا فقدتْ مفاتيحَ إستمرار النهضة والتقدم وتوقفت وتخلفت.

إن أحجامَ إكتشاف المادة في الحضارتين الكبريين الإغريقية والعربية والحضارات الأخرى كذلك مثل الصينية والهندية، لم تصل إلا لكشف سطوح المادة، لكن في الحضارة الغربية التي تصاعدت منذ القرن الخامس عشر بدأت ظروف جديدة تتشكل، فقد أزيلت الدولة الكلية الإستبدادية وأُبعدت أحجارُ سيطرتِها وهي الأديان الكاتمة على حريات العقول وإنفتح المجال للتجريب العلمي الحر.

لكن ذلك إستغرق زمناً طويلاً وبتفاعل البُنى الاقتصادية والفكرية لكل المجموع النهضوي الغربي، بحيث تمَ تجاوزُ الحرفةَ، بظهورِ الصناعتين اليدوية فالآلية، والأخيرة هي الذروة ولأول مرة في التاريخ، وبهذا فإن المادة بمختلف تجلياتها الكونية والأرضية وُضعت تحت أصابع وعيون البشر لتفحصها، بشكلٍ تاريخي متدرجٍ يعكسُ تطورَ الصاعاتِ والملاحةِ وسيطرتهم على الأشياء والمنتجات والخريطة الأرضية.

إن الأجسامَ الفضائية كالكواكب والنجوم أُعيد النظر إليها، ورئُيتْ حركةُ الأجسام الكوكبية بشكلٍ صحيح، فبدأت المناظير تتجه إلى المواد الأصغر فالأصغر، دون أن يتوقف تحليل المواد الكبرى.

 وهذه المراحلُ الأولى من الإكتشافاتِ الجغرافية والصناعة أعطتْ إقتراباً من الأجسامِ الفلكية الكبرى وساهمَ ذلك في إستعادةِ وحدةِ الكرة الأرضية، وبتواضعِ الأرض في المجموعة الشمسية لكنها صارت أقوى، ودخلتْ في تشكيلةٍ تاريخية جديدة هي الرأسمالية جعلتْ المادةَ البضائعية هي محور الاقتصاد والمعامل.

أعطت هذه المرحلة تغلغلات كبيرة في المواد الصناعية، فتمكن تشارلس داروين من فهم سببيات تطور الأحياء، وكشف كارل ماركس مادة البضاعة وتناقضاتها الاجتماعية، وهو مستوى لا يعود للبيولوجيا بل للعلوم الإنسانية، وتغلغل فرويد في فهم مادة العقل وطبقاته في الوعي واللاوعي إضافة لعلماء آخرين كشفوا جوانب أخرى من هذه المادة المُـفَّكرة، وهذه كانت ذروة العلوم في القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين.

في القرن العشرين تعرت المادة تعرية واسعة جداً، إتسع الكون إتساعاً عظيماً، ورُئي كمجراتٍ تشكلتْ في الانفجار العظيم، وهو الكون المرئي التاريخي لنا، أي كوننا، لأنه من الممكن أن تكون هناك أكوان أخرى، وكذلك فإن مادة هذا الكون دُرست وحُللت.

(المادة في الفيزياء الكلاسيكية هي كل ما له كتلة وحجم ويشغل حيزاً من الفراغ)، الموسوعة. لكن هذا هو الشكل الكلاسيكي للمادة فقد تداخلت المادة والطاقة، صارتا نوعاً واحد بوجهين.

وكما أن المادة لانهائية في الكبر فهي لا نهائية في الصغر، والحديث عن  وجود حدود لها هو مجرد ظن:

(تتكون المادة من جسيماتٍ بالغة الصغر تسمى الجزيئات، وهي عبارة عن تجمعات لجسيمات أصغر هي الذرات. وتلك بدورها تتكون من جسيمات أصغر. ويُعتقد حالياً أن المادة تتكون من أجسام صغيرة جداً لا تتجزأ، حيث أنها لا تتكون من جسيمات أصغر بل هي أصغر شيء. وتـُسمى هذه الجسيمات بـ”الجسيمات الأولية”، ومع هذا فليس من المُثبت بعد أنها فعلاً أصغر الأجسام المكوّنة للمادة.)، الموسوعة.

كشفتْ المادةُ عن كونِها حركةً صراعية، فأجزاء الذرة الداخلية متضادة، دائبة الحركة، والمادة الطبيعية الكونية في صراع دائم بين مكوناتها وفي العلاقات بينها، وهي في حالة سيولة دائمة من الحركة.

 المادة هي جزء من كوننا، ولا يُمكن إطلاق هذا المطلح على ما وراءه. ويُعتقد حالياً أن المادة تـُشكل 27% من كلتة الكون، 4% فقط هي المادة الطبيعية، والتي تنقسم إلى نوعين رئيسيّين: مادة مضيئة وغير مضيئة، وتــُشكل الأولى 0.4% من كتلة الكون، في حين أن الثانية تـُشكل 3.6% من كتله. أما الـ 23% الأخرى فهي المادة المظلمة، والـ73% الباقية هي الطاقة المعتمة.

ليست قدرات العلوم الغربية وإمكانيات الثورة التقنية التي عصفت بالقرن العشرين هي مجرد أهرامات من الأفكار المجردة بل هي تحولات كبيرة في العلاقات الدولية قادت إلى إنقلاب أوضاع الدول وتأكيد الغرب لقيادته للمسيرة العالمية تبعاً لمصالحه ومن خلال موقعه المتميز، وبالعصف بنظم ما قبل الرأسمالية والرأسماليات الحكومية الشرقية.

لقد برز صراع العلوم والثورة المعلوماتية والتقنيات الغربية في مواجهة وأمية العالم الثالث وتخلفه الثقافي ومحدوديته العلمية وتبلور في كونهِ صراعَ أساليب إنتاج وثروات تنتقل من جهة الشرق لجهة الغرب، فقد بلغ نسبة إنتاج العالم النامي 7% من الإنتاج الصناعي العالم، وبلغ حجم ديونه 2 تريليون دولار، رغم ضم هذا العالم النامي 70% من سكان العالم.

إن مجموع الأرباح التي حولتها الاستثمارات الغربية لبلادها قد بلغ 139,7 بليون دولار  خلال عقد 1970 – 1980.

فليست الثورة العلمية والتقنية هي مجرد أفكار مجردة، وليست هيمنة العلوم على المواد، هي أشكال ثقافية، بل سيطرة على المواد الخام، والاستثمارات والثروة المعرفية الجديدة.

إن عجز العالم النامي، ومنه العالم العربي، هو في أبنيته الاجتماعية – الثقافية المتخلفة، فعقلنة العالم وقراءاته السببية والقانونية، تترافق مع تغيير العلاقات بين الثقافة والتربية والتعليم وبين الإنتاج، مع تغيير الهياكل الاجتماعية الذكورية، مع تغيير الهياكل الحكومية البيروقراطية، مع الإنتقال للديمقراطية.

إن الثورة العلمية والتقنية الغربية تتغلغل كذلك في تغيير المواد التي ينتجها العالم النامي كذلك، فهي تطيح باقتصاده التقليدي كذلك:

(ومن الأمثلة على الصناعات التي قامت على الهندسة الوراثية (التكنولوجية الحيوية) والتي تم بها ايجاد منتجات تحل محل الإنتاج الزراعي في العالم المتخلف التوصل الى انتاج النيلة (منتج صناعي يُستخدم في الصباغة) التي تنتجها الهند، وإنتاج خيوط مخلقة لتحل محل السيزاك والمطاط، وإنتاج حبوب الفانيليا بدلا من الطبيعية التي تنتجها مدغشقر وإنتاج حوالى ثلاثين بديلاً للصمغ العربي الذي ينتجه السودان)،تاج السر.

إذا قرأنا هذه التحولات العاصفة الغربية وإنعكاساتها على المستوى الفكري، وربطنا بين إنهيار العقلانية العربية بعد ابن رشد، وعجز القوى الفكرية المختلفة عن العودة حتى إلى هذه العقلانية الفلسفية الدينية المثالية، فسوف نرى إنهيار المجتمعات العربية وعجزها عن الارتفاع لتحديات العلوم الغربية وثورتها المشار إليها، فغياب العقلانية الفلسفية يشير إلى عجوزات مختلفة؛ عدم القدرة على نشر التصنيع وخلق قوى عاملة متقدمة ماهرة تقنياً، وضعف وعي النساء وحضورهن التقني والعلمي، وهيمنة الثقافة السحرية على الوعي العام الخ.

أي أن الحضور العربي الراهن هو بسبب إنتاج المواد الخام الثمينة وأهمها البترول، الذي يجعل العديد من الدول العربية لا تعلن أفلاسها وإنهيارها الاقتصادي، ولما سببه البترول من حراك إقتصادي شمل دولاً عربية عديدة كذلك.

وقيام الاقتصاديات والأبنية الاجتماعية العربية على إقتصاد نفطي يؤكد غياب العرب عن ثقافة العالم المعاصر العلمية، وتشكل هذا العالم على الوعي غير العلمي.

فليس الوعي بالمادة كرؤية فلسفية مسألة تجريدية، بل تتعلق بصميم التطور البشري، فحين يرفض أبوحامد الغزالي السببية في زمن الثقافة العباسية، ولا تدخل هذه كرؤية شاملة في مختلف تجليات الظاهرات الطبيعية والاجتماعية، وأن لا تزال هذه الرؤية سائدة في الثقافة العامة، فهذا يظهر الفرق بين ثقافة غربية أحتوت عالم المواد وصنعتها كذلك وبين ثقافة لا تزال تعيش على الحرف وإنتاج المواد الخام.

لقد غدت هذه الثقافة الغربية التقنية تدخل إلى نسيج المواد وتغير تركيبها الطبيعي، وقد أمكنها صناعة الخلية الحية والقيام بالاستنساخ.

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61e0b0821b681', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 13, 2022 15:06

January 6, 2022

عبـــــــدالله خلــــــــيفة : التضحوي والاستغلالي

#المنبر_التقدمي ⇦ (اللاتقدمي)!

البشر نمطان إما إنسان يضحي وإما إنسان يستغل. تجد النمطين في الحزب الواحد وفي الطائفة وفي العائلة الواحدة وربما في مراحل وتقلبات الإنسان الواحد!
وفى التيارات السياسية المعاصرة فإن الكثيرين يرتفعون على أكتاف التضحية وعمل الآخرين لكي يحصلوا على مكانة اجتماعية مريحة، فيتحدثون عن شعارات عامة وجمل مطاطة، لكي يواصلوا استغلال ماضيهم، أو جماعتهم السياسية التي ارتقوا على سلالمها نحو الثروة والمناصب والشهرة!
وهم في هذه الحالة لا يتحدثون عن أوضاع الاستغلال الراهنة، وحينئذٍ فإن المضحي في عقولهم تكون شعلته قد انطفأت وظهر المستريح والمتمدد فوق الامتيازات ومكاسب النضال!
في كل جماعة سياسية، في كل عائلة، في كل دولة، في كل شركة، يكون هناك دائماً من يستغل مسار الجماعة، ويستطيع أن يجامل ويداهن ويكذب من أجل أن يرتفع، ولتذهب الجماعة والعائلة إلى الدمار والمهم أن تبقى مصالحه وأرباحه وارتفاعاته فوق الظهور والجهد!
وقد استطاع الاستغلاليون دائماً أن يرتفعوا فانتصر معاوية على علي بن أبي طالب وأنتصر يزيد على الحسين، وانتصر بنو العباس والإفلاس والغنى والجور والفجور على الشهداء والمعتزلة والصوفية، وانتصرت الإمبريالية على حركات التحرر الوطني وعلى أنظمة رأسمالية الدولة المسماة اشتراكية، وانتصر البيض على الحمر، وتغلب الرأسمال على قوى العمل، لأن الفقراء والمضحين والتقدميين والديمقراطيين دائماً مفككين، لا تستطيع شعاراتهم وكلماتهم النضالية أن توحد الجمهور وتفعل كل طاقاته وجماعاته!
وسيواصل الاستغلاليون انتصاراتهم في المدى القريب، لأن لهم في كل حزب وفريق ودولة ودكان أعوان، وفي كل إنسان لهم مكان، لأن لحظات الخور والضعف والانتهازية والنجومية، كثيرة في كل نفس، ولكن في كل مكان وفي كل عائلة وقبيلة وحزب وطائفة، ثمة أناس شرفاء مضحون مناضلون، حتى لو على قلامه ظفر من شيء!
وهذا النضال والتضحية قد يكون من خلال دين أو مذهب أو فكرة جديدة أو حتى في صدق فردي وإيمان ذاتي بالخير وبالقانون، فطرائق التضحية و«الحق» متعددة ومصالح الناس من الممكن أن تتحقق بطرق مختلفة، ولكن هؤلاء المضحين مشتتون متنباذون، لأنهم لا يدركون جوهر القضية، وعمق ترابطهم، ويركزون على الأشكال التي تتجلى لهم فيها الحقيقة، فقد تتجلى بشكل ديني أو تحديثي، أو فردى، وكلٌ يراها من خلال تقاليده ومستوى معرفته.
لكنهم في المحصلة لا يتحدون في حين أن قوى الاستغلال تنمو وتتطور بقدرتها على تفكيك قوى النضال والخير والتقدم، وتقوم بدق الأسافين بحيث تتمكن هي من السيطرة على المختلفين المتنابذين، وهكذا تمكن الأشرار والمستغلون عبر التاريخ من الاستفادة من تشتت قوى المعارضة والمقاومة، وكرسوا أنظمتهم وسيطرتهم.
هذا يتطلب قادة على مستوى تاريخي، يرتفعون عن السفاسف وعن الوقوع في المصائد التي تنصبها قوى الاستغلال، ويرون ما يفيد الناس ويطور من أوضاعهم، ويوحد صفوفهم، مهما كانت الكلمة التي يطلقها هذا الحزب أو ذاك، فالمهم هي الدعوة لا الداعي، وكلمة الحقيقة من أي لسان قيلت!

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61d7bee6c8734', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 06, 2022 14:10

December 30, 2021

السودان بحاجة إلى الديمقراطية والسلام

أن الحكومات العسكرية المتتالية والحركات الدينية الطائفية والمحافظة رفضت الخيارات البرلمانية وصعدتْ على ظهور الشاحنات العسكرية إلى السلطة.

منذ إبراهيم عبود والعسكريون يحاولون ما لا يقدرون عليه، إخضاع هذا الشعب الطيب والبسيط والصبور والمكافح، وكل مرة يأتي عسكري كبيرٌ ينقلُ البلدَ لأزمة كبيرة ويصعدهُ تلة أخرى مليئة بالنار والدم.

نتذكر إبراهيم عبود وقمعه الشرس، ثم الثورة الشعبية التي أطاحت به وشعارها: اذهبوا أيها العسكر لثكناتكم. لكن العسكريين لم يتعلموا.

إنهم لا يذهبون، فيزداد الاهتراء والتمزق في الخريطة الوطنية. وهذا القفز إلى خشبة المسرح السياسي العالية كانت توفرها الأفكارُ الشمولية القادمة من الدول العربية وتتغلغل بين صغار الضباط الذين يقفزون على مستوياتهم الفكرية البسيطة والفقيرة ودرجاتهم الصغيرة، ليتحولوا إلى حكام لبلد كبير.

إن القفزة العسكرية الانقلابية تمثل أفكار المقامرة بمصائر الناس، وليس هي مثل حزب عريق يراكم التجارب والنضالات ويجعل الشعب يتطور ويغير نفسه، فهي تصعد مغامرين محدودي التبصر بالسياسة لا يعرفون سبل التطور ويقررون قرارات خطرة تلحق أضراراً جسيمة، وربما تكون السلطات السابقة قد سمحت لهم بالصعود وربما سمنتهم بعض الوقت فأكلوها.

والأفكار الانقلابية المشبعة بالبهارات القومية الزائفة كان يُلاحظ لدى التيارات الوطنية السودانية عمليات تغلغلها في الساحة السياسية، ونشرها بالأموال، وقد عبرتْ تلك التيارات منذ الستينيات عن خشيتها من هذين التسلل والفرض لهذه الأفكار، التي كانت إحدى الشخصيات التي تجسدت بها كالدكتاتور السابق جعفر النميري، الذي قام بإنجازات دموية كبيرة، والذي قفز هو الآخر على حزب الأمة وعلى الانتخابات والدستور، ثم أراد أن يعجن التيارات السودانية كلها في عجينة واحدة، ملغياً الاختلافات الفكرية والسياسية، وأنشأ ما سُمي الاتحاد الاشتراكي، وقد فرضه بالقوة، وساعده تصاعد دور الحكومات الشمولية في مصر وليبيا خاصة.

كانت نتائج الأفكار الشمولية (القومية) انها بدأت تمزيق خريطة السودان. كان السودانيون شعباً ذا عفوية سياسية وطنية متوحدة، لكن الأطروحات القومية والدينية المتعصبة، جعلت الجنوبيين المسيحيين يشعرون بالخوف من نزعات الشمال الجديدة، خاصة أنهم عاشوا الاضطهاد أكثر من غيرهم على مدى التاريخ.

وكلما ازدادت قبضة الشمال العسكرية تفكك السودان، وهو أمرٌ على النقيض من الشعارات التوحيدية التي تتفجر مع كل بلاغ عسكري من الخرطوم، وكان الشعب ليس بحاجة إلى البلاغات بل إلى السكك الحديدية والأعمال والتجارة والمساواة بين أقاليمه وقومياته وأديانه.

وزادت الحركاتُ المتاجرة في الإسلام الثقافةَ الشمولية العسكرية غنىً دمويا، وتفكيكا لخريطة البلاد التي كان يوحدها الرعاة والفلاحون ورجال الدين الشعبيون والقبائل والعساكر البسطاء، ولم تكن بحاجةٍ إلى الدبابات من أجل ذلك، كما أن هذه الحركات المتاجرة في الدين زادت أهل الجنوب والمناطق المختلفة، خوفاً فحملوا السلاح، ثم انتشرت النار في بقية الأقاليم.

كلما جاء فصيل عسكري وعد الشعب بالكثير من الانجازات والتغييرات، وقد جاء العسكر في الفترة الأخيرة فكانوا تتويجاً لذلك التاريخ المكفهر.

تصارع العسكريون الدينيون الحاكمون فيما بينهم وراح كلُ قسم يزايد على الآخر فيما يقدمه من مكاسب للشعب، وتصارعوا مع قوى الأقاليم المنفرطة من السيطرة الحكومية، وراحوا يجمعون خيرات النفط من دون إصلاحات معيشية بسيطة للجمهور.

الحل هو أن يتركَ العسكرُ الحكمَ، ويعود الحكم المدني، ويُزال استغلال الإسلام للتجارة السياسية، وتجرى انتخابات ديمقراطية على ما كان يجري من انتخابات في السودان في عصره الديمقراطي الشفاف البسيط قبل عهود العسكر، مع إجراء التطورات الضرورية بعد كل هذه التحولات والكوارث.

بطبيعة الحال لن يحدث ذلك ولن يخرج العسكر وهم الضباط الكبار في الواقع وليس الجنود المساكين الذين يسوقونهم لمعارك لا دخل لهم فيها.

كانت «إنجازات» حكومات العسكر كثيرة على أهل السودان؛ فقد صار الإقليم الغني سلة العرب الغذائية محلاً للمجاعات، وتشرد كثيرٌ من سكانه، وافتقروا أشد الفقر، وتصارعوا أحزاباً وأدياناً ومناطق، وسمحوا بالتدخلات الأجنبية من كل حدب وصوب، وبكل لون وطريقة.

ستكون هي النتيجة الأخيرة من هذا الفصل حين يعترف العسكريون بعجزهم وينسحبون تاركين لأهل السياسة الوطنية تدبر أمر السودان من أجل إصلاحه وإعادته إلى طريق الديمقراطية والسلام

#السودان

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61ce7d976a634', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 30, 2021 19:48

December 27, 2021

عبـــــــدالله خلــــــــيفة : نحن حبات البذار

#اليسار_في_البحربن  #المنبر_التقدمي ⇦ (اللاتقدمي)!

أتذكر دائماً هؤلاء الزملاء الشباب الذين رحلوا بسرعة عن الوطن والحياة والوجود، شباب في ريعان الفتوة والعطاء، ولكنهم تحملوا الكثير في حياتهم السريعة الخاطفة، وعملوا طويلاً من أجل أن يزرعوا أفكاراً، ويخلقوا علاقات مضيئة، ويضعوا لبنات ليكون البشر أكثر جمالاً ونظافة وزهداً في الأشياء وأكثر عطاءً .
وجوههم الآن تراودني مثل الأزهار اليانعة، مثل النجوم المتالقة المتواضعة، تراهم مغمورين في الأزقة، لا تفرقهم عن حشود البسطاء، يختارون دائماً أن يخفوا أسماءهم ووجوههم عن مسارح الإضاءة، وكثير هو الورق الذي نشروه على هذه الأرض ليزرعوا بذرة ولتنبت كلمة صادقة، ولتنتشر الحقيقة.
إنهم شباب لم يمهلهم الزمن طويلاً لكي يعطوا كل ما عندهم.
ليس الكثيرون يعرفون إبراهيم محمد، فهو مثل تلك المئات من الشباب، التي ذابت مع تراب الأرض. خطواته كثيرة ومتوغلة في تلك الدروب الشعبية، غاص في حياة العمال حتى أن جلده تكشط من الصدأ، وصار جسمه مثقوباً من الدخان والأيام والمعادن والسجون والشوارع والتلوث والكيمياء الحارقة، حتى حولته إلى شبح يكاد يذوب مع لفحات الهواء.
لكن هذا الجسم الضعيف التصق بالحركة الاجتماعية عدة عقود، يثقفُ ويحدث الناسَ ويكون الأصدقاء ويكتب الملصقات والكلمات، ويختفي أناسٌ كثيرون ويجيء أناس كثيرون، وهو في موقعه لا يريد أن يفارق القضية..
كان هذا من البشر الذين تربوا على ميراث الحركة الوطنية، كعبدالرحمن الباكر والشملان وأحمد حارب وعلي مدان ومحمد غلوم وسعيد العويناتي وهاشم العلوي، وهم المناضلون البحرينيون الذين أدمنوا التضحية، وظنوا أن النضال الوطني والتحديثي سوف يستمر بعدهم بأمانة وإخلاص، وأن العلمانية والديمقراطية النضالية سوف تكرسها أجيالٌ قادمة بكل صلابة وشجاعة ولم يعرفوا أن هذا الميراث سوف يُدفن معهم!
إبراهيم هو من نسل الكتاب والصحفيين والقراء والصباغين والنجارين والعمال المثقفين الذي يجمعون بين الشعر وكفاح الجمهور من أحل ظروف إنسانية، إنه نسل لا يعرف الفرق بين ألوان البشر؛ بين قوى الإنسانية المختلفة، بين قوى المسلمين المتعددة ، بين المذاهب، وهمه الدفاع عن ضحايا الاستغلال!
هذا النسل تجاوز الخصومات بين الأمم؛ لكنه لم ينس خصومته للظلم والاستغلال، وكان طوال عمره يسبح في مياه الخليج بين القروش والحيتان، دون أن تحتفظ ألبومات الفنانين وأرشيفات الصحف بصورة له؛ لأنه كان خارج التاريخ المتداول، ولكن الآن في صحوة الذاكرة الوطنية، ويقظتها لذلك الدبيب الروحي المضيء ولتلك التضحيات الجسيمة في الليل الاجتماعي، يظهر فنانون يرسمونهم، وتتشكل كلمات طيبة عنهم.
أو مثل طاهر عقيل، هذا الفتى الذي رحل بسرعة أيضاً؛ وكان قد أمضى شبابه كله في نشر الأفكار الحديثة، وتراه مثل إبراهيم في الدروب وفي أزقة المدن، والأرياف؛ كأنه مندوب لسلعة تجارية ولكنه كان صوت قضية لا تعرف اليأس.
غاص جسده في الأرض، فلا تعرف الفرق بين لحمه وجذوع الشجر وأجنحة العصافير، فكيف تمتع بكل هذه الرقة والبساطة والشجاعة والتضحية ؟
الرحيل المفاجئ والسريع لهؤلاء الشباب، يترك صداه المرير عند الشعب، لقد ضحى هؤلاء بأعمارهم، نزفوا من أجل الوطن والعائلة والإنسانية، ورحلوا دون وداع أحياناً، دون أن يتركوا ذكرياتهم أو حتى كتاباتهم على الجدران والدفاتر، لم يجمعوا ثروة سوى ثروة الأصدقاء، كانت أجسادهم تنزف، لعلها لم تتحمل عناء كل هذه الأفكار وكل هذه الممارسة النضالية الطويلة اليومية، فإذا كان مراد النفوس عند النجوم فسوف تتفتت الأجساد من عبء الحمل والاكتمال.
إنهم مثل علي البناء الذي عرفه الخليج بشرقه وغربه بحاراً ينشر الكلمة، ومات في الغربة وعاش في قلوب أصدقائه ونهره الاجتماعي المتدفق بالحياة.
وهنيئاً لحرامية الوطنية وجماعات الانتهازية الذين صعدوا على هذه التضحيات وأنكروا ميراث الحركة الوطنية التحديثية بكل منجزاتها؛ بعد أن حصلوا على الكثير من الأموال والأراضي والثروات..
هنيئاً لتجار العلمانية ومقاولي الطائفية الكبار ولصوص التقدمية بكل الأجساد التي دفنوها واستولوا على تراثها..
وليرقد الشهداء والضحايا في قلب ذاكرة الشعب فإنهم مخلدون..
نحن حبات البذار، نحن لا نمضي جميعاً إذا ما جاء الصقيع!

#إبراهيم_محمد #عبدالرحمن_الباكر #عبدالعزيز_الشملان #أحمد_حارب #علي_مدان #محمد_غلوم #سعيد_العويناتي #هاشم_العلوي #طاهر_عقيل

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61ca3416c0be8', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 27, 2021 12:11

December 26, 2021

عبـــــــدالله خلــــــــيفة : رفاق الطريق

كان ثمة مفهوم سائد في الوعي الديمقراطي الاجتماعي بضرورة التخلص من رفاق الطريق الذين أصبحوا عبئاً على الحركة التقدمية، وكان المفهوم القديم يستند على كون هؤلاء عاجزين عن التطور الفكري ومجاراة العمليات التحولية الصاعدة في مجرى التغيير.
أي أنها تصفهم بعدم القدرة على التطور الفكري، وكان يُقصد بهذا المفهوم إزاحة العناصر المعارضة للنهج الشمولي المسيطر في الحزب أو الحركة، وذلك لغياب الديمقراطية الداخلية داخل مثل هذه الحركات التي يسيطر عليها الزعيم الأوحد والربان الكلي التوجيه.
ولكن لم يعد هذا المفهوم مستساغاً إلا في ضوء رؤية جديدة مختلفة كلياً، فرفاق الطريق السابقين الآن، والذين ينبغي ازاحتهم من قيادة الحركات الديمقراطية هم أولئك الفاسدون سياسياً، وليس المختلفين عن القيادة في وجهات نظرهم، بل ان القيادة ترحب بوجهات نظرهم المختلفة عنها، طالما يلتزمون بالنظام الداخلي.
إن الرفاق الذين انزلقوا في قضايا الفساد وتحولوا إلى مدافعين عن البؤر والجماعات الفاسدة، والذين يعرقلون تطور الحركات الديمقراطية لمزيد من الالتحام والالتزام بالقانون، إن هؤلاء هم رفاق الطريق بالمعنى الجديد.
لقد قدموا خدمات في السابق لهذه الحركات وناضلوا في السجون والمنافي وفي الحياة الاجتماعية، ولكنهم لم يحافظوا على نزاهتهم ومصداقيتهم وذمهم المالية إلى النهاية، فقد انفصلت جملهم الثورية عن سلوكهم العملي، وراح ذلك السلوك يخضع لمصالحهم الخاصة، فلم يعودوا يميزون بأن نضالهم ليس لمصلحتهم الخاصة، ولتكوين عائلات استغلالية في ظلام الحركة النضالية، وأن الحركة الثورية تستبدل ظالمين بظالمين آخرين، بل هي جاءت لإزالة الظلم جملة وتفصيلاً، وليس لتحويل قادتها إلى زعماء جدد للظلم والاستغلال !
والمشكلة حين يتحول رفاق الطريق هؤلاء إلى تصور بأنهم عظماء وقادة تاريخيون، وأن الحركة السياسية تتوقف أمام وجودهم الذي لا يقبل الاستقالة، أو أن يتحولوا بتواضع إلى أنصار وزملاء قاعدة مثلهم مثل آلاف المناضلين الذين أدركوا أن عطاءهم يتوقف هنا، وانهم غير قادرين على استكمال المشوار الصعب، وعلى استمرار التضحية، وأنهم يعلنون بصراحة مشرفة، أنهم لم يعودوا في موقع القيادة والمسئولية السياسية، وبهذا يتركون للتاريخ ولتياراتهم كل الصفحات السابقة بخيرها وشرها، بإنجازها وأخطائها، ولكنهم يعلنون أن الحركات تحتاج إلى قوى قيادية جديدة، وأنهم رفاق طريق ترجلوا من القطار السائر.
مثل هؤلاء المناضلون يمتلكون حس التواضع ونكران الذات، والصرامة الأخلاقية التي ينبغي أن يتحلى بها كل مناضل، وخاصة في المواقع القيادية المسئولة.
لكن القادة الآخرين والمسئولين الذين تورطوا مع قوى الاستغلال والدكتاتوريات وجماعات الفساد والبيروقراطية والإرهاب، الذين يواصلون الإدعاء بأنهم على رأس الحركات السياسية، والذين لا يعتبرون أنفسهم رفاق طريق عابرين، وأنهم لا يمثلون حقاً هذه الأفكار العظيمة إلا لفترات سابقة ضحوا فيها فعلاً ثم دخلتهم جراثيم الفساد، وأنهم تحولوا الآن إلى مجرد متسلقين مستفيدين، فإنهم يغامرون بتدمير كل شيء على رؤوسهم، وعلى عائلاتهم، وعلى جماعاتهم، مسببين أفدح الضرر لها ولهم.
وهناك فرص للانسحاب المشرف، وللمراجعة وللنقد الذاتي، وليتذكروا كيف أن الطغاة الكبار أخذوهم من غيران معتمة كالصراصير بل وأذل مكانةً.
فلا يتصور هؤلاء ان مجموعةً صغيرة محدودة الذكاء وذات طاعات غبية واستعراضات رثة تستطيع أن تحميهم من مصيرهم التاريخي المؤسف، في الوقت الذي لم تستطع الجيوش وقوى المخابرات العاتية وسجون التعذيب أن تحمي أسلافهم الكبار ونماذجهم المقبورة .

#اليسار_في_البحربن #المنبر_التقدمي ⇦ (اللاتقدمي)! #الانتهازية

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61c937842ee3f', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 26, 2021 19:47

December 25, 2021

عبـــــــدالله خلــــــــيفة : نموذجانِ مأزومان

حين يجتمع السياسي الديني والسياسي اليساري لعمل مشترك يعكسان تناقضات مرحلة من مراحل الشرق المأزوم عن التحول التاريخي.
مثلما يجتمع التحديثي خارج السلطة مع المحافظ داخل السلطة.
في داخل الفئة الوسطى ونموذجها يتواجد التناقض وحركة التذبذب المستمرة بين اليسار واليمين، بين الحداثة والدين، بين الثورة والثورة المضادة.
يقارب اليساري الديني في الزمن الراهن لكون هذه اللحظة هي لحظةُ الديني، حيث الجمهور غير الواعي، المتحرك بغموض، وبلا بوصلة تاريخية.
اليساري التابع للديني لا يغير مرحلة بل هو يريد الاستثمار الشخصي أو الحزبي في سوق دينية رائجة. الديني وراءه قوى حكومية تضخ فوائضاً غير مراقبة، وتريد أن توقف الحركةَ التاريخية المتجهة للحداثة والعلمانية والديمقراطية من زمنها التقليدي.
سواء كانت تلك القوى الحكومية الدينية معارضة أم موالية فإن الحركة السياسية المتسولة واحدة هي وقف سيرورة التاريخ.
يتداخل وعي الديني واليساري بكونه وعي جزئي متجمد في مقطع من التطور والتاريخ مفصول عن تطوره، وغير مرئي في التشكيلة التاريخية، فهما اليساري والديني لا يبصران سيرورة التشكيلة، لا يؤمنان بتعاقب مراحل التاريخ، فاليساري لم يعد يؤمن بتلك المراحل، لقد يأس أو تجمد وعيه، والثاني الديني يعتبرُ التاريخَ سائراً للوراء حيث نموذجه الديني المثالي، وكلا الوعيين يقودان لبقاء الزمان الراهن والنظام المأزوم، وكأن المجتمع الراهن مقطوع الخطى متجمد عند كونه رأسمالية دينية أو وطنية.
يلغي اليساري ثوابته في تنمية حركة عقلانية علمانية ديمقراطية متراكمة، يقطعها بأفعاله الصغيرة، يقوي محافظة دينية، أو مراهقة عنفية، والديني يوظف ويستغل اليساري، يبعده عن أرضيته الفكرية الاجتماعية، يعيده للماضي، لمراحل الإقطاع والعبودية حيث النموذج تكّون. وهو لا يؤمن بأن النموذج الديني هو ثورةٌ شعبية في زمن ما، والوعي الديني هو شكلٌ يناسب عصره، لكنه ألغي الثورة في الماضي وجعلها طائفيةً في الحاضر.
اليساري يفقد وعيه المادي المحلل لتطور المراحل التاريخية، هو الذي يقرأُ الثورات في ظروفها، وكون الديني المعاصر يفتقد ثورةً يشكلها، فهو كائنٌ سياسي ضائع، يجب قيادة خطاه للعصر.
وبدلاً من أن يطور اليساري الدينيَّ يخرب الدينيُّ اليساري.
الديني يستورد أزمةَ نظامٍ راهن يعجز عن التطور الديمقراطي الحديث، فهو يرفض قيام رأسمالية وقوى عمالية متصارعة في مجتمع ديمقراطي، ويريد هيمنة قوى ماضوية على التطور الاجتماعي، ولهذا فتحالف اليساري معه مضيعة للوقت التاريخي. وعلى العكس حين يتخلى الديني عن شموليته وعدم فهمه للتطور الحديث الإجباري، يكون التعاون معه مفيداً لتكوين قوى ديمقراطية متعددة تفتح كوى في جدار التاريخ.
عدم تعبير الديني عن طبقة إجتماعية، مثل تراجع اليساري عن تمثل طبقته العمالية أو البرجوازية، ومسارها الاجتماعي السياسي ومطالبها، أي عدم قدرته على تمثل برنامج طبقته، فيما يتفق معه الديني في عدم تمثل أي من الطبقتين الحديثتين وتعبيره عن فئات وسطى مترجرجة مضيّعة للثروة والزمن السياسي وداخلة في أعمال تجريبية خاسرة مضرة.
بعدم الوضوح الاجتماعي لوعيهما يُدخلان المجتمع في إضطراب وتدهور متفاقم، يتبعان القوى المهيمنة على رأسمالية حكومية متدهورة بفعل الحرب أو النفقات الباهظة أو المغامرات أو الفساد.
وهما لا يستطعيان نقد مصدريهما على أفعاله، بل يؤيدان سياساته العامة الهادمة لتطور اليمين العقلاني أو اليسار الديمقراطي.
وعي النموذجين يتركز على سطوح الظواهر الدينية والعصرية، وأجزاء مفككة من الواقع، ويدخلان الذاتية المصلحية العابرة فيها، ويركزان على لحظة سياسية بدون جذورها وعلاقاتها المختلفة، وتعتمد اللحظة على شظايا من طائفة، لا تلم بجموع الشعب وسيرورة الوطن، وتكامل الأمة، فتضر الناس ولا تفيدهم، وتدهور التطور ولا تسرع به.

#اليسار_في_البحربن

#المنبر_التقدمي ⇦ (اللاتقدمي)!

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61c77241f0f13', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 25, 2021 11:34

December 22, 2021

عبـــــــدالله خلــــــــيفة.. كم أثـرت في حياتي!

زهرة حرم جمعني بهذا الإنسان المتواضع، قسم التدقيق اللغوي، بمبنى دار أخبار الخليج، حين بدأت أول مشواري العملي، كمدقق لغوي عام 2002. يتناوب على هذا القسم، الكتّاب الصحفيون، أو المحررون في الصحيفة. يبحثون عن مقالاتهم، أو تحقيقاتهم، هل خرجت من القسم؟ أو هل تم تدقيقها، أو ضبطها لغويا، وذلك بهدف التعجيل في نشرها، أو التأكد من انتهاء دورتها، بين أقسام الطباعة، والتدقيق، والإخراج.
يباغتك عبدالله خليفة، من دون استئذان. الباب يُفتح على مصارعه. يتجه مباشرة إلى (السِلال) التي تحوي ما نسميه (البروفات)، والتي نرقمها، إلى بروفة 1، وهي التي لم نقرأها بعد، وبروفة 2، وهي التي نتسلمها للمرة الثانية للتأكد من التزام من يتولى عملية الطباعة، بكل ملاحظاتنا، وتدقيقاتنا النحوية، وغيرها. ثم بروفة 3، أي النسخة النظيفة القابلة للنشر.
ومن دون كلام، يَفضُّ ما بين السلال. يبحث عن ضالته. أستاذ عبدالله. أناديه بشيء من التذمر، فينظر إلي بابتسامة بريئة، كمن فوجئ بوجودي. ها، خلصتون مادتي؟ طبعا يسألني مع زملائي، الذين تنتعش فيهم الحياة بغتة – لديه – من بعد أن كانوا أشباحًا. أمازحه: أستاذ، معور راسك بهالبحوث، وهالمواضيع. حرام تنزل في جريدة. المفروض تخصص لها كتبا كاملة.نظر إليّ، وعلى شفتيه نصف ضحكة. لم يجب عن سؤالي. فقط. سأل مجددا: وين موضوعي؟ خلص؟ أجبناه، إننا في طريقنا لقراءته. كنت أنا وزميلتي نقرأ (البروفات) معا. ندققها. نعلق عليها. ونضحك. أو نثمن كثيرا المجهود وراءها، إنْ كانت تستحق. وكان عبدالله من الباحثين، الذين أدركنا جيدا، أنهم من الكبار.
لعبدالله، شخصية تذهلك. يجعلك تفكر فيها، وفي نفسك. حين يشاغبك بتعليق. أو حين يجيب عن سؤالك بإجابة، يبحث – هو – عنها. عقله مرتكز على هدفه. يمضي بك حيث يشاء هو. لا حيث تريد أنت. لم أذكر أنه أجابني إلى ما أريد بشكل مباشر. غير أنني أدركت أنه قيمة. كنت أفكر: لا بد أنه في طور كتابة رواية، أو بحث، أو تحقيق صحفي. هذا الرجل مشغول بالكتابة. اللغة تكتبه طويلا، وهو أسيرها. أليس لديه وقت لـ (سخافات) الحياة؟
جاءني على حين غرة، يوما، كعادته، مـادّا يده إلي بكتاب، قائلا: هذا لك. نظرت إليه بسعادة. إنه يهديني روايته الأقلف. قال لي: أنت من أوائل من أهديهم روايتي. قرأت العنوان: الأقلف. قلت له ممازحة: عاد الأقلف على وزن الأصلع. وأردفتُ: إنْ ما كان فيه إهداء ما أبغيه. ضحك في وجهي، وخرج من دون سلام.كنت أعي جيدا، أن إهداءه، أي خط يده، يهمني. إنه نفيس. فأنا أؤمن أن الكِتاب بما يحويه من فكر، أو فن، أو إبداع. ولكن، أؤمن أكثر، أن مِن الحماقة تضييع إهداء، من شخصية في طريقها للسطوع. كنجمة في السماء. في داخل نفسي: أعلم يقينا، أنني في يوم ما سأفخر، أو سأتباهى بمعرفة هذه النجوم. أعلم جازمة. أنهم سيبرقون حين تتلاشى أجسادهم.
أمسكت الرواية، حركتُ الغلاف، وقرأت الإهداء: العزيزة زهرة. الصبية اللطيفة المرحة.. تقطع اللغة بأناملها، وتصنع الكلمات الصحيحة الجميلة. مع خالص المحبة. 31/8/2002. عبدالله. شعرت بالامتنان في نفسي. إنه يدرك، أنني أقدره. يقرأ مشاكساتي على أنها إعجاب، واهتمام. فقدرني بإهدائه إلي روايته.
نعم يا عبدالله. إن لم أكن قلت لك مباشرة، ما سأقوله الآن، آمل أن تسمعني روحك: كنت أحب فيك انسجام روحك مع كل الأرواح، وأحب عطاءك. أحب نفسك الطويل حين تغيب في الكتابة، وأحب أن أقول لك: كم أثرت في حياتي.

الدكتورة زهرة حرم 

أستاذة جامعية وإعلامية

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61c3d5c413aca', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 22, 2021 17:37

December 19, 2021

عبـــــــدالله خلــــــــيفة : الحربائيون 

لهم في كل فترة لون وتوجه ومذهب، بحسب المصلحة وكيف تجري الرياح، ينخدع فيهم بعض الناس حين يرون شعارات ملتهبة وكلمات صاخبة وهم مع القومية إذا كان زمن القومية صاخباً ومع أعداء القومية إذا كان أعداء القومية يدفعون جيداً، وهم مع نادي الفجر إذا كان نادي الفجر ممتلئاً بالأعضاء البسطاء والوهج، وهم يسلمون أعضاء نادي الفجر النشطاء الوطنيين للسلطات الاستعمارية البريطانية التي تؤهلهم للمناصب والثقافة الحربائية!

 وهم مع العروبة لكن بحيث يخلقون منها متاريس ضد الثقافة التقدمية وضد القوميين الحقيقيين، ويشكلون الصراع بين العرب (والعجم) والصراع بين السنة والشيعة، والمهم أن يتشكل صراع بين الناس، وينشغل الأهالي بالاختلافات فهذا هو الأفق الذي تربوا فيه تحت دهاقنة السياسة البريطانيين وتلاميذهم السطحيين المسعورين بضد كل ما هو شريف!

 والهام دائماً ألا يقف الأهالي في البحرين على موقف وطني واحد، وقد اهترأت نعالهم وأحذيتهم في التفريق وما امتلأت جيوبهم وما خف طمعهم وما صحت ضمائرهم إذا كانت لهم ضمائر!

 لهم في كل الاتجاهات مكان، ولهم في كل التيارات موقع، ولا أحد يعرف لهم حقاً أو باطلاً، فهم في يوم مع الشيعة ويصخبون كثيراً معهم، وفي يوم آخر مع السنة، ويتشددون من أجلهم ويصرخون وكأن أحداً وضعهم أوصياء على أهل السنة، وفي يوم آخر يتكلمون باسم اليساريين وكان تروتسكي نشأ في بينهم وكأن لينين أكل باجة مع ابائهم، وفي يوم رابع مع اليمينيين ويشتمون اليساريين الذين مدحوهم بالأمس!

 فلا مصداقية ولا رأي ينمو ولا موقف يُحفر في الأرض وكلماتٌ هباءٌ تلقى في الهواء وإذا صابت صابت وإذا خابت خابت، لكن المهم هو رضا أهل السلطة، وأصحاب الدفع وإعطاء الأراضي والمساعدة في الأموال وبناء البيوت والوضع في المناصب العالية والتخفيف من الديون وعدم ملاحظة سرقة المال العام، وكل ما يعلن كلام، وكل ما يبطن هو خدمة أهل السلطة والمقام، سواء كانوا بريطانيين أو غيرهم، والمهم الدفع!

 تتفهوا وانحطوا لأنهم بلا موقف شريف، وبلا عقل نظيف، عجزوا عن مراكمة المعلومات والآراء والحفر في الكتب والواقع، فاختصروها بالانتهازية، وبكراهية من لهم مواقف صلبة ونضال مستمر، لأن الساقط يكره الواقف الصامد، والمنحطُّ يخشى النظيفَ الطاهر، ومن سرق يخاف مَن رفضَ المال الحرام، ويريد أن يتحول كل الناس إلى لصوص؛ حتى لا يبقى شرطيٌّ واحد يقبض عليه في خاتمة المطاف متلبساً!

 وهكذا لا بد من دغدغة مشاعر البسطاء، وخداع أهل التعصب مرة بالقومية ومرة بالسنية ومرة بالشيعية ومرة بالبعثية ومرة بالتقدمية، فهو مثل لاعب السيرك ينتقل من حبل إلى آخر، يهجمُ على كل الخطوط الوطنية والسياسية، معتقداً أنه الفهلوى الذي لا يُشق له غبار، وهو رجلٌ تافةٌ في كتاباته وأفكاره وسيرته، وجثة هامدة تسير بين البشر، تنتظر القبر وقد لوث الجو برائحته وسمم الورق بسطوره!

 هذا هو النموذج الحربائي تجريدي عام لا يخص شخصاً بعينه وقد اخترته من بين كل الفترات الوطنية السابقة والحالية، كرس اسمه الشخصي بين سلالته من الانتهازيين، الذين توارثوا الموقف وتبنى بعضهم بعضاً، وساعد بعضهم بعضاً، لأن الحرباء هو حزب من أقوى الأحزاب، هو حزب من لا ذمة له، ولا دين ولا مذهب ولا فكر ولا تاريخ مضيء ولا شيء مشرف، لكنه لا يخجل مستعرضاً مواقفه (العظيمة) دائماً معطياً الأجيال دروساً من سيرته (الكفاحية)، خادعاً طوابير من السذج في كل مرحلة، مقدماً أراءه المسمومة لكل المراحل الدراسية، ولا يدري أنه يؤذن في خرابة ولصلاة لا يأتي إليها سوى الوزغ والعقارب!

#المنبر_التقدمي ⇦ (اللاتقدمي)!

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61c0082349993', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 19, 2021 20:28

December 18, 2021

عبـــــــدالله خلــــــــيفة : أسباب الانتهازية في اليسار

⫸ تعود أسباب انتشار الانتهازية في اليسار إلى عجزه الفكري عن التحليل، وفي الحياة السياسية تمثل تلك انتهازية من قبل القوى القيادية فيه، لمشاركة قوى الاستغلال في شيء من غنائم المال العام.

وهكذا يتم غض النظر عن جوانب والتركيز على جوانب، بهدف إظهار حسن النوايا سواء للإقطاع المذهبي أو السياسي، بحيث تبدو وجهة النظر المساقة متفقة مع نضال الشعب والديمقراطية والوطنية الخ، لكن من يطلقها يحسب حساباً طبقياً استثمارياً فهو يهدف لخدمة مصلحته.

حين يهاجم الدينيين بقسوة فهو يقصد هنا إظهار نفسه تحديثياً رسمياً وإنه يصلح للارتفاع إلى مقام الموظفين الكبار، وحين يهاجم الرسميين بقسوة مماثلة يريد مغازلة الدينيين لكي يصعدوه إلى مراتبهم العلية.

وتتشكل هنا أقسام جزئية أخرى داخلية ضمن هذا التعدد السياسي والطائفي المتنوع، فهذا يغازل طائفة وآخر يغازل طائفة وثالث يغازل جناحاً في السلطة وآخر يغازل جناحاً آخر، وخامس يغازل جناحاً في الجماعة المذهبية المنشقة وهكذا دواليك يقوم هؤلاء بجرنا إلى الخراب الطائفي..

وبدلاً من نشر الوعي الديمقراطي بين الناس كوعي أساسي يجري نشر الوعي الشمولي وتغليب العناصر الانتهازية..

إن الذين أيدوا إنجازات التحولات نسوا سلبياتها لأنهم قبضوا ثمن السكوت عن السلبي وركزوا على الإيجابي..!

والذين ركزوا على السلبي سرعان ما قفزوا لاستثمار إيجابياتها دون ذكر هذه الإيجابيات، لأن الجمهور الذي صنعوا وعيه على كراهية النظام لا يستسيغ مثل هذه القفزة البهلوانية!

وهو إذ يريد معارضة السياسة السائدة يريد تحولات في رواتبه ومساكنه وأحجام عمالته، لكن الذين يتسلقون على نضاله ومشاعره يريدون الوصول لأهدافهم الخاصة مع بعض البهارات النقدية.

وإذ استطاعت قوى اليمين أن تزيف تحركاتها الاستغلالية تحت غطاء كثيف من البخور الديني، لكن قوى اليسار تاهت ووضحت انقساماتها القائمة على الأهداف الذاتية، فشاركت في التقسيم الطائفي وتعميقه بين فئات الشعب المختلفة.

وصار الوصول للكراسي بديلاً عن إنتاج ثقافة سياسية ديمقراطية تحديثية توزع على كافة السكان، لأن التقلبات في السيرك السياسي كانت كبيرة لا تتيح خلق وعي، فيظهر موقف حاد ثم يعقبه موقف مناقض، ولا تردم الهوة بين الموقفين من خلال مواقف عقلانية صبورة في كل المواقف.

وهذا كله يفتت جبهة المعارضة وجمهورها الذي يبدأ بالانحسار والتشتت والتمزق وربما التضارب مستقبلاً!

وظهر هناك اتجاهان أساسيان في اليسار الاتجاه الأول هو اتجاه انتهازي، ويتوجه لدعم اليمين الديني، مقابل رشوة سياسية، واليمين الديني أثبت خواء تجربته السياسية سواء لدى المقاطعين أم المشاركين، بل وخطورة تسيده على القوائم والكراسي، لما يقود إليه من أخطار.

والاتجاه الثاني حائر متصارع متذبذب، بين حدة في الهجوم على التيارات الدينية اليمينية، وبين الخشوع لهجومها الخطر على التقدم الوطني.

والاتجاهان يكملان بعضهما، وهما نتاج خطة خفية مشتركة، تمهد الدروب للمتطرفين الدينيين لكي يتقاتلوا ويخربوا..

#عبدالله_خليفة

#المنبر_التقدمي ⇦ (اللاتقدمي)!

#الانتهازية

__ATA.cmd.push(function() { __ATA.initDynamicSlot({ id: 'atatags-26942-61be504297784', location: 120, formFactor: '001', label: { text: 'الإعلانات', }, creative: { reportAd: { text: 'الإبلاغ عن هذا الإعلان', }, privacySettings: { text: 'الخصوصية', onClick: function() { window.__tcfapi && window.__tcfapi( 'showUi' ); }, } } }); });
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 18, 2021 13:18