عبدالعزيز السويد's Blog, page 165
November 4, 2012
«السستم» و«البستم»
السائق هو أضعف حلقة في سلسلة المسؤولية، منذ كارثة طائرة «الترايستار» قبل عقود من السنين إلى شاحنة الغاز (الخميس الماضي)…، الحق كان على السائق! وبدلاً من العبارة الشهيرة في التحقيقات الجنائية «قيّدت ضد مجهول»، تستبدل أو تقيّد «ضد سائق»، حتى وزير النقل دائماً ما يضع مسؤولية حوادث الطرق على السائق.
والحقيقة مُرّة وفي الدواء مرارة، أما الحقيقة فإن لا أحد – في المعلن – يسائل أجهزة حكومية على تراخيها وعدم أداء واجباتها كما يجب أن تكون المساءلة. من هي الجهة المتخصصة التي تستطيع أن تقول لنا إن هذا الجهاز أو ذاك يؤدي عمله بكفاءة؟ من الذي يقيِّم عمل ذلك الجهاز أو الجهة غير تصريحات إدارته؟! ولتصحيح فهمي واستيعابي المحدود، اذكر لي جهازاً حكومياً منذ وعيت على الحياة اعترف بتقصير أو خطأ، لمرة واحدة!؟
فهمنا التقنية الحديثة بالمقلوب، وتطوّرنا نظرياً من الإدارة بالتعاميم إلى الإدارة بالكاميرات والرد الآلي، استهوانا الريموت كنترول، وبقيت التصريحات الصحافية معضوضاً عليها بالنواجذ، فهي الإعلان المصوّر الذي يقول «نعمل لأجلكم»، ولا أحد يدقق في نوعية هذا العمل ولا نتائجه.
مسؤولية السائق في انفجار صهريج الغاز حقيقة لا يختلف عليها، إلا أنها نتيجة لما قبلها، فما الذي جعله مستهتراً أو مسرعاً أو حتى «مقضماً» فيما لو اكتشف ذلك. يبقى السائق مسؤولاً، لكن حلقات السلسلة الأخرى الباقية على حالة التخشب تنتج كل يوم آلاف السائقين من هذا النوع! ماكينة ضخمة تضخ وتقوم بالتعديل و«الترهيم» لمن فيه بقية أمل التزام بالنظام والانضباط، ليس بالضرورة أن يكون أولئك السائقون ينقلون الغاز والوقود الخطر، المؤكد أن مركباتهم محملة بالأرواح وتهدد أرواحاً أخرى.
هؤلاء المتكاثرون كل يوم علموا أن «الدرعا ترعى»، وأن «السستم» تحول إلى «بستم»! لذلك فإن سرعة إيصال «الردود» بحسب لغة السائقين، أياً كان نوع الحمولة، هو الانضباط الوحيد المعمول به.
November 3, 2012
«مسعفون وحنشل»!
صورتان تختزلان المشهد: الأولى لشباب رائع وقف في صف للتبرع بالدم، والثانية لآخرين يبحثون بين الركام عما غلا ثمنه. إنها صور تعبر عن الخير والشر، الحضارة والتخلف، وفي حالة استثنائية مثل انفجار شاحنة غاز مع ضحايا بالعشرات، وحطام مبانٍ بلا أسوار وجد البعض بغيته، أثبت هؤلاء أن الأسوار فقط هي ما يمنعهم من السرقة علانية، ومثلهم سينظم إلى أي «جماعة» أو عصابة سيطرت عليها عقلية القطيع، أما تحت الحطام فلا يعلم هل هناك أنين أرواح تبحث عن منقذ؟
الحالة استثنائية والجريمة استثنائية، وهي تحتاج من صاحب القرار وقفة استثنائية تتميز بعقوبات استثنائية سريعة، بخاصة وأن الشرطة صرّحت بالقبض على عدد من لصوص الانفجار. لم يرغب المتحدث الرسمي لشرطة الرياض بالاستفاضة في الحديث، يبدو أن نفسه «انسدت» مثل نفوس الغالبية.
إذا «تشلّخ» النظام سدت شقوقه الفوضى، وهي تعتليه إذا «تخشّب» لتصبح هي السائدة، وهناك فئات فوضوية ضالة غير تلك الإرهابية المتخصصة بالتفجير. هذه الفئات تتفجر مواهبها بالتقسيط وتحترف بتراكم الخبرة، وهي من جنس الفئات التي تضرب النظام بعرض «الطبلون» سرعة وتفحيطاً واستهتاراً بأرواح الناس، وهي نفسها الفئة التي تضرب بعرض الحائط صحة الناس بسلع فاسدة، وهي نفسها الفئة التي تطاول بنيان إنجازاتها الشخصية بمواد من الفساد على حساب العموم.
هي نفس الفئة وإن تعدد طبقاتها، ونحن إما أن نجعل الذين وقفوا ينتظرون التبرع بالدم ورفاقهم ممن حرسوا محلات أصبحت مكشوفة بفعل الانفجار، أو نظموا السير وساعدوا في الإنقاذ، وهم الأكثرية وأمل الوطن، نجعلهم بالتراخي رهينة لفئة «الحنشل» وقطاع الطرق هذه، أو نتتبعها لتُوقف عند حدها. أما الذين برروا أو شخصوا حالات سرقة بالفقر فهم في الحقيقة ظلموا الفقراء ولا يعرفونهم عن قرب، في حين أن الذين اعترتهم الدهشة مما حدث بعيدون عن واقعنا، وما أكثر البعيدين عن الواقع والمبتعدين عنه، وفي مقدمهم أجهزة حكومية علاها الصدأ.
November 2, 2012
ضخامة عدد الضحايا؟
عدد الوفيات الكبير هو العامل المشترك بين الحوادث التي نُصاب بها في بلادنا، الأمثلة أكثر من أن تعد، وخلال أيام خيَّم الحزن علينا ما بين، غرق في رابغ، وحريق زفاف في عين دار الشرقية، وانفجار شاحنة غاز في طريق رئيسي بالرياض.
العقد تعقدت أكثر، والسبب أن الشرارات الأولى لم تُطفأ في وقت مبكر، لم يتعامل معها كما يجب، أو سلمت إلى تعاميم ركنت في الأدراج، والأقرب أنها وضعت على رف «عدم وعي المجتمع».
إذا بحثت عن الشرارات الأولى سترى أن سرعة قائد شاحنة الغاز «حسب شهادة مدير الدفاع المدني»، كانت من الأسباب الرئيسية للحادثة المفجعة، ولا أتوقع أن إدارة المرور سترفض شهادة مدير الدفاع المدني! لكن مسؤولية «استسهال السرعة» هنا تقع على إدارة المرور، لا على كاميرات لا شغل لها سوى توثيق الحصول على المخالفات! الشاحنات حتى في الأحياء تسير بسرعة، وانظر كيف فعلت بنا الخصخصة، والأولى أن يطلق عليها في تجربتنا «الخشخشة»!
هنا نعود إلى مربع الانضباط الذي أكرر المطالبة بفرضه.
في الهجرة الحزينة، «عين دار الجديدة» كانت الشرارة إطلاق النار في حفلة زفاف، حسناً هل تعلم ما هي عقوبة مثل هذه «الجريمة»؟ أنا لا أعلم، وسألت من حولي فلم أجد من يعلم، المسألة بيانات وتعاميم عن «تطبيق الأنظمة» التي لا يفصح عنها، ومعلوم أن البعض يتفاخر بذلك على رغم أنه من مظاهر الجهل والتخلف. وفي رابغ «لم يتم التحذير المناسب»، حسب الدفاع المدني، مع طرق تمر بها السيول، بالطبع هذه ليست الأسباب الوحيدة لكنها كانت مفاتيح المصائب، وإصلاح المفتاح مقدمة لفتح القفل وترتيب الداخل.
لا أتوقّع تغيّراً يذكر، لأن الأجهزة الحالية صارت جزءاً من المشكلة أكثر من كونها جزءاً من الحل، أصبح الهم الرئيسي هو إبعاد «شبهة» المسؤولية.
هنا أضمُّ صوتي للأصوات المطالبة بسرعة إنشاء هيئة تعنى بالسلامة، على أن تكون مستقلة ومدنية بإدارة جديدة شابة متخصصة، تشرف على كل نواحي السلامة من «فيش» الكهرباء المقلّد، الذي لم يستورده إلا تاجر واحد أو اثنان «حسب غرفة جدة»، إلى محطات وشاحنات الوقود ومخارج السلامة في المجمعات وغيرها، وهي من تقرر سلامة الطرق وسلامة الإجراءات، وتحدد سلامة القيام بالواجبات.
أما في قضية انفجار شاحنة الغاز، من الجدير بالذكر أن بعض سائقي شركة الغاز «صاحبة الامتياز» اشتكوا من أوضاعهم الإدارية قبل فترة.
October 31, 2012
السيارة مسروقة
أصبحت السيارة المسروقة جزءاً من عدة المجرم، في كل أنواع الجرائم تجد «سيارة مسروقة» من التفحيط إلى الاختطاف والقتل، مروراً بسرقة المنازل والمحالّ.
تحولت السيارة إلى أداة شبيهة بالمفك ذي الرؤوس المتعددة، يمكن استخدامه لفك مختلف البراغي والصواميل. وتجاوزته في «الاستثمار الأمثل»، لتكون أداة خلع واقتحام.
ولم يكن لهذا أن يكون ويتم «توطينه» في البلاد لولا التراخي في التعامل مع قضايا سرقة السيارات وبلاغات يقدمها المجني عليهم، وربما أحكام قضائية بحق المجرمين، أيضاً ولولا التهاون في تأجير السيارات من شركات ومؤسسات، بحثاً عن المال، ولهذا لم تعد هناك قيمة تذكر لمعاينة رقم اللوحة، فهي مسروقة مع السيارة المسروقة، تضاعف الضرر ولا يبدو في الأفق سوى مؤشرات ارتفاع حالات. وهي بوضع كهذا تصعب على فرق البحث والتحري مهماتها.
لكن الأمر لدينا يتفوق على ذلك، يكفي أن تُسرَق بطاقة إثباتك الشخصية ليتمكن المجرم من استئجار 9 سيارات باسمك ويفعل بها ما يحلو له، والأضرار تحسب عليك، عشرات المخالفات…إلى أن يثبت العكس. وفي قصة بثت على «الإخبارية» في برنامج «نوافذ» الذي يقدمه الزميل عبدالرحمن الحسين، يمكنك مشاهدة العجب، وهو ما تعرض له المواطن «محمد»، القصة على «يوتيوب» بعنوان: «أخطر سارق في أغرب جريمة بالمملكة». وانظر إلى «الشحططة» التي تعرض لها المواطن المسروق في مخافر الشرطة، يتحول المواطن إلى بيضة ساخنة، الكل يرميها على الكل. المهم أن يبقى بعيداً، كان الأولى أن تعنون القصة على «يوتيوب»: «أسهل عملية سرقة وأصعب محاولة إقناع للشرطة»، ويمكن أيضاً من خلال هذه القصة معرفة حقيقة التزام شركات التأجير بالأنظمة أو تردِّي فعالية هذه الأنظمة، على رغم أحاديث برّاقة عن أنظمة معلومات وحاسوب حديثة ومتقدمة… يظهر أنها بالفعل متقدمة…علينا.
October 30, 2012
حتى في كندا
تأتي أخبار قضايا فساد في الغرب مثل «مساعدة صديق» للبعض منا، حينما يحاولون التخفيف من ضرر الفساد، باعتباره منتشراً عالمياً حتى في الدول المتقدمة، فيقال إنه لم يمنع تقدم المتقدمين! وفي كل المجتمعات الخ…، هذا البعض وصل إلى حالة «التكيّف» مع واقع الفساد. أما الوجه الآخر للعملة الرديئة المسوّقة هذه، فهي تقول إن الفساد موجود حتى في الأنظمة الديموقراطية أو تلك التي تدعي الشفافية ولديها قوانين واضحة مطبقة، لكن هؤلاء لا يتعمقون قليلاً للغوص في ما يحدث بعد كشف قضايا الفساد في الغرب. لا ينظرون إلى اليد الطويلة التي تلاحق الفساد ولا تتأثر بتقادم العهد على القضايا.
ولبُّ المسألة يكمن في درجة الفساد ونوعية مواجهته، إذا لم تكن هناك مواجهة واضحة شفافة مقنعة، من الطبيعي أن ترتفع الدرجة لتصل إلى حدود الغليان، صحيح أن ذلك «الغليان» يتم ببطء لا يلحظه البعض «المجادل» نفسه، فيعزوه لأسباب مستجدة.
لكن الذين ينظفون الفساد أولاً بأول، في مجتمعاتهم، يخففون كثيراً من التراكمات المحتقنة، ويحمون الاستقرار والموارد، ثم هم يضعون خطاً أحمر، هؤلاء لا يعترفون بالخطوط الرمادية ولا يؤمنون بضياع الدم بين القبائل، لذلك تبرز الأسماء والجهات علناً في واجهات الصحف وشاشات التلفزيون.
والغريب هو علاقة مشاريع صيانة الشوارع والصرف الصحي بالفساد، وعلى قولة أحد الأصحاب من جماعة «حتى في كندا»، حتى قضية الفساد التي كشفت أخيراً وأزعجت الكنديين تضمنت مشاريع للصرف الصحي، ومافيات تتلاعب، يبدو أن هناك علاقة متينة بين أسماء المشاريع والغرض «المعلن» منها ودرجة القابلية للفساد، هناك صرف وهناك صحي، والقائم على المشروع هو الأدرى بصحة مجرى الصرف الصحي.
October 29, 2012
لماذا لم ترفع «أرامكو» قضية؟
سؤال وجيه طرحه قارئ كريم، يتناول قضية الرشوة الشهيرة، والسؤال عن سبب عدم رفع قضية من قبل شركة أرامكو على شركة تايكو الأميركية، بخصوص الرشوة لموظف أو موظفين في «أرامكو».
يأتي القارئ الكريم بنموذج طازج لمكافحة الفساد في الشركات، إذ أرفق – مشكوراً – مع رسالته نسخة من صحيفة «الوسط» البحرينية الصادرة بتاريخ العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) 2012، وفي الصفحة الأولى عنوان رئيس يقول: («ألكوا» تدفع 85 مليون دولار لإنهاء قضية فساد «ألبا-ألكوا»)، والقصة باختصار أن شركة ألمونيوم البحرين «ألبا» رفعت في عام 2008 قضية، تتهم فيها الشركة الأميركية بـ«التخطيط على مدى 15 عاماً، وبالتنسيق مع متهمين بالفساد في البحرين لتأمين عقود، من خلال دفع رشا وتصعيد السعر على شركة ألبا»، والشركة الأميركية ألكوا تورد مواد خاماً لشركة ألبا البحرينية. وبمقتضى التسوية بعد قضية استمرت أربعة أعوام توجت بدفع مبلغ نقدي على قسطين، ستستمر العلاقة بين الشركتين، لكن «على أن تحصل (ألبا) البحرينية على حسومات وامتيازات تصل قيمتها إلى نحو350 مليون دولار أو أكثر». كل هذا، والشركة الأميركية لم تعترف بالمسؤولية عن أية اتهامات بالفساد، إذ تعتبر أن التسوية أفضل الممكن – لها طبعاً -.
هذا الانتصار لشركة ألبا البحرينية ومجلس إدارتها، هو أيضاً انتصار لمكافحة الفساد في البحرين، والنموذج الطازج هذا لا يبعد سوى «حذفة عصا» عن شركة أرامكو، ولا أتخيل مع إمكانيات قانونية ضخمة لشركتنا النفطية العملاقة أن يغيب عنها هذا الطريق، بل إنه من المستغرب أن تطلب معلومات من الشركة «الخصم» ثم تصدر بياناً لا يتناسب مع قوة بيانها الأول، الذي أكد رفضها لمثل هذه الممارسات! فلماذا لم ترفع «أرامكو» قضية ضد «تايكو»؟ أو لماذا لا ترفع قضية؟ الجواب لدى شركة أرامكو.
October 28, 2012
حليمة والعادة القديمة
أقترح على رئاسة الأرصاد وحماية البيئة أن تصدر تحذيراً يومياً في فترة «الوسم» عن احتمال هطول الأمطار وأخطار متوقعة، يكون التحذير بسيطاً بساطة تعامل الرئاسة مع الكوارث التي تقع، التحذير المقترح يقول: «نحذر من احتمال هطول أمطار غزيرة ومتوسطة، ولا نعرف أين تحديداً من مساحة المملكة المترامية الأطراف، وذلك لاستمرار تحرك السحب التي نتابعها بشكل مستدام»، الاقتراح لإبراء الذمة فقط.
في رابغ جرفت السيول عائلات في سياراتهم وذهبت أرواح. مدير الدفاع المدني الفريق سعد التويجري تعليقاً على غرق مواطنين ومواطنات قال لـ «الشرق»: «أما بالنسبة للتحذيرات فإن هناك جهات مختصة بهذا الأمر لم تبلغنا عن هطول أمطار أو جريان سيول على منطقة معيّنة، وإنما ذكرت أن هناك أمطاراً متوقعة على المنطقة الغربية بشكل عام». بحثت ولم أجد تعليقاً واحداً لرئاسة الأرصاد عن حادثة غرقى سيول رابغ، ولِمَ كان التحذير عاماً كما ذكر مدير الدفاع المدني، الاحتمال الأقرب أن موظفي رئاسة الأرصاد منشغلون بملاحقة السحب، بل إنني توقعت أن مسؤولية الأرصاد «وحدود صلاحياتها» محصورة بمتابعة السحب قبل أن تلقي ما فيها من أمطار. ومع عمومية تحذير تعذر به الدفاع المدني ولم يستفد منه بالحضور المبكر! إلى موقع الغرق. طالب المتحدث بلسان الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة المواطنين «بالاستفادة من النشرات الجوية»!! أما مدير الدفاع المدني فطالب المواطنين بأن «يأخذوا بحسبانهم التحذيرات التي تطلقها مصلحة الأرصاد ووسائل الإعلام والدفاع المدني»! انتهى.
مع عجزي عن فهم كيف يستطيع الفرد المواطن الاستفادة من تحذيرات لم تستفد منها أجهزة متخصصة لديها إمكانيات وغرف طوارئ!؟ تذكرت المثل الشعبي القائل «صبه احقنه» وترحمت على مبدعه.
October 27, 2012
تدافع
علاقتنا بالتدافع «بالمناكب والأقدام» قديمة، وهي بعمر «قطيعة» علاقتنا مع الانضباط تشييداً وحراسة. الانضباط سلوك وثقافة يؤسس لهما تعليماً وتدريباً، وقبل ذلك غرس الاحترام لهما ولمن يحترمهما، والمسؤول عن هذا أجهزة حكومية كل في ما يخصه. مؤكد أن احترام النظام والانتظام يبنى منذ الطفولة من المنزل إلى المدرسة والجامعة تدريجياً، كل مرحلة تبني، لكن كل هذا البنيان لو تم «فرضاً» ينهار سريعاً في فوضى الشوارع وأمام شبابيك «استقبال الجمهور»، بل إن المنضبط – محترم النظام – يمسي في آخر القافلة لو تمكن من اللحاق بها، بعد إصابات بالخدوش والأمراض المزمنة.
والتدافع على رغم استخدامه «غالباً» كمبرر لأحداث تقع وإصابات يتعرض لها أناس، هو في الواقع من سمات مجتمعنا، أراه حاضراً في المناسبات الرسمية والشعبية السارة والحزينة، مثلما أراه في التقديم على وظائف وقبول، وهو نفسه الذي تراه عند الخروج من صلاة الجمعة.
ولا أعرف بالضبط ما حدث في بعض محطات قطار المشاعر، لكن قائد قوات أمن الحج اللواء علي الغامدي، قال إن عطلاً أخر القطار، ما أدى إلى تدافع وازدحام، ونقلت عنه صحيفة «سبق» قوله: «وحمل بعض العاملين حالياً بمشروع القطار مسؤولية تدافع الحجاج وتزاحمهم أمام بوابتي المحطة»، مُرجعاً السبب إلى عدم تأهيلهم من قِبل مشروع محطة القطار، وتدريبهم على كيفية التعامل مع مثل هذه الحشود.
وقال الغامدي إن غالبية من كُلفوا بالعمل على مشروع القطار لخدمة الحجاج هم من طلاب المراحل الثانوية والجامعية، دونما أن يتلقوا التدريبات التي تجعلهم مؤهلين تأهيلاً كاملاً بحجم مشعر الحج، الذي يشهد كثافة بشرية من الحجاج المُقدر عددهم بثلاثة ملايين.
لا تعليق. سوى أنني أسحب كلامي – يوم أمس – عن التنسيق جزئياً على الأقل. يلاحظ هنا أن المسؤول لا يضع النقاط «التي يراها صالحة على الحروف» إلا عند الحالات الصعبة، ولو كان الوضوح في التعامل بين أجهزة حكومية بشفافية معلنة، قبل لا بعد الحدث، لتحسنت أوضاعنا الإدارية.
واقعنا يكشف أن هناك تدافعاً على تبني الإنجاز «حتى قبل تمامه»، وتدافعاً آخر للهروب من تحمل المسؤولية.
October 26, 2012
كنز إداري ومعلوماتي
ليس من السهل إدارة هذه الحشود الضخمة من الحجاج، مع تبايُن مشاربهم وثقافاتهم، من الاستقبال إلى التوديع، مروراً بالتمكين من أداء المناسك بأمن ويُسر في وقت قصير وحيز محدود، ومهما كانت القوة الإدارية على اختلاف مهماتها ما بين الصحي والإداري البحت والأمني، تلك المكلفة بالإدارة كبيرة الحجم والإمكانات موفرة. لا بد من أن تتوقف أمام هذه التجربة السنوية، وهي – بلا شك – أسست مع التراكم نماذج إدارية، إذا ما استخلصت فوائدها ووُضِعت على الورق يمكن أن تُدَرَّس وتُستلَهم منها الأفكار الإدارية، ليستفاد منها حتى خارج مواسم الحج.
ولو أخذنا التنسيق بين الأجهزة الحكومية مثالاً، سنجد أنه يصل إلى أعلى مستوياته في أيام الحج، متخطياً البطء المعهود ورمي المسؤوليات هنا وهناك. من المؤكد أن تقع أخطاء، وهو أمر طبيعي، إلا أن القدرة على التنسيق الإيجابي هي التي نرى فيها نموذجاً لافتاً، يمكن استنساخها في العمل الإداري طوال السنة. أقصد به العمل التنموي الممتد طوال العام للوطن.
كان «التنسيق» – ولا يزال بين الأجهزة الحكومية – أحد العقبات التي طالما برزت مبرراً وعذراً للبطء والتأخُّر.
في جانب آخر من مشهد الحج العظيم، نلاحظ أننا أمام كنز معلومات متحرك، ففي المشاعر المقدسة تتوافر عينات ضخمة الأعداد من كل البلدان الإسلامية وغير الإسلامية أيضاً، من الدول التي تعيش فيها أقليات مسلمة، وباستثمار المعلومة يمكن معرفة ودرس كثير من التفاصيل المهمة عن الشعوب الإسلامية ودولها وفيما لو أحسن توظيفه كنز معلومات ثري لا يتوافر بيسر وسهولة، فهو سيحقق – مع حسن الاستثمار – فوائد لا حدود لها.
October 24, 2012
الجمل البترولي
كل عام وأنتم والوطن الغالي بخير، والأمة الإسلامية بأحسن حال، هذا يوم عظيم اللهم ارزقنا خير ما فيه واجعل لنا نصيباً من رحمتك، واحفظ الحجاج وتقبل منّا ومنهم، وردهم إلى بلدانهم سالمين غانمين.
…
ارتفاع «تكلفة» الحج في الداخل للشخص الواحد قضية خطيرة ومؤسفة، وقبل أن يظهر شعار يقول: «حتى الحج»! يجب الوقوف أمام هذه الظاهرة بحزم، فلا تترك بيد الوسطاء أو التجار، الغوص في الأسباب وبحثها لوضع الأمور في نصابها أمر ضروري لا يترك للعام المقبل.
…
أصرت وزارة البترول على «توسيع صدورنا» في العيد، الوزارة طالبت بمنع تصدير الأسمنت، ففي نقاش بمجلس الشورى كشفت عنه «عكاظ» يوم الثلثاء، قالت وزارة البترول والثروة المعدنية: «إن تصدير الأسمنت ليس من مصلحة المملكة وإن تصديره تصدير للإعانة» انتهى المنقول.
وأنا أتفق مع الوزارة الموقرة، أعجبني اهتمامها بإيقاف تصدير السلع المعانة، ما دام السوق في حاجة إليها. لكني أذكّر الوزارة الموقرة بقضية الشركة التي «لهطت» المشتقات البترولية «المعانة» لأكثر من عقد من السنين، ماذا فعلت الوزارة بها وبقضيتها؟ هل أوقفت التعامل معها وغرمتها واستردت قيمة «الملهوط»؟ إذا كان الأمر كذلك فلم لا يعلن؟ وإذا كان غير ذلك – وهو الاحتمال الأقرب – فهو لا يعني سوى أن الجمل البترولي لا يرى عوج أنابيبه.
…
أبارك للأستاذ عبدالرحمن الهزاع توليه هيئة الإذاعة والتلفزيون، جمع «أبو ياسر» بين المهنية وحسن الخلق، وإذا ما توفر للهيئة الدعم وتم التسريع بترتيباتها الإدارية والمالية، أتوقع أن يحدث حراك في الإعلام الرسمي يتجاوز طابع الرتابة، أسأل الله له التوفيق.
…
آخر الكلام:
كأننا و«النار» من حولنا قوم «جلوس» حولهم نار.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

