عبدالعزيز السويد's Blog, page 37
February 4, 2017
نافذة على ورشة عمل
الأعمال التنفيذية لتحقيق أهداف الرؤية تفاصيلها تتم في ورش العمل، وهي ورش مختلفة ما بين الكبيرة والصغيرة، بعضها يعقد في فنادق الخمسة نجوم، وبعض آخر في مكاتب وزارات وهيئات، في هذه الورش تتم صياغة «لب» التحول للرؤية.
والإعلام لا يغوص داخل هذه الورش، فهذا غير متاح له، لكن لأنها ورش ترتفع منها أصوات الطقطقة والسمكرة ليصل بعض ما يحدث داخلها لخارجها، فإذا كنت قريباً من نافذة على ورشة من هذه الورش، ربما يسعدك الحظ فتشاهد واحداً من المشاهد التالية: إذا كان حضور الورشة على مستوى الوزير يحضر الاستشاريون الأجانب الخواجات من إنكليز وأميركان ومن في حكمهم من المطار إلى الورشة. أما إذا كان الحضور على مستوى أقل من وزير، فيحضر الاستشاريون العرب في الغالب من الجنسيتين اللبنانية والأردنية ومن في محيطهما، على هذا المستوى إذا فتحت عينيك فستجد أن عدد صغار السن من بينهم عدد ملحوظ، وعلى رغم أن الاستشارة تقوم على الخبرة والتجربة مقرونة بالعلم، إلا أنه من الواضح أن الشركات الاستشارية انتقت «العباقرة المسوقين» من صغار سن، بذرابة يستجدون المعلومات والحلول، أقول والحلول من موظفين حكوميين يجتمعون معهم، طبعاً هناك سعوديون من أكاديميين أو غيرهم «مستقطبون»، لكن أعدادهم قليلة، وبعضهم يذكر بالحال أيام سعودة سوق الخضار، حين كان يقف شاب مواطن صغير في الواجهة «بـ 500 ريال في الشهر»، وعند كل مفاصلة من المشتري يعود للتشاور مع صاحب المحل المتستر عليه، فالحرص متركز على الخمسمئة ريال مع «الزمرة» أمام الأقران بحضور في الواجهة.
ولا تستغرب إذا ما حضر وزير ورشة عمل ليلقي كلمة ترحيب ثم يستأذن – لارتباط آخر – وبعد دقائق يلحقه نائبه في الاستئذان، ثم وكيله، ليجتمع الاستشاريون الأجانب مع بعضهم بعضاً من دون شماغ أو غترة لتصميم شماغ وغترة جديدين
أعاود القول أن صلب العمل وأساسه في الورش، ولا نعلم كيف يتم «تقييمها» لتقويمها، وهل تغطي الصياغات الفضفاضة للأوراق والعروض المرئية على حقيقة المنتج. وهو ما يطرح سؤالاً عن صحة انتقاء الأدوات فهي الأهم. والمضحك المبكي أن كل العمل «الخام» للورش يعود من البداية إلى لحظة ما قبل «الولادة» الملونة – إلى الموظف الحكومي «التقليدي»، أي ممن هم في «بيت الدرج»، بعيداً عن سلم رواتب وعقود الاستشاريين المرتفع، ليحمل الملفات تحت إبطه معيداً تجهيزها وتوفير تفاصيل أدق حولها، ثم تقديمها «باردة مبردة» لهم. وهو وظيفياً في المستوى الإداري المتوسط فما فوق، يعمل بنصف راتبه الحكومي أو أقل! ولا أعلم هل يصنَّف من الأغنياء أم من الفقراء؟ فسبحان الذي لا تنام عينه.
February 3, 2017
لعبة الكراسي اليابانية
فكرة تبدو بسيطة ومختلفة، ظهرت في مقطع «يوتيوب» منذ مدة، لم يحصل على حقه من الانتشار والتفاعل، أحياناً يعجب الناس بفكرة، لكنها لا تستقر في نفوسهم!
المقطع عن لعبة الكراسي، التي يلعبها الأطفال حين يتنافسون على كراسي أقل من عددهم. وفي كل مرة يخرج خاسر ليزاح كرسي حتى يبقى فائز وحيد. من لا يستطيع الإسراع ودفع منافسه بعيداً يخسر الفرصة والكرسي.
بحسب ما جاء في المقطع فإن اللعبة تمارس في اليابان بطريقة مختلفة، فمع عدد كراسي أقل من عدد الأطفال يجب عليهم جميعاً أن يحتضنوا الطفل الذي لا يجد كرسياً في كل مرة يزاح فيها كرسي، يوفرون له مكاناً ولو «تنازلوا» قليلاً وإلا خسروا جميعاً. والفكرة رائعة لكنها تبدو مثالية لكونها تصطدم بالمفاهيم السائدة المختلفة باختلاف المجتمعات، والعجيب أنها بأكثر من وجه موجود أصلها لدينا في «الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». وهي موجودة في أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، وهي موجودة في خير الناس أنفعهم للناس، وهي موجودة في «طعام الاثنين كافٍ لثلاثة».
هل يكفي هذا؟ هي موجودة أحياناً في حلقات الوعظ وخطب الجمعة، لكنها مفقودة حد الفاقة في سلوكيات أفراد المجتمع، سواء أكانوا في مدرسة أم شارع أم ملعب أم باب مصعد، ولا يمكن أن ترى مثلها في تنافسات كراسي الوظائف أو الفرص أياً كان نوعها. المستقر المتجذر في المجتمع هو «نفسي نفسي والآخرون إلى…»، حتى لو كانت نفسي هذه، لا تحتاج إلى ذلك الشيء المتنافس عليه! المتفشي هو الأولوية والصدارة، وحث على بلوغ قمة ليس فيها سوى كرسي، وحيد ومع زخم هوس البروز والريادة يجب أن يقف عليه الفائز لا أن يجلس، ويفضل وقوفه على طرف إبهام رجله ليصبح أكثر طولاً وشهرة!
هذا الواقع استدعى غلبة الشكل على المضمون فانتشرت الشهادات المزيفة، وتصدر الزيف والادعاء والهياط، وتحولت السير الذاتية إلى واجهات، مثل معلقات يمكن ضمها إلى الكتابة الساخرة! وهناك حال تواطؤ مبطن في عدم الكشف عن حال الفصام هذه بين ما يعلن ويتغنى به وبين واقعه الأليم، والكشف لا يعني رغبة في جلد ذات بقدر ما يراد منه إيجاد العلاج، لماذا هذا التنافر والتضاد بين الصورة والأصل؟ وكيف يمكن معالجته أو التصالح معه؟ فلا ندعي ما ليس فينا.
February 1, 2017
«البلدوزر»… هل نحن على استعداد؟
يمكن وصف حالنا في مواجهتنا آثار هجمات الـ11 من أيلول (سبتمبر) وما أنتجته من تحولات خطرة تمس بلادنا والإسلام والمسلمين، وأيضاً العرب من غير المسلمين، يمكن وصفها بحال من الانكفاء الدفاعي، مع ترقّب تذوي شعلته بمرور الوقت! صحيح أن السعودية استطاعت امتصاص الغضبة الأميركية في لحظتها «البوشية»، وكان هذا نجاحاً كبيراً، لكنها لم تتمكن من تطوير هذا الامتصاص إلى فعل مؤسسي استراتيجي مستدام التأثير، كان من الممكن ذلك، لكن الانكفاء الذي تغلب وتسيد المشهد وقف عائقاً أمام إمكان تحققه.
حدثٌ خطِرٌ بهذا الحجم غيّر مجرى العالم ومهّد لإبراز الإسلام والمسلمين بمثابة عدو للعالم الغربي، لنا علاقة به، أياً كان نوعها، شئنا أم أبينا. ألم يستلزم إنشاء جهة مختصة به تستوعبه لتضع خططاً مستقبلية، وتعمل الفكر لكل الاحتمالات، تقلل الخسائر وتستعد للقادم؟! هذا لم يحدث، وطوال هذه السنوات تتم تغذية هاجس الخوف وشهوة الانتقام عند كل ذكرى سنوية للهجمات، مع وضع السعودية والإسلام والمسلمين تحت الأضواء الكاشفة؛ من تحليلات… إلى تقارير… إلى برامج وثائقية!
وما زلنا نعمل بردة الفعل، وحين بدأ الحديث عن قانون جاستا تحمسنا ولم يتوقع البعض إقراره، لكنه أقر، ثم ما لبثنا أن تكيّفنا مع هذا الواقع الجديد.
ما يجب عدم نسيانه أو التغاضي عنه أن هجمات الـ11 من سبتمبر تمثل ذخيرة غنية «تاريخية» لكل من يريد استهداف السعودية والعرب والإسلام والمسلمين، وطوال تلك السنوات طُرحت – محلياً – رؤى وأفكار وتصورات تحاول استنهاض الهمم لوضع خطط لا تترك مجالاً للصدف والتغييرات السياسية والاستراتيجية المحتملة، لكنها تاهت في الدهاليز! ويمكن القول إن بعضاً منها اصطدم بجدار افتراضي أو حوائط نيرانية غير مرئية، فلم تتمكن من الوصول لتتخلق من الفكرة فعلاً على أرض الواقع، بدليل أننا – على رغم طول المدة والاستهداف – لم نر فعلاً مؤسسياً رسمياً يتماشى مع حجم خطر مستمر.
ولا يُعلم الكثير عن الواقع الرسمي واستعداده لمختلف الاحتمالات، لكن ما يُستشفّ رصداً أن الحال على ما هي عليه، ولو كنا مستعدين لاستفدنا من الزخم الشعبي، الذي يحدث في الولايات المتحدة حالياً والرافض وضع المسلمين الأميركيين واللاجئين موضع الشبهة الإرهابية، فقط لكونهم مسلمين! ولو كنا مستعدين لأثّرنا في توجهات الإدارة الأميركية الجديدة، لتعريف الإرهاب وسبل مواجهته، السبل التي لا تزيد في سعاره أو استغلاله من أنظمة إرهابية.
نقف كما المتفرجون في قضية نحن معنيون بها شئنا أم أبينا، والابتزاز حاضر يطل برأسه!
January 31, 2017
فرصة ذهبية للفرز الذكي
دعونا نفتش عن جوانب إيجابية يستفاد منها مع الأوضاع الاقتصادية! في الشهر الماضي قالت مجموعة «سامبا» المالية إن الاقتصاد «يعاني من حال كساد، وهو يواصل مواجهة الصعاب».
ولا يحتاج المرء إلى جهد ليعلم أن الركود هو السائد، هذه الصعوبات تطاول مختلف القطاعات، ولا شك أن «قطاع» التستر – إن جاز التعبير – يواجه هو الآخر صعوبات، ومعه تسريح العمال أو تركهم للبحث عن فرصة عمل في سوق تعاني من عدم توفر فرص، مع تأخر أو توقف بعض الشركات والمؤسسات من الوفاء بصرف رواتبهم! المحصلة من هذا؛ إذا لم تتم مواجهته ببرامج وأفكار خارج صندوق «الانتظار» فسيؤدى إلى مزيد من الخلل الأمني، وبخاصة في القضايا الجنائية، يضاف إلى هذا مصاعب إنسانية ستتعرض لها بعض العمالة من دون وجه حق.
ولا يصح أن نقف مكتوفي الأيدي بانتظار أن ينشط الاقتصاد وتظهر نتائج برامج أو خطط.
لذلك أقترح على الأجهزة الحكومية، وبخاصة وزارات: الداخلية والتجارة والعمل، أن تعمل على برامج سريعة التأثير لفتح فرص التخلص من العمالة الزائدة، مع الاهتمام بالحفاظ على الأفضل منها ومن ليس لديه سوابق، ويأتي ذلك من طريق التشجيع والترغيب لأرباب العمل من شركات ومؤسسات بخفض رسوم عليهم أو خفض غرامات كلما كانوا أسرع في تسوية هذه الملفات، مع حفظ حقوق العمالة. لا يكفي أن تقوم حملات أمنية للملاحقة، وهو ما يتوقع خلال الفترة المقبلة، بل يجب أن يتضافر معها تحرك رب العمل ليشعر بأهمية القضية ومسؤوليته تجاهها، لأن لهذه القضايا «العمالية» تداعيات جنائية محتملة نرى بوادر شررها، في سرقات واعتداءات.
أرى يومياً عمالة تجلس في الشمس تتشاغل بالهواتف الجوالة من دون شغل ولا مشغلة، لأن المحل الذي يعملون فيه توقف عن العمل لسبب ما. وهذا نموذج صغير، لكن على المستوى الكبير لم تكن العقوبات رادعة ضد شركات تأخرت في تسليم رواتب عمالها على رغم الملاءة المالية لأصحاب هذه الشركات، وهو ما يجب أيضاً إعادة النظر فيه، حماية للحقوق والاقتصاد والمجتمع.
إننا في حاجة إلى العمالة، وطوال عقود عند الاستقدام لم يكن هناك فرز نوعي يعتمد على الكفاءة في التأهيل، وكذلك من الناحيتين النفسية والصحية، مع نظافة السجل الأمني، تركت المسألة للدلّالين بمسمى «مكاتب» تعتمد أساساً على «دلّال» هناك، وهذا ما يجب أن ينتهي، وأمامنا فرصة ذهبية لتصحيح هذا الوضع.
January 30, 2017
عودة أجواء 11 سبتمبر
تم إحراق مسجد في الولايات المتحدة الأميركية، ثم هجوم إرهابي على مصلين في كندا المعارضة لقرارات ترامب، فهل ترحيبها بالعالقين في منافذها، ممن لم تسمح لهم واشنطن بالدخول، سبب لاستهداف مسجد ومصلين فيها؟! ومن يقف وراء ذلك؟
إن الإرهابيين الذين قتلوا المسلمين المصلين لايريدون خيراً بالغرب أيضاً ولا بترامب.
الأجواء تشبه أجواء ما بعد الـ11 من أيلول (سبتمبر)، والتجييش لا يختلف عن تلك الفترة، تعيد الإدارة الحكومية الأميركية في مطلع عهد ترامب أخطاء بوش الابن الكارثية، ومع أن ترامب في حملته الانتخابية انتقد بعض ممارسات ولاية بوش الابن، إلا أنه يسير مسرعاً إلى المحصلة نفسها.
لا يمكن أن تكافح التطرف بتطرف مضاد ولا إرهاب الأفراد والجماعات الإرهابية المسلحة بإرهاب دولة، هذا ما لم يستوعبه ترامب، كما لم يفهمه بوش الابن قبله.
وفي «تويتر» يحاول بعض المستترين من «الصفويين»، التصيد ونفث أحقادهم ضد السعودية ودول عربية أخرى، لأن قرارات واشنطن لم تشمل مواطنيها، لهؤلاء أقول: السعوديون لا يكرهون أميركا البلد والشعب، إنهم ضد مواقف سياساتها الخارجية في فلسطين، وتالياً في العراق وسورية، وضد احتضان إدارة أوباما نظام الملالي المتوحش في العراق وسورية، لكن بعض الذين هواهم صفوي يغيظهم ذلك، وموقف السعوديين الثابت من قضايا عربية وإسلامية يشاركهم فيه غالبية العرب والمسلمين الشرفاء.
لقد تضرر مواطنون سعوديون كثر، ومؤسسات سعودية وشركات ورجال أعمال، من تداعيات هجمات الـ11 من سبتمبر، وثبت لاحقاً بعد سنوات طويلة من الركض في المحاكم والسجون براءتهم! وتم تبشيع صورة السعودية وربطها بالإرهاب، ولم تكن إيران – حاضنة بقايا تنظم القاعدة الإرهابي في طهران وقم – بعيدة عن هذا.
إن من نختلف معه هو الثور الهائج الذي ركبت عليه واستغلته طهران وعملاؤها في العراق، ليحطموا الدولة العراقية ويفرقوا بين مكونات شعبها، شقوا صفوفه بين حزب الحسين وحزب يزيد، حتى تحولت بلاد الرافدين إلى «ضيعة» إيرانية تمتص مواردها وتقتل شعبها باسم الولي الفقيه وثأرات الحسين الذي قتله أجدادهم، الواجب على هؤلاء، إن كان فيهم ذرة إخلاص لبلادهم، أن يستنقذوه من نظام الملالي أو يصمتوا.
صفارة الإبريق الفواح
وهو إبريق معدني يستخدم لغلي الماء، أبرز استخداماته المتكررة غلي الماء لتجهيز الشاي، في مراحلة الأولى كان الماء يفور بعد غليانه لينسكب على ما حوله محدثاً أوساخاً، وربما يطفئ النار، ثم تم تطويره من الصانع بوضع صفارة تطلق صوتاً بفعل البخار المتصاعد، ما يمكّن المستخدم من التنبه قبل فوران الماء المغلي، هذه الأسطر لمن لا يعرفه، أما من يعرفه فربما يتفق معي أن هناك صفارات حديثة أصبحت تقدم التنبيه المبكر مع تصاعد أول خيوط البخار الساخن.
مجتمعياً فإن وسائل التواصل تمثل «إناء» ماعوناً كبيراً يخبر عن حال المجتمع، همومه وشجونه، أحلامه وآماله، فهي إذا ما أحسن رصدها والتنبه لها جاءت بخير وأصلحت أوضاعاً معوجَّة، وفرغت بالونات قبل تضخمها أو انفجارها.
خليجياً وسعودياً يمثل «واتساب» و«تويتر» أفضل نموذج للإبريق الفواح، عربياً ربما «فيسبوك» أكثر «غلياناً» في دول عربية أخرى مثل مصر واليمن والمغرب العربي. لم نصنع إبريقنا فجاء من صنع إبريقاً لنفسه ولنا، وهو يتحكم حالياً بكل تفاصيل ذرات الماء الذي يغلي، يستطيع إذا ما أراد رفع درجة الحرارة أو تبريدها، يمكنه إذا رغب إضافة نكهة مستساغة كانت أم لا.
لكن من الواضح أن القادرين منا لم يكن من صلب اهتماماتهم صناعة إبريق خاص بنا، «نركد» فيها الشاي على طريقتنا، بحيث يكون متوازناً، وحتى بعد تزايد عدد الأباريق الأجنبية لم يتم التفكير بذلك. إنما هل يستفاد من تحذيرات الصفارة مبكراً أم لا، هذا السؤال الذي لا أملك الإجابة عنه، أما من زاوية التخمين والتوقع فلا مؤشرات إيجابية على ذلك.
لقد عشنا فترة طويلة من الجمود تجاه كثير من التطورات والظواهر في مجتمعنا، تم شراء الكثير من الوقت مع الإرجاء، كان البطء سيد الموقف، ولم تكن الأباريق الفواحة بهذا الحضور وهذه القوة، والآن أرى أننا نسرع أكثر من اللازم، ما بين الجمود والسرعة فارق كبير في أثر الانتقال من تلك الحالة إلى الثانية، ومثلما أن للجمود والبطء أضرارهما وأخطارهما، أيضاً للسرعة والعجلة ضررهما وخطرهما، وهناك دائماً حالة وسط تبتعد عن البطء ولا تقع في فخاخ التسرُّع.
January 29, 2017
أول العلاج.. الكي!
مع تطور الطب الحديث وتشييد المستشفيات جرى إهمال الطب الشعبي، وأحياناً احتقاره والتقليل من قيمته وقيمة العاملين فيه، من دون النظر إلى تجربتهم، وأدى هذا الإهمال «الرسمي طبعاً» إلى ضعفه وضياع تراكم خبرات وموروث فيه له قيمة علاجية كبيرة، ومع تردي منظومة الخدمة الصحية الحكومية وطغيان الطابع التجاري على الطب الحديث، وبالتالي نشوء فجوة حاجة وتزايد طلب للعلاج استغله بعض أدعياء الطب الشعبي ودخلوا المضمار، استفادوا من عدم توفر المنظومة العلاجية أو ضعفها وبيروقراطيتها.
ولم يكن لهذا أن يكون لولا الإهمال الحكومي، فطوال عقود لم تكن الجهات الحكومية مهتمة بتقنين وتطوير الطب الشعبي، سواء أكان العلاج بالأعشاب أم الكي والحجامة وتجبير كسور العظام، وحتى اللجوء إلى الرقية الشرعية، التي يمكن ضمها إلى الطب الشعبي، مع ثبات أصلها في القرآن الكريم والسنة المطهرة.
واختلط الحابل بالنابل، ولجأ بعض الناس- اضطراراً- إلى من استطاع إقناعهم، فالمريض مثل الغريق يتشبث بقشة، وأثرى بعضهم حتى طالعنا أخباراً ونكاتٍ عن شراء إبل بملايين الريالات من معالجين بالرقية، لا أعلم مدى صحتها.
وعلاج هذه المشكلة القديمة المتجددة لا يمكن بملاحقة من تشتهر أخطاؤه و«سوء تشخيصه الطبي» إن جاز التعبير، فالأخطاء في التشخيص والعلاج حاضرة في الطب الحديث أيضاً، إلا أنها تحدث عن علم! في حين يحدث ذلك من أدعياء العلاج الشعبي عن جهل، وهذه مفارقة تستحق التأمل. ولا يمكن لكل متضرر الظهور كما ظهر المواطن في مقطع يعرض فيه حال جسده بعد «جلسات شوي» بأسياخ حارقة، لتتم ملاحقته إذا اشتهر المقطع ونال الاهتمام، هذا وحده غير كاف.
علاج المشكلة ممكن مع أهمية أساسية، وهي أن تقتنع وزارة الصحة والأطباء بأن هذا النوع من العلاج ليس منافساً لهم، ثم يتم تقنين هذا الطب بأنواعه المختلفة، التي أشرت إليها، بخطوات تبدأ بالفحص النفسي لمن يمارسه، وحد أدنى من الثقافة والتعليم لديه، ثم التأكد من قدراته العلاجية وفهمه احتمال مضاعفاتها، ومن بعدها الترخيص له، مع شرط وجود سجل لمن يراجعه، وكما أن هناك هيئة للتخصصات الصحية يمكن أن يكون هناك جهاز يعنى بالطب الشعبي، يشرف عليه ويطوره ويدعمه علمياً.
January 27, 2017
جاك شمعون جاك وليده!
اعترفت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بصعوبة التعامل مع الفايروس، الذي استخدم للهجمة الإلكترونية، ونقلت الصحف عن محافظ الهيئة إشارته إلى «عدم استطاعة أنظمة الحماية التصدي لفايروس (شمعون 2)، بسبب استخدامه أسلوباً غير مسبوق».
والاعتراف بحد ذاته جيد، فالإنكار يزيد من الضرر، إنما المؤسف أن الوضع هو بهذه الصورة معلن من جهة متخصصة، فهذا الواقع يشير إلى أننا أمام ابتزاز «جاك شمعون جاك وليده».
والسؤال لماذا استطاعت مواقع بعض الجهات الحكومية الصمود ولم تتأثر؟ بوابة «أبشر» على سبيل المثال لا الحصر، وهو من المواقع المستهدفة لأهمية ما يقدمه من خدمات وما يحويه من معلومات، فهل للأمر علاقة بالإدارة؟
ليس من الأسرار أن كثيراً من الإدارات الإلكترونية في الأجهزة الحكومية تم التعامل مع الإشراف عليها وإدارتها كوظائف، يرقى أو يعين عليها من استحق «المرتبة» بحسب السلم الوظيفي والمدة الزمنية والعلاقات الشخصية، حتى ولو كان غير متخصص ومطور لقدراته باستمرار.
ويغطى العجز «التقني» باللجوء إلى شركات أو أفراد، لينتهي الأمر إلى عمالة أجنبية لا يمكن تقييم كفاءتها، فضلاً عن الثقة الأمنية بها، وهذا الواقع كان متفهماً في زمن سابق، لكن استمراره هو ما يثير علامات الاستفهام.
تم نشر الكثير من التحذيرات المتوقعة دولياً على مواقع مختلفة في نهاية العام الماضي، عن أن 2017 عام ستتزايد فيه الهجمات الإلكترونية، وحددت دول من بينها السعودية ودول الخليج أهدافاً. وعلى رغم هذه التحذيرات التي تنبه لها غير المتخصصين لم يعلن تحذير رسمي قبل وقوع الهجمات، مع أن هناك تجربة مع «شمعون» المأفون حتى لو تم تطويره.
المنظومة الإلكترونية جسم واحد، ومما يتردد أن بعض الجهات تضررت ولم تعلن ذلك، ولا يعرف هل التكتم هذا محصور في النشر الإعلامي أم يتجاوزه إلى إخفاء الحقيقة عن المنظومة الرسمية المعنية؟ إذا كان الأمر كذلك ففيه خطورة، لسبب أن أية ثغرة أو ضعف سيسبب ضرراً للجميع.
وهنا لا بد من إعادة فحص هذه الإدارات لمعرفة مقدار كفاءاتها وكفاءة القائمين عليها، وأيضاً حتى يوقف الاسترزاق الذي يتداول عن حدوثه من شركات أو أفراد يستغلون عدم معرفة المسؤول بدهاليز التقنية، لينفتح باب العقود لهم ولمن يساعدهم على مصراعيه.
January 25, 2017
مافيا الوقود «السائل»!
اختفت أخبار القبض على عصابات تهريب الوقود بصهاريجهم، سواء المهرب للخارج أم الداخل، للخارج يتم تهريب الديزل أكثر من غيره بطرق مختلفة لانخفاض سعره في الداخل عن الخارج، أما التهريب في الداخل فيتم بطرق عدة ولأكثر من نوع، فالشحنة لا تصل إلى محطتها الفعلية كاملة، يتم تفريغ جزء من الشحنة هنا أو هناك، غالباً في استراحات نائية أو مواقع تتوافر فيها خزانات ليعاد بيعها في السوق الموازية.
غالبا تتهم العمالة من سائقين ومن في حكمهم بهذه القضايا مثل غيرها من قضايا سلبية، والأرجح أنهم أدوات فهل يعقل أن العمالة تعمل وحدها؟ سؤال لا أملك الإجابة عليه، ولا يمكن الاعتماد على أقاويل، لكن الثابت أن الوقود مصدر الطاقة والدخل للاقتصاد الوطني، ومع واقعهما المحلي والدولي مضافاً إليه الهدر والتهريب، هو ما دفع لترشيد الإنفاق الحكومي ورفع الرسوم على المواطنين والمقيمين، والتأكد من عدم التلاعب بشحناته ضرورة اقتصادية في نهاية الأمر.
نحن نحكم «أو نحاكم» على أرقام استهلاك لا نعلم من يستهلكها فعلياً وكيف حصل ذلك، لكننا ندفع ثمن ما يقال عن ضخامة هذه الأرقام، ويحسب على كل فرد منا كم برميل!
اختفاء أخبار تهريب الوقود هل يعني نهاية لهذه الظاهرة «وهي ظاهرة أثرى من ورائها المهربون»، طبعاً لا يمكن توقع زوالها، بل هي مرشحة للزيادة وربما التطور في الطرق والأساليب مع زيادة الأسعار أو الرسوم، ومعرفة واقع قطاع النقل، لذلك نسأل عن مدى كفاءة الرقابة والتتبع سواء لدى أرامكو أو لدى الشركات الكبيرة المستهلك للوقود مثل الكهرباء أو غيرها، الوقود «السائب» مثل المال السائب، والوقود مال عام، الثراء غير المشروع من استغلاله مرشح للتصاعد، واستغلال النفوذ وارد، في المقابل الفاتورة تحسب على «جميع السكان»!
وجود ثغرة التهريب وغموض واقعها يحتاج من القائمين على ترشيد الإنفاق والمعنيين بخفض استهلاك موارد الطاقة إلى إعادة فحص مسار الوقود من المنبع إلى محطة الوصول وحسابه على كل طرف على أنه من الإنتاج أو الاستهلاك على المنشأة ومع تحسين نظام المراقبة والتتبع من الأهمية بمكان إعلان، بشفافية، قضايا التهريب ومن يقف وراءها فهذا مما يعزز الثقة ويطمئن عن الكفاءة.
January 24, 2017
الحماية الإلكترونية
ما هي حقيقة الواقع الإلكتروني في بلادنا؛ من ناحية أمنه المعلوماتي وسلامة استدامة عمله من دون خروق أو تعطيل، وبخاصة لأجهزة رسمية ومنشآت اقتصادية حيوية تهم وتمس حياة كل فرد منا؟ لا نعلم الحقيقة بدقة! لكن بعد الهجوم الشديد الذي تعرضت له «أرامكو» وهي الشركة المتقدمة محلياً، مقارنة بغيرها، لم تعد هناك ثقة متينة بالمنظومة الإلكترونية، وقبل دخول العام الميلادي الجديد ظهرت وأعلنت توقعات، من أكثر من جهة دولية، أنه عام الهجمات الإلكترونية بل إن بعضها حدد قائمة بأهم الدول المستهدفة، وكانت السعودية ودول الخليج ضمنها.
لا يمكن إحصاء ما صرف من أموال على أمن المعلومات في الأجهزة الحكومية، من دون الحديث عن الندوات والمؤتمرات والجوائز! وعلى رغم أن هناك تجارب يُشهد لها سبقت الحكومة في الخدمات الإلكترونية مثل تجربة المصارف، إلا أن من الواضح أنها لم يُستفد منها، والسؤال: هل هناك خلية أو فريق عمل يفكر ويستبق الأحداث في هذه المسألة الحيوية والمستمرة إلى ماشاء الله، أم هي متروكة للفكر الوظيفي أو فكر الموظف؟ ونظل تحت تهديدات وتعطيل.
وكما لا نعلم حقيقة ونتائج «جهود» تطوير المنظومة الإلكترونية أمنياً، لا نعلم واقع الخسائر التي حدثت خلال هجمات مختلفة، بل إن من المختصين من يذكر فيروسات مخزنة تفعّل من بعد عند لحظة الهجوم المنظم.
لقد فرطنا في كثير من الوقت والأموال ولم نستطع بناء جيل تقني على رغم توفر الخامات، وأتذكر أنني ناديت في وقت مبكر باحتضان المواهب وجئت بنماذج منها ، لكنه البطء والفكر الوظيفي، وتعدد الجهات المعنية ثم نقل الصلاحيات من جهة لأخرى كل فترة زمنية، ما يعني ربما البدء من الصفر وهكذا.
وعلى رغم أن الهجوم الإلكتروني الذي حدث أول من أمس منظم وكبير وطاول أجهزة جهات مختلفة فإنني لم أر في حساب تقنية الاتصالات في «تويتر» أي تحذير، بل إن نص خطاب التحذير الذي تم تداوله «من المركز الوطني الإرشادي لأمن المعلومات» – إذا كان صحيحاً – يشير إلى أنه ليس هناك خلية استباقية، فهو ينص على أنه…» نظراً إلى تعرض «ولا يذكر صدور تحذيرات مبكرة، فحتى الجمهور من مواطنين وغيرهم لهم الحق في الحماية والتنبيه المبكر.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

