صافي ناز كاظم's Blog, page 17
August 22, 2013
آيات من سورة الشورى:
بسم الله الرحمن الرحيم: "ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن يُنزّلُ بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير (27) وهو الذي يُنزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ( 28)" ، "وما أصابكم من مُصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير (30) وما أنتم بمُعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من وليٍ ولا نصير (31)". صدق الله العظيم.
Published on August 22, 2013 03:24
August 21, 2013
تنويه:كنت أنوي نشر مقالي "هموم مستعادة"، عن الراحل الكريم...
تنويه:
كنت أنوي نشر مقالي "هموم مستعادة"، عن الراحل الكريم الفنان توفيق صالح، هنا اليوم في هذه المدوّنة، ولكني أجلته ربما استطعت نشره بملحق جريدة الأهرام الأسبوع القادم إن شاء الله، وإن تعذر ذلك لسبب أو آخر آدي إحنا مع بعض، يعني ح أروح فين!
كنت أنوي نشر مقالي "هموم مستعادة"، عن الراحل الكريم الفنان توفيق صالح، هنا اليوم في هذه المدوّنة، ولكني أجلته ربما استطعت نشره بملحق جريدة الأهرام الأسبوع القادم إن شاء الله، وإن تعذر ذلك لسبب أو آخر آدي إحنا مع بعض، يعني ح أروح فين!
Published on August 21, 2013 07:17
هموم مسُتعادةتوفي إلى رحمة الله المخرج توفيق صالح، الساعة...
هموم مسُتعادة
توفي إلى رحمة الله المخرج توفيق صالح، الساعة الثامنة والنصف صباح الأحد 18 أغسطس 2013، وهو المولود 27 أكتوبر 1926.
رغم صداقة قديمة تربطني بهذا المُخرج السينمائي الفنان، (ترجع ربما لعام 1956 عن طريق صديقنا المشترك صلاح جاهين)، إلا أنني لم أكن قد شاهدت أيا من أعماله حتى زيارتي له يوم الإثنين 22 فبراير 1999 لتهنئته بجائزة الدولة التقديرية في الفنون لعام 1998، وقد يبدو ذلك من الأمور الغريبة إلى درجة الإستنكار لكن الظروف التي تحكمت في مسار حياة توفيق صالح ومسار حياتي تبرر بقوّة هذا النقص غير اللائق في التواصل؛ فاتني مشاهدة فيلمه الأول "درب المهابيل"، الذي أخرجه عام 1955، لأنني لم أكن أذهب وقتها لمشاهة أي فيلم عربي حيث كنت مُكتفية بما تعرضه سينما الأندلس الصيفية المقامة أمام عمارتنا 116 شارع العباسية وكنا نشاهد أفلامها العربية مجانا من كل شرفات ونوافذ شقتنا المُطلة على شاشتها بوضع "لوج" درجة أولى ممتاز، وفاتني "صراع الأبطال، 1961، و "المُتمردون"، 1966، لأنني كنت في الولايات المتحدة في فترة دراسة متّصلة من أغسطس 1960 حتى أغسطس 1966، ولا أعرف سببا واضحا في ذاكرتي منعني من مشاهدة "زقاق السيد البلطي"، 1967، و "مذكرات نائب في الأرياف"، 1968، أما فيلمه "المخدوعون" الذي أنتجته سوريا 1971 عن رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس" وحصد به العديد من جوائز السينما العالمية فقد ظللت ألح على توفيق صالح أن يمكنني من مشاهدته وهو يسوّف طيلة مُعاصرتي له بالعراق، فترة وجودي ببغداد أدرّس مادة الدراما لطلبة كلية آداب جامعة المستنصرية من سبتمبر 1975 إلى 28 يونيو 1980، وبالطبع لم يكن ممكنا مشاهدة الإنتاج العراقي لفيلمه "الأيام الطويلة" الذي هو آخر أعماله.
حين أصبح عندي "فيديو" يُمكنني من مشاهدة المتاح مما أريد مشاهدته أعارني توفيق صالح نسخا من أشرطة أفلامه المنقولة من برنامج "ذاكرة السينما" لسلمى الشمّاع. جلست أسبوعا أشاهد كل ليلة فيلما في مهرجان خاص أقمته لنفسي لمشاهدة كل أعمال توفيق صالح دفعة واحدة، محاكية تلك المهرجانات التي كانت تُقام بمحيط جامعة نيويورك، وحضرتها أثناء دراستي بها 1964 حتى تخرجي فيها يونيو 1966، في سينما مُتخصصة لعرض روائع تراث وعلامات الفن السينمائي؛ مهرجانات شاهدت فيها كل أفلام "شارلي شابلن" و "جريتا جاربو" و كل أعمال المخرجين العظام "إنجمار برجمان" و"أنتونيوني" و "فلليني" و "كازان"، ومهرجان أفلام الفن السينمائي الرائدة مثل "السماء فوقنا والأرض تحتنا" و "دكتور كاليجاري" ... إلخ.أهمية تلك المهرجانات أنها كانت تُكدّس في إحساسي الوعي المكتمل بالفنان وهمومه المستوطنة وقضاياه المتسلطة، بل كل "متسلّطاته" إذا أردنا توضيح المصطلح.
فماذا تكدّس لدي عند مشاهدتي مهرجاني الخاص لأفلام الفنان المُبدع الأمين توفيق صالح؟
***داهمتني في البداية حالة من الدهشة الحزينة أمام كل هذه الهموم المستعادة؛ كيف تأتّى أن ما كان "بائدا"، بقيمه السلبية والمرفوضة والمحتج عليها والمطالب بإدانتها والعمل على التصدّي لها حتى لا تعود، أصبح حاضرا من جديد بوقع حثيث ثقيل يريد أن يستحكم ويسجّل هو إدانته لمن أدانه وقاومه؟
***"درب المهابيل"، 1955، تصوّر حدوتة بسطاء يواجهون شظف العيش، وقصة حب شريفة يُعوّقها الفقر عن الاكتمال بالزواج، وحقّ يتم انتزاعه من صاحبه بنوازع الطمع الشرسة الكامنة في الطبيعة البدائية. ويُعيد "صراع الأبطال"، 1961، طرح أزمة الفقر كوباء، مُتخذا عام 1948 والعهد الملكي المستباح ساترا تدور في زمنه مشاكل الوطن المزمنة التي صاحبت كل الأزمنة من بعده ومن بعد بعده، طارحا الخلاص في بؤرة الوعي غير المُزيِف لجذور الأوبئة والأمراض والمعاناة. في "يوميات نائب في الأرياف" يبدو البطل ساخرا سُخرية من سبق له الحلم والتفاؤل بمستقبل أفضل ثم ضعضعته شبكة الفساد فأحنى رأسه واحتضن مثاليته بغصص المرارة: ما هو العدل؟ ما هو القانون؟ أهو نص أم روح؟ وهل للقانون، بنصّه أو روحه، قوّة تحقق العدالة ومقاليده وزمامه بيد الظالمين؟ تساؤلات توفيق الحكيم مسجّلة عام 1935، وتساؤلات توفيق صالح مُسجلة عام 1968، ولا تزال التساؤلات هي هي نفسها تؤرّقنا!
مع " المخدوعون"، 1971، تصبح الرؤية أكبر من مأساة "رجال في الشمس"؛ إنها حقا الخداع والخديعة والخادعون والمخدوع، بإرادته، يمشي متحرّكا في سراب الصحراء حتى الإحتراق مُجازفا لعله يجد البديل عن مذلة السكون وقلّة الحيلة والجوع والأرض المسلوبة والتساؤل العريض أيهما أفضل: اختيار الموت أم حياة بعد اجتثاث الرجولة؟، بل هو التساؤل: أيهما يكون الموت حقا؟
***تعتمد سينما توفيق صالح على قدر كبير من الصمت، الذي هو بالطبع ليس الخرس بل هو وسيلة خلق التواصل النفسي المشحون بين المشهد والمشاهد، حين تكون اللفتة ونظرة العين وكدر الوجه أو بسمة الشفاه هي المُعبّر الأبلغ أمام لا جدوى الكلمات؛ يختار وجه برلنتي عبد الحميد في "درب المهابيل" و "راوية عاشور" في "يوميات نائب في الأرياف"، ومساحات الصحراء الشاسعة وأفق الشمس البيضاء اللاهبة وجذوع النخل وهاماتها العالية قمما نحو السحاب في "المخدوعون"، وجموع الفلاحين، الواقعة تحت الحصار في "صراع الأبطال"، حركة وتخبطات الفزع لقطيع يهيم بلا قيادة ينشد الفرار من دون أن يدري كيف وإلى أين.
قليلون الذين يحترمون "الصمت" ويفهمونه ويدركون طيات تربته وثرائها أما النادر فهذا الذي يعرف إدارته بكفاءة ويجيد طرحه ويدرك ضرورته الموظفة لإنطاق الفن السينمائي لغته الفريدة، وهذا القليل النادر هو لب أسلوب الإخراج عند توفيق صالح.
***هم الآن، الأربعاء 21 أغسطس 2013، في سرادق عزاءك يا توفيق ظهرا تجنبا لحظر التجوّل في ظل الطوارئ، شاركت زوجتك الفاضلة "روضة" و ابنتك الحبيبة "ريم" العزاء هاتفيا، فلا يمكنني أبدا الذهاب إلى السرادق والمخاطرة برؤية الفنانين والفنانات، هؤلاء الوحوش البشرية الهاتفين بـ "أُفرم أفرم يا سيسي"!
الحمد لله يا توفيق الذي عافاك مما ابتلى به غيرك؛ رحمك الله وأثابك كل الخير.
توفي إلى رحمة الله المخرج توفيق صالح، الساعة الثامنة والنصف صباح الأحد 18 أغسطس 2013، وهو المولود 27 أكتوبر 1926.
رغم صداقة قديمة تربطني بهذا المُخرج السينمائي الفنان، (ترجع ربما لعام 1956 عن طريق صديقنا المشترك صلاح جاهين)، إلا أنني لم أكن قد شاهدت أيا من أعماله حتى زيارتي له يوم الإثنين 22 فبراير 1999 لتهنئته بجائزة الدولة التقديرية في الفنون لعام 1998، وقد يبدو ذلك من الأمور الغريبة إلى درجة الإستنكار لكن الظروف التي تحكمت في مسار حياة توفيق صالح ومسار حياتي تبرر بقوّة هذا النقص غير اللائق في التواصل؛ فاتني مشاهدة فيلمه الأول "درب المهابيل"، الذي أخرجه عام 1955، لأنني لم أكن أذهب وقتها لمشاهة أي فيلم عربي حيث كنت مُكتفية بما تعرضه سينما الأندلس الصيفية المقامة أمام عمارتنا 116 شارع العباسية وكنا نشاهد أفلامها العربية مجانا من كل شرفات ونوافذ شقتنا المُطلة على شاشتها بوضع "لوج" درجة أولى ممتاز، وفاتني "صراع الأبطال، 1961، و "المُتمردون"، 1966، لأنني كنت في الولايات المتحدة في فترة دراسة متّصلة من أغسطس 1960 حتى أغسطس 1966، ولا أعرف سببا واضحا في ذاكرتي منعني من مشاهدة "زقاق السيد البلطي"، 1967، و "مذكرات نائب في الأرياف"، 1968، أما فيلمه "المخدوعون" الذي أنتجته سوريا 1971 عن رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس" وحصد به العديد من جوائز السينما العالمية فقد ظللت ألح على توفيق صالح أن يمكنني من مشاهدته وهو يسوّف طيلة مُعاصرتي له بالعراق، فترة وجودي ببغداد أدرّس مادة الدراما لطلبة كلية آداب جامعة المستنصرية من سبتمبر 1975 إلى 28 يونيو 1980، وبالطبع لم يكن ممكنا مشاهدة الإنتاج العراقي لفيلمه "الأيام الطويلة" الذي هو آخر أعماله.
حين أصبح عندي "فيديو" يُمكنني من مشاهدة المتاح مما أريد مشاهدته أعارني توفيق صالح نسخا من أشرطة أفلامه المنقولة من برنامج "ذاكرة السينما" لسلمى الشمّاع. جلست أسبوعا أشاهد كل ليلة فيلما في مهرجان خاص أقمته لنفسي لمشاهدة كل أعمال توفيق صالح دفعة واحدة، محاكية تلك المهرجانات التي كانت تُقام بمحيط جامعة نيويورك، وحضرتها أثناء دراستي بها 1964 حتى تخرجي فيها يونيو 1966، في سينما مُتخصصة لعرض روائع تراث وعلامات الفن السينمائي؛ مهرجانات شاهدت فيها كل أفلام "شارلي شابلن" و "جريتا جاربو" و كل أعمال المخرجين العظام "إنجمار برجمان" و"أنتونيوني" و "فلليني" و "كازان"، ومهرجان أفلام الفن السينمائي الرائدة مثل "السماء فوقنا والأرض تحتنا" و "دكتور كاليجاري" ... إلخ.أهمية تلك المهرجانات أنها كانت تُكدّس في إحساسي الوعي المكتمل بالفنان وهمومه المستوطنة وقضاياه المتسلطة، بل كل "متسلّطاته" إذا أردنا توضيح المصطلح.
فماذا تكدّس لدي عند مشاهدتي مهرجاني الخاص لأفلام الفنان المُبدع الأمين توفيق صالح؟
***داهمتني في البداية حالة من الدهشة الحزينة أمام كل هذه الهموم المستعادة؛ كيف تأتّى أن ما كان "بائدا"، بقيمه السلبية والمرفوضة والمحتج عليها والمطالب بإدانتها والعمل على التصدّي لها حتى لا تعود، أصبح حاضرا من جديد بوقع حثيث ثقيل يريد أن يستحكم ويسجّل هو إدانته لمن أدانه وقاومه؟
***"درب المهابيل"، 1955، تصوّر حدوتة بسطاء يواجهون شظف العيش، وقصة حب شريفة يُعوّقها الفقر عن الاكتمال بالزواج، وحقّ يتم انتزاعه من صاحبه بنوازع الطمع الشرسة الكامنة في الطبيعة البدائية. ويُعيد "صراع الأبطال"، 1961، طرح أزمة الفقر كوباء، مُتخذا عام 1948 والعهد الملكي المستباح ساترا تدور في زمنه مشاكل الوطن المزمنة التي صاحبت كل الأزمنة من بعده ومن بعد بعده، طارحا الخلاص في بؤرة الوعي غير المُزيِف لجذور الأوبئة والأمراض والمعاناة. في "يوميات نائب في الأرياف" يبدو البطل ساخرا سُخرية من سبق له الحلم والتفاؤل بمستقبل أفضل ثم ضعضعته شبكة الفساد فأحنى رأسه واحتضن مثاليته بغصص المرارة: ما هو العدل؟ ما هو القانون؟ أهو نص أم روح؟ وهل للقانون، بنصّه أو روحه، قوّة تحقق العدالة ومقاليده وزمامه بيد الظالمين؟ تساؤلات توفيق الحكيم مسجّلة عام 1935، وتساؤلات توفيق صالح مُسجلة عام 1968، ولا تزال التساؤلات هي هي نفسها تؤرّقنا!
مع " المخدوعون"، 1971، تصبح الرؤية أكبر من مأساة "رجال في الشمس"؛ إنها حقا الخداع والخديعة والخادعون والمخدوع، بإرادته، يمشي متحرّكا في سراب الصحراء حتى الإحتراق مُجازفا لعله يجد البديل عن مذلة السكون وقلّة الحيلة والجوع والأرض المسلوبة والتساؤل العريض أيهما أفضل: اختيار الموت أم حياة بعد اجتثاث الرجولة؟، بل هو التساؤل: أيهما يكون الموت حقا؟
***تعتمد سينما توفيق صالح على قدر كبير من الصمت، الذي هو بالطبع ليس الخرس بل هو وسيلة خلق التواصل النفسي المشحون بين المشهد والمشاهد، حين تكون اللفتة ونظرة العين وكدر الوجه أو بسمة الشفاه هي المُعبّر الأبلغ أمام لا جدوى الكلمات؛ يختار وجه برلنتي عبد الحميد في "درب المهابيل" و "راوية عاشور" في "يوميات نائب في الأرياف"، ومساحات الصحراء الشاسعة وأفق الشمس البيضاء اللاهبة وجذوع النخل وهاماتها العالية قمما نحو السحاب في "المخدوعون"، وجموع الفلاحين، الواقعة تحت الحصار في "صراع الأبطال"، حركة وتخبطات الفزع لقطيع يهيم بلا قيادة ينشد الفرار من دون أن يدري كيف وإلى أين.
قليلون الذين يحترمون "الصمت" ويفهمونه ويدركون طيات تربته وثرائها أما النادر فهذا الذي يعرف إدارته بكفاءة ويجيد طرحه ويدرك ضرورته الموظفة لإنطاق الفن السينمائي لغته الفريدة، وهذا القليل النادر هو لب أسلوب الإخراج عند توفيق صالح.
***هم الآن، الأربعاء 21 أغسطس 2013، في سرادق عزاءك يا توفيق ظهرا تجنبا لحظر التجوّل في ظل الطوارئ، شاركت زوجتك الفاضلة "روضة" و ابنتك الحبيبة "ريم" العزاء هاتفيا، فلا يمكنني أبدا الذهاب إلى السرادق والمخاطرة برؤية الفنانين والفنانات، هؤلاء الوحوش البشرية الهاتفين بـ "أُفرم أفرم يا سيسي"!
الحمد لله يا توفيق الذي عافاك مما ابتلى به غيرك؛ رحمك الله وأثابك كل الخير.
Published on August 21, 2013 04:17
August 19, 2013
حالة من الدهشة الحزينة: كيف تأتّى أن ماكان "بائدا"، بقيمه...
حالة من الدهشة الحزينة: كيف تأتّى أن ماكان "بائدا"، بقيمه السلبية والمرفوضة والمُحتج عليها والمطالب بإدانتها والعمل على التصدّي لها حتى لا تعود، أصبح "حاضرا" من جديد بوقع حثيث ثقيل يريد أن يستحكم ويسيطر ويسجّل هو إدانته لمن أدانه وقاومه؟
Published on August 19, 2013 20:31
" هذان الأخوان في الدم،من أب واحد وأمّ واحدة، متشابه...
" هذان الأخوان في الدم،
من أب واحد وأمّ واحدة،
متشابهان في الغضب،
..............................،
تصادما وفازا بجائزة الموت المشتركة"!
الشاعر اليوناني القديم سوفوكليس، من مسرحيته "أنتيجون" 441 قبل الميلاد.
من أب واحد وأمّ واحدة،
متشابهان في الغضب،
..............................،
تصادما وفازا بجائزة الموت المشتركة"!
الشاعر اليوناني القديم سوفوكليس، من مسرحيته "أنتيجون" 441 قبل الميلاد.
Published on August 19, 2013 02:51
August 17, 2013
في حياتي بلطجي!بلطجي كلمة مركّبة تعني صاحب البلطة الذي يض...
في حياتي بلطجي!
بلطجي كلمة مركّبة تعني صاحب البلطة الذي يضرب الناس في الأسواق ببلطته أو يقطع عليهم الطريق مهدّدا باختيار سلب أموالهم أو حياتهم، وتطوّر مدلول الكلمة ليشمل كل من يمارس جريمة الابتزاز التي لها صورة متكرّرة استهلكها الأدب واستهلكتها دراما السينما والمسرح؛ يظهر الرجل الشرير الفاسد في حياة الإنسان الناجح الشريف ليؤرّق ليله ويكدّر عليه أوقاته بافتراءات وأكاذيب مُخترعة تستهلك الطاقة وتضيّع الوقت لتفنيدها ودحضها، ودائما حين كنت أشاهد هذه المواقف أقول: العظة هي ألا يخضع الشريف البرئ لأي تهديد مهما كان الثمن.رغم حياتي العريضة الواسعة التي مكّنتني من رؤية نماذج كثيرة متنوّعة من الناس إلا أنني كنت أحمد الله إذ لم يكن بينهم "بلطجي" حتى ظهر لي، في حياتي المهنية، ذلك النموذج منذ سنوات كأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يستكمل لي كل أنواع الابتلاءات ليكثر حمدي وشكري له لأني أعلم بيقين أن العاقبة للصابرين.تُخطئ السينما حين تصوّر نموذج البلطجي في سمات بلطجة واضحة مُنفّرة كالتي قدّمها فريد شوقي ومحمود المليجي وعباس فارس؛ فالبلطجي يمكن أن يتخفى وراء سمات الدماثة النصّابة والنظافة الشكلية والتأنق والثراء بل والثقافة والدعوة الإسلامية، فهو لابد يكون على درجة موهبة عالية في الكذب وتمرّس مُتقن لحيل الخداع والإيهام، ينطق الزور والبهتان بثقة ويخوض في الأعراض غير متأثم، يتلصص على العورات ويتملّك شهية متلذذة بالتهام لحم البشر. مثل هذا البلطجي تراه ينصب فخ الدماثة المزوّقة المزيّفة متمسكنا، حين الحاجة، يفرش بساط المبدأ وعليه شهد العقيدة مُقدّمات داهية فلا يقع في مصيدته سوى المثاليين الحالمين بالتقوى والغايات النبيلة، إلا أن "المثالي" الحالم بالتقوى والغايات النبيلة ليس مُغّفلا، والحمد لله، بل هو عادة صريح، مُباشر، عالي الصوت، واضح النبرات، حاسم الخطوة، تجده، حين ينطوي أمامه بساط "المبدأ" وتتكشف من تحته قنوات التجارة وسراديب الصفقات المريبة والنصب الدولي، لا يتردد في إطلاق زئير رفض أسد غاضب أوقعه حظه العاثر في زريبة خنزير، وعندها تبدأ أقنعة الدماثة تتهاوى الواحد تلو الآخر، ليواجه "المثالي" المخدوع وجه "بلطجي" فاقد المروءة يحاصره بعضلات الإفك المفتولة وبقدرات الخانعين أعوان جبروت الثراء الفاسد وإمكانات رشاوى المال النجس وفحيح عملاء شبكة المصالح العطنة.تبدأ جولات البلطجة عادة بغارة يشنها البلطجي على "المثالي" ظانا أن نبل المثالي سوف يجعله فريسة سهلة للإبتزاز؛ إذ أنه صاحب سمعة شريفة يحرص عليها، وتعتمد غارة البلطجي أسلوب إشاعة قول السوء والإفتراءات الماسة بالشرف، يصدق فيها المثل الشعبي المشهور: "كلّم المنحرف يدهيك واللي فيه يجيبه فيك"، فالبلطجي يحب التقرّب من الشرفاء ليشد عليه، من سمعتهم الطيبة، غطاء يخفي دنسه أما وقد منعه الشريف هذا الغطاء فلماذا يُبقيه له؟ لابد إذن أن يمد أياديه المُلوّثة ليلطخه: منهج تقليدي للبلطجة والبلطجية.البلطجي لا يقرأ سورة "النور" وحتى لو قرأها لا يخشاها وهي تقول بصريح الآيات الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل إمرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم (11) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12)"، وتقول أيضا: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسّكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14) إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيّنا وهوعند الله عظيم (15)"، صدق الله العظيم. البلطجي لا يخاف الله و يراهن على عفّتك وتعففك وزهدك في الدخول إلى مستنقع فُحش القول والرد على المهاترات فينزل بضراوة يشن الغارات غارة وراء غارة وراء غارة، وتطمعه نصائح الناصحين بالكف، وسعي الساعين بالإصلاح والصلح فيحسبها مؤشرات الانتصار لسطوته فيتمادى في الشر والبغي.سنوات عانيت فيها من نموذج لهذا البلطجي؛ يؤرق ليلي ويكدر أوقاتي ويروّعني بغاراته إنتقاما مني لأنني حين تكشّف لي دنسه رفضت بحسم أن أكون ستارا شريفا نقيا لفساده وخداعه ونصبه الدولي.إستطاع بحيل محام متلاعب أن يفلت من دعاوى القضاء البشري، فرفعت دعواي أمام الله الحكم العدل، وما شاء الله كان؛ أرضاني ربي ورضيت والحمد لله رب العالمين.
بلطجي كلمة مركّبة تعني صاحب البلطة الذي يضرب الناس في الأسواق ببلطته أو يقطع عليهم الطريق مهدّدا باختيار سلب أموالهم أو حياتهم، وتطوّر مدلول الكلمة ليشمل كل من يمارس جريمة الابتزاز التي لها صورة متكرّرة استهلكها الأدب واستهلكتها دراما السينما والمسرح؛ يظهر الرجل الشرير الفاسد في حياة الإنسان الناجح الشريف ليؤرّق ليله ويكدّر عليه أوقاته بافتراءات وأكاذيب مُخترعة تستهلك الطاقة وتضيّع الوقت لتفنيدها ودحضها، ودائما حين كنت أشاهد هذه المواقف أقول: العظة هي ألا يخضع الشريف البرئ لأي تهديد مهما كان الثمن.رغم حياتي العريضة الواسعة التي مكّنتني من رؤية نماذج كثيرة متنوّعة من الناس إلا أنني كنت أحمد الله إذ لم يكن بينهم "بلطجي" حتى ظهر لي، في حياتي المهنية، ذلك النموذج منذ سنوات كأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يستكمل لي كل أنواع الابتلاءات ليكثر حمدي وشكري له لأني أعلم بيقين أن العاقبة للصابرين.تُخطئ السينما حين تصوّر نموذج البلطجي في سمات بلطجة واضحة مُنفّرة كالتي قدّمها فريد شوقي ومحمود المليجي وعباس فارس؛ فالبلطجي يمكن أن يتخفى وراء سمات الدماثة النصّابة والنظافة الشكلية والتأنق والثراء بل والثقافة والدعوة الإسلامية، فهو لابد يكون على درجة موهبة عالية في الكذب وتمرّس مُتقن لحيل الخداع والإيهام، ينطق الزور والبهتان بثقة ويخوض في الأعراض غير متأثم، يتلصص على العورات ويتملّك شهية متلذذة بالتهام لحم البشر. مثل هذا البلطجي تراه ينصب فخ الدماثة المزوّقة المزيّفة متمسكنا، حين الحاجة، يفرش بساط المبدأ وعليه شهد العقيدة مُقدّمات داهية فلا يقع في مصيدته سوى المثاليين الحالمين بالتقوى والغايات النبيلة، إلا أن "المثالي" الحالم بالتقوى والغايات النبيلة ليس مُغّفلا، والحمد لله، بل هو عادة صريح، مُباشر، عالي الصوت، واضح النبرات، حاسم الخطوة، تجده، حين ينطوي أمامه بساط "المبدأ" وتتكشف من تحته قنوات التجارة وسراديب الصفقات المريبة والنصب الدولي، لا يتردد في إطلاق زئير رفض أسد غاضب أوقعه حظه العاثر في زريبة خنزير، وعندها تبدأ أقنعة الدماثة تتهاوى الواحد تلو الآخر، ليواجه "المثالي" المخدوع وجه "بلطجي" فاقد المروءة يحاصره بعضلات الإفك المفتولة وبقدرات الخانعين أعوان جبروت الثراء الفاسد وإمكانات رشاوى المال النجس وفحيح عملاء شبكة المصالح العطنة.تبدأ جولات البلطجة عادة بغارة يشنها البلطجي على "المثالي" ظانا أن نبل المثالي سوف يجعله فريسة سهلة للإبتزاز؛ إذ أنه صاحب سمعة شريفة يحرص عليها، وتعتمد غارة البلطجي أسلوب إشاعة قول السوء والإفتراءات الماسة بالشرف، يصدق فيها المثل الشعبي المشهور: "كلّم المنحرف يدهيك واللي فيه يجيبه فيك"، فالبلطجي يحب التقرّب من الشرفاء ليشد عليه، من سمعتهم الطيبة، غطاء يخفي دنسه أما وقد منعه الشريف هذا الغطاء فلماذا يُبقيه له؟ لابد إذن أن يمد أياديه المُلوّثة ليلطخه: منهج تقليدي للبلطجة والبلطجية.البلطجي لا يقرأ سورة "النور" وحتى لو قرأها لا يخشاها وهي تقول بصريح الآيات الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل إمرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم (11) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12)"، وتقول أيضا: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسّكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14) إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيّنا وهوعند الله عظيم (15)"، صدق الله العظيم. البلطجي لا يخاف الله و يراهن على عفّتك وتعففك وزهدك في الدخول إلى مستنقع فُحش القول والرد على المهاترات فينزل بضراوة يشن الغارات غارة وراء غارة وراء غارة، وتطمعه نصائح الناصحين بالكف، وسعي الساعين بالإصلاح والصلح فيحسبها مؤشرات الانتصار لسطوته فيتمادى في الشر والبغي.سنوات عانيت فيها من نموذج لهذا البلطجي؛ يؤرق ليلي ويكدر أوقاتي ويروّعني بغاراته إنتقاما مني لأنني حين تكشّف لي دنسه رفضت بحسم أن أكون ستارا شريفا نقيا لفساده وخداعه ونصبه الدولي.إستطاع بحيل محام متلاعب أن يفلت من دعاوى القضاء البشري، فرفعت دعواي أمام الله الحكم العدل، وما شاء الله كان؛ أرضاني ربي ورضيت والحمد لله رب العالمين.
Published on August 17, 2013 18:50
August 16, 2013
اليوم وفي تمام الساعة التاسعة والربع صباحا أكون قد بلغت السادسة والسبعين من عمري الذي مد الله سبحانه سنواته لأرى حوادث تتكرر حتى الملل!
# في مفكرة زرقاء ، تعود إلى عام 1937 بالتقويم الميلادي ، كتب والدي يوم الثلاثاء 17 أغسطس :" بحمد الله وعنايته في هذا اليوم السعيد وفي الساعة 9 و15 دقيقة صباحا ولدت لي بنت من زوجتي خديجة هانم واسمها صافي ناز جعلها الله سعيدة وموفقة آمين" ، إلى جانب التأريخ الميلادي كان هناك الهجري : 10 جماد ثاني 1356، ثم التأريخ القبطي : 11 مسري 1653 ، حسبت حسبتي فوجدت أنني بلغت بالهجري الثامنة والسبعين بزيادة عامين عن الميلادي والقبطي ، اللذان اتفقا على منحي ستة وسبعين عاما فقط لا غير ، بلغتها اليوم والحمد لله ، ابتسمت : هل هذا هو السبب في هجر المصريين التعامل مع الهجري ؟
# واليوم مرور 61 سنة على إستشهاد العاملين المظلومين: خميس والبقري؛ تم إعدامهما 17 أغسطس 1952 لمشاركتهما في مظاهرات عمال مصنع كفر الدوار، وإليكم الحكاية نقولها من البداية!
61 عاما على الإعدام الظالم لخميس والبقري
لازلت أذكر ذلك اليوم الحزين؛ 17 أغسطس 1952 وكان يصادف عيد ميلادي الخامس عشر، كان قد مضى 26 يوما فحسب على قيام "الحركة المباركة للجيش" في 23 يوليو 1952. البلاد تموج بالفرحة للخلاص من الحكم الملكي "الفاسد" وإداراته التابعة له وجموع الشعب تؤيد "الضباط الأحرار" تأييدا حماسيا مطلقا جامحا إذ رأت أنهم حققوا لها حلمها بالثورة التي طال انتظارها، وكان تنظيم "المظاهرات" والمشاركة فيها لغة سائدة اعتمدها الشعب المصري، قبل قيام "الحركة المباركة"، للتعبير عن مطالبه واحتجاجاته، ولم يكن يدور بخلد أحد أنها يمكن أن تؤدي بأي حال إلى عقوبة الإعدام، في إطار ذلك الاعتياد على لغة المظاهرات قامت في مصانع كفر الدوار للغزل والنسيج، في الساعة التاسعة وأربعين دقيقة مساء يوم الثلاثاء 12 أغسطس 1952، مظاهرة عمال المصنع ضد الإدارة المنتمية إلى "العهد البائد" والتي عانى منها العمال طويلا، وتعالت الهتافات بسقوط المدير والسكرتير العام ورئيس مكتب العمل، مستندين إلى ظنهم بأن "الضباط الأحرار"، وعلى رأسهم "القائد العام محمد نجيب"، سوف يرحبون بمشاركتهم في التنبيه إلى واحدة من بؤر فساد ذلك "العهد البائد"، ولم يكن واردا للحظة أن "القائد العام محمد نجيب" و"فتيته الأحرار" سوف يعيرونهم أذنا غير واعية، وهكذا فوجئ العمال بـ "الثورة البيضاء" تكشّر عن أنيابها وبدلا من التصدي للإدارة الظالمة التابعة لـ "العهد البائد" إذا بها تضرب مظاهرة العمال وتقمعها بوحشية، من دون أي محاولة لتفهمها ودراسة بواعثها والتحقيق في دوافعها. ألقي القبض على 500 عاملا ، من بينهم أطفال تبلغ أعمارهم 9 سنوات، وتشكلت على وجه السرعة "المحكمة العسكرية" لمحاكمة "العصاة"، مكونة من بكباشي عبد المنعم أمين، ويوزباشي جمال القاضي، وصاغ محمد بدوي الخولي، وصاغ أحمد وحيد الدين حلمي، وصاغ خليل حسن خليل، وبكباشي محمد عبد العظيم شحاتة، وقائد أسراب حسن ابرهيم السيد، ويوزباشي فتح الله رفعت، وممثل الإتهام صاغ عبده عبد المنعم مراد الذي نشرت له الصحف صورته وهو يصلّى! وتم تقديم ما يربو على 60 متهما للمحاكمة على رأسهم محمد مصطفى خميس (18 سنة)، والخفير محمد حسن البقري (19 سنة ونصف)، وفي أقل من أسبوع، من 12 أغسطس إلى 17 أغسطس 1952، صدرت الأحكام المروّعة بإعدام خميس وبقري والأشغال الشاقة المؤبدة وسنوات سجن أخرى على بقية المتهمين، وتم الإفراج عن بعض الأطفال "شاءت رحمة المحكمة أن تترفق بهم ( لصغر سنهم) رغم تلبسهم بسرقة بعض أمتار القماش"! ولم يتنبهوا إلى أن العمال المتظاهرين لم يمسوا آلة واحدة من آلات الغزل والنسيج وأن قيمة تلك الآلات، التي حافظوا عليها، حوالي مائة مليون جنيه، بما يشهد أن المظاهرة لم تكن للتخريب، بينما قيمة التلفيات في مكاتب الإدارة وسيارات كبار الإداريين لم تتعد 48 ألف جنيه، وكان مدير الشركة "محمد حسين الجمّال" قد وقف شاهدا ضد العمال وهو يضع يديه في جيوبه إزدراء لهيئة المحكمة لكن، والحق يقال، إضطر رئيس المحكمة بكباشي عبد المنعم أمين أن يلفت نظره ليخرج يديه من جيوبه ففعل!
بعد سماع الأحكام ظل خميس وبقري يصرخان: " يا عالم ياهو هاتوا لنا محامي... إحنا هتفنا بحياة القائد العام محمد نجيب...إبعتوا له برقية على حسابنا قولوا له إحنا فرحنا بالحركة المباركة ...مش معقول كده ياناس...!".
صباح الأحد 7 سبتمبر 1952 الموافق 17 ذو الحجة 1371 خفق العلم الأسود خفقات الموت فوق سجن الحدرة بالأسكندرية معلنا إجراءات الإعدام، (وهذا يعني أن الشهيدين أمضيا منذ، 17 أغسطس 1952 الموافق 26 ذو القعدة 1371، وقفة عيد الأضحى وأيام العيد كلها في سجن الحضرة بالإسكندرية يصرخان ويستغيثان من الظلم ولا من مجيب!). مرّ مأمور السجن في الساعة الرابعة فجرا بالغرفتين رقم 62 و 63 من غرف الإعدام وسأل البقري: "نمت كويّس؟" فقال البقري:"المظلوم لا ينام، عاوز أخويا ياخد مراتي وأولادي وأمي و3 جنيه من أماناتي ويروحوا للقائد العام محمد نجيب ويقولوا له....."، ويسأل المأمور خميس: "عاوز حاجة؟" فيرد خميس:"عاوز أقول إني مش غلطان....المحامي ما جابش الشاهد محمد عبد السلام خليل... أنا عاوز شهود نفي وإعادة القضية من جديد....أنا ح أموت مظلوم ورب العباد أنا مظلوم...."، تقول له أمه: "شد حيلك يامحمد.."، يقول لها خميس: "يا أمي أنا مش ممكن أعمل حاجة وحشة....فاكرة المحفظة اللي لقيتها وبها عشرة جنيه مش قعدت أدوّر لما لقيت صاحبها؟"، لحظة إدراك البقري أنه يساق لتنفيذ الإعدام يبكي بشدّة : "ولادي لسّه صغيّرين ....عاوز أقابل القائد العام محمد نجيب....الله هوّ الحكم بيتنفذ كده على طول؟....يارب على الظالم ...."، ثم طلب كوبا من الماء وقال: " يارب أنا رايح أقابلك دلوقت وأشتكي لك... يارب ...ده أنا عسكري وكنت رايح أخدم العهد الجديد...يا ناس محدّش يعمل فيّ معروف يخليني أقابل القائد العام محمد نجيب؟". وظل خميس يسأل الواعظ : "...فقهني في ديني ....هل من مات مظلوما مات شهيدا؟"، وكانت هذه آخر تساؤلاته قبل صعوده شهيدا مظلوما إلى دار الحق.
# واليوم مرور 61 سنة على إستشهاد العاملين المظلومين: خميس والبقري؛ تم إعدامهما 17 أغسطس 1952 لمشاركتهما في مظاهرات عمال مصنع كفر الدوار، وإليكم الحكاية نقولها من البداية!
61 عاما على الإعدام الظالم لخميس والبقري
لازلت أذكر ذلك اليوم الحزين؛ 17 أغسطس 1952 وكان يصادف عيد ميلادي الخامس عشر، كان قد مضى 26 يوما فحسب على قيام "الحركة المباركة للجيش" في 23 يوليو 1952. البلاد تموج بالفرحة للخلاص من الحكم الملكي "الفاسد" وإداراته التابعة له وجموع الشعب تؤيد "الضباط الأحرار" تأييدا حماسيا مطلقا جامحا إذ رأت أنهم حققوا لها حلمها بالثورة التي طال انتظارها، وكان تنظيم "المظاهرات" والمشاركة فيها لغة سائدة اعتمدها الشعب المصري، قبل قيام "الحركة المباركة"، للتعبير عن مطالبه واحتجاجاته، ولم يكن يدور بخلد أحد أنها يمكن أن تؤدي بأي حال إلى عقوبة الإعدام، في إطار ذلك الاعتياد على لغة المظاهرات قامت في مصانع كفر الدوار للغزل والنسيج، في الساعة التاسعة وأربعين دقيقة مساء يوم الثلاثاء 12 أغسطس 1952، مظاهرة عمال المصنع ضد الإدارة المنتمية إلى "العهد البائد" والتي عانى منها العمال طويلا، وتعالت الهتافات بسقوط المدير والسكرتير العام ورئيس مكتب العمل، مستندين إلى ظنهم بأن "الضباط الأحرار"، وعلى رأسهم "القائد العام محمد نجيب"، سوف يرحبون بمشاركتهم في التنبيه إلى واحدة من بؤر فساد ذلك "العهد البائد"، ولم يكن واردا للحظة أن "القائد العام محمد نجيب" و"فتيته الأحرار" سوف يعيرونهم أذنا غير واعية، وهكذا فوجئ العمال بـ "الثورة البيضاء" تكشّر عن أنيابها وبدلا من التصدي للإدارة الظالمة التابعة لـ "العهد البائد" إذا بها تضرب مظاهرة العمال وتقمعها بوحشية، من دون أي محاولة لتفهمها ودراسة بواعثها والتحقيق في دوافعها. ألقي القبض على 500 عاملا ، من بينهم أطفال تبلغ أعمارهم 9 سنوات، وتشكلت على وجه السرعة "المحكمة العسكرية" لمحاكمة "العصاة"، مكونة من بكباشي عبد المنعم أمين، ويوزباشي جمال القاضي، وصاغ محمد بدوي الخولي، وصاغ أحمد وحيد الدين حلمي، وصاغ خليل حسن خليل، وبكباشي محمد عبد العظيم شحاتة، وقائد أسراب حسن ابرهيم السيد، ويوزباشي فتح الله رفعت، وممثل الإتهام صاغ عبده عبد المنعم مراد الذي نشرت له الصحف صورته وهو يصلّى! وتم تقديم ما يربو على 60 متهما للمحاكمة على رأسهم محمد مصطفى خميس (18 سنة)، والخفير محمد حسن البقري (19 سنة ونصف)، وفي أقل من أسبوع، من 12 أغسطس إلى 17 أغسطس 1952، صدرت الأحكام المروّعة بإعدام خميس وبقري والأشغال الشاقة المؤبدة وسنوات سجن أخرى على بقية المتهمين، وتم الإفراج عن بعض الأطفال "شاءت رحمة المحكمة أن تترفق بهم ( لصغر سنهم) رغم تلبسهم بسرقة بعض أمتار القماش"! ولم يتنبهوا إلى أن العمال المتظاهرين لم يمسوا آلة واحدة من آلات الغزل والنسيج وأن قيمة تلك الآلات، التي حافظوا عليها، حوالي مائة مليون جنيه، بما يشهد أن المظاهرة لم تكن للتخريب، بينما قيمة التلفيات في مكاتب الإدارة وسيارات كبار الإداريين لم تتعد 48 ألف جنيه، وكان مدير الشركة "محمد حسين الجمّال" قد وقف شاهدا ضد العمال وهو يضع يديه في جيوبه إزدراء لهيئة المحكمة لكن، والحق يقال، إضطر رئيس المحكمة بكباشي عبد المنعم أمين أن يلفت نظره ليخرج يديه من جيوبه ففعل!
بعد سماع الأحكام ظل خميس وبقري يصرخان: " يا عالم ياهو هاتوا لنا محامي... إحنا هتفنا بحياة القائد العام محمد نجيب...إبعتوا له برقية على حسابنا قولوا له إحنا فرحنا بالحركة المباركة ...مش معقول كده ياناس...!".
صباح الأحد 7 سبتمبر 1952 الموافق 17 ذو الحجة 1371 خفق العلم الأسود خفقات الموت فوق سجن الحدرة بالأسكندرية معلنا إجراءات الإعدام، (وهذا يعني أن الشهيدين أمضيا منذ، 17 أغسطس 1952 الموافق 26 ذو القعدة 1371، وقفة عيد الأضحى وأيام العيد كلها في سجن الحضرة بالإسكندرية يصرخان ويستغيثان من الظلم ولا من مجيب!). مرّ مأمور السجن في الساعة الرابعة فجرا بالغرفتين رقم 62 و 63 من غرف الإعدام وسأل البقري: "نمت كويّس؟" فقال البقري:"المظلوم لا ينام، عاوز أخويا ياخد مراتي وأولادي وأمي و3 جنيه من أماناتي ويروحوا للقائد العام محمد نجيب ويقولوا له....."، ويسأل المأمور خميس: "عاوز حاجة؟" فيرد خميس:"عاوز أقول إني مش غلطان....المحامي ما جابش الشاهد محمد عبد السلام خليل... أنا عاوز شهود نفي وإعادة القضية من جديد....أنا ح أموت مظلوم ورب العباد أنا مظلوم...."، تقول له أمه: "شد حيلك يامحمد.."، يقول لها خميس: "يا أمي أنا مش ممكن أعمل حاجة وحشة....فاكرة المحفظة اللي لقيتها وبها عشرة جنيه مش قعدت أدوّر لما لقيت صاحبها؟"، لحظة إدراك البقري أنه يساق لتنفيذ الإعدام يبكي بشدّة : "ولادي لسّه صغيّرين ....عاوز أقابل القائد العام محمد نجيب....الله هوّ الحكم بيتنفذ كده على طول؟....يارب على الظالم ...."، ثم طلب كوبا من الماء وقال: " يارب أنا رايح أقابلك دلوقت وأشتكي لك... يارب ...ده أنا عسكري وكنت رايح أخدم العهد الجديد...يا ناس محدّش يعمل فيّ معروف يخليني أقابل القائد العام محمد نجيب؟". وظل خميس يسأل الواعظ : "...فقهني في ديني ....هل من مات مظلوما مات شهيدا؟"، وكانت هذه آخر تساؤلاته قبل صعوده شهيدا مظلوما إلى دار الحق.
Published on August 16, 2013 19:13
نزغ الشياطيننزغ الشياطيننزغ الشياطينيا ويلكم: ما أفدح إنت...
نزغ الشياطين
نزغ الشياطين
نزغ الشياطين
يا ويلكم: ما أفدح إنتصاركم!
نزغ الشياطين
نزغ الشياطين
يا ويلكم: ما أفدح إنتصاركم!
Published on August 16, 2013 07:05
August 15, 2013
من شعر المتنبي:
صَحِب الناسُ قبلنا ذا الزمانا
وعناهم من شأنه ما عنانا
وعناهم من شأنه ما عنانا
Published on August 15, 2013 22:31
تعليق وتعليقي أبرزه بعد قراءتي لحقارات كتبها مخابيل تخوض في عرضي سائلة الله أن يدافع عني ويقتص لي قصاصه العادل آمين.

gulfdan nadim14 أغسطس، 2013 10:10 مسلام عليكم استاذة صافى ناز
ابيات معبرة جدا ...(راجع أبيات الشاعر حافظ ابرهيم المنشورة في هذه المدوّنة).
انا أرى
وجود السلفيين فى المشهد السياسى فى تجربة مرسى هو من تسبب فى تشويه صورة الإسلاميين .. وهذا بسبب الأخطاء و الفضائح التى تم امساكها عليهم! ومجمل تصرفاتهم البعيده كل البعد عن الدين! وبهذا انتشر مصطلح المتأسلمين .. إضافة إلى مواقفهم السخيفة وتصريحاتهم التى استغلها البعض فى أعمال الفوضى والقتل مثل حادثة حسن شحاته، وأنا اتفق مع رأى حضرتك بشأنه، ولكن تم صياغة الأمر لاستفزاز أتباعه وإثارة الكراهية وهذا يخالف تسامح الإسلام .. لقد تقمصوا صفة البابا فى فترة تحكم الكنيسة فى الحكم فى أوروبا وما ارتكبته من فظائع.
نسأل الله السلامة.

لقد أساءت تلك القيادات إلى الإسلام أيما إساءة بفتنة التناحر بين المذاهب الإسلامية، وقد أضلهم الله على علم، وشجعوا السفهاء والجهلاء على تمزيق الرحم الإسلامية.
إنتشر بينهم التنابز بالألقاب في أدنى وأخس وأفحش صوره، واستساغوا اتهام الناس بالباطل ورميهم بما ليس فيهم من دون تأثمأو خوف من الله، بل على العكس أشعروهم أنهم باقتراف الإثم يتقربون إلى الله ويجاهدون في سبيله!
والذي يراجع مؤتمر نصرة الشعب السوري الذى أقيم فيالإستاد يتعجب من ذلك الكم الهائل من المخالفات في القول والدعاء والمفردات اللفظية التي لا يرضى عنها الله سبحانه بأي حال من الأحوال.
إن شعار "الإسلام هو الحل" صحيح مئة بالمئة، ولقد فاز محمد مرسي بالوعد أن يحمل تلك الأمانة لكنه لم يقدر عليها، وسنن الله لا تجامل أحدا، ولذلك كان من المحتّم أن تكون له النهاية التي نراها جلية أمامنا ونعاني منها ألما ووجعا.
"الإسلام هو الحل"؛ يتحقق بشروطه وحقيقته ورحمته وأمانة الذين يتقدّمون لحمل الأمانة بكفاءة واقتدار وذكاء وتقوى وخشية من مكر الله؛ ويحذرنا الله نفسه.
Published on August 15, 2013 00:24