فهمي هويدي's Blog, page 12

February 26, 2017

أين الفاتيكان من الإسلاموفوبيا؟

صحيفة الشروق الجديد المصريه الاثنين 30 جمادى أول 1438 – 27 فبراير 2017أين الفاتيكان من الإسلاموفوبيا؟ - فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_69.html
الحوار بين الأزهر والفاتيكان الذى جرى فى الأسبوع الماضى بادرة تستحق الترحيب، خصوصا فى الوقت الراهن. إلا أننى أخشى أن يفوت الطرفان الفرصة، بحيث يجهض الحوار ويصبح ضحية العناوين التقليدية التى مللنا سماعها عن إدانة الإرهاب والتطرف وإعلان البراءة منهما إلى جانب الدعوة إلى التنافس على إشاعة المحبة والسلام. إلى غير ذلك من العناوين المفروغ منها والتى حفظناها بحيث ما عدنا بحاجة إلى أن نجترها فى كل مناسبة.
ذلك أننى أزعم أن الفاتيكان يتحمل مسئولية خاصة هذه الأيام التى ترتفع فيها عاليا أصوات كراهية الإسلام والمسلمين، ويتبنى تلك الدعوة سياسيون كبار فى الولايات المتحدة وأوروبا.
وموقف الرئيس الأمريكى الجديد واضح فى هذا الصدد، كما أن بعض السياسيين الأوروبيين صاروا يرددون أفكاره ويزايدون عليها، بحيث صارت «الإسلاموفوبيا» إحدى الحقائق البارزة التى لا سبيل إلى إنكارها فى المجتمعات الغربية،
صحيح أن ثمة استثناءات على ذلك. تعد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نموذجا لها، إلا أن صوتها أصبح يعبر عن أقلية بين السياسيين والشعبويين الغربيين، الذين تتجه أسهمهم للتصاعد كل حين.
صحيح أيضا أن خطاب الساسة الشعوبيين ليس موجها ضد المسلمين وحدهم، ولكنه ضد الأجانب بشكل عام
 (قبل أيام قتل مهندس من أصول هندية فى ولاية كانساس الأمريكية بعدما صاح قاتله فى وجهه قائلا اخرجوا من بلادنا)
ــ إلا أنه لم يعد هناك خلاف على أن المسلمين أصحاب النصيب الأكبر من حملة الكراهية الراهنة. يشهد بذلك قرار الرئيس الأمريكى بمنع دخول مواطنى ٧ دول إسلامية إلى الولايات المتحدة. وهو القرار الذى جمَّده القضاء، ويبحث الرئيس المذكور فى كيفية تنفيذه بوسائل أخرى.
إن الأزهر إذا كان مطالبا بأن يوضح موقفه من التطرف والإرهاب، فإن الفاتيكان من موقعه فى قلب أوروبا مطالب بأن يعلن موقفه إزاء حملة الإسلاموفوبيا التى لا تكُف عن شيطنة المسلمين وتعبئة الرأى العام الغربى ضدهم،
 ولا يكفى فى هذا الصدد ألا تصدر عن بابا الفاتيكان إساءة إلى الإسلام، مثل سلفه البابا بندكتون السادس عشر الذى اعتبر الإسلام ديانة انتشرت بالعنف، كما لا يكفى أن يذكر البابا الحالى فرانسيس الثانى الإسلام بخير، ولكننا نتمنى أن يعلو صوت بحيث يقود الدعوة إلى إنصاف المسلمين والتعايش معهم، لمواجهة حملة الشيطنة ودعوات الكراهية التى يطلقها السياسيون الشعبويون فى مختلف أرجاء أوروبا.
عند الحد الأدنى فليتنا نسمع صوت البابا فرانسيس بذات القدر الذى سمعنا به صوت السيدة ميركل فى ألمانيا الذى اتسم بالنزاهة والشجاعة الأخلاقية.
لا جديد فى البيان الذى صدر فى نهاية اجتماعات ممثلى الأزهر والفاتيكان، حين دعوا مثلا إلى معالجة أسباب التعصب والتطرف والإرهاب، من فقر وأمية وجهل إضافة إلى العبث بالنصوص الدينية،
فمثل هذا الكلام لا يحتاج لحوار بين ٣٠ شخصية من الجانبين على مدى يومين فى رحاب الأزهر. حتى أزعم أن فكرة الاجتماع الذى تم بعد قطيعة استمرت سبع سنوات أهم من البيان الذى صدر عنه يوم الخميس ٢٣/٢.
وسوف يكتسب ذلك الحوار أهمية أكبر لو قام كل طرف بما عليه، خصوصا إذا قاد الفاتيكان ومعه الأزهر حملة التصدى للإسلاموفوبيا وتداعياتها الخطرة.
لقد دأب الغربيون على إعطائنا دروسا فى التعددية وأهمية قبول الآخر، وحان الوقت الآن لأن نذكرهم بضرورة دعوة شعوبهم لاحترام تلك القيم، وسيكون شيئا جيدا أن يسهم الفاتيكان بدوره فى هذه المهمة الجليلة، ليس فقط لإنصاف المسلمين ولكن أيضا لتطهير الذاكرة التى تحدثت عن مساندة الفاتيكان للنازيين فى ألمانيا، وتلك التى لم تنس رعاية البابوية لمحاكم التفتيش التى استهدفت مسلمى الأندلس فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
..............................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 26, 2017 13:14

February 25, 2017

أسئلة سيناء

صحيفة الشروق الجديد المصريه الأحد 29 جمادى أول 1438 – 26 فبراير 2017أسئلة سيناء – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_26.html
لغز سيناء يزداد غموضا واستعصاء. ذلك أننا انتقلنا من مشهد مهاجمة كمائن الجيش والشرطة إلى مهاجمة الأقباط. وبين الاثنين تابعنا مسلسل تصفية من وصفوا بعملاء الأجهزة الأمنية من الأهالى.
لم نفهم شيئا من تلك الحلقات المتتابعة، لأنه أريد لنا أن نظل فى موقف المتلقى الذى ظل دوره مقصورا على استقبال الأخبار والتقارير، والإشادة بكفاءة أداء السلطة التى باتت المصدر الوحيد لمعلوماتنا عما يجرى هناك.
منذ ثلاث سنوات أو أكثر والصراع دائر فى ذلك الشريط الضيق فى الشمال الذى لا يتجاوز ٢٪ فقط من مساحة سيناء، حسب تعبير الرئيس عبدالفتاح السيسى،
 وبين الحين والآخر ظللنا نقرأ فى عناوين الصحف أن تطهير سيناء من البؤر الإرهابية صار وشيكا، فى حين اعتدنا على قراءة الأخبار التى تتحدث عن مقتل أعداد متفاوتة من الإرهابيين. وقبل ثلاثة أسابيع قيل لنا إن الضربات الجوية القوية نجحت فى قتل ٥٠٠ إرهابى،
 إلا أن ذلك لم يوقف العمليات الإرهابية التى أدت إلى تهجير الأقباط من سيناء فى الأسبوع الأخير. لكن ما حيرنا وأدهشنا أن الوعود التى أطلقت لم يتم الوفاء بها وأن القصف المتواصل لمعاقل الإرهابيين لم يؤدِ إلى وقف عملياتهم. بل بدا أنهم يتحركون بحرية فى المنطقة لدرجة أن يعلنوا بيانات مسجلة تليفزيونيا قبل ثلاثة أسابيع عن استهداف الأقباط، ثم يتاح لهم أن ينفذوا ما وعدوا به. فى حين تصورنا أن ذلك الإعلان سيكون حافزا للأجهزة الأمنية لكى تفتح أعينها جيدا وتوفر للأقباط الحماية اللازمة، لكن ذلك لم يحدث لأسباب غير مفهومة.
إزاء ذلك، وفى غيبة المعلومات التى تمكننا من فهم ما يجرى، فإننا لا نستطيع أن نحجب أسئلة باتت تلح علينا طوال الوقت،
 أحدها يتعلق بموازين القوة فى سيناء، التى لم تسمح بحسم الصراع حتى الآن، ذلك أننا ينبغى أن نعترف بأن استمرار الإرهابيين والعمليات التى يقومون بها هناك دليل على أحد أمرين، إما أنهم يتمتعون بعناصر من القوة لا يستهان بها، أو أن مواجهتهم تتخللها عوامل ضعف ينبغى أن تعالج. وإذا كانت البلاغات الرسمية تحدثنا عن مقتل أعداد منهم كل حين، (رغم أننا لا نعرف ما إذا كان المقتولون كلهم إرهابيين أم أن بعضهم يستحقون عقابا غير القتل) إلا أننا ينبغى أن ننتبه إلى أن الإنجاز الحقيقى لا يتحقق بزيادة أعداد القتلى. لكنه يكون بالقضاء على الإرهاب واستئصال شأفته. وغاية ما يمكن أن يقال عن حملات القتل إنها مجرد وسائل قد تكون فعالة، فى حين أن تحقيق الهدف يظل هو الأهم. وفى هذه الحالة فإن المواجهة العسكرية تشبه المباريات الرياضية فى أن الفوز فيها لا يتحقق بمجرد شرف المحاولة لأن ذلك لا يحسب إذا اقترن بتسديد الأهداف.
من الاسئلة الأخرى المثارة فى هذا الصدد ما يلى: هل الأقباط مستهدفون حقا، وإذا كان ذلك صحيحا فلماذا سكتوا عليهم طوال السنوات الثلاث التى خلت؟ وهل هناك علاقة بين قتل الأقباط السبعة وبين تصفية العشرة أشخاص من أبناء العريش الذين اتهموا بالإرهاب الذى أغضب بعض أهالى العريش ودفعهم إلى إعلان العصيان المدنى.
أعنى هل كان قتل الأقباط انتقاما من الحكومة لقتل العشرة وقبلهم إعدام عادل حبارة الذى ذكر اسمه فى بيانات الإرهابيين الأخيرة؟
وهل أقدم الإرهابيون على قتل الأقباط لأنهم لم ينجحوا فى الانتقام من القوات المسلحة والشرطة ووجدوا فى الأقباط نقطة ضعف يمكن استهدافها لإزعاج السلطة؟
وهل هناك علاقة بين تهجير الأقباط وبين حملات التهجير الأخرى التى تعرض لها آخرون من أهالى سيناء؟
يخطر لى أن اقترح تشكيل لجنة لتقصى حقائق ما يجرى فى سيناء، لكنى أحجمت عن ذلك لسببين أولهما أن البرلمان الحالى أعجز من أن ينهض بالمهمة. والثانى هو غياب المعلومات الكاملة عما يحدث هناك.
.............................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 25, 2017 14:59

February 24, 2017

الحسم مهم والشفافية أهم

صحيفة الشروق الجديد المصريه السبت 28 جمادى أول 1438 25 فبراير 2017الحسم مهم والشفافية أهم – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_24.html
حين يتكرر فى إسرائيل الادعاء بأن الرئيس عبدالفتاح السيسى اقترح توطين الفلسطينيين فى سيناء، فإن القاهرة كان ينبغى أن تتعامل مع الأمر بصورة حاسمة.
وكان موقع صحيفة «معاريف» قد نشر يوم الخميس الماضى ٢٣/٢ مقالة للنائب السابق الجنرال آرييه الداد ذكر فيها أن الرئيس السيسى كان اقترح منح الفلسطينيين مساحة فى شمال سيناء لإقامة دولتهم، معتبرا أن الاقتراح يصلح لأن يكون «مثالا» على التسوية الإقليمية التى يمكن أن تنهى الصراع القائم.
 وأيد الجنرال الداد الفكرة مشيرا إلى أن إقامة الدولة الفلسطينية فى غزة وسيناء فكرة جيدة، تمثل أفضل صيغة للتسوية الإقليمية. وشدد الرجل على أنه يأمل أن يكون الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قصد فى حديثه عن التسوية الإقليمية «الكبرى» إقامة دولة فلسطينية فى سيناء، أو أن يكون فى نيته ممارسة الضغط على الأردن لتكون هى الدولة الفلسطينية.
هذا الكلام ليس جديدا، فقد ذكرت سيناء فى سياق التوطين عدة مرات، ضمن مقترحات بعض الخبراء الإسرائيليين، وآخر ادعاء من ذلك القبيل أطلقه فى ١٤/٢ الحالى الوزير الإسرائيلى أيوب قرا. الدرزى المقرب من نتنياهو،
إلا أن مصر نفت الخبر على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية فى مداخلة ضمن أحد البرامج التليفزيونية.
ولم يكن ذلك تصرفا صائبا، لأن كلاما بتلك الخطورة حين يصدر عن وزير محسوب على رئيس الوزراء فى الحكومة (حتى إذا كان بلا وزارة)، لا يرد عليه متحدث باسم الخارجية المصرية.
ثم إن الوزارة إذا أرادت أن تكذب الخبر، فإن ذلك لا يكون من خلال مداخلة تتخلل برنامجا تليفزيونيا،
وإذا كانت رئاسة الجمهورية قد أصدرت بيانا أعلنه المتحدث باسمها تعقيبا على إذاعة خبر اجتماع العقبة السرى، إلا أنه رغم ضعفه وتجنبه الحديث عن مشاركة الرئيس فى الاجتماع، كان أفضل من حيث الشكل من تعامل الخارجية مع خبر التوطين فى سيناء، الذى هو أخطر من خبر مشاركة الرئيس فى الاجتماع السرى.
لذلك تمنيت أن يصدر نفى خبر التوطين عن رئاسة الجمهورية وأن تكون صياغته واضحة وحازمة فى ذلك. تقطع الشك باليقين، وهو ما تحقق بعد تعليق الرئيس على الموضوع.
أدرى أن الخبر نفته أطراف عدة فى إسرائيل ذاتها، كان أحدهم زعيم المعارضة إسحق هيرتزوج، إلا أن ذلك ليس مقنعا ولا هو كاف، لأن خبرتنا مع الخطاب الإسرائيلى المراوغ علمتنا أن بعض النفى لا يكون صادقا فى دوافعه، وإنما هو محاولة للتستر على تسريب ما لا ينبغى، ثم لا ننسى أن نفى الخارجية المصرية تابعته دوائر محدودة بحكم ظروف بثه.
ثمة مشكلة تواجهنا فى هذا الصدد تتمثل فى أن أخبار العلاقات المصرية الإسرائيلية باتت شحيحة للغاية فى الصحف المصرية، فى حين أنها صارت مادة شبه يومية فى الصحافة الإسرائيلية.
آية ذلك مثلا أن اجتماع العقبة السرى ظل متكتما عليه طوال أكثر من عام، وما كان لنا أن نعرف بأمره إلا حين فجرت الموضوع صحيفة «هاآرتس».
وهذا الكتمان لا يشيع البلبلة والحيرة فحسب، ولكنه يثير تساؤلا كبيرا عما لا نعرفه من تلك الاتصالات، وما إذا كان هناك جانب غاطس منها وغير مرئى، لا نعرف حدوده أو حجمه.
إننا نريد أن نحسن الظن ونعزز الثقة فيما هو قائم على النحو الذى يطمئننا إلى الالتزام بالثوابت الوطنية. لكن الممارسات التى تتكشف بين الحين والآخر لا تساعدنا على ذلك. فلا السلطة تغضب ولا البرلمان يسأل، ولا الناس تعرف أو تفهم.
ولا حل لذلك الإشكال إلا فى شفافية تطمئن الرأى العام فتحصنه ضد البلبلة وتحميه من إساءة الظن إلا أن الأمر ليس ميسورا، لأن الشفافية تفرض أن من حق الناس أن يعرفوا.
 وذلك الافتراض لا يقوم إلا فى ظل أوضاع ديمقراطية حقيقية. وتلك أم المشاكل المستعصية عندنا.
......................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 24, 2017 11:59

February 22, 2017

منتصر يخاطب مهزومين

صحيفة الشروق الجديد المصريه الخميس 26 جمادى أول 1438 23 فبراير 2017منتصر يخاطب مهزومين – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_22.html
لم يعد أمامنا خيار فى محاولة فهم ما جرى فى اجتماع العقبة السرى الذى حضره الرئيس السيسى مع نتنياهو بمشاركة الملك عبدالله وجون كيرى وزير الخارجية الأسبق،
 إذ ليس لدينا مصدر للمعلومات فى مصر باستثناء بيان رئاسة الجمهورية الذى لم ينف حضور الرئيس السيسى اللقاء، فى حين أكد التزام مصر بالدفاع عن القضية الفلسطينية.
أما بقية المعلومات فقد اضطررنا لمتابعتها من المصادر الإسرائيلية التى لا نريد أن نصدقها ولا نثق فى نواياها، ولولا التكتم المصرى على ملف العلاقات مع إسرائيل لما التفتنا إلى ما تنشره وسائل الإعلام هناك.
ويثير دهشتنا فى هذا الصدد أن الأجهزة المصرية تخرج علينا بين الحين والآخر بتقارير تنشرها الصحف القومية تفند فيها الأخبار التى تنشرها عن مصر وكالات الأنباء الغربية،
وعادة ما تتحدث عن سوء قصد تلك المنابر الإعلامية. أما ما تنشره الصحف الإسرائيلية عن العلاقات الحميمة المتنامية مع مصر، فإنها تقابل بصمت مدهش،
 فعندما يقول سفير سابق للدولة العبرية فى القاهرة إن مصر وإسرائيل فى سرير واحد الآن، فإن ذلك يستحق تصويبا رسميا من مصر،
وحين يقال إن اجتماع السيسى ونتنياهو فى العقبة عام ٢٠١٦ سبقه اجتماع مماثل بينهما فى شهر أكتوبر من عام ٢٠١٥،
وعندما تتحدث الصحف عن مضمون مكالمات هاتفية بينهما ــ يدعون انتظامها مرة كل أسبوعين ــ فإن ذلك لا ينبغى أن يمر دون تصحيح أو تعقيب.
حتى حين قال أيوب القرا أحد الوزراء الإسرائيليين القريبين من نتنياهو أن الرئيس السيسى اقترح توطين الفلسطينيين فى سيناء، فإن النفى المصرى للخبر تم من خلال المتحدث باسم وزارة الخارجية فى مداخلة له ضمن أحد البرامج التليفزيونية،
 بل إن وزير الطاقة الإسرائيلى يوفال شفاينيتز حين قال فى العام الماضى إن مصر أغرقت الأنفاق مع غزة استجابة لطلب من إسرائيل، فإن مصر سكتت فى حين أن ذلك أغضب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لأنه قال ما لا ينبغى أن يقال،
وهذا السكوت قوبلت به التقارير التى تحدثت عن مشاركة إسرائيل فى تعقب الإرهابيين وضرب أهدافهم فى سيناء.
بعض هذا الكلام يصعب تخيله أو تصديقه، لكنه من جملة ما تتحدث به الصحف الإسرائيلية، ولا يتاح لنا أن نعرف وجه الحقيقة فيه، الأمر الذى يسلمنا للحيرة والبلبلة.
المعلومات التى نشرت عن مؤتمر العقبة السرى ذكرت أن الطرف العربى الحاضر كان موافقا على النقاط التى طرحها جون كيرى، فى حين أن الذى رفضها كان نتنياهو. بما يعنى أن العرب الحاضرين رضوا بالهم فى حين أن الهم لم يرض بهم.
وقد استغرب بعض الكتاب الإسرائيليين موقف رئيس الوزراء، حتى إن أحدهم ــ رفيف دروكير ــ كتب فى هاآرتس قائلا: «إنه كان يفترض أن ينهال نتنياهو بالقبلات على كيرى، لا أن يقابل عرضه السخى بالرفض».
وقال آخر أكثر من ذلك، إذ كتب أورى مسغاف أن ما جرى فى لقاء العقبة يدل على أن نتنياهو «كذاب وجبان ورافض للسلام».
حين رفض نتنياهو مشروع جون كيرى، فإنه قام بتعلية سقف طلباته. فقد اشترط أن توافق السعودية والإمارات على إرسال ممثلين كبار عنهما إلى مؤتمر علنى يشارك فيه شخصيا. بما يدلل على نقل العلاقات مع البلدين إلى العلن،
ومما ذكره باراك رافيد محرر «هاآرتس» وصاحب السبق الصحفى أنه إلى جانب ذلك، فقد طلب الرجل موافقة الإدارية الأمريكية على إطلاق يد إسرائيل فى التجمعات السكانية الكبرى بالضفة الغربية، إضافة إلى التزام أمريكى بإحباط أى تحرك ضد إسرائيل فى المحافل الدولية.
وفى مقابل كل ذلك فإنه وعد بأن يقدم بعض التسهيلات للفلسطينيين للبناء فى مناطق «جـ» بالضفة الغربية، وسمح بتجميد البناء فى المستوطنات النائية التى تقع فى أقاصى الضفة!
فى استعلائه وصَلَفه فإن نتنياهو قام بدور المنتصر الذى يملى شروطه على المهزومين. وإذا لاحظت أنه تحدث بهذه اللغة أثناء حكم الرئيس باراك أوباما، فلك أن تتصور موقفه الآن، فى ظل الرئيس الجديد الذى يقف على يمين إسرائيل ويعتبر أن الخطأ كله فى جانب الفلسطينيين.
نستطيع أن نصب اللعنات على رئيس الوزراء الإسرائيلى وأن نحشد ما نملك من ثروة لغوية لازدرائه والتنديد به، لكن ماذا نقول فيمن يمدون أيديهم لمصافحته والتطلع إلى سلام دافئ أو حتى بارد معه؟!
..........................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 22, 2017 13:22

February 21, 2017

فوجئنا وارتبكنا

صحيفة الشروق الجديد المصريه الأربعاء 25 جمادى أول 1438 – 22 فبراير 2017فوجئنا وارتبكنا – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_29.html
القنبلة الصحفية التى فجرتها صحيفة «هاآرتس» وأحدثت دويها فى مختلف أرجاء العالم العربى فاجأت الإعلام المصرى وأربكته. فبعض الصحف التى صدرت يوم الاثنين 20/2 (التالى لإذاعة الخبر) ألجمتها المفاجأة فتجاهلت الموضوع على خطورته، وادعت أنها لم تسمع به (الجمهورية ــ اليوم السابع ــ البوابة).
البعض الآخر تلعثم فى نشر الخبر وحاول تمييعه وتخفيف وقعه على القارئ، سواء من خلال الإشارة إلى أن مضمونه مجرد «مزاعم» إسرائيلية، أو بالتركيز على أنه مسكون بالمغالطات، أو بإعطاء الأولوية لبيان التحدث الرسمى باسم الرئاسة الذى قال إن مصر لا تدخر جهدا للتدخل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية دون مزايدات، (الأهرام والأخبار والوطن)، وهى عبارة وردت فى البيان الذى كان ردا على قنبلة الصحيفة الإسرائيلية.
وبعدما نشرت الخبر على عامود واحد فى الصفحة الأولى، ونسبته فى الداخل إلى مزاعم إسرائيلية، فإن جريدة «المصرى اليوم» أبرزت فى عنوان عريض بالداخل تعليق لأحد الذين يدعون أنهم خبراء فى الشأن الإسرائيلى قال فيه إن ما نشرته الصحفية الإسرائيلية «عار تماما عن الصحة»،
 وفى حين أن الأمر بدا غائما وغامضا لدى قارئ ست صحف مصرية فينبغى أن يحسب لجريدة «الشروق» أنها وحدها التى أفهمت القارئ حقيقة الحكاية، فنشرت خلاصة للخبر الكبير الذى انفردت به الصحيفة الإسرائيلية.
كما نشرت بيان الرئاسة المصرية تعليقا عليه، وجاء العنوان الرئيسى للصفحة الأولى كالتالى: تفاصيل قمة سلام سرية فاشلة فى العقبة عام 2016. وتحت العنوان الذى أبرز باللون الأحمر، وردت عناوين أخرى هى: هاآرتس: القمة جمعت السيسى وعبدالله الثانى ونتنياهو وكيرى ــ الخارجية: ليست لدينا معلومات ــ الرئيس: التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية يحقق التنيمة لدول المنطقة.
تلك ملاحظة شكلية أولى على تعامل الصحافة المصرية مع إفشاء إسرائيل لأول مرة خبر اجتماع الرئيس السيسى مع نتنياهو فى حضور ملك الأردن ووزير الخارجية الأمريكى فى العقبة يوم 21 فبراير من العام الماضى (2016)
وهو بالمناسبة الخبر الذى قد يفسر لنا الآن لماذا فاجأنا الرئيس السيسى يوم 17 مارس من نفس العام بحديثه عن «السلام الدافئ» مع إسرائيل، أثناء افتتاح بعض المشروعات فى أسيوط،
 ذلك أن استخدامه المصطلح لأول مرة تم بعد نحو ثلاثة أسابيع من اجتماع العقبة السرى.
الملاحظة الشكلية الثانية أن الطرف الفلسطينى كان غائبا فى اجتماع بحث المصير الفلسطينى وهو ما يعد قرينة على الاتجاه إلى محاولة ترتيب الأمر عربيا وإسرائيليا أولا لفرض ما يتفق عليه على الفلسطينيين.
لدى ملاحظة ثالثة تتعلق بتوقيت إذاعة الخبر، إذ لست أخفى أننى ممن لا يحسنون الظن بكل ما يصدر عن الإسرائيليين. واعتبر أنهم أولى بأن ينطبق عليهم القول المأثور كاذبون وإن صدقوا.
هذه الخلفية دعتنى إلى التساؤل، لماذا يذاع الخبر الآن بعد نحو عام من وقوع الاجتماع السرى؟ ــ صحيح أن المعلق السياسى لصحيفة هاآرتس باراك رافيد صاحب السبق الصحفى، قال إنه تحدث مع موظفين كبار من المحيطين بوزير الخارجية الأمريكى السابق جون كيرى،
 إلا أن هناك شكوكا فى أن لنتنياهو أو فريقه دورا فى عملية التسريب. وهو ما لا أستبعده لأنه أكثر المستفيدين من العملية، رغم أن معارضيه هاجموه واعتبروا أنه ضيَّع فرصة نادرة لإحلال السلام مع الفلسطينيين.
هناك ثلاثة أسباب تؤيد الافتراض بأن نتنياهو وراء تسريب خبر الاجتماع السرى هى:
<
أن الرجل أراد أن يخلط الأوراق ويقلب الطاولة على الجميع بعد عودته مستعليا ومنتشيا من اجتماعه مع الرئيس الأمريكى فى واشنطن،
 إذ اطمأن إلى أنه أصبح بمقدوره أن يتحلل من كل الوعود والتفاهمات التى طرحت فى السابق، سواء فيما يخص قضية الدولتين أو العودة إلى حدود عام 1967 أو القرارات والأحكام الدولية.
 كما أصبح فى موقف يسمح له بتحدى قرار منع الاستيطان والشروع فى ضم الجولان بعد الضفة الغربية. وقد شجعته على كل ذلك حالة الفوضى والانفراط المخيم على العالم العربى.
<
أن يكون قد أراد بالصدمة التى حدثت أن يمهد لفكرة الحل الإقليمى التى ترددت أخيرا، بتهيئة الرأى العام لمشروع تحالف إسرائيل مع بعض الدول العربية دون المرور بالموضوع الفلسطينى،
 كأنما أراد أن يقول إن الأمر ليس مفاجئا، وإن إجراءات التحالف حاصلة فعلا ولكن بعض القادة العرب يتحرجون من إعلانها.
<
أن يكون قد أراد أن يصرف انتباه الرأى العام الداخلى عن اتهامه بالفساد والتحقيقات الجارية معه وزوجته بهذا الخصوص، وهى التى ينفخ فيها معارضوه ويطالبون بمحاكمته جراء ما نسب إليه.
لدى كلام آخر يتعلق بمضمون اجتماع العقبة السرى سأعود إليه غدا بإذن الله.
.................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 21, 2017 12:28

February 20, 2017

«السلام العظيم» نكبة ثانية للعرب – المقال الأسبوعي

صحيفة الشروق الجديد المصريه الثلاثاء 24 جمادى أول 1438 21 فبراير 2017«السلام العظيم» نكبة ثانية للعرب – فهمي هويدي – المقال الأسبوعي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_21.html
السلام العظيم الذى لوح به الرئيس الأمريكى بمثابة نكبة ثانية للعرب.

(1)
صحيح أننا مازلنا نعيش فى ظل تداعيات النكبة الأولى التى وقعت عام ١٩٤٨، إلا أن أخبار التجهيز للنكبة الثانية تلقيناها فى الأسبوع الماضى أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة واجتماعه مع الرئيس دونالد ترامب.
وهى الأخبار التى قرأنا عناوينها فى التقارير التى خرجت من واشنطن بخصوص القضية الفلسطينية. فى حين نشرت تفاصيلها وسائل الإعلام الإسرائيلية، حاصل جمع العناوين مع التفاصيل برسم صورة معالمها كالتالى:
<
طويت صفحة حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، ولا مجال لفكرة الدولة الواحدة، والباب مفتوح أمام الفلسطينيين لكى يبحثوا عن بدائل أخرى لهم.
<
الأولوية الآن للبحث عن حل إقليمى يتمثل فى تحالف إسرائيلى مع بعض الدول العربية «المعتدلة» يفتح الباب لاحقا لإمكانية «التفاهم» حول الملف الفلسطينى. وهو ما وصفته صحيفة هاآرتس (فى ١٦/٢) بمبادرة الانطلاق من الخارج للوصول إلى الداخل. بمعنى البدء بالعالم العربى للوصول إلى الساحة الفلسطينية. الأمر الذى يقلب مفهوم المبادرة العربية التى دعت إلى انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة فى عام ١٩٦٧، كشرط للتطبيع مع جميع الدول العربية.
<
الحديث الآن عن استعداد ثلاث دول للتفاعل مع فكرة الحل الإقليمى. والدول الثلاث هى إسرائيل ومصر والأردن. والأمل معقود على الإدارة الأمريكية لكى يتولى الرئيس الجديد ترتيب إشراك السعودية والإمارات فى ذلك الترتيب.
<
صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت فى ١٧/٢ أن التحالف المقترح سيكون بمثابة «ناتو» عربى، أى تحالف عسكرى إقليمى لمواجهة إيران.
<
الصحيفة ذاتها نشرت أن الإدارة الأمريكية عازمة على أخذ الموضوع على محمل الجد. وأن وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس سيناقش ما وصفته بخطط إقامة «الحلف الجديد» مع المسئولين فى الدول المعنية التى يزورها هذا الأسبوع فى جولة بدأها بأبوظبى.

(2)
هذا الكلام الصادم لا يفاجئنا تماما، إذ رغم أنه يعبر عن توافق أمريكى إسرائيلى إلا أنه لم يصدر أى تعليق عربى رسمى عليه، خصوصا أن ثمة قمة عربية يفترض أن تنعقد فى العاصمة الأردنية عمان فى أواخر شهر مارس المقبل، مع ذلك لدينا قرائن وإشارات تدل على أن هناك شيئا ما يتحرك فى العالم العربى يجعلنا لا نستبعد السيناريو الذى طالعناه فى واشنطن.
بالمناسبة فإن نتنياهو سئل أثناء حوار له فى واشنطن مع تليفزيون قناة (إم إس إن بى سى) عن الدول العربية التى تقيم تحالفا مع إسرائيل، فإنه ابتسم وقال: من ليس كذلك؟
من القرائن التى أعنيها ما يلى:
<
تقرير الرباعية العربية الذى ذاع أمره فى شهر سبتمبر من العام الماضى (٢٠١٦) ــ ومن المصادفات ذات الدلالة فى هذا الصدد أن الدول الأربع المشاركة فى تلك اللجنة هى ذاتها المرشحة للدخول فى التحالف المراد إقامته بالمشاركة مع إسرائيل. ذلك أن التقرير دعا إلى وحدة الصف الفلسطينى، ومعالجة الانقسام الحاصل داخل حركة فتح (لإعادة القيادى المفصول محمد دحلان إلى الحركة)،
وقد ورد فى التقرير ما نصه: «فى حال عدم قيام الفلسطينيين بما عليهم واستمروا فى الانقسام على أنفسهم، ستضطر بعض الدول العربية لدراسة بدائلها الخاصة فى التعاطى مع ملف الصراع العربى الإسرائيلى»
ــ وهذا النص إذا تأكدت صحته، فإن الجملة الأخيرة منه يمكن أن تمهد لتنفيذ الحل الإقليمى الذى تحدث عنه ترامب ونتنياهو، باعتباره من «البدائل الخاصة» المرشحة أمام بعض الدول العربية للتفاعل مع الملف الفلسطينى.
<
كتابات لآحاد الأكاديميين المصريين المرتبطين بالأجهزة الأمنية ذات الصلة بالموضوع، خصوصا تلك التى نشرتها جريدة «الشروق» لنفر منهم دعوا إلى الانتقال فى التعامل مع إسرائيل من التطبيع إلى التحالف، كما تحدثت تلك الكتابات عن أهمية «خروج مصر للعالم بخطاب سياسى جديد فى ضوء مراجعات سياسية شاملة».
وألمحت إلى أن مصر قادرة على أن تطرح «مبادرة منفردة» لإحياء عملية السلام فى الشرق الأوسط (٣/٩/٢٠١٦)،
وفى طور لاحق (فى ١٦/١/٢٠١٧) نشرت «الشروق» مقالة حبذت خيار «قيام مصر بتنمية علاقاتها مع الولايات المتحدة من منطلق استراتيجى بالتنسيق مع إسرائيل من جانب والأردن من جانب آخر، فى إطار مخطط أمريكى لبناء شراكة على أسس جديدة تضم مصر والأردن وإسرائيل».
وهذا النص الأخير يكاد يتطابق مع معلومات التقرير الذى نشرته عن فكرة التحالف المنتظر صحيفة «وول ستريت»، بعد شهر تقريبا من نشره بجريدة «الشروق».

(3)
السلام العظيم أو الرائع الذى تحدث عنه الرئيس الأمريكى، والذى اعتبره نتنياهو فرصة تاريخية لم يبق على شىء من عناصر القضية وخيارتها التى طرحت طوال العقود الماضية.
ذلك أنه أسقط ليس فقط حل الدولتين، كما لم يدع مجالا للحديث عن حدود عام ١٩٦٧، أو اتفاقية أوسلو، أو القرارات الدولية المتعلقة بالاستيطان أو التى تحدثت عن حقوق الشعب الفلسطينى. ببساطة لأن الفلسطينيين هم المعتدون والظلمة الذين انتقدهم الرئيس ترامب ودعاهم إلى الكف عن كراهية الإسرائيليين (حيث لم يجد مبررا لذلك؟!)،
وحسب تصريح السيد ياسر عبدربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فإن نتنياهو أقنع ترامب بضرورة بقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على المساحة الممتدة من البحر المتوسط حتى الأردن، بحيث لا يبقى للفلسطينيين سوى إقامة كيان خاص بهم على المناطق الواقعة تحت إدارة السلطة الفلسطينية حاليا، المسماة مناطق «أ» و«ب»، التى تساوى أقل من نصف مساحة الضفة الغربية.
بمعنى أن يتحول الوجود الفلسطينى بمثابة محمية تحت الوصاية الأمنية الإسرائيلية. وعلى حد تعبيره فإن ذلك يعد أخطر حل يقدم للقضية منذ وعد بلفور (١٩١٧) بل إنه يصبح استكمالا لما لم ينجزه ذلك الوعد فى مناسبة مرور مائة عام على صدوره.
فى هذا المعنى نشرت صحيفة «يسرائيل اليوم» تعليقا كتبه يوعز بسموت قال فيه إن تصريحات ترامب حولت سنوات أوباما الثمانى وعهد كلينتون بالحلول التى تبنياها ــ فكرة الدولتين مثلا ــ إلى تاريخ قديم، كما حولت أوسلو ومبادرات السلام لعلماء الآثار».
فى ظل الحل الكارثى والسلام الذى يمحى فيه كل ما كان مطروحا من خيارات ومبادرات فى السابق تنكشف الخدعة الإسرائيلية الكبرى، التى لا تقبل بأكثر من مجرد كانتونات فلسطينية تقوم فيها السلطة فى رام الله وحماس فى غزة بدور البلديات التى تقدم الخدمات الرئيسية للجمهور.
كما يتاح لها أن تمارس النشاطات الجماهيرية التى لم يكن مسموحا القيام بها تحت الاحتلال المباشر.
كان ذلك تعليق الصحفية الإسرائىلية اليسارية عميرة هاس فى مقال لها نشرته صحيفة «هاآرتس»، مضيفة أن ذلك لم يمنع الرئيس الأمريكى من أن يوفد رئيس المخابرات الأمريكية (سى آى إيه) للاجتماع مع محمود عباس لإبلاغه رسالة تطمئنه إلى استمرار وجود «السلطة الفلسطينية»، لأن ذلك مهم بالنسبة للولايات المتحدة التى تعرف أن صيانة الكانتونات تضمن نوعا من الاستقرار النسبى، فضلا عن أنهم يريدون وجود السلطة للإبقاء على تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق «أ» و«ب»، كى يتسنى لإسرائيل أن تضم مناطق «ج» التى تشمل أقل عدد من السكان الفلسطينيين وأكبر مساحة من الأرض. (يوجد فيها الآن ٢٠٠ ألف مستوطن مقابل ١٠٠ ألف فلسطينى).

(4) 
ما سبق ليس قدرا بطبيعة الحال، لكنها مجرد «سيناريوهات» للمستقبل تبنتها الإدارة الأمريكية الجديدة بالتوافق مع الإسرائيليين. وليس ذلك جديدا تماما لأن انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل لا يفاجئنا. وكل ما حدث أنه بدا فجا وفاحشا الأمر الذى يجعله تطورا فى الدرجة، من وجهة نظرنا.
لكن الأمر يختلف حين يقال إن هناك تفاهما مع بعض الدول العربية «المعتدلة» بخصوصه، إذ إنه يصدمنا ويفجعنا لأنه يغدو تغيرا فى النوع وليس فى الدرجة. ذلك أنه ينقلنا من مشهد «القضية المركزية»، إلى مستنقع اللاقضية. ومن ثم يفرض علينا نكبة ثانية تستهدف الإجهاز على القضية.
كنت أحد الذين أثاروا الموضوع، حين تساءلت فى مقالى المنشور فى ٧ فبراير عن أبعاد صفقة ترامب مع العالم العربى. وضمنت المقال تساؤلات وشكوكا حول الثمن الذى سيدفعه العرب إلى الرئيس الأمريكى، إذا ما قرر أن يتفاعل مع طلباتهم خصوصا ما تعلق منها بمواجهة التمدد الإيرانى أو اعتبار الإخوان جماعة إرهابية.
وقبل ذلك (فى ٢٤ يناير) عبرت عن القلق من احتمال أن تصبح فلسطين ضحية أمريكا الجديدة (كان ذلك عنوان المقال). إلا أن لقاء ترامب ونتنياهو أعفانا من التساؤل والشك، بعدما أصبح اللعب على المكشوف، ولم يعد هناك غموض فى حقيقة «السلام العظيم» الذى نحن مقبلون عليه.
إزاء ذلك لم يعد لدينا ما نسأله عن جوهر ما يخطط له الإسرائيليون والأمريكيون، وإنما لدينا عديد من الأسئلة حول رد الفعل الفلسطينى والعربى،
 ولست أشك فى أن الموضوع سوف يثار فى مؤتمر القمة العربية الذى سيعقد فى الأردن قبل نهاية شهر مارس المقبل، وليس ذلك كل شىء، لأننا إذا سمعنا صوت الأنظمة العربية، فإن صوت الشعوب العربية لابد أن يسمع أيضا.
وإذا كان الصوت الأول مفهوما وستكون مشكلته فى «الإخراج» وكيفية تمرير النقلة المطلوبة من جانب البعض، فإن حدود وتجليات الصوت الثانى مفتوحة الآفاق على كل الاحتمالات.
لا أكاد أجد حوارا مسموعا حول الموضوع بشقيه فى وسائل الإعلام العربى على الأقل، لكن بعض الكتابات الإسرائيلية انتقدت جهل الرئيس الأمريكى وعقم فريقه، وحذرت من عواقب عدم درايتهم بتعقيدات الموضوع وخرائط المنطقة،
وهناك كتابات أخرى توقعت أن يشهد العالم العربى انفجارات متتالية بسبب ذلك «السلام العظيم»، وهو أمر مخجل ومهين حقا أن نحاول قراءة مستقبلنا فى كف خصومنا، إلا أن ذلك يظل أحد تجليات الوضع البائس الذى صرنا إليه، الأمر الذى يدفعنا إلى اليأس مما نراه والمراهنة على ما لا نراه.
لدى سؤال عبثى أخير هو: إذا قدر للناتو العربى الجديد أن يتشكل بتحالف إسرائيل مع بعض الدول العربية، وحدثت انتفاضة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، ففى أى جانب ستقف الدول العربية الشريكة فى التحالف؟!
..............................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 20, 2017 14:49

February 19, 2017

حين أصبح الإلحاق مطلباً

صحيفة السبيل الأردنيه الاثنين 23 جمادى أول 1438 – 20 فبراير 2017حين أصبح الإلحاق مطلباً - فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_20.html
التراشق الحاصل الآن في مصر حول انتخاب نقيب الصحفيين يحذر من خطرين، أولهما تدهور أوضاع المهنة، وثانيهما سيطرة فصيل واحد على مقدرات النقابة.
وتلك وجهة نظر طرف واحد يريد الإطاحة بالنقيب الحالي (المرشح) وبمجلس الإدارة المتهم باختطاف النقابة. ولأنني أحد المتابعين للمعركة (من منازلهم)، فإنني أزعم أن المشكلة الحقيقية ليست في داخل النقابة ولكنها في خارجها، بمعنى أنها سياسية بالدرجة الأولى وليست مهنية.
ولست أدعي أن النقابة ليست بلا مشاكل، ولكن لها مشاكلها التقليدية العديدة غير المثارة في الصراع الحالي. (الأجور والخدمات وغير ذلك)
كما أنني أوافق على أن الصحافة المكتوبة في أزمة، ليس في مصر وحدها ولكنها في أغلب بلاد العالم. ولأن الأزمة وثيقة الصلة بمنافسة التليفزيون وبالثورة التي حدثت في عالم الاتصال، وأدت إلى تراجع دور الإعلام الورقي والمكتوب، فإن علاجها يفوق بكثير قدرة وكفاءة أي نقيب أو مجلس إدارة في أي مكان بالكرة الأرضية،
مع ذلك فثمة عوامل تساعد على صمود الإعلام المكتوب رغم كل الظروف المعاكسة والضاغطة، وعلى رأس تلك العوامل استقلال الصحف ونزاهة وشجاعة مواقفها،
لذلك أزعم أن الصحافة القوية لم تعد تستمد نفوذها من انفراداتها الإخبارية، التي باتت نادرة وحقق البث التليفزيوني سبقا فيها، وإنما باتت تعتمد في قدرتها على ما يتسم به موقفها من نزاهة وشجاعة، الأمر الذي جعل صحافة الرأي في موقع متقدم على صحافة الخبر، في الوقت الراهن على الأقل.
 
هذه الخلفية تسلط بعض الضوء على مشكلة الصحافة في مصر، ومشكلة النقابة بالتالي. ذلك أن أهل المهنة يعرفون جيدا أن انتعاشها أو انتكاسها مرهون بمساحة الحرية المتاحة، فهي تنتعش مع اتساع تلك المساحة وتتراجع وتنتكس تبعا لمقدار انحسارها.
 
للدقة فتلك ليست مشكلة نقابة الصحفيين وحدها، ولكنها مشكلة مزمنة عانت فيها كل منابر التعبير الحر عن الرأي العام، بما في ذلك النقابات المهنية والعمالية والأحزاب والمنظمات الأهلية وغيرها،
 إذ في ظل أزمة الديمقراطية في مصر المستمرة منذ عقود، فإن السلطة ظلت ساعية طول الوقت للسيطرة على كل تلك المنابر وإلحاقها بسياساتها. ولا مفر من الاعتراف بأنها حققت نجاحات مشهودة في ذلك اختلفت نسبتها باختلاف مساحة الحرية المتاحة في كل مرحلة.
ومنذ تأميم السياسة وإلغاء الأحزاب في مصر، فإن النقابات المهنية واجهت ضغوطا عديدة لإخضاعها، الأمر الذي عرض بعضها للتجميد ووضع البعض الآخر تحت الحراسة (نقابة المهندسين مثلا)، لكن الأجهزة الأمنية أولت نقابتي المحامين والصحفيين اهتماما خاصا بحكم اتصالها الوثيق بالمجال العام والرأي العام. حيث لم يكن التسامح مع انتخاباتهما واردا في أي مرحلة.
وبعدما تحقق المراد وتم الإلحاق في نقابة المحامين، فإن ترويض نقابة الصحفيين صار مطلوبا بإلحاح، خصوصا أن النظام الراهن يولي الإعلام أهمية قصوى. وإذ ضمن النجاح المنشود في مجال الإعلام المرئي، فقد حل الدور على الإعلام المقروء، الأمر الذي عرض نقابة الصحفيين لمسلسل من الأزمات المفتعلة طوال العام الأخير، وأدى إلى صدور حكم بسجن نقيب الصحفيين واثنين من مساعديه لأول مرة في التاريخ النقابي في قضية وهمية ملفقة.
 
مشكلة النقابة الحالية أنها أرادت أن تكون مستقلة، ورفضت الإلحاق والاستتباع، لم تكن معارضة، وإنما حرصت على أن تظل متفهمة ومتعاونة، وبسبب استقلالها فإنها احتملت أصواتا معارضة بقدر ما اتسعت لأصوات المؤيدين.
 لكن ضيق الصدور رفض وجود نقابة مستقلة حتى إذا كانت مع النظام وليست ضده. وهي ذات الأزمة التي واجهت حزب «المصريين الأحرار» وأدت إلى الانقلاب الذي وقع فيه.
وذلك جوهر المسعي الذي تعرضت له نقابة الصحفيين طوال العام الفائت، واشتركت فيه صحف يفترض أنها محترمة وصحفيون كبار. وكانت الذريعة التي استخدمت لطعن مجلس النقابة الحالي أن أعضاءه يمثلون اتجاها واحدا،
ورغم أني لست متأكدا من ذلك، إلا أن الأمر لا يخلو من غرابة، لأن الأهم من ذلك أنهم اختيروا من خلال انتخابات حرة ونزيهة، وتلك آفة منتشرة في جماعاتنا، إذا فاز من نحب فهو اكتساح، ولو فاز من نكره فهو اختطاف،
 في حين أن احترام الممارسة الديمقراطية يقاس بمقدار احتمالك وتعايشك مع من تكره وليس من تحب.
...............
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 19, 2017 20:50

February 18, 2017

أين العقلاء والراشدون؟

صحيفة الشروق الجديد المصريه الأحد 22 جمادى أول 1438 – 18 فبراير 2017أين العقلاء والراشدون؟ - فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_0.html
أغلب الظن أنها مصادفة، أن يزور الرئيس الإيرانى حسن روحانى سلطنة عمان والكويت، يوم الأربعاء 15/2، وهو نفس اليوم الذى أجرى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلى مباحثاته فى واشنطن مع الرئيس الأمريكى الجديد.
ورغم أن ذلك لم يكن مرتبا، إلا أن ثمة علاقة بين الزيارتين. فإيران تستشعر أنها مستهدفة من جانب الرئيس الجديد الذى أصبح يتصيد لها ويريد أن يوقع بها فى أى فرصة. ونتنياهو لم يتخل عن سعيه إجهاض المشروع النووى الإيرانى.
وفى الوقت ذاته فإن طهران خسرت العلاقة مع دول الخليج، فضلا عن أغلب الدول العربية الأخرى، وبالنتيجة فإن الخليج وجد نفسه مصطفا إلى جانب إسرائيل فى مواجهة إيران، واستغلت تل أبيب ذلك الاصطفاف لتدعى أنها أصبحت تقف إلى جانب دول الاعتدال السنى فى مواجهة المد الشيعى. وأن العالم العربى أدرك أن الخطر الذى يهدده مصدره إيران وليس إسرائيل. وهو خطاب انطلى على قطاعات لا يستهان بها فى المشرق العربى، فضلا عن أنه يطرب كثيرا الرئيس الأمريكى الجديد وإدارته.
إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلى قد تطلع إلى لقاء الرئيس الأمريكى كى يختبر وعوده إحداث «نقلة تاريخية» فى مسيرة إسرئيل فلست أشك فى أن الرئيس روحانى كان متطلعا بدوره لزيارة الخليج لوصل ما انقطع مع طهران ومحاولة ترميم الجسور مع دول الخليج جراء ما وصفه بـ«فوبيا إيران والشيعة».
وإذا كانت عوامل نجاح زيارة نتنياهو مرجحة، لأن الأرض ممهدة له وأبواب واشنطن مفتوحة أمامه على مصاريعها. إلا أننى أزعم أن طريق طهران إلى الخليج حافل بالأشواك والألغام، لذلك فإننى أشك كثيرا فى أن زيارة الرئيس روحانى يمكن أن تحقق مرادها قبل إزالة تلك الألغام، أو البدء فيها على الأقل.
أدرى أن ذلك ملف كبير حافل بالفصول والتحفظات، وأن الكلام فيه يطول، لكن هناك نقاطا أساسية يتعين وضعها فى الاعتبار عند التفكير فى الموضوع هى:
<
أكرر الدعوة إلى ضرورة التفرقة بين السياسة الإيرانية والمذهب الشيعى، إذ لنا أن نختلف مع الأولى ونخاصمها، إلا أننا نرتكب خطأ جسيما إذا استسلمنا لدعوات الغلاة الذين يريدون تحويلها إلى حرب مقدسة ضد الشيعة، تعيدنا إلى الصراعات التاريخية بين الصفويين والعثمانيين.
<
إن إسرائيل تظل العدو التاريخى والاستراتيجى للأمة العربية، ليس فقط لاغتصابها فلسطين، ولكن أيضا لأنها تمثل رأس حربة للهيمنة الغربية التى تستهدف استمرار إخضاع العالم العربى وتكريس تبعيته لسلطانها.
<
إن ثمة أخطاء متبادلة بين بعض الدول العربية وإيران، إلا أننى أزعم أن أخطاء طهران أكبر وهو ما تمثل فى أمرين أولهما السعى إلى التمدد فى العالم العربى على نحو هدد بعض دوله (العراق وسوريا والسعودية مثلا) ــ وثانيهما التخلى عن مبادئ الثورة الإسلامية لصالح التطلعات الإقليمية. وقد ذكرت فى مقام سابق ــ فى طهران وفى بعض الكتابات ــ أن الثورة الإسلامية أسقطت الشاه فى إيران، ولكنها بعد ربع قرن ذهبت إلى سوريا لكى تقتل السوريين وهى تدافع عن شاه آخر.
<
إن التمدد الإيرانى فى العالم العربى يتحمل قدرا من المسئولية عن تيسير الاختراق الإسرائيلى لبعض الأنظمة العربية. ولعب التدخل فى اليمن دورا حاسما فى ذلك، لأنه بمثابة تهديد مباشر للسعودية. وكان ذلك التهديد هدية قدمتها إيران لإسرائيل.
<
أخيرا فإن ذلك الملف لا ينبغى أن يظل مغلقا أو محظورا. لأنه لا توجد فى التاريخ معارك سياسية أبدية، وعند العقلاء والراشدين فإن الصراع مع الأشقاء والجيران هو نوع من الانتحار، الكل فيه مهزوم فى نهاية المطاف. إن لم يكن عسكريا فتاريخيا.
 الأمر الذى يطرح السؤال التالى: أين هؤلاء العقلاء والراشدون على الجانبين ولماذا لا يسمع لهم صوت يصلح ما فسد فى علاقات الأشقاء؟
..................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 18, 2017 11:37

February 17, 2017

أخطأ فى العنوان!

صحيفة السبيل الأردنيه السبت 21 جمادى أول 1438 18 فبراير 2017أخطأ فى العنوان! - فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_18.html
التجاذب الحاصل داخل حزب «المصريين الأحرار» ليس جديدا في الساحة السياسية. ذلك أن الانقلابات التي تتم لتصفية حسابات الأجنحة المختلفة لأسباب شخصية أو استجابة لضغوط أمنية باتت أمرا مألوفا فبعضها تصدر عناوين الصحف مثلما جرى في حزب الوفد، والبعض الآخر تم في هدوء مثلما جرى في حزب التجمع
وكقاعدة فما من حزب في مصر يتحرك الآن بعيدا عن أصابع الأجهزة الأمنية. يؤيد ذلك ويشهد به تركيبة مجلس النواب الحالي، الذي لم يعد يختلف أحد على أن الأمن كان حاضرا ليس فقط في ترشيح أغلب أعضائه، وإنما أيضا في حركتهم داخل المجلس.
 
لست بصدد الدخول في موضوع صراعات المصريين الأحرار التي أدت إلى إطاحة مؤسسه رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس وتشكيل قيادة جديدة له،
لكن ما دعاني إلى التطرق للموضوع واقعة سجلتها جريدة الشروق أمس (الجمعة ١٧/٢) وأبرزتها على الصفحة الأولى في عناوين مثيرة منها تهديد وجهه إلى نجيب ساويرس عضو مجلس النواب السيد علاء عابد قال له فيه سأحبسك. وعلى صفحة داخلية استكملت الجريدة العنوان بحيث أصبح نصه كالتالي: سأحبسك بالقانون ولو كنت أنا خبيرا في التعذيب فأنت خبير في هدم الأنظمة.
 
هذا العنوان له قصة، خلاصتها أن السيد ساويرس قال في تصريح صحفي له عن أسباب الخلاف داخل الحزب، إنه أبدى رأيا اعترض فيه على تأييد الحزب لانتخاب علاء عابد رئيسا للجنة حقوق الإنسان بالمجلس في حين أن الرجل خبير في التعذيب. ولكن رأيه لم يؤخذ به.
هذه المعلومة التي كررها ساويرس أكثر من مرة أثارت غضب علاء عابد المؤيد من رئيس الحزب الجديد، فرد عليه بتهديده بالحبس على النحو الذي ذكرت.
 
حين طالعت تصريحات السيد علاء عابد التي نشرت مع التقرير أمس لاحظت أن الرجل لجأ إلى الهجوم والتنديد بساويرس، لكنه لم ينف التهمة التي وجهت إليه. إذ لم يتطرق بكلمة إلى ما نسبه صاحبنا إليه بخصوص خبرته أو صلته بالتعذيب،
وذلك أسلوب شائع في بعض مدارس الحوار، التي يلجأ فيها من تضعف حجته إلى تجريح الشخص بدلا من مناقشة الموضوع. كأن تختلف مع آخر في قضية فيكون رده أنك إرهابي أو إخوانجي أو غير ذلك من الصفات التي تنتقص من الرجولة.
 وقد لاحظت أن السيد علاء عابد اتبع نفس الأسلوب. إذ بدلا من أن يفند الادعاء عليه بأنه خبير في التعذيب، فإنه اتهم السيد ساويرس في وطنيته وبسخريته من المصريين. ولم ينف الموضوع الأصلي المتعلق بدوره في التعذيب، وهو ما أفهمه، لأن سجل الرجل المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يضعف موقفه كثيرا في هذه النقطة،
 ذلك أن التفاصيل المنشورة بالأسماء والتواريخ تضطره إلى تجاهل دوره في التعذيب، لأنه لو نفاه لفتح على نفسه بابا لا يستطيع إغلاقه، وأغلب الظن أنه سيفقده ــ أدبيا على الأقل ــ شرعيته كرئيس للجنة حقوق الإنسان بالبرلمان.
 
الملاحظة الثانية على كلام السيد علاء عابد تنصب على تهديده للسيد ساويرس بالحبس، وأرجح أن جريدة الشروق حين أبرزت الكلمة على الصفحة الأولى دفعتها إلى ذلك غرابة التهديد ووجه الإثارة فيه، أعنى أنها لم تأخذه على محمل الجد، لكنى أختلف معها في ذلك لأن السيد عابد حين قالها فإنه تكلم بلغة «المقدم» ضابط المباحث الذي قضى نحو ٢٥ عاما في الخدمة.
 ذلك أن خبرته تعلمه أن بوسعه أن يحبس أي شخص بتهم جاهزة لا أساس لها، وشهود حاضرين، وتحريات أمنية تؤدى الغرض وتقارير وشهادات للطب الشرعي لا يخر منها الماء. وفى السجون والمعتقلات الآن مئات أو أكثر من الأبرياء حبس كل واحد منهم بكلمة من ضابط للمباحث أو أمين للشرطة. ولدى المنظمات الحقوقية ولدىّ شخصيا نماذج من تلك الحالات.
 
ما أريد أن أقوله إن السيد عابد كان جادا في تهديده لأن مثله يملك ذلك حقا، لكن المشكلة أنه حين أصاب فيما قاله فإنه أخطأ العنوان!
.............................
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 17, 2017 21:03

February 15, 2017

يحمون الدولة من الرئيس

صحيفة السبيل الأردنيه الخميس 19 جمادى أول 148 16 فبراير 2017يحمون الدولة من الرئيس - فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/02/blog-post_41.html
مسلسل العجائب مستمر في أمريكا.
ذلك أن القاضي الفيدرالي في سياتل جيمس روبارت الذي أمر بتجميد مرسوم الرئيس الأمريكي بحظر دخول مواطني ٧ دول رفض طلب الرئاسة تأخير دراسة جوهر القضية. كما أن محكمة استئناف فيدرالية في سان فرانسيسكو رفضت طعن الرئاسة في قرار القاضي، الذي جاء بعدما طعنت ولاية واشنطن في قانونيته. وقد أعرب المدعي العام في واشنطن عن سروره لرد القاضي روبارت طلب الرئاسة، في الوقت ذاته فإن القاضية الاتحادية في ولاية فرجينيا أصدرت بدورها قرارا مؤقتا بتجميد تنفيذ حظر السفر استجابة لطلب من الولاية.
 
الفقرة السابقة تصور جانبا من المشهد الأمريكي الراهن، الذي انتفض فيه القضاء لوضع حد لما اعتبره تجاوزا رئاسيا لحدود السلطة التنفيذية، إذ اعتبر القضاء أن المرسوم الذي أصدره الرئيس موجه ضد بلاد أغلبها من المسلمين، وهو ما يضمر معيارا دينيا لحق الهجرة. وهو ما يتعارض مع الدستور الأمريكي ومنظومة القيم السائدة في المجتمع.
 
هذا المشهد يفاجئنا من حيث إنه يتعارض مع أعرافنا و«ثوابتنا». وهي التي تعتبر أن كلام الرئيس لا يرد، وأن الاعتراض عليه إساءة إلى الدولة في قول، وسعي إلى إسقاطها في قول راجح ومشهور. ثم إنه يضع حدودا لدور الرئاسة، ويفصل بينها وبين القضاء الذي توافر له الاستقلال الذي يسمح له بأن يوقف الرئيس عند حده، ويمنع تنفيذ قراراته. ناهيك عن أنه يعتبر «توجيهاته» يؤخذ منها ويرد، وقد تصبح منعدمة القيمة والأثر.
وإذا كان القضاء يتكئ في ذلك على الدستور والقانون ولا يرى للرئيس حصانة أو قداسة، فإن محاكمة الرأي العام للرئيس الأمريكي مستمرة ليل نهار، عبر وسائل الإعلام والبرامج التليفزيونية الحوارية والفكاهية. إذ لم تترك له تصرفا أرعن إلا وفضحته، ولا زلة لسان إلا وحولته إلى أضحوكة تندر بها كل من هب ودب.
 
أمثالنا يستغربون الفصل بين الدولة والنظام والرئيس. لأن خبراتنا علمتنا أن الثلاثة مختزلون في واحد.  فالنظام هو الدولة رغم أنه أحد أركانها وجزء منها، من ثم فإن معارضته هي مناهضة للدولة ودعوة إلى إسقاطها، ولأن النظام صار هو الرئيس فقد أصبح الرئيس هو الدولة.
وفي نموذج موقف القضاء الأمريكي نجد الأمر مختلفا تماما. فقد عارض القضاء الرئيس بدعوى الحفاظ على دستور الدولة والحفاظ على منظومة القيم التي أرساها النظام عبر تاريخه، ومن هذه الزاوية قام القضاء بدور الحارس للديمقراطية وللحقوق المدنية.
 
شتان بين هذا الذي نقرؤه عن التجاذب الحاصل في الولايات المتحدة، وبين الذي نعيشه في بلادنا وفي مصر هذه الأيام.
 إذ حين أبدى الرئيس رأيا عرضيا في حديث له انتقد فيه الطلاق الشفوي، ثم رأت هيئة كبار العلماء رأيا مغايرا استندت فيه إلى المراجع الفقهية، فإن البعض اعتبروا موقف العلماء الذين هم أدرى بالموضوع تمردا ومروقا، وخصصت بعض الصحف صفحات لتحرير «المواجهة» بين الأزهر و«الدولة». ووصف اختلاف الرأي مع الرئيس بأنه «معركة»، أججها نفر من الصائدين الذين همزوا في قناة الأزهر، واتهموه بـ«الأخونة» التي صارت مقابلا للخيانة العظمى.
 
حين يقارن المرء بين النموذجين فإن السؤال الأول الذي يخطر له هو: كم سنة ضوئية نحتاجها لكي تصبح معارضة الرئيس دفاعا عن الدولة وليست مؤامرة لإسقاطها؟
.........................
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 15, 2017 13:02

فهمي هويدي's Blog

فهمي هويدي
فهمي هويدي isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow فهمي هويدي's blog with rss.