حسين المتروك's Blog, page 22
October 9, 2011
CrushIt! – Book Review
أو شاهد عبر (هذا الرابط)
(لا تقرأ الكلمات التالية إن لم تَكُن شاهدت الفيديو)
هذا الكاتب حقّق ما يريد، هل حقّقت أنتَ ما تُريد؟ إنه سعى وحاول عبر شغفه وحبّه لعائلته أن يكون مُلهماً لمن هُم في محيطه، ومن هُم في محيطه بالنسبة له هُم (العالم أجمع)، هوَ الكاتب (gary vaynerchuk) -للعلم، حقيقةً لا أعرف نطق الإسم الثاني إلى الآن-.
قد يستاءل البعض لماذا يقرأ (حُسين) في عالم التسويق؟ لماذا يقرأ في عالم الأعمال التجارية؟ دعوني أخبركم بعض معلوماتي عن هذه القراءات، فأنت كإنسان تمتلك فكرة أو مبدأ تعيش في إطاره، فأنتَ تحاول التسويق لهذه الفكرة في الكثير من الأماكن، وعندما تبحث عن مُختصين في تسويق الأفكار والقناعات لن تجد أفضل من بائعي السوق، إنّهم بعض المُبدعين الذين يبيعون ما يريدون على الزبون الذي يريد، أو لا يريد! إنهم فعلاً شغوفين في أعمالهم.
قرأت كتاب CrushIt! عبر Vook المُخصص لجهاز الآيباد، فعلاً تجربة ممتعة، ومفيدة، فأن يكون الكتاب تفاعلياً تلك حكاية من عالم جديد، فتوّفر الفيديو والكلمات جنباً لجنب كان يعطي فترات إستراحة لمُشاهدة الفيديو وتعود بكامل نشاطك للقراءة مُجدداً ..
[الفصل الخامس]
فصل استوقفني كثيراً، يتحدّث فيه الكاتب عن المحتوى وأهميّة المحتوى والتعامل مع المحتوى (المحتوى هوَ كل مادّة تريد تقديمها للناس)، أعطيكم أمثلة حيّة من حياة هذه المُدوّنة، عندما كُنت أكتب سلسلة الصداقة والأصدقاء، كانت لديّ العديد من الزيارات الجديدة من مُختلف القرّاء، وعندما كُنت أكتب عن أخباري الخاصّة وجدت عدداً ثابتاً من الزيارات، عندما يكون المحتوى مميّز ويحتوي على معلومات جميلة سيكون هُناك تجدد في الدماء.
في هذا الفصل وجدت معلومات مثيرة، منها (لا تكذب على نفسك) فأنتَ أدرى أينَ أنت؟ وفي أيّ درجة من السُلّم، فحاول أن تطوّر نفسك وتتجنّب الدوران في محيط نقاط ضعفك، أمّا النقطة الأخيرة التي لم أخبركم عنها في الفيديو هيَ:
- أن تكون مع المحتوى ..
أيّ محتوى في العالم سواء كان (فيديو) (صوت) (صورة) (كتابة) (تفاعلي) يجب أن يمرّ عبر حاجزين ويجب عليك كمُقدّم أن تتفاعل لكي لا تضيع منك الفرُص التي تكون بينَ هذه الحواجز ..
1- قبل الإنطلاق
تحدّثت سابقاً في (كيف أكتب؟) عن هذه المرحلة بشيء من التفصيل، لا تضع المادّة الخاصة بك أمام الناس إن لم تكن تعلم ماذا تحتوي؟ وهل هيَ تستحق النشر؟ هل تحتاج إلى التوسّع فيها؟ والكثير من التساؤلات التي يجب عليك طرحها على نفسك، هذه المرحلة جداً مُهمّة فما إن (تنشر) المحتوى الخاص بك لن تتمكّن من استرجاعه والتعديل عليه .. فلا تُجازف وكُن واثقاً وانطلق.
2- بعد الإنطلاق
إنها مرحلة غالباً ما يغفل عنها الناس، وهيَ أنّك عندما تضع شيئاً في يد الناس وتجد ردّة فعل، حاول أن تتفاعل معهم وشاهد ماذا سيحدث، ناقش ضع حلولاً لأفكارهم، طوّر العمل، وكُن مميّزاً.
××
أعتقد أنّ هذا الكتاب لم يأتي بالجديد فعلاً، لكنّه كتب عن أمور نغفل عنها في الكثير من المرّات أو ننساها، قراءة مثل هذه الكُتب تعيد ترتيب المنزل بالنسبة لعملك وأفكارك الخاصّة بتسويق (فكرتك) -أيّ فكرةٍ كانت-.
للعلم الكاتب سيتواجد في (الكويت) قريباً برعاية عدّة شركات يمكنكم الإطلاع على صفحة (السيمينار) ومحتواه عبر (www.crushitseminar.com)
××
شُكر خاص لأصدقائي يوسف المهنّا وأحمد فيصل
September 29, 2011
إنّه أبي
فوق سجّادة الصلاة، الغارقة برائحته، أتذكّر كل ما مضى من حياتي وحياته، بلا طقوس مسبقة بلا موعد مع الجنون، فغالباً مواعيدي معه تجلب الكثير من الملل، فوق تلك السجادة وبعد الركوع والسجود، أنظر وجهه يداعب وجهي، يحدّثني بصوته الجهوريّ الحنون، يقرأ لي آية من الذكر الحكيم، فوق ذات السجّادة صنع مسجداً للعشّاق، كانت مسجداً لجبهته العريضة ذات التجاعيد المُثيرة، إن لم تكونوا تعرفوه، هوَ من ربّاني، وأهداني كلّ ما أملك، وعلّمني فلسفة العطاء بلا انتظار، إنه أعظم من رأته عيناي، هوَ والدي، الذي أحمل اسمه منذ بدء حياتي.
هل تعلمون كم مُترفٌ أنا بحبّ هذا الرجل العظيم؟، أغوص في كهوف دفء قلبه الكبير كلّما احتجته، لا أخفيكم سراً أنّ هذا الرجل الذي يُعرف بـ (أبي) وأعرفه بـ (حبيبي) هوَ من غرس فيّ عادة القراءة، وهوَ من أخذ بيدي لحظة قررت الكتابة، هوَ من يترك لي مساحة لا أجدها إلا في رحابة صدره لأعبث بها كيفما أشاء، لم يكن أب تقليدي أبداً، بل هو المُعلّم البارع الفقيه في كيفية التعامل مع حسين الطفل، وحسين المراهق، وحسين الشاب، وحسين الزوج وإلى الآن هوَ من يعرف كيف يتعامل معي ولا أجد رجلاً يعرفني كأبي، علّمني أن مركز القيادة في عالم البشرية هو مصدر قوّة كما هو مصدر ضعف إذا ما كان هُناك قائدٌ فاشل، علّمني أن الصداقات الخيّرة ترتقي بي والصداقات المُسيئة لي تجرّني إلى الهاوية، أبي هوَ الأستاذ الذي يضع الاختبارات لينير لي عقلي بعد التساؤلات، ويشير لي بقلبه الطاهر لأتجّه إلى مصادر المعرفة المكنوزة في مكتبته الأجمل، تلك التي ضمّت نفائس الكُتب، إنه الصديق الذي أودع في قلبه أسراري وحروفي ومشاريعي وخطواتي، هوَ الطبيب الذي يضمّد جراحاتي، لا أعرف أحداً كأبي. فعندما لا أجد أحداً في الطريق ليساندني، أجده ينتظرني بعد أن أصل للنقطة التي أعجز فيها عن مساعدة نفسي، هُناك في كل الطرقات المظلمة يُلهمني مناشدة النور، إنه الذي غيّر ملامحي، وقوّم اللحظات السلبية الكريهة التي غصت فيها، إنه من شاهد أخطائي، ولم يُبغضني، هو من آمن بي عندما اختفى الأصدقاء والرفاق من حولي، إنّه من صنع منّي إنساناً.
إلى الأبد سأبقى أنا الطفل الذي أحبّ أن يبقى طفلاً، تحت جناحه الكبير، وعطاءه اللامحدود، أقف عاجزاً، أتعلّم في كلّ يومٍ دروس ودروس من الحكمة والموعظة، أبي علّمني (حُبّ محمّد وآل محمّد)، أبي علّمني أن النجاح هوَ التمسّك بالحُسين (عليه السلام)، أرشدني إلى حكمة العصور الأولى، وأسرار الحياة، نقل إليّ إرثاً ثقيلاً من العلوم والفنون، مليئاً بالأحجار الكريمة العظيمة.
قبل الختام، أبي اعذرني على تقصيري، على جنوني، على فقري في العطاء، عُذراً على زلّاتي وأخطائي، عذراً على غرس الشيب في رأسك الجميل، .. وفي النهاية شُكراً أبي، شكراً أيها الحاج الزائر العاشق لمحمّد وآل محمّد، شكراً أبي مكّي محمد المتروك.
September 11, 2011
أنتم وأنا في خمس سنوات
أعمارنا تتقدّم، ونحن نتقادم في هذه الحياة، وتُصبح عقولنا مليئة بالتعقيدات، ننسى براءة الأطفال، ونعيش هموم الغد وألم الماضي وجميله، نتناسى أنّ الحياة التي نعيشها اليوم تصنع غداً أفضل -سواء كُنّا سنبقى مقيّدين في هذه الحياة، أم أحراراً في عالم ما بعد رحلة الحياة- نبحث في كلّ زاوية عن جديد نضيفه لأنفسنا لأننا لا نريد أن نكون كمُحرّكات استهلكت وتُرمى في حوض المهملات.
خمسة سنوات قضيتها في كنف هذه المدوّنة، ليالي جميلة وليالي حزينة، كلّها تشكّلت كحروف، بحثت فيها عن ذاتي، عن شخصية تاهت بين دهاليز الحياة، لم يكن البحث بسيطاً، فالمخاطر كثيرة، والطعنات متنوعّة من هذه الحياة، يكفيكم تصفّح المُدوّنة لتعرفوا أن الأيّام ليست كلّها جميلة ورائعة، وليست كلّها تعيسة وحزينة، إنها مليئة بالتقلبات، فتارةً تجد نفسك في القمّة، وتارةً تجد نفسك في وادي سحيق لا تعرف طريق الخروج منه، إنها رحمة الرّب التي تهدينا البقاء لتحصيل المزيد، ومن ثم الرحيل إلى عالمٍ آخر نحصد فيه ما صنعنا.
في تاريخ ٩/٩/٢٠٠٦ انطلقت مدوّنتي، وغيّرتني، ورتّبتني بعد أن كُنت فوضوياً، لم أكن أتصوّر في ذلك اليوم أنني سأصل إلى هذه المرحلة، أشعر بالمفاجأة عندما أقرأ رسالة من أحد القرّاء يطلب فيها عوناً أو مشورة!، وأشعر بالسعادة عندما أتمكن من نقل تجربة عشتها ويتمكن القارئ من تطبيقها، وأشعر بالفخر عندما أقرأ تعقيبات الأصدقاء على المواضيع ونقدهم ونقاشهم بكلّ براءة وصدق، ويالها من روعة عندما أجد أنّ بعض القرّاء نشروا مقالاً أعجبهم، فعلاً شكراً لله على قرّاء كقرّاء مُدوّنتي الأعزّاء.
يسألني البعض عن أسرار التدوين، وما هي التقنيات التي أستخدمها لكتابة المقالات وغيرها، أحب أن أقول للجميع إنّ الأسرار مدفونة فينا، منها، القراءة، ثم القراءة ثم القراءة لإثراء العقل بمعلومات وتحليلات يمكن الاستفادة منها، وبعدها تأتي بعض التقنيات وأذكر منها:
1- شكّل علاقات
في كل مكان، والآن في الشبكات الإجتماعية، علاقاتك مُهمّة لكَ أنت لتتطوّر لتتمكّن من أخذ النقد من قرّاء يمتلكون وعي.
2- تقبّل التغيرات
إنها سنّة الحياة، فالحياة مُتغيّرة متقلّبة وكذلك ظروف التدوين والكتابة، تقبّل هذه التغيرات وأحياناً يجب أن تغيّر النظام أو التصميم أو نوعية المقالات، إنه التغيير الذي يأتي دائماً.
3- ابحث عن أهدافك
مقالاتك دائماً تعبّر عن أهدافك، فلا تركّز على أمور السياسة مثلاً تركيزاً عميقاً إن لم تكن من أهدافك، بل لتكن لديك حصّة منها ولكن تركيزك كلّه ينصب في دائرة أهدافك.
4- لا تعلق في مشكلة
إنه الأمر المُهم جداً، لا تعلق في المشاكل وتخطى المشكلات لتتمكن من الكتابة باستمرار، فالحياة لن تتوقّف.
5- بصحتك
أهم ما في الأمر، أنّه يجب أن تهتم بصحتك، ولا تنسى أنّك أهم عنصر في المدوّنة ولا نريد فقدانك.
الكتابة عملية مُلهمة جداً، وسهلة جداً، إذا ما تعاملنا معها كما يتعامل الأطفال مع الحياة، ببراءة وصدق، وشغف الاستكشاف، والتعلّم من الماضي للتطوّر في الحاضر لصناعة المستقبل، إنّ الكتابة تعلّمنا التسامح والثقة والعمق في الحب، إنها عملية روحية أكثر منها فيزيائية!.
××
كل عام وأنتم بخير يا قرّاء هذه المدوّنة ..
شكراً لكم على كلّ شيء ..
September 6, 2011
هدم البقيع، يومٌ فجيع .. !
كلّ يومٍ يتجدد الألم المزروع فينا ويكبر، فنجرّ أذيال الهزيمة، والخيبة تعانق وجوهنا المليئة بالحُزن، إنها الحكاية القاسية في حياتنا، هيَ حكاية ذُلّنا التي أنبتت أنيابها في عقولها وقلوبنا منذ ١٣٤٤هـ، وإلى اليوم نحن نعيش أقسى أنواع الحرمان، فإننا جميعاً نتمنّى الوصال إلا أنّ هُناك زبانية يقفون على بوّابة الرّحمة، يُجرّحون كلّ قلبٍ سعى للوصول للقاء أحبابه.
نصرخ في وجه الكون، ولا يسمعنا أحد، لأننا أضعف من أن نصرخ! فصُراخُنا يتمثّل في صمت مُريب، ننتظر الخلاص وانقاذنا من طُغيان أنفسنا المُتقاعسة التي تأمرنا بأن نكون مجرّد كائنات تنشر في الأرض الخضوع، وكأنّها تحتاج إلى المزيد!، إنّ انحدار الأمّة ازداد منذ ذلك اليوم المشؤوم الموسوم بالثامن من شهر شوّال، حيث تمكن المجرمون من هدم قباب مقبرة البقيع، وتمكنوا من ازالة كلّ معالم الفخر في تلك البقعة، إنّهم لا يفقهون أنّ تُراثنا الإسلامي أكبر من ذواتهم.
الطرق امتلأت بالفاقدين، والأرصفة امتلأت بالدموع المُتناثرة بعد بُكاءٍ مرير، وأوراق الأشجار لا تغطّينا بدفئها المُعتاد، فكلّ الفصول أصبحت بلا تغيير، إنها مُجرّدة من الأحاسيس، أصبحنا نمشي في المُدن كالمجانين، نترنّح نبحث عن معشوقٍ لا نظير له، وحبيبٍ لا مثيل له، لنبني معه تلك القبّة الذهبية التي ستعانق السماء إن شاء الله، ونزحف في ذلك اليوم إلى المدينة المنوّرة كما نزحف إلى كربلاء، لنُشاهد قبّة الحبيب صلوات الله عليه وقبّة الحسن بن علي (عليه السلام)، ونطوف فيما بينهما نبحث عن قبر ضاع في لجّة ظلام أعيننا.
لا تظنّوا أننا سنتخلى عن البقيع، فهوَ محفور في قلوبنا، إلا أنّ الخُذلان أكل منّا ما أكل، وصنع فينا ما صنع، لا تظنّوا أننا نسينا هذه البقعة المباركة، فهي أرضٌ تشرّفت بأقدام النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله)، لا تظنّوا أننا سنبقى مكتوفي الأيدي، فإنّ لنا ناصراً سيظهر، وسيمحق الظَلال والظَلام، وسينثر النور، وسيقف الطُغاة مذهولين، من عظمة ما سنصنع في تلك الأرض، سنبكي ونسقي نعش الحسن (عليه السلام) بالدموع لا كما سقته الخونة بالسهام، وسنضع الورود فوق المرقد، ونُقرّ عين الحُجّة (عجّل الله تعالى فرجه)، وستكثُر أنغامنا بين شفاهنا ونُسمع العالمَ دويّ اسم الحسن (عليه السلام)، ونرسم لوحة عشق لا مثيل لها.
لا تظنّوا أننا لن نقيم ذلك العزاء المركزي في ليلة استشهاد الحسن بن علي (عليه السلام) وفي بقعة البقيع المقدّسة، ونطلق تلك الآهة التي تُخرس الليل، وتُرهب الشامتين، إلى متى والدنيا تقسو على شيعة عليّ؟ إلى متى ونحن ننتظر الخلاص أو الموت، ألم نتعلّم سابقاً، أنّ البدايات هيَ أُمّ النهايات؟ إلى متى والبقيع مهشّم الأضلاع، كصحراء مُقفرة؟.
كلّ شيء ينتظر الشهقة الأعظم، والصرخة الأبهر، لابُدّ أن تُشرق الشمس بعد نهايات الليل الطويل، لابد وأنّ يُجاب الدعاء في يومٍ من الأيّام، ولن ننسى (البقيع الغرقد) في كلّ لحظة من لحظات حياتنا.
××
شاهدوا هذا الفيديو، لتعرفوا الجريمة العُظمى في حقّ البقيع ..
September 3, 2011
في السنوية العاشرة من رحيل الأستاذ (كتابين هديّة)
بمناسبة مرور عقد من الزمان على رحيل آية الله المرجع السيّد محمّد الحسيني الشيرازي قدّس سره، أحببت أن أقدّم لكم مجموعة أكبر من الكُتب إلا أنّ الوقت كان ضيقاً جداً بالنسبة لي، إن السيّد رحمة الله عليه، ترك إرثاً من العلم بين العديد من الكُتب والكراريس لمُختلف الفئات والأعمار، وقد يكون هوَ صاحب أكبر عدد من الكُتب المؤلّفة في العالم!، فهو صاحب الموسوعة الفقيه الأكبر في التاريخ الشيعي فقد وصلت إلى مئة وخمسين مجلّداً في شتّى مجالات الحياة، وهيَ فقط موسوعة فقهية استدلالية، أمّا الكُتب والكراريس فهي كثيرة جداً فاقت الألف كتاب.
أهدي لكم كتاب (متى جُمعَ القرآن) وهوَ صالح للاستخدام عبر برنامج Ibooks أو عبر برنامج Stanza الرائع -الذي سأحاول قريباً بيع كُتبي عن طريقه، كما سأضع لكم شرحاً له قريباً فتابعوا المُدوّنة باستمرار فهوَ مميّز ويتيح لكم أن تتبادلون الكُتب بسهولة مع الأصدقاء- هذا الكتاب الصغير الذي يُفنّد نظرية (جمع القرآن في عهد عثمان بن عفّان) ويضع حقائق كثيرة وأحاديث كثيرة في تاريخ جمع القرآن وصونه من التحريف، ويجيب على التساؤل المُهم جداً متى جُمعَ القرآن؟.
وأهدي لكم أيضاً كتاب (فاعتبروا يا أولي الأبصار) وهوَ كتاب قصصي جميل جداً، يتقسّم في مجموعة أقسام منها قصص من الرسالة وقصص من تاريخ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقصص من تاريخ الملعونين على لسان النبّي (صلى الله عليه وآله) وقصص من تاريخ المُستبدّين في التاريخ، فعلاً كتاب فيه الكثير من العبرة لمن يحب الاعتبار.
ولمن أراد أن يعرف أكثر حول كيفية رفع هذه الكُتب على برنامج Ibooks فعليه بزيارة هذه الوصلة، ومن أراد المزيد من الكُتب ففي هذه المُدوّنة ستجد (المسائل الإسلامية للسيّد صادق الحسيني الشيرازي حفظه الله)، وستجد (مطارة نصف قرن للسيّد محمد الحسيني الشيرازي) وكتاب (كيف تدير الأمور للسيّد محمد الحسيني الشيرازي) وكتاب (قبس من الغدير للسيّد صادق الحسيني الشيرازي) وكتاب (خواطري عن القرآن للشهيد السيّد حسن الشيرازي) ومقطع من كتابي (جئتك) ومقطع من كتابي (راوية)
××
معلومة مهمّة
إذا كان هُناك كلمة سريّة H-makki.com
هل هُناك من يرغب منكم بتحويل كتاب له ليكون صالحا لهذه الخصائص ويكون بصيغة Epud أو Pdf؟ أنا على استعداد لتحويل كتابُك، فقط (راسلني) وستجد ما يسرّك.
كما أنني أخطط لفكرة بيع الكُتب بهذه الطريقة عن طريق برنامج Stanza أنصحكم بتجربته قبل أن أشرحه، فخصائصه كثيرة، ويصلح للغة العربية والإنكليزية.
August 30, 2011
فنون العزاء – بقلم محمّد الباذر
أفتح باب غرفتك التي تقابل غرفتي ، لا أحب أن أراها مغلقة ، أريد أن أسمع ضجيج منبهك قبيل الفجر ليوقظك لصلاة الليل وأنا أغط في نومي وأكتفي بسماع صوتك وهو يرتل آيات القرآن فيبعث في روحي طمأنينة عجيبة وأحيانا أحذو حذوك فأجدك تتأخر ولا تنام قبل أن تشرق الشمس .
لا تنام الفجر فهو وقت شغلك الذي تريد أن تتمه بدون ملل وكأنك تريد أن تصل لأمر معين بلهفة الساعي فكم من أمنيات تمنيتها وأنا أتغطى تحت سريري وأنت كنحلة لا تهدأ ، كم من عمل نسبته لنفسي وهو كان من صنعك ، كم من فخر كنت تخلقه لي ، وكم من صنيع كنت تحمله عني وعن عشرة غيري ونحن نترقبك بإعجاب أنك منا ، كم من مرة كانت روحي مدبرة فأقبلت على باريها عندما أراك لا تهدأ من نحيبك على الحسين عليه السلام ، أحيانا أخشى عليك فأنهيك عن فعل بعض الأمور مستخدما سلطتي الأبوية عليك فأكره نفسي عندما أقسو عليك فتبادلني بابتسامة ليست كابتسامات البشر تجعلني أخضع لما تريده .
أدعي أنني ربيتك ، ظنا بأن ذكرياتك التي بقيت عندي منذ يوم ولادتك يوما بيوم والفارق العمري بيننا وقدرتي على أن آمرك فتطيع ، حتى جعلتني أعيش ملكاً بوجودك معي ، نعم أخ واحد ولكن عن ثلة اختارها الله لتسعد من حولها و الآن بعد أن انكسرت مملكتي بالتحاقك بمعشوقك اكتشفت أنك أنت الذي كنت تربيني .
أفتح خزانتك وأجد ملابسك قد غلب عليها لون السواد ، جنونك بالحسين عليه السلام كان يلازمك في كل أمور حياتك . أرتدي ثوبك فأفرح بأنك صرت أطول مني فتمنيت أن تطول أيامك معي لألبسك ثوب الزفاف وأزفك وأفرح بك كما فعلت لي قبل شهر .
أدخل في سريرك وأنت غائب في أيام مرضك وأدعو الله أن يفتديني بك وأقسم على من فدى أخيه رسول الله صلى الله عليه وآله وأستغيث به ليعطيك من عمري بل عمري كله يا أبا الحسن .
أجمل رفيق في السفر كنت معي في الزيارة الشعبانية حين جبنا مراقد الآل عشقا وشوقا ولعلك الوحيد في رحلتنا الذي لم يتذمر فكان كل شيء جميل عندك وأنت بقرب أبيك علي وسيدك الحسين ومعشوقك العباس .
تعود فلا تكتفي وتعيد الزيارة إلى السلطان علي بن موسى عليه السلام فيحزنني أن تذهب لوحدك دوني وبقدر ما حاولت أن أثنيك أو أؤخرك أراك وكأنه أصبح لك هدف لا تريد أن تتأخر عنه ، ولا تكاد أن تعود فتشارك بإحياء العزاء على أمير المؤمنين الأب الذي رباك في كنفه ١٩ عاما ولم تعرف غيره ، عقيدتك في الشعائر أصلب من الكثير من قديمي الإيمان .
وفي كل مرة تختار لنفسك طريقة في تعزية آل البيت عليهم السلام بطريقة مبتكرة حتى تجعلني أخشى عليك ، وفي هذه المرة اخترت بعد ليلة القدر وضربة أباك علي بل واختارها هو لك واختارك وقربك بفنون عزائك التي لا تتوقف ؛ أن يطبر رأسك فيتلقاك سيد الكون بين يديه ويريك مكانك من الجنة فتفرح لذلك ببلوغك لقمة أماني حياتك وتلك كانت هديتك منه يا ثامر الحسين يا فنانا لا يقلدك أحد بعزائك وحبك لمحمد وآله الأطهار .
ماذا بقي لي في الدنيا وقد خلفت محبة في قلوب الناس لم يدركها الكثيرين ممن سعى لها وإنما تلك محبة الله قد أظهرها على العالمين ، لم يبق لي سوى أن أسلك دربك لأصل إليك في النهاية وألقاك وقد عرفك أبا الحسن وقد عرفك على أبيك خضر الذي غرس في قلبك حب علي قبل أن يرحل في رحيل مشابه لك حين عاد من نسك حجه وأنت عدت من نسك زياراتك وتعبدت ليلة قدرك وصليت فرضك في المسجد فلقيت الله صائما فهنيئاً لقمة من علي وعيداً عند علي وجنة عند علي .
وبحق قربك من علي وعقيدتك به إذ كنت تردد ( علي انته التنجيني وانا ميت ) فأخبره عن صانعتك الحقيقية ، أخبره عن أمنا التي فجعت بفقدك وانت مدللها فلترد عليها جميلها بأن تطلب من مولاك الذي اختارك أن يجعل كف أمك بكف سيدة نساء أهل الجنة في الدنيا والآخرة عذرا حبيبي نسيت أنك فنانا وسباقا بتعبدك وبرك بوالدتك يقتضي أنك فعلت ذلك قبل أن أخبرك فلا داعي أن أذكرك ببقية أخوتك وأحبتك ، هنيئا لك هذا المقام فأنت شفيعنا ففرحتي لك وبكائي على نفسي إذ فقدت عظيما مثلك لم أعرف كنهك إلا بعد رحيلك .
××
بقلم محمّد الباذر
August 29, 2011
وداعاً ثامر الباذر
وأطبق الحُزن على عينيه، وأعلن أنّه احتل مُدن قلبه، إنها الحياة القاسية، لم يكن يبكي بل كان يتنفّس، لم يكن يذرف الدمع، وإنما كان يجمع الذكريات لتُشكّل عُصارة البلل التي تخرج من عينيه لتبقى حيّة إلى الأبد، على الرغم من أنّ رائحة الفُراق تصنع مزيجاً من الجنون والموت! إلا أنه كان ينظر إلى السماء بعين مليئة بالرضا، لم يكن ينتظر إلا تجلّي عظمة الرّب في خلقه، فكان له ما أراد وألهمه الرّب قوّة الصبر التي تفوق كل القوى، وكان عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) مثله الأعلى، فاستلهم الصبر منه ومن بنيه.
طعُم الحياة بالنسبة له مُختلف، منذ زمن طويل، وها هوَ الموت يُمارس جبروته مُجدداً في حياته، وكلّ الأماني أصبحت مُجرّد أحلامٍ تلاشت، لا قُدرة له على استخدامها في حياته، لن يلاقيهم إلا بعد أن يُقرر الباري له أن يحزم حقائبه، ويَركُن جسده في لحدها، أو أن يلقاهم في عالم المَنام، وهوَ أيضاً قاسي، فما إن نحط الرحال في عالم الواقع، نجد أن كلّ شيء أصبح من الماضي الذي ينهش عقولنا وقلوبنا.
كلّ فصول حياته لا تُعادل فصله الأشد هذا، الموسوم بختم ثامر، رحل الأخ الابن، رحل الصديق المُخلص، وقرر الرحيل مُلبياً نداء ربّه، وترجّل عن الحياة الخادم الوفيّ لمولاه العبّاس بن علي (عليه السلام)، لم يذبل، لم يسقط في فخّ هذه الدُنيا الفانية، وتركَ ذكرى تحوم في أرجاء مجلس الحُسين (عليه السلام) اسمها دمعة ثامر الممزوجة بنوحِه الجميل.
وغادر هذه الحياة، ليحُط ركابه في محضر أسياده ومواليه، في حياةٍ هي الأجمل هيَ الأكمل، وكان كلّ إرثه، حُبّ الحُسين (عليه السلام)، روحه الآن أقرب من الوريد وجسمه أبعد من سماءٍ ثامنة، وداعاً ثامر الباذر.
وفاضت مآقي الأخ الأب، الصديق العظيم، مُحمّد، بحرارة، بوجع يغمس الآه في عتمة الأرض، مليءٌ بالإيمان حبيبي مُحمّد الباذر، مليء بصبر زينب بن علي (عليها السلام)، مُتيقناً بأن ثامر بين يديّ أمير المُؤمنين عليّ (عليه السلام).
××
عظّم الله لكَ الأجر حبيبي مُحمّد الباذر
في 28 من شهر رمضان المُبارك 1432هـ الموافق 29/8/2011 رحل الأخ العزيز والصديق الوفيّ ثامر الباذر إلى ربّه بعد تعرضّه لحادث أليم، ورحلة استمرّت أياماً في هذه الدُنيا.
لروحه نُهدي الفاتحة مع الصلاة على مُحمّد وآل مُحمّد ..
August 28, 2011
ألا يعلم أبناء الـ … !
بالأمس القريب، ضاقت الأرض بأجساد بعض شيعة آل محمّد في بصرة الخير، في العراق، فلفضتهم إلى باطنها!، وعاود الحُزن نشر جبروته عبر صفعاته، نسج الدم غيمة من ألم، وطوّق القمر بدموع أمّهات انتظروا بنيناً فُقدُوا لأنّهم أحبّوا الحسين بن علي (عليه السلام)، ورتلّوا أبجدية عشق لا تنتهي ولا عدد لحروفها، جدارية حُزن سطّرها الشُهداء بالأمس.
عادة أهل الكُفر، الغدر، منذ صدر الإسلام وإلى اليوم، مارسوا الغدر بكافة أشكاله، وفقدوا طعم الإنسانية من أفواههم العفنة، مُدّعين الإسلام هُم لا أكثر، بل مُدّعين الإيمان في لحظات كثيرة، ولم يكن التفجير لاستهداف انسان، وإنما الهدف هوَ البشرية كلّها، إنّهم يبحثون عن قتل الحُسين بن علي (عليه السلام)، الحيّ في صدور محبيه، لأنّهم لا يحتملون سماع صوت عشّاقه وهُم يترنمون باسمه ويصرخون لبيّك يا حسين، إنّه النداء الذي يهزّ ضمائرهم ويعرّيهم ويَركُنهم في خانة جيش يزيد بن معاوية (عليه اللعنة من الله)، إنّهم يخافون هذا التصنيف، إن هذا التصنيف لا يظهر للعلن إلا عندما يظهر اسم الحسين على سطح حياتهم!.
لستُ أدري ألا يعلم أبناء البغايا أننا استلهمنا مبادئ حياتنا من ساحات كربلاء المُقدّسة، جامعة البشرية العُظمى، إننا أبناء عليّ قاتل الكفّار، إننا أحفاد أمّ الثورات كلّها، تلك التي انطلقت في ميدان الطّف، وبقيت شُعلتها مُتّقدة في النفوس إلى اليوم، إننا تلاميذ عليّ بن الحسين الأكبر، والقاسم بن الحسن وعبدالله الرضيع والعبّاس بن علي عليهم جميعاً منّا السلام، إنهم من قال في ذلك اليوم "أولسنا على حق؟ يا أبتِ إذن لا نبالي أن نموت محقّين" وكذلك شيعة عليّ اليوم، نحن تلاميذ أولئك الذين قيل فيهم،
قــومٌ إذا نــــودوا لـدفـع ملمـة * والخيل بين مدعس ومكردس
لبسوا القلوب على الدروع كأنهم * يتهافتون إلى ذهاب الانفس
يظنون بأنّهم إذا ما قتلوا الخطيب العلاّمة السيّد محمد باقر الفالي -حفظه الله- والحاج الرادود الحسيني باسم الكربلائي -حفظه الله- في حسينية الحاج داود العاشور في البصرة، فإنهم سيضعون حداً لنشر ذكر الحُسين، هُم لا يعلمون أننا جميعاً فداء، لحُروف الحسين، فنحن عُجنت طينتُنا بطينة الحسين (عليه السلام)، لا نفارقه، إلى الموت، إلى القبر، وستبقى رموزنا عالية رغم أنفِ الحاقدين، رغم أنف الكاذبين، رغم أنفِ الكافرين.
ستبقى راية الحسين تُرفرف في كافّة أنحاء الأرض، ولن تُغطيها ثيابهم المُمزقة عاراً، وسيبقى عشّاق الحسين في كل زاوية من زوايا هذه المعمورة يبكونه دماً، ولن تُنيهم خيانات أهل الكُفر.
××
أصدقائي، قرّاء هذه المُدوّنة، أسألكم الدُعاء لصديقي العزيز ثامر الباذر الذي تعرّض لحادث سيّارة قبل أيّام، وهوَ بحاجة لدُعائكم.
××
معلومة ستعود فقرة (استضافة الثلاثاء) بإذن الله هذا الأسبوع .. ترقبوها.
August 21, 2011
محور الأحزان
إنّ الرّب وهبنا قُدرة على السفر بقوّة الخيال، فلا تبخلوا على أنفسكم في هذه الليلة، استخدموا هذه الطاقة الرهيبة، وحلّقوا وارحلوا إلى الوراء، أغمضوا العيون، شاهدوا بعين البصيرة، ولا تقلقوا فإنكم ستصلون إلى معشوقكم لا محالة، تحسّسوا الحيطان التُرابية، إنها ترتجف، ضعوا أيديكم على الأرض، وأنصتوا أما تسمعون صوت البكاء وهوَ يتنقّل بين الذرّات؟ لا تبحثوا كثيراً، فقط شاهدوا كلّ هذه الآثار، إنها الأقدام الصغيرة، وقطراتٌ من لبن مسكوب، إنها هدايا الأيتام لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، هُم واقفين عند داره، يترقّبون خبر شفائه، حاسري الرؤوس، حُفاة، مُرقعةٌ ثيابهم بيديه الشريفة، إنهم أيتامُ عليّ، وقفوا هُنا يبحثون عن نظرة منه، تُطمئن قلوبهم، لأنه ذلك الرجل الذي حضر في الليالي الحالكة ليَطبُخ ليتيم وجبة العشاء، لأنّه ذلك الرجل الذي قرّر أن لا ينام لينام أطفال الإسلام بسعادة، لأنه الذي يبكي لبُكائهم، إنّه الأب الذي قرّر النوم للأبد.
ها هيَ ليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك من العام الأربعين من تاريخ هجرة النبّي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ها هيَ تُرخي ستائر الليل، وتُخفي الشمس، وتُحارب خيوط النور، إنها الليلة التي يودّع فيها عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بنيه، إنها ليلةٌ مُثقلة بالحُزن، نبضاتها مُترنّحة لا تجد مجالاً للاستقامة، فالوداع الأخير، يعني أن نثمل ونحن نبكي، وندخل في عالم اللاوعي، ونبكي، ونسقي الأرض دمعاً طاهراً، وبعدها نُشعل العيون بنيران الفقد، لكي لا نُبصر شيئاً، فدمعة مِحور الأحزان زينب، أطهر من أن تُرى، وصوتها أعظم من أن يُسمع، ونورها أجمل من أن يُرى، ستشعرون ببُكائها وترتجفون.
سيُغادرنا الإمام الأب، تاركاً يدُ العبّاس مُعانقة يد زينب، ومُهدياً للحسن كلّ الوصايا، ومُفجّراً دمعة الخلود على الحُسين، ونحن نطلّ من نافذة الحُزن، لنُشاهد النور الذي لا انطفاء له!، يرحل ليُلاقي الأمّة غداً.
في مثل هذا الليل، شقّت السماوات صدرها، تنتظر علياً، وأمّا إمامُنا، فهوَ مُشتاق للقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مُشتاق إلى المكسّرة الأضلاع فاطمة الزهراء، تارة ينظر إلى بنيه وتارة يُغمض عينيه، والنواح من حوله يتعالى، وحروفه الأخيرة لا تتجرأ على الخروج من فمه، لكنّه المؤمن رحمة الرّب الجليل، أدار وجهه ناحية الأبناء وقال: "أستودعكم الله جميعاً، سدّدكم الله جميعاً، وحفظكم الله جميعاً، الله خليفتي عليكم، وكفى بالله خليفة" وتعالت الصيحات، فأكمل، "أشهد أن لا إله إلى الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، رفقاً بي ملائكة ربّي" فعرق جبينه وسكن أنينه وأغمض عينيه وأسبل يديه ومدّد رجليه، وارتحلت روحه إلى بارئها، وساد البُكاء، واسوّد الفضاء، وانقبضت القلوب، واحتلّت بُردة الأحزان كلّ الدُنيا، إنّها ليلة رحيل عليّ .. وداعاً يا علي، وداعاً يا أبي، روحي وأرواح العالمين لك الفداء.
××
عظّم الله أجورنا وأجوركم يا شيعة عليّ (عليه السلام) في حبيب قلوبنا، إمامُنا عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
××
مُلاحظة عابرة
بالأمس كانت هُناك محاولة لاختراق الموقع، لستُ أدري ما السبب، ولكنّ إن كان السبب هوَ مقالاتي المكتوبة باسم أهل البيت (عليهم السلام) فليعلم من حاول الإختراق أنني لن أتوقّف عن الكتابة حول محمّد وآله صلوات الله عليهم أجمعين، وعُذراً على تعطّل الموقع بالأمس.
August 19, 2011
حضارة علي
كعادتها تهرب منّي عندما أحتاجها هذه المُسمّاة حروف، وأيّ حروف تأتي إليّ في هذا الليل المُستعِد لأقسى لحظات التاريخ، في مثل هذا الليل كان الكون يستعد ويترقّب، فرائحة المِحراب الفوّاحة لم تعد كما هيَ، والأرض تئنّ، فالعدالة سيُرفع قسم كبيرٌ منها، ولن يتبقّى ما يكفي في قلوب البشر!، والزمن يترقّب الساعة الأولى من البُكاء والنحيب، فراية بَني هاشم العالية المُتمثّلة في (عليّ بن أبي طالب – عليه السلام) ستُلحد بعد بضع ليال.
أبتاه، أنتَ عالمُنا الأجمل، أنتَ وطن أرواحنا الساكنة في منفى أجسادنا!، نأوي إليكَ في كلّ حين، ننقشُ أنفاساً من العشق فوق صدر التُراب يا سيّد التُراب، إليكَ أكتب وأنا كهلُ الحروف، عقيم الأفكار، ساعدني كي أكتبني فوق جدارك الأبهر، أوردتي اشتاقت مُرورك الكريم أبتاه، أستحلفك بضلع أمّي الزهراء (عليها السلام) إلا ما أمسكتَ بيدي .. أبتاه إنّ طعم الحُزن مُتعِب، مُهلك، يقود سفينة الأوجاع في بحار الانتظار والمرفأ المُخبّأ، قُدني إليه سيّدي، فالعَطشُ يُهاجمني بين الحين والآخر أنتظر كأساً من حنانك الفيّاض الممزوج بالكوثر العظيم، لكنّ التساؤل الذي يغتالُني بين الحين والآخر، لِمَ لمْ يكن التاريخ أقلّ إيلاماً، وأقلّ قتلاً وارهاباً؟.
في أروقة الكوفّة كان أمير المؤمنين وسيّد الساجدين وليث بدر وحُنين الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- يطبع آخر العلامات من قدمه في هذه المدينة، فبعد لحظات ستخضّب شيبته بالدماء، وتسقط دولة بني هاشم وتعيث بني أميّة في الأرض وتعبث بتاريخ الأمّة العُظمى، إنها الليلة التي قال فيها "هي، هي والله الليلة التي وعدنيها حبيبي رسول الله"، هو الحاكم الإسلامي العظيم الذي أفطر في آخر حياته بعد يوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك بالخبز والملح، هوَ الحاكم الذي كان يتوق للقاء الباري فكانت حروفه تتعطّر بـ "اللهم بارك لنا في لقائك" بعد دقائق من تاريخ الأمّة تصيح الإوَز وتتوقّف اللحظات وينطق علياً "صوائحٌ تتبعها نوائح" ولن تقدر الكائنات أن توقف ارتحاله، فهوَ الذي قرر وهوَ الذي ابتهل طلباً للرحيل، هوَ ليس كأيّهم، هوَ عظيمٌ لا يقارن بالعُظماء.
ونبتهل نحن بمرقد العشّاق، والنبض لا ينام، والمشاعر جيّاشة مليئة بالدموع نبحث عن حضارة قديمة جديدة، فاليوم الخبزُ لا يوزّع بالتساوي، أصبحنا نتسوّل حتّى الحرف، وكلّنا نعلم بأننا لن نتسوّل في دولة تنهل معالمها من حضارة عليّ، وسيرتد صدى الابتهال ولن تضيع سُدى حروف كُتبت رغبة وبحثاً عن تلك الحضارة الممهورة باسم رسول الله الأعظم (مُحمّد بن عبدالله) صلوات الله عليه.
من يغرس في قلبي دمعة تُعينني، وأغدق عليه بالهدايا والعطايا مما أهداني ربّي؟