صافي ناز كاظم's Blog, page 9
October 18, 2013
الشهيدة توحة:
توحة وصنعة اللطافة
في كتابي «صنعة لطافة»، الذي صدرعن دار العين للنشر بالقاهرة 2007، لم أتردد في أن أضع «توحة» الخياطة، جنبا إلى جنب 21 سيدة مصرية وجدتهن حجتي وحيثياتي لكي أقول للسيدة جيهان صفوت رؤوف، أرملة الرئيس الراحل أنور السادات، انه من غير الصحيح ما تكررين ذكره في لقاءاتك الصحفية من أنك «.. على الأقل قد أثبت أن المرأة المصرية تحترم نفسها وتعمل وتشارك.. وهذا لا يعجب ذوي العقول الضيقة..الخ»، لأن هذا يعطي الانطباع بأن المرأة المصرية قد أثبتت نفسها منذ عام 1970 فقط، منتظرة حتى خرجت السيدة جيهان لتقود مسيرتها في العمل والمشاركة، ومن الواجب على السيدة جيهان أن تصحح مقولتها مع الاعتراف بكل تواضع بأن جهدها كان مجرد نقطة في بحر إنجازات المرأة المصرية ونهضتها منذ مطلع القرن العشرين، ومنذ نساء كملك حفني ناصف حتى الدكتورة العلامة بنت الشاطئ، ومن أول رائدة التعليم نبوية موسى، ورائدة العمل الاجتماعي جميلة صبري، والنابغة الآنسة مي، وعالمة الرياضيات الدكتورة معصومة كاظم، ورائدة علم النفس الدكتورة سمية فهمي، والرائدة في علم الوراثة والهندسة الوراثية الدكتورة عفت بدر، والنحاتة فاطمة مدكور، والمسرحية منحة البطراوي، والرائدة الصحفية وداد متري، والشاعرة أماني فريد، والأديبة أليفة رفعت، والكاتبة زينب صادق، ورائدة فن لوحة الغلاف ، نجمة دار الهلال ، سميحة حسنين، وغيرهن ممن علا قدرهن في مجالهن وقدمن لمصر وللإنجاز العربي أجل الخدمات ، ولم ولا تتركز عليهن كثيرا كشافات الإضاءة الإعلامية جهلا أو تعنتا.
«توحة» الخياطة، التي سميتها «الشهيدة توحة»، حائكة ملابس شعبية بسيطة مواليد أبريل 1955، تصلي وتصوم وتحمد الحي القيوم ، تحمل حقيبتها الثقيلة بملابس زبائنها على كتفها وتركب الميكروباص أو الحافلة من عند بيتها في مدينة السلام ، وتقطع القاهرة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا بالمواصلات المتاحة للمواطنين ولا يهمها العرق والتعب والزحام. على الدوام هي قريرة ما دامت تسمع من زبائنها، اللاتي صرن صديقاتها: «الله.. يا توحة». لم أتعامل معها بصفتها «مجرد» حائكة ملابس ، كنت أراها فنانة بالخيطان وشرائط الساتان الملونة والزجزاج. لا بد معها من لعبة الفصال، لكن «الفصال» مع «توحة» له طبيعته الخاصة، فهي كما كانت تردد: لا تحب الفلوس ، أجرها الحقيقي ، ككل فنان أصيل، هو صيحة: «الله الله يا توووووووووووووحة»! أقولها من قلبي بإعجاب حقيقي. تطوّر معي جلباب الفلاحة وتزركش بشرائط الساتان الملون والزجزاج أو قطع القماش بأسلوب الخيامية، وألبس الجلباب وأدخل حفلا في الأوبرا. ولم لا: جلباب الفلاحة أم «الجينز» الكالح الصايع من صناديق رعاة البقر الأجلاف ؟ جلباب الفلاحة المصرية أم «جينز» الفلاح الأمريكي؟ تضحك توحة ويشرق وجهها الأسمر النحيل بملامح صعيدية منمنمة لعلها من آثار عرق نوبي جميل بمزايا الأنف الصغير الدقيق الشامخ في نبل فطري. أسألها: «هه...أدفع كام؟» تبخس أجرها وتطلب ما لا يصدقه متعامل في السوق. أبدأ الفصال: «يا توحة الكلام ده ما ينفعش مش ممكن أدفع المبلغ ده». يكتسي وجهها بالجدية: «يعني أخد فلوس حرام؟» يستمر الجدل: «لا... تأخدي حقك لا زايد ولا ناقص». تقول قرشا ويكون حقها عشرة، من هنا لهنا ترتضي الحد الأدنى من حقها. لكن هذا التنازل منها عن الحق المادي، لا يتبعه أي تنازل في حقوق الرأي والشهادة الأمينة. اعتدى بلطجية البانجو على زوجها وابنها بالضرب بالمطاوي، وطلبت منها شكوى جماعية من أهل مدينة السلام المهددة ليلا ونهارا بهؤلاء البلطجية وكتبت في جريدة صوت الأمة نداء: «يا وزير الداخلية مدينة السلام تستجير من إرهابي البانجو». تم استدعاء توحة للتحقيق في قسم بوليس مدينة السلام ، قالت في أقوالها الحق كله، وأكدت معلومة إطلاق سراح المجرمين بعد كل مرة يتم القبض عليهم. شخط فيها الضابط: «إنت بتتهمينا.. إمشي اطلعي بره!» قالت لي: «طلعت بره بس أنا لم أكمل كلامي ولم أوقع بإمضائي على المحضر». لم تكن متأثرة من الإهانة والشخط، كانت متأثرة لأنها لم تتمكن من إتمام الشهادة والاستجواب ولم توقع بإمضائها على ذلك. قلت لها كلاما ضد اعتقادي ومبادئي خوفا عليها: «يا توحة لازم تكوني لبقة مع الضابط... ما يضرش لو تقولي مثلا... طبعا سيادتك يا باشا قمتم بالواجب بس المجرمين كانوا ....»، استمعت مني بأدب بالغ وبالإنصات الهادئ الذي هو من سماتها وابتسمت. جاءتني بعد ذلك: «هه يا توحة.. عملتي إيه مع قسم البوليس؟» قالت وهي تشبك الدبابيس لضبط ذيل الثوب : « صراحة كان هناك واحد ذوق ... وأخذني للضابط الذي طردني وقلت له.. أنا لم أكمل أقوالي ولم أوقع بإمضائي على المحضر، وأنا مستعدة أجيب لحضرتك كل أهل مدينة السلام ببطاقاتهم الشخصية يقولوا زي كلامي، وللا حضرتك مش عاوز أكمل أقوالي؟ طيب أنا أروح الداخلية وأكمل عندهم أقوالي فهناك فيه ناس ذوق قوي قوي..»، ضحكت وحمدت الله أنها لم تسمع نصيحتي ولم تخضع.
خرجت «توحة» من محنة بلطجية البانجو حين تم شفاء زوجها وابنها من ضربات المطاوي، وكان في انتظارها السفاحون والقتلة من سائقي الميكروباصات. يوم السبت أول يونيو 2002 ركبت «توحة» الأتوبيس ثم الميكروباص وكانت في طريقها من منزلها إلى منزلي ، انتظرتها ولم تحضر. كان الميكروباص يسير بعكس الاتجاه متفاديا الأتوبيس ، وتوحة تحمل على كتفها حقيبتها المليئة بالأقمشة والخيطان وشرائط الساتان الملون وعلى وجهها كل السماحة والغبطة والطيبة ، التي لو وزعت على أهل الأرض جميعا لكفتهم ، تجلس قرب الباب الأمامي وفي ثوان كانت الصدمة مع الاصطدام. انقلب الميكروباص بتوحة عدة مرات، فانكسرت اضلاعها وكبس قفصها الصدري على رئتيها وقلبها وانكسرت كتفها وذراعها وحوضها وساقها، كل جانبها الأيمن، الذي تحمل عليه وتقص به وتحرك به ماكنة الخياطة ، كل هذا تعطل تماما ، لكن توحة لم تفقد الوعي. احتضنت حقيبتها وهم يكسرون باب الميكروباص لإخراجها، وفي مستشفى مدينة السلام ، حين رأتها ابنتها، كانت توحة تضع حقيبة ملابس الزبائن تحت رأسها ؛ حتى لا تضيع منها الأمانة، ثم سلمتها لابنتها وتفرغت لرحلة الآلام.
منتصف اليوم الثاني من يونيو 2002 تم نقل «توحة» إلى مستشفى القصر العيني القديم، مبنى الطوارئ حيث تم تصحيح أخطاء العملية التي أجرتها لها مستشفى مدينة السلام لإنقاذ الرئتين من ضغط الأضلاع المكسورة ، وظلت «توحة» بعدها تحت اسمها الرسمي ، «فتحية عمر حسن»، متروكة في مبنى الطوارئ في غرفة بها 9 ضحايا غيرها، من دون أن يعلق لها ولو محلول تغذية واحد، من فجر يوم الأحد 2 \ 6 \ 2002 حتى ظهر الأحد التالي 9 \ 6 \ 2002 حين هبطت دورتها الدموية ورجعت إلى ربها «شهيدة» الإهمال والاستهتار، والخيبة ، وبطء الحركة، وانسحاق حق المواطن المصري، وقيمته المهدرة المهدورة بأيدي أهله.
من أجلك يا «توحة» ، ومن أجل أمثالك في هذا الشعب الصابر العزيز، أكرهك يا كل بذخ احتفالات وزارة الثقافة. أكرهك يا متاحف جديدة وترميمات مضروبة تكلفت الملايين، وليست من أولويات شعب مريض فقير. أكرهك يا مهرجانات ركيكة عن المسرح والسينما والتلفزيون و..ملتقى الشعر، فيا للقسوة المغلفة بـ«الشعر»، تغدق عليها الميزانيات التي لو أنفقنا نصفها لنهضة مستشفى القصر العيني وترميمه من أجل الإنقاذ والإسعاف وحياة أصحاب الحق الأصيل في الخدمات والرعاية لما استشهدت «توحة»، وأمثالها من الضحايا ولم نكن لنصرخ ، كما صرخ الذي قال على الأرض الفلسطينية: «إسعااااااااااف يااااااااااااا الله».
ملحوظة: لم أتراجع حتى الآن عن صيحتي التي أطلقتها بصدق منذ سنوات، تضامنا مع مصلحة أهل بلدي: "تبرعوا بوزارة الثقافة لوزارة الصحة التي تتحجج دائما بعجز الميزانية"!
Published on October 18, 2013 23:41
هزار جاد:
نقلا من صفحة الفيس بوك 17 أكتوبر 2013
18 hours ago قلت ذات مرّة أن قلقي يبدأ كلما أعلنت الست يسرا السيراماكية أنها مطمئنة، وهاهي إلهام شاهين تعلن بدورها أنها مطمئنة فأين المفر يا ربي بعد هذا التهديد؟ Top of Form 1 Like · · Promote · Share o Ahmed Kadry, Hussein El-Khatib and 2 others like this. o [image error] Marwa Ghanem انا كده ركبى سابت ،،،الاتنين ؟،،،استرها يا رب19 hours ago via mobile · Unlike · 1o [image error] Safynaz Kazem حوالينا ولا علينا ياستار !19 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem والإشاعات مالية البلد إن ليلى علوي، اللهم احفظنا، مطمئنة كذلك مع تسريبات بأن شريهان يبدو عليها الاطمئنان البالغ! اللهم اصرف عنا السوء بما شئت وكيف شئت!18 hours ago · Like · 3o [image error] Marwa Ghanem احنا فينا من تسريبات؟ ،،،،18 hours ago via mobile · Unlike · 2o [image error] Safynaz Kazem على فكرة احنا ممكن نتوقع من آثار الحكيم نفس الإطمئنان ناهيك عن فردوس عبد الحميد ودي بقى إطمئنانها مالوش حل! دي من الهاتفين أفرم أفرم!18 hours ago · Like · 2o [image error] Marwa Ghanem لا وتخيلى لو التسريبات شملت ايناس الدغيدى او هالة سرحان ،،،اصلهم كانوا سوا فى صور التفويض18 hours ago via mobile · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem بالمناسبة دي أحب أقول لك إن إيناس الدغيدي مش إيناس الدغيدي دي: الرائد وحيد فريد!18 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem أنا شايفة إن إحنا كده مضطرين نتابع المسلسلات التركي!18 hours ago · Like · 2o [image error] Marwa Ghanem وماله الكارتون ؟،،،،،فلة18 hours ago via mobile · Like · 2o [image error] Chahinaz Ismail اللهم اكفينيهم بما شئت و كيف شئت18 hours ago via mobile · Like · 1o [image error] Marwa Ghanem انا مش بتحمل الدوبلاج الخليجى للتركى18 hours ago via mobile · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem أنا ضد كل دوبلاج! الواحد لا زم يعتمد على موارده الذاتية وينميها .18 hours ago · Edited · Like · 2o [image error] Chahinaz Ismail سؤال معلش، يعنى ايه السيراميكيه؟18 hours ago via mobile · Likeo [image error] Safynaz Kazem وصل إلى علمي أنه ليس هناك فنان مصري واحد غير مطمئن! كله شايل ورد ورايح يزور مبارك في منتجعه ناشرين بخطواتهم وباء إطمئنانهم متفائلين جدا بقانون التظاهر المزمع إقراره من مطمئنين داخل لجنة الخمسين!17 hours ago · Edited · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem أصل يسرا قبل مرحلة إطمئنانها الحالية كانت تتشارك من كام سنة مع عمر الشريف في إعلان طويل عن السيراميك وتبرّق عنيها جامد يمكن زي تبريقها في أوبريت 6 أكتوبر، ووقتها أنا سميتها يسرا السيراميكية قبل ما أعرف إنها مطمئنة.17 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem آآآآآآآآه! أنا خايفة حاسة إن الإطمئنان بيزحف!17 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem محمد سلماوي على رأس وفد إلى إنجلترا لنشر الإطمئنان في العالم!17 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem يا ربي؛ يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يُحصى عددا: فرّج عن البلاد والعباد.17 hours ago · Like · 2o [image error] Ahmed Kadry آمين14 hours ago via mobile · Like
o [image error]
Heba Egy المشكلة أن هؤلاء يتصدرون المشهد .. الثقافى .. هل معظم الفنانين فى مصر بهذه السطحية والضحالة الفكرية؟ · Bottom of Form
18 hours ago قلت ذات مرّة أن قلقي يبدأ كلما أعلنت الست يسرا السيراماكية أنها مطمئنة، وهاهي إلهام شاهين تعلن بدورها أنها مطمئنة فأين المفر يا ربي بعد هذا التهديد؟ Top of Form 1 Like · · Promote · Share o Ahmed Kadry, Hussein El-Khatib and 2 others like this. o [image error] Marwa Ghanem انا كده ركبى سابت ،،،الاتنين ؟،،،استرها يا رب19 hours ago via mobile · Unlike · 1o [image error] Safynaz Kazem حوالينا ولا علينا ياستار !19 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem والإشاعات مالية البلد إن ليلى علوي، اللهم احفظنا، مطمئنة كذلك مع تسريبات بأن شريهان يبدو عليها الاطمئنان البالغ! اللهم اصرف عنا السوء بما شئت وكيف شئت!18 hours ago · Like · 3o [image error] Marwa Ghanem احنا فينا من تسريبات؟ ،،،،18 hours ago via mobile · Unlike · 2o [image error] Safynaz Kazem على فكرة احنا ممكن نتوقع من آثار الحكيم نفس الإطمئنان ناهيك عن فردوس عبد الحميد ودي بقى إطمئنانها مالوش حل! دي من الهاتفين أفرم أفرم!18 hours ago · Like · 2o [image error] Marwa Ghanem لا وتخيلى لو التسريبات شملت ايناس الدغيدى او هالة سرحان ،،،اصلهم كانوا سوا فى صور التفويض18 hours ago via mobile · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem بالمناسبة دي أحب أقول لك إن إيناس الدغيدي مش إيناس الدغيدي دي: الرائد وحيد فريد!18 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem أنا شايفة إن إحنا كده مضطرين نتابع المسلسلات التركي!18 hours ago · Like · 2o [image error] Marwa Ghanem وماله الكارتون ؟،،،،،فلة18 hours ago via mobile · Like · 2o [image error] Chahinaz Ismail اللهم اكفينيهم بما شئت و كيف شئت18 hours ago via mobile · Like · 1o [image error] Marwa Ghanem انا مش بتحمل الدوبلاج الخليجى للتركى18 hours ago via mobile · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem أنا ضد كل دوبلاج! الواحد لا زم يعتمد على موارده الذاتية وينميها .18 hours ago · Edited · Like · 2o [image error] Chahinaz Ismail سؤال معلش، يعنى ايه السيراميكيه؟18 hours ago via mobile · Likeo [image error] Safynaz Kazem وصل إلى علمي أنه ليس هناك فنان مصري واحد غير مطمئن! كله شايل ورد ورايح يزور مبارك في منتجعه ناشرين بخطواتهم وباء إطمئنانهم متفائلين جدا بقانون التظاهر المزمع إقراره من مطمئنين داخل لجنة الخمسين!17 hours ago · Edited · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem أصل يسرا قبل مرحلة إطمئنانها الحالية كانت تتشارك من كام سنة مع عمر الشريف في إعلان طويل عن السيراميك وتبرّق عنيها جامد يمكن زي تبريقها في أوبريت 6 أكتوبر، ووقتها أنا سميتها يسرا السيراميكية قبل ما أعرف إنها مطمئنة.17 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem آآآآآآآآه! أنا خايفة حاسة إن الإطمئنان بيزحف!17 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem محمد سلماوي على رأس وفد إلى إنجلترا لنشر الإطمئنان في العالم!17 hours ago · Like · 2o [image error] Safynaz Kazem يا ربي؛ يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يُحصى عددا: فرّج عن البلاد والعباد.17 hours ago · Like · 2o [image error] Ahmed Kadry آمين14 hours ago via mobile · Like
o [image error]
Heba Egy المشكلة أن هؤلاء يتصدرون المشهد .. الثقافى .. هل معظم الفنانين فى مصر بهذه السطحية والضحالة الفكرية؟ · Bottom of Form
Published on October 18, 2013 09:59
رواية موسم الهجرة إلى الشمال: رأي مختلف!
نظرية المقاومة الفحولية ضد الاستعمار!
بداية أود أن أنوه إلى أني لا أوافق على مصطلح «الاستعمار» بمعنى «الاحتلال»، لأن «الاحتلال» عدوان، ومن ثم فهو «استخراب»، وليس استعمارا، ولأن «استعمار» كلمة إيجابية، كما وردت في القرآن الكريم، لكنني مضطرة لاستخدامها، مؤقتا، في هذا الحديث الذي أدخله، مضطرة كذلك، بعد أن فاض بي الكيل من الكتابات المغالطة الخاصة برواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للأديب السوداني الراحل الطيب صالح، كتلك التي كتبها الدكتور جابر عصفور بجريدة الأهرام، 2 مارس 2009، تحت عنوان «فقدنا الطيب صالح»، التي جاء فيها: "..فبطل موسم الهجرة إلى الشمال تنتهي حياته بنوع من الدمار، لأنه مضى مع حدية العداء للاستعمار إلى الدرجة القصوى، خصوصا حين جعل من نساء لندن فريسة له، يقودهن إلى الدمار، مستغلا فتوته الإفريقية، وأوهامهن عن فحولة الرجل الإفريقي الوحشي، وكان مصطفى سعيد يتصور أنه في سيطرته الجنسية على ضحاياه من نساء لندن البيض يثأر من الاستعمار الأبيض الذي احتل وطنه." والله لولا مثل هذه الكتابة التي انهالت علينا بكمها الهائل بمناسبة رحيل الطيب صالح، غفر الله له، متجاوزة إطار التأبين الحزين وذكر محاسن الموتى إلى استغلال يحوّل العزاء إلى «موسم» تتسابق فيه الأحكام التلفيقية لإدخال البغل في الإبريق لما زججت بنفسي في هذه المداخلة.تقييمي النقدي لهذه الرواية يتلخص في الآتي: أنها من أقبح ما كتبه الحرف العربي، ولعل صفة القبح هي الوحيدة التي تؤهل هذه الرواية لتصنيف: «واحدة من أشهر» مئة رواية عربية، فشهرتها جاءت من قبحها، وليس من أهميتها أو جدواها. و كنت قد قرأتها حين صدورها عام 1969 في سلسلة روايات الهلال مع الضجيج الذي صاحبها، من الناقد الراحل جبرا إبراهيم جبرا، الذي اعتبرها «أحسن رواية ظهرت في الأدب العربي على الإطلاق..»، ووافقه الناقد الراحل رجاء النقاش في ترويج مكثف لها، قيل فيه الكثير، وإن كان أعجب ما قد قيل هو تفسيرها كرمز من رموز المقاومة الثقافية ضد «الاستعمار»!، بينما كان الذي سطرته بعد انتهائي من قراءتها هو: "خيرا استطعت، بمجهود وصعوبة، قراءة هذه الرواية الفاحشة عن سيرة سفاح نساء، لا أكثر ولا أقل، سخّر لها الطيب صالح فنه هباء بلا ضرورة."عدت، مجددا، لقراءتها بعد أن نسيت تفاصيلها، وهالتني بشاعتها لفظا ووصفا وتصورا وتساءلت: كيف رأى البعض بطلها «مصطفى سعيد» رمزا إيجابيا بين الشمال والجنوب، أو بين الشرق والغرب في ما لقبوه بـ «صراع الحضارات»؟، وإذا كان المقصود رسم صورة لنماذج إنسانية، فما هي الضرورة الفنية لكل ذلك التفحش في السرد؟، وأين هو الجمال المزعوم في صياغات كشف العورة البهيمية التي اعتمدها المؤلف في بنائه الروائي، ولم تضف إلى القارئ سوى القرف والاشمئزاز والإهانة؟.في مقال قيم نشرته جريدة «الشرق الأوسط» في11/4/2007، للكاتبة البريطانية جريزلدا الطيب بعنوان «من هو مصطفى سعيد بطل رواية موسم الهجرة إلى الشمال»، أعجبني اقتصادها في نعت الرواية بقولها «روايته ذائعة الصيت»، نعم هي ذائعة الصيت، لكن هذا لا يجعلها نبيلة، ولا جليلة، ولا "أحسن رواية ظهرت في الأدب العربي على الإطلاق"!الطيب صالح صاحب قدرة فنية، لا أطعن في ذلك، لكنه مثل مغن أضاع نعمة صوته الجميل في غناء كلمات نابية منزوعة العفة والحياء، وهو رائد، بلا شك، في مسيرة أدب الهوس الجنسي، المنغمس فيه الآن كتاّب كثيرون وكاتبات، أبرزهم مؤلف رواية «تغريدة البجعة» التي «ذاع صيتها» بجدارة لفحشها، وهَيَّص لها نقاد ومعجبون لهم ذائقة أدبية وفنية مثيرة لتعجبي!.
تم نشرها بجريدة الشرق الأوسط 12 مارس 2009.
بداية أود أن أنوه إلى أني لا أوافق على مصطلح «الاستعمار» بمعنى «الاحتلال»، لأن «الاحتلال» عدوان، ومن ثم فهو «استخراب»، وليس استعمارا، ولأن «استعمار» كلمة إيجابية، كما وردت في القرآن الكريم، لكنني مضطرة لاستخدامها، مؤقتا، في هذا الحديث الذي أدخله، مضطرة كذلك، بعد أن فاض بي الكيل من الكتابات المغالطة الخاصة برواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للأديب السوداني الراحل الطيب صالح، كتلك التي كتبها الدكتور جابر عصفور بجريدة الأهرام، 2 مارس 2009، تحت عنوان «فقدنا الطيب صالح»، التي جاء فيها: "..فبطل موسم الهجرة إلى الشمال تنتهي حياته بنوع من الدمار، لأنه مضى مع حدية العداء للاستعمار إلى الدرجة القصوى، خصوصا حين جعل من نساء لندن فريسة له، يقودهن إلى الدمار، مستغلا فتوته الإفريقية، وأوهامهن عن فحولة الرجل الإفريقي الوحشي، وكان مصطفى سعيد يتصور أنه في سيطرته الجنسية على ضحاياه من نساء لندن البيض يثأر من الاستعمار الأبيض الذي احتل وطنه." والله لولا مثل هذه الكتابة التي انهالت علينا بكمها الهائل بمناسبة رحيل الطيب صالح، غفر الله له، متجاوزة إطار التأبين الحزين وذكر محاسن الموتى إلى استغلال يحوّل العزاء إلى «موسم» تتسابق فيه الأحكام التلفيقية لإدخال البغل في الإبريق لما زججت بنفسي في هذه المداخلة.تقييمي النقدي لهذه الرواية يتلخص في الآتي: أنها من أقبح ما كتبه الحرف العربي، ولعل صفة القبح هي الوحيدة التي تؤهل هذه الرواية لتصنيف: «واحدة من أشهر» مئة رواية عربية، فشهرتها جاءت من قبحها، وليس من أهميتها أو جدواها. و كنت قد قرأتها حين صدورها عام 1969 في سلسلة روايات الهلال مع الضجيج الذي صاحبها، من الناقد الراحل جبرا إبراهيم جبرا، الذي اعتبرها «أحسن رواية ظهرت في الأدب العربي على الإطلاق..»، ووافقه الناقد الراحل رجاء النقاش في ترويج مكثف لها، قيل فيه الكثير، وإن كان أعجب ما قد قيل هو تفسيرها كرمز من رموز المقاومة الثقافية ضد «الاستعمار»!، بينما كان الذي سطرته بعد انتهائي من قراءتها هو: "خيرا استطعت، بمجهود وصعوبة، قراءة هذه الرواية الفاحشة عن سيرة سفاح نساء، لا أكثر ولا أقل، سخّر لها الطيب صالح فنه هباء بلا ضرورة."عدت، مجددا، لقراءتها بعد أن نسيت تفاصيلها، وهالتني بشاعتها لفظا ووصفا وتصورا وتساءلت: كيف رأى البعض بطلها «مصطفى سعيد» رمزا إيجابيا بين الشمال والجنوب، أو بين الشرق والغرب في ما لقبوه بـ «صراع الحضارات»؟، وإذا كان المقصود رسم صورة لنماذج إنسانية، فما هي الضرورة الفنية لكل ذلك التفحش في السرد؟، وأين هو الجمال المزعوم في صياغات كشف العورة البهيمية التي اعتمدها المؤلف في بنائه الروائي، ولم تضف إلى القارئ سوى القرف والاشمئزاز والإهانة؟.في مقال قيم نشرته جريدة «الشرق الأوسط» في11/4/2007، للكاتبة البريطانية جريزلدا الطيب بعنوان «من هو مصطفى سعيد بطل رواية موسم الهجرة إلى الشمال»، أعجبني اقتصادها في نعت الرواية بقولها «روايته ذائعة الصيت»، نعم هي ذائعة الصيت، لكن هذا لا يجعلها نبيلة، ولا جليلة، ولا "أحسن رواية ظهرت في الأدب العربي على الإطلاق"!الطيب صالح صاحب قدرة فنية، لا أطعن في ذلك، لكنه مثل مغن أضاع نعمة صوته الجميل في غناء كلمات نابية منزوعة العفة والحياء، وهو رائد، بلا شك، في مسيرة أدب الهوس الجنسي، المنغمس فيه الآن كتاّب كثيرون وكاتبات، أبرزهم مؤلف رواية «تغريدة البجعة» التي «ذاع صيتها» بجدارة لفحشها، وهَيَّص لها نقاد ومعجبون لهم ذائقة أدبية وفنية مثيرة لتعجبي!.
تم نشرها بجريدة الشرق الأوسط 12 مارس 2009.
Published on October 18, 2013 05:26
October 16, 2013
في ذكراه الثانية أعيد نشر ماكتبته يوم رحيله من دون تغيير:
الشاعر يسري خميس
مولد فبراير 1937 \ رحيل الأحد 16 أكتوبر 2011
طبعا يا يسري أنا لم أذهب إلى دار مناسبات العزاء ولو كنت أنت مكاني لما ذهبت؛ لم أعد أطيق أن أرى أحدا بكل وطأة هذه الكثافة المتوقعة، خاصة من جيلنا. أجلس الآن لأتحدث إليك قبل أن أتحدث عنك. لم أكن أعرف أنك مريض وللآن لا أعرف نوع مرضك ولا تهمني هذه المعرفة فعلى كل حال نحن لا نموت بأسباب؛ نحن نموت بالأجل، تذكر بالطبع قول سيدنا علي رضي الله عنه: "نِعْم الحارس الأجل"، فلماذا كل هذا التأكيد على أنك رحلت بعد "صراع مع المرض"؟ أنت، كما عهدتك مُصارع بلا شك، غير أنك صارعت البلادة والسماجة ومعهما الجهل الذي كم دب في ساحات الثقافة، والمسرح على وجه الخصوص، واثق الخطوة يمشى سلطانا متحكما تقوده "قلّة الذمّة" واختلال الموازين.
تصوّر يا يسري أن الجيل الجديد المحرر للأخبار لا يُعرّفك إلا بأنك "مبتكر بوجي وطمطم"؟ صحيح أنك كنت معتز بهاتين الشخصيتين، بعد أن كادا يتعرضان للخطف ومن ثَمّ السرقة منك وإلحاق نسبهما بغيرك وأنت الوالد والأب الشرعي فنا وابتكارا، إلا أنك يجب أن تُذكر بريادتك مبهرة الضرورة في زمانها وتوقيتها يوم قدمت مسرح الكاتب الألماني "بيتر فايس"، مترجما من الألمانية إلى عربية محكمة خلابة، مبرزا عمليه الرائعين: مارا\صاد، وأنشودة غول لوزيتانيا\أنجولا، وأنك قبل كل شئ: شااااااااااعر! فهكذا كنت تفخر.
مقابلتي الأولى معك يايسري كانت نهاية 1966 ،أو لعلها مطلع1967، فور عودتي من نيويورك وعودتك من ألمانيا تحمل الدكتوراة في الطب البيطري، في واحدة من تلك الندوات عن المسرح "الحديث" وكان الخلط مروّعا، كنت تجلس إلى جواري ولاحظتك تضحك من تمتماتي باللعنات، وظل الضحك يا يسري تعبيرك الغاضب عند إستحالة وضع الأمور في نصابها. كانت الشهور تعدو نحو النتيجة التي أخبرتنا عنها المؤشرات: هزيمة الخامس من يونيو 1967؛ قالها لنا المسرح بكل تجاربه؛ الملحمية والسياسية والتسجيلية واللامعقولية بل والكلاسيكية اليونانية، وفهمنا ومع ذلك لم نشأ أن ........................ أن ماذا يا يسري؟ أن نقاوم المُخادعين الكَذبَة؟ قاومنا وقاوم معنا الكثير لكن............!
قبل أن تحتفل بعيد ميلادك الثلاثين فبراير 1967 ترجمت مارا\صاد باسمها الطويل: "اضطهاد واغتيال جان بول مارا كما قدمته فرقة تمثيل مصحة شارنتون تحت إشراف الماركيز دي صاد"، مع مقدمة وافية مكثفة شيقة من 15 صفحة "حول المسرح التسجيلي" ولم تنس أن تشكر، ولا شكر على واجب، من يسروا نشر جهدك الباسل في سلسلة روائع المسرحيات العالمية الصادرة عن المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر بوزارة الثقافة، 15 مارس 1967.
كانت نسختي من كتاب المسرحية المترجمة إلى الإنجليزية، التي إقتنيتها بعد مشاهدتي عرضها، الزاعق بنا "احذروا الخداع"، على أحد مسارح نيويورك بإخراج بيتر بروك مطلع 1966، تشير إلى أن الطبعة الأولى بالإنجليزية كانت ديسمبر 1965، فلم أتأخر وأعلنت فرحتي بسرعة إنجازك. بعدها أتيت بانجازك الثاني حين ترجمت مسرحية بيتر فايس الأخرى: "أنشودة غول لوزيتانيا \ أنجولا"، وهي المسرحية التي كان عرضها الأول بالسويد في 20 يناير 1967 ثم انطلقت كالشرارة لتترجم وتعرض بأهم لغات العالم وكانت اللغة العربية، بفضل مهارتك و وعيك واخلاصك لثقافتك، واحدة من تلك اللغات العالمية التي سبقت لتنقلها من اللغة الألمانية في عام صدورها نفسه 1967، ولم يفت في عضدك أن ظل هذا النص، رغم أهميته القصوى في زمانه وتوقيته، مركونا مهملا في أدراج المسرح القومي لا يجد من يتحمل مسئولية بعثه حيا على المسرح حتى بادر المخرج أحمد زكي باحتضانه حضانة فنية كاملة وأخرجه لمسرح الجيب ليصبح أهم حدث مسرحي لموسم 1970\1971، وإنني يا يسري لأظن أن من واجبي تذكير شبابنا بهذه المسرحية وتوضيح إجابة تساؤل: لماذا يجدر بنا اليوم أن نلم برسالتها ضد إستبداد القوى التي لا تكف عن السعي للهيمنة على الكرة الأرضية وإذلال البشر.
حاجة غريبة جدا يا يسري: لقد وافق يوم رحيلك، الأحد 16 أكتوبر 2011 مرور 42 سنة بالتمام على نشر مقالي: "فجأة اكتشفت زهورا مورقة بأعلى الشجرة"، الذي نشرته المصور 10 أكتوبر1969، كان به كلام عنك ومقتطفات من ديوان شعرك "أوراق البحيرات المُرّة"، إنه المقال الذي فقدته بين أوراقي في ملفاتي وأدراجي وصناديقي وأرفف كتبي، التي فليتها صفحة صفحة لعلي أكون قد خبأته بين طيات واحد منها، وحين أخذت صورة منه من أرشيف المعلومات بدار الهلال قالت لي زميلتي أنه الشئ الوحيد الذي وجدته بملفك!
صورة باهتة من المقال إلى جانبي، إستعدت قراءته بمشقة كبيرة لعيني، لم أكن أذكر منه شيئا؛ الله يا يسري كان جميلا بحق، الجزء المتعلق بك يبدأ بما أطلقت عليه نبوءة "ماثيو أرنولد" منذ أكثر من قرن ولم يكن سباقا إليها تقول: "شيئا فشيئا سيكتشف الإنسان أن عليه أن يتجه إلى الشعر ليفسر لنا الحياة، ليواسينا وليبقي علينا"! تفذلكت بعد ذلك في سطور مسهبة حول الشعر الذي أحتاج إليه حتى وصلت إلى موافقتك بأن أكثر ما نقرؤه أو نسمعه من نقد وكلام عن الشعر في بلادنا هو: "غطيط"! طبعا كان عمرك وقتها 32 سنة و8 أشهر وكنت 32 وشهرين فلماذا لا نشتط ونسوي "الهوايل"؟
أردت أن أجعلك تضحك، ولم أقل تبتهج فقد "كسعمتنا" هزيمة 5 يونيو 1967 التي قالت عنها كاتبة شابة من هذه الأيام، تحب خداع نفسها، أنها لم تخذلنا كما خذلنا موت عبد الناصر! تصورّ يا يسري هذا الهطل تصوّر، ما علينا قلت لك إكتشافي بأنك تشبه صورة عندي مرسومة للشاعر الإنجليزي "شيلي" على غلاف ديوانه وأنني أعدت قراءة مقاله "دفاع عن الشعر"، الذي كتبه سنة 1821 في التاسعة والعشرين من عمره قبل موته سنة 1822 وهو في الثلاثين، وتمنيت لو جلس إلى مائدتنا في المقهى، فنحن متفقون معه تماما، وإن كان يصغرنا بعامين، وتذكرنا فقرات من دفاعه عن الشعر تقول: "التفرقة بين الشعراء وبين كتاب النثر خطأ سوقي"، أحببت الحدة في تعبيره "خطأ سوقي" فهذا يعني أن الأمر يغيظه وكم هومغيظ حقا، وانظر رفضه التفرقة بين الفلاسفة والشعراء، بل وقوله أن الثوار بذواتهم عناصر قصيدة عصرهم، والله يا يسري،وبلا مبالغة، هذا ماكنت أراه واقعا في أيام التحرير الخالدة!
كانت بيننا نسخة من ديوانك "أوراق البحيرات المُرّة" الذي جمعت فيه قصائدك مرتبة ومكتوبة بالآلة الكاتبة وأحببت التي عنوانها: "تفسيرات منطقية وغير منطقية لشذوذ الطبيعة" تقول:
" هل يمكن للأوراق الخضراء بأن تسقط من فوق الأفرع؟..................شفت بعيني وما صدقت أوراقا تترك أغصانا في عز الظهر،أوراقا خضـــــــــــــــــر!سألت العرافة قالت:إن زاد عيار الكذب على منسوب عصارتها تسقط،ولذا سقطت!هكذا تكلمت الأشجار؛لا جدوى أن تلصق أوراقا خضر على غصن جاف".
صحيح يا يسري كلامك صحيح، جعله الله سبحانه وتعالى في ميزان حسناتك.
سلام عليك يا أخي وصديقي ورحمته وبركاته، وإلى اللقاء، إن شاء رب العباد، "في مَقعَد صدق عند مليك مُقتَدِر".
مولد فبراير 1937 \ رحيل الأحد 16 أكتوبر 2011
طبعا يا يسري أنا لم أذهب إلى دار مناسبات العزاء ولو كنت أنت مكاني لما ذهبت؛ لم أعد أطيق أن أرى أحدا بكل وطأة هذه الكثافة المتوقعة، خاصة من جيلنا. أجلس الآن لأتحدث إليك قبل أن أتحدث عنك. لم أكن أعرف أنك مريض وللآن لا أعرف نوع مرضك ولا تهمني هذه المعرفة فعلى كل حال نحن لا نموت بأسباب؛ نحن نموت بالأجل، تذكر بالطبع قول سيدنا علي رضي الله عنه: "نِعْم الحارس الأجل"، فلماذا كل هذا التأكيد على أنك رحلت بعد "صراع مع المرض"؟ أنت، كما عهدتك مُصارع بلا شك، غير أنك صارعت البلادة والسماجة ومعهما الجهل الذي كم دب في ساحات الثقافة، والمسرح على وجه الخصوص، واثق الخطوة يمشى سلطانا متحكما تقوده "قلّة الذمّة" واختلال الموازين.
تصوّر يا يسري أن الجيل الجديد المحرر للأخبار لا يُعرّفك إلا بأنك "مبتكر بوجي وطمطم"؟ صحيح أنك كنت معتز بهاتين الشخصيتين، بعد أن كادا يتعرضان للخطف ومن ثَمّ السرقة منك وإلحاق نسبهما بغيرك وأنت الوالد والأب الشرعي فنا وابتكارا، إلا أنك يجب أن تُذكر بريادتك مبهرة الضرورة في زمانها وتوقيتها يوم قدمت مسرح الكاتب الألماني "بيتر فايس"، مترجما من الألمانية إلى عربية محكمة خلابة، مبرزا عمليه الرائعين: مارا\صاد، وأنشودة غول لوزيتانيا\أنجولا، وأنك قبل كل شئ: شااااااااااعر! فهكذا كنت تفخر.
مقابلتي الأولى معك يايسري كانت نهاية 1966 ،أو لعلها مطلع1967، فور عودتي من نيويورك وعودتك من ألمانيا تحمل الدكتوراة في الطب البيطري، في واحدة من تلك الندوات عن المسرح "الحديث" وكان الخلط مروّعا، كنت تجلس إلى جواري ولاحظتك تضحك من تمتماتي باللعنات، وظل الضحك يا يسري تعبيرك الغاضب عند إستحالة وضع الأمور في نصابها. كانت الشهور تعدو نحو النتيجة التي أخبرتنا عنها المؤشرات: هزيمة الخامس من يونيو 1967؛ قالها لنا المسرح بكل تجاربه؛ الملحمية والسياسية والتسجيلية واللامعقولية بل والكلاسيكية اليونانية، وفهمنا ومع ذلك لم نشأ أن ........................ أن ماذا يا يسري؟ أن نقاوم المُخادعين الكَذبَة؟ قاومنا وقاوم معنا الكثير لكن............!
قبل أن تحتفل بعيد ميلادك الثلاثين فبراير 1967 ترجمت مارا\صاد باسمها الطويل: "اضطهاد واغتيال جان بول مارا كما قدمته فرقة تمثيل مصحة شارنتون تحت إشراف الماركيز دي صاد"، مع مقدمة وافية مكثفة شيقة من 15 صفحة "حول المسرح التسجيلي" ولم تنس أن تشكر، ولا شكر على واجب، من يسروا نشر جهدك الباسل في سلسلة روائع المسرحيات العالمية الصادرة عن المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر بوزارة الثقافة، 15 مارس 1967.
كانت نسختي من كتاب المسرحية المترجمة إلى الإنجليزية، التي إقتنيتها بعد مشاهدتي عرضها، الزاعق بنا "احذروا الخداع"، على أحد مسارح نيويورك بإخراج بيتر بروك مطلع 1966، تشير إلى أن الطبعة الأولى بالإنجليزية كانت ديسمبر 1965، فلم أتأخر وأعلنت فرحتي بسرعة إنجازك. بعدها أتيت بانجازك الثاني حين ترجمت مسرحية بيتر فايس الأخرى: "أنشودة غول لوزيتانيا \ أنجولا"، وهي المسرحية التي كان عرضها الأول بالسويد في 20 يناير 1967 ثم انطلقت كالشرارة لتترجم وتعرض بأهم لغات العالم وكانت اللغة العربية، بفضل مهارتك و وعيك واخلاصك لثقافتك، واحدة من تلك اللغات العالمية التي سبقت لتنقلها من اللغة الألمانية في عام صدورها نفسه 1967، ولم يفت في عضدك أن ظل هذا النص، رغم أهميته القصوى في زمانه وتوقيته، مركونا مهملا في أدراج المسرح القومي لا يجد من يتحمل مسئولية بعثه حيا على المسرح حتى بادر المخرج أحمد زكي باحتضانه حضانة فنية كاملة وأخرجه لمسرح الجيب ليصبح أهم حدث مسرحي لموسم 1970\1971، وإنني يا يسري لأظن أن من واجبي تذكير شبابنا بهذه المسرحية وتوضيح إجابة تساؤل: لماذا يجدر بنا اليوم أن نلم برسالتها ضد إستبداد القوى التي لا تكف عن السعي للهيمنة على الكرة الأرضية وإذلال البشر.
حاجة غريبة جدا يا يسري: لقد وافق يوم رحيلك، الأحد 16 أكتوبر 2011 مرور 42 سنة بالتمام على نشر مقالي: "فجأة اكتشفت زهورا مورقة بأعلى الشجرة"، الذي نشرته المصور 10 أكتوبر1969، كان به كلام عنك ومقتطفات من ديوان شعرك "أوراق البحيرات المُرّة"، إنه المقال الذي فقدته بين أوراقي في ملفاتي وأدراجي وصناديقي وأرفف كتبي، التي فليتها صفحة صفحة لعلي أكون قد خبأته بين طيات واحد منها، وحين أخذت صورة منه من أرشيف المعلومات بدار الهلال قالت لي زميلتي أنه الشئ الوحيد الذي وجدته بملفك!
صورة باهتة من المقال إلى جانبي، إستعدت قراءته بمشقة كبيرة لعيني، لم أكن أذكر منه شيئا؛ الله يا يسري كان جميلا بحق، الجزء المتعلق بك يبدأ بما أطلقت عليه نبوءة "ماثيو أرنولد" منذ أكثر من قرن ولم يكن سباقا إليها تقول: "شيئا فشيئا سيكتشف الإنسان أن عليه أن يتجه إلى الشعر ليفسر لنا الحياة، ليواسينا وليبقي علينا"! تفذلكت بعد ذلك في سطور مسهبة حول الشعر الذي أحتاج إليه حتى وصلت إلى موافقتك بأن أكثر ما نقرؤه أو نسمعه من نقد وكلام عن الشعر في بلادنا هو: "غطيط"! طبعا كان عمرك وقتها 32 سنة و8 أشهر وكنت 32 وشهرين فلماذا لا نشتط ونسوي "الهوايل"؟
أردت أن أجعلك تضحك، ولم أقل تبتهج فقد "كسعمتنا" هزيمة 5 يونيو 1967 التي قالت عنها كاتبة شابة من هذه الأيام، تحب خداع نفسها، أنها لم تخذلنا كما خذلنا موت عبد الناصر! تصورّ يا يسري هذا الهطل تصوّر، ما علينا قلت لك إكتشافي بأنك تشبه صورة عندي مرسومة للشاعر الإنجليزي "شيلي" على غلاف ديوانه وأنني أعدت قراءة مقاله "دفاع عن الشعر"، الذي كتبه سنة 1821 في التاسعة والعشرين من عمره قبل موته سنة 1822 وهو في الثلاثين، وتمنيت لو جلس إلى مائدتنا في المقهى، فنحن متفقون معه تماما، وإن كان يصغرنا بعامين، وتذكرنا فقرات من دفاعه عن الشعر تقول: "التفرقة بين الشعراء وبين كتاب النثر خطأ سوقي"، أحببت الحدة في تعبيره "خطأ سوقي" فهذا يعني أن الأمر يغيظه وكم هومغيظ حقا، وانظر رفضه التفرقة بين الفلاسفة والشعراء، بل وقوله أن الثوار بذواتهم عناصر قصيدة عصرهم، والله يا يسري،وبلا مبالغة، هذا ماكنت أراه واقعا في أيام التحرير الخالدة!
كانت بيننا نسخة من ديوانك "أوراق البحيرات المُرّة" الذي جمعت فيه قصائدك مرتبة ومكتوبة بالآلة الكاتبة وأحببت التي عنوانها: "تفسيرات منطقية وغير منطقية لشذوذ الطبيعة" تقول:
" هل يمكن للأوراق الخضراء بأن تسقط من فوق الأفرع؟..................شفت بعيني وما صدقت أوراقا تترك أغصانا في عز الظهر،أوراقا خضـــــــــــــــــر!سألت العرافة قالت:إن زاد عيار الكذب على منسوب عصارتها تسقط،ولذا سقطت!هكذا تكلمت الأشجار؛لا جدوى أن تلصق أوراقا خضر على غصن جاف".
صحيح يا يسري كلامك صحيح، جعله الله سبحانه وتعالى في ميزان حسناتك.
سلام عليك يا أخي وصديقي ورحمته وبركاته، وإلى اللقاء، إن شاء رب العباد، "في مَقعَد صدق عند مليك مُقتَدِر".
Published on October 16, 2013 09:01
لست "صافيناز" ولست الـ "مدام":
أرجوكممممممم: لاتنادوني مدام!
ليس هناك أرذل من كتابة اسمي مشبوكا "صافيناز"، بدلا من الصواب "صافي ناز" سوى الإصرار على مناداتي "يامدام". دائما ألفت إنتباه من يلقبني "مدام" بأنه لقب يؤذيني، ألفت الإنتباه مرة بالمزاح كأن أقول: "أيوة يا مسيو!" أو "يامستر" فيكون الرد: "لماذا تناديني مسيو يامدام؟" فأقول: "لأنك تناديني مدام يامسيو وأنا أغيظك كما تغيظني"، فيضحك: "ماذا أقول إذن؟" فيتعاظم غيظي: " تلقبني أستاذة كما أن حضرتك أستاذ !" فيعتذر من دون تركيز: والله يامدام مش قصدي!".
قبل 23 \ 7 \ 1952 كانت لدينا في مصر صيغة واضحة بخصوص ألقاب المرأة: فست البيت التي لا تعمل تنادى "ياهانم"، والريفية والشعبية " ياست أم فلان"، أما العاملة فهي "ياأستاذة"، وكان لقب "مدام" يخص الخواجاية الأرمنية واليونانية واليهودية والأجنبية على وجه العموم ، وكن الخياطة والكوافيرة والبائعة في المحال الكبرى زمان إدارتها الأجنبية. بعد 23 \ 7 \ 1952 ألغيت الألقاب وتقلص حجم الوجود الأجنبي وأصبح النداء الموحد لجميع المواطنين والمواطنات هو "السيد المواطن" و"السيدة المواطنة". منذ السبعينات بدأت ألقاب العهد الملكي تعود تدريجيا لتفخيم الرجال فحسب وأصبحت ألقاب "باشا" و"بك" ـ ماعدا أفندي!ـ عملة متداولة لحضراتهم ، إلى جانب "أستاذ" الذى يلحق بداهة على الرجال كافة من كبير المركز إلى صغير الوظيفة. البهدلة صارت في ألقاب المرأة، إختفت "ياهانم" بحجة أنها تركية وشبطت فينا "يامدام" رغم ارتباطها بعهود الإذلال الأجنبي من فرنسي إلى إنجليزي. كان مفهوما أن يلحق لقب "مدام" بالمرأة التي إحتلت مواقع عمل الخواجايات في الحياكة وتصفيف الشعر والتجميل والأزياء وما إلى ذلك، لكن ليس مفهوما أبدا أن تصير" مدام" لقب الصحفية والكاتبة والموظفة العمومية في دوائر الدولة والوزارات. الوحيدة التي استطاعت أن تستخلص لنفسها لقب "الأستاذة" ويصبح دليلا عليها هي المحامية حتى تصور البعض أنه قاصر عليها، فيقول قائل "يامدام" وحين أصححه "من فضلك لقبي أستاذة!" فيتساءل "هو حضرتك محامية؟ ".
المشكلة ليست في الرجال الذين يحتكرون لأنفسهم المقامات العليَة (رغم أن باشا في أصلها تعني ِرجل الملك؛ بما يفيد أنه خادم الملك!)، فيصير بدهيا لأصغر صحفي وموظف، بل وسائق تاكسي، أن تناديه "ياأستاذ" ولا يكون بدهيا له أن يخاطب رئيسته "ياأستاذة": هي التي تناديه "ياأستاذ" فيكون رده: "أيوة يامدام!"، المشكلة هي في تساهل المرأة وتنازلها عن حقها في لقب استحقته بالدراسة والجهد أي بالعرق والدموع، مثلا: تكلمني الصحفية الشابة "من فضلك يامدام..." فأجيبها، قاصدة توجيهها ، "نعم ياأوستااااذة" لعلها تلقط الرسالة لكنها تظل على ندائها البايخ "يامدااامممم".
حالة "بلم" وبلادة تعم المرأة رغم صيحات مطالبتها بالمساواة والندية والعدل. لو استشعرت المرأة المساواة والندية حقيقة لما قبلت بألقاب دونية يمارسها عليها الرجل وتمارسها هي من بعده على نفسها وعلى بنات جنسها.
في إطار التعامل بين الملتزمين إسلاميا الموضوع منته بلقب "الأخت فلانة" و "الأخ فلان" فالحمد لله وكفى الله المؤمنات شر "يامدام"!
Published on October 16, 2013 02:06
October 15, 2013
علّم في المتبلّم يصبح ناسي:
وها قد تم الإعلان مجددا عن نية الأوبرا عرض أوبرا عايدة يوم 23 أكتوبر القادم بمناسبة مرور 200 سنة على فيردي، رحيلا أو ميلادا لاأذكر ولا يهمني، وذلك بالتضامن مع السفارة الإيطالية!
وهكذا تظل هذه الأوبرا اللعينة تناوشنا، مثل الحمى الموسمية، لتعود أخبار تلك التي يصرون على تسميتها أوبرا «عايدة»، وهي في حقيقتها أوبرا «آييدا» غير العربية وغير المصرية وغير الفرعونية؛ فهي الجاسوسة عدوة مصر بنت أبيها ملك إثيوبيا القادم على رأس جيش لقتال مصر، فلا هي بنتنا ولا جدتنا ولا نعرفها ولا علاقة لها بأهراماتنا ولا بأمجادنا ولا ملابسنا الفرعونية،(ما شاء الله!)، وكان الدكتور عبد المنعم كامل، مخرج العرض ومدير الأوبرا السابق، قد إعتبر أن أوبرا عايدة «تعد إحدى العلامات الفنية المصرية أمام العالم»، (هكذا ومؤلف الحكاية الفرنسي أجستو مارييت والموسيقي فيردي، وقائد أوركسترا العرض المزمع إقامته هو المايسترو الإيطالي مارشيللو موتاديللي، وكورالأكابيلا بقيادة ألدو مانياتو ومايا جيفينيريا)!
إنني - والله - عاجزة عن معرفة سر غرام مسؤولي الثقافة في مصر بأوبرا «آييدا»، التي تمجد قيم الخيانة والنذالة والخسة رغم شرحنا لمضمونها الكثير من المرات ودعوتنا لمقاطعتها، خضوعا لكرامة الشعب المصري واحتراما لمشاعره، إذ كيف يمكن التغافل عن أوبرا تقوم أساسا على خلق التعاطف مع قائد مصري يقع في حب ابنة ملك أجنبي من الأعداء ويسرب من خلالها أسرار جيشه، في خيانة واضحة لبلاده ويصر عليها حتى لحظة موته بلا ندم؟
دعوني أنعش ذاكرتكم وأحكي لكم بكل أمانة محتوى هذه الأوبرا، التي تم تقديمها لأول مرة على خشبة مبنى الأوبرا الخديوية بالقاهرة 1871/12/24:
آييدا بنت ملك إثيوبيا، وحكايتها تبدأ بوقوعها في أسر المصريين الذين كانوا، في تلك المرحلة التاريخية، في حالة عداء وحرب مستمرة مع الإثيوبيين، تأخذها ابنة فرعون مصر إمنريس في خدمتها بين عبيدها. يقع الجندي المصري الشاب راداميس في غرام آييدا، كيف؟ ولماذا؟ لا نعرف، وتبادله آييدا الحب في الوقت الذي نعرف فيه حب إمنريس، ابنة فرعون، له. يقوم الكهنة بتكليف راداميس قيادة جيش الدفاع عن الأراضي المصرية، التي تم الاعتداء عليها من قبل الإثيوبيين. تغني له ابنة فرعون المحبِّة «عد منتصرا»، وتعرف آييدا أن والدها، ملك إثيوبيا، قادم على رأس الجيش الذي سيواجهه حبيبها راداميس فتغلِّب حبها لبلادها وأبيها، على حبها لـراداميس وتكرر أغنية «عد منتصرا»، وفي نيتها نصر والدها ملك إثيوبيا، ونصرة بلادها التي تشتاق إليها. تكتشف ابنة فرعون علاقة الحب بين خادمتها آييدا وحبيبها راداميس، ومثل كل العاشقين تدب الغيرة في قلبها وتناصب غريمتها آييدا العداء، ولكن ليس لدرجة الإيذاء. حين يعود راداميس محققا النصر لمصر، يقرر فرعون مصر إكرامه بتزويجه ابنته، لكن راداميس قلبه متعلق بآييدا التي تتعرف على والدها، ملك إثيوبيا، بين الأسرى الذين جلبهم راداميس حبيبها. يطلب ملك إثيوبيا الأسير من ابنته آييدا عدم الإعلان عن حقيقته الملكية، ويؤكد لها أن المعركة مع المصريين لم تنته وأن حشودا إثيوبية مستعدة للتحرك، ويحثها على الهرب معه بعد أن تعرف من القائد المصري خط سير القوات المصرية. تخضع آييدا لمطلب والدها وتنجح في استدراج حبيبها، إلى فخ الإدلاء بالسر العسكري، ويتم تقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانة - طبعا! ويحكم عليه الكهنة بالدفن حيا حتى الموت. يأسف راداميس حين يعرف أن آييدا هربت مع والدها ملك الإثيوبيين من دون أن يراها ويودعها - (لاحظ منتهى الخسة والنذالة من قائد يفضل غرامه على حب البلاد التي مجدته وحمّلته الأمانة) - تتضرع ابنة فرعون إلى راداميس ليتزوجها، لأنها تحبه وهي كفيلة بإنقاذ حياته، لكنه يؤكد أن الموت عنده أفضل من خيانة آييدا. ويهبط القائد الخائن الخسيس إلى قبو الموت، وإذا به يجد آييدا تنتظره لتموت معه، بعد مقتل أبيها الذي كان ينوي، إذا نجح في الهرب، إعادة الاعتداء على مصر في معركة جديدة. وتنتهي الأوبرا بلقاء العاشقين مرحبين بالموت معا، بينما تكون ابنة فرعون فوق القبر تبكي الحبيب بلا طائل، ونجد النهاية الدرامية تمجد القائد المصري الخائن وتوحده مع ابنة الأعداء آييدا، (فهل هذه هي القيمة المناسبة لتتزامن مع الاحتفالات بنصر أكتوبر؟)!أن يفتقد الموسيقار فيردي الإيطالي، مؤلف الأوبرا، الحساسية تجاه مشاعر المصريين، وأن يقدمها للخديو فهذا مفهوم، لأن فيردي لا تفرق معه إهانة المصريين لصالح أعدائهم، كما أن الخديو إسماعيل لم يكن يفهم الحكاية تماما، كما يبدو، فهو جاهل ومغرم عمياني بالفن الخواجاتي، بالإضافة إلى أنه لم يشعر بالانتماء إلى التراث المصري القديم المليء بجو الفراعنة والكهان والمعابد؛ لكن يبقى السؤال: هل تفحّص وزير الثقافة من أول فاروق حسني حتى صابر عرب دلالات القصة التي تدور حولها هذه الأوبرا التي يتحمسون لها ويصرون عليها ويسمونها -ويا للعجب! - «عايدة الهرم»؟ هل استوعب مخرج العرض جُمل الغناء والموسيقى المصاحبة وهي تنعى إلى المشاهدين مصرع العاشقين الخائنين لمصر لينفطر من أجلهما القلب؟ هل هذا جهل أم استهبال أم استهانة بتدفق السموم الثقافية التي تجعلنا نصفق لقاتلينا؟ كيف بكل هذا الحماس يصر هؤلاء الناس على هذا العدوان الثقافي، المتمثل في أوبرا تمجد قيم الخيانة والنذالة والخسة وتقدمها لتتزامن مع احتفالات البلاد بانتصار أكتوبر 1973؟
Published on October 15, 2013 13:56
October 14, 2013
من سورة البقرة:
بسم الله الرحمن الرحيم: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (208)" صدق الله العظيم.
Published on October 14, 2013 21:03
October 13, 2013
معيد النعم ومبيد النقم:
سجل لحقوق الإنسان من سبعة قرون
إنه كتاب "معيد النعم ومبيد النقم"، من تأليف تاج الدين السبكي، المولود بالقاهرة عام 727هـ/1326م، في عصر السلطنة الثالثة للناصر محمد بن قلاوون، وتوفى بالطاعون في دمشق وهو في الثالثة والأربعين سنة 771هـ/1369م في سلطة الأشرف زين الدين بن حسين بن محمد بن قلاوون. أهمية هذا الكتاب الآن أنه يعزينا، بلغته المتهكمة على الظالمين، فيما نلقاه ونتصوره من المصائب التي لم تلحق الأولين ولا الآخرين، لكنه يؤكد إلى جانب ذلك ضرورة ألا نيأس من قول ما يجب أن يقال لإيقاظ الغافلين ولله الأمر من قبل ومن بعد.
# حين يضرب تاج الدين السبكي الأمثلة التي تخص سلبيات رجال الحكومة في زمانه، والتي تؤدي إلى زوال النعم يقول: "إن الله لم يولّه ـ (أي السلطان) ـ على المسلمين ليكون رئيساً آكلاً شاربا مستريحا، بل لينصر الدين ويعلي الكلمة. ومن وظائف السلطان أن ينظر في الإقطاعات ـ (أي الإمتيازات) ـ ويضعها في مواضعها… فإن فرق الإقطاعات على مماليك اصطفاها وزينها بأنواع الملابس والزراكش المحرمة وافتخر بركوبها بين يديه، وترك الذين ينفعون الإسلام جياعاً في بيوتهم، ثم سلبه الله النعمة وأخذ يبكي… فيقال له يا أحمق أما علمت السبب، أو لست الجاني على نفسك؟ وإن استكثر على الفقراء ما بأيديهم وتعرض لأوقاف وقفها أهل الخير… عليهم فهو بلاء على بلاء… فإن ضم إلى ذلك أنه يبيعها بالبرطيل ويضعها في غير مستحقها فما يكون جزاؤه؟….. وإن أخذ يصرف الأموال على خواصه ومن يريد استمالة قلوبهم لبقاء ملكه وأعجبه مدائح الشعراء لكرمه فذلك خرق، ولقد رأينا منهم ـ (يعني السلاطين والحكام) ـ من يعمر الجوامع ظاناً أن ذلك من أعظم القرب فينبغي أن يفهم أن إقامة جمعتين في بلد لا يجوز إلا لضرورة، عند الشافعي وأكثر العلماء، فإن قال قد جوزها قوم قلنا له: إذا فعلت ما هو واجب عليك عند الكل، فذاك الوقت إفعل الجائز عند البعض، وأما أنك ترتكب ما نهى الله عنه وتترك ما أمر به، ثم تريد أن تعمر الجوامع بأموال الرعايا ليقال هذا جامع فلان، فلا والله لن يتقبله الله تعالى أبداً…". ثم يقول: "… وعليه أن يرفق بأهل القرى ويؤدي أمانة الله التي علقها في رقبته للفلاحين"، ويقول: "… ومن حق البريدي أن لا يجهد الفرس بل يسوقها بقدر طاقتها، وقد كثر منهم سوق الخيول السوق المزعج بحيث تهلك تحتهم، أفما علموا أنها خلق من خلق الله تعالى؟".
# ويقول في ناظر الجيش: "ومن قبائح الجيش إلزامهم الفلاحين في الإقطاعات بالفلاحة ـ (السخرة) ـ والفلاح حر لا يد لآدمي عليه وهو أمير نفسه".
# ويعلن: "… فمن خطر له أنه إن لم يسفك الدماء بغير حق ويضرب المسلمين بلا ذنب، لم تصلُح أيامه، فعّرفه أنه باغ جهول أحمق حمار، دولته قريبة الزوال ومصيبته سريعة الوقوع، وهو شقي في الدنيا والآخرة، وإذا أخذه الله لم يفلته… فإن قال حمار من هؤلاء من أين أعرف هذا…… قلنا له: إذا كنت لا تعرف فاسأل أهل الذكر…. وإن عجزت عن الفهم فمالك والدخول في هذه الوظيفة ـ (خادم السلطان) ـ دعها"!
# ويعود ليوصي بالفلاحين من ظلم جنود السلطان: "…. لو شاء الله تعالى لقلب الفلاح جندياً والجندي فلاحاً، فإذا كان لا يشكر نعمة الله تعالى على أن رفعه على درجة الفلاح، فلا أقل من أن يكفي الفلاح شره وظلمه…".
# وعن البنائين: "اللطف والرفق بالبنائين وأن لا يستعمل أحداً فوق طاقته ولا يجيعه، بل يمكنه من الأكل أو يطعمه… وعليه أن يطلق سراحه وقت الصلوات فإنها لا تدخل في الإجارة وما يعتمده بعضهم من تسخير البنائين وإجاعتهم وإعطائهم من الأجرة من دون حقهم واستعمالهم فوق طاقتهم، ومن أقبح الحرمات وأشنع الجرأة على الله في خلقه، وأقبح من ذلك أنهم يعتمدونه في بناء المساجد والمدارس، فليت شعري بأي قربة يتقربون"؟
هل هذه المقتطفات التي اخترتها من كلام تاج الدين السبكي، في كتابه "معيد النعم ومبيد النقم"، أمثلة من وثيقة حقوق الإنسان والحيوان في الإسلام ذكّرنا بها عالم من أهل الذكر، أم هي سجل للجرائم والانتهاكات التي جهر بها في مواجهة الطغاة والبغاة من حكام عصره وكل العصور؟
الإثنان معاً بالطبع.. نعم بالطبع.
Published on October 13, 2013 10:57
October 12, 2013
التسمم:
صرت أضيف إلي دعائي قبل الأكل: اللهم اكفني شر التسمم والعدوي ووجع البطن، أما قبل قراءة الصحف فأقول من سورة الحجر: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون(97) فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين(98) واعبد ربك حتي يأتيك اليقين(99)"، صدق الله العظيم.
Published on October 12, 2013 20:20
October 11, 2013
الضحك في زمن القهر:
يحكى أن حاكما ظالما اسمه جمال عبد الناصر لم يكن يكفيه حبس واعتقال وتعذيب أعداء أفكاره فكان بين كل حين وآخر يبتكر وسيلة زائدة يعكنن بها على ضحاياه داخل سجونه، بما يسمى "التكدير"، وقد حدث بالفعل في يوم من أيامه السوداء أن أملى على شياطينه حفر حفرة هائلة في فناء المعتقل الصحراوي ألقى فيها بكل ماكان لدى المعتقلين من طعام وشراب ودواء وثياب وما كان قد تجمع لديهم من مؤونة زيارات أهاليهم، وبينما كان أصحاب الخسارة ينظرون متألمين حزانى إلى متاعهم المدمر إذا بواحد منهم، لم يكن له في كل هذا التكدير بالحرمان ولا حتى ذرة ملح، يدور مبتهجا مغنيا: "والله الفقر وله عوزة ياولاد"!
Published on October 11, 2013 22:17