صافي ناز كاظم's Blog, page 5
November 22, 2013
إهداء لسارة حرب والزعلانين كافة:
الزهور هناك لأنها هناك
يأتيني الاكتئاب متسللا على غرة حين أصحو ذات صباح فأجدني راغبة عن استقبال اليوم؛ متخيّلة تصوري عن النكوص يتحقق فأتضاءل حتى أصير جنينا يتناقص إلى أن يصير بذرة تسقط وأختفي. يتملّكني تصور الاختفاء وقد تحقق إلى درجة أن يدهشني صوتي يصدر عني أو حركة من ذراعي. يعود إلي الوعي تدريجيا بأني مازلت وعندما أجدني مازلت أعرف أن النكوص لا يعدو تصوّر لا يمكن أن يتحقق، من ثمّ تبدأ محاولتي لسحبي خارج البئر؛ مثلما تكون محاولات سحب سيارة مغروز عجلها في الرمال.
أمتلئ بالمسرّة ورغبة الإجهاش بالبكاء. هل تذكرين الخسوف يا صافي ناز؟ أذكره: الشمس البيضاء، الجير، صمت، خرفشة عربة، صمت، ضجيج صوت أطفال، وجه من خلف عريشة، طفل أفلج يعمل في ورشة سيارات، بقع هباب سوداء على خدّيه لكن أسنانه نظيفة وبياض عينيه أزرق. وجه محبّب يكبر، يقترب، يضحك، يعبس، يتكدّر، يغمض في الشمس، ينظر إليْ، مصباح، دفء وردي، أمن مطلق، ردّة جفن، نظرة لئيمة تسقط، إنشطار، هاوية، غياب لكل شئ، ليس هناك العوض عن الوهم. لا يبرحني الوجه، يأتيني بينما أهرب في عبور مفترق، يخرج من منحنى، يبرز في تبديل قدم، وأنا أدلف بوابة وأصعد سلّمة، يأتيني في منتصف الخطوة، يخرج، يكبر، يقترب ولو رأيت وجهي منعكسا على زجاج يكون مقفلا بإحكام؛ جيدا نخفي في الشارع وجهنا خشية لو أخرجت وجهك يأكله الناس ويتخذونك هزوا، نحمل وجهنا، نحمل أنفسنا، خضرتنا، كمية الحب يحملها الإنسان ولا يدري أين يلدها، يظل يحوم مثل قطة تبحث عن ركن أمين تستقر فيه بهراتها العمياء، لحظتها تكون القطة في أقصى حالات حنوّها سُقيا وإطعاما، تكون كذلك في أقصى حالات توترها وتأهبها ضد شراسة العالم الخارجي. الحب: الركن الذي يستطيع الإنسان فيه أن يفتح وجهه؛ أن يبوح، أن يقدر أن يبوح بضعفه كاملا، ومن ذا الذي لا يتمنى أن يعلّق على ظهره لافتة: "هش تناوله بعناية"!
زهور صفراء فاقع لونها جعلتني ألاحظ شجرة أمام البناء ترتفع فروعها فأراها من شرفتي. هذه الزهور خرجت رغم أن ليس هناك مبرر واحد حولها يشجّعها على الخروج أو يبدي اهتماما بخروجها من عدمه، لكنها هناك بكل الثقة الذاتية المدهشة؛ تسمع الطلقات والصرخات والمجزرة وتستمر: زهور صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.
في مسرحية بيتر فايس "مارا \ صاد" يأتي قول للمركيز دي صاد: "أنا أكره الطبيعة"، وكان يعني أنه يكره اللامبالاة القاسية للطبيعة، هل هذه الزهور لامبالاة من الطبيعة أم هي "الشّــعر"؟
الطلقات والصيحات تصاعدت بالمجزرة حتى الفجر وأنا أطل من شرفتي صوب ساحتها بالميدان، مستأذنة الأشجار وزهورها، وأعرف أنه على الرغم من كل شئ لابد أن يستمر إنبثاق "الشـعر": عصارة تتغلغل بمنطقها الخاص وضرورتها الخاصة، تمتد بنبل وحزن وإصباح، تصعد بجوف الشجرة ، تثبت و تقوى معها تلقائية مقاومة القبح.
العصارة حتى لا يجففنا الاكتئاب، حتى لا ننغرز في الرمال فنتشقق ونتقوّض ونُجتث، محال أن يحدث هذا: الطبيعة لا تسمح: الزهور هناك لأنها هناك.
يسقط يسقط قُبح المشهد!
يأتيني الاكتئاب متسللا على غرة حين أصحو ذات صباح فأجدني راغبة عن استقبال اليوم؛ متخيّلة تصوري عن النكوص يتحقق فأتضاءل حتى أصير جنينا يتناقص إلى أن يصير بذرة تسقط وأختفي. يتملّكني تصور الاختفاء وقد تحقق إلى درجة أن يدهشني صوتي يصدر عني أو حركة من ذراعي. يعود إلي الوعي تدريجيا بأني مازلت وعندما أجدني مازلت أعرف أن النكوص لا يعدو تصوّر لا يمكن أن يتحقق، من ثمّ تبدأ محاولتي لسحبي خارج البئر؛ مثلما تكون محاولات سحب سيارة مغروز عجلها في الرمال.
أمتلئ بالمسرّة ورغبة الإجهاش بالبكاء. هل تذكرين الخسوف يا صافي ناز؟ أذكره: الشمس البيضاء، الجير، صمت، خرفشة عربة، صمت، ضجيج صوت أطفال، وجه من خلف عريشة، طفل أفلج يعمل في ورشة سيارات، بقع هباب سوداء على خدّيه لكن أسنانه نظيفة وبياض عينيه أزرق. وجه محبّب يكبر، يقترب، يضحك، يعبس، يتكدّر، يغمض في الشمس، ينظر إليْ، مصباح، دفء وردي، أمن مطلق، ردّة جفن، نظرة لئيمة تسقط، إنشطار، هاوية، غياب لكل شئ، ليس هناك العوض عن الوهم. لا يبرحني الوجه، يأتيني بينما أهرب في عبور مفترق، يخرج من منحنى، يبرز في تبديل قدم، وأنا أدلف بوابة وأصعد سلّمة، يأتيني في منتصف الخطوة، يخرج، يكبر، يقترب ولو رأيت وجهي منعكسا على زجاج يكون مقفلا بإحكام؛ جيدا نخفي في الشارع وجهنا خشية لو أخرجت وجهك يأكله الناس ويتخذونك هزوا، نحمل وجهنا، نحمل أنفسنا، خضرتنا، كمية الحب يحملها الإنسان ولا يدري أين يلدها، يظل يحوم مثل قطة تبحث عن ركن أمين تستقر فيه بهراتها العمياء، لحظتها تكون القطة في أقصى حالات حنوّها سُقيا وإطعاما، تكون كذلك في أقصى حالات توترها وتأهبها ضد شراسة العالم الخارجي. الحب: الركن الذي يستطيع الإنسان فيه أن يفتح وجهه؛ أن يبوح، أن يقدر أن يبوح بضعفه كاملا، ومن ذا الذي لا يتمنى أن يعلّق على ظهره لافتة: "هش تناوله بعناية"!
زهور صفراء فاقع لونها جعلتني ألاحظ شجرة أمام البناء ترتفع فروعها فأراها من شرفتي. هذه الزهور خرجت رغم أن ليس هناك مبرر واحد حولها يشجّعها على الخروج أو يبدي اهتماما بخروجها من عدمه، لكنها هناك بكل الثقة الذاتية المدهشة؛ تسمع الطلقات والصرخات والمجزرة وتستمر: زهور صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.
في مسرحية بيتر فايس "مارا \ صاد" يأتي قول للمركيز دي صاد: "أنا أكره الطبيعة"، وكان يعني أنه يكره اللامبالاة القاسية للطبيعة، هل هذه الزهور لامبالاة من الطبيعة أم هي "الشّــعر"؟
الطلقات والصيحات تصاعدت بالمجزرة حتى الفجر وأنا أطل من شرفتي صوب ساحتها بالميدان، مستأذنة الأشجار وزهورها، وأعرف أنه على الرغم من كل شئ لابد أن يستمر إنبثاق "الشـعر": عصارة تتغلغل بمنطقها الخاص وضرورتها الخاصة، تمتد بنبل وحزن وإصباح، تصعد بجوف الشجرة ، تثبت و تقوى معها تلقائية مقاومة القبح.
العصارة حتى لا يجففنا الاكتئاب، حتى لا ننغرز في الرمال فنتشقق ونتقوّض ونُجتث، محال أن يحدث هذا: الطبيعة لا تسمح: الزهور هناك لأنها هناك.
يسقط يسقط قُبح المشهد!
Published on November 22, 2013 02:35
November 20, 2013
في عام 1913 وفي ظل الاحتلال الإنكليزي لمصر تم إنشاء جهاز ...
في عام 1913 وفي ظل الاحتلال الإنكليزي لمصر تم إنشاء جهاز للأمن السياسي، لتتبع الوطنيين والقضاء على مقاومتهم للاحتلال، سمي "قسم المخصوص"، ويعد أقدم جهاز من نوعه في الشرق الأوسط. وقد استعان الإنكليز في إنشائه ببعض ضباط البوليس المصري، وتولى إدارته لأول مرة اللواء سليم زكي حكمدار القاهرة، الذي كان مقرباً من المحتل، وتم قتله عام 1948 في مظاهرات للطلبة،وفي هذا يقول محمود الصباغ في "حقيقة التنظيم الخاص":
"وقد حاول أبناء الشعب المصري اغتيال سليم زكي حكمدار بوليس القاهرة ثلاث مرات الأولى 23/1/ 1922، والثانية في 23/ 4/ 1922 وهو برتبة يوزباشي، والثالثة في 10/10/ 1931 وهو برتبة قائمقام ، وقد قتل أخيرًا في إحدى المظاهرات سنة 1948، ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين قد ظهرت إلى الوجود عند المحاولتين الأوليتين، ....... وبالنسبة للحالة الثالثة فلا علاقة للإخوان بها، مما يقطع أن قتل سليم زكي سنة 1948 كان هدفًا وطنيًا وليس خاصًا بالإخوان المسلمين بأي حال من الأحوال. وكان يتعامل بعنف مع المظاهرات الوطنية المعادية للانجليز، وهو بطل مذبحة كوبرى عباس فى فبراير 1946، ومن هنا فإن قتل سليم زكي كان هدفا وطنيا تسعى إليه جميع الاتجاهات الوطنية، وليس خاصا بفئة معينة".
وعن الحادث نفسه يقول المستشار الدمرداش العقالي في إعترافاته التي سجلها عنه سليمان الحكيم ونشرها بجريدة المصري اليوم 26 أكتوبر 2010:"أما سليم زكى حكمدار القاهرة فقد اغتيل فى كلية الطب جامعة فؤاد «قصر العينى» على إثر مظاهرة طلابية كبيرة، الثابت أن الذين قاموا بها هم الطلاب الماركسيون الذين يتزعمهم الطالب فؤاد محيى الدين الذى أصبح رئيساً لوزراء مصر بعد ذلك، وكان سليم زكى قد ذهب إلى قصر العينى على رأس قوة عسكرية من رجال البوليس لفض تلك المظاهرة الطلابية الماركسية فألقيت عليه قنبلة من فوق أحد المبانى أصابته مباشرة فلقى مصرعه، ولم يقر أحد من الذين حققوا فى تلك القضية تحقيقاً قضائياً أو تاريخياً أن الإخوان كانوا ضالعين فيها. وحين كنت عضواً بمجلس الشعب عن أسيوط، وكان ممدوح سليم زكى، ابن المرحوم سليم زكى، محافظاً لأسيوط، دار بينى وبينه حوار حول الحادث، وأكد لى ممدوح زكى أن الإخوان أبرياء من دم والده، وأن الطلاب الماركسيين هم الذين اغتالوه..............................................كذلك فإن سليم زكى لم يقتل لشخصه، بل قتل كرجل بوليس وجد نفسه فى مواجهة مع طلاب ثائرين، ولو كان أى شخص آخر فى موقعه فى تلك الموقعة لقتل كما قتل سليم زكى. وكانت تلك الفترة من عام ١٩٤٦ تتسم بالثورة والعنف فى الأوساط الطلابية والعمالية...".
ونقلا عن ويكيبيديا، الموسوعة الحرة:
"بعد توقيع معاهدة 1936 تشكلت إدارتان للقلم السياسي، واحدة للقاهرة والأخرى للإسكندرية، بالإضافة إلى 'قسم مخصوص' يتبع السراي مباشرة، ويرأسه قائد البوليس الملكي، ولم يكن لوزارة الداخلية أية ولاية على هذا القسم، حيث كان قائده يتلقى أوامره مباشرة من الملك.وعلى الرغم من التغيرات الجذرية العميقة التي قامت بها ثورة 23 يوليو في شتى مناحي الحياة المصرية، إلا أنه، وهو الأمر المذهل، ظل كثيراً من آليات عمل القلم المخصوص مستمرة، واعتنقها الجهاز النظير الذي أقامته حكومة الثورة في أغسطس 1952 تحت اسم 'المباحث العامة'، ثم أعاد أنور السادات بعد انفراده بالحكم تسميته 'بمباحث أمن الدولة'، ثم تغيرت لافتته إلى ' قطاع مباحث أمن الدولة'، وأخيراً سمى 'جهاز أمن الدولة'. ظلت وظيفة ومهام رجل أمن الدولة من دون تغيير يذكر في كل العصور واستمرت آليات عمله من دون تغيير يذكر.وصار تقليداً معتمداً في الدولة المصرية أن قيادات أمن الدولة عندما تنهي عملها بجهاز أمن الدولة تنتقل لتولى مناصب سياسية مهمة كوزراء ومحافظين ورؤساء هيئات ومصالح حكومية. فقد تولى وزارة الداخلية من أبناء جهاز أمن الدولة اللواء عبد العظيم فهمى، وممدوح سالم (وزيراً للداخلية ثم رئيسا للوزراء) وسيد فهمي، وحسن أبوباشا، وأحمد رشدي، وحبيب العادلي."
"وقد حاول أبناء الشعب المصري اغتيال سليم زكي حكمدار بوليس القاهرة ثلاث مرات الأولى 23/1/ 1922، والثانية في 23/ 4/ 1922 وهو برتبة يوزباشي، والثالثة في 10/10/ 1931 وهو برتبة قائمقام ، وقد قتل أخيرًا في إحدى المظاهرات سنة 1948، ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين قد ظهرت إلى الوجود عند المحاولتين الأوليتين، ....... وبالنسبة للحالة الثالثة فلا علاقة للإخوان بها، مما يقطع أن قتل سليم زكي سنة 1948 كان هدفًا وطنيًا وليس خاصًا بالإخوان المسلمين بأي حال من الأحوال. وكان يتعامل بعنف مع المظاهرات الوطنية المعادية للانجليز، وهو بطل مذبحة كوبرى عباس فى فبراير 1946، ومن هنا فإن قتل سليم زكي كان هدفا وطنيا تسعى إليه جميع الاتجاهات الوطنية، وليس خاصا بفئة معينة".
وعن الحادث نفسه يقول المستشار الدمرداش العقالي في إعترافاته التي سجلها عنه سليمان الحكيم ونشرها بجريدة المصري اليوم 26 أكتوبر 2010:"أما سليم زكى حكمدار القاهرة فقد اغتيل فى كلية الطب جامعة فؤاد «قصر العينى» على إثر مظاهرة طلابية كبيرة، الثابت أن الذين قاموا بها هم الطلاب الماركسيون الذين يتزعمهم الطالب فؤاد محيى الدين الذى أصبح رئيساً لوزراء مصر بعد ذلك، وكان سليم زكى قد ذهب إلى قصر العينى على رأس قوة عسكرية من رجال البوليس لفض تلك المظاهرة الطلابية الماركسية فألقيت عليه قنبلة من فوق أحد المبانى أصابته مباشرة فلقى مصرعه، ولم يقر أحد من الذين حققوا فى تلك القضية تحقيقاً قضائياً أو تاريخياً أن الإخوان كانوا ضالعين فيها. وحين كنت عضواً بمجلس الشعب عن أسيوط، وكان ممدوح سليم زكى، ابن المرحوم سليم زكى، محافظاً لأسيوط، دار بينى وبينه حوار حول الحادث، وأكد لى ممدوح زكى أن الإخوان أبرياء من دم والده، وأن الطلاب الماركسيين هم الذين اغتالوه..............................................كذلك فإن سليم زكى لم يقتل لشخصه، بل قتل كرجل بوليس وجد نفسه فى مواجهة مع طلاب ثائرين، ولو كان أى شخص آخر فى موقعه فى تلك الموقعة لقتل كما قتل سليم زكى. وكانت تلك الفترة من عام ١٩٤٦ تتسم بالثورة والعنف فى الأوساط الطلابية والعمالية...".
ونقلا عن ويكيبيديا، الموسوعة الحرة:
"بعد توقيع معاهدة 1936 تشكلت إدارتان للقلم السياسي، واحدة للقاهرة والأخرى للإسكندرية، بالإضافة إلى 'قسم مخصوص' يتبع السراي مباشرة، ويرأسه قائد البوليس الملكي، ولم يكن لوزارة الداخلية أية ولاية على هذا القسم، حيث كان قائده يتلقى أوامره مباشرة من الملك.وعلى الرغم من التغيرات الجذرية العميقة التي قامت بها ثورة 23 يوليو في شتى مناحي الحياة المصرية، إلا أنه، وهو الأمر المذهل، ظل كثيراً من آليات عمل القلم المخصوص مستمرة، واعتنقها الجهاز النظير الذي أقامته حكومة الثورة في أغسطس 1952 تحت اسم 'المباحث العامة'، ثم أعاد أنور السادات بعد انفراده بالحكم تسميته 'بمباحث أمن الدولة'، ثم تغيرت لافتته إلى ' قطاع مباحث أمن الدولة'، وأخيراً سمى 'جهاز أمن الدولة'. ظلت وظيفة ومهام رجل أمن الدولة من دون تغيير يذكر في كل العصور واستمرت آليات عمله من دون تغيير يذكر.وصار تقليداً معتمداً في الدولة المصرية أن قيادات أمن الدولة عندما تنهي عملها بجهاز أمن الدولة تنتقل لتولى مناصب سياسية مهمة كوزراء ومحافظين ورؤساء هيئات ومصالح حكومية. فقد تولى وزارة الداخلية من أبناء جهاز أمن الدولة اللواء عبد العظيم فهمى، وممدوح سالم (وزيراً للداخلية ثم رئيسا للوزراء) وسيد فهمي، وحسن أبوباشا، وأحمد رشدي، وحبيب العادلي."
Published on November 20, 2013 10:11
November 18, 2013
شعب عظيم!بقلم سيد قطبنقلا عن جريدة الاشتراكية 2 أغسطس 195...
شعب عظيم!
بقلم سيد قطبنقلا عن جريدة الاشتراكية 2 أغسطس 1951
نحن نظلم هذا الشعب العظيم ونتجنى عليه حين نتهمه بأنه شعب ميّت أو جامد أو ذليل لأنه لا يتحرّك في هذه الأيام ليبطش بالطغاة والمستهترين والمستغلين، لأنه يقبل هذه الأوضاع السيئة التي لا يقبلها الآدميون، لأن الخسف والعسف ينزلان به كل يوم بل كل لحظة وهو ساكن مستسلم، لأن حقوقه القومية وحقوقه الإنسانية وكرامته الآدمية تداس في كل يوم بل في كل لحظة فلا يغضب ولا يثور، لأن غيره من الشعوب يتملّص ويتخلّص أو يضرب ضربة هنا وضربة هناك تدل على أنه حي.
ولكن هذا الشعب قد خابت ظنونه في الرجال! لقد شهد زعماءه يخونونه ويخونون كل مبادئ الشرف والإستقامة طوال ثلاثين عاما أو تزيد؛ لقد شهدهم يبدأون حياتهم مكافحين فقراء ويختمونها إقطاعيين أثرياء، لقد شهدهم يبدأون حياتهم في شقة للإيجار ويختمونها وهم أصحاب ضياع وقصور، لقد شهد كلمات التضحية والكفاح والجهاد تنقلب معانيها إلى السمسرة والارتزاق والاتجار في السوق السوداء، لقد شهد الشرفاء يستحيلون لصوصا ومرتشين وقوادين لأن هذا هو أقرب الطريق للثراء.
وقبل أن يوجد في هذا الشعب زعماء يولدون فقراء ويموتون فقراء، قبل أن يتساقط على أرضه شهداء لا يطلبون منه ثمن الشهادة، قبل أن يصمد جيل من هؤلاء المكافحين على الشظف والحرمان والأذى والبلاء، قبل أن يحس الشعب أن هنالك مجاهدين لا تسندهم أقلام المخابرات، ولا تسندهم السفارات، بل لا تسندهم هيئات ولا أحزاب، لأن كل فرد من هيئاتهم وأحزابهم مجاهد لا يسنده إلا االإيمان؛ قبل أن يتم ذلك لن تعود للشعب ثقته في نفسه ولا في زعمائه ولا في أهدافه، لن يستجيب لدعوة ولن يستجيب لرجل، فطالما خدعته الدعوات وطالما خانه الرجال، فمن شاء أن يدعو هذا الشعب إلى تضحيات جديدة فليكن هو نفسه الضحية الأولى، فليعرّض عنقه للمشنقة وصدره للرصاص دون تلعثم أو تحرّج، فليتقدّم صراحة لمواجهة قوى الشر والطغيان في غير تحفظ ولا تخوّف ولا احتراس، وليثق أن الشعب يومها لن يتركه وحيدا.
بقلم سيد قطبنقلا عن جريدة الاشتراكية 2 أغسطس 1951
نحن نظلم هذا الشعب العظيم ونتجنى عليه حين نتهمه بأنه شعب ميّت أو جامد أو ذليل لأنه لا يتحرّك في هذه الأيام ليبطش بالطغاة والمستهترين والمستغلين، لأنه يقبل هذه الأوضاع السيئة التي لا يقبلها الآدميون، لأن الخسف والعسف ينزلان به كل يوم بل كل لحظة وهو ساكن مستسلم، لأن حقوقه القومية وحقوقه الإنسانية وكرامته الآدمية تداس في كل يوم بل في كل لحظة فلا يغضب ولا يثور، لأن غيره من الشعوب يتملّص ويتخلّص أو يضرب ضربة هنا وضربة هناك تدل على أنه حي.
ولكن هذا الشعب قد خابت ظنونه في الرجال! لقد شهد زعماءه يخونونه ويخونون كل مبادئ الشرف والإستقامة طوال ثلاثين عاما أو تزيد؛ لقد شهدهم يبدأون حياتهم مكافحين فقراء ويختمونها إقطاعيين أثرياء، لقد شهدهم يبدأون حياتهم في شقة للإيجار ويختمونها وهم أصحاب ضياع وقصور، لقد شهد كلمات التضحية والكفاح والجهاد تنقلب معانيها إلى السمسرة والارتزاق والاتجار في السوق السوداء، لقد شهد الشرفاء يستحيلون لصوصا ومرتشين وقوادين لأن هذا هو أقرب الطريق للثراء.
وقبل أن يوجد في هذا الشعب زعماء يولدون فقراء ويموتون فقراء، قبل أن يتساقط على أرضه شهداء لا يطلبون منه ثمن الشهادة، قبل أن يصمد جيل من هؤلاء المكافحين على الشظف والحرمان والأذى والبلاء، قبل أن يحس الشعب أن هنالك مجاهدين لا تسندهم أقلام المخابرات، ولا تسندهم السفارات، بل لا تسندهم هيئات ولا أحزاب، لأن كل فرد من هيئاتهم وأحزابهم مجاهد لا يسنده إلا االإيمان؛ قبل أن يتم ذلك لن تعود للشعب ثقته في نفسه ولا في زعمائه ولا في أهدافه، لن يستجيب لدعوة ولن يستجيب لرجل، فطالما خدعته الدعوات وطالما خانه الرجال، فمن شاء أن يدعو هذا الشعب إلى تضحيات جديدة فليكن هو نفسه الضحية الأولى، فليعرّض عنقه للمشنقة وصدره للرصاص دون تلعثم أو تحرّج، فليتقدّم صراحة لمواجهة قوى الشر والطغيان في غير تحفظ ولا تخوّف ولا احتراس، وليثق أن الشعب يومها لن يتركه وحيدا.
Published on November 18, 2013 22:21
"مصر وكيف غُدر بها"عرض كتاب قنصل أمريكا في عهد الخديو إسم...
"مصر وكيف غُدر بها"
عرض كتاب قنصل أمريكا في عهد الخديو إسماعيل
قنصل أمريكا في مصر في الفترة الواقعة بين 1876 حتى 1881 هو "ألبرت لي فارمان"، المعاصر للسنوات الأخيرة من عهد الخديو إسماعيل؛ الذي إستمر من 18 يناير 1863 حتى عزله ونفيه خارج البلاد 26 يونيو 1879، ومن الآثار المفيدة لهذا القنصل كتابه بعنوان:Egypt and its betrayal ، ترجمه الأستاذ عبد الفتاح عنايت بعنوان "مصر وكيف غُدر بها"؛ (يجدر هنا التعريف بأن عبد الفتاح عنايت أمضى عقوبة 20 سنة سجن بصفته الوحيد الذي نجا، لصغر سنه، من حكم الإعدام في القضية المعروفة بـ "قتل السردار لي ستاك نوفمبر 1924"، إشارة إلى ذلك الإنجليزي الذي نصّبوه سردارا للجيش المصري في السودان، وقد تم الإفراج عن عبد الفتاح عنايت بإنقضاء المدة عام 1944 وتم تلقيبه بالشهيد الحي حتى وفاته 18 ديسمبر 1986 عن عمر يناهز 85 سنة).
يقع الكتاب في 377 صفحة و 24 فصلا بعناوين منها: "مشاهداتي الأولى في مصر"، "إستقبال سمو الخديو لي"، "مسلة كليوباترا"، "إهداء المسلة"ــ (لأمريكا) ــ "ما فعلته مصر لأجل إنجلترا (قناة السويس)، "عزل إسماعيل باشا"، "إسماعيل باشا وعهده".
عن مشاهداته الأولى في مصر يدون "فارمان" ملاحظاته كاتبا: "...إعتراني الأرق في أول ليلة في مصر...لم تتوقف الموسيقى العربية، تلك الأصوات النشاز المزعجة التي تصدر عن الآلات أو الأصوات والتي يطلق عليها العرب اسم موسيقى، حتى ساعة متأخرة من الليل، واستمر بعد ذلك نباح الكلاب وغناء الشبان العرب وصياحهم ــ أعني متشردي القاهرة الذين لا مأوى لهم سوى الشوارع ــ حتى مطلع الفجر، أما الكلاب في القاهرة، كما هو الحال في القسطنطينية والمدن الشرقية الإسلامية الأخرى، فليس لها صاحب وتسمى بالكلاب الضالة لأنها غير مُستأنسة ...في هذه المدن حيث تُلقى القمامة في الشوارع أو في الأراضي الفضاء تؤدي الكلاب عمل الكناسين"، ومع إصراره على تسمية مدينة "إستامبول" أو "الآستانة" باسمها القديم "القسطنطينية" يواصل القنصل الأمريكي وصف فندقه وشرفته الأرضية وما يراه من: " الشوارع المكتظة بالمارة يتجاوب فيها باستمرار وقع أقدام خليط كبير من الناس ... هنالك توجد الحمير لركوب السائحين أو النساء المحجبات اللاتي يرتدين ملابس سوداء وينتمين إلى القشرة الدنيا من الطبقة المتوسطة ..."، وبعد سرده المفصل للقبيح والجميل واصفا الحدائق يصل إلى ما يسميه "الحي الأوروبي" حيث "... تقع حديقة الأزبكية ببحيراتها ونافوراتها وجبلاياتها ومغاراتها وتحتل عشرين فدانا أو يزيد، كما تتخللها الطرقات الجميلة والشجيرات والأشجار العديدة النادرة التي جُلب أغلبها من الهند، ومن بينها يوجد عدد كبير من أشجار تتدلى فروعها إلى الأرض وتمتد أغصانها إلى باطنها فتكوّن أصولا جديدة. وإنك لتسمع صوت البط في مجرى المياه الصناعية وترى البجع الأبيض والأسود وهو يتهادى في رشاقة على سطح البحيرات... ويتدفق القاهريون الذين ينتمون إلى الطبقتين الوسطى والدنيا عصر كل يوم ومساءه لكي يستمتعوا بصوت الموسيقى ويشاهدوا ألعاب الحواة وهكذا يتيحون للأجنبي فرصة لكي يشاهد خليطا من الناس من كل الأشكال والألوان والأديان والجنسيات، الذين يتكون منهم سكان القاهرة، كما يحيط بالحديقة من جميع الجوانب مبان فخمة من بينها دار الأوبرا ..........".
يصف القنصل الأمريكي "فارمان" بالتفصيل أول واجب قام به في القاهرة، عند وصوله إليها 1879، وهو زيارة الخديو إسماعيل، في "قصر الجزيرة" الواقع على الشاطئ الغربي للنيل في مواجهة المدينة ، بالقرب من حديقة الحيوانات وحدائق النباتات، ويسهب في وصف الخديو إسماعيل: "... رحب بي الخديو في بلاده ولما كان لا يتكلم الإنجليزية فقد كانت محادثاتنا باللغة الفرنسية التي كان يتكلمها بطلاقة. لم يكن إسماعيل باشا جذابا من الناحية الجسمانية، كان يبلغ من العمر حوالي السابعة والأربعين، قصير القامة، عريض المنكبين، ضخم الجثة، ولون بشرته أكثر سمرة من بشرة الأوروبيين، أما جفونه فكانت مرتخية، وكانت اليسرى أكثر إرتخاء من اليمنى،وعندما تكون ملامحه ساكنة تبدو عيناه وكأنها نصف مغلقة، وكانت حواجبه فاحمة اللون، خشنة، كثة الشعر وبارزة إلى الأمام، أما لحيته البنية الداكنة فكانت قصيرة، وأذناه كبيرتان وليست من الحسن بمكان" ــ (من الواضح أن القنصل الأمريكي لم يفهم أن وصفه لعيني الخديو يمكن أن تكون من "العيون الدُبّل" على سبيل الإستحسان!) ــ لكنه في محاولة لإنصاف إسماعيل يشهد بأنه: "... رغم كل نقائصه و مساوئه الجسمانية كان محدّثا ممتعا، يبتسم في كثير من الأحيان، بشوشا دائما ومُثيرا للإهتمام. كان صوته هادئا يبعث على السرور وألفاظه مُنتقاه ومُعبّرة، فائق الذكاء ولديه معلومات دقيقة حتى عن التفاصيل التي تخص حكومته وشئونه الخاصة الشاسعة، وتبرهن نظراته الحادة الثاقبة، حينما تكون عيناه مفتوحتين من أثر حديث شائق، وإجابته السريعة الدقيقة، ومعلوماته الخاصة بموضوعات ليس من المفروض أصلا أن يكون ملما بها، تبرهن لكل هؤلاء الذين استمتعوا بالحديث معه أنه رجل يمتاز بقدرة غير عادية .... كان العسكريون والمدنيون على السواء يدهشون من من معلوماته المفصلة، أضف إلى ذلك أنه كان يملك القدرة النادرة على أن يكتسب ثقة زائره بأن يزيح عن كاهله كل حرج ممكن ويجعله على طبيعته تماما..."، في نهاية هذا الفصل يقول فارمان: "... قبل حفل الإستقبال الرسمي الذي أقيم لي، كثيرا ماقمت بزيارة الخديو الذي أشعرني بأني على صلة وثيقة بسموّه .... وكان ينبغي علىّ أكثر من مرّة أن أقوم بواجب غير سار وهو المطالبة غير الرسمية، وإن كانت بطريقة مُلحّة، بدفع التعويضات الأمريكية ضد الحكومة المصرية، وكانت الحكومة المصرية في ضائقة مالية شديدة ولذا كان مجرد ذكر أي تعويض مالي لابد وأن يسبب بعض الضيق، وعلى كلٍ لم يكن بي حاجة للمطالبة بشئ آخر خلاف ذلك في الوقت الذي كان فيه الممثلون الأوروبيون لا يلحون في طلب التعويضات المالية فحسب بل يقومون كذلك بتنفيذ مشروعات سياسية ........ الأمر الذي أدى في النهاية إلى أن يفقده عرشه. عندما كان يُعلن وصولي إلى القصر لم يكن الخديو يخشى مطلبا مجحفا أو مؤامرة سياسية من جانب حكومتي ولذا كان يلقاني بإخلاص تام دون أي خوف من تعريض مصالحه للخطر، والواقع أن الولايات المتحدة وروسيا كانتا في ذلك الوقت الدولتين الكبيرتين الوحيدتين اللتين لم يكن لهما مطمع سياسي مباشر وغير مباشر بالنسبة لمصر، مثل هذه الظروف ساعدت كثيرا في دفع التعويضات المستحقة لأمريكا التي سُوّيت أخيرا بطريقة مرضية؛ دُفعت عن آخرها ولقد كنت مدينا بهذه النتيجة لصداقتي بالخديو...".
في فصليه المعنونين "مسلة كليوباترة" و "إهداء المسلة" يحكي القنصل ملابسات التفريط الغريب في إهداء "مسلة كليوباترة" لمدينة نيويورك فيقول: "... إن فكرة الحصول على مسلة لمدينة نيويورك قد بدأت عام 1877 ولقد نشأت هذه الفكرة عن الأنباء الواردة في الصحف بشأن العمل الجاري في نقل مسلة الإسكندرية إلى لندن، أما باريس فقد كان لديها مسلة سلفا، فلِم لا تُجامل نيويورك تلك المدينة العظيمة في العالم الجديد بنفس الطريقة؟"، (كان هذا تساؤل القنصل الأمريكي لإقتناص مكسب هائل لبلاده ولم يكن هناك للأسف من غيور يتساءل لمصر: ولماذا، إذا كان ولا بد من التفريط في كنوز البلاد، نعطي هذه المسلات، التي لا تقدر بمال، هدايا مجانية للمدن المذكورة ولا نجعلها مقابل التنازل عن التعويضات من جانبهم؟ ثم ماهي قصة تلك التعويضات التي كان على مصر سدادها للولايات المتحدة سنة 1877؟ آآآآآه يامصر!)، نعرف من حكاية القنصل أنه بعد المشادات والمراسلات وتشبث إنجلترا (؟!) و"تسامح" مصر (!) تتمكن الولايات المتحدة بفضل قنصلها الهمام من الحصول على مسلة مصرية "هدية" لنيويورك! يقول القنصل: "... عرفت أنه قد قامت بعض الإعتراضات الخاصة بالنسبة لكل مسلة وذلك لأن النفوذ الأوروبي قد تكتل ضدي وأن مطالبة الإنجليز بمسلة الأقصر لم تكن إلا نتيجة لهذا التكتل ..." ــ ( كأن مصر وكالة من غير بواب يتشاجر اللصوص على نهبها عيني عينك!) ــ يكمل القنصل كلامه: "... قال شريف باشا: أظنك تفضل مسلة الإسكندرية أليس كذلك؟ فأجبت قائلا إن هذه المسلة في مكان يسهل معه نقلها عن المسلات الأخرى، فأجاب شريف باشا: حسنا لقد قررنا أن نعطيها لكم!"ــ ( مع ذلك كان حضرة شريف باشا واعيا والحمد لله فقد أخبرنا القنصل الأمريكي أن شريف باشا لم ينس أن يؤكد له أن مصاريف نقل المسلة يجب أن تتكفل بها الولايات المتحدة أو مدينة نيويورك! ياسلاااااااااااااام! هكذا تكون الحيطة وإلا فلا!).
في 26 يونيو 1879 الموافق 6 رجب 1296 تم عزل الخديو إسماعيل، وتنصيب ابنه محمد توفيق باشا خلفا له، ويذكر القنصل "فارمان" أن الخديو صاح ساعة تلقيه خبر عزله من السلطان العثماني: "أهذا ما أناله جزاء إرسالي إبان حكمي 20 مليونا من الجنيهات الإسترلينية ......إلى القسطنطينية ؟" ــ (طبعا لايمكن أن يكون الخديو إسماعيل قد قال "القسطنطينية" بدلا من الآستانة أو إستامبول، لكن القنصل المتعصب لم يعترف مرة واحدة ولو على سبيل السهو بأن القسطنطينية لم يعد لها وجودعلى خريطة العالم.)
خارج هذا الكتاب حاولت أن أنعش ذاكرتي بمعلومات عن الخديو إسماعيل بن ابراهيم باشا بن السفاح محمد علي باشا، المولود 31 \12\1830 والمتوفي في منفاه بالآستانة 2 \ 3\ 1895، وعرفت من الحاسوب أنه تزوج 14 زوجة ومستولدة وأنه أنجب منهن ما مجموعه 14؛ 8 أولاد و5 بنات، حكم مصر منهم: الخديو توفيق بن زوجته شفق، والسلطان حسين كامل بن زوجته نور، والملك فؤاد بن زوجته فريال، وتساوت فترة حكمه لمصر 16 سنة مع أعوام نفيه خارجها البالغة 16 سنة.
عرض كتاب قنصل أمريكا في عهد الخديو إسماعيل
قنصل أمريكا في مصر في الفترة الواقعة بين 1876 حتى 1881 هو "ألبرت لي فارمان"، المعاصر للسنوات الأخيرة من عهد الخديو إسماعيل؛ الذي إستمر من 18 يناير 1863 حتى عزله ونفيه خارج البلاد 26 يونيو 1879، ومن الآثار المفيدة لهذا القنصل كتابه بعنوان:Egypt and its betrayal ، ترجمه الأستاذ عبد الفتاح عنايت بعنوان "مصر وكيف غُدر بها"؛ (يجدر هنا التعريف بأن عبد الفتاح عنايت أمضى عقوبة 20 سنة سجن بصفته الوحيد الذي نجا، لصغر سنه، من حكم الإعدام في القضية المعروفة بـ "قتل السردار لي ستاك نوفمبر 1924"، إشارة إلى ذلك الإنجليزي الذي نصّبوه سردارا للجيش المصري في السودان، وقد تم الإفراج عن عبد الفتاح عنايت بإنقضاء المدة عام 1944 وتم تلقيبه بالشهيد الحي حتى وفاته 18 ديسمبر 1986 عن عمر يناهز 85 سنة).
يقع الكتاب في 377 صفحة و 24 فصلا بعناوين منها: "مشاهداتي الأولى في مصر"، "إستقبال سمو الخديو لي"، "مسلة كليوباترا"، "إهداء المسلة"ــ (لأمريكا) ــ "ما فعلته مصر لأجل إنجلترا (قناة السويس)، "عزل إسماعيل باشا"، "إسماعيل باشا وعهده".
عن مشاهداته الأولى في مصر يدون "فارمان" ملاحظاته كاتبا: "...إعتراني الأرق في أول ليلة في مصر...لم تتوقف الموسيقى العربية، تلك الأصوات النشاز المزعجة التي تصدر عن الآلات أو الأصوات والتي يطلق عليها العرب اسم موسيقى، حتى ساعة متأخرة من الليل، واستمر بعد ذلك نباح الكلاب وغناء الشبان العرب وصياحهم ــ أعني متشردي القاهرة الذين لا مأوى لهم سوى الشوارع ــ حتى مطلع الفجر، أما الكلاب في القاهرة، كما هو الحال في القسطنطينية والمدن الشرقية الإسلامية الأخرى، فليس لها صاحب وتسمى بالكلاب الضالة لأنها غير مُستأنسة ...في هذه المدن حيث تُلقى القمامة في الشوارع أو في الأراضي الفضاء تؤدي الكلاب عمل الكناسين"، ومع إصراره على تسمية مدينة "إستامبول" أو "الآستانة" باسمها القديم "القسطنطينية" يواصل القنصل الأمريكي وصف فندقه وشرفته الأرضية وما يراه من: " الشوارع المكتظة بالمارة يتجاوب فيها باستمرار وقع أقدام خليط كبير من الناس ... هنالك توجد الحمير لركوب السائحين أو النساء المحجبات اللاتي يرتدين ملابس سوداء وينتمين إلى القشرة الدنيا من الطبقة المتوسطة ..."، وبعد سرده المفصل للقبيح والجميل واصفا الحدائق يصل إلى ما يسميه "الحي الأوروبي" حيث "... تقع حديقة الأزبكية ببحيراتها ونافوراتها وجبلاياتها ومغاراتها وتحتل عشرين فدانا أو يزيد، كما تتخللها الطرقات الجميلة والشجيرات والأشجار العديدة النادرة التي جُلب أغلبها من الهند، ومن بينها يوجد عدد كبير من أشجار تتدلى فروعها إلى الأرض وتمتد أغصانها إلى باطنها فتكوّن أصولا جديدة. وإنك لتسمع صوت البط في مجرى المياه الصناعية وترى البجع الأبيض والأسود وهو يتهادى في رشاقة على سطح البحيرات... ويتدفق القاهريون الذين ينتمون إلى الطبقتين الوسطى والدنيا عصر كل يوم ومساءه لكي يستمتعوا بصوت الموسيقى ويشاهدوا ألعاب الحواة وهكذا يتيحون للأجنبي فرصة لكي يشاهد خليطا من الناس من كل الأشكال والألوان والأديان والجنسيات، الذين يتكون منهم سكان القاهرة، كما يحيط بالحديقة من جميع الجوانب مبان فخمة من بينها دار الأوبرا ..........".
يصف القنصل الأمريكي "فارمان" بالتفصيل أول واجب قام به في القاهرة، عند وصوله إليها 1879، وهو زيارة الخديو إسماعيل، في "قصر الجزيرة" الواقع على الشاطئ الغربي للنيل في مواجهة المدينة ، بالقرب من حديقة الحيوانات وحدائق النباتات، ويسهب في وصف الخديو إسماعيل: "... رحب بي الخديو في بلاده ولما كان لا يتكلم الإنجليزية فقد كانت محادثاتنا باللغة الفرنسية التي كان يتكلمها بطلاقة. لم يكن إسماعيل باشا جذابا من الناحية الجسمانية، كان يبلغ من العمر حوالي السابعة والأربعين، قصير القامة، عريض المنكبين، ضخم الجثة، ولون بشرته أكثر سمرة من بشرة الأوروبيين، أما جفونه فكانت مرتخية، وكانت اليسرى أكثر إرتخاء من اليمنى،وعندما تكون ملامحه ساكنة تبدو عيناه وكأنها نصف مغلقة، وكانت حواجبه فاحمة اللون، خشنة، كثة الشعر وبارزة إلى الأمام، أما لحيته البنية الداكنة فكانت قصيرة، وأذناه كبيرتان وليست من الحسن بمكان" ــ (من الواضح أن القنصل الأمريكي لم يفهم أن وصفه لعيني الخديو يمكن أن تكون من "العيون الدُبّل" على سبيل الإستحسان!) ــ لكنه في محاولة لإنصاف إسماعيل يشهد بأنه: "... رغم كل نقائصه و مساوئه الجسمانية كان محدّثا ممتعا، يبتسم في كثير من الأحيان، بشوشا دائما ومُثيرا للإهتمام. كان صوته هادئا يبعث على السرور وألفاظه مُنتقاه ومُعبّرة، فائق الذكاء ولديه معلومات دقيقة حتى عن التفاصيل التي تخص حكومته وشئونه الخاصة الشاسعة، وتبرهن نظراته الحادة الثاقبة، حينما تكون عيناه مفتوحتين من أثر حديث شائق، وإجابته السريعة الدقيقة، ومعلوماته الخاصة بموضوعات ليس من المفروض أصلا أن يكون ملما بها، تبرهن لكل هؤلاء الذين استمتعوا بالحديث معه أنه رجل يمتاز بقدرة غير عادية .... كان العسكريون والمدنيون على السواء يدهشون من من معلوماته المفصلة، أضف إلى ذلك أنه كان يملك القدرة النادرة على أن يكتسب ثقة زائره بأن يزيح عن كاهله كل حرج ممكن ويجعله على طبيعته تماما..."، في نهاية هذا الفصل يقول فارمان: "... قبل حفل الإستقبال الرسمي الذي أقيم لي، كثيرا ماقمت بزيارة الخديو الذي أشعرني بأني على صلة وثيقة بسموّه .... وكان ينبغي علىّ أكثر من مرّة أن أقوم بواجب غير سار وهو المطالبة غير الرسمية، وإن كانت بطريقة مُلحّة، بدفع التعويضات الأمريكية ضد الحكومة المصرية، وكانت الحكومة المصرية في ضائقة مالية شديدة ولذا كان مجرد ذكر أي تعويض مالي لابد وأن يسبب بعض الضيق، وعلى كلٍ لم يكن بي حاجة للمطالبة بشئ آخر خلاف ذلك في الوقت الذي كان فيه الممثلون الأوروبيون لا يلحون في طلب التعويضات المالية فحسب بل يقومون كذلك بتنفيذ مشروعات سياسية ........ الأمر الذي أدى في النهاية إلى أن يفقده عرشه. عندما كان يُعلن وصولي إلى القصر لم يكن الخديو يخشى مطلبا مجحفا أو مؤامرة سياسية من جانب حكومتي ولذا كان يلقاني بإخلاص تام دون أي خوف من تعريض مصالحه للخطر، والواقع أن الولايات المتحدة وروسيا كانتا في ذلك الوقت الدولتين الكبيرتين الوحيدتين اللتين لم يكن لهما مطمع سياسي مباشر وغير مباشر بالنسبة لمصر، مثل هذه الظروف ساعدت كثيرا في دفع التعويضات المستحقة لأمريكا التي سُوّيت أخيرا بطريقة مرضية؛ دُفعت عن آخرها ولقد كنت مدينا بهذه النتيجة لصداقتي بالخديو...".
في فصليه المعنونين "مسلة كليوباترة" و "إهداء المسلة" يحكي القنصل ملابسات التفريط الغريب في إهداء "مسلة كليوباترة" لمدينة نيويورك فيقول: "... إن فكرة الحصول على مسلة لمدينة نيويورك قد بدأت عام 1877 ولقد نشأت هذه الفكرة عن الأنباء الواردة في الصحف بشأن العمل الجاري في نقل مسلة الإسكندرية إلى لندن، أما باريس فقد كان لديها مسلة سلفا، فلِم لا تُجامل نيويورك تلك المدينة العظيمة في العالم الجديد بنفس الطريقة؟"، (كان هذا تساؤل القنصل الأمريكي لإقتناص مكسب هائل لبلاده ولم يكن هناك للأسف من غيور يتساءل لمصر: ولماذا، إذا كان ولا بد من التفريط في كنوز البلاد، نعطي هذه المسلات، التي لا تقدر بمال، هدايا مجانية للمدن المذكورة ولا نجعلها مقابل التنازل عن التعويضات من جانبهم؟ ثم ماهي قصة تلك التعويضات التي كان على مصر سدادها للولايات المتحدة سنة 1877؟ آآآآآه يامصر!)، نعرف من حكاية القنصل أنه بعد المشادات والمراسلات وتشبث إنجلترا (؟!) و"تسامح" مصر (!) تتمكن الولايات المتحدة بفضل قنصلها الهمام من الحصول على مسلة مصرية "هدية" لنيويورك! يقول القنصل: "... عرفت أنه قد قامت بعض الإعتراضات الخاصة بالنسبة لكل مسلة وذلك لأن النفوذ الأوروبي قد تكتل ضدي وأن مطالبة الإنجليز بمسلة الأقصر لم تكن إلا نتيجة لهذا التكتل ..." ــ ( كأن مصر وكالة من غير بواب يتشاجر اللصوص على نهبها عيني عينك!) ــ يكمل القنصل كلامه: "... قال شريف باشا: أظنك تفضل مسلة الإسكندرية أليس كذلك؟ فأجبت قائلا إن هذه المسلة في مكان يسهل معه نقلها عن المسلات الأخرى، فأجاب شريف باشا: حسنا لقد قررنا أن نعطيها لكم!"ــ ( مع ذلك كان حضرة شريف باشا واعيا والحمد لله فقد أخبرنا القنصل الأمريكي أن شريف باشا لم ينس أن يؤكد له أن مصاريف نقل المسلة يجب أن تتكفل بها الولايات المتحدة أو مدينة نيويورك! ياسلاااااااااااااام! هكذا تكون الحيطة وإلا فلا!).
في 26 يونيو 1879 الموافق 6 رجب 1296 تم عزل الخديو إسماعيل، وتنصيب ابنه محمد توفيق باشا خلفا له، ويذكر القنصل "فارمان" أن الخديو صاح ساعة تلقيه خبر عزله من السلطان العثماني: "أهذا ما أناله جزاء إرسالي إبان حكمي 20 مليونا من الجنيهات الإسترلينية ......إلى القسطنطينية ؟" ــ (طبعا لايمكن أن يكون الخديو إسماعيل قد قال "القسطنطينية" بدلا من الآستانة أو إستامبول، لكن القنصل المتعصب لم يعترف مرة واحدة ولو على سبيل السهو بأن القسطنطينية لم يعد لها وجودعلى خريطة العالم.)
خارج هذا الكتاب حاولت أن أنعش ذاكرتي بمعلومات عن الخديو إسماعيل بن ابراهيم باشا بن السفاح محمد علي باشا، المولود 31 \12\1830 والمتوفي في منفاه بالآستانة 2 \ 3\ 1895، وعرفت من الحاسوب أنه تزوج 14 زوجة ومستولدة وأنه أنجب منهن ما مجموعه 14؛ 8 أولاد و5 بنات، حكم مصر منهم: الخديو توفيق بن زوجته شفق، والسلطان حسين كامل بن زوجته نور، والملك فؤاد بن زوجته فريال، وتساوت فترة حكمه لمصر 16 سنة مع أعوام نفيه خارجها البالغة 16 سنة.
Published on November 18, 2013 04:08
November 17, 2013
عيد ميلاد صاحبة السمو الإنساني فريال بنت فاروق ملك مصر السابق:
تعددت اللقاءات التلفزيونية مع الأميرة السابقة فريال بنت الملك المعزول فاروق، الذي تأتي الذكرى 61 لرحيله عن مصر يوم 26 يوليو 1952، مبحرا في يخته المحروسة معززا مكرما بعد أن أعلن المذياع بصوت جلال معوض:" وقد تفضل جلالته فوافق على المطلبين" وهما : تنازله عن العرش لإبنه الرضيع أحمد فؤاد الثاني وتركه البلاد.
كنت قد شاهدت لقاءها الأول يوم الجمعة 19/10/2007 على قناة إم بي سي، ثم تابعت لقاءاتها الأخرى على الشبكة العنكبوتية بشغف نوستالجي يحن إلى ذكريات الطفولة ويفصل تماما ، بقاعدة لا تزر وازرة وزر أخرى، بينها وبين السجل غير المحبوب للأسرة العلوية، منذ أمسك مؤسسها الدموي الإستبدادي محمد علي بناصية مصر عام 1805.
الأميرة فريال، طفلة جيلي الأولى، تصغرني بعام وثلاثة أشهر، عن يوم مولدها نشرت مجلة "الهلال" في عددها ديسمبر 1938 في الصفحة الثالثة صورة الأمر الملكي إلى: "حضرة صاحب المقام الرفيع رئيس مجلس الوزراء، حمدا لله تعالى على ما أنعم وتفضل فقد وهب لنا من لدنه في الدقيقة الأولى من الساعة الرابعة من مساء يوم الخميس المبارك الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 1357، الموافق للساعة الثامنة من مساء اليوم السابع عشر من شهر نوفمبر سنة 1938 بقصر المنتزه مولودة أسميناها فريال... ".
في كتاب "قراءة الأطفال"، المقرر علينا في روضة الأطفال 1944 نقرأ: "هذه صورة أميرتنا المحبوبة..." تحت وجه طفلة جميلة باسمة العينين يطوق شعرها المنسدل على كتفيها شريط معقود فوق رأسها على هيئة وردة بيضاء يانعة، طالما حاولنا محاكاتها بنتائج لم تصل أبدا إلى غايتنا. أحببناها بصدق وغنينا لها بشغف، من دون غصب أو نفاق، "فريال يا فريال، يا طلعة الإقبال"، ونحن نرتدي ملابس الزهرات ونتمنى لو كانت "فريال" في وسط الدائرة ونحن محتفلات بها متحلقات حولها. لعلها كانت صلة الوصل في محبتنا الطفولية للملك والدها والملكة والدتها. لم تستفزنا في خيالاتنا عنها، بل كنا نفرح بكل صورة جديدة لها يسمح بنشرها.
في 26 يوليو 1952، لم تكن قد أكملت الرابعة عشرة، وفي صور رحيل الملك السابق فاروق على يخته المحروسة مع زوجته ناريمان ورضيعه الملك أحمد فؤاد، وبناته الثلاثة الأميرات: فريال وفوزية وفادية، كانت عيوننا تبحث عن فريال "وحدها" المأسوف عليها منا.
حين ظهر في البرنامج تنويه بصورة الأميرة الصبية فريال مأخوذة من لقطات يوم الرحيل ، انتقلت الكاميرا بعده إلى "فريال" بواقعها الذي لم نألفه. سبحان الله! أهذه أنت يا "فريال"؟ كانت وقتها مقبلة في أقل من شهر على إتمام تسعة وستين سنة بعيدا عن يوم مولدها بقصر المنتزه بالإسكندرية في الردهة القوطية، وكانت تظهر لأول مرة لنراها بعد خمس وخمسين سنة من امتناع طويل عن الظهور إعلاميا، قررته هي نفسها أو العائلة، بحثت عن المشترك بين صورتها في الذاكرة وبين واقعها وهي تخطو نحو سبعينها فلم أجد سوى عينيها الباسمتين. كان يجب أن أتريث لأسمعها تصر على أن تتكلم بالعربية وتصر على أن تشدها، ولو بصعوبة، من دون أن تخلطها بأي كلمة من لغة أجنبية، ولو كانت الفرنسية التي هي في الغالب لغتها "الأم"، تتمسك بـ "بابا" المصرية بعيدا عن papa المناداة الفرنسية للوالد، والتي لاشك أنها المناداة التي نشأت عليها، يبدو واضحا أنها أعادت صياغة نفسها وفقا لما تحب وتكره وتعديلا لما لا تفضله إلى ما تفضله ، يبدو واضحا أنها صاحبة نظرة نقدية غير محبذة لتربية القصور وأنها أخذت من المعاناة أفضل نتائجها لتصبح صاحبة لقب "السمو الإنساني" ،الذي لايمكن أن ينزعة عنها أحد، بديلا عن "السمو الملكي" الذي لا فضل لها فيه.
رويدا رويدا، وأنا أتابع لقاءاتها، أرى"فريال"، الطفلة النضرة ذات الشريط المعقود وردة بيضاء فوق رأسها، تنسحب "مظهرا"، لتنبعث من روح هذه السيدة، البالغة السبعين ، طفلة أكثر نضارة وحيوية ومرحا، تقدم قلبها "وردة بيضاء" وأراها بلقبها، المولود من قدرتها على الطفو فوق الصعوبات، "صاحبة السمو الإنساني"، تقول بعزة: "أنا مصرية مسلمة"، "أنا حجيت مرة واحدة وعملت كذا عمرة .." ، "أنا في يد الله"، "أعوذ بالله"، "أحب الحقول لأنها خضراء ومافيش أسوار"، "السرايات مش ملكنا... ملك الوطن"، "أقول بلاش رمي الأكل حرام..نشيله في الثلاجة ونسخنه وناكله ثاني يوم"!
وجهها مغسول بعيدا عن محاولات التزين وعمليات التجميل. تتكلم بتلقائية وذكاء وخفة ظل، تتجنب الأذى فلا يصدر عنها أو يأتي إليها. ترفض تعبير "لعنة القدر"، بل تكاد تقنعنا بأن القدر فضل لها الخلاص من القصور الملكية التي تسميها "قفصا" ـ أي سجنا أو معزلا تلفه الأسوار ـ حيث كانت لغة القصر الملكي هي الفرنسية أو التركية، وحيث لم تكن ترى أو تختلط بأطفال في مثل عمرها سوى شقيقتيها، "فوزية" التي ولدت عام 1940، و"فادية" التي جاءت بعدها عام 1942، فهي ضحية تربية ملكية خاطئة وجافة وجانية، تفضل لأطفالها العزل مع مربيات أجنبيات، جنسا ولغة ودينا، لتكرس ذلك الانفصال والتعالي بين الأسرة الملكية، وحاشيتها، وتوابعها، وبين الشعب المصري ولغته ودينه وثقافته.
تنطق حضرة صاحبة السمو الإنساني "فريال" بحلاوة كلمة "الوطن"، وتقول "أنا مصرية والمصريين أخواتي وأنا شعبية وأتكلم مع الشعبيين مش مع الوزراء" ، في سياق كلامها بعامية مصرية ركيكة وضحلة، تلمس مستوى عامية غير المتعلمين الذين كانوا مصدرها الأول في التقاط قدرة التحدث بالعربية، وهي مع ذلك وعلى الرغم من القصور اللغوي الواضح، استطاعت أن تغزل فصاحتها وبلاغتها مع معوقات التعثر في التعبير بلغة عربية، فصحى أو عامية، ترقى إلى مستوى أفكارها النبيلة وسماحتها الإنسانية، متمشية مع المثل المصري الدارج "الشاطرة تغزل برجل حمار"، وأنا أسوق هذا المثل متعمدة لأنني رأيتها فرحة جدا عندما استطاعت أن تستشهد بمثل مصري يقول: "يوم بصل ويوم عسل"، وبعد أن قالت إنها تحب الحيوانات لأنها: "مش بوشين" – أي ليست منافقة بوجهين.
تمنيت لو سمعت قلبي يقول لها: أيتها المواطنة المصرية فريال؛ يا صاحبة السمو الإنساني، صدقيني لو قلت لك أنه في أيام ارتجافك من البرد والوحدة في "السرايات الملكية"، كنا على استعداد لنكون معطفا دافئا لك، فقط لو كانوا قد فتحوا "القفص" لتخرجي إلينا!
إنتقلت فريال إلى رحمة الله يوم الأحد 29 نوفمبر 2009 بمدينة جنيف بسويسرا عن عمر يناهز 71 عاما بعد معاناة مع مرض سرطان المعدة استمر سبع سنوات.
Published on November 17, 2013 12:35
November 15, 2013
من تجارب القسوة التي بلا ضرورة:
أبلة إحسان أبو زوبع
توفى والدي 4 \ 4 \ 1944 فكان علينا أن ننتقل من محرم بك الإسكندرية إلى عباسية القاهرة ومن ثمّ صرت، بعد أن دفعت والدتي المصروفات الباهظة 27 جنيها كاملة جنيه ينطح جنيه، التلميذة الجديدة بالسنة الثالثة بروضة أطفال العباسية الملحقة بمدرسة العباسية الإبتدائية بميدان الاسبتالية الفرنساوي بين شارع السرجاني وشارع سبيل الخازندار في السنة الدراسية 1944 \ 1945، وكانت أبلة إحسان أبو زوبع مؤلفة كتاب "قراءة الأطفال"، الفخيم أبو جلدة خضراء سميكة وصفحات مزركشة جميلة ومرسومة بإتقان، هي رئيسة الروضة ومُدرِّستها الوحيدة المتحكمة في كل أحوالها لولا زغرة زاجرة لها من رئيستها الطيبة؛ ناظرة المدرسة الإبتدائية وروضتها الملحقة، التي غالبا ماتأتي في محلّها ولو متأخّرة. من اللحظة الأولى لم تحبني أبلة إحسان أبو زوبع لأن الناظرة أبلة خديجة أحمد أرغمتها على قبولي مُحوّلة من الإسكندرية وهي لا تريد تلاميذ غير تربية يدها من أولى روضة حتى السنة الثالثة النهائية في مرحلة الروضة.
تجهمت أبلة إحسان أبو زوبع في وجهي، لا يخفف من قسوة قلبها معرفتها أنني طفلة تيتّمت من والدها منذ شهور قليلة، أراها لطيفة مع كل زملائي الأطفال ما عداي؛ تبتسم في وجوههم ولا تكترث بالنظر إليّ، بالطبع لم يعجبني الحال خاصة أنها كانت تخص آمال السنهوري وحدها بالقراءة في حصّة المطالعة، أنا لي ولع بأداء القراءة فلماذا لا تتاح لي فرصة للقراءة أنا كذلك؟ رفعت يدي وقلت: "يا أبلة أنا عاوزة أقرأ"! إندهشت أبلة إحسان أبو زوبع: "عاوزة إييييه؟"، قلت بثبات: "أقرأ زي آمال"!
كانت آمال السنهوري، مُدللة أبلة إحسان وأولى الفصل، بيضاء سوداء الشعر خضراء العينين تقرأ بشطارة وتعزف البيانو بمارش يصاحب ذهابنا طابورا إلى قاعة المطعم في فسحة الغداء، لا بأس أنا لست غيرانة منها لكن: "أنا عاوزة" أثبت جدارتي في إتقان القراءة. من دون أي توقع مني واجهتني أبلة إحسان أبو زوبع بشخطة هستيرية: " إطلعي برّه الفصل واستنيني هناك"! روّعني قرار الطرد من الفصل ووجدتني أنفطر من البكاء. أخذتني بالتهديد إلى غرفة المدرسات تمهيدا لتتسلمني الظابطة "نينوى" وتذهب بي إلى حضرة الناظرة! مازلت، أنا طفلة السابعة من العمر، لا أفهم الجرم الذي ارتكبته لأستحق كل هذا الغضب من أبلة إحسان أبو زوبع. لم يتوقف بكائي إندهاشا وألما: "أنا بس كنت عاوزة أقرأ"! تقدمت مني أبلة شريفة مدرسة الحساب بالمدرسة الإبتدائية؛ ربتت عليّ وأخذتني في حضنها: " جرى إييييييه ياإحسااااااان حرام عليك"! ضاعف حنانها من بكائي و زادته شهقاتي، ومازلت بعد كل هذه السنوات الكثيرة (68 سنة) لا أنسى قسوة أبلة إحسان أبو زوبع ورحمة أبلة شريفة واحتضانها الذي دفع عني الظلم وطيب خاطرى!
Published on November 15, 2013 22:01
عرفت هذه المعلومات فأحببت أن أنعش بها ذاكرة من يريد إنعاش...
عرفت هذه المعلومات فأحببت أن أنعش بها ذاكرة من يريد إنعاش ذاكرته بشئ حلو:
صهيب الرومي وهو صهيب بن سنان النمري الربعي، صحابي من صحابة النبي محمد أسلم مبكرا في دار الأرقم وجهر بإسلامه ولقي في ذلك تعذيبا من قريش.[1] شهد جميع مشاهد وغزوات النبي محمد معه.[2]
هو: صهيب بن سنان بن مالك ويقال خالد بن عبد عمرو بن عقيل ويقال طفيل بن عامر بن جندلة بن جذيمة ويقال خزيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس مناة بن النمر بن قاسط وهي إحدى قبائل ربيعة. ويروى أن اسمه كان عميرة فسماه الروم صهيبا بعد سبيهم له.[3] أمه: سلمى بنت قعيد بن مهيص بن خزاعي بن مازن التميمية.[4] صفته[عدل]
وكان صهيب رجلًا أحمر شديد الحمرة، ليس بالطويل ولا بالقصير وهو إلى القصر أقرب، وكان كثير شعر الرأس، وكان يخضب بالحناء.[4]
كان أبوه سنان بن مالك، أو عمه، عاملًا لكسرى على الأبلة في الموصل، ويقال كانوا في قرية على شط الفرات مما يلي الجزيرة والموصل فأغارت الروم عليهم فسبت صهيبا وهو غلام صغير، فقال عمه: أنشد بالله الغلام النمري دج به الروم وأهلي بالنبي والنبي اسم القرية التي كان أهله بها فنشأ صهيب بين الروم فصار ألكن ثم ابتاعته منهم قبيلة كلب ثم قدمت به مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان القرشي منهم فأعتقه فأقام معه بمكة إلى أن مات ابن جدعان وبُعث النبي محمد فأسلم. وأما ولده فيقولون أنه حين بلغ وعقل بعد سبي الروم له هرب منهم حتى قدم مكة فحالف عبد الله بن جدعان وأقام معه.[4]
أسلم مبكرا هو وعمار بن ياسر في يوم واحد حين التقيا عند باب دار الأرقم يريدان سماع النبي محمد وكان إسلامها بعد إسلام بضعة وثلاثين رجلا.[5] حينما أراد صهيب الهجرة من مكة إلى المدينة نصف شهر ربيع الأول تبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته ثم قال: يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا، وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شئ، فافعلوا ما شئتم، فإن شئتم دللتكم على مالي وخليتم سبيلي، فقالوا: "نعم"، ففعل. فقدم المدينة وهو رمد قد أصابته مجاعة شديدة فلما وصل قباء وجد بها والنبي محمد مع أبي بكر وعمر فأقبل يأكل التمر فقال النبي محمد: «تأكل الرطب وأنت رمد» فقال صهيب: إنما آكله بشق عيني الصحيحة! فتبسم النبي محمد ثم قال صهيب لأبي بكر: وعدتني أن نصطحب فخرجت وتركتني، وقال للنبي محمد : وعدتني يا رسول الله أن تصاحبني فانطلقت وتركتني فأخذتني قريش فحبسوني فاشتريت نفسي وأهلي بمالي. فقال له النبي محمد: «ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع» ونزلت فيه آية من القرآن هي: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ثم قال صهيب: يا رسول الله ما تزودت إلا مدا من دقيق عجنته بالأبواء حتى قدمت عليك، ونزل في المدينة على سعد بن خيثمة الأوسي.
حوادثه مع الصحابة[عدل]
مر أبو سفيان على سلمان وصهيب وبلال فقالوا : "ما أخذت السيوف من عنق عدو الله مأخذها"، فقال لهم أبو بكر: "أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها" ثم أتى النبي وأخبره بالذي قالوا فقال له النبي محمد: «يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، والذي نفسي بيده لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك» فرجع لهم أبو بكر فقال: " يا إخواني لعلي أغضبتكم " فقالوا: "يا أبا بكر يغفر الله لك".[7]قال له عمر بن الخطاب:[5] "يا صهيب ما لك تكنى أبا يحيى وليس لك ولد وتقول إنك من العرب وأنت رجل من الروم وتطعم الطعام الكثير وذلك سرف في المال؟" فقال صهيب:صهيب الرومي إن رسول الله، كناني أبا يحيى، وأما قولك في النسب وادعائي إلى العرب فإني رجل من النمر بن قاسط من أهل الموصل ولكن سُبيت، سبتني الروم غلاما صغيرا بعد أن عقلت أهلي وقومي وعرفت نسبي، وأما قولك في الطعام وإسرافي فيه فإن رسول الله، كان يقول: "إن خياركم من أطعم الطعام ورد السلام"، فذلك الذي يحملني على أن أُطعم الطعام صهيب الرومي روايته للحديث[عدل]
روى عنه من الصحابة عبد الله بن عمر وجابر وأولاده، ومن التابعين كعب الأحبار، وسعيد بن المسيب وعبد الرحمن ابن أبي ليلى، وأسلم مولى عمر، وجماعة. وروي أنه كان يقول: هلموا نحدثكم عن مغازينا فأما أن أقول قال رسول الله فلا.
Published on November 15, 2013 08:32
اليوم ذكرى الوطني القدوة المجاهد محمد فريد الذي رحل عن دنيانا 15 نوفمبر 1919

Published on November 15, 2013 08:08
ما يمكن أن يقوله الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء الآن ...
ما يمكن أن يقوله الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء الآن هو: "آخر خِدمة الغُز علقة."!
مقال عبد الناصر سلامة اليوم بالأهرام إعلان حرب صريح على كل قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل وكل أحلام الشعب المصري بالعزة والكرامة؛ "معدش فيها كسوف..."، الجناكزة ، (أتباع جانكيز خان)، على أسنة رماحهم يتحدثون بالباطل ليزهقوا به الحق، ولكن وعد الله سبحانه هو : " بل نقذف بالحق على الباطل فيزهقه فإذا هو زاهق"، بالتأكيد: إن الباطل كان زهوقا يا عبد الناصر القديم والمُسمى على اسمه، إن الله لا يحب الفساد، وليس هناك أكثر فسادا من الظلم والقهر والاستبداد.
Published on November 15, 2013 04:23
November 14, 2013
من حكم الشعراء:
معن بن أوس شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم وهو من صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلمشاعر فحل مجيد، من مخضرمي الجاهلية والإسلام ويعتبر من أشعر أهل الإسلام كما كان زهير بن أبي سلمى المزني من أشعر أهل الجاهلية.اسمه ونسبة: هو معن بن أوس بن نصر بن زياد بن أسعد بن أسحم بن ربيعه بن عدي بن ثعلبه بن ذؤيب بن عداء بن عثمان بن مزينه بن اد بن طابخه بن مضر بن نزار.
من أشهر قصائده تلك التي قال فيها:
فيا عجباً لمن ربيت طفلاً ألقمه بأطراف البنانأعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رمانيأعلمه الفتوة كل وقت فلما طر شاربه جفانيوكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني
من أشهر قصائده تلك التي قال فيها:
فيا عجباً لمن ربيت طفلاً ألقمه بأطراف البنانأعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رمانيأعلمه الفتوة كل وقت فلما طر شاربه جفانيوكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني
Published on November 14, 2013 23:01