صافي ناز كاظم's Blog, page 12
September 26, 2013
التطرف العلماني يحكم:
سكتنا له دخل بحماره!
فيما عبر عنه بعض الكتاب بأنه التطرف العلماني مقابل التطرف الديني، والإرهاب، و«الدينوقراطية»! تتبدى الحقيقة التي لا لبس فيها وهي أن الخلط، (الذي اعتمده البعض بالمصطلحات غير الإسلامية ومحاولة إقحامها على «الإسلام»، قاصدين أو جاهلين، مثل «الأصولية»، و«الثيوقراطية»، و«المدني» و«الديني»، حتى صارت مفردات النقد والنقاش والجدال و«المحاور» الثقافية)، قد أدى بنا، في منطقتنا العربية والإسلامية إلى زياط وهرج ومرج والتباسات شديدة تخلقت معها فتن عظيمة أوصلتنا إلى الالتصاق بظهورنا إلى الحائط لنقول بصوت واهن: «الإرهاب ليس الإسلام، الإرهاب غير المقاومة، يمكننا أن نكون مسلمين وغير إرهابيين... إلخ». وفي هذا الركن المتخاذل المهين، الذي زُجّ بنا فيه، تشجعت عقيرة الأعداء المتوارين ليعلنوها صراحة: «لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين». كأن «الإسلام» مجرد «دين». كأن رسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لم يقرأ علينا تنزيل الوحي الإلهي في سورة «النساء»، الآية 65: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً»، وكأن الخليفة الراشد أبو بكر لم يقرر «سياسة» حكمه بهذه المقولة الحاسمة: «أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم».
لقد قلت منذ سنوات بعيدة للأستاذ الدكتور لويس عوض، وكان يكتب عن «الثيوقراطية»، أي الدولة الدينية في تاريخ الحضارة الغربية: «يا دكتور نحن لسنا على استعداد لسداد فواتير أخطاء الكنيسة الغربية وما فعلته بالدول الأوربية!».
العقيدة الراسخة لدى المواطن المسلم، على أرض الإسلام، أنه يجب أن يُحكم بالإسلام وقوانين الإسلام، ومنذ أرغمنا في بلادنا على صياغة القوانين وفقاً للقانون الروماني تارة، والفرنسي تارة أخرى، وغيرهما، ومحاولة تمريرهما على الناس بكلمة غير فعالة تقول في الدستور: «دين الدولة الإسلام»، منذ ذلك الحين ونحن في ارتباك شديد وتخليط لا يرضى عنه أحد، فلا هو أراح المواطن المسلم، ولا هو أراح غير المسلم، ولا هو أشبع العلماني اللا ديني الذي يجهر الآن بالمطالبة بإلغاء فقرة «دين الدولة الإسلام» من الدستور، لتكتمل أركان «الدولة المدنية»، التي يرونها أملهم المنشود لتكبيل المسلم على أرضه وإغلاق فمه إلى الأبد فلا ينطق بحرف من قانون الشرع الإلهي، وتتحول شهادته: «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، إلى همسة خافتة يتعهد بها في صلاته ويخالفها على مدار حياته اليومية، ويصبح كل معارض لهذا «المصير»: أصولياً، إرهابياً، ثيوقراطياً، متآمراً على «الدولة المدنية»! ومن لا يصدقني يتفضل بمراجعة مسيرة تلك الحرب المُعلنة على الإسلام، من قبل سنة رئاسة محمد مرسي وأخطاء الإخوان المسلمين ومن قبل تخاريف زيد وعبيد وتشويهات التديُن الفظ، وهاكم على سبيل المثال مقال نشرته جريدة «القاهرة»، التي تصدر بالقاهرة عن وزارة الثقافة المصرية، بتاريخ 20/12/2005، صفحة 8، تحت عنوان : «أبعاد المؤامرة الأصولية على علمانية مصر ومستقبلها الاجتماعي» بقلم طلعت رضوان، وكذلك مقال مراد وهبة في مجلة «المصور» القاهرية، بتاريخ 23/12/2005، بعنوان: «من السنهوري إلى البشري»!
إن خندق العلمانيين واللادينيين به الذي لا يُعد ولا يُحصى من الافتراء على دين الله الحق بما يُثلج القلوب القاسية التي لا ترتاح إلا بإذلال المسلمين و تهميشهم على أرضهم إفساحا لحرية كل ملّة ودين إلا ملّتهم ودينهم، هؤلاء الذين يزكون اليوم تركيا الكمالية ضربا لأي تنفس إسلامي له حق التعبير عن غالبية الشعب التركي. وصدق المثل القائل: «سكتنا له، دخل بحماره»!>
فيما عبر عنه بعض الكتاب بأنه التطرف العلماني مقابل التطرف الديني، والإرهاب، و«الدينوقراطية»! تتبدى الحقيقة التي لا لبس فيها وهي أن الخلط، (الذي اعتمده البعض بالمصطلحات غير الإسلامية ومحاولة إقحامها على «الإسلام»، قاصدين أو جاهلين، مثل «الأصولية»، و«الثيوقراطية»، و«المدني» و«الديني»، حتى صارت مفردات النقد والنقاش والجدال و«المحاور» الثقافية)، قد أدى بنا، في منطقتنا العربية والإسلامية إلى زياط وهرج ومرج والتباسات شديدة تخلقت معها فتن عظيمة أوصلتنا إلى الالتصاق بظهورنا إلى الحائط لنقول بصوت واهن: «الإرهاب ليس الإسلام، الإرهاب غير المقاومة، يمكننا أن نكون مسلمين وغير إرهابيين... إلخ». وفي هذا الركن المتخاذل المهين، الذي زُجّ بنا فيه، تشجعت عقيرة الأعداء المتوارين ليعلنوها صراحة: «لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين». كأن «الإسلام» مجرد «دين». كأن رسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لم يقرأ علينا تنزيل الوحي الإلهي في سورة «النساء»، الآية 65: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً»، وكأن الخليفة الراشد أبو بكر لم يقرر «سياسة» حكمه بهذه المقولة الحاسمة: «أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم».
لقد قلت منذ سنوات بعيدة للأستاذ الدكتور لويس عوض، وكان يكتب عن «الثيوقراطية»، أي الدولة الدينية في تاريخ الحضارة الغربية: «يا دكتور نحن لسنا على استعداد لسداد فواتير أخطاء الكنيسة الغربية وما فعلته بالدول الأوربية!».
العقيدة الراسخة لدى المواطن المسلم، على أرض الإسلام، أنه يجب أن يُحكم بالإسلام وقوانين الإسلام، ومنذ أرغمنا في بلادنا على صياغة القوانين وفقاً للقانون الروماني تارة، والفرنسي تارة أخرى، وغيرهما، ومحاولة تمريرهما على الناس بكلمة غير فعالة تقول في الدستور: «دين الدولة الإسلام»، منذ ذلك الحين ونحن في ارتباك شديد وتخليط لا يرضى عنه أحد، فلا هو أراح المواطن المسلم، ولا هو أراح غير المسلم، ولا هو أشبع العلماني اللا ديني الذي يجهر الآن بالمطالبة بإلغاء فقرة «دين الدولة الإسلام» من الدستور، لتكتمل أركان «الدولة المدنية»، التي يرونها أملهم المنشود لتكبيل المسلم على أرضه وإغلاق فمه إلى الأبد فلا ينطق بحرف من قانون الشرع الإلهي، وتتحول شهادته: «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، إلى همسة خافتة يتعهد بها في صلاته ويخالفها على مدار حياته اليومية، ويصبح كل معارض لهذا «المصير»: أصولياً، إرهابياً، ثيوقراطياً، متآمراً على «الدولة المدنية»! ومن لا يصدقني يتفضل بمراجعة مسيرة تلك الحرب المُعلنة على الإسلام، من قبل سنة رئاسة محمد مرسي وأخطاء الإخوان المسلمين ومن قبل تخاريف زيد وعبيد وتشويهات التديُن الفظ، وهاكم على سبيل المثال مقال نشرته جريدة «القاهرة»، التي تصدر بالقاهرة عن وزارة الثقافة المصرية، بتاريخ 20/12/2005، صفحة 8، تحت عنوان : «أبعاد المؤامرة الأصولية على علمانية مصر ومستقبلها الاجتماعي» بقلم طلعت رضوان، وكذلك مقال مراد وهبة في مجلة «المصور» القاهرية، بتاريخ 23/12/2005، بعنوان: «من السنهوري إلى البشري»!
إن خندق العلمانيين واللادينيين به الذي لا يُعد ولا يُحصى من الافتراء على دين الله الحق بما يُثلج القلوب القاسية التي لا ترتاح إلا بإذلال المسلمين و تهميشهم على أرضهم إفساحا لحرية كل ملّة ودين إلا ملّتهم ودينهم، هؤلاء الذين يزكون اليوم تركيا الكمالية ضربا لأي تنفس إسلامي له حق التعبير عن غالبية الشعب التركي. وصدق المثل القائل: «سكتنا له، دخل بحماره»!>
Published on September 26, 2013 00:20
September 25, 2013
مانشيت وتعليق:
# "لا أحزاب على أساس ديني"!
مانشيت جريدة الأهرام.
# لا أحزاب على أي أساس!
ما خطر على بالي فورا.
مانشيت جريدة الأهرام.
# لا أحزاب على أي أساس!
ما خطر على بالي فورا.
Published on September 25, 2013 23:10
اليوم أحتفل بعيد ميلاد بابا شارو وعائشة صالح:
بابا شارو هو الرائد الإذاعي النابغة محمد محمود شعبان الذي غذى طفولة جيلي بأروع مستوى من التربية والتعليم والتثقيف والإمتاع عبر برنامجه: "حديث الأطفال" الذي كان يذاع الجمعة في العاشرة صباحا والثلاثاء في الخامسة والنصف عصرا، وهو صاحب "ألف ليلة وليلة" و "الأغاني للأصفهاني" و "مرزوق" (صاحب السلطانية)، و"الراعي الأسمر" و الكثير من الأعمال الإذاعية الباهرة؛ وقد وُلد 25 سبتمبر 1912 وتوفي إلى رحمة الله 9 يناير 1999، ويوم ميلاده يوافق يوم ميلاد زميلتي وصديقتي الغالية عائشة صالح المولودة 25 سبتمبر 1934 والمتوفية 2 يناير 2011، وأعيد هنا ملابسات وفاتها إهمالا كما كتبتها في حينها.
عائشة صالح التي لم يمهلها المرض
ربما لايكون عنواني دقيقا، ربما كان الأوفق أن أقول: التي قتلها خطأ المعالجة الطبية وتهرب المسؤول. عائشة مرضت فجأة لكنها ذهبت، صباح الأربعاء 29\12\2010، على قدميها المستشفى للعلاج مستبشرة وتتوقع العودة لبيتها في اليوم نفسه، كما أفهمها الطبيب، تسألني الدعاء أن تكون الخطوة التمهيدية "البسيطة" كافية للدخول في العملية الرئيسية الناجعة المنتظرة للقضاء على العلّة يوم الأحد 2\1\2011. لم تتم الأمور كما ينبغي فقد فشل الطبيب في إتمام "الخطوة" وأخفى فشله وتنصّل. وجدنا عائشة في حالة مُبهمة لايمد لها الطبيب فيها يد العون على مدى أربعة أيام طويلة عريضة، لا تأكل ولا تشرب ولا تزوّد بالمحاليل، حتى أغاثها الله سبحانه بالرحيل، فجر اليوم الذي كان قد تحدد، وهْما، لإجراء العملية الأحد 2\1\2011، وهكذا سافرت عائشة صالح إلى "البلد المجهول الذي لايمكن لأحد أن يعود منه"، على حد قول وليام شكسبير في وصفه الموت!
عائشة صالح صديقتي وزميلتي التي لا يعوضني عنها أحد، وتفسير ذلك يأتي في سياق مقالي "سر الكتابة عند عائشة صالح"، الذي كتبته في حياتها وأحب أن أعيد نشره اليوم على ساحة "المصور" التي جمعتنا لسنوات.***
سر الكتابة" عند عائشة صالح هو: أن يريد ناشرها كتابتها بحماس، فينطلق قلمها على الفور، وهذا هو "سر الكتابة" عندي كذلك، بل لعله سر الكتابة على وجه العموم. عندما تغضب عائشة صالح تبلغ حد خصام نفسها، تقصف قلمها بيدها لا بيد غيرها، وتلقي بمكتبها من الشباك، وتعلن القطيعة الكاملة مع كل النوافذ. ساعتها أهرع إليها وأبذل كل جهدي لإنتشالها من الغرق والخشية تتملكني من أن تشدني دوامة غضبها معها ونختفي سويا تحت عنف التيارات.
عائشة صالح صديقتي، بل هي من أعز صداقاتي رغم أن لقاءاتي معها يمكن أن أعدها على أصابع يدي، لكننا نتواصل هاتفيا كل صباح. صداقتي الحميمة بكتاباتها كانت الأصل، فأنا من هؤلاء الذين تبدأ صداقاتهم أولا بالكتابة فإذا تمكنت مني صرت أبحث عنها وعن صاحبها، شوقا إلى الفن وحماسا للإجادة وإخلاصا للعناية.
تنشر عائشة صالح هنا أو هناك وأنا وراء كتابتها أينما كانت قارئة فرحانة بفنها في كتابة المقال والحوار ورسم الشخصية ولا يمكن أن يفوتني السطر من كتابتها.
حين ندخل مقال عائشة صالح نجدها براحتها؛ تفرش بساطها وتشرب قهوتها وتسقي زرعتها وتتكلم عفويتها بخواطرها وتداعياتها ومقاطعاتها، ساخرة من نفسها، وإن لم تنس أن تضرب بشكل مباغت من تسول له نفسه الدوس على طرفها. تختار موضوعاتها وشخصياتها لتنسج معها علاقة تفاعل؛ تحاور الشخصية لتطرح بالحوار كل مايعن لها طرحه وقوله والتنويه عنه.
عند لحظة فعلها "الكتابة" يشرئب معها التاريخ والثقافة والكتب التي تتغذى عليها كدودة الحرير، تخرج تجاربها مع الإنصاف والخذلان وحين تطفو أشجانها تجدف لها بالقفشات حتى تنجو من بحر الغم. إذاكنا نفهم معنى "مونو دراما"، الذي ينفرد فيه الممثل على خشبة المسرح، يمكننا أن نرى حالتها "مونو كتابة" حين تنفرد عائشة صالح وحدها على الصفحات: مستغرقة، ناسية الزمن والمساحة؛ تضحك وتبكي وتواسي وتتجهم وتشخط ثم يصعب عليها المشخوط فيه فتتأسف، وتلطش ثم تراجع نفسها متسامحة مبررة هفوات البشر وعثراتهم.
لم أنس أبدا مقالاتها في المصور عن زوزو نبيل وياسمين الحصري وفي الكواكب عن شريهان، وعناوين أخرى دفعتني للبحث عن هاتفها لأخبرها عن سروري بعد كل قراءة.
طبيعة أسلوب عائشة صالح صنعة لطافة تتطلب فرد الكلام على الورق بخط يدها "الرهيب". تتعدى كتابتها، في الحد الأدنى، الخمسة آلاف كلمة، مما قد ينتج مناوشة: اختصري ولا أختصر، فتتجلط دورة النشر بغضب عائشة وتقف السدّة في شريان العطاء إلي أجل غير مسمى؛ فكتابتها فن يؤذيه الاختصار؛ يكسر ايقاعه وينزع منه فتيل التأجج المطلوب والسحب الضروري لـ "صنعة اللطافة"، أما حين يسمح المجال ويتم النشر أندفع لأخابرها فأجدها سعيدة كصبية تنشر لأول مرة، منشرحة لمشاريع من العمل والعطاء.
تحية لك ياعائشة صالح!
***
..............وإني والله لمحزونة!
عائشة صالح التي لم يمهلها المرض
ربما لايكون عنواني دقيقا، ربما كان الأوفق أن أقول: التي قتلها خطأ المعالجة الطبية وتهرب المسؤول. عائشة مرضت فجأة لكنها ذهبت، صباح الأربعاء 29\12\2010، على قدميها المستشفى للعلاج مستبشرة وتتوقع العودة لبيتها في اليوم نفسه، كما أفهمها الطبيب، تسألني الدعاء أن تكون الخطوة التمهيدية "البسيطة" كافية للدخول في العملية الرئيسية الناجعة المنتظرة للقضاء على العلّة يوم الأحد 2\1\2011. لم تتم الأمور كما ينبغي فقد فشل الطبيب في إتمام "الخطوة" وأخفى فشله وتنصّل. وجدنا عائشة في حالة مُبهمة لايمد لها الطبيب فيها يد العون على مدى أربعة أيام طويلة عريضة، لا تأكل ولا تشرب ولا تزوّد بالمحاليل، حتى أغاثها الله سبحانه بالرحيل، فجر اليوم الذي كان قد تحدد، وهْما، لإجراء العملية الأحد 2\1\2011، وهكذا سافرت عائشة صالح إلى "البلد المجهول الذي لايمكن لأحد أن يعود منه"، على حد قول وليام شكسبير في وصفه الموت!
عائشة صالح صديقتي وزميلتي التي لا يعوضني عنها أحد، وتفسير ذلك يأتي في سياق مقالي "سر الكتابة عند عائشة صالح"، الذي كتبته في حياتها وأحب أن أعيد نشره اليوم على ساحة "المصور" التي جمعتنا لسنوات.***
سر الكتابة" عند عائشة صالح هو: أن يريد ناشرها كتابتها بحماس، فينطلق قلمها على الفور، وهذا هو "سر الكتابة" عندي كذلك، بل لعله سر الكتابة على وجه العموم. عندما تغضب عائشة صالح تبلغ حد خصام نفسها، تقصف قلمها بيدها لا بيد غيرها، وتلقي بمكتبها من الشباك، وتعلن القطيعة الكاملة مع كل النوافذ. ساعتها أهرع إليها وأبذل كل جهدي لإنتشالها من الغرق والخشية تتملكني من أن تشدني دوامة غضبها معها ونختفي سويا تحت عنف التيارات.
عائشة صالح صديقتي، بل هي من أعز صداقاتي رغم أن لقاءاتي معها يمكن أن أعدها على أصابع يدي، لكننا نتواصل هاتفيا كل صباح. صداقتي الحميمة بكتاباتها كانت الأصل، فأنا من هؤلاء الذين تبدأ صداقاتهم أولا بالكتابة فإذا تمكنت مني صرت أبحث عنها وعن صاحبها، شوقا إلى الفن وحماسا للإجادة وإخلاصا للعناية.
تنشر عائشة صالح هنا أو هناك وأنا وراء كتابتها أينما كانت قارئة فرحانة بفنها في كتابة المقال والحوار ورسم الشخصية ولا يمكن أن يفوتني السطر من كتابتها.
حين ندخل مقال عائشة صالح نجدها براحتها؛ تفرش بساطها وتشرب قهوتها وتسقي زرعتها وتتكلم عفويتها بخواطرها وتداعياتها ومقاطعاتها، ساخرة من نفسها، وإن لم تنس أن تضرب بشكل مباغت من تسول له نفسه الدوس على طرفها. تختار موضوعاتها وشخصياتها لتنسج معها علاقة تفاعل؛ تحاور الشخصية لتطرح بالحوار كل مايعن لها طرحه وقوله والتنويه عنه.
عند لحظة فعلها "الكتابة" يشرئب معها التاريخ والثقافة والكتب التي تتغذى عليها كدودة الحرير، تخرج تجاربها مع الإنصاف والخذلان وحين تطفو أشجانها تجدف لها بالقفشات حتى تنجو من بحر الغم. إذاكنا نفهم معنى "مونو دراما"، الذي ينفرد فيه الممثل على خشبة المسرح، يمكننا أن نرى حالتها "مونو كتابة" حين تنفرد عائشة صالح وحدها على الصفحات: مستغرقة، ناسية الزمن والمساحة؛ تضحك وتبكي وتواسي وتتجهم وتشخط ثم يصعب عليها المشخوط فيه فتتأسف، وتلطش ثم تراجع نفسها متسامحة مبررة هفوات البشر وعثراتهم.
لم أنس أبدا مقالاتها في المصور عن زوزو نبيل وياسمين الحصري وفي الكواكب عن شريهان، وعناوين أخرى دفعتني للبحث عن هاتفها لأخبرها عن سروري بعد كل قراءة.
طبيعة أسلوب عائشة صالح صنعة لطافة تتطلب فرد الكلام على الورق بخط يدها "الرهيب". تتعدى كتابتها، في الحد الأدنى، الخمسة آلاف كلمة، مما قد ينتج مناوشة: اختصري ولا أختصر، فتتجلط دورة النشر بغضب عائشة وتقف السدّة في شريان العطاء إلي أجل غير مسمى؛ فكتابتها فن يؤذيه الاختصار؛ يكسر ايقاعه وينزع منه فتيل التأجج المطلوب والسحب الضروري لـ "صنعة اللطافة"، أما حين يسمح المجال ويتم النشر أندفع لأخابرها فأجدها سعيدة كصبية تنشر لأول مرة، منشرحة لمشاريع من العمل والعطاء.
تحية لك ياعائشة صالح!
***
..............وإني والله لمحزونة!
Published on September 25, 2013 01:53
September 24, 2013
مع صلاح عبد الصبور مرّة أخرى:
بوركت وقدة الظهيرة،
النور يجلد العيون؛
تعشى لا ترى من البيوت والبشر
سوى مُكعبات لونِ وحجر!
Published on September 24, 2013 08:49
September 23, 2013
المزيد من تأملات صلاح عبد الصبور في زمن جريح:
أواه يا نور الضحى،
ملأت قلبي فزعا وترحا
لأنني رأيت فوق ما أردت أن أرى!
Published on September 23, 2013 10:49
September 22, 2013
يحتفلون اليوم ببلوغ محمد حسنين هيكل التسعين، وهاكم مشاركتي:
.. هيكل يطل من الفضائية كأنه ناصح أمين!
ليس لي كلما رأيته يطل في زماننا كأنه ناصح أمين سوى أن أستدعي ذكرياتي وأكرر تساؤلاتي:
هل يتصور الأستاذ محمد حسنين هيكل أن معاصريه قد ماتوا كلهم، فلا أحد هناك بقى ليقول له: اتق الله؟
لم أكن في يوم من الأيام من المعجبين بالأستاذ هيكل، منذ بدأت طالبة صحافة أتمرن في دار أخبار اليوم نوفمبر 1955 وأنا في الثامنة عشرة من عمري. كان "علي ومصطفى أمين"، رحمهما الله رحمة واسعة، صاحبي الدار ورئيسي تحرير الجريدة اليومية "الاخبار" والأسبوعية "أخبار اليوم"، وكان نجم الدار الاول هو الاستاذ محمد حسنين هيكل مؤلف كتاب "إيران فوق بركان"، الكتاب الثالث من سلسلة "كتاب اليوم" الصادر مايو 1951. كان على ومصطفى أمين في طريقهما إلى بلوغ الثانية والأربعين، وكان هو قد احتفل ببلوغه الثانية والثلاثين ويرأس تحرير مجلة "آخر ساعة"، يحتل غرفة مصطفى أمين السابقة في الدور الأول من بناية أخبار اليوم 6 شارع الصحافة، قبل أن ينتقل التوأمان إلى الطابق الأخير، الذي يطل على عشوائيات عشش الترجمان.
على الرغم من حكاية "الطابق الأخير" وأناقته وغرفة سكرتاريته التي تضم أكثر من ثلاثة، منهم الكاتبة نعم الباز، إلا أننا لم نشعر أبدا برهبة "الرئاسة" وخوف "التسلط" من المالكين للمال وسياسة التحرير. كانت الصحافة لا تزال بطقسها "الكاجوال"؛ الصغير لا ينحني للكبير والكبير لا يبطش بالصغير، ولمن يحاول، هناك صعود مباشر لصاحبي الدار والشكوى لهما من طغيان من يريد أن يتجبر ويقل ذوقه، فيتم فورا جبر الخاطر للصغير وإعادة الكبير إلى مساره السوي. كانت كل الأبواب مفتوحة، وكانت مهمة السكرتارية فقط هي تنسيق الدخول والانصراف للزائرين كافة. في ظل هذا الطقس الحر الكريم، الذي تربينا عليه مهنيا في دار أخبار اليوم على يد الأستاذين علي ومصطفى أمين، وتربى عليه من قبلنا الأستاذ هيكل، وتمتع به تمتعا كاملا أتاح له البروز والتألق والانتشار، كان هيكل في "آخر ساعة" يؤلف مدرسته المضادة لمنهج الأخوين الديموقراطي: الباب المغلق، الدائرة المغلقة من مجموعة الصحافيين المخصوصة، العازلة، بين هيكل وبقية "شعب" أخبار اليوم! وكنت أشعر، وأنا في تلك السن الصغيرة، أنني لست بحاجة أبدا إلى الاقتراب منه، لا أحادثه ولا أحييه ولا أبادره بابتسامة من تبحث عنده عن فرصة تعلّم مهنية. يهمسون: صديق عبد الناصر فأتعجب: لماذا لاتجعله هذه الصداقة أكثر اقترابا من الناس وأكثر تراحما مع زملائه؟
لم يلبث الأمر حتى أخذه عبد الناصر ليكون رئيسا لتحرير "الأهرام"، وصاحبها من دون حق امتلاك "شرعي"، وأصبح واضحا التوحد بين عبد الناصر \"السلطة"، وبين هيكل المعبر عن مصالح السلطة والشارح لأهدافها وقراراتها والمبتكر لمصطلحاتها. أعطاه عبد الناصر مبنى "الأهرام" الجديد، الهائل في مواجهة مبنى "أخبار اليوم" الذي تضاءل أمامه يوما بعد يوم، وانكمشت معه مدرسة صحافة "الأبواب المفتوحة"، لتنتفش مدرسة الاحساس المتضخم بالأهمية. وجثم هيكل بأهرامه ومنهجه الإستبدادي على صدر الصحافة المصرية وصحافييها. وأصبح رواد المقاهي من الشعراء والأدباء المهمشين الساخرين يتهكمون ويطلقون عليه "باستيل" الصحافة، إشارة الى سجن الباستيل الفرنسي الشهير الذي كان سقوطه أشهر انتصارات الثورة الفرنسية. اقتنى هيكل كبار الكتاب المصريين، يتباهى بهم في حضرة عبد الناصر لتنحني، مع رؤوسهم، هامات انجازاتهم السابقة قبل أن يسلسلهم باستيل هيكل ويجعلهم يسقطون في أعين أترابهم، ومن كانوا يوما من المقدرين لقدرهم.
في يوم من الأيام، 1968 أو 1969، كنت مع أصدقاء في مقهى الشاي بالهيلتون ومعنا الأديب الدكتور يوسف ادريس والكاتب لطفي الخولي وزوجته ليليان أرقش، وإذا بي أرى يوسف إدريس يكاد يبكي وهو يشكو للطفي الخولي، أن سكرتيرة هيكل (نوال المحلاوي) تعامله بفظاظة و تمنعه من مقابلته. غلى الدم في عروقي، وكنت ساعتها من أشد المقدّرين لفن يوسف إدريس وأراه قوميتي الأدبية، فانبريت أعبر بغضب شديد عن رأيي بأن ظفر أدب يوسف إدريس برقبة كل ما يكتبه هيكل، وأن الواجب أن يطرق هيكل باب يوسف إدريس طالبا التشرف بمقابلته وليس العكس. لم يسعد يوسف إدريس بطول لساني، ارتبك وخاف، تصوّروا؟، وقبل أن ينطق لطفي الخولي بكلمة كان هو المعتذر له عن تطاولي!
هكذا أفسد هيكل من جرى تسميتهم "النخب" و"رموز" مصر، مستفيداً من اقترابه من عبد الناصر، ولو كان حضرته حقا مفكرا وهاديا وعارفا "اللحظات الفارقة" لما أضاع على عبد الناصر، وعلى مصر من ورائه، اللحظات الذهبية، والفرص الباهرة، التي أتاحتها المرحلة من 1952 حتى 1970، والتي كانت قادرة على تحقيق المعجزات لمصر والوطن العربي والشرق الاوسط، و... فلسطيييييين!
لقد توفرت لعبد الناصر عناصر نجاح وانتصار، لم تتوفر لغيره: 1ـ الاجماع العربي، 2ـ محبة الشعب له حتى درجة البلاهة، التي مازال الكثير غارقا فيها، 3ـ الانصياع لقراراته وأوامره بيقين أنه ثقة و يعني ما يقول، 4ـ مناخ التأييد العالمي لحقوق التحرر ونهضة الشعوب ضد القوى الاحتلالية الامبريالية... الخ، ومع ذلك فإن عبد الناصر ضل وأضل، يوافقه ويدعمه الاستاذ محمد حسنين هيكل بالتبريرات والتعميات والتجهيلات، ثم يأتي، بلا حياء، الآن ليواصل سفسطته كأنه الحكيم الذي لو واتته الفرصة لنفع بها عباد الله!
لو أن حضرته حقا كان "الحكيم"، الذي يريد أن يلبس اليوم سمته، لفعل ما فعل بيدبا مع الملك الجبار دبشليم، ولقال لعبد الناصر مثلما قال بيدبا لدبشليم:"... أقمت فيما خُوّلت من المُلك وورثت من الأموال والجنود، فلم تقم في ذلك بحق ما يجب عليك، بل طغيت وبغيت وعتوت وعلوت على الرعية، وأسأت السيرة، وعظمت منك البلية، وكان الأولى بك أن.... تحسن النظر برعيتك، وتسن لهم سنن الخير الذي يبقى بعدك ذكره... فإن الجاهل المغتر من استعمل في أموره البطر والأمنية، والحازم اللبيب من ساس الملك بالمداراة والرفق"!
لكن محمد حسنين هيكل لم يقم بواجبه وغرّته الأماني وعليه أن يدرك، وقد بلغ التسعين، أنه مفلس ولا يملك ذرة مصداقية تخوّله لحق التّوعية أوالإدلاء بأي شهادة، ناهيك عن الإطلالة من طاقة عنوانها:"النُصح للبلاد والعباد"!
Published on September 22, 2013 17:34
حول هاملت: تعليقات وردود.




Published on September 22, 2013 01:34
إعادة للإفادة:
فن كتابة:
درس من هاملت
تعمد شكسبير في مسرحيته "هاملت" أن يجعل هوراشيو راويا للقصة، فهوراشيو هو صديق هاملت الذي يعرفه حق المعرفة، وقد راقب من البداية ملابسات أحواله، وتفصيلات مآزقه المعقدة في مواجهة عمه الفاسد كلوديوس، الذي قتل والد هاملت واغتصب عرشه وزوجته، (أم هاملت).
هوراشيو هو المثقف الواعي الذي يقف مع الشعب لكنه يعلو برأسه المفكر الذي قرأ التاريخ الإنساني وفهم حاضره السياسي، وامتلأ قلبه بالحب نحو البشر وصدره بإدراك قوتهم وضعفهم، فأصبح مزيجا من الحكمة يرسمها، شكسبير في قول هاملت: "هوراشيو إنك لرجل شريف، لن ألتقي بمثيله.... أنت الذي اختارته نفسي منذ أن بدأت تميز بين الناس، لأنك كالذي عانى كل شيء فأصبح بذلك لا يعاني شيئا، يتلقى من الأقدار الخير والشر بامتنان واحد، وطوبى لهؤلاء الذين يتوازن عندهم العقل والعاطفة، فلا يصبحون مزمارا في يد الحظ يعزف عليه ما يشاء، اعطني هذا الرجل الذي يرفض أن يكون عبدا لأهوائه وسوف أضعه في قلب قلبي..".
من الفصل الأول نرى هوراشيو بين الحراس ينتظر ليختبر بنفسه ماهية الشبح الذي يشبه الملك السابق، هاملت والد هاملت، في رداء الحرب ويظهر كل ليلة بعد انتصاف الليل، ليختفي عند صياح الديك في الفجر، يطالب ابنه الأمير هاملت بالثأر له من قاتله، ويستمر هوراشيو على طول المسرحية وعرضها وعمقها، مراقبا ومحللا وسندا ناصحا لهاملت، فهو الفاهم لأدق مشاعره وآلامه، وحين يتخلى برهة، في المشهد الأخير، عن عقلانيته ويحاول أن يقتل نفسه لأنه لن يتحمل الحياة بعد رحيل هاملت، يمنعه هاملت وهو يوصيه بأن يستمر على قيد الحياة، مبينا أن بقاءه على قيد الحياة هو التضحية الحقيقية التي يقدمها لصديقه هاملت "أه يا إلهي، هوراشيو، تعلم كم سيجرح اسمي من بعدي، لو ظلت الأشياء هكذا غير معروفة... تحمل التنفس بصعوبة، في هذا العالم القاسي، لتحكي قصتي..".
يتحمل هوراشيو مسؤولية رواية قصة هاملت بدوافعها الحقيقية كما أرادها شكسبير، وقد أراد في بناء شخصية هاملت أن يطرحه ممثلا للحق ضد الباطل؛ الذي تشخصن في الملك الفاسد القاتل كلوديوس، ولنا أن نتخيل كيف يمكن أن تتشوه الأحداث لو أنها سردت من خلال كلوديوس وحاشيته لذلك يتعمد شكسبير أن يحكي حكاية هاملت عن لسان هوراشيو، لأنها تختلف عما لو كانت عن لسان أمه، أو عن بولونيوس رئيس الوزراء ومستشار كلوديوس وجاسوس السلطة المتلصص المتصنت؛ إن أم هاملت، التي تزوجت عمه قاتل والده، وبولونيوس السياسي الفاسد، طرفان في القوة المعادية لهاملت، يقفان بمصالحهما وأخطائهما في معسكر كلوديوس، ولذلك فهما لا بد أن يريا حزن هاملت النبيل اكتئابا مرضيا، ووقفته العنيدة أمام جرائم كلوديوس ميولا انتحارية عبثية، وتأملاته، لإعادة ترتيب أوراقه وامتحان قدراته، ترددا وعجزا عن الفعل، ويحسبان انفجاره جنونا؛ عندما يكتشف أن براءة أوفيليا، حبيبته، تستغل للإيقاع به فيعتبر أن إستغلالها لاختراقه ومعرفة خططه، نوع من هتك العفة، و لايفهمان محاولته انتشال أمه من براثن الإثم الذي ارتكبته بالزواج من قاتل منحل، فيتهمانه بالوقاحة والعقوق والمشاعر غير الطبيعية.
قصد شكسبير ألا تكون رواية قصة هاملت بلسان شخصية من شأنها أن تسيئ تفسيره فكان من الضروري أن نرى في اختياره لهوراشيو "راويا" المفتاح الذي تجاهله، للأسف، كثير من النقاد عن بصر كفيف، أو عن عمد في بعض الأحيان، مع أنه المفتاح الوحيد الذي علينا أن ندخل به المسرحية لتتوهج أمامنا، بلا لبس أو تشويش، الإضاءات الباهرة.
Published on September 22, 2013 01:03
September 21, 2013
بعد قراءة صحيفة الأهرام، التي لا أقرأ سواها، أجدني أردد هذه الأبيات لصلاح عبد الصبور التي كتبها في زمن القهر الناصري و ازدهار تسلّط الأجهزة الأمنية على خلق الله بالظلم والعدوان وما فعله هيكل في الناس:
الأبنية المرصوصة في وجه المارين سجون،
سجانوها الحيطان وقرب الإنسان من الإنسان،
سجنا أبديا يامسجون!
........................
........................
الحمد لنعمته من أعطانا هذا الليل،
صمت الأشياء وسادتنا،
والظلمة فوق مناكبنا،
ستر وغطاء،
الحمد لنعمته من أعطانا الِوحده،
لنعود إليها حين يموت اليوم الغارب،
ونلم الأشلاء،
الحمد لنعمته من أعطانا ألا نختار رسم الأقدار،
فلو اخترنا لاخترنا أخطاء أكبر،
وحياة أقسى وأمر،
وقتلنا أنفسنا ندما؛ ثمن الحرّية،
مادمنا أحرار!
..............
ياهذا المفتون البسّام الداعي للبسمات،
نبئني، ماذا أفعل فأنا أتوسّل بك،
هل أغمس عيني في قمر الليل؟
أم أقتات الأعشاب المُرّة والورقا؟
أم أفتح بابي للأشباح وأدعوها وأطاعمها،
وأقدّمها للألواح الممدودة حول خواني
وأقوم خطيبا فيهم: أحبابي ! إخواني!
أم أبكي حين يُجنّ الليل،
وأغفو دمعي في فوديْ؟
أم أضحك في مرآتي وحدي؟
إن كنت حكيما نبئني كيف أُجنُّ
لأحس بنبض الكون المجنون
لا أطلب عندئذ فيه العقلَ!
Published on September 21, 2013 01:32
September 20, 2013
صلاة الطغاة!
للمسرحي الإنجليزي وليام شكسبير (المولود في أبريل 1564 والمتوفي في أبريل 1616) كلمات جاءت على لسان الملك «كلوديوس» في مسرحية «هاملت». الملك (كلوديوس) قاتل وداعر وفاسد ومن جرائمه العديدة قتله أخاه الملك هاملت (والد الأمير هاملت ) والزواج من الملكة أرملة أخيه، واغتصابه العرش من وريثه الشرعي الأمير هاملت. ولكي يحافظ على مكاسب جرائمه ملأ القصر الملكي بحاشية فاسدة تتولى مهام قذرة من تجسس ومراقبة وخطط لاغتيال الأمير هاملت. هذا الملك الفاسد خطر له أن يصلي، متصورا أنه يمكن أن يستحوذ على كل شيء: الدنيا والآخرة. وفعلا أخذ نفسه إلى «حالة» الصلاة وأخذ يبتهل إلى جسده أن يخشع قائلا، بما أترجمه عن النص الإنجليزي على مسؤوليتي: «انحنيا يا ركبتي العنيدتين، وأنت أيها القلب، بشرايين من حديد، كن طريا، مثل عضلات طفل وليد».
لكن لا أمل أمام السفاح «كلوديوس» المعترف بجرائمه، وقد عددها قائلا: «إن جريمتي منتنة، تصل رائحتها إلى السماء، لا يمكنني الصلاة، رغم أن رغبتي فيها معها إصراري، إن إثمي الكبير يهزم إصراري، لقد ازدادت يدي سمكا، بدماء أخي، هل هناك في رحمة السماوات، الماء الكافي لغسل يدي، وتكون بيضاء كالثلج؟ ما هي وظيفة الرحمة، إن لم تكن لمواجهة الذنب؟ لكن أي شكل من الصلاة أقول؟ هل أقول: اغفر لي يا ربي، جريمة قتلي البشعة؟ هذا لا يمكن، طالما أنني لا أزال أمتلك الغنائم التي من أجلها ارتكبت جريمتي، هل يمكن أن يُغفر لي، مع استبقائي لغنائم جريمتي؟ هذا ممكن في مجريات هذا العالم الفاسد، فمن الممكن ليد الجريمة الثرية أن تزيح العدالة جانبا، وغالبا ما نرى الرشوة الوغدة، تشتري القانون، ولكن الأمر ليس هكذا في السماء، فليس فيها أي إمكانية للتلاعب!، آه يا نفسي الملعونة، آه يا صدري الأسود كالموت، آه يا روحي الواقعة في الفخ، تصارع من أجل الفكاك، فتزداد قيودها، النجدة، يا ملائكة».
بنهاية هذه المحاولة الميئوس منها، للصلاة، يعترف المجرم القاتل كلوديوس بالفشل مرددا هذه الحكمة:
«كلماتي تطير، وأفكاري تظل هابطة. كلمات بلا نية معقودة على التوبة، لا يمكن أن تقبلها السماء»!
لكن لا أمل أمام السفاح «كلوديوس» المعترف بجرائمه، وقد عددها قائلا: «إن جريمتي منتنة، تصل رائحتها إلى السماء، لا يمكنني الصلاة، رغم أن رغبتي فيها معها إصراري، إن إثمي الكبير يهزم إصراري، لقد ازدادت يدي سمكا، بدماء أخي، هل هناك في رحمة السماوات، الماء الكافي لغسل يدي، وتكون بيضاء كالثلج؟ ما هي وظيفة الرحمة، إن لم تكن لمواجهة الذنب؟ لكن أي شكل من الصلاة أقول؟ هل أقول: اغفر لي يا ربي، جريمة قتلي البشعة؟ هذا لا يمكن، طالما أنني لا أزال أمتلك الغنائم التي من أجلها ارتكبت جريمتي، هل يمكن أن يُغفر لي، مع استبقائي لغنائم جريمتي؟ هذا ممكن في مجريات هذا العالم الفاسد، فمن الممكن ليد الجريمة الثرية أن تزيح العدالة جانبا، وغالبا ما نرى الرشوة الوغدة، تشتري القانون، ولكن الأمر ليس هكذا في السماء، فليس فيها أي إمكانية للتلاعب!، آه يا نفسي الملعونة، آه يا صدري الأسود كالموت، آه يا روحي الواقعة في الفخ، تصارع من أجل الفكاك، فتزداد قيودها، النجدة، يا ملائكة».
بنهاية هذه المحاولة الميئوس منها، للصلاة، يعترف المجرم القاتل كلوديوس بالفشل مرددا هذه الحكمة:
«كلماتي تطير، وأفكاري تظل هابطة. كلمات بلا نية معقودة على التوبة، لا يمكن أن تقبلها السماء»!
Published on September 20, 2013 15:26