فهمي هويدي's Blog, page 5
May 16, 2017
الدفاع عن المشترك واجب الوقت
صحيفة السبيل الأردنيه الأربعاء 20 شعبان 1438 – 17 مايو 2017الدفاع عن المشترك واجب الوقت – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_16.html
أريد أن أسجل شهادة تقدير وإجلال لقضاة مجلس الدولة، على نزاهتهم وتمسكهم باستقلالهم واستقرار أعرافهم. التقدير واجب أيضا لزميلنا الأستاذ حمدي رزق الكاتب بجريدة «المصري اليوم»، الذي كان ــ فيما أعلم ــ الوحيد في الإعلام المكتوب الذي جرؤ على إعلان التضامن معهم، إذ دعا الرئيس السيسي فيما كتبه يوم الاثنين ١٥/٥ إلى اعتماد مرشح الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة لرئاسة المجلس إكراما للقضاء واحتراما لاستقلاله.
صحيح أن ذلك التضامن عبر عنه نشطاء شرفاء آخرون في تغريداتهم التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، لكن صوت هؤلاء لم يصل إلي الإعلام المقروء والمرئي، ناهيك عن أن جريدة «الأهرام» «العريقة» تجاهلت الخبر من أساسه. فلم تشر إلى أن مستشاري مجلس الدولة رشحوا المستشار يحيي دكروري رئيسا، ورفضوا ترشيح ثلاثة من أقدمهم ليختار الرئيس واحدا منهم، طبقا لما جاء في القانون الجديد الذي أقره مجلس النواب.
وفي حين ضنَّ الأهرام على قارئه أن يحاط علما بذلك الخبر المهم والمثير، فإنها أبرزت على الصفحة الأولى أخبار تمويل مشروعات الصرف الصحي وتعادل فريق النادي الأهلي مع زاناكو وغضب المدرب إيناسيو من لاعبيه!
وإذ أضم صوتي إلى دعوة الرئيس للتجاوب مع قرار الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة، فإنني أتضامن أيضا مع ما ذكره الأستاذ حمدي رزق من أن ذلك التجاوب المنشود ــ إذا تم ــ فإنه سيعد علامة قوة وثقة وليس علامة ضعف، وإن المنتصر في هذه الحالة هو الحكمة والحق والعدل، وليس القضاة وحدهم. فضلا عن أنه سيزيل الشبهات التي أثيرت حول خلفيات تعديل قانون السلطة القضائية، وأشارت إلى أن الهدف منه هو استبعاد تولي المستشار دكروري لرئاسة مجلس الدولة، رغم أن ذلك حق له باعتباره الأقدم بين أقرانه. وذلك عقابا له على إصداره حكما لصالح مصرية الجزيرتين.
نعلم أن موقف قضاة مجلس الدولة لم يكن له دوافع سياسية كما أنه ليس تعبيرا عن معارضة السلطة، ولكنه كان تمسكا باحترام الدستور وتشبثا باستقلال القضاء.
إذ لم يختلف أحد على أن التعديل الذي أدخل على اختيار رؤساء الهيئات القضائية كان بمثابة عدوان علي ذلك الاستقلال، رفضته كل تلك الهيئات، بل أزعم أنه ينتسب إلى فكرة «شبه الدولة» التي جري انتقادها في الخطاب الرسمي، باعتبار أن من شأنه إضعاف مؤسساتها وتفريغ استقلالها من مضمونه.
لا أعرف صدى قرار قضاة مجلس الدولة في أوساط الهيئات القضائية الأخرى. وإن تمنيت أن تتبنى تلك الهيئات الموقف ذاته، ليكون ذلك مدعاة لإعادة النظر في القانون، بما يعزز استقلال القضاء ويحفظ له تقاليده وهيبته، وبما يفتح الباب لتدارك الخطأ الذي وقع فيه البرلمان.
أنتهز الفرصة لأسجل أن الدفاع عن استقلال القضاء في جوهره هو دفاع عن قوة الدولة ومؤسسات المجتمع، وأذكر بأن القضاة والمدعين العامين في الولايات المتحدة هم من أوقفوا الرئيس ترامب عند حده، حين قرر حرمان رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة.
كما أذكر بأن موضوع استقلال القضاء يتصدر قائمة الملفات والعناوين التي ينبغي أن تسمو فوق أي خلاف بحيث تظل ضمن دائرة الإجماع الوطني الذي انفرط عقده خلال السنوات الأخيرة جراء الخلافات التي شاعت في الفضاء السياسي المصري. وهو ما سوغ قبول البعض مثلا بالعديد من صور انتهاكات حقوق الإنسان، التي استشرت حتى أصبحت وباء يعاني منه الجميع.
لقد خسر المصريون كثيرا حين شغلوا بالصراع حول ما هم مختلفون عليه. وكان الوطن أول الخاسرين. وأحسب أننا صرنا الآن أحوج ما نكون لكي نفتح أعيننا للالتفاف حول المشترك الذي نحن متفقون عليه. وعناوين ذلك المشترك كثيرة لو تعلمون.
.....................
أريد أن أسجل شهادة تقدير وإجلال لقضاة مجلس الدولة، على نزاهتهم وتمسكهم باستقلالهم واستقرار أعرافهم. التقدير واجب أيضا لزميلنا الأستاذ حمدي رزق الكاتب بجريدة «المصري اليوم»، الذي كان ــ فيما أعلم ــ الوحيد في الإعلام المكتوب الذي جرؤ على إعلان التضامن معهم، إذ دعا الرئيس السيسي فيما كتبه يوم الاثنين ١٥/٥ إلى اعتماد مرشح الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة لرئاسة المجلس إكراما للقضاء واحتراما لاستقلاله.
صحيح أن ذلك التضامن عبر عنه نشطاء شرفاء آخرون في تغريداتهم التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، لكن صوت هؤلاء لم يصل إلي الإعلام المقروء والمرئي، ناهيك عن أن جريدة «الأهرام» «العريقة» تجاهلت الخبر من أساسه. فلم تشر إلى أن مستشاري مجلس الدولة رشحوا المستشار يحيي دكروري رئيسا، ورفضوا ترشيح ثلاثة من أقدمهم ليختار الرئيس واحدا منهم، طبقا لما جاء في القانون الجديد الذي أقره مجلس النواب.
وفي حين ضنَّ الأهرام على قارئه أن يحاط علما بذلك الخبر المهم والمثير، فإنها أبرزت على الصفحة الأولى أخبار تمويل مشروعات الصرف الصحي وتعادل فريق النادي الأهلي مع زاناكو وغضب المدرب إيناسيو من لاعبيه!
وإذ أضم صوتي إلى دعوة الرئيس للتجاوب مع قرار الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة، فإنني أتضامن أيضا مع ما ذكره الأستاذ حمدي رزق من أن ذلك التجاوب المنشود ــ إذا تم ــ فإنه سيعد علامة قوة وثقة وليس علامة ضعف، وإن المنتصر في هذه الحالة هو الحكمة والحق والعدل، وليس القضاة وحدهم. فضلا عن أنه سيزيل الشبهات التي أثيرت حول خلفيات تعديل قانون السلطة القضائية، وأشارت إلى أن الهدف منه هو استبعاد تولي المستشار دكروري لرئاسة مجلس الدولة، رغم أن ذلك حق له باعتباره الأقدم بين أقرانه. وذلك عقابا له على إصداره حكما لصالح مصرية الجزيرتين.
نعلم أن موقف قضاة مجلس الدولة لم يكن له دوافع سياسية كما أنه ليس تعبيرا عن معارضة السلطة، ولكنه كان تمسكا باحترام الدستور وتشبثا باستقلال القضاء.
إذ لم يختلف أحد على أن التعديل الذي أدخل على اختيار رؤساء الهيئات القضائية كان بمثابة عدوان علي ذلك الاستقلال، رفضته كل تلك الهيئات، بل أزعم أنه ينتسب إلى فكرة «شبه الدولة» التي جري انتقادها في الخطاب الرسمي، باعتبار أن من شأنه إضعاف مؤسساتها وتفريغ استقلالها من مضمونه.
لا أعرف صدى قرار قضاة مجلس الدولة في أوساط الهيئات القضائية الأخرى. وإن تمنيت أن تتبنى تلك الهيئات الموقف ذاته، ليكون ذلك مدعاة لإعادة النظر في القانون، بما يعزز استقلال القضاء ويحفظ له تقاليده وهيبته، وبما يفتح الباب لتدارك الخطأ الذي وقع فيه البرلمان.
أنتهز الفرصة لأسجل أن الدفاع عن استقلال القضاء في جوهره هو دفاع عن قوة الدولة ومؤسسات المجتمع، وأذكر بأن القضاة والمدعين العامين في الولايات المتحدة هم من أوقفوا الرئيس ترامب عند حده، حين قرر حرمان رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة.
كما أذكر بأن موضوع استقلال القضاء يتصدر قائمة الملفات والعناوين التي ينبغي أن تسمو فوق أي خلاف بحيث تظل ضمن دائرة الإجماع الوطني الذي انفرط عقده خلال السنوات الأخيرة جراء الخلافات التي شاعت في الفضاء السياسي المصري. وهو ما سوغ قبول البعض مثلا بالعديد من صور انتهاكات حقوق الإنسان، التي استشرت حتى أصبحت وباء يعاني منه الجميع.
لقد خسر المصريون كثيرا حين شغلوا بالصراع حول ما هم مختلفون عليه. وكان الوطن أول الخاسرين. وأحسب أننا صرنا الآن أحوج ما نكون لكي نفتح أعيننا للالتفاف حول المشترك الذي نحن متفقون عليه. وعناوين ذلك المشترك كثيرة لو تعلمون.
.....................
Published on May 16, 2017 14:28
May 15, 2017
ترامب إذ يبيع لنا «الترام» فى زيارته – المقال الأسبوعي
صحيفة الشروق الجديد المصريه الثلاثاء 19 شعبان 1438 – 16 مايو 2017ترامب إذ يبيع لنا «الترام» فى زيارته – فهمي هويدي – المقال الأسبوعي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_15.html
- زيارة ترامب للمنطقة ستصبح «تاريخية» حقا، لأنها ستكون أكبر مقلب شربناه
(1)
يوم الخميس الماضى ١١/٥ توجه وفد ضم بعض أعضاء الفريق الأمنى للرئيس دونالد ترامب إلى مقر الكونجرس فى مهمة تتعلق بترتيب أول زيارة خارجية للرئيس الأمريكى. كان على رأس الوفد الجنرال هربرت ماكماستر مستشار الأمن القومى، ومن بين أعضائه زوج ابنة الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر.
اجتمع الفريق مع رؤساء لجان الخارجية والخدمات المسلحة فى مجلس الشيوخ، كما التقوا مع ممثلين لمجلس النواب، واستعرضوا فى تلك الاجتماعات جدول الزيارة والمحادثات الأمنية والاستراتيجية التى سيجريها الرئيس الأمريكى فى الرياض.
وكانت تلك الخطوة ضرورية قبل الزيارة، ليس فقط لإطلاع النواب المنتخبين على الخطوات التى تتخذها الإدارة بخصوص السياسة الخارجية، ولكن أيضا لأن الرئيس يعتزم التوقيع على صفقة سلاح كبرى للمملكة يفترض أن تشمل تزويدها بأسلحة متقدمة، من بينها نظام «ثاد» الصاروخى، الذى يتصدى للصواريخ البالستية، وطبقا للقانون فإن أى صفقة سلاح توافق الإدارة على بيعها يجب أن يبلغ بها الكونجرس مسبقا فضلا عن الوزارات المعنية بطبيعة الحال.
قبل زيارة الفريق الأمنى للكونجرس، عقد وزير الخارجية السعودى عادل الجبير مؤتمرا صحفيا فى مقر السفارة السعودية بواشنطن، تحدث فيه عن الزيارة «التاريخية» التى يعتزم الرئيس ترامب القيام بها للمملكة فى مستهل جولته التى تبدأ يوم الجمعة ١٩/٥.
ومما قاله إنها ستشهد ثلاث قمم، واحدة ثنائية مع الملك سلمان والثانية خليجية مع قادة مجلس التعاون الخليجى الذين سيدعون إلى الرياض للمشاركة فى الاجتماع نصف السنوى لمجلس التعاون الخليجى. القمة الثالثة ستكون مع قادة بعض الدول العربية والإسلامية المشاركة فيما سمى التحالف العسكرى الإسلامى لمكافحة الإرهاب الذى دعت السعودية إلى تشكيله فى أعقاب الانقلاب فى اليمن والتدخل العسكرى الذى قامت به لمساندة وإعادة نظامها الشرعى.
(2)
غاية ما تعرفه من الإعلام ما قيل عن أن الزيارة «تاريخية» وأن لها صلة ما بصفقة «القرن» التى أطلق عنوانها فى واشنطن قبل أسابيع، وهلل له البعض وتخوف منها آخرون، وكنت ضمن الآخرين.
بالتالى ففى حين أحيط الكونجرس الأمريكى علما بالموضوع فإن متابعتنا للزيارة ومقاصدها ظلت معتمدة على ما تنشره وسائل الإعلام الغربية، وعلى ما يشيع فى مجتمعاتنا من تكهنات واستنتاجات.
صحيح أننا وقفنا على ما أعلن بخصوص محطات الرحلة، لكن مقاصدها وخلفياتها تركت لتخميناتنا وتحليلات المعنيين بالأمر منا.
إذ عرفنا مثلا أن الرئيس الأمريكى قصد زيارات بلدان الديانات الثلاث، فاختار السعودية رمزا للعالم الإسلامى، وإسرائيل ممثلة لليهود والفاتيكان باعتبارها رمزا للعالم المسيحى. ثم بعد ذلك سيعرج على بروكسل وصقلية حيث يحضر فى الأولى اجتماعات حلف شمال الأطلسى (الناتو)، ويحضر فى الثانية اجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع.
المحللون الغربيون أجابوا على السؤال لماذا صمم البرنامج على ذلك النحو قائلين إن واضعيه أرادوا تحقيق عدة أهداف. أحدها الإعلان ضمنا عن أن ثمة نقلة جديدة فى السياسة الأمريكية تثبت حضورها فى الشرق الأوسط وزعامتها للعالم. قالوا أيضا إن الرئيس ترامب أراد أن يحسن صورته خارج الولايات المتحدة، لكى يطوى صفحة الصورة السلبية له التى ظهرت إبان حملته الانتخابية، خصوصا أنه لا يزال يقابل باستياء واستهجان ملحوظين داخل الولايات المتحدة ذاتها،
أضاف هؤلاء أن فريق الرئيس الأمريكى أدرك أن تحقيق انجازات فى الخارج، خصوصا فى منطقة رخوة كالشرق الأوسط، أيسر بكثير منها فى الداخل الأمريكى، حيث لاتزال بعض مؤسساته الكبرى ــ القضاء والإعلام والمثقفون مثلا ــ تناصبه العداء، فى حين أن أغلب النظم العربية تحتفى به ولا تخفى اعجابها بسياساته.
استوقفنى فى هذه النقطة ما نشر عن المقارنة بين زيارة الرئيس السابق باراك أوباما للمنطقة فى بداية عهده (عام ٢٠٠٩) والزيارة المرتقبة للرئيس الحالى دونالد ترامب.
فالأول حين أراد أن يخاطب العالم العربى والإسلامى اعتمد معيارا موضوعيا ولم تكن لديه تحيزاته المسبقة باستثناء الدعم التقليدى لإسرائيل. لذلك فإنه اختار القاهرة وتركيا ولم يدرج إسرائيل فى برنامجه، كما أنه لم يكن بحاجة إلى تحسين صورته فى المنطقة.
أما الثانى فلديه مواقف معلنة بخصوص انحيازه لليمين الإسرائيلى وعدائه لإيران. لذلك فإنه استهدف عقد صفقة لصالح ذلك الهدف المزدوج، بما يحقق له مراده ويرفع من أسهمه. وهو ما يعنى أن زيارة أوباما كانت بريئة فى خدمة المصالح الأمريكية. أما زيارة ترامب فعنصر البراءة غائب فيها والانتهازية سمة أساسية لها.
وأوباما حين جاء إلى القاهرة فإنه اكتفى برمزيتها ولم يطلب منها شيئا، أما ترامب حين اختار السعودية فقد كانت عينه على صفقة السلاح الكبرى، وكونها بلد المبادرة العربية التى يريد توظيفها لدفع التطبيع مع إسرائيل، وفى الوقت نفسه الإفادة من رمزيتها فى إقامة الاحتشاد السنى فى مواجهة إيران الشيعية.
(3)
يوم الأحد الماضى (١٤/٥) عقد اجتماع تنسيقى فى العاصمة الأردنية عمان قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكى، اشترك فيه وزيرا خارجيتى مصر والأردن سامح شكرى وأيمن الصفدى وأمين سر التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات،
ونقلت وسائل الإعلام العربية عن المجتمعين قولهم «إن هناك آفاقا حقيقية لإحياء محادثات السلام وفقا لمبادرة السلام العربية والدفع قدما نحو تحقيق التسوية بما يؤدى إلى تجاوز الانسداد الذى أصاب عملية السلام.
كما نشر العنوان التالى فوق خبر الاجتماع التنسيقى المصرى الأردنى الفلسطينى «الرئيس الأمريكى خلق قوة دفع ايجابية للقضية».
فى نفس يوم الأحد نشرت صحيفة «هاآرتس» مقالة لمعلق الشئون العربية بالصحيفة جاكى حوكى سخر فيها من الرهانات التى تعقدها السلطة الفلسطينية والمسئولون العرب على دور الرئيس ترامب فى تسوية الصراع
وقال إنه يشك فى أن تكون الإدارة الأمريكية مؤمنة بذلك، ووصف «ضجيج ترامب الإعلامى بخصوص تعهده بحل الصراع» بأنه من مقتضيات الأمن القومى الأمريكى سيَما الحاجة إلى دور للسلطة فى الحرب على الإرهاب (الذى يقصد به قمع المقاومة الفلسطينية)،
وقال صراحة إن إعلان إدارة ترامب عن الالتزام بتحقيق تسوية سياسية للصراع، يراد به فى حقيقة الأمر «توفير البيئة التى تسمح للسلطة بالاندماج فى التحالف الإقليمى الذى تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب، الذى يضم إلى جانب إسرائيل كلا من مصر والأردن وعددا من دول الخليج.
دلل الكاتب الإسرائيلى على صحة كلامه مستشهدا بأن أول مسئول أمريكى زار رام الله كان رئيس المخابرات الأمريكية الذى جاءها للتباحث حول دور السلطة فى الحرب على الإرهاب، كما أن مدير المخابرات الفلسطينية توجه إلى واشنطن مباشرة بعد انتخاب ترامب للتوافق على الدور الذى تلعبه السلطة فى الحرب المذكورة.
أعاد صاحبنا إلى الأذهان حقيقة أن إدارة ترامب حين غازلت السلطة الفلسطينية فإن ذلك لم يكن يعبر عن توجه حقيقى لفرض تسوية سياسية مع إسرائيل، لأن الإدارة الأمريكية لا يمكن أن تساوى بين الطرفين، لسبب جوهرى هو أنها تعتبر إسرائيل الشريك الاستراتيجى الأهم للولايات المتحدة فى المنطقة
مضيفا أن ترامب لم يبلور مسارا واضحا لحل الصراع المعقد، وأن القادة الفلسطينيين بالغوا فى الرهان على تصريح مستشار الأمن القومى الأمريكى هربرت ماكماستر الذى أعلن أن ترامب سيعلن خلال زيارته تأييده لتطلع الفلسطينيين إلى تقرير المصير.
(4)
لن نبالغ إذا قلنا إذن إن ترامب سيبيع لنا «الترام» أثناء زيارته الميمونة. ذلك أن العرب لن يخرجوا منها بشىء يذكر، بل سيكونون الخاسر الأكبر من ورائها.
أما إسرائيل فهى الفائز الأكبر والأوحد. إذ إن العرب سيدفعون دفعا إلى التطبيع مع الكيان الصهيونى، دون أى مقابل يذكر،
وقد تسفر الزيارة عن استئناف المفاوضات بين أبومازن ونتنياهو. ولكن التنازل الوحيد الذى يقدمه الأخير أنه قبل بمجرد الجلوس على طاولة واحدة مع الرئيس الفلسطينى، دون أن يجد سببا واحدا يضطره لأن يقدم له شيئا،
وفى هذه الحالة سيكون العرب والمسلمون الحاضرون شهود زور ومجرد «كومبارس» يظهرون فى خلف المشهد العبثى.
من ناحية أخرى فإن الحلف الذى يراد إقامته للتصدى لإيران والذى ستشارك فيه إسرائيل بدعوى مكافحة الإرهاب، لن يصبح غطاء آخر للتطبيع فحسب، ولكنه سيكون بمثابة تقنين وتأييد للصراع بين السنة والشيعة، الذى يدخلنا فى آتون فتنة تشغل كل طرف بالاخر وتستهلك موارده وطاقاته، كما أنها ستلهيه عن التوحش والتغول الإسرائيلى، بحيث يصبح نتنياهو وحده شرطى المنطقة وراعيها.
إذا سألتنى عن مصر فى ذلك الخضم، فردى أنها باتت خارج المعادلة، ذلك أنها إما غائبة أو مغيبة، وإذا صح ذلك فلا تسألنى بعد عن العالم العربى!
............................
- زيارة ترامب للمنطقة ستصبح «تاريخية» حقا، لأنها ستكون أكبر مقلب شربناه
(1)
يوم الخميس الماضى ١١/٥ توجه وفد ضم بعض أعضاء الفريق الأمنى للرئيس دونالد ترامب إلى مقر الكونجرس فى مهمة تتعلق بترتيب أول زيارة خارجية للرئيس الأمريكى. كان على رأس الوفد الجنرال هربرت ماكماستر مستشار الأمن القومى، ومن بين أعضائه زوج ابنة الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر.
اجتمع الفريق مع رؤساء لجان الخارجية والخدمات المسلحة فى مجلس الشيوخ، كما التقوا مع ممثلين لمجلس النواب، واستعرضوا فى تلك الاجتماعات جدول الزيارة والمحادثات الأمنية والاستراتيجية التى سيجريها الرئيس الأمريكى فى الرياض.
وكانت تلك الخطوة ضرورية قبل الزيارة، ليس فقط لإطلاع النواب المنتخبين على الخطوات التى تتخذها الإدارة بخصوص السياسة الخارجية، ولكن أيضا لأن الرئيس يعتزم التوقيع على صفقة سلاح كبرى للمملكة يفترض أن تشمل تزويدها بأسلحة متقدمة، من بينها نظام «ثاد» الصاروخى، الذى يتصدى للصواريخ البالستية، وطبقا للقانون فإن أى صفقة سلاح توافق الإدارة على بيعها يجب أن يبلغ بها الكونجرس مسبقا فضلا عن الوزارات المعنية بطبيعة الحال.
قبل زيارة الفريق الأمنى للكونجرس، عقد وزير الخارجية السعودى عادل الجبير مؤتمرا صحفيا فى مقر السفارة السعودية بواشنطن، تحدث فيه عن الزيارة «التاريخية» التى يعتزم الرئيس ترامب القيام بها للمملكة فى مستهل جولته التى تبدأ يوم الجمعة ١٩/٥.
ومما قاله إنها ستشهد ثلاث قمم، واحدة ثنائية مع الملك سلمان والثانية خليجية مع قادة مجلس التعاون الخليجى الذين سيدعون إلى الرياض للمشاركة فى الاجتماع نصف السنوى لمجلس التعاون الخليجى. القمة الثالثة ستكون مع قادة بعض الدول العربية والإسلامية المشاركة فيما سمى التحالف العسكرى الإسلامى لمكافحة الإرهاب الذى دعت السعودية إلى تشكيله فى أعقاب الانقلاب فى اليمن والتدخل العسكرى الذى قامت به لمساندة وإعادة نظامها الشرعى.
(2)
غاية ما تعرفه من الإعلام ما قيل عن أن الزيارة «تاريخية» وأن لها صلة ما بصفقة «القرن» التى أطلق عنوانها فى واشنطن قبل أسابيع، وهلل له البعض وتخوف منها آخرون، وكنت ضمن الآخرين.
بالتالى ففى حين أحيط الكونجرس الأمريكى علما بالموضوع فإن متابعتنا للزيارة ومقاصدها ظلت معتمدة على ما تنشره وسائل الإعلام الغربية، وعلى ما يشيع فى مجتمعاتنا من تكهنات واستنتاجات.
صحيح أننا وقفنا على ما أعلن بخصوص محطات الرحلة، لكن مقاصدها وخلفياتها تركت لتخميناتنا وتحليلات المعنيين بالأمر منا.
إذ عرفنا مثلا أن الرئيس الأمريكى قصد زيارات بلدان الديانات الثلاث، فاختار السعودية رمزا للعالم الإسلامى، وإسرائيل ممثلة لليهود والفاتيكان باعتبارها رمزا للعالم المسيحى. ثم بعد ذلك سيعرج على بروكسل وصقلية حيث يحضر فى الأولى اجتماعات حلف شمال الأطلسى (الناتو)، ويحضر فى الثانية اجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع.
المحللون الغربيون أجابوا على السؤال لماذا صمم البرنامج على ذلك النحو قائلين إن واضعيه أرادوا تحقيق عدة أهداف. أحدها الإعلان ضمنا عن أن ثمة نقلة جديدة فى السياسة الأمريكية تثبت حضورها فى الشرق الأوسط وزعامتها للعالم. قالوا أيضا إن الرئيس ترامب أراد أن يحسن صورته خارج الولايات المتحدة، لكى يطوى صفحة الصورة السلبية له التى ظهرت إبان حملته الانتخابية، خصوصا أنه لا يزال يقابل باستياء واستهجان ملحوظين داخل الولايات المتحدة ذاتها،
أضاف هؤلاء أن فريق الرئيس الأمريكى أدرك أن تحقيق انجازات فى الخارج، خصوصا فى منطقة رخوة كالشرق الأوسط، أيسر بكثير منها فى الداخل الأمريكى، حيث لاتزال بعض مؤسساته الكبرى ــ القضاء والإعلام والمثقفون مثلا ــ تناصبه العداء، فى حين أن أغلب النظم العربية تحتفى به ولا تخفى اعجابها بسياساته.
استوقفنى فى هذه النقطة ما نشر عن المقارنة بين زيارة الرئيس السابق باراك أوباما للمنطقة فى بداية عهده (عام ٢٠٠٩) والزيارة المرتقبة للرئيس الحالى دونالد ترامب.
فالأول حين أراد أن يخاطب العالم العربى والإسلامى اعتمد معيارا موضوعيا ولم تكن لديه تحيزاته المسبقة باستثناء الدعم التقليدى لإسرائيل. لذلك فإنه اختار القاهرة وتركيا ولم يدرج إسرائيل فى برنامجه، كما أنه لم يكن بحاجة إلى تحسين صورته فى المنطقة.
أما الثانى فلديه مواقف معلنة بخصوص انحيازه لليمين الإسرائيلى وعدائه لإيران. لذلك فإنه استهدف عقد صفقة لصالح ذلك الهدف المزدوج، بما يحقق له مراده ويرفع من أسهمه. وهو ما يعنى أن زيارة أوباما كانت بريئة فى خدمة المصالح الأمريكية. أما زيارة ترامب فعنصر البراءة غائب فيها والانتهازية سمة أساسية لها.
وأوباما حين جاء إلى القاهرة فإنه اكتفى برمزيتها ولم يطلب منها شيئا، أما ترامب حين اختار السعودية فقد كانت عينه على صفقة السلاح الكبرى، وكونها بلد المبادرة العربية التى يريد توظيفها لدفع التطبيع مع إسرائيل، وفى الوقت نفسه الإفادة من رمزيتها فى إقامة الاحتشاد السنى فى مواجهة إيران الشيعية.
(3)
يوم الأحد الماضى (١٤/٥) عقد اجتماع تنسيقى فى العاصمة الأردنية عمان قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكى، اشترك فيه وزيرا خارجيتى مصر والأردن سامح شكرى وأيمن الصفدى وأمين سر التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات،
ونقلت وسائل الإعلام العربية عن المجتمعين قولهم «إن هناك آفاقا حقيقية لإحياء محادثات السلام وفقا لمبادرة السلام العربية والدفع قدما نحو تحقيق التسوية بما يؤدى إلى تجاوز الانسداد الذى أصاب عملية السلام.
كما نشر العنوان التالى فوق خبر الاجتماع التنسيقى المصرى الأردنى الفلسطينى «الرئيس الأمريكى خلق قوة دفع ايجابية للقضية».
فى نفس يوم الأحد نشرت صحيفة «هاآرتس» مقالة لمعلق الشئون العربية بالصحيفة جاكى حوكى سخر فيها من الرهانات التى تعقدها السلطة الفلسطينية والمسئولون العرب على دور الرئيس ترامب فى تسوية الصراع
وقال إنه يشك فى أن تكون الإدارة الأمريكية مؤمنة بذلك، ووصف «ضجيج ترامب الإعلامى بخصوص تعهده بحل الصراع» بأنه من مقتضيات الأمن القومى الأمريكى سيَما الحاجة إلى دور للسلطة فى الحرب على الإرهاب (الذى يقصد به قمع المقاومة الفلسطينية)،
وقال صراحة إن إعلان إدارة ترامب عن الالتزام بتحقيق تسوية سياسية للصراع، يراد به فى حقيقة الأمر «توفير البيئة التى تسمح للسلطة بالاندماج فى التحالف الإقليمى الذى تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب، الذى يضم إلى جانب إسرائيل كلا من مصر والأردن وعددا من دول الخليج.
دلل الكاتب الإسرائيلى على صحة كلامه مستشهدا بأن أول مسئول أمريكى زار رام الله كان رئيس المخابرات الأمريكية الذى جاءها للتباحث حول دور السلطة فى الحرب على الإرهاب، كما أن مدير المخابرات الفلسطينية توجه إلى واشنطن مباشرة بعد انتخاب ترامب للتوافق على الدور الذى تلعبه السلطة فى الحرب المذكورة.
أعاد صاحبنا إلى الأذهان حقيقة أن إدارة ترامب حين غازلت السلطة الفلسطينية فإن ذلك لم يكن يعبر عن توجه حقيقى لفرض تسوية سياسية مع إسرائيل، لأن الإدارة الأمريكية لا يمكن أن تساوى بين الطرفين، لسبب جوهرى هو أنها تعتبر إسرائيل الشريك الاستراتيجى الأهم للولايات المتحدة فى المنطقة
مضيفا أن ترامب لم يبلور مسارا واضحا لحل الصراع المعقد، وأن القادة الفلسطينيين بالغوا فى الرهان على تصريح مستشار الأمن القومى الأمريكى هربرت ماكماستر الذى أعلن أن ترامب سيعلن خلال زيارته تأييده لتطلع الفلسطينيين إلى تقرير المصير.
(4)
لن نبالغ إذا قلنا إذن إن ترامب سيبيع لنا «الترام» أثناء زيارته الميمونة. ذلك أن العرب لن يخرجوا منها بشىء يذكر، بل سيكونون الخاسر الأكبر من ورائها.
أما إسرائيل فهى الفائز الأكبر والأوحد. إذ إن العرب سيدفعون دفعا إلى التطبيع مع الكيان الصهيونى، دون أى مقابل يذكر،
وقد تسفر الزيارة عن استئناف المفاوضات بين أبومازن ونتنياهو. ولكن التنازل الوحيد الذى يقدمه الأخير أنه قبل بمجرد الجلوس على طاولة واحدة مع الرئيس الفلسطينى، دون أن يجد سببا واحدا يضطره لأن يقدم له شيئا،
وفى هذه الحالة سيكون العرب والمسلمون الحاضرون شهود زور ومجرد «كومبارس» يظهرون فى خلف المشهد العبثى.
من ناحية أخرى فإن الحلف الذى يراد إقامته للتصدى لإيران والذى ستشارك فيه إسرائيل بدعوى مكافحة الإرهاب، لن يصبح غطاء آخر للتطبيع فحسب، ولكنه سيكون بمثابة تقنين وتأييد للصراع بين السنة والشيعة، الذى يدخلنا فى آتون فتنة تشغل كل طرف بالاخر وتستهلك موارده وطاقاته، كما أنها ستلهيه عن التوحش والتغول الإسرائيلى، بحيث يصبح نتنياهو وحده شرطى المنطقة وراعيها.
إذا سألتنى عن مصر فى ذلك الخضم، فردى أنها باتت خارج المعادلة، ذلك أنها إما غائبة أو مغيبة، وإذا صح ذلك فلا تسألنى بعد عن العالم العربى!
............................
Published on May 15, 2017 14:37
May 14, 2017
ما بعد «خدش الرونق»
صحيفة الشروق الجديد المصريه الاثنين 18 شعبان 1438 – 15 مايو 2017ما بعد «خدش الرونق» - فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_45.html
لا أوافق سيل التعليقات التى سخرت من استخدام مصطلح «خدش رونق القضاء» فى استدعاء أحد الصحفيين أمام نيابة أمن الدولة، والتحقيق معه طوال ١٥ ساعة. صحيح أن المصطلح جديد وغريب، ولا أصل له فى القانون، لكن من قال إن نصوص القانون مقدسة وهى المرجع الوحيد للغة. ولماذا يغلق باب الاجتهاد فى الصياغات القانونية؟
وإذا كنا فى مصر قد فتحنا الباب واسعا لتجديد الخطاب الدينى، على جلالة قدرة، حتى خاض فيه كل من هب ودب فأولى بنا أن نحتمل جهدا يبذل لتجديد الخطاب القانونى.ولا تنس أننا نمر بمرحلة يتم التعامل فيها مع القانون بدرجة عالية من المرونة والتسامح، حتى باتت الرياح تعصف بنصوصه وبمبادئه كل حين.
من ناحية أخرى لا يغيب عن بالك أن أجواء التفاعل الحاصل بين القضاء والسياسة تجعل من «تطوير» الصياغات القانونية أمرا مفهوما ومبررا. من ثم فلئن اعتبر مصطلح خدش رونق القضاء شاذا عند أهل القانون فلا ضير فى ألا يصبح الأمر كذلك فى عرف السياسيين، وقد أصبحوا يرون أن لهم الحق فى أن يطلقوا ما يشاءون من أوصاف على مغايريهم، خصوصا إذا كانوا هم أصحاب الكلمة الأخيرة فى البلاد.
إننى أفهم مصطلح خدش الرونق بحسبانه إشارة مهذبة إلى حالة يدوس فيها شخص على طرف لآخر، بما يعد نيلا طفيفا منه ومساسا ناعما بمكانته. والخدش المقصود فى هذه الحالة لا يرقى إلى مستوى الجرح، وهو أخف من السب والقذف الذى يجرمه القانون.
لذلك فإن علاجه يكون بمجرد لفت النظر أو «شد الأذن» كما يقول التعبير الشائع. ولن تخطئ إذا قلت المساءلة فيه أقرب إلى الإنذار من جانب من يملك ما هو أكثر من ذلك.
ما يثير الانتباه أن أغلب المعلقين انشغلوا بالمصطلح بأكثر مما شغلوا بالموضوع والرسالة الكامنة فيه.
وخلاصة الموضوع أن صحفيا نابها هو طارق حافظ المحرر القضائى بصحيفة «الفجر» أجرى دراسة لقائمة التعيينات الجديدة للنيابة العامة، وحين وقع على ما فيها من مجاملات ومخالفات وصلت إلى حد وضع اسم ضابط اتهم بالتعذيب بين المعينين،
وحين أدى واجبه وكشف الحقيقة أمام الرأى العام تحركت أطراف مجهولة وحولت الإنجاز الصحفى إلى تهمة وصفت بأنها خدش لرونق القضاء. ووجد صاحبنا نفسه أمام نيابة أمن الدولة. وفوجئ بأنها لم تحقق معه فى شىء مما أورده فيما كتب. لأن معلوماته كانت صحيحة وموثقة. وإنما كان تركيز المحقق فى الجلسة التى استمرت نحو ١٥ ساعة استهدف التعرف على المصادر التى كشفت له عن عورات قائمة التعيينات. وهو ما رفضه الصحفى وتمسك بحقه القانونى فى عدم الكشف عن مصادره. فما كان من المحقق إلا أن صرفه بضمان مالى قدره خمسة آلاف جنيه.
لم تكن هناك قضية، لكن رسالة التحذير وجهت إلى الجميع.
وخلاصتها أن ثمة دوائر ومصالح محصنة لا يسمح لأحد بأن يدوس لها على طرف، تحت أى عذر.
وهناك أكثر من باب لتفعيل التحذير ومحاسبة من لا يرتدع أو يرعوى. وليس من قبيل المصادفة أن يقدم فى هذه الأجواء إلى مجلس النواب تعديل المادة ١٨٤ من القانون الجنائى بحيث تنص على أنه: يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ٥٠ ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه.. كل من أهان أو سب: مجلس النواب أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة أو أى رمز من رموز الدولة المصرية.
إن الربط بين الحدثين يعنى أن المشكلة ليست فى مصطلح «خدش الرونق» أيا كانت ذرائعه، لأن رسالته وتداعياته هى الأهم، لأنها تنذر بما هو أبعد.
ذلك أنها بمثابة دعوة لإسكات الجميع وتحذيرهم من إطلاق ألسنتهم فى أجواء التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عشرة أشهر.
.....................
لا أوافق سيل التعليقات التى سخرت من استخدام مصطلح «خدش رونق القضاء» فى استدعاء أحد الصحفيين أمام نيابة أمن الدولة، والتحقيق معه طوال ١٥ ساعة. صحيح أن المصطلح جديد وغريب، ولا أصل له فى القانون، لكن من قال إن نصوص القانون مقدسة وهى المرجع الوحيد للغة. ولماذا يغلق باب الاجتهاد فى الصياغات القانونية؟
وإذا كنا فى مصر قد فتحنا الباب واسعا لتجديد الخطاب الدينى، على جلالة قدرة، حتى خاض فيه كل من هب ودب فأولى بنا أن نحتمل جهدا يبذل لتجديد الخطاب القانونى.ولا تنس أننا نمر بمرحلة يتم التعامل فيها مع القانون بدرجة عالية من المرونة والتسامح، حتى باتت الرياح تعصف بنصوصه وبمبادئه كل حين.
من ناحية أخرى لا يغيب عن بالك أن أجواء التفاعل الحاصل بين القضاء والسياسة تجعل من «تطوير» الصياغات القانونية أمرا مفهوما ومبررا. من ثم فلئن اعتبر مصطلح خدش رونق القضاء شاذا عند أهل القانون فلا ضير فى ألا يصبح الأمر كذلك فى عرف السياسيين، وقد أصبحوا يرون أن لهم الحق فى أن يطلقوا ما يشاءون من أوصاف على مغايريهم، خصوصا إذا كانوا هم أصحاب الكلمة الأخيرة فى البلاد.
إننى أفهم مصطلح خدش الرونق بحسبانه إشارة مهذبة إلى حالة يدوس فيها شخص على طرف لآخر، بما يعد نيلا طفيفا منه ومساسا ناعما بمكانته. والخدش المقصود فى هذه الحالة لا يرقى إلى مستوى الجرح، وهو أخف من السب والقذف الذى يجرمه القانون.
لذلك فإن علاجه يكون بمجرد لفت النظر أو «شد الأذن» كما يقول التعبير الشائع. ولن تخطئ إذا قلت المساءلة فيه أقرب إلى الإنذار من جانب من يملك ما هو أكثر من ذلك.
ما يثير الانتباه أن أغلب المعلقين انشغلوا بالمصطلح بأكثر مما شغلوا بالموضوع والرسالة الكامنة فيه.
وخلاصة الموضوع أن صحفيا نابها هو طارق حافظ المحرر القضائى بصحيفة «الفجر» أجرى دراسة لقائمة التعيينات الجديدة للنيابة العامة، وحين وقع على ما فيها من مجاملات ومخالفات وصلت إلى حد وضع اسم ضابط اتهم بالتعذيب بين المعينين،
وحين أدى واجبه وكشف الحقيقة أمام الرأى العام تحركت أطراف مجهولة وحولت الإنجاز الصحفى إلى تهمة وصفت بأنها خدش لرونق القضاء. ووجد صاحبنا نفسه أمام نيابة أمن الدولة. وفوجئ بأنها لم تحقق معه فى شىء مما أورده فيما كتب. لأن معلوماته كانت صحيحة وموثقة. وإنما كان تركيز المحقق فى الجلسة التى استمرت نحو ١٥ ساعة استهدف التعرف على المصادر التى كشفت له عن عورات قائمة التعيينات. وهو ما رفضه الصحفى وتمسك بحقه القانونى فى عدم الكشف عن مصادره. فما كان من المحقق إلا أن صرفه بضمان مالى قدره خمسة آلاف جنيه.
لم تكن هناك قضية، لكن رسالة التحذير وجهت إلى الجميع.
وخلاصتها أن ثمة دوائر ومصالح محصنة لا يسمح لأحد بأن يدوس لها على طرف، تحت أى عذر.
وهناك أكثر من باب لتفعيل التحذير ومحاسبة من لا يرتدع أو يرعوى. وليس من قبيل المصادفة أن يقدم فى هذه الأجواء إلى مجلس النواب تعديل المادة ١٨٤ من القانون الجنائى بحيث تنص على أنه: يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ٥٠ ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه.. كل من أهان أو سب: مجلس النواب أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة أو أى رمز من رموز الدولة المصرية.
إن الربط بين الحدثين يعنى أن المشكلة ليست فى مصطلح «خدش الرونق» أيا كانت ذرائعه، لأن رسالته وتداعياته هى الأهم، لأنها تنذر بما هو أبعد.
ذلك أنها بمثابة دعوة لإسكات الجميع وتحذيرهم من إطلاق ألسنتهم فى أجواء التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عشرة أشهر.
.....................
Published on May 14, 2017 14:54
May 13, 2017
إذ تصبح الأوقاف حلاً
صحيفة السبيل الأردنيه الأحد 17 شعبان 1438 – 14 مايو 2017إذ تصبح الأوقاف حلاً – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_14.html
الوقف في تركيا واقع يشارك في صنع الحياة، وليس تاريخا طويت صفحته وطمست معالمه.
تلك إحدى الخلاصات التي خرجت بها أثناء مشاركتي في ملتقى القدس الدولي الذي عقد باسطنبول في الأسبوع الماضي.
إذ لفت نظري أثناء الحوارات التي جرت حول الدور الذي تقوم به الأوقاف في تركيا أنها تمول الأغلبية الساحقة من أنشطة المجتمع المدني في جميع المجالات. فثمة مساجد موقوفة في كل حي يتولاها مجلس إدارة يمثل فيه الأهالي. وهذا المجلس يباشر مختلف الأنشطة الخيرية من رعاية الضعفاء والمحتاجين وتشجيع أهل العلم وتحفيظ القرآن وإحياء المناسبات الدينية، إلى غير ذلك من الأنشطة التقليدية.
وإلى جانب ذلك فثمة توسع هائل في مصارف الوقف الذي بات يمول ما لا حصر له من الأنشطة الاقتصادية والثقافية والفنية والعلمية.
بل إن هناك وقفا للجمعية الكمالية نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك، الذي أسس الجمهورية وفرض العلمانية على البلاد بعد إلغاء الخلافة العثمانية، وهو ما يسوغ لنا أن نعيد التنويه إلى أن مفهوم الوقف في الخبرة التركية تم توسيعه حتى أصبح يمول كل ما ينفع الناس في دنياهم ويسهم في تنمية المجتمع وإثرائه. (قيل لي إن «وقف الطيران» لا يزال قائما، وعوائده تقدم إلى سلاح الطيران كل عام).
من الملاحظات المهمة في هذا الصدد أن كمال أتاتورك الذي قاد حملة إسقاط الخلافة الإسلامية ألغى وزارة الأوقاف لكنه لم يلغِ الأوقاف ذاتها، وإنما أتاح لها أن تستمر وتزدهر حتى صارت إحدى القيم المعتبرة في المجتمع التركي، بحيث أصبح كل قادر حريصا على أن يوقف جزءا من عقاره أو ماله لأعمال البر والنفع العام.
الملاحظة الثانية وثيقة الصلة بالأولى، وخلاصتها أن القانون التركي لا يسمح لأي جهة أجنبية بأن تمول نشاطا أهليا في داخل البلاد لأن المجتمع يتكفل بذلك. كما أنه لا يسمح بفتح فروع لأي مؤسسة أجنبية في داخل تركيا إلا إذا سمحت الدولة التي تنتمي إليها المؤسسة للمؤسسات التركية بأن تمارس نشاطها على أراضيها، إعمالا لمبدأ المعاملة بالمثل.
هذا الدور الحيوي للوقف ليس جديدا، ولكن الجديد يتمثل فقط في تطوير مجالاته وتوسيع نطاقها. وأي دارس لتاريخ المجتمعات الإسلامية يلاحظ أن الأوقاف كانت في مقدمة المؤسسات التنموية التي عرفها التاريخ الإسلامي.
ومؤلف الدكتور إبراهيم بيومي غانم «الأوقاف والمجتمع والسياسة في مصر»، يعد أهم وثيقة معاصرة وفَّت هذا الموضوع حقه في التجربة المصرية.
إذ رصد فيه مؤشرات الإقبال على الوقف بين مختلف شرائح المجتمع المصري، أثرياؤه وفقراؤه، كما خصص فصلا للأدوار التي قام بها الوقف في مجالات الصحة والتعليم والأسرة والأشغال العامة إلى جانب دعم الحركة الوطنية في مواجهة الاحتلال البريطاني.
والحاصل في مصر له نظائره في مختلف أرجاء العالم العربي والإسلامي. إلا أن أهم ما ميز الوقف التركي أنه كان من القوة والرسوخ بحيث إن حركته الفاعلة في المجتمع لم تتوقف على مر الأزمان، ولا تزال تتمتع بتلك القوة والفاعلية حتى الوقت الراهن.
مما ذكره الدكتور إبراهيم غانم في أبحاثه أن الخديوي إسماعيل الذي حكم مصر عام ١٨٦٣ كان من أهم الواقفين، وحين عزل وتم نفيه إلى تركيا، فإنه حرر وقفية في محكمة بشكتاش (أحد أحياء إسطنبول) بتاريخ ٩ شعبان ١٣١٢ الموافق ٤ فبراير عام ١٨٩٥، أوقف فيها للخيرات ٩٥٥٧ فدانا من الأراضي التي يملكها، وأثبت في نهاية الحجة أنه «أوقفها وحبَّسها (لوجه الله تعالي) ولم يعد يملك شيئا يطلق عليه اسم مال خلاف ما على بدنه من الملابس». وبعد نحو ٣٠ يوما (في ٢ مارس من نفس العام) توفاه الله وانتقل إلى رحاب ربه.
.......................
الوقف في تركيا واقع يشارك في صنع الحياة، وليس تاريخا طويت صفحته وطمست معالمه.
تلك إحدى الخلاصات التي خرجت بها أثناء مشاركتي في ملتقى القدس الدولي الذي عقد باسطنبول في الأسبوع الماضي.
إذ لفت نظري أثناء الحوارات التي جرت حول الدور الذي تقوم به الأوقاف في تركيا أنها تمول الأغلبية الساحقة من أنشطة المجتمع المدني في جميع المجالات. فثمة مساجد موقوفة في كل حي يتولاها مجلس إدارة يمثل فيه الأهالي. وهذا المجلس يباشر مختلف الأنشطة الخيرية من رعاية الضعفاء والمحتاجين وتشجيع أهل العلم وتحفيظ القرآن وإحياء المناسبات الدينية، إلى غير ذلك من الأنشطة التقليدية.
وإلى جانب ذلك فثمة توسع هائل في مصارف الوقف الذي بات يمول ما لا حصر له من الأنشطة الاقتصادية والثقافية والفنية والعلمية.
بل إن هناك وقفا للجمعية الكمالية نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك، الذي أسس الجمهورية وفرض العلمانية على البلاد بعد إلغاء الخلافة العثمانية، وهو ما يسوغ لنا أن نعيد التنويه إلى أن مفهوم الوقف في الخبرة التركية تم توسيعه حتى أصبح يمول كل ما ينفع الناس في دنياهم ويسهم في تنمية المجتمع وإثرائه. (قيل لي إن «وقف الطيران» لا يزال قائما، وعوائده تقدم إلى سلاح الطيران كل عام).
من الملاحظات المهمة في هذا الصدد أن كمال أتاتورك الذي قاد حملة إسقاط الخلافة الإسلامية ألغى وزارة الأوقاف لكنه لم يلغِ الأوقاف ذاتها، وإنما أتاح لها أن تستمر وتزدهر حتى صارت إحدى القيم المعتبرة في المجتمع التركي، بحيث أصبح كل قادر حريصا على أن يوقف جزءا من عقاره أو ماله لأعمال البر والنفع العام.
الملاحظة الثانية وثيقة الصلة بالأولى، وخلاصتها أن القانون التركي لا يسمح لأي جهة أجنبية بأن تمول نشاطا أهليا في داخل البلاد لأن المجتمع يتكفل بذلك. كما أنه لا يسمح بفتح فروع لأي مؤسسة أجنبية في داخل تركيا إلا إذا سمحت الدولة التي تنتمي إليها المؤسسة للمؤسسات التركية بأن تمارس نشاطها على أراضيها، إعمالا لمبدأ المعاملة بالمثل.
هذا الدور الحيوي للوقف ليس جديدا، ولكن الجديد يتمثل فقط في تطوير مجالاته وتوسيع نطاقها. وأي دارس لتاريخ المجتمعات الإسلامية يلاحظ أن الأوقاف كانت في مقدمة المؤسسات التنموية التي عرفها التاريخ الإسلامي.
ومؤلف الدكتور إبراهيم بيومي غانم «الأوقاف والمجتمع والسياسة في مصر»، يعد أهم وثيقة معاصرة وفَّت هذا الموضوع حقه في التجربة المصرية.
إذ رصد فيه مؤشرات الإقبال على الوقف بين مختلف شرائح المجتمع المصري، أثرياؤه وفقراؤه، كما خصص فصلا للأدوار التي قام بها الوقف في مجالات الصحة والتعليم والأسرة والأشغال العامة إلى جانب دعم الحركة الوطنية في مواجهة الاحتلال البريطاني.
والحاصل في مصر له نظائره في مختلف أرجاء العالم العربي والإسلامي. إلا أن أهم ما ميز الوقف التركي أنه كان من القوة والرسوخ بحيث إن حركته الفاعلة في المجتمع لم تتوقف على مر الأزمان، ولا تزال تتمتع بتلك القوة والفاعلية حتى الوقت الراهن.
مما ذكره الدكتور إبراهيم غانم في أبحاثه أن الخديوي إسماعيل الذي حكم مصر عام ١٨٦٣ كان من أهم الواقفين، وحين عزل وتم نفيه إلى تركيا، فإنه حرر وقفية في محكمة بشكتاش (أحد أحياء إسطنبول) بتاريخ ٩ شعبان ١٣١٢ الموافق ٤ فبراير عام ١٨٩٥، أوقف فيها للخيرات ٩٥٥٧ فدانا من الأراضي التي يملكها، وأثبت في نهاية الحجة أنه «أوقفها وحبَّسها (لوجه الله تعالي) ولم يعد يملك شيئا يطلق عليه اسم مال خلاف ما على بدنه من الملابس». وبعد نحو ٣٠ يوما (في ٢ مارس من نفس العام) توفاه الله وانتقل إلى رحاب ربه.
.......................
Published on May 13, 2017 20:58
May 12, 2017
قبل هدم المسجد الأقصى
صحيفة الشروق الجديد المصريه السبت 16 شعبان 1438 – 13 مايو 2017 قبل هدم المسجد الأقصى – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_12.html
بعدما تم تهويد القدس، متى تعصف الموجة بالمسجد الأقصى؟
هذا السؤال ظل يلوح طوال ثلاثة أيام فى فضاء ملتقى القدس الدولى، الذى انعقد باسطنبول فى الثامن من شهر مايو الحالى.
وحين حل علىَّ الدور فى رئاسة إحدى الجلسات قلت إننا الآن مشغولون بترميم الاثار والذاكرة. ذلك أن العالم العربى والإسلامى صار متفرجا على ما يجرى فى القدس. ووحدهم المقدسيون العزل صاروا يتصدون للإعصار الوحشى بصدورهم العارية.
يحدث ذلك فى حين تنهال ملايين الدولارات من أثرياء اليهود طول الوقت لتمكين الإسرائيليين من الاجهاز على المدينة المقدسة.
ثم لم يكن مستغربا أن يصبح السؤال المتداول بين المقدسيين هو متى وليس هل يهدم المسجد الأقصى؟ لأنها صارت فى رأيهم مسألة وقت فقط.
الغيورون على القدس والقضية الذين نظموا مؤتمر اسطنبول بالتعاون مع الحكومة التركية رفضوا الانضمام إلى المتفرجين. ووجدوا أن مقاومة الإعصار تواجه مشكلتين، الأولى تتمثل فى الارادة السياسية والثانية فى التمويل.
والأولى ليس مقطوعا بها فى العالم العربى على الأقل، أما الثانية فهى التى يمكن تحريكها، رغم أنها تتأثر بحسابات الإرادة السياسية بدرجة أو أخرى.
صحيح أن ثمة حلا جذريا للإشكال يتمثل فى إنهاء الاحتلال، إلا أن الذين اجتمعوا فى اسطنبول لم يتطرقوا إليه، أولا لأنهم كانوا مشغولين بشكل آخر من أشكال المقاومة، وثانيا لأن الخطاب الرسمى العربى صار مهيأ للتطبيع بأكثر من انشغاله بالتحرير. خصوصا أن عددا غير قليل من وزراء الأوقاف كانوا ممثلين فيه، فى حين أن المشاركين من الباحثين النشطاء جاءوا من مختلف أنحاء العالم الإسلامى، ومنهم من جاءوا من بلدان للجاليات المسلمة فيها حضور قوى (الهند وجنوب إفريقيا مثلا).
الفكرة الأساسية للمؤتمر تناولت الموضوع من باب ذكى وآمن. إذ انطلقت من زاوية استثمار عوائد الأوقاف لتوفير التمويل اللازم لمساعدة المقدسيين على الصمود فى وجه الإعصار.
ذلك أن كثيرين لا يعرفون أن أوقاف الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى منتشرة فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى. وقيمتها وعوائدها تقدر بالملايين أو المليارات. وإذا وضعنا فى الاعتبار أن السعودية تتكفل برعايا الحرمين الشريفين ولم تعد بحاجة إلى جهد خارجى يسهم فى ذلك. فهذا يعنى أن موارد رعاية الأقصى يمكن أن تتضاعف عدة مرات. إذا وجهت إليها عوائد أوقاف الحرمين.
لقد كان الوقف ولا يزال من إفرازات عبقرية الحضارة الإسلامية. إذ به أثبت المجتمع حضوره وبه استطاع المواطنون أن يسهموا فى عجلة التنمية بحيث يجعلون عمارة الدنيا سبيلا إلى عمارة الآخرة.
ومن خلاله تسابق المسلمون إلى وقف الأموال والعقارات لصالح كل ما ينفع الناس، من رعاية الضعفاء إلى إقامة الجسور وبناء المدارس والمشافى وحفر الآبار وشق الطرق، وصولا إلى تجهيز الجيوش.
والقائمة طويلة لأنها أصبحت تشمل كل أنشطة المجتمع المدنى والأهلى.
وحين يصبح الأمر كذلك فلا غرابة أن تحتل المقدسات رأس القائمة، بحيث يصبح نصيبها عوائد الأوقاف أكبر وأوفر.
الأوراق التى قدمت حافلة بالبيانات التى صورت ضخامة حجم الأوقاف الإسلامية فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى فمساحة الأوقاف فى فلسطين التاريخية ٢٧ ألف كيلومتر مربع. وفى القدس القديمة تمثل الأوقاف ما بين ٦٠ و٨٠٪ من أراضيها، وفى مدينة عكا القديمة ٩٠٪ من أراضيها أوقاف. والأمانة العامة للأوقاف فى الكويت تعد أكبر مالك للعقار. وعوائد الأوقاف السنوية فى قطر ٦٩ مليون دولار و٣٤٪ من أراضى قلب اسطنبول «أغلى الأراضى» تتبع الوقف وفى المدينة ٢٥١٧ عقارا موقوفا. كما أن فى بلغاريا ٣٣٣٩ وقفا وفى الهند نصف مليون وقف تتوزع على ٦٠٠ ألف فدان.. إلخ
الأوراق أثارت عديدا من الاسئلة بعضها تعلق بإمكانية تحويل أوقاف الحرمين الشريفين لصالح القدس والأقصى،
السؤال هنا ليس شرعيا فقط لكنه فى شق منه يتعلق بالإرادة السياسية أيضا.
البعض الاخر يتعلق بجهود حصر مساحات الأوقاف الهائلة التى تعرضت للنهب وإساءة الاستخدام، فى مختلف الدول العربية الإسلامية، كما أن للاحتلال الإسرائيلى باعه الكبير فى ذلك.
وقد قيل لى إن الاوقاف الاسلامية فى الارض المحتلة تعرضت للنهب من قبل إسرائيل، كما أن الفاتيكان أيضا أصبح يتحكم فى أوقاف القدس.
إن مشكلة الغيورين على الأوقاف الكبرى أنهم لا يملكون سوى التوصية والدعاء، أما التنفيذ فهو بيد غيرهم الذين أوصلوا الأمر إلى ما وصل إليه . ............................
Published on May 12, 2017 13:10
May 10, 2017
اعتذار عن مقال 11/5/2017

الخميس 14 شعبان 1438 - 11 مايو 2017كانت صحيفة الشروق الجديد المصريه نشرت بالأمس اعتذار عن نشر المقال عن يومي الاربعاء والخميس
Published on May 10, 2017 23:02
اعتذار عن مقال 10/5/2017

صحيفة الشروق الجديد المصريه الأربعاء 13 شعبان 1438 – 10 مايو 2017 يعتذر الكاتب الكبير الاستاذ فهمي هويدي عن عدم كتابه مقاله ويعاود الكتابه الاسبوع المقبل
Published on May 10, 2017 02:43
May 8, 2017
صفقة لإسرائيل وصفعة لنا – المقال الأسبوعي
صحيفة الشروق الجديد المصريه الثلاثاء 12 شعبان 1438 – 9 مايو 2017صفقة لإسرائيل وصفعة لنا – فهمي هويدي – المقال الأسبوعي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_9.html
لا تنتظروا خيرا من الزيارة التى يعتزم الرئيس الأمريكى القيام بها للسعودية، ذلك أن الصفقة التى يريد أن يعقدها لا تخرج عن كونها صفعة لنا جميعا.
(1)
فى اليوم التالى للقاء الرئيس دونالد ترامب مع أبومازن فى واشنطن (الخميس ٤ مايو) كان بين أبرز التعليقات فى الصحف والمواقع الإسرائيلية ما يلى:
< أورلى أوزلاى ــ يديعوت أحرنوت: ترامب تبنى مواقف إسرائيل. إذ إنه طالب أبومازن بالتوقف عن دفع رواتب عائلات «المخربين» الفلسطينيين المحبوسين فى إسرائيل. علاوة على أنه طالبه بالتركيز على مكافحة «الإرهاب». فى الوقت ذاته فإنه لم يعرض عليه أى خطة سلام، ولم يتحدث عن حل الدولتين، ولم يتطرق إلى وقف بناء المستوطنات.
< حمى شليف ــ هاآرتس: أثبت اللقاء مع ترامب أن السلاح الجديد وغير السرى لمحمود عباس والقيادة الفلسطينية هو التملق. حتى إذا وقف ترامب أمام المرآة فى البيت الأبيض وسأل: أيتها المرآة من الأكثر نجاحا فى المدينة؟ فسوف يفاجأ بأبومازن وقد ظهر أمامه قائلا: أنت يا سيدى الرئيس.. أنت وحدك.
< آفى سيخاروف ــ هاآرتس: حين حرص ترامب على امتداح أبومازن فقد كان ذلك نابعا من إدراكه أهمية الدور الذى تقوم به السلطة الفلسطينية فى الدفاع عن أمن إسرائيل، ذلك أن الرئيس الأمريكى يعى جيدا ما يعرفه قادة الأمن الإسرائيلى من أن السلطة الفلسطينية تمثل مركبا رئيسيا من المركبات التى تضمن أمن إسرائيل، على الرغم من حملة التحريض التى يشنها اليمين الإسرائيلى ضد عباس. لذلك فإنه باستثناء الكلمات الدافئة التى أغدقها على أبومازن، فإن الرئيس الأمريكى لم يمنح رئيس السلطة الفلسطينية أى إنجاز يمكن أن يلوح به بفخر أمام شعبه.
< أليؤر ليفى ــ يديعوت أحرنوت: خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع عباس، حرص ترامب على عدم تجاوز تصور حكومة اليمين المتطرف فى إسرائيل لحل الصراع. حيث لم تصدر عنه أية إشارة تعكس التزاما بحل الدولتين أو إقامة دولة فلسطينية.
< عساف جيبور ــ معاريف: حقق عباس الإنجاز الوحيد الذى يتطلع إليه فى الوقت الراهن، الذى يتمثل فى ضمان شرعيته. ذلك أنه خشى أن تتآمر عليه الأنظمة العربية، بحيث تفرض عليه غريمه محمد دحلان. وجاء ترامب ليسبغ عليه الشرعية التى عززت موقفه، وذلك إنجاز كبير فى نظره.
(2)
أثار انتباهى العنوان الرئيسى لصحيفة «الحياة» اللندنية التى صدرت فى اليوم نفسه (الخميس ٤/٥)، الذى كان كالتالى: ترامب يعد عباس بـ«مظلة عربية»،
إذ استغربت أن يأتى هذا الكلام على لسان الرئيس الأمريكى الذى أراد أن يطمئن ضيفه أبومازن إلى أنه هو من سيتولى توفير المظلة العربية له، وليس العكس. إذ يفترض أن أبومازن حين يذهب إلى واشنطن فإنه سيكون مدعوما مسبقا بموقف عربى يسانده فيما يخص «قضية العرب المركزية».
أما أن يذهب عارى الظهر، بحيث يكون بحاجة إلى مساندة عربية يوفرها له الرئيس الأمريكى، فتلك من عجائب الزمان التى تشهد بمدى العبثية التى بلغها المشهد العربى.
وإذ لا أتصور أن الرئيس ترامب يطلق الكلام على عواهنه، لذلك فإننى أرجح أن لديه شيئا بالفعل بهذا الخصوص تلقاه من بعض الزعماء العرب الذين لقيهم. وهو ما يطرح بشدة السؤال التالى: ما هو «الشىء» الذى سيقدم عليه أبومازن، ويحتاج فيه إلى مظلة عربية يتولى الرئيس الأمريكى توفيرها؟
لاحظت أيضا أن معظم الصحف العربية التى وقعت عليها أبرزت دون تعليق مطالبة ترامب للفلسطينيين بأن يجمعوا على إدانة الدعوات إلى العنف والإرهاب. كما أنه حثهم على تبنى صوت واحد ضد التحريض والحث على الكراهية وتعليم الأطفال حب الحياة وإدانة كل من يستهدف الأبرياء.
فى الوقت ذاته تناقلت الصحف العربية أيضا عن ترامب قوله: «علينا الاستمرار فى بناء شراكة مع قوات الأمن الفلسطينية لهزيمة الإرهاب».
عند التدقيق فى كلام الرئيس الأمريكى يلاحظ المرء أن انتقاده للإرهاب موجه إلى الفلسطينيين وحدهم وأنه فى دعوته إلى هزيمة الإرهاب فإنه راهن على الدور الذى تقوم به قوات الأمن الفلسطينية التى تنهض بمهمة ملاحقة المقاومين وحماية أمن إسرائيل من مظاهر الغضب الفلسطينى.
هكذا ما عاد هناك شك فى أن الرئيس الأمريكى فى المؤتمر الصحفى فضلا عن لقائه مع أبومازن كان يتكلم طول الوقت بعقل ولسان نتنياهو. ذلك أنه فى خطابه ظل يتحدث عما يجب أن يفعله الفلسطينيون لصالح أمن إسرائيل. ولم يشر بكلمة إلى شىء مما ينبغى أن تفعله إسرائيل للاتفاق مع الفلسطينيين. ناهيك عن أنه لم يشر بكلمة إلى أى بند من البنود المعلقة سواء فيما خص المستوطنات أو حتى حل الدولتين.
(3)
ما سبق يثير العديد من الأسئلة حول مضمون «صفقة القرن» الذى أطلق أثناء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لواشنطن ولقائه بالرئيس الأمريكى (فى بداية إبريل الماضى) ــ واعتبرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» آنذاك أن المقصود بالصفقة عقد قمة سلام لطى صفحة الصراع فى اجتماع يعقد بالولايات المتحدة خلال الصيف المقبل تشارك فيها مع إسرائيل مصر والأردن ودول الخليج (السعودية ودولة الإمارات).
ونوهت الصحيفة إلى أن الرئيس المصرى قام بزيارته لواشنطن بعد ثلاثة أيام من عقد القمة العربية بالأردن. التى شارك فيها جيسون جرينيلاد مبعوث ترامب لعملية السلام (المعلومة لم تنشر فى صحفنا)
وكانت تلك إشارة إلى أن الرئيس السيسى حين التقى ترامب فإنه كان يحمل تصورا أو أفكارا بخصوص حلحلة القضية الفلسطينية، إلى جانب الطلبات المصرية بطبيعة الحال.
أخيرا يوم الخميس الماضى (٤/٥) فوجئنا بتصريحات للرئيس الأمريكى ذكر فيها أنه يفتخر بأن ينقل إلى الملأ إعلانه «التاريخى العظيم» عن أن زيارته الأولى كرئيس للولايات المتحدة ستكون يوم ٢٣ مايو للالتقاء مع زعماء يمثلون العالم الإسلامى (وليس العربى فقط). وقال إن الهدف من الزيارة هو إرساء دعائم تحالف جديد لمحاربة الإرهاب (الذى تمثله داعش وإيران). وذلك لبناء مستقبل مشرق وعادل للشباب المسلم فى بلادهم.
فكرة التحالف الجديد ليست جديدة تماما، فقد سبق أن ترددت فى وسائل الإعلام بصياغات مختلفة، كان أشهرها مصطلح «الحل الإقليمى» الذى سبق أن دعا إليه وسوقه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وهى صيغة خبيثة للتطبيع مع العالم العربى أولا ثم بعد ذلك الضغط على الفلسطينيين والتوصل إلى حل للصراع مع إسرائىل. وكأن الجهد المطلوب ينحصر فى القضية الفلسطينية وليس الاحتلال الإسرائيلى.
ما أعلنه الرئيس الأمريكى تحرك فى إطار الفكرة ذاتها وإن أطلق عليها عنوانا آخر. فهو يتحدث عن تحالف فى مواجهة إيران وداعش (تشارك فيه إسرائيل بطبيعة الحال) دون إشارة صريحة إلى فكرة الحل الإقليمى التى أشار إليها نتنياهو.
ومعروف أن صيغة الحلف الإسلامى لها تاريخ فى العالم العربى، تبنتها الولايات المتحدة فى عهد الرئيس الأسبق أيزنهاور (قبل أكثر من نصف قرن) لمواجهة الشيوعية. وكان «حلف بغداد» امتدادا لها، وأخيرا طرحت فكرة الحلف فى عام ٢٠١٦ حين دعت إليه السعودية لمواجهة الحوثيين فى اليمن.
أما ما هو مطروح فى الوقت الراهن فهو يقوم على محاولة حشد الدول السُّنيَّة لمواجهة التمدد الإيرانى، إضافة إلى مشاركة إسرائيل، بعدما صارت تصنف نفسها ضمن دول الاعتدال فى المنطقة. وهو تصنيف قبلت به بعض الدول العربية.
(4)
إذا جاز لى أن ألخص المشهد فإننى أقر بأن الوضع الراهن على بؤسه أفضل بكثير مما هو قادم. إذ لا أستطيع أن أتجاهل عدة حقائق،
أولها أن الرئيس الأمريكى يتحدث باسم نتنياهو واليمين الإسرائيلى. ومن ثم فإن ما يشغله حقا هو كيف يقنع العالم العربى بإغلاق ملف القضية وبالتسليم بالطلبات الإسرائيلية (سمّه الانبطاح إن شئت).
فى الوقت ذاته فإن السلطة الفلسطينية التى هى فى أضعف حالاتها باتت تراهن على موقف الإدارة الأمريكية وتتمنى رضاها بمختلف السبل. ثم إن العالم العربى أصبح يعانى من درجة غير مسبوقة من الوهن والانفراط، حتى سارت بعض أهم دوله على درب التطبيع.
اجتماع هذه العوامل إذا كان يشكل فرصة تاريخية تمكن إسرائيل من فرض شروطها، فضلا عن أنها تشجع نتنياهو وقوى اليمين الأكثر تطرفا على مزيد من التصلب وتصعيد المواقف والطلبات، فبأى معيار إذن يعد ما نحن مقبلون عليه «صفقة القرن»؟
ــ وإذا كان للرئيس الأمريكى أن يعتبر رحلته إلى السعودية «حدثا تاريخيا عظيما» لأنه سيلتقى مع بعض قادة العالم الإسلامى ووضع أساس الحلف الجديد الذى يمهد لعقد «صفقة القرن»، فبأى عقل أو منطق نصدق الكلام ونردد تلك العبارات.
وإذا ما فعلها الرئيس ترامب حقا، فله أن يتباهى بما أنجزه ويطلق عليه ما يشاء من أوصاف، لكن «صفقة القرن» التى يريد أن يعقدها ستصبح «صفعة القرن» للعرب والمسلمين.
وليس فى ذلك مبالغة، لأن ما نحن مقدمون عليه يملؤنا شعورا بالخوف والفزع، وليس الاطمئنان أو الثقة. لذلك فإن لهفة الزعماء العرب على لقائه فى واشنطن والإطراء المبالغ فيه الذى جاء على ألسنتهم، ذلك كله يعد نفاقا وعبثا لا طائل من ورائه، فضلا عن أنه من علامات الضعف والاستخذاء.
قرأت تصريحا للدكتور على الجرباوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت قال فيه إن ترامب من أكثر الرؤساء الأمريكيين انحيازا لإسرائيل منذ إنشائها قبل ٧٠ عاما. كما أن طاقمه لا يخفى ذلك الانحياز. ولديه صهر يهودى وأحفاد يهود. كما أن إسرائيل هى حليفه الاستراتيجى وليس نحن. لذلك من المستبعد أن يقوم بأى ضغط على إسرائيل، ومن المرجح أن يكثف من ضغوطه على الفلسطينيين دون غيرهم.
هذا الذى قال به الدكتور الجرباوى صار معلوما من السياسة بالضرورة، بل صار بديهية لدى المواطن العربى العادى. لذلك فليس مفهوما تهليل بعض الأوساط العربية للرئيس الأمريكى، والحفاوة بالحدث التاريخى العظيم الذى هو مقبل عليه، وصفعة القرن التى يدعى أنه بصدد عقدها.
ماذا نقول فى أناس ذهبت عقولهم وخارت قواهم وعميت أبصارهم حتى صاروا يرون الصفعة صفقة؟ ! .....................
Published on May 08, 2017 20:13
May 6, 2017
سطو علني
صحيفة السبيل الأردنيه الأحد 10 شعبان 1438 – 7 مايو 2017سطو علني – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_7.html
تلقيت من الدكتور منير العكش المقيم بالولايات المتحدة الرسالة التالية: أرسل لي صديق محب الكتاب المرفق بعنوان «أمريكا والمذابح الجماعية». ونبهني على أن المؤلف سرق فصلا كاملا (أربعين صفحة بالتمام) من كتابي «الإبادات الجماعية»، ودون أن يكلف خاطره حتى بتغيير كلمة واحدة من عنوان الفصل حتى آخر كلمة فيه. ولاحترامه للعلم فإنه تجنب سرقة المراجع. السرقة الموصوفة في كتابه من ص ٦٩ حتى ١٠٢. وهي في كتابي من ص ٥٧ حتى ٩٦. (مع الرسالة أرسل الفصلين الأصلي والمسروق).
أضاف في رسالته قائلا: لم أسمع بالكاتب ولا بالناشر من قبل، إلا أنه من الواضح أنهما مصريان. أشعر بالألم فعلا، لا لمجرد السرقة، وإنما لأن الرجل لا يدرك فعلا كم من الوقت والجهد بذلته لجمع وكتابة ذلك الفصل. لذا أتمنى عليك بأن تنصح لي ما يمكن فعله.
لم أكن أعرف الدكتور العكش، إلى أن قرأت له كتاب «أمريكا والإبادات الجماعية» الذي أصدرته دار منير الريس في عام ٢٠٠٢، وكان الكتاب والكاتب مفاجأة لي، ذلك أنني وجدته وثق بصورة مدهشة وشديدة الجاذبية تاريخ ووقائع إبادة الهنود الحمر وإقامة الولايات المتحدة فوق جثثهم وأشلائهم.
كما اكتشفت كاتبا موهوبا يغوص في أعماق التاريخ ويبذل جهدا هائلا لسبر أغواره، ثم يعرض خلاصة جهده بأسلوب الأديب الشاعر الموهوب، الذي ظل طول الوقت منحازا إلى جانب الضحايا ومستشعرا عذاباتهم.
لم أستغرب ذلك حين وجدته يشير في تعريفه لنفسه بأنه سوري بالمولد وفلسطيني بالاختيار. ذلك أن فلسطين ظلت طول الوقت هاجسا يشغله ويؤرق ضميره، وهو ما عبر عنه في مجلة «جسور» التي كان يصدرها وبحضوره الدائم في مجال الدراسات الفلسطينية، وفي علاقته الوثيقة بالشاعرين محمود درويش ونزار قباني.
عرضت كتاب منير العكش في حينه، وأظنها كانت المرة الأولى التي يقدم فيها إلى القارئ المصري على الأقل، ثم تابعت أعماله التي وصلت إلى ٢٢ كتابا ما بين تأليف وترجمة وتحرير، إلا أنني أشهد أن الكتب الخمسة التي ألفها حول إبادة الأمريكيين للهنود الحمر من أهم ما كتب في الموضوع بالعربية.
الكتاب الذي تضمن الفصل المسروق صدر بعنوان «أمريكا والمذابح الجماعية»، وعلى غلافه اسم «منتدي سور الأزبكية»، أما «مؤلفه» الذي ذكر على الغلاف فهو إيهاب كمال محمد. الذي قام بتجميع كتابات تسعة من المؤلفين الغربيين على رأسهم نعوم تشومسكي الفيلسوف والناقد السياسي الأمريكي وروبرت فيسك الكاتب البريطاني وباولو كويلهو الروائي البرازيلي المعروف.
وفي حين أنه نقل بالكامل الفصل الثالث من كتاب العكش أمريكا والإبادات الجماعية (عنوانه من المتوحش)، إلا أنه لم يشر إلى اسم صاحب الكتاب الأصلي. وهو ما أعطى انطباعا بأنه منسوب إلى السيد إيهاب كمال الذي ورد اسمه على الغلاف.
سألني الدكتور العكش عما بوسعه أن يفعله. ولأن لا خبرة لي بالموضوع فلم يكن بيدي سوى نشر القصة من ناحية، والرجوع إلى ذوي الشأن في الموضوع من ناحية ثانية.
والأولى بين يديك،
أما الثانية فقد تمثلت في أمرين.
أولهما ما ذكره المهندس إبراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرين السابق الذي فرق بين حالة أن يكون اسم المؤلف حقيقيا وهو ما يستلزم تقديم شكوى إلى النيابة يتولاها أحد المحامين، أو أن يكون الاسم وهميا وهو ما يتطلب تقديم بلاغ إلى إدارة المصنفات الفنية لضبط الكتاب،
الأمر الثاني أنني أبلغت القصة إلى رئيس لجنة حقوق الملكية الفكرية باتحاد الناشرين المهندس أحمد بدير الذي عرض تبني الموضوع إذا ما وجه إليه الدكتور العكش شكواه مختصرة علي عنوانه التالي: Ahmedb@shorouk.com
لذلك أرجو أن يخاطبه كي يشرع في القيام بما يجب.............................
Published on May 06, 2017 19:39
May 5, 2017
أنقذوهم من الموت في العزل
صحيفة السبيل الأردنيه السبت 9 شعبان 1438 – 6 مايو 2017أنقذوهم من الموت في العزل – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_82.html
أغيثونا قبل أن نموت داخل عنبر العزل بسجن العقرب. بهذه الجملة ختم أحد ضحايا العزل رسالة موجعة تم تسريبها من السجن الرهيب، ونشرت صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي. في الاستغاثة ذكر صاحبها ما يلي:
< إن الضابط المسؤول عن عنبر العزل يصر على وضع كل ثمانية أفراد في زنزانة، رغم أنها مصممة على أن تكون «انفرادية»، بحيث لا تحتمل سوى اثنين فقط وهو ما يعرض النزلاء لحالات الاختناق الشديد .
< بين النزلاء مصابون بالربو ومعرضون للموت في أي لحظة، وحين نقلت هذه الملاحظة إلى الضابط المسؤول عن المكان، كان رده بالنص: إن ذلك هو المطلوب، وإذا مات أي شخص فإننا سنأتي بآخر ليحل محله .
< محظور إدخال العلاج لأي سجين، وممنوع تحويل أي شخص إلى عيادة السجن .
< محظور إدخال الطعام من الخارج. وطعام السجن الذي يصرف للفرد هو رغيف واحد في اليوم مع ٥٠ جراما من الجبنة البيضاء .
< المجاري مسدودة في السجن. ومنذ أكثر من سنة امتلأ «البدروم» تحت الزنازين بالمجاري التي ملأت المكان بالروائح الكريهة التي تزكم الأنوف، وهو ما وفر بيئة حاضنة للحشرات والأمراض والميكروبات، وخاصة الناموس حتى أصبح كالطاعون الذي يلوح طول الوقت في العزل .
< إدارة السجن رفضت إصلاح المجاري، كما رفضت أن يتم الإصلاح على نفقة المساجين .
الرسالة بلا توقيع. وهذا أمر مفهوم، وإن كنت لا أستبعد أن يؤدي نشرها إلى مزيد من التعسف مع الضحايا، وهي تصور الحالة المزرية التي يعيشون في ظلها وتعرضهم إلى الموت البطيء.
كما أنني لا أستبعد أن يكون لهذه الحالة نظيرها في سجون أخرى.
وأهم ما فيها ليس فقط المدى الذي بلغه الإذلال والتنكيل ولكن أيضا أن الذي كتبها لم يتحدث عن مظلوميته هو وزملائه، بالتالي فإنه لم يطلب الخروج من السجن واستعادة حريته. إذ من الواضح أنه يئس من ذلك. بحيث أصبحت غاية مراده ليس أن يخرج من العزل وينضم إلى زملائه في المقابر العادية.
ولكنه بات يتمنى أن يتم تحسين أوضاع المقبرة التي وضع فيها مع زملائه. بحث يتم إصلاح المجاري ولو على نفقتهم الشخصية، وتوفير الدواء للمرضى والطعام الذي يليق بآدمية المسجونين.
في مثل هذه الاستغاثات التي اعتدت أن أتلقاها فإن أول ما أدعو إليه هو التثبت من صحة المعلومات، ثم أسير على درب الفقهاء الذين اعتادوا أن يتلقوا أسئلة الناس فيما يستشكل فيستهلون الرد على السائل بالقول: إذا كان الأمر كما ذكرت فالحكم في هذه الحالة كذا وكذا.
لذلك فإنني أقول بأن الأمر لو كان ورد في الشكوى. فإنه ينبغي أن يؤرق كل مواطن صاحب ضمير سواء في مصر أو خارجها.
إذ إننا لسنا بصدد تعذيب يستهدف استنطاقا واعترافا، رغم أن التعذيب في هذه الحالة مرفوض، ولكننا إزاء حالة من التنكيل غير المبرر الذي لا تعرف دوافعه على وجه الدقة.
لكن الثابت أنها ليست مبادرات فردية صادرة عن بعض المسؤولين في السجون، ولا أستطيع أن أقطع بأن ذلك التنكيل يتم بتعليمات من القيادات الأعلى، لكن ذلك لا يعفي القيادات من المسؤولية. لأنها إذا لم تكن راضية عما يجري فبوسعها أن تصدر تعليمات صريحة بوقفه واحترام كرامة المسجونين وآدميتهم.
أعرف أن المنظمات الحقوقية المستقلة التي تحارب الآن تسعى جاهدة للدفاع عن ضحايا الانتهاكات، وأعرف أيضا أن المجلس القومي الذي عينته الحكومة يواجه عنتا مشهودا في محاولة أدائه لبعض مهامه، رغم أنه كثيرا ما يجامل الداخلية ويغطي ممارساتها غير القانونية،
وللأسف فإن لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب فقدت الثقة والاعتبار منذ عين على رأسها أحد خبراء التعذيب.
ثم إن موت السياسة في مصر أفقد كثيرين أملهم في إمكانية قيام الأحزاب بدور في الدفاع عن المجتمع ومساندة المظلومين فيه. وحين يكون الأمر كذلك فإن الأفق يبدو مسدودا، بما لا يدع مجالا للمسجونين في أن يعلقوا أملا أو يجدوا مخرجا.
ولا أعرف المدى الذي يمكن أن تفضي إليه حالة اليأس التي يعانون منها، لكني استغرب دهشة البعض من تحول السجون المصرية إلى بؤر للترويج لفكر التكفير وتبني بعض الشباب آراء «داعش» ومشروعها
ــ ليتنا نعطى الرشد السياسي واحترام حقوق الإنسان عشر معشار الضجيج المثار حول تجديد الخطاب الديني .
..............
أغيثونا قبل أن نموت داخل عنبر العزل بسجن العقرب. بهذه الجملة ختم أحد ضحايا العزل رسالة موجعة تم تسريبها من السجن الرهيب، ونشرت صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي. في الاستغاثة ذكر صاحبها ما يلي:
< إن الضابط المسؤول عن عنبر العزل يصر على وضع كل ثمانية أفراد في زنزانة، رغم أنها مصممة على أن تكون «انفرادية»، بحيث لا تحتمل سوى اثنين فقط وهو ما يعرض النزلاء لحالات الاختناق الشديد .
< بين النزلاء مصابون بالربو ومعرضون للموت في أي لحظة، وحين نقلت هذه الملاحظة إلى الضابط المسؤول عن المكان، كان رده بالنص: إن ذلك هو المطلوب، وإذا مات أي شخص فإننا سنأتي بآخر ليحل محله .
< محظور إدخال العلاج لأي سجين، وممنوع تحويل أي شخص إلى عيادة السجن .
< محظور إدخال الطعام من الخارج. وطعام السجن الذي يصرف للفرد هو رغيف واحد في اليوم مع ٥٠ جراما من الجبنة البيضاء .
< المجاري مسدودة في السجن. ومنذ أكثر من سنة امتلأ «البدروم» تحت الزنازين بالمجاري التي ملأت المكان بالروائح الكريهة التي تزكم الأنوف، وهو ما وفر بيئة حاضنة للحشرات والأمراض والميكروبات، وخاصة الناموس حتى أصبح كالطاعون الذي يلوح طول الوقت في العزل .
< إدارة السجن رفضت إصلاح المجاري، كما رفضت أن يتم الإصلاح على نفقة المساجين .
الرسالة بلا توقيع. وهذا أمر مفهوم، وإن كنت لا أستبعد أن يؤدي نشرها إلى مزيد من التعسف مع الضحايا، وهي تصور الحالة المزرية التي يعيشون في ظلها وتعرضهم إلى الموت البطيء.
كما أنني لا أستبعد أن يكون لهذه الحالة نظيرها في سجون أخرى.
وأهم ما فيها ليس فقط المدى الذي بلغه الإذلال والتنكيل ولكن أيضا أن الذي كتبها لم يتحدث عن مظلوميته هو وزملائه، بالتالي فإنه لم يطلب الخروج من السجن واستعادة حريته. إذ من الواضح أنه يئس من ذلك. بحيث أصبحت غاية مراده ليس أن يخرج من العزل وينضم إلى زملائه في المقابر العادية.
ولكنه بات يتمنى أن يتم تحسين أوضاع المقبرة التي وضع فيها مع زملائه. بحث يتم إصلاح المجاري ولو على نفقتهم الشخصية، وتوفير الدواء للمرضى والطعام الذي يليق بآدمية المسجونين.
في مثل هذه الاستغاثات التي اعتدت أن أتلقاها فإن أول ما أدعو إليه هو التثبت من صحة المعلومات، ثم أسير على درب الفقهاء الذين اعتادوا أن يتلقوا أسئلة الناس فيما يستشكل فيستهلون الرد على السائل بالقول: إذا كان الأمر كما ذكرت فالحكم في هذه الحالة كذا وكذا.
لذلك فإنني أقول بأن الأمر لو كان ورد في الشكوى. فإنه ينبغي أن يؤرق كل مواطن صاحب ضمير سواء في مصر أو خارجها.
إذ إننا لسنا بصدد تعذيب يستهدف استنطاقا واعترافا، رغم أن التعذيب في هذه الحالة مرفوض، ولكننا إزاء حالة من التنكيل غير المبرر الذي لا تعرف دوافعه على وجه الدقة.
لكن الثابت أنها ليست مبادرات فردية صادرة عن بعض المسؤولين في السجون، ولا أستطيع أن أقطع بأن ذلك التنكيل يتم بتعليمات من القيادات الأعلى، لكن ذلك لا يعفي القيادات من المسؤولية. لأنها إذا لم تكن راضية عما يجري فبوسعها أن تصدر تعليمات صريحة بوقفه واحترام كرامة المسجونين وآدميتهم.
أعرف أن المنظمات الحقوقية المستقلة التي تحارب الآن تسعى جاهدة للدفاع عن ضحايا الانتهاكات، وأعرف أيضا أن المجلس القومي الذي عينته الحكومة يواجه عنتا مشهودا في محاولة أدائه لبعض مهامه، رغم أنه كثيرا ما يجامل الداخلية ويغطي ممارساتها غير القانونية،
وللأسف فإن لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب فقدت الثقة والاعتبار منذ عين على رأسها أحد خبراء التعذيب.
ثم إن موت السياسة في مصر أفقد كثيرين أملهم في إمكانية قيام الأحزاب بدور في الدفاع عن المجتمع ومساندة المظلومين فيه. وحين يكون الأمر كذلك فإن الأفق يبدو مسدودا، بما لا يدع مجالا للمسجونين في أن يعلقوا أملا أو يجدوا مخرجا.
ولا أعرف المدى الذي يمكن أن تفضي إليه حالة اليأس التي يعانون منها، لكني استغرب دهشة البعض من تحول السجون المصرية إلى بؤر للترويج لفكر التكفير وتبني بعض الشباب آراء «داعش» ومشروعها
ــ ليتنا نعطى الرشد السياسي واحترام حقوق الإنسان عشر معشار الضجيج المثار حول تجديد الخطاب الديني .
..............
Published on May 05, 2017 16:14
فهمي هويدي's Blog
- فهمي هويدي's profile
- 1314 followers
فهمي هويدي isn't a Goodreads Author
(yet),
but they
do have a blog,
so here are some recent posts imported from
their feed.
