فهمي هويدي's Blog, page 4

May 28, 2017

عن البيئة المنتجة للإرهاب

صحيفة السبيل الأردنيه الاثنين 3 رمضان 1438 29 مايو 2017عن البيئة المنتجة للإرهاب – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_19.html
هل أصبح التعصب مشكلة مصرية؟ ــ هذا السؤال نبهتني عليه بعض الكتابات والتعليقات التي حفلت بها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الثلاثة الماضية، في أعقاب قتل الإرهابيين لنحو ثلاثين قبطيا في صحراء محافظة المنيا.
ورغم أنني وعدت أمس بمحاولة الإجابة عن سؤال آخر هو: هل قصرنا في علاج مشكلة الإرهاب أم إننا أخطأنا في تشخيص المشكلة؟ إلا أنني فضلت أن أبدأ بالسؤال الأول، لاقتناعي بأن طرحه يمثل مدخلا للإجابة عن السؤال الثاني، الأهم والأكبر.
وجدت في الكتابات التي حاولت أن تثبت انتشار التعصب بين المصريين استشهادا بمعاناة بعض الأقباط في مواقع العمل أو الدراسة أو في المجال العام، وإحالات على آراء تضمنتها بعض كتب التراث حطَّت من قدر الأقباط وشكلت إساءة لحقوقهم وكراماتهم، وهي المادة التي أصبحت تشكل مرجعية لعمليات استهدافهم في الوقت الرهن.
ولست أشكك في صدقية أو مرجعية تلك الشهادات، لكنها تثير عندي سؤالا كبيرا هو: لماذا في هذه المرحلة بالذات تبرز الممارسات السيئة بين بعض الأفراد، ولماذا تستحضر من كتب التراث الموجودة منذ مئات السنين تلك الفتاوى والآراء التي تشكل إهانة لهم ونيلا من حقوقهم وكراماتهم؟ لماذا يسقط من الذاكرة فيض علاقات المودة والتراحم التي عاش المصريون بمسلميهم وأقباطهم في ظلها طويلا، ولماذا ينحى جانبا التراث الوفير والتعاليم الأصيلة والاجتهادات المضيئة التي تحدثت عن حق الكرامة لكل البشر وحق المودة والمحبة للمسيحيين خاصة، بحيث تسلط الأضواء فقط على كل ما هو سلبي ومسيء؟
إن تراث المسلمين وغير المسلمين حافل بما هو منير ومشين، لكنه يتعرض للانتقاء والتأويل في ظروف تاريخية معينة، بحيث تدفن أو يستخرج منها ما هو منير تارة في حين يستدعي منها ما هو مشين تارة أخرى.
وتكون المشكلة دائما أن أصابع الاتهام تشير إلى الضحايا وإلى المرجع الفكري الذي جرى الاستناد إليه وتأويله، وليس إلى الظرف التاريخي الذي استدعى هذه المرجعية أو تلك.
وأستأذن هنا في تكرار ما سبق أن أشرت إليه من أن ثمة ظروفا اجتماعية وسياسية تستخرج من الناس أفضل ما فيهم، لكنها حين تتغير في طور آخر فإنها تستخلص من الناس أنفسهم أسوأ ما فيهم.
ولا مجال لاستعادة شواهد التاريخ الدالة على ذلك، لكني أذكر فقط بحالة الإجماع والتلاحم الوطني المبهر التي شهدناها في مصر أثناء ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وأدعو إلى مقارنتها بحالة الانفراط والنفور والاحتقان المحزن التي خيمت على البلد منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
في الإجابة عن السؤال الأساسي الذي يتحرى مصدر الخلل في التعامل مع الإرهاب لا أجادل في أن الدور الأمني لا مفر منه شريطة أن يظل في حدود القانون والقضاء العادل، ثم إنه لا غضاضة في أية إجراءات أخري تحاصر الإرهاب وتلاحق مظانه إذا ما تمت تحت رقابة القضاء لكننا نغفل كثيرا دور البيئة السياسية والاجتماعية. التي تشكل عماد الظروف التي أشرت إليها في الحث على الاعتدال أو تشجيع التطرف والإرهاب.
أفتح هنا قوسا لأذكر بأنه ليس لدي دفاع عن جرم ارتكبه أي طرف. كما أنني أدعو إلى محاسبة كل من خالف القانون أمام القضاء العادل مع الحفاظ على كرامة وإنسانية الجميع ــ أقفل القوس من فضلك.
إن القيود التي تفرض على الحريات العامة، والانتهاكات التي تتم لحقوق الإنسان، لا تلغي قيمة التسامح فقط، وإنما تلقن المجتمع أيضا دروسا في البطش والعنف. ناهيك عن أنها تفرغ مفهوم «المواطنة» من مضمونه، حيث لا قيمة للمواطن إذا ما صودرت حريته وانتهكت كرامته سواء في قسم الشرطة أو في أي مستشفى عمومي، ثم إن غياب العدل الاجتماعي وقسوة الغلاء المتزايد وانسداد أفق المستقبل أمام شرائح واسعة من الفقراء أو الذين تم إفقارهم، هذه كلها بيئة مواتية لنمو أشكال التطرف والعنف تمهد الطريق أمام الإرهاب. وتلك عوامل مسكوت عليها في مناقشات قضية الإرهاب الجارية.
إن بعض زملائنا تحدثوا عن البيئة الحاضنة للإرهاب، لكنهم سكتوا عن البيئة المنتجة للإرهاب، على الرغم من أن الأخيرة أهم وأخطر بكثير من الأولى. لكن مشكلة أغلب المعلقين والسياسيين أنهم يمارسون الجرأة المجانية في التنديد بالبيئة الحاضنة، ولهم في ذلك بعض الحق، لكنهم ولأسباب تتعلق بالكلفة الباهظة يغضون الطرف عن البيئة المنتجة للإرهاب التي هي الأحوج إلى كلمة الحق. ....................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 28, 2017 14:18

May 27, 2017

فى ضرورة المراجعة

صحيفة السبيل الأردنيه الأحد 2 رمضان 1438 28 مايو 2017فى ضرورة المراجعة – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_28.html
بعد الفاجعة التى شهدتها محافظة المنيا ما عاد هناك بديل عن إعادة التفكير والمراجعة
لا أجادل فى أن الصدمة مبررة والغضب حق والاستنكار فرض عين والمواساة واجبة، لكن ذلك كله لا يكفي، بل أزعم أنه فقد معناه وأثبتت التجربة أنه لم يكن مجديا ولا شافيا
من ثم تعين علينا أن نتدبر ما جرى من خلال محاولة الإجابة عن السؤال التالي: هل نحن بصدد مشكلة تقصير فى العلاج، أم قصور فى التشخيص؟
أدري أن ثمة سؤالا ينبغى أن يطرح بخصوص مدى كفاءة الاحتياطات الأمنية التي مكنت الجناة من تحقيق مرادهم
ويقترن التساؤل بالدهشة حين نلاحظ أن بعض السفارات الأجنبية (الأمريكية مثلا) كانت قبل أيام معدودة قد حذرت رعاياها من احتمال وقوع حوادث إرهابية. وهو ما لم تكترث به الجهات المعنية، الأمر الذى أدى إلى خروج حافلتي الأقباط التي أقلت نحو مائة شخص فى رحلتهم التقليدية صبيحة الجمعة بغير حراسة إلى دير الأنبا صموئيل المقام فى جوف الصحراء على بعد ٢٥٠ كيلومترا، فتصيدهم المتربصون وجرى ما جرى
وسواء قصرت مطرانية الأقباط فى إبلاغ الأجهزة الأمنية بالرحلة، أو أن تلك الأجهزة لم تأخذ على محمل الجد رسالة استهداف الأقباط فى مصر التى أعلنتها داعش
بالتالى لم تر ضرورة لحماية الرحلات التى يقومون بها للأديرة، فالشاهد أن ثمة ثغرة أمنية استعملها الجناة لارتكاب جريمتهم.
ثمة أكثر من سؤال آخر يتعلق بمدى كفاية المعلومات عن أنشطة الإرهابيين ومخططاتهم
ذلك أن النقص الملحوظ فى ذلك الجانب، الذى تكرر أكثر من مرة، مكن الإرهابيين من مفاجأة السلطة والمجتمع بعملياتهم الصادمة التى خرجت من سيناء إلى بعض أنحاء الوطن.
خلال السنوات الثلاث الماضية ظل التعامل مع العمليات الإرهابية يتم من خلال التعبئة الإعلامية والسياسية والإجراءات القانونية والقضائية. فاعتبر الخلاف السياسي إرهابا وتم دمج المعارضين ضمن الإرهابيين وأدرج التظاهر السلمى ضمن القائمة، وترتب على ذلك أن السجون امتلأت بالنزلاء وتم التوسع فى الحبس الاحتياطي وفى الأحكام أمام القضاء المدني والعسكرى.
وأعلنت الطوارئ وعدلت القوانين حتى أصبحت أكثر تشددا، حتى الجمعيات الأهلية تعرضت للمصادرة والتنكيل، كما أطلقت أيدى الأجهزة الأمنية التي مارست ما لا حصر له من انتهاكات سجلتها التقارير الحقوقية.
وفى الوقت ذاته رفع شعار تجديد الخطاب الديني، الذي استخدمه البعض للهجوم على التراث وتحول إلى ميدان للتنافس على الانتقاد والتجريح من جانب البعض، وتخلله التزلف وممالأة السلطة من جانب البعض الآخر
فى الوقت ذاته لم تتوقف المؤتمرات المحلية والدولية التي واصلت هجاء الإرهاب والتنديد به. وقرأنا أخيرا عن تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب فى مصر، وعن مركز عالمي أقيم فى الرياض للمهمة ذاتها، وسبق هاتين الخطوتين تأسيس مرصد للفتاوى الشاذة والآراء المتطرفة تابع لدار الإفتاء المصرية، ومرصد مماثل تابع لمشيخة الأزهر... إلخ.
الخلاصة أننا فعلنا كل ذلك لكننا لم نحقق الهدف المنشود، إذ استمر الإرهاب ومدد نشاطه بحيث خرج من سيناء، ولمسنا له حضورا قويا فى المنيا خلال الأيام الأخيرة.
وهو ما يسوغ لنا أن نقول بأننا تحركنا كثيرا لكننا لم نتقدم خطوة إلى الأمام. الأمر الذي يعيد علينا السؤال الذي طرحته قبل قليل بخصوص تحري موضع الخلل، وهل هو فى العلاجات التى استخدمت أم فى تشخيص المرض
 ــ غدا نحاول الإجابة عن السؤال.
......................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 27, 2017 15:35

May 26, 2017

دعوة إلى التطبيع مع العرب

صحيفة السبيل الأردنيه السبت 1 رمضان 1438 27 مايو 2017دعوة إلى التطبيع مع العرب – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_26.html
الأسوأ من انفجار الموقف بين بعض الأشقاء في منطقة الخليج، ذلك الدور السلبي الذي قامت به وسائل الإعلام، وكان له إسهامه في تأجيج المشاعر وإثارة الفتنة. أما الأشد سوءا فإنه لم يعد في العالم العربي «كبير» يبادر إلى إطفاء الحريق وكبح جماح الانفعالات التي أفسدت أجواء الخليج وتناثر رذاذها في الفضاء العربي.
أعترف ابتداء بأنني لم أفهم لا سر الانفجار المفاجئ ولا أسباب التدهور السريع في علاقات الأشقاء. ولم أقتنع بأن الوقائع ــ أو المزاعم ــ التي ذكرت كافية وحدها لإيصال الأمور فيما وصلت إليه، بحيث ظل العالم العربي خلال الأيام القليلة الماضية مسرحا لتجاذبات وتراشقات قدمت نموذجا محزنا لما يمكن أن نسميه «صراع الفضائيات»، ورغم أنني شاهد لم يفهم شيئا من خلفيات الحاصل هذه الأيام في منطقة الخليج، فإنني لا أستطيع أن أكتم عدة ملاحظات أوجزها فيما يلي:
*
إن اختلاف السياسات والمواقف والأمزجة أمور طبيعية لا غضاضة فيها. وليس بوسع أي طرف في المنطقة أن يطالب الآخرين بالتطابق معه في كل شيء، لكنني أفهم أن ثمة حدودا للاختلاف، وأن هناك «مصالح عليا» يتعين التوافق عليها، علما بأن التراشق العلني عبر وسائل الإعلام يحرج الجميع ويهتك الأواصر التي يعد الحفاظ عليها ضروريا لحماية تلك المصالح، خصوصا أن ثمة قنوات دبلوماسية يعد احتواء الخلافات من وظائفها الأساسية.
*
ما أفهمه أنه حين تظهر في بعض النشرات الإعلامية تصريحات سيئة منسوبة إلى القيادة القطرية، ثم يتم نفيها وتعلن الدوحة أن موقع وكالة الأنباء الرسمية تعرض للقرصنة والاختراق الإلكتروني، فالوضع الطبيعي أن يتم التحقيق في واقعة الاختراق على الفور للتثبت من حقيقة الأمر.
وفى ضوء ذلك التحقيق يتم التعامل مع النتيجة بما تستحق. أما أن يتم تجاهل النفي وتصر بعض وسائل الإعلام على أنه لم يحدث رغم نفى «الواقعة» فذلك يعد استباقا محيرا يثير التساؤل ويبعث على الدهشة.
*
تتضاعف الحيرة حين نلاحظ أن القصف الإعلامي بدأ فور إذاعة التصريحات المسيئة، ولم يكن القصف في شكل تسجيل للمواقف ورد للإساءات المفترضة، ولكنه تم من خلال لقاءات استضافت آخرين وبرامج جرى بثها،
الأمر الذي لا يفسر إلا بأحد أمرين: إما كفاءة خرافية في التحرك والإعداد، أو ترتيب مسبق يسير إلى علاقة بين الطرف الذي قام بالاختراق وبين المنابر الإعلامية التي سارعت إلى استثماره.
*
في هذه الأجواء الساخنة، سارعت بعض أطراف الاشتباك الخليجي إلى حجب بعض المواقع الإخبارية، وفوجئنا في مصر بحجب ٢١ موقعا بدعوى دعم الإرهاب والتطرف ونشر الأكاذيب. ولم يكن دخول مصر على الخط مقصورا على ذلك المجال وحده، لأن بعض القنوات التليفزيونية المصرية انخرطت في الاشتباك الخليجي، وشاركت في القصف، على نحو يثير الانتباه والدهشة.
*
ما جرى جاء دالا على أن ثمة تراكمات ورواسب غير مرئية تحتاج إلى تصفية واحتواء رشيد، وللأسف فإن الساحة العربية تفتقد إلى من يقوم بذلك الدور. وفى ظل انهيار النظام العربي فإن الجامعة العربية تحولت إلى كيان عاجز لا دور له، ولم يعد يذكر لأمينها العام أي إسهام في تسكين أو ترشيد الصراعات العربية.
ما جرى في الخليج هزيمة لنا جميعا، نحن الذين ظللنا نحلم بوحدة الأمة، واحتفينا بتشكيل مجلس التعاون الخليجي، ورحبنا بالجسر الذي أقيم بين السعودية والبحرين، وعلقنا آمالا كبيرة على مشروع الجسر بين قطر ودولة الإمارات ونظيره الذي كان يفترض إقامته بين قطر والبحرين.
ومن المخزي أن تتراجع فكرة الجسور بين دول الخليج، وأن تتكاثر الجدران ومعها الغيوم بين الأشقاء العرب. ومن المفجع والمخزي أن تتقطع تلك الأواصر بمضي الوقت، في الوقت الذي نرى فيه جسورا تعد وأخرى أقيمت بالفعل بين بعض الدول الخليجية وإسرائيل.
إن ما يجرى بين الأشقاء في الخليج جزء من المحنة الكبرى التي يعيشها العالم العربي، وليس أدل على عمق تلك المحنة من أننا صرنا نحتاج إلى «مرافعة» لكي ندافع عن «التطبيع» مع الدول العربية والإسلامية.
......................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 26, 2017 14:51

May 24, 2017

خسر النظام وربح خالد

صحيفة السبيل الأردنيه الخميس 28 شعبان 1438 25 مايو 2017خسر النظام وربح خالد – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_25.html
الاحتجاز المفاجئ للأستاذ خالد على المحامي الذي قاد فريق الدفاع عن مصرية الجزيرتين في قسم الشرطة أدى إلى إطلاق عاصفة من الشائعات التي اتهمت السلطة وتعاطفت مع الرجل، ذلك أن أحدا لم يصدق الادعاء بأن احتجازه بسبب بلاغ قدم ضده قبل أربعة أشهر اتهمه بارتكاب فعل فاضح في الطريق العام. ثم إن احتجازه بذريعة العرض على مصلحة الأدلة الجنائية بدا ساذجا، لأن مبيته في قسم الشرطة لا علاقة له بتحقيق الأدلة. ناهيك عن أن التحقيق معه كان باطلا لأن القانون يشترط إبلاغ نقابة المحامين قبل التحقيق مع أي محام وهو ما لم يتم. كما أن المحقق رفض أن يطلعه على أوراق قضيته ومستندات اتهامه كي يعرف ما هو منسوب إليه. اللافت للنظر أن الشائعات التي انطلقت جمع بينها أنها اعتبرت احتجازه إجراءً سياسيا عقابيا استخدم فيه القانون.
أول ما خطر على البال أن الأجهزة استهدفته لدوره في قضية بطلان اتفاقية تسليم الجزيرتين للسعودية، الذي قررته المحكمة الإدارية العليا. وهو ما أحرج السلطة وأزعجها.
 إذ في غياب أي تبرير موضوعي استحضر كثيرون ما جرى في تعديل قانون السلطة القضائية، الذي فهم أن المراد به حرمان المستشار يحيى الدكروري من حقه في رئاسة مجلس الدولة.. عقابا له على إصداره الحكم المذكور، واعتبروا أن معاقبة المحامي خطوة تالية على معاقبة القاضي.
آخرون قالوا إن احتجاز الأستاذ خالد أريد به إنذاره و«شد أذنه» بعدما نقلت عنه رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية ومن قرائن ذلك الإنذار أن أعدادا من مؤيديه وأعضاء حزبه «العيش والحرية» ألقي القبض عليهم خلال الأيام الأخيرة.
وللشائعة رواية أخرى ذهبت إلى أن معاقبته توجه رسالة تحذير أخرى إلى الفريق أحمد شفيق المقيم في الإمارات، الذي قيل إنه سيرشح نفسه أيضا للرئاسة، وحين سئل في ذلك فإنه ترك الباب مفتوحا وقال إن كل الخيارات واردة.
في رأي فريق آخر أن قضية «الفعل الفاضح» جرى استخراجها من الملفات وتحريكها للإيقاع بخالد علي عقابا له على مشاركته في ورشة عمل عقدت في روما خلال الأسبوع الماضي حول حقوق الإنسان والشراكة الأورومتوسطية.
وكان عدد من النشطاء المصريين المقيمين بالخارج بين حضورها (منهم الدكتور عمرو حمزاوي والأستاذ بهي الدين حسن). أيد هذا الظن أن مصر اهتمت بالاجتماع، نظرا لحساسية الموضوع وضعف موقفها إزاءه، فتم تصوير المشاركين فيه وتولت الأبواق الأمنية تصويره باعتباره «اجتماعا سريا»(!) ونشر في مصر أن الهدف منه إثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار في أجواء الانتخابات الرئاسية المقبلة.
الخلاصة أن الدولة المصرية كانت الخاسرة فيما جرى، وأن خالد علي كان رابحا. إذ خسرت مصر حين بدت مهتزة وضعيفة وغير واثقة في مواجهة محام وطني يحظى بالاحترام.
وكان ذلك على حساب سمعتها، ورصيد احترامها للقانون الذي صار يتآكل حينا بعد حين.
ومن المفارقات أن ذلك حدث في حين يوهم الرأي العام بأن الدولة استعادت قوتها وهيبتها.
في الوقت ذاته فإن ما أقدمت عليه السلطة رفع من رصيد شعبيته وقدمه باعتباره الرجل الذي يخشى بأسه، لأنه يؤرق النظام وينازل قيادته وينافسها. حتى أزعم أن هذه السياسة التي تتبع مع خالد علي تشكل أكبر دعاية له إذا ما قرر خوض الانتخابات الرئاسية.
ولا أستبعد في هذه الحالة أن يعترف بالفضل للذين يكيدون له ويستحضرونه بين الحين والآخر في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فيوجه إليهم رسالة يقول فيها: أشكركم على حسن تعاونكم!........................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 24, 2017 16:25

May 23, 2017

شكوك في مسألة التحالف

صحيفة السبيل الأردنيه الأربعاء 27 شعبان 1438 24 مايو 2017شكوك في مسألة التحالف – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_23.html
حين ينشغل بعض العرب عن إطلاق فكرة التحالف الإسلامي الأمريكي بالحديث عن انكشاف شعر السيدة ميلانيا قرينة الرئيس ترامب، أو نفاد «موديل» فستان ابنته إيفانكا من الأسواق، فمعنى ذلك أن خللا فادحا في الإدراك قد حدث. وأن العبث في المشهد ذهب إلى أبعد مدى.
وإذ تذهلنا المفارقة، فإنني قد أعذر الذين تورطوا في العبث. إذ اعتبرهم ضحايا الإعلام غير المسؤول الذي ما برح يهلل لما جري ويعتبره انتصارا سياسيا باهرا يصوب العوج ويشد الأزر ويوجه رسالة الردع للخصوم والأعادي.
إن شئنا الدقة فينبغي أن نعترف بأن فكرة التحالف مع الولايات المتحدة ليست جديدة؛ لأن العالم العربي دخل في العصر الأمريكي بدرجات متفاوتة منذ عدة سنوات، حتى أن فكرة أحلافه الدول الكبري التي جرى رفضها والتظاهر ضدها منذ الخمسينيات ــ في مصر على الأقل ــ تحولت إلى طموح لبعض الأنظمة. وعرس تقام لإتمامه السرادقات والمهرجانات، وتنصب له الأفراح التي تحيي الليالي الملاح،
إذ في ظل انهيار النظام العربي، وفقدان الأمة للقيادة الرشيدة والبوصلة الهادية، حدث الانقلاب الذي في ظله أصبح الالتحاق بركب الدول الكبري فضيلة ومغنما يسعى إليه كثيرون. وكان انتشار القواعد العسكرية وما يسمى بالتسهيلات المقدمة لجيوش الدول الكبري من قرائن ذلك الانبطاح وشواهده.
إذا سألتني ما هو الجديد إذن، فردي أنه يتمثل في خمسة أمور.
الأول أن ما كان «عرفيا» مستورا ومسكوتا عليه صار «شرعيا» ومعلنا على الملأ.
 الثاني أن التحالف قدم بحسبانه تعبيرا عن إرادة الأمة العربية والعالم الإسلامي.
 الثالث أنه لم يوظف لصالح صراعات الدول الكبرى، وإنما جرى تأسيس التحالف لحسم الصراع في المنطقة، ضد إيران من ناحية وضد تنظيمي داعش والقاعدة من ناحية ثانية.
الأمر الرابع أنه يفتح الباب لانضمام إسرائيل إليه بدعوى مواجهة ما سمي بـ«الخطر المشترك» الذي يهدد دول المنطقة.
 الأمر الخامس أنه يكرس تراجع أولوية القضية الفلسطينية وترشيح إيران كي تحتل موقع الخطر الأكبر والعدو الأول. وهو المصطلح الذي استخدمه بعض القادة العرب الذين لم يجرؤ أحد منهم على ذكر اسم فلسطين، التي هي أولي وأكبر ضحايا الإرهاب الإسرائيلي ــ في حين جري التنويه أكثر من مرة إلى أن إيران هي «رأس الحربة» الداعم للإرهاب.
تلح علي النقطة الأخيرة طول الوقت. ولست أخفي أن لدي شكوكا قوية في أن فكرة التحالف الذي وصف زورا بأنه إسلامي، ما كان لها أن تحظي بالرعاية الأمريكية إلا إذا كانت تمهيدا لانضمام إسرائيل إليه،
 الأمر الذي يحقق لها ثلاثة أهداف تلح عليها وتتوخاها طول الوقت. الأول الانتقال إلى التطبيع العلني مع الدول العربية والإسلامية، والثاني تكثيف الضغط علي إيران بما يضعفها ويعرقل مشروعها النووي، والثالث تجاوز القضية الفلسطينية واعتبارها شأنا محليا بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
إذا جاز لي أن أذهب إلي أبعد في المصارحة والإفصاح عن الشكوك التي تراودني، فإنني أكاد أزعم بأن فرقعة التحالف الإسلامي الأمريكي لمواجهة الإرهاب ليست مأخوذة على محمل الجد. لكنها في عمقها بمثابة قنبلة دخان أطلقت في الفضاء العربي كي تغطي خطوات الصفقة التاريخية التي تبدأ بالتطبيع وجاء الرئيس الأمريكي لإبرامها. ولا تنس أنه أعلن أكثر من مرة أن القادة العرب الذين التقاهم رحبوا بها.
أكرر أنني أتحدث عن شكوك أتمنى أن تكذبها الأيام المقبلة. وإلى أن ينجلي الأمر فإنني لا أمل من الهتاف وبالدعاء:يا خفي الألطاف نجنا مما نكره ونخاف.
.......................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 23, 2017 13:49

May 22, 2017

أيكون التطبيع جوهر الصفقة التاريخية؟ – المقال الأسبوعي

صحيفة الشروق الجديد المصريه الثلاثاء 26 شعبان 1438 23 مايو 2017أيكون التطبيع جوهر الصفقة التاريخية؟ - فهمي هويدي – المقال الأسبوعي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_22.html
زيارة الرئيس الأمريكى للسعودية تقلقنا ولا تطمئننا، وأخشى أن تكون تمهيدا لتوريطنا بالتطبيع المشئوم فيما يفجعنا ويصدمنا.
(1)
قبل ٢٤ ساعة من وصول الرئيس ترامب إلى الرياض (يوم ٢٠/٥) نشرت صحيفة «الواشنطن بوست» تقريرا سجلت فيه مواقف الرجل ورأيه فى الإسلام والمسلمين والسعودية ومنطقة الخليج منذ شهر مارس عام ٢٠١١ حتى منتصف شهر مايو الحالى (٢٠١٧).
وكانت أهم خلاصة للتقرير أن الرجل لا يخفى كراهيته للإسلام والمسلمين واحتقاره للخليجيين الذين يعتبرهم عالة على الولايات المتحدة، وكان عنوان التقرير مقتبسا من مقولة اشتهرت للرئيس الأمريكى، أعلن فيها: «إن الإسلام يكرهنا»،
وجاءت قراراته وتصريحاته اللاحقة لتؤكد ليس فقط أن الإسلام دين خطر على العالم، ولكن أيضا أن المسلمين أشرار ومساجدهم فى الولايات المتحدة ــ وفى فرنسا لاحقا ــ يجب أن تراقب ويفضل أن تغلق، أما المسلمون الأمريكيون فينبغى أن تصدر لهم بطاقات هوية خاصة.
وهو الخطاب الذى أيقظ مشاعر الكراهية لدى بعض الأوساط، وأدى إلى ارتفاع معدلات جرائم الكراهية والتمييز فى الولايات المتحدة.
ولم يكذب الرجل خبرا. لأنه ما إن تولى منصبه رسميا حتى أصدر قراره الشهير بمنع دخول مواطنى ٧ دول إسلامية إلى الولايات المتحدة (صاروا ستة لاحقا). إلا أن القضاء الأمريكى تصدى له فى هذه الخطوة التى اعتبرت انتهاكا للدستور، لكنه لا يزال يجاهد لتفعيله وتقييد دخول المسلمين إلى بلاده.
لم يكن ذلك موقف الرجل وحده، لكنه أيضا كان موقف فريقه ومساعديه. وفى الشهادة التى سجلها خبير الشئون الأمريكية الأستاذ محمد المنشاوى المقيم فى الولايات المتحدة تفصيلات مهمة فى هذا المعنى،
منها مثلا أن مستشاره للأمن القومى مايكل فلين (الذى اضطر للاستقالة لاحقا) وصف الدين الإسلامى بأنه أيديولوجية سياسية تختبئ وراء الفكرة القائلة أنه معتقد دينى، كما شبهه بأنه «سرطان خبيث». وكتب أن الخوف من المسلمين خوف منطقى.
 أما مستشاره الاستراتيجى الأبرز ستيفين بانون فقد وصف الإسلام بأنه «أكثر ديانات العالم تطرفا»، وحذر من أن المسلمين يشكلون «طابورا خامسا» فى الولايات المتحدة،
 ثم تجرأ ترامب وقام بتعيين سيباستيان جوركا مستشارا لشئون مكافحة الإرهاب. وهو الرجل الذى قال إن الأمر ليس نقاشا حول الإسلام وعما إذا كان دينا أم لا. لأنه يتعلق بالإرهاب الإسلامى المتطرف، وينبغى أن نكون صريحين فى مواجهة التهديد الذى يشكله هذا الإسلام، وألا نتجاهله كما فعلت إدارة أوباما ــ (جريدة الشروق ١٩/٥).
ولم يكن غريبا والأمر كذلك أن يصطحب الرئيس ترامب معه فى رحلته إلى السعودية المطرب تونى كيث الذى قدم بعض أغانيه فى الرياض. وهو من سبق له أن كتب أغنية تمنى فيها أن تقصف الأماكن المقدسة فى مكة، وأن «يهرب الناس منها كالأرانب».
فى تقييمها للرئيس ترامب وصفته صحيفة «دير شبيجل» الألمانية فى مقال افتتاحى يوم ١٩/٥ بأنه «رجل بلا قيم، وأنه كذوب وعنصرى وغشاش»، كما اعتبرته «خطرا على العالم» المعاصر. وهى العبارات التى تذكرتها حين سمعته يتحدث عن الإسلام فى خطاب أمام ممثلى العالم الإسلامى بالرياض يوم الأحد الماضى ٢١/٥. بأنه «من أعظم الديانات فى العالم»
وهذه المفارقة التى رصدتها الصحف الأمريكية والبريطانية، واعتبرتها دليلا إضافيا يؤكد أن الرجل لا أمان له، وأنه يمكن أن يغير مواقفه ومبادئه فى أى لحظة بمعدل ١٨٠ درجة إذا وجد فى ذلك مصلحة له.
(2)
ذلك التحول فى تعبير الرجل ومشاعره يمكن فهمه إذا أدركنا أنه وقع اتفاقات مع السعودية بقيمة ٤٥٠ مليار دولار. وأن المؤسسة التى أنشأتها ابنته التى قدمت معه حصلت على مساهمة أو تبرع بقيمة مائة مليون دولار، ذلك غير العقود التى أبرمتها الشركات الأمريكية التى قدرت بعشرات الملايين الأخرى من الدولارات وهى أرقام فلكية تبرر وصف الزيارة حقا بأنها «تاريخية» وترشحها لأن تصبح عنوانا مهما فى ملف «صفقة القرن».
لم يكن ذلك هو الإنجاز الوحيد، وان ظل الأهم من وجهة النظر الأمريكية لأنه حقق فيما هو معلن. إنجازا سياسيا آخر، بمقتضاه تم حشد الدول السنية فى تحالف عسكرى رمزى بالدرجة الأولى لمواجهة إيران الشيعية، إلى جانب التصدى لأنشطة تنظيمى داعش والقاعدة فى سياق مقاومة الإرهاب مع التوصية بتوفير قوة احتياط قوامها ٣٤ ألف جندى لذلك الغرض. وهى الخطوة التى وصفت بأنها بمثابة إعلان نوايا لتأسيس «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجى فى مدينة الرياض».
هذه «اللقطة» تم إخراجها من خلال عقد اجتماع وصف بأنه «قمة أمريكية عربية إسلامية». حضره ممثلون عن ٥٥ دولة، وتحدث إليه الرئيس الأمريكى بلغة انفتاحية متصالحة مع الدول الإسلامية المشاركة، تبنى خلالها الدعوة إلى التشدد فى مواجهة الإرهاب، والسعى إلى إحلال السلام والاستقرار فى المنطقة.
وصف القمة المذكورة كان مبالغا فيه. وقد أعفانى الدكتور إبراهيم عوض أستاذ السياسات العامة بالجامعة الأمريكية من نقده، إذ إنه ذكر فى تحليله أن المنهج الذى اتبع فى إقامة التحالف الجديد وفى مضمونه «فاسد»، معتبرا أن البناء الأمنى الإقليمى الذى يحقق الأمن والسلم لأطرافه، لابد أن يشترك فيه كل من يقع فى إقليم ما، فى حين أن استبعاد دولة واقعة فى الإقليم (مثل إيران) يقوض ذلك البناء، ناهيك عن أن ترتيب إقامة التحالف فى جلسة لممثلى الدول الإسلامية تستغرق ساعات معدودة، يشكك فى جدية الفكرة وجدواها. (الشروق ــ ٢١/٥) .
لاتزال المعلومات عن زيارة الرئيس الأمريكى للرياض ناقصة. وإذا كانت شخصية الرجل وتقلباته تدهشنا وتقلقنا، كما يفاجئنا حجم الصفقات المالية والاقتصادية المهولة التى عقدها رغم ضعف موقفه فى الداخل وبدء الحديث عن احتمالات عزله من منصبه، فأغلب الظن أننا سننتظر بعض الوقت لكى نعرف من الصحافة الإسرائيلية ما لم يعلن عنه فى الرياض، وما تم إنجازه فى تل أبيب.
(3)
عشية زيارة الرئيس الأمريكى لإسرائيل (مساء الأحد ٢١/٥) صادق المجلس الوزارى السياسى والأمنى الإسرائيلى على بعض التسهيلات للفلسطينيين، منها مثلا تسهيلات على المعابر بين الضفة وإسرائيل ــ والمصادقة على توسيع المنطقة الصناعية فى «ترقوميا» جنوب الخليل، ومنح تراخيص لآلاف وحدات الإسكان الفلسطينية فى مناطق محددة بالمنطقة (جـ) والمتاخمة للمدن الفلسطينية،
وذكرت صحيفة هاآرتس فى عددها الصادر أمس (الإثنين ٢٢/٥) أن التسهيلات لها علاقة بزيارة الرئيس ترامب.

التسهيلات الإسرائيلية للفلسطينيين ليست سوى رسالة أريد بها الترحيب بالرئيس الأمريكى والإيحاء بحسن النوايا الذى ينتظر المقابل بما يمهد الطريق أمام الصفقة المرجوة. غير أن سفيره الجديد لدى إسرائيل ديفيد فريدمان فى أول حديث أجرى معه بعد تقديم أوراق اعتماده حرص على أن يبلغ الجميع بأن إسرائيل «ليست مطالبة بتقديم أية تنازلات» للفلسطينيين.
وقال فى الحوار الذى نشرته له فى ١٧/٥ صحيفة «يسرائيل هيوم» ــ أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا ــ أنه ليس واردا لدى إدارة ترامب اتخاذ أية مواقف يمكن أن تتعارض مع مخططات الحكومة العبرية، خصوصا فى مسألة تجميد المستوطنات. ليس ذلك فحسب وإنما أكد الرجل على أن ترامب الذى سيكون خطابه فى إسرائيل «إيجابيا جدا»، لن يسمح بأن تمارس أية ضغوط على إسرائيل فى أية عملية تفاوضية مستقبلية»، وأن المفاوضات إذا جرت بين الطرفين ستتم بدون أية شروط مسبقة.
للعلم فإن السفير فريدمان الذى اختار ترامب أن يمثله لدى إسرائيل كان يرأس جمعية أمريكية يهودية متخصصة فى جمع التبرعات للمستوطنات اليهودية فى الضفة الغربية. وقد بدأ عمله كسفير بالتوجه إلى حائط البراق الذى يسمونه حائط المبكى، وقد اعتمر القبعة الدينية التى يستخدمها المتدينون الصهاينة،
وذكرت صحيفة «معاريف» أن نتنياهو سأله عن سبب اختياره الحائط ليكون أول مكان يزوره بعد تولى مهام عمله فرد فريدمان قائلا: لم أكن لأشرع فى مهمتى قبل التوجه لذلك المكان.
استطرادا، وبالمناسبة ذكرت صحيفة هاآرتس أن إيفانكا ابنة الرئيس ترامب وزوجها اليهودى قدما تبرعات مالية سخية لجمعية إسرائيلية تدعو إلى تدمير المسجد الأقصى.
(4)
حتى تاريخه، لا نكاد نصادق حديثا واضحا عن «صفقة العصر» التى تردد الحديث عنها فى الأوساط السياسية، لكننا نفهم أنها تتعلق بتسوية الصراع وإغلاق ملفه، وقيل فى صددها أن العالم العربى بات مستعدا لذلك وأن هناك إشارات فى إسرائيل تشجع عليه، وجرى التلويح فى هذا السياق بمبادرة السلام العربية التى اعتمدتها قمة بيروت عام ٢٠٠٢ وتحدثت عن التطبيع العربى الكامل مقابل الانسحاب الإسرائيلى الكامل.
ثم صدرت إشارات تحدثت عن تطبيع إقليمى عربى يمهد لحلحلة القضية ويسهل عملية إغلاق الملف، وقيل أن دولتين خليجيتين (السعودية والإمارات) تتبينان ذلك الحل تؤيدها دولتان مشرقيتان (مصر والأردن).
لكن التلميحات والتسريبات التى انتشرت قبل قدوم الرئيس ترامب للمنطقة تراجعت حينما وصل الرجل إلى الرياض. الأمر الذى أعطى انطباعا بأن حديث التسوية تم فى اللقاءات الخاصة وأن ثمار «صفقة القرن» لم تنضج بعد.

أثار الانتباه فى هذا الصدد أن صحفيا إسرائيليا بارزا هو أودى سيغل ــ معلق الشئون السياسية فى قناة التلفزة الثانية ــ قال إن ترامب سيطالب الحكام العرب بتوفير الظروف المناسبة لتحقيق صفقة العصر. وأضاف فى التعليق الذى جرى بثه مساء الجمعة ١٩/٥ ضمن برنامج «استوديو الجمعة» أن القادة العرب سيكونون مطالبين باتخاذ «خطوات تطبيعية كبيرة تجاه إسرائيل» لإنجاز الصفقة،
 وحسب تعبيره فإن «المعلومات المتوفرة لدى إسرائيل تؤكد أن ترامب سيقول للحكام العرب إن عليهم السماح بتسيير خطوط جوية بين تل أبيب والعواصم العربية، كما أن عليهم أن يرفعوا الحظر على سفر الإسرائيليين للدول العربية، إلى جانب السماح بمشاركة الفرق الرياضية والفنية الإسرائيلية فى الفعاليات الدولية والإقليمية التى تنظم فى الدول العربية.
لا أستطيع أن أعول على هذا الكلام، لكننى أستريب فى الصمت الذى فرض على موضوع التطبيع الذى أفهم أنه الهدف الرئيسى للزيارة، وبغير التطرق إليه فإن الصفقة التاريخية ستصبح بغير معنى أو مضمون.
وكنت فى مقام سابق قد ذكرت أن الزيارة إذا كانت صفقة لإسرائيل فإنها ستكون صفعة للعرب. ولازلت عند رأيى لم أغيره.
.....................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 22, 2017 14:47

May 21, 2017

كحلها فأعماها!

صحيفة السبيل الأردنيه الاثنين 25 شعبان 1438 22 مايو 2017كحلها فأعماها! – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_21.html
حين قرأت أن الأجهزة الأمنية تفتش عن السيد حبيب العادلي في غرف العناية المركزة بالمستشفيات، خطر لي على الفور التعبير الشائع الذي يتحدث عمن حاول أن يكحلها فأعماها.
ذلك أن فكرة هروب وزير الداخلية المصري السابق بعد الحكم بسجنه سبع سنوات في قضية الفساد المالي لم تكن مقنعة للرأي العام. إذ لم يخطر على بال أحد أن يتعذر ذلك على أجهزة الداخلية بما يتوافر لها من إمكانيات هائلة في المراقبة والتنصت والملاحقة. ولم يكن لذلك من تفسير سوى أن «رجاله» في الداخلية هم الذين روجوا لقصة هروبه لتبرير عدم تنفيذ الحكم عليه، انتظارا لقرار محكمة النقض في الاستئناف الذي قدمه محاميه.
 أيد هذا الشك أن العملية لها سوابق، ورعاية الأجهزة الأمنية لأركان النظام السابق الذين صدرت ضدهم أحكام نهاية بالسجن باتت أمرا معلوما ومسكوتا عليه.
إزاء عدم تصديق الرأي العام قصة هروب العادلي، حين نشر خبرها لأول مرة في الأسبوع الماضي، فإن أجهزة الداخلية حاولت أن تصحح الصورة وتبعد عن نفسها شبهة التقصير أو التواطؤ التي لاحقتها.
وحين حاولت أن «تكحلها» فإنها سربت معلومات نشرتها جريدة «الشروق» يوم السبت ٢٠/٥ جاء فيها ما يلي:
قالت مصادر أمنية مطلعة إن إدارة تنفيذ الأحكام في وزارة الداخلية نفذت خلال الساعات الماضية عدة مأموريات للقبض على الوزير الهارب، شملت فحص عدد من غرف العناية المركزة في المستشفيات الاستثمارية والخاصة، لاحتمال وجوده بها. فضلا عن مأموريات أخرى (قامت بالبحث عنه) حول منزله في ضاحية ٦ أكتوبر، والأماكن التي يتردد عليها، وفحص شبكات المحمول لتعقبه عن طريق الهاتف.
الغريب في الأمر أن الفقرة التالية من الخبر المنشور ذكرت ما نصه: أضافت المصادر أنه في المقابل يمارس وزير الداخلية الأسبق حياته الطبيعية مع أسرته وأصدقائه، كما يتردد على إحدى المستشفيات الاستثمارية بدعوى العلاج.. وأكدت أنه واصل لقاء محاميه أكثر من مرة في الأسبوع الماضي للتوصل إلى أقرب طريقة للتعجيل بعقد جلسة نقض الحكم، لتحديد موقفه النهائي. لافتة إلى أن الحراسة المكلفة بمراقبة منزله من قبل وزارة الداخلية لا تزال موجودة في «فيللته».
في الجزء الأخير من الخبر أن العادلي سيظهر خلال جلسة النقض على الحكم. وهو يعمل حاليا على جمع أكبر عدد من المستندات التي تدعم موقفه بخصوص بنود الصرف أثناء توليه منصبه، لذلك فإنه يتواصل ومحاميه مع ضباط في الوزارة لاستعادة نسخ إلكترونية من الأوراق التي تم تدميرها خلال حريق مبنى إدارة الحسابات بالوزارة.
هذه «الإيضاحات» أكدت أن الرجل ليس هاربا، كما أنه ليس مريضا، وأن حكاية البحث عنه في غرف العناية المركزة كانت أكذوبة، كما أن تتبع اتصالاته الهاتفية وفحص شبكات المحمول للتعرف على مكانه ليس سوى شائعة لا أساس لها، وكان ذلك «الإيضاح» كافيا لإثبات أن الرجل في «الحفظ والصون» تحت رعاية الشرطة التي تخفيه حتى يظهر في جلسة النقض.
ما يهمني في الفيلم ليس وقائعه، وإنما تدني مستوى قصته الذي أستغربه بشدة، خصوصا أننا نعلم أن للداخلية خبرة طويلة في الموضوع ترشحها لأداء أفضل بكثير مما تابعناه،
ولو أن القصة أساءت إلى الداخلية وحدها لهان الأمر ولضممناها إلى جملة ما يصدر عنها من روايات مفتعلة وقصص مرتبكة وملفقة، إنما الأخطر من ذلك أنها تهدم فكرة دولة القانون وتعيد إلى الأذهان فكرة «شبه الدولة» التي أشير إليها في مناسبات عدة، قيل لنا فيها إننا تجاوزناها واستعدنا للدولة هيبتها وللقانون احترامه.
إذ اكتشفنا في ثنايا القصة أن ذلك كله كان كلام «جرايد»، يطلق في المناسبات لدغدغة المشاعر ثم ينسى بعد ذلك لتعود «ريمة إلى عادتها القديمة». بحيث نظل في القاع الذي وصلنا إليه ولم نغادره.
................................................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 21, 2017 14:07

May 20, 2017

درس للرئيس ترامب

صحيفة الشروق الجديد المصريه الأحد 24 شعبان 1438 21 مايو 2017درس للرئيس ترامب – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_50.html
الخبر أن أحد رؤساء أجهزة السلطة قرر أن يلقن رئيس الجمهورية درسا، وينبهه إلى أنه يخدم القانون والمجتمع ولا يخدم الرئيس. وقبل أن يلتبس الأمر على أحد وتذهب به الظنون بعيدا، فإننى أطمئن الجميع إلى أن «المعجزة» حدثت فى الولايات المتحدة وأن طرفيها هما جيمس كومى رئيس المباحث الفيدرالية، الذى هو بطل القصة، أما الثانى فهو الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
والقصة روتها صحيفة «نيويورك تايمز» التى نشرت يوم ١٦ مايو الحالى تقريرا أشار إلى الدرس الذى لقنه كومى للرئيس ترامب قبل أن يعزله الأخير من منصبه، ليصبح قرار الرئيس نقطة سوداء فى سجل المآخذ التى يحاسب عليها الآن.
خلاصة القصة كالتالى:
بحكم موقعه فإن السيد كومى كان يعرف الكثير عن ترامب، وأراد أن يعرفه حدود وتقاليد التعامل معه خصوصا أنه قادم من خارج السياسة والإدارة. لذلك حرص على أن ينبهه إلى أن ثمة مسافة يتعين الحفاظ عليها بين البيت الأبيض والمباحث الفيدرالية، وبالتالى فليس للرئيس أن يتدخل فى عمل المباحث الذى هو مستقل تماما. وليس لفريقه أن يتدخل فى التحقيقات التى يجريها أو أن يتابع تفصيلاتها
ــ وإذا كان ذلك ضروريا فليس للرئاسة أن تخاطب المباحث الفيدرالية مباشرة، وإنما يتعين عليها أن تقدم طلبا رسميا بما تريد إلى وزارة العدل، وهى التى توجهه إلى رئيس المباحث الفيدرالية، وعلى الأخير أو نائبه أن يفحصها جيدا قبل أن يرد على طلب البيت الأبيض بما يراه مناسبا.
ذكرت الصحيفة فى تقريرها أن ترامب أراد أن يقيم علاقة شخصية مع كومى، وطلب منه أن ينضم إلى فريقه الذى يدين له بالولاء، لكن الرجل حرص طول الوقت على أن تظل العلاقة فى إطارها الرسمى وليس الشخصى، لتظل المسافة قائمة بين البيت الأبيض والمباحث الفيدرالية، بحيث يتحرك كل طرف فى مجاله دون اتصال أو مساس بالآخر.
فى هذا السياق روت الصحيفة قصة اللقاء بين الرجلين بعد تنصيب ترامب رسميا رئيسا للولايات المتحدة. ذلك أن الرئيس أقام حفلا لممثلى الأجهزة الأمنية الذين أشرفوا على ترتيب أمر حفل التنصيب. وكان جيمس كومى بينهم.
وجد الرجل نفسه مضطرا لحضور الحفل، إلا أنه وقف بعيدا كى يحتفظ بالمسافة بينه وبين الرئيس، بل وحاول أن يختبئ وراء إحدى الستائر فى القاعة. ولأن قامته طويلة بأكثر مما ينبغى (طوله متران و٣ سنتيمتر) فقد لمحه ترامب ودعاه كى يصافحه فلم يجد مفرا من التوجه إليه.
ولأن اللقاء كان مثيرا للانتباه. فإن الصحيفة أرفقت تسجيلا مصورا له، ظهر فيه كومى وهو يمد يده الطويلة لكى يصافح الرئيس، ولكن الأخير جذبه نحوه لكى يحتضنه، فاضطر لأن يقبله على وجنته ثم يعود إلى مكانه مسرعا.
ولم يفوت الرجل المشهد، لأنه ما إن غادر الحفل وركب سيارته حتى دون تفاصيل ما جرى فيه وانطباعاته عنه. ثم سلم ما دونه إلى أحد مساعديه لتحتفظ المباحث الفيدرالية بسجل لما جرى. خصوصا أنه اعتاد أن يسجل على الورق تفصيليا كل اتصالات الرئيس ترامب معه.
وهذه الأوراق التى احتفظت بها المباحث الفيدرالية، محل تحقيق الآن ضمن الجهد الذى يبذل لتقييم أداء الرئيس الأمريكى.
(فى أحد تلك الاتصالات طلب ترامب من جيمس كومى وقف التحقيقات التى تجريها المباحث الفيدرالية مع مايكل فلين مستشاره للأمن القومى (الذى أقيل لاحقا)، وهو ما لم يستجب له الرجل بطبيعة الحال).
الحديث الذى نحن بصدده ليس نموذجا للفصل بين السلطات الذى بات أمرا مفروغا منه، ولكنه نموذج لاحترام القانون والفصل بين الاختصاصات داخل السلطة الواحدة. وهو ما يبتعد بمسافة ضوئية عن الواقع العربى الذى نعيشه بحيث صار الفصل بين السلطات فيه حلما بعيد المنال وتم اختزال الدولة فى شخص الزعيم، بحيث ما عادت لدينا مؤسسات مستقلة، بل ولا أوطان مستقلة فى حالات عديدة.
.......................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 20, 2017 14:40

May 19, 2017

في موسم بيع الأوهام

صحيفة السبيل الأردنيه السبت 23 شعبان 1438 20 مايو 2017في موسم بيع الأوهام – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_20.html
في اليوم الذي أعلن فيه رئيس البنك المركزي المصري أن العام المقبل (٢٠١٨) هو عام «الطفرة»، كانت إحدى سيدات محافظة الشرقية تجلس أمام مبنى المحافظة ووراءها لافتة أعلنت فيها أنها تريد بيع طفلها لكي يعيش إخوته الآخرون.
والمسافة بين الإعلانين ترمز للمسافة بين تصريحات المسؤولين وكلام «الجرايد»، وبين الواقع الراهن.
 ذلك أننا نلاحظ في الوقت الراهن إسرافا من جانب المسؤولين في الحديث عن الإنجازات ودغدغة المشاعر، الذي بات يملأ صفحات الصحف القومية على الأقل.
في الوقت الذي تتعدد فيه وتتعقد حينا بعد حين مظاهر معاناة الناس. وأيا كانت جدية الأم في محاولة بيعها لطفلها، فأظن أن أحدا يمكن أن يجادل في أن مصر أصبحت أحد أهم البلدان التي تروج فيها تجارة الأعضاء البشرية. فضلا عن أنها صارت مصدرا للهجرات البشرية عبر البحر إلى أوروبا
 
كما لا أظن أن أحدا يمكن أن ينكر أن تعويم الجنيه المصري وفقدانه نصف قيمته، صار نقطة تحول موجعة لملايين المصريين الذين تم إفقارهم تلقائيا بسببه. خصوصا أن التعويم اقترن بموجة موجعة أيضا لزيادة الأسعار، كرست الإفقار ووسعت من دائرته.
وليت الذين ينشغلون بمتابعة النشطاء وتسجيل ما يبدونه من آراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو التنصت على مكالماتهم الهاتفية يصرفون بعضا من وقتهم للاستماع لصوت المجتمع ورصد صور معاناة الناس في الأسواق، التي باتت تبيع فضلات الطعام، بعدما عز الطعام ذاته، أو جمع قصص تفننهم في الاحتيال للاستمرار في الحياة ببعض الكرامة، وأحيانا بلا كرامة.
هذا الإجمال له تفصيلات صادمة، لا يتسع المجال لذكرها، وأكثرها مما يشيب له شعر الرأس، وإذا تعرضنا لها فقد يعد ذلك إزعاجا للسلطة وتكديرا لمزاجها، وربما اعتبر من قبيل نشر الغسيل القذر. وعواقب الأمرين لا تحمد وقد لا تحتمل.
 
لست ضد الحديث عن الإنجازات بطبيعة الحال، وما آخذه على تصريحات المسؤولين هو «الإسراف» في ذلك،
وأشدد على أن الإنجاز الحقيقي هو الذي يستشعره الناس وليس الذي يقرؤون عنه في الصحف.
وفي عدة مرات سابقة ذكرت أن تحقيق الإنجاز قد يستغرق وقتا، لكن الثقة في بلوغ المراد تشجع الناس على الصبر والاحتمال. وتهتز تلك الثقة إذا حددت للإنجاز مواعيد ثم جرى الإخلال بها، كما تهتز إذا استحكمت معاناة عموم الناس. ثم جرى الإغداق على بعضهم دون غيرهم. أو حين يتم تقليص الإنفاق على بعض الضروريات (التعليم والإسكان والصحة مثلا) ثم فتح الخزائن بغير حساب لحساب مشروعات لا أولوية لها، أو مشروعات أخرى كمالية أو ترفيهية لا ضرورة لها. ناهيك عن البذخ في الإنفاق على فنادق وبنايات تخص بعض الأطراف المتميزة في مواقع السلطة.
يفاقم المشكلة ويثبط الهمم، أن يشعر المجتمع بأنه معزول عما يجري وليس شريكا فيه. كما أن بين المتحدثين من يستهين بالناس، فيطلق التصريحات والوعود مطمئنا إلى أنهم من السذاجة بحيث يصدقون كل ما يقال، أو أنهم من الوهن والاستسلام بحيث لا يجرؤون على المساءلة والحساب.
وحين يتمادى المسؤولون في ذلك مطمئنين إلى أن الناس يصدقون أو يبتلعون ما يقال لهم، فإنهم ينسون أن الدنيا تغيرت، وأن الحقائق يتعذر إخفاؤها.
كما أن ما لا يقال في الصحف يملأ مواقع التواصل الاجتماعي. ناهيك عن أن سكوت الناس لا يعني أنهم يبتلعون ما يقال لهم ويهضمونه. غير مدركين أن هناك من يختزن المشاعر ويراكمها. بالتالي فالسكوت ليس علامة استسلام وقبول، ولكنه من قبيل الصبر على المكاره، الذي له حدوده وأجله.
مهما علا الضجيج الإعلامي، ومهما كانت الوعود مبشرة وجذابة، فإن الإنجاز إذا لم يطرق أبواب بيوت الناس، وإذا لم يؤد إلى طمأنتهم وإعادة الثقة إلى نفوسهم، فإنه سيظل من قبيل الطبل الأجوف لا يسمعه إلا الذين يقرعون الدفوف ويتصدرون «الزفة».
.....................
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 19, 2017 19:48

May 17, 2017

فيلم هروب العادلي

صحيفة السبيل الأردنيه الخميس 21 شعبان 1438 18 مايو 2017فيلم هروب العادلي – فهمي هويدي http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2017/05/blog-post_18.html
أرشح فيلم هروب وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي للفوز بالجائزة الأولى في مهرجان أفلام الموسم الهابطة. ففكرته مستهلكة والسيناريو رديء والإخراج أردأ.
وليس ذلك أسوأ ما فيه، لأن الأسوأ هو افتراض منتجيه أن الجمهور من البلاهة والغباء بحيث يمكن أن يتقبله ويرى فيه صدقا من أي نوع.
صحيح أنه ليس أول أفلام الداخلية التي نشطت في إنتاجها بعد ثورة ٢٠١١، ولن يكون آخرها. إلا أنني أزعم أنه من أكثرها إثارة. لأن «البطل» في القصة هو وزير داخلية مبارك الذي ظل في منصبه ١٤ عاما، كان خلالها هراوته الغليظة وجلاده الأكبر.
وقد نسبت إليه قائمة طويلة من الجرائم التي نجحت جهود الدولة العميقة في تبرئته منها، وان قضى بسببها أربع سنوات في السجن قبل أن يطلق سراحه. إلا أنه أدين ومعه آخرون في قضية الاستيلاء على أموال الوزارة. وبسببها حكم عليه بالسجن المشدد ٧ سنوات وطولب برد نحو ١٩٦ مليون جنيه كما تم تغريمه مبلغا مماثلا.
السجن طوال تلك السنوات الأربع التي قضاها الرجل وراء أسواره كان ذلك المنتجع الذي تمت فيه «استضافة» أركان النظام السابق الذي أسقطته الثورة.
ورغم أن الجميع ظلوا مدللين ومنعمين طول الوقت، إلا أن اللواء العادلي كان له وضع شديد الخصوصية. إذ لم يكن ضيفا كغيره، وإنما كان «صاحب بيت». يتحرك وسط رجاله ويحظى بحفاوة من تربوا وترقوا على يديه،
ذلك أن رجاله قاموا نحوه بـ«الواجب» وزيادة. إلا أن جريمة نهب أموال الداخلية التي هي بغير حساب كانت من الجسامة والتعقيد بحيث تعذر عليهم إخراجه منها، حتى إشعار آخر على الأقل.
ولما صدر الحكم الأخير بسجنه سبع سنوات في منتصف إبريل الماضي، فإن صاحبنا ظل في بيته ووسط أسرته لم يغادره، وكانت الحجة التي قيلت في ذلك أن ثمة استشكالا لوقف تنفيذ الحكم سينظر بعد شهر (أمس الأول الثلاثاء ١٦ مايو). وتلك ثغرة في السيناريو جرى فيها الاستعباط، لأن معدِّيه افترضوا أن أحدا لا يعرف أن الاستشكال في الجنايات لا يوقف التنفيذ.
وبعدما مرت الأيام واقترب موعد الجلسة، نشرت بعض الصحف أن اللواء العادلي اختفى، وقيل إنه هرب. غير أن محاميه نفى ذلك وقال إنه مقيم في بيته لكنه مريض ولن يستطيع حضور جلسة الاستشكال لأن حالته الصحية لا تسمح بالخروج، وقد يتعرض للموت في هذه الحالة.
ومن باب الإثارة ترددت شائعات بأنه أصيب بالشلل وقالت شائعات أخرى إنه فقد بصره. في حين قالت مصادر أخرى إنه سيظهر في الجلسة.
وقبل ٢٤ ساعة من انعقادها تسلمت النيابة العامة خطابا رسميا من وزارة الداخلية يفيد أن قوة ذهبت إلى بيته لضبطه وإحضاره لتنفيذ الحكم (الصادر قبل شهر) لكنها لم تجده. وهو ما يؤكد هروبه، ولا يزال البحث جاريا عنه.
وذلك مشهد في الفيلم فضح الداخلية وأساء إليها، لأنه يعنى أنها بكل إمكانياتها في الرصد والتنصت والمتابعة، غرقت في النوم طول الشهر، وحين فتحت أعينها في ليلة نظر الاستشكال اكتشفت أن الرجل المهم تبخر ولم يعد له وجود في بيته. ولأن ذلك يتجاوز حدود المعقول فإنه أثار الشكوك في أنها هي من أخفاه وأنه تحت رعاية رجاله «الأوفياء»!
الفيلم بهذه التفاصيل شاهدناه من قبل مرتين على الأقل. إحداهما في حالة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق الذي صدر ضده حكم بالسجن ٥ سنوات في جناية للكسب غير المشروع في شهر أغسطس عام ٢٠١٥. ثم اختفى عن الأنظار (في الإعلام فقط) نحو ثمانية أشهر. تم خلالها ترتيب الأمر وتبرئته أمام محكمة النقض في شهر مايو عام ٢٠١٦.
الثانية حالة الدكتور محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق الذي صدر الحكم بسجنه ٣ سنوات عام ٢٠١٥ في جناية تربح، لكن الحكم لم ينفذ وظل الرجل طليقا ومختفيا عن الأنظار بدوره حتى تمت تبرئته أمام محكمة النقض بعد ذلك بسنة (أكتوبر ٢٠١٦)،
ومن السابقتين نستطيع أن نقول إن واضعي قصة فيلم هروب العادلي لم يضيفوا شيئا إلى السيناريو القديم، ولن نكون بحاجة لأن نجهد أنفسنا كي نعرف نهاية الفيلم حين تنظر القضية أمام محكمة النقض.
ذلك أن الذين تلاعبوا في الأدلة ونجحوا في الحصول على البراءة في الحالتين السابقتين أولى بهم أن يكرروا المحاولة مع رجل بأهمية ورمزية العادلي.
لا تفوتنا في هذا الصدد ملاحظة أن أركان النظام السابق الذين تم تدليلهم، وعلى رأسهم مبارك، تمت تبرئتهم من كل جرائم الفساد السياسي وقتل ثوار يناير، لكن القضاء أثبت ضلوعهم في نهب المال العام (مبارك وولداه أدينوا عام ٢٠١٦ في جريمة الاستيلاء على نحو ١٢٥ مليون جنيه من مخصصات القصور الرئاسية، وحكم عليهم بالسجن المشدد ثلاث سنوات).
حين يقارن المرء بين معاملة أركان النظام السابق ومصير الألوف الذين امتلأت بهم السجون خلال السنوات الثلاث الأخيرة من مرحلة ما بعد الثورة (قيل إن عددهم ٦٠ ألفا) فإن لسانه ينعقد من الدهشة وتتعثر الكلمات في حلقه، بحيث لا يستطيع أن يعبر عن صدمته، حتى أنه بالكاد يقول: ليس لها من دون الله كاشفة.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 17, 2017 19:29

فهمي هويدي's Blog

فهمي هويدي
فهمي هويدي isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow فهمي هويدي's blog with rss.