فهمي هويدي's Blog, page 196

April 14, 2011

فى أن المصريين هم الحل

صحيفة الشروق الجديد المصريه الخميس 11 جمادي الاولى 1432 – 14 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


فى أن المصريين هم الحل – فهمي هويدي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_14.html



فى قرية ميت حواى ثورة صغيرة لم يسمع بها أحد خارج حدودها، لسبب جوهرى هو أنها حدثت فى مصر غير التليفزيونية التى لا ترى فى الصور،



لا تذكر إلا إذا حلت بها كارثة من العيار الثقيل. الذى حدث كان العكس تماما فى القرية التى يسكنها نحو 40 ألف نسمة وتبعد عن القاهرة مائة كيلو متر (تابعة لمركز السنطة بمحافظة الغربية). فقد نبهتهم ثورة 25 يناير إلى أنهم صاروا مواطنين حقا وأن القرية عادت إليهم وصارت أمانة فى أعناقهم.



وحين شاع ذلك الخبر فيما بينهم فإنهم تداعوا للقاء أسفر عن تشكيل جمعية للنهوض بالقرية أطلقوا عليها اسم «الملتقى الجنة».


البعض أسهم فيها بماله وببعض أرضه، والبعض الآخر أسهم بسواعدهم، وفريق ثالث قدم الخبرات والأفكار . قرروا فيما بينهم أن نظافة القرية وصيانة مرافقها مسئوليتهم وليست مسئولية الحكومة وحدها. وأن عليهم أن يستثمروا طاقات شباب القرية من خلال تأهيلهم وتدريبهم وإشراكهم فى تنفيذ بعض المشروعات الصغيرة.



وطرحت فى هذا السياق أفكار عدة حول صناعة السجاد اليدوى وورش النجارة التى تلبى احتياجات الراغبين بأسعار زهيدة، والعناية بتربية الماشية.. إلى غير ذلك من الأفكار التى أهم ما فيها أنها عبرت عن حالة اليقظة المقترنة بالهمة التى حلت بالقرية، وروح العمل الجماعى التى تلبست أهلها . هذه الهمة التى عبر عنها أهالى ميت حواى نموذج لما يحدث فى مصر منذ 25 يناير، لأن الحاصل هناك له نظيره فيما لا حصر له من القرى والمدن.



وما أسمعه من أهلنا فى الدلتا والصعيد، وما أتلقاه من رسائل يشهد بأن الميلاد الجديد للشعب المصرى ولد رغبة عارمة لدى الجميع فى النهوض بالبلد وإخراجها من حالة الجمود والموات التى رانت عليها طوال الثلاثين سنة الأخيرة.



إذ صرنا نرى فى ربوع مصر الآن نماذج لشبان يسعون للحفاظ على البيئة، وآخرون ينظفون الشوارع ويشتركون فى دهان الأرصفة ويقيمون معارض لبيع الكتب بأسعار زهيدة فى الحدائق العامة . وهى أفكار ربما بدت بسيطة ولكن أهم ما فيها أنها عاكسة لتلك الرغبة الشديدة فى فعل شىء مفيد للبلد. ولا أشك فى أننى لست الوحيد الذى سمع من الشباب سؤالهم أما عن الذى بوسعهم أن يفعلوه، أو عن جدوى الذى يفعلونه . هذا الذى يحدث داخل مصر له مثيله بين أبناء البلد المهاجرين أو الذين يعملون فى الخارج. وقد صادفت مجموعة منهم قدم أفرادها إلى القاهرة من السعودية وبعض دول الخليج ومنهم من جاء من إيطاليا وانجلترا. بعضهم من جاء بأفكار ومشروعات يريد أن ينفذها ومنهم من جاء يسأل عما يمكن أن يفعله لأجل الوطن الذى عاد إليهم بعد طول غياب.


وفيما علمت منهم فإن هناك آخرين من أمثالهم يبحثون عن كيفية المشاركة فى النهوض بالبلد، ولديهم الخبرات اللازمة والتمويل الكافى . أضيف إلى ذلك الحراك «التنموى» جهد آخر يبذل فى صمت، بعيدا عن الأضواء وضجيج الإعلام لتنفيذ مشروعات التنمية الذاتية التى تستنهض الهمم وتستثمر الطاقات للنهوض ببعض المحافظات التى تعانى من التخلف والفقر. اعتمادا على الخبرات والإمكانات المحلية.



من النماذج التى تجسد هذه الفكرة أنشطة الجمعية المصرية لتنمية المجتمعات المحلية ومشروع « مواطنون من أجل التنمية»، الذى يقدم خدماته إلى الجمعيات الأهلية خصوصا فى صعيد مصر (محافظات الفيوم وبنى سويف والمنيا إضافة إلى الجيزة).



ومن أبرز ما أنجزته فى هذا الصدد أنها نجحت فى تنفيذ مشروع لتصنيع أعلاف الماشية محليا من البواقى الزراعية، بدلا من الاعتماد على الاستيراد المكلف من الخارج، واستخدام ذلك العلف فى توفير احتياجات قرية كفر العرب بمحافظة دمياط، وهى إحدى أهم القرى التى عرفت بوفرة ثروتها الحيوانية ومن ثم إنتاج الألبان وتصنيع الأجبان. وقد أنقذ العلف المصنع محليا اقتصاد القرية، بعدما تسبب غلاء العلف المستورد فى تهديد إنتاجيتها وتدهور أوضاعها، فى حين دفع كثيرين إلى التخلص من ماشيتهم . هذه الخلفية كانت فى ذهنى حين حضرت لقاء حول الأوضاع الاقتصادية فى مصر، دعا إليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتحدث فيه اثنان من المعنين بالشأن الاقتصادى فى القوات المسلحة، هما اللواء محمود محمد أنور ومحمد أمين نصر .



وقد سمعنا من الأول عرضا مستفيضا حول الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وكان سؤاله الذى وجهه إلى الحاضرين هو: ما العمل؟.



وقد لاحظت فيما سمعت من آراء أن بعض المتحدثين ركزوا على أهمية تشجيع السياح والمستثمرين. وحين جاء دورى فى الكلام قلت إن ذلك مهم لا ريب، ولكن الأهم أن نعطى الأولوية لتشجيع المصريين على أن يتحولوا إلى شعب منتج وجيش من البنائين.



لم أذكر ما حدث فى قرية ميت حواى ولا كفر العرب، لكنى كنت أعنيهما ومعهما آلاف القرى المصرية التى باتت تتحرق شوقا للنهوض والخروج من دائرة التخلف، وتنتظر من يريد هذه الصحوة ويوظفها فى الاتجاه الصحيح .


..................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 14, 2011 08:38

April 12, 2011

أخيرا: القاهرة وأنقرة معا

صحيفة الشرق القطريه الأربعاء 10 جمادي الاولى 1432 – 13 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


أخيرا: القاهرة وأنقرة معا – فهمي هويدي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_13.html



قبل أن يجىء إلى القاهرة وزير الخارجية التركي لكي يجتمع مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية وأمين الجامعة العربية، كان قد قام في الأسبوع الذي سبقه بعدة زيارات ذات مغزى للبحرين والدوحة وسوريا، والتقى في أنقرة مع ممثلين عن نظام العقيد القذافي والمجلس الوطني الانتقالي في بنغازي،



لم يكن ذلك مستغربا، لأننا أصبحنا نجد الرجل، حاضرا في قلب كل أزمة سياسية تقع في المنطقة، بعدما صرنا نجد لتركيا حضورا اقتصاديا مشهودا في جميع أنحاء الوطن العربي .


حين توترت العلاقة بين السنة والشيعة وتدخلت قوات درع الجزيرة الخليجية في البحرين، سارع الدكتور أحمد داود إلى المنامة لكي يكون على مسرح الحدث



. وحين أصبحت قطر تقوم بدور بارز في المشهد الليبي وتستضيف بعض ممثلي المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي، إلى جانب استضافتها لممثلي نادي باريس الذي أصبح شريكا في الحدث الليبي، فإنه شد رحاله إلى الدوحة ليكون على صلة بالترتيبات التي تجرى هناك.



وحين انفجر الموقف في سوريا، وخرجت المظاهرات منددة بالنظام الذي يعد أحد أهم حلفاء تركيا في المنطقة، فإن الرجل استقل الطائرة فجرا من الدوحة، ليعقد سلسلة من الاجتماعات في دمشق تبدأ من الساعة التاسعة صباحا .


ليس هذا أمرا جديدا على الدكتور أحمد، ذلك أنه منذ ترك التدريس بالجامعة وعمل مستشارا لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في عام 2003، ثم صار لاحقا وزيرا للخارجية في 2008. فإن حركته في خارج تركيا لم تهدأ، حتى أصبح يقضي في الطائرات وقتا أطول مما يقضيه في بيته.



ولم يكن الجهد الذي يبذله يعبر عن همة وطاقة غير عادية فحسب، وإنما كان يعبر أيضا عن رؤية استراتيجية واضحة في التعامل مع العالم الخارجي عموما ومع العالم العربي بوجه أخص . ذلك أنه رفض في وقت مبكر الفكرة التي شاعت حينا من الدهر واعتبرت تركيا جسرا بين الشرق والغرب،



وكان رأيه ولا يزال أن تركيا مؤهلة لأن تلعب دورا أكبر، وأنها ينبغي أن تكون عنصرا فاعلا ومؤثرا في الأسرة الدولية وليست مجرد معبر بين قارتين. ولكي تؤدي ذلك الدور فينبغي أن تستعيد عافيتها السياسية والاقتصادية أولا، ثم تتحرك في محيطها لكي تحل مشكلاتها العالقة مع جيرانها ثانيا وهو ما أطلق عليه سياسة تصفير المشكلات (زيرو مشاكل ).



وإذ تحقق ذلك إلى حد كبير فإنه اعتبر أن بلاده أصبحت تتوفر لها الكفاءة اللازمة للقيام بالدور الفاعل الذي تتطلع إليه. وكان العالم العربي هو إحدى الساحات التي جرى تنشيط تلك الفاعلية فيها.



وتم التمهيد لذلك بتوسيع نطاق تبادل المنافع الاقتصادية وبإلغاء تأشيرات الدخول مع ست دول عربية، وبتوقيع اتفاقيات التعاون الاستراتيجى مع دول أخرى (مجلس التعاون الخليجي مثلا)، وبالتحرك النشط في الساحة الفلسطينية وهذه الخلفية ساعدت تركيا ( التي أصبحت عضوا مراقبا في الجامعة العربية) على أن تبذل جهودا مستمرة لتحقيق الاستقرار في العالم العربي،



وحسبما سمعت من الدكتور أحمد أوغلو فإن أنقرة انطلقت في ذلك المسعى من أمرين،


أولهما اعتبار الاستقرار في محيطها العربي من عوامل صيانة الأمن القومى التركي،


وثانيهما أن تركيا لا تستطيع أن تعمل وحدها في العالم العربي، ولكنها تعتبر أن الدور المصري لا غنى عنه. بالتالي فإن التعاون بين البلدين الكبيرين يوفر إطارا أمثل للإسهام في استقرار المنطقة والنهوض بها .


بسبب حساسيات غير مبررة لم يكترث نظام مبارك بهذا الملف، ولم يعبر عن الحماس للتعاون مع تركيا إلا في المجال الاقتصادي. لذلك كان لافتا للانتباه أنه ما إن سقط ذلك النظام حتى سارع رئيس الجمهورية التركية عبدالله جول إلى زيارة القاهرة، حيث التقى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، داعيا إلى تعزيز العلاقات وفتح صفحة جديدة لتوسيع نطاق التعاون المشترك بين البلدين .


ما فهمته أن الملف الليبي كان موضوع البحث الأساسي في الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التركي، وكان من شقين


أحدهما يتعلق بوضع ومصير نظام طرابلس،


والثاني يتصل بتسهيل نقل عشرات الآلاف من المصريين العالقين هناك على السفن التركية.



وإذ قيل لي إن النتائج إيجابية على الصعيدين إلا أن ما آثار انتباهي في المشهد أن الوزير التركي اهتم بالموضوع وجاء إلى القاهرة منطلقا من أن استقرار ليبيا وثيق الصلة بأمن بلاده، في حين أن مصر اللصيقة بليبيا وبينهما حدود مشتركة وقفت متفرجة على ما يجري هناك، إذ لم تذهب إلى أبعد من محاولة إعادة المصريين من المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها الثوار .


أبديت ملاحظتي لمسؤول دبلوماسي كبير في القاهرة، فكان رده أن ذلك الموقف لن يستمر طويلا، وأن العمل مع الأتراك في الملف الليبي بوجه أخص سيصدر بشأنه قرار إيجابي خلال الأيام القليلة المقبلة. ومازلت أتابع نشرات الأخبار في انتظار القرار .


..................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 12, 2011 18:00

April 11, 2011

فصل الفتنة في كتاب الثورة – المقال الاسبوعي

صحيفة الشرق القطريه الثلاثاء 9 جمادي الاولى 1432 – 12 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


فصل الفتنة في كتاب الثورة – فهمي هويدي – المقال الاسبوعي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_12.html



يبدو أننا بصدد الدخول في متاهة فتنة جديدة في مصر. إذ بعدما مررنا بفتنة الوقيعة بين المسلمين والأقباط، وتفجير العلاقة بين السلفيين والمتصوفة، فها نحن نشهد إذكاء لفتنة جديدة تستهدف إفساد العلاقة بين الجيش والشعب، الأمر الذي يستوجب الاستنفار والإنذار.


(1)


الذي حدث يوم الجمعة الماضي في ميدان التحرير بالقاهرة لا يصدقه عقل. إذ لم يخطر على بال أحد أن تتحول جمعة محاكمة رأس النظام السابق وتطهير البلاد من ذيول نظامه وأتباعه، إلى تشهير البعض بقيادة القوات المسلحة ومطالبة بإسقاط المشير طنطاوي.



ولا أفهم كيف وبأي منطق يظهر بين المتظاهرين أشخاص لا يزيد عددهم على أصابع اليدين يرتدون الزي العسكري ويقولون إنهم ضباط في الجيش، ثم يقرأ أحدهم ما أسماه البيان الأول، داعيا إلى ما بدا أنه ثورة على الثورة.



ولا أعرف كيف تطورت الأمور بحيث احتمى هؤلاء ببعض المتظاهرين المعتصمين حتى لا تستجوبهم الشرطة العسكرية، ثم تحول الشد والجذب إلى هجوم، تخلله إطلاق الرصاص المطاطي والنيران، مما ترتب عليه سقوط قتيل وعدد من الجرحى.


هذا المشهد طرح أسئلة كثيرة حول هوية الذين نادوا بالاعتصام والمبيت في الميدان رغم حظر التجول، وحقيقة الذين استجابوا للنداء،


وما هي نسبة الذين ينتمون حقا إلى ثوار 25 يناير، ونسبة المزايدين عليهم، ونسبة اليساريين الذين رفعوا السقف عاليا وأرادوا أن يقرروا مستقبل مصر من الميدان،


وما هي نسبة العاطلين الذين اعتبروا الميدان ملاذا لهم والبلطجية الذين اعتبروا التظاهرات فرصة لتنشيط الشغل والاسترزاق.


من تلك الأسئلة أيضا:


هل اتفقت المجموعات التي تمثل ثوار 25 يناير على التنسيق فيما بينها في تنظيم جمعة المحاكمة والتطهير؟


وهل كان ظهور أولئك الضباط ضمن ذلك التنسيق أم أنهم فوجئوا بهم؟



ومنذ متى كان ضباط الجيش ــ أي جيش ــ يظهرون بثيابهم العسكرية في تظاهرات الاحتجاج ثم يقفون أمام الملأ لكي يحرضوا الناس ضد القوات المسلحة وقياداتها؟



وما ملابسات إطلاق النار على بعض المتظاهرين، وإذا صح أن الشرطة العسكرية أرادت أن تصل إلى أولئك الضباط المتمردين لاستجوابهم، فهل بذل جهد قبل ذلك لتحقيق هذا المطلب دون استخدام العنف وإطلاق الرصاص؟



وبأي صفة يطالب البيان الضباط بإقصاء هذا القائد أو ذاك. أو بتشكيل مجلس رئاسي يدير البلاد؟



وهل يجوز في التقاليد الديمقراطية أن توافق الأغلبية على التعديلات الدستورية التي تحدد مسارا لتسليم الحكم للمدنيين في آجال محددة، ثم تخرج علينا أصوات داعية إلى قلب الطاولة ورافضة موقف الأغلبية؟


(2)


ثمة حقائق ينبغي أن تكون واضحة في الأذهان ونحن نتعامل مع إرهاصات الفتنة هي:


< إن الجيش ينبغي أن يظل خطا أحمر لا يجوز المساس به، ليس لأنه معصوم ومنزه عن الخطأ، ولكن لأن ثمة مصلحة وطنية ضرورية تقتضي ذلك في الوقت الراهن. علما بأن أي انتقاص من دور الجيش أو مساس به يصب مباشرة في صالح الثورة المضادة، التي تسعى لإعادتنا إلى حظيرة الحقبة السوداء التي مر بها الوطن.



ولأنه ليس معصوما أو منزها، فلنا أن نعاتبه ونحاسبه ونعارض مواقفه. وذلك كله انطلاقا من الحرص على تصويب مسيرته وإنجاح مهمته. على العكس تماما مما استهدفته الهتافات المسيئة التي رددها البعض.


< إن ثمة أمورا حدثت بعد الثورة لم يجد لها المجتمع المصري تفسيرا مقنعا، الأمر الذي حير كثيرين ودفع آخرين إلى إساءة الظن. من ذلك مثلا أن أبرز ركائز النظام السابق الذين يحملهم المجتمع مسؤولية الفساد السياسي طوال عهد مبارك ظلوا مطلقي السراح طوال الوقت، ولم تتخذ ضد بعضهم إجراءات تذكر إلا بعد شهرين من تنحي الرئيس السابق، وفي أعقاب ضغوط قوية مارسها الشارع.



وفي حين اهتمت السلطة القائمة بملاحقة المشتبه في ضلوعهم بالفساد الاقتصادي، فإنها لم تول الفساد السياسي نفس القدر من الأهمية، وكان غريبا أيضا أننا وجدنا مثلا أن وزير الداخلية الذي يفترض مسؤوليته عن التعذيب والقتل وتزوير الانتخابات قدم إلى المحاكمة بتهمة غسيل الأموال، ولم يفتح بعد ملف جرائمه وجناياته الأخرى، الأخطر والأفدح.



وجدنا أيضا أن من ذكرت اسمه في واقعة إطلاق الجمال والخيول على المتظاهرين في 2 فبراير الماضي، ظهر اسمه مرة أخرى متهما بالضلوع في فوضى ميدان التحرير يوم 8 أبريل الحالي، وحينئذ فقط ــ بعد شهرين تقريبا ــ صدر قرار النائب العام بضبطه وإحضاره. وجدنا كذلك أن المسؤول الذي فتح الباب على مصراعيه لتبديد الثروة العقارية ونهبها في مصر، والذي أغرق الجميع في بحر الفساد الواسع، ظل مطلق السراح أيضا ولم يفكر أحد في مساءلته إلا أخيرا جدا.


< يثير الانتباه في هذا السياق أن المجلس العسكري تعامل بسرعة وحزم مع بعض الذين ألقى القبض عليهم أثناء المظاهرات، إذ قدم هؤلاء خلال أيام قليلة إلى المحاكمة العسكرية، التي سارعت بدورها إلى إصدار أحكام بحبسهم لمدد تراوحت بين عدة أشهر وثلاثة سنوات، في حين أن مساءلة رؤوس الفساد ورموزه اتسمت بالتمهل والبطء الشديدين.


< إن وجود الرئيس السابق في شرم الشيخ واستمرار ممارسة رئيس ديوانه وكاتم أسراره لعمله في مكتبه بالقاهرة (حتى الخميس 7/4)، وما قيل عن خطوط مفتوحة بين مقره في شرم الشيخ وآخرين من أعوانه في العاصمة، كان مصدرا آخر للبلبلة التي فتحت الشهية لإطلاق شائعات أثارت مخاوف كثيرين وقلقهم على مصير الثورة، ناهيك عن أن كثيرين لم يفهموا كيف أن مصر شهدت كل ذلك الفساد المروع الذي تتكشف وقائعه يوما بعد يوم، ثم لا يساءل أو يحاسب المسؤول الأول عن تلك المرحلة.


< إن اتصال المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالمجتمع لم يكن بالكفاءة المرجوة. فالإعلام الرسمي المتمثل في التلفزيون والإذاعة كان مرتبكا، حتى أنه تجاهل تقريبا التعديلات الدستورية التي طلبها المجلس، أما الصحف القومية التي كانت لسان حال نظام مبارك فقد شغلت بتبييض صفحتها وبالمزايدة على ثورية الآخرين. ومن ثم شغلت بإدانة النظام السابق بأكثر من انشغالها بالتفاعل مع النظام الجديد.



وكانت النتيجة أن الناس لم يفهموا كثيرا من التطورات التي حدثت، الأمر الذي أوقعهم في حبائل البلبلة والشك. وفي حين ظل البعض يعاني الحيرة ويردد الأسئلة المعلقة، فإن آخرين سارعوا إلى تفسير بعض الوقائع باعتبارها تعبيرا عن «التواطؤ» مع النظام السابق.



وحين أصدرت الشؤون المعنوية للقوات المسلحة الملحق المجاني الذي وزع مع جريدة الأهرام يوم الجمعة (8/4) وأرادت به الدفاع عن موقف المجلس العسكري، فإن الوقت كان متأخرا ناهيك عن أن المرافعة كانت خطابية وإنشائية، وكان الرنين فيها أقوى من الإقناع.


(3)


إذا كان هناك ما يمكن أن يقال بحق ممارسات المجلس العسكري الذي ربما التمسنا له أعذارا في بعض المواقف، فإن الكثير يمكن أن يقال بحق «الثوار» الذين تعددت مجموعاتهم وتباينت مواقفهم حتى ظهر بينهم من زايد على الجميع.


في هذا الصدد، فإننا ينبغي أن نذكر بثلاثة أمور



أولها أن الثوار كانوا يعرفون جيدا هم ضد ماذا، لكنهم لم يكونوا يعرفون هم مع ماذا. وإذا كانوا قد تحدثوا عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فإن الأغلبية لم تكن تعرف كيف؟



ثانيها أنهم كانوا قبل انفراط عقدهم يمثلون كل الاتجاهات الوطنية في مصر، باختلاف مشاربها ومقاصدها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار إضافة إلى آخرين لم يكونوا إلى جانب هؤلاء أو هؤلاء.



الأمر الثالث الذي سبق أن نبهت إليه هو أنهم كانوا يمثلون الشعب المصري في مجمله وليس الشباب وحدهم الذين كان دورهم فاعلا حقا ولا ينكر، لكن دور غيرهم كان لا غنى عنه وبغيره ما كان للثورة أن تحقق أهدافها.


رغم أننا لا نستطيع أن نعمم على كل الشباب، لكننا لا نستطيع أيضا أن نتجاهل ممارسات كثيرة صدرت عنهم ونسبت إليهم، أساء فيها بعضهم فهم حفاوتنا بهم وتقديرنا لهم. وكانت النتيجة أن أولئك البعض تصوروا أن البلد يجب أن يسلم إليهم بحيث تدار الدولة من الميدان أو الشارع.



ولم أفهم مثلا مطالبة بعضهم بكتابة الدستور في ميدان التحرير وليس من قبل، رجال القانون والسياسة والفكر الذين اعتبروا أن قيامهم بهذه المهمة سرقة للثورة. وبدلا من وقوفهم وراء انتخاب مجلس تشريعي نزيه يصدر القوانين ويراقب أداء الحكومة، وجدناهم يطالبون رئيس الوزراء بالمشاركة في إصدار القرارات، واستغربنا أن يخصص لهم الرجل غرفة في مقر الحكومة.



أما الأكثر غرابة فقد كان مطالبة بعضهم بالاشتراك في انتخابات عمداء الكليات والإشراف على «الكنترول» الذي تودع فيه أوراق الامتحانات ونتائج رصد الدرجات، ومطالبتهم بمراقبة عمل المحافظين وتولي مهام مجالس المحافظات... إلخ.


هذا الشطط ينبغي أن يوضع له حد خصوصا أن رياحه تكاد تعصف بقطاع الإنتاج في مصر، إذ كما أن بعض الشبان يريدون إدارة البلد، فلماذا لا يتولى العمال إدارة المصانع وطرد مديريها وأصحابها، وهذه وتلك من قبل الممارسات التي يظن البعض أنها تفعيل للثورة، في حين أنها تمهد الطريق لنجاح الثورة المضادة.


(4)


صحيح أن التظاهرات شكلت عنصرا ضاغطا دفع المجلس العسكري إلى التحسب له، بدليل أن بعض قراراته المهمة أصبحت تتخذ يوم الخميس وقبل حلول يوم الجمعة، إلا أننا ينبغي أن نعترف بأننا ما زلنا نفتقد قيادة واضحة المعالم والأفكار تعبر عن الثورة، الأمر الذي فتح الباب لكي ينتسب إليها ويزايد عليها البعض، ومما يؤسف له أن التجمعات التي برزت معبرة عنها لم تنجح لا في التنسيق بينها ولا في ضبط وتنظيم التظاهرات التي لم تعد تعرف من يدعو إليها ومن يشارك فيها.


في الوقت ذاته فإننا صرنا ندفع ثمن غياب مؤسسات المجتمع المدني في مصر. فالأحزاب التي خلفها النظام السابق أشهرت إفلاسها، والنقابات المهنية لا تزال أسيرة حالة الشلل التي فرضت عليها منذ أكثر من 15 عاما، والنقابات العمالية في غيبوبة كاملة، والمنظمات الأهلية الممولة أغلبيتها من الخارج ضعيفة التأثير ولا يكاد يسمع لها صوت.


كأننا بإزاء ثورة لها جسم دون رأس، ومجتمع يعاني الفراغ وهشاشة بنيانه الداخلي، وإذا أضفت إلى ذلك أن النخبة باتت مشغولة بانقساماتها واحترابها الداخلي بأكثر من انشغالها بهم الوطن وإنقاذ سفينته المنهكة والموشكة على الغرق.


إذا صح ذلك التحليل فإنه يصور لنا كيف أن المسؤولية التي يتحملها المجلس العسكري وحيدا أشد جسامة مما نتصور، كما أنه ينبهنا إلى خطورة الحملة المشبوهة التي تشكك فيه وتسعى للوقيعة بينه وبين الشعب.



وهو ما يدعوني إلى القول بأنه إلى أن تقوم للحكم المدني أية قائمة، فينبغي أن يتوافق الوطنيون الغيورون على البلد على أن استمرار المجلس هو الحل.


..........................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 11, 2011 19:31

April 10, 2011

كذبة أبريل وحيرته

صحيفة الشرق القطريه الاثنين 8 جمادى الاولى 1432 – 11 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


كذبة أبريل وحيرته – فهمي هويدي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_11.html



هل يمكن أن يكون بريئا ذلك الخبر الذي قرأناه صبيحة الخميس الماضي (7/4)، وزف إلينا أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحث مع الإسرائيلي شمعون بيريز سبل دعم الانتقال الديمقراطي في مصر، واستعادة الاقتصاد المصري لعافيته بعد الثورة؟



هذا السؤال ليس استفهاميا بأي معيار، لأن أي طفل في العالم العربي يعلم أن أياً من الرجلين لا تعنيه مصر إلا بالقدر الذي يؤثر على المصالح الأمريكية أو معاهدة السلام مع إسرائيل .


إذا صح ذلك ــ وعندي أنه صحيح ــ فهو يعني أن موضوع البحث ــ في حده الأدنى ــ كان كيف يمكن أن تظل المصالح الأمريكية مؤمنة وكذلك المعاهدة المشئومة مصونة لا تمس في ظل الوضع الذي طرأ بعد ثورة 25 يناير.



وهو يعني أيضا أن صياغة الخبر كانت مضللة، من حيث إنها حرصت على أن تضفي على اللقاء مسحة من البراءة صورت الرجلين باعتبارهما يقودان منظمتين خيريتين معنيتين بإشاعة الديمقراطية والرفاه في بر مصر، ولا هم لهما سوى ابتغاء وجه الله وإسعاد ملايين المصريين .


لست في وارد لوم لأي من الرجلين، لأنني أفهم أن كل واحد منهما كان يقوم بواجبه ويدافع عن مصالحه، ولكني فقط أتحفظ على رسالة الخبر المغشوش الذي أعتبره من ذيول كذبة أبريل، وأرفض استغفالنا واستغباءنا عبر دسِّه علينا بالصيغة التي نشر بها.



إذ ليس سرا أن الرجلين لم يسعدهما التغيير الذي جرى. فالرئيس أوباما فقد بسقوط الرئيس السابق حليفا إستراتيجيا، والسيد بيريز فقد كنزا إستراتيجيا. الأمر الذي يعني أنهما ضمن الخاسرين جراء ما جرى. وخسارة إسرائيل أكبر، لأن خسارة «الكنز» أفدح وأشد جسامة من خسارة « الحليف»، حيث الكنز حالة والحليف شخص،



وأي متابع لما نشرته الصحف الأمريكية والإسرائيلية يلاحظ ذلك التفاوت في درجة القلق لدى الإدارة الأمريكية والقادة الإسرائيليين.



فالأمريكيون سعوا إلى احتواء الحدث وقدموا بضعة ملايين من الدولارات سواء لتلبية احتياجات الحكومة المصرية أو بدعوى مساعدة التحرك الديموقراطي (بمعنى اختراق المنظمات الأهلية وحثها على تأمين المصالح الأمريكية).



أما إسرائيل فقد عكفت على إعادة النظر في إستراتيجيتها سواء ما تعلق منها بخطط إجهاض المشروع النووي الإيراني أو بطموحاتها في الساحتين الفلسطينية والعربية.



والطرفان يدركان جيدا أن مصر تغيرت بعد 25 يناير، وأن هذا البلد حين يسترد حريته فضلا عن كرامته. فإنه سيتصرف معهما بصورة مغايرة، تنحاز في حدها الأدنى إلى جانب مصالحه العليا وأمنه القومي.



وهذا الانحياز سوف يستصحب بالضرورة إعادة النظر في العديد من ملفات السياسة الخارجية وهو ما عبَّر عنه وأكده وزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي .


وإذا كان المرء لا يستطيع أن يكتم توجسا من اجتماع واشنطن، فإنه لا يستطيع أيضا أن يخفي حيرته إزاء موقف بعض الأطراف العربية ــ النفطية خصوصا ــ التي ظننا أنها وليس أوباما وبيريز الأولى ببحث موضوع الدعم الاقتصادي لمصر في الظروف الراهنة.



وهي تعلم أن السياحة ضربت بعد الثورة، كما أن إيرادات قناة السويس تراجعت والاستثمارات سحبت وعجلة الإنتاج تعثرت، في ذات الوقت فإن إيرادات الدول النفطية زادت بنسبة 25٪ منذ بدأت انتفاضات الشعوب العربية في شهر يناير الماضي، الأمر الذي أضاف إلى خزائنها مليارات الدولارات لم تكن في الحسبان .


إن ثمة إشارات في الفضاء العربي تدل على أن بعض تلك الدول الشقيقة لم تسترح للتحول الذي حدث في مصر، وهي في ذلك لم تكن متعاطفة فقط مع الرئيس السابق ونظامه، ولكنها تحفظت أيضا على بعض توجهات السياسة الخارجية للنظام الجديد (التطبيع مع إيران مثلا).



وهذه المشاعر تكمن في خلفية الموقف السلبي. الذي أطلق الإشارات أو الشائعات التي أعنيها، وهو ما أرجو أن تكذبه الأيام المقبلة، لتثبت أنه من قبيل الظن الذي بعضه إثم .


..................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 10, 2011 20:40

April 9, 2011

عائدون إلى مصر

صحيفة الشرق القطريه الأحد 7 جمادي الاولى 1432 – 10 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


عائدون إلى مصر – فهمي هويدي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_10.html



حين تصالح الجماعة الإسلامية المجتمع المصري بمسلميه ومسيحييه ونظامه، فماذا علينا أن نفعل؟



أغلب الظن أن البعض منا سيسارع إلى القول بأنهم يمكرون . ويبطنون غير ما يظهرون، مدعين أن تلك الكائنات التي تربت على العنف ومارسته ليس من السهل عليها أن تتخلى عنه.



في ذات الوقت سنجد من يقول إنهم ماداموا مدوا أيديهم إلى المصالحة والمصافحة، فلماذا لا يمد المجتمع يديه إليهم، ليعينهم على الالتزام بالنهج الذي أعلنوه، ويحاسبهم عليه .


وللتذكرة والعلم فقط. فإن نواة «الجماعة» ظهرت في جامعة القاهرة في مستهل سبعينيات القرن الماضي، لكنها نمت وترعرعت في أسيوط بعد ذلك، وكان عنفها فكريا في البداية، ثم اتجهت إلى العنف المسلح بعد، عقب قتل اثنين من أعضائها برصاص الشرطة.



وتحالفت مع جماعة الجهاد التي اعتنقت من البداية فكرة التغيير بالقوة والسلاح، واشتركت الجماعتان في قتل الرئيس السادات وفي حوادث إرهابية أخرى.



ومنذ ذلك الحين (عام 1981) ظل أعضاؤها في السجون، في حين لجأ بعضهم إلى أفغانستان وباكستان والبوسنة وبلدان أخرى.



وبعد الثورة أطلق سراح أغلب المسجونين منهم. في حين عادت من الخارج أعداد أخرى .



وخلال فترة السجن راجعوا بعض أفكارهم وعدلوا عنها، خصوصا ما تعلق منها بفكرة التغيير بالقوة وبالموقف من الأقباط. وظهرت تلك المراجعات في ستة كتب منشورة، توافق أغلب قادة الحركة على مضمونها .


يوم الجمعة الماضى (8 /4) عقدت الجماعة أول مؤتمر علني لها وسط أعمدة المعبد الفرعوني في الأقصر، ونقلت صحف السبت 9/4 مقتطفات من كلمات قادتها، التي عبروا فيها عن تمسكهم بنبذ العنف واحترام الأقباط ودعوة جميع المصريين إلى التكاتف والحفاظ على مكتسبات الثورة.



كما رفضوا فكرة تكفير الآخرين واستهجنوا هدم الكنائس والأضرحة ودعوا إلى تشجيع السياحة وجذب الاستثمار. وهو ما سمى بعهد «الأمان»، الذى يشمل الجميع من المصريين ( مسلمين وأقباطا) وأجانب أيضا .


هذا الكلام في ظاهره يبعث على الارتياح. صحيح أنه يستقيم إلى حد كبير مع الإطار العريض للمراجعات التي سبق نشرها وإعلانها، إلا أنه يكتسب أهمية خاصة من كونه أعلن على الملأ بعد خروج قادة الحركة من السجون. لأن صدور المراجعات وهم رهن الحبس فتح الباب للشك فى أنهم ربما كانوا تحت ضغط الظروف البائسة التي أرادوا الخروج منها بأي ثمن، ولكن الالتزام بذات الأفكار بعد إطلاق سراحهم يعد قرينة ترجح جدية اقتناعهم بتصويب أفكارهم .


أدرى أنه ليس هناك إجماع على التصويبات والمراجعات التي تمت، وذلك لا ينبغي أن يقلقنا كثيرا، حيث يكفينا في الوقت الراهن أن يكون ذلك رأي الأغلبية،


أما الذين لايزالون على تشددهم فكونهم أقلية لا يزعجنا، ثم إن الباب يظل مفتوحا أمامهم لكي يلتحقوا فيما بعد بمن سبقهم .


لن نعدم قائلا يقول إنها «مناورة» لتحسين الصورة واكتساب الشرعية.


كما أنني لست أشك في أن البعض سينظرون بامتعاض إلى موقف التصالح مع المجتمع الذي أعلنه قادة الجماعة. ذلك أن بيننا من تمنى أن تظل الجماعة على تطرفها، لأن ذلك يهدي إليهم حجة كافية للتنديد بما يسمونه «إرهابا إسلاميا» ومن ثم استمرار تخويفهم من «المتأسلمين» الأشرار الذين يرتدي بعضهم أقنعة المعتدلين، وهؤلاء يعتبرون أن الاعتدال هو الخطر الحقيقي الذي يتهددهم. لأنه يكذب حجتهم وزيف دعاواهم .


لا يستطيع أحد أن يزايد علىَّ في نقد فكر العنف والمفاصلة الذي تبنته الجماعة الإسلامية طوال أكثر من ثلاثين عاما. وربما يذكر البعض أنني لم أعلق على المراجعات التي أصدرها قادتهم في أثناء محبسهم لشكي في الظروف التي حملتهم على ذلك، ولعلمي بأن ضباط أمن الدولة كان لهم دور في رعاية ذلك الاتجاه.



ولكن حين يعلن قادة الجماعة عن موقفهم الذي سبقت الإشارة إليه أمام الملأ وبعد أن استردوا حريتهم، فإننا ينبغي أن نرحب بذلك ونزكيه. باعتبارهم عادوا أخيرا إلى حضن مصر.



ذلك أنني واحد ممن يقتنعون بأن الجهر بالأفكار يدفع أصحابها إلى الإقلال من الغلو والتحسب لردود الأفعال ومراعاة الصدى لدى الرأي العام،



كما أن الممارسة واختبار الأفكار في الواقع يفتحان الباب لإمكانية تطويرها وإنضاجها. وهي ليست قناعة شخصية وحسب، لكنها خبرة التاريخ ودرسه أيضا .


لست أدعو إلى الترحيب وإغماض الأعين، وإنما إلى الترحيب الحذر الذي يشجع على المضي في مصالحة المجتمع والإسهام في أن تصبح الجماعة رافعة تسهم في النهوض به، وليس معولا يسعى إلى النيل منه.



علما بأن الذين يصرون على أن الجميع متأسلمون لا خير فيهم، إنما يريدون إقناعنا بأن إبادتهم هي الحل، لكي يخربوها ويجلسوا على تلها !


.....................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 09, 2011 16:42

April 8, 2011

العسكر في موقف الدفاع

صحيفة الشرق القطريه السبت 6 جمادى الاولى 1432 – 9 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


العسكر في موقف الدفاع – فهمي هويدي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_09.html



يبدو أن المجلس العسكري الحاكم في مصر وجد نفسه مضطرا لتبرئة ساحته والدفاع عن نفسه.



على الأقل فهذا ما فهمته من الملحق المجاني الذي وزع مع جريدة الأهرام أمس (الجمعة 8/4)، حين وجدته بمثابة مرافعة مقدمة إلى الرأي العام المصري منشورة على أربع صفحات،


يتصدر الأولى منها عنوان القوات المسلحة ..


وفي الأخيرة إشارة إلى أن المطبوعة بمثابة جريدة صادرة عن إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة في الأول والخامس عشر من كل شهر .



فوق "الترويسة" التي تحمل اسم الجريدة ظهرت العناوين التالية:


من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى شعب مصر:


ولاؤنا للوطن والشعب ولا نجامل أحدا على حساب مصر


ــ زاهدون في السلطة ولا نسعى إليها ولا نبحث عن دعاية أو شهرة.



وتحت «الترويسة» ظهر كم من العناوين غطى الصفحة الأولى كلها من بينها ما يلي:


القوات المسلحة لم تتوان يوما عن خدمة الشعب ومساندته في الأزمات والمحن


ـ نؤيد الثورة وندعمها ونبذل قصارى جهدنا لتحقيق أهدافها


ــ التخاذل والتواطؤ ليسا من قيم القوات المسلحة العريقة


ــ نرفض استعراض قوتنا على الشعب والعنف لا يستخدم إلا ضد البلطجية والخارجين عن القانون


ـ لا خطوط حمراء في مساءلة أي شخص أيا كان اسمه وموقعه


ــ محاولات الوقيعة بين الجيش والشعب مصيرها الفشل


ــ لا نعطي حصانة لأحد ولا نتستر على فاسد والجميع أمام القانون سواء


ـ المصريون سواسية وعليهم أن يكونوا على قلب رجل واحد .



على الصفحتين الداخليتين تواصلت العناوين على النحو التالي:


لم نتأخر يوما عن تلبية مطالب شعبنا، ونسانده في كل أزماته


ــ ليس لنا مصلحة في الالتفاف على مطالب الشعب وتحقيق أهدافه.



وفي رد له مغزاه تضمنت الصفحتان عناوين أخرى من قبيل:


مصر تمر بظروف صعبة تحتاج لسواعد الجميع وليس للكلام والجدل والثرثرة


ـ نقول لمدعي الوطنية: نحن أكثر وطنية نحمل أرواحنا على أيدينا دفاعا عن الوطن في أي وقت


ــ المحرضون على الوقيعة بين الشعب والجيش لن يحققوا هدفهم لأن العلاقة أسمى من الحاقدين.



أما الصفحة الرابعة والأخيرة فقد خصصت لعرض عطاء القوات المسلحة وإسهاماتها في تقديم الخدمات وإعمار البلد .



لا يحتاج المرء إلى بذل أي جهد لكي يدرك أننا بصدد خطاب دفاعي بالدرجة الأولى يقول للجميع:


نحن أفضل مما يقال عنا أو يظن بنا.



وهو لا يرد فحسب على ما يروجه البعض من شائعات تشكك في بعض مواقفه، وإنما أيضا يحذر المتهمين والمزايدين ومن أسماهم «مدعو الوطنية» بأن ألاعيبهم مكشوفة .



أيضا. حين يعمم هذا البيان على الكافة صبيحة يوم جمعة التطهير والمحاكمة فإن التوقيت يظل له مغزاه، ويعبر عن قلق المجلس العسكري من ضمه إلى قائمة الذين قد يتعرضون للمحاكمة في هذه المناسبة.



إذ ليس سرا أن صحف الإثارة وأصوات الغلاة غير الأصوات المنفلتة على مواقع الإنترنت بدأت تغمز في مواقف المجلس العسكري، سواء لأنها استبطأت إجراءاته، أو حين تبين لهم أن القرارات جاءت دون التوقعات، أو بهدف الدس والوقيعة .



من الواضح أن المجلس العسكري الذي نعرف أنه محمل بما يفوق طاقة البشر، ضاق ذرعا بالنقد الذي وجه إليه، وهو في ذلك محق ومخطئ.



هو محق لأن بعض الناقدين من دعاة الإثارة أو التشكيك تطاولوا على دوره بأكثر مما ينبغي،


وهو مخطئ لأن تلقي مثل هذه السهام الطائشة واحتمالها من مقتضيات ممارسة الحرية التي خرجوا للدفاع عنها وحراستها.



لذلك فإننا حين ندعو الأولين إلى الاحتشام فإننا يجب أن ندعو الأخيرين إلى سعة الصدر.



إننا نعرف جيدا أنهم يبذلون غاية جهدهم للنهوض بالمهام الجسام التي أثقلت كاهلهم، ونعذرهم إذا ضاقت صدورهم،


لكننا نتمنى عليهم أن يعذرونا فيما صدر عن بعضنا، وأن يتساءلوا فيما بينهم لماذا عيل صبرنا، ليتنا نتبادل الأعذار والعون، وليس العتاب واللوم .


............................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 08, 2011 22:46

April 6, 2011

ابتزاز المثقفين للعسكر

صحيفة الشرق القطريه الخميس 4 جمادي الاول 1432 – 7 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


ابتزاز المثقفين للعسكر – فهمي هويدي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_07.html



أخشى على المجلس العسكري الحاكم في مصر من ابتزاز بعض المثقفين،



ذلك أنه بعد التدمير المنظم لمؤسسات المجتمع المدني في مصر، وفي غياب أوعية تعبر عن ضمير المجتمع وأشواقه. فإن وسائل الإعلام صارت المنبر الوحيد تقريبا الذي يمكن أن ترفع من خلاله الأصوات، وتوجه الرسائل إلى السلطة والمجتمع.



وهو اعتبار لم يكن غائبا عن أجهزة النظام السابق، بدليل أنها وزعت قوائم على القنوات التلفزيونية الخاصة والعامة بمنع أسماء معينة من الظهور في برامجها، كما أن السياسة ذاتها اتبعت مع الصحف القومية التي أقصيت منها أسماء كثيرة، ولدي خبرات شخصية في هذا الصدد ربما فصلت فيها يوما ما.


كانت نتيجة ذلك الوضع أن شرائح معينة من بين الإعلاميين والمثقفين سمح لها بأن تتصدر الواجهات وتحتكر منابر التعبير، حتى أصبحت صاحبة الصوت الأعلى، وتحولت بمضي الوقت إلى مركز قوة جذب أطيافا متعددة، ربما اختلفت في توجهاتها السياسية والفكرية، لكن ظل القاسم المشترك الأعظم بينها الذي اتفقت فيه مع النظام السابق هو الحساسية إزاء التوجه الإسلامي بشكل عام، وإساءة الظن بمختلف الفصائل المنتمية إليه، ولذلك ظل إقصاء المنسوبين إلى تلك الدائرة من مسلمات تلك الشرائح «وثوابت» موقفها.


لم يختلف الأمر من هذه الزاوية بعد قيام ثورة 25 يناير، يؤيد ذلك أن تلك الشرائح استنفرت حين شكل المجلس العسكري لجنة تعديل الدستور، التي ضمت ثمانية من كبار رجال القانون، وتبين أن أحدهم عضو في جماعة الإخوان المسلمين،



في حين رأسها المستشار طارق البشري وهو قانوني ضليع ومؤرخ للحركة السياسية في مصر حقا، ولكن يعيبه ــ من وجهة نظرهم ــ إنه مسلم ملتزم غيور على دينه، هذه الخطوة أثارت قلق إخواننا هؤلاء، باعتبارها خرقا لثوابت الإقصاء المتعارف عليها، حتى أزعم أن بعضهم حدد موقفه الرافض للتعديلات لهذا السبب وحده.


شهدت قبل أسابيع قليلة لقاء للكتاب والمثقفين مع ثلاثة من ممثلي المجلس العسكري، وفيه انتقد أحد الشعراء بانفعال وغضب شديدين فكرة أن يكون واحد من الإخوان عضوا في لجنة الثمانية،


كما استهول أن يرأس اللجنة رجل «قريب جدا من الإسلاميين» (هكذا قال)



ــ ذكر آخر معاتبا أن الناس بدؤوا يتشككون في موقف أعضاء المجلس، مضيفا أن كثيرين باتوا يتساءلون:


كم عدد المتعاطفين مع الإخوان بين أولئك الأعضاء، وكنت قد أشرت في مقال الثلاثاء الماضي 5/4 أن رئيس تحرير إحدى الصحف الأسبوعية (الفجر 4/4) ذكر أن الثورة ماتت لأن أهل السلطة تركوا للإخوان مهمة تعديل الدستور (حين ضم واحد منهم فقط إلى لجنة الثمانية!).


لست أشك في أن أعضاء المجلس العسكري سمعوا من آخرين أيضا أمثال تلك الانتقادات والغمزات كما أنني لا أشك في أنهم طالعوا أو تابعوا تعبيرات أخرى عن ذات الموقف فيما نشرته أو بثته مختلف وسائل الإعلام، لذلك فإنني لا أستبعد أن يكون بعض أعضاء المجلس العسكري قد تأثروا بتلك الضغوط، ومن ثم حاولوا أن يدفعوا عن أنفسهم «الشبهة» أو «التهمة» التي رماهم بها أولئك النفر من المثقفين،



على الأقل فما قاله اللواء محمد مختار الملا مساعد وزير الدفاع وعضو المجلس العسكري في لقائه مع القيادات الصحفية قرينة دالة على ذلك، فقد نشرت له جريدة الأهرام في عدد الثلاثاء 5/4 قوله في ذلك اللقاء إن المجلس (العسكري) لن يسمح لقيادات متطرفة بالسيطرة على مصر،



وكان العنوان الرئيسي للصفحة الأولى أن مصر لن تكون إيران أو غزة،



وهو خطاب يعيد إلى الأذهان لغة مرحلة «المحظورة»، إذ لا أظن أنه يقصد السلفيين أو المتصوفة بالإشارة الأولى، ثم إن غمزه في غزة التي تديرها حكومة حماس ترجح المعنى الذي خطر لي، علما بأن حماس في غزة لم تقفز على السلطة ولكنها تولتها بعد انتخابات حرة فازت فيها بأغلبية الأصوات في المجلس التشريعي، أما ذكره لإيران فلا وجه للمقارنة به، لأن نظامها القائم على ولاية الفقيه التي هي من خصوصيات المذهب الشيعي التي لا تتطابق مع ظروف مجتمعات أهل السنة.


لم أسترح لقول اللواء الملا أيضا إن المجلس العسكري لن يسلم السلطة ويذهب إلى شرم الشيخ، بما يعني أنه لن يتنحى، وإنما سيظل ساهرا على حماية النظام الجديد، وهي إشارة تبدو متأثرة بدعوات بعض المثقفين إلى استلهام النموذج التركي في نظام الحكم، الذي بمقتضاه ظل الجيش حارسا للعلمانية ووصيا على السياسة،



وهي رسالة غير بريئة لأن ذلك الوضع فرض على تركيا قبل أربعين عاما، ثم تخلصت منه في مرحلتها الديموقراطية الراهنة، التي انتقلت إليها في عام 2002، بعدما تولي السلطة حزب العدالة والتنمية، علما بأن تركيا وهي تحت وصاية الجيش شهدت أربعة انقلابات عسكرية.


لا تزال ثقتنا كبيرة في مواقف المجلس العسكري ونزاهته السياسية، وهذه الثقة هي التي تدفعنا إلى التحذير من ابتزاز بعض المثقفين ممن يتمتعون بكثير من المعرفة وقليل من البراءة.


.............................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 06, 2011 22:08

April 5, 2011

السلفيون في أمريكا

صحيفة الشرق القطريه الأربعاء 3 جمادى الاولى 1432 – 6 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


السلفيون في أمريكا – فهمي هويدي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_06.html



في أمريكا أناس يطالبون بإقامة حكم ديني أصولي، ويدعون إلى تمزيق الدستور الذي يعتبرونه وثيقة علمانية، واستبداله بوثيقة حكم جديدة ترتكز على الكتاب المقدس.



وهؤلاء ينتمون إلى تيار إعادة البناء المسيحي، الذي يعلن أن هدفه «تغيير أمريكا، وشغل جميع المناصب بمسيحيين مؤمنين بالكتاب المقدس، والسيطرة على الإعلام الوطني، وتدريس المعتقدات الأصولية كعلم في المدارس العامة».



وثمة مناقشات مستمرة بينهم حول ما إذا كان الحكم الديني أفضل أم الديمقراطية. وهؤلاء ليسوا وحدهم ولكن «منظمة قساوسة من أجل الحياة»، يقولون صراحة إن الكنيسة تملى سياسات الأمة، إذ هي تعلن الحقيقة الربانية التي لابد لجميع السياسات العامة أن تتوافق معها.



وحين رشح بات روبرتسون لانتخابات الرئاسة في عام 1988، مؤيدا من «التحالف المسيحي» فإنه أعلن أنه:


عندما تحكم الأغلبية المسيحية هذا البلد (أمريكا) فلن تكون هناك كنائس شيطانية، ولا توزيع حر للمجلات الإباحية، ولا ثمة حرية في طلب الإجهاض ولا مزيد من الأحاديث عن حقوق المثليين (الشاذين جنسيا).


وحينذاك سوف ينظر إلى التعددية باعتبارها أمرا غير أخلاقي وشريرا، ولن تسمح الدولة لأي أحد بممارستها .


هذا المعنى الأخير ردده فصيل آخر في اليمين الأمريكي ـ راندل تيرى مؤسس منظمة «عملية إنقاذ» المعادية للإجهاض ـ في قوله لأتباعه:


أريدكم فقط أن تدعوا موجة اللاتسامح لتغمركم. أريد أن تسلموا أنفسكم لموجة من الكراهية .


نعم أريد منكم ذلك، فالكراهية شىء طيب. وهدفنا إقامة أمة مسيحية. والكتاب المقدس يحملنا المسؤولية. فالرب قد اختارنا كي نفتح هذا البلد. ونحن لا نريد مساواة أو تعددية .


ذهبت جماعة «جيش الرب» إلى مدى أبعد. فقد استهدفت عيادات الإجهاض وتورطت في عمليات اختطاف وتفجير وقتل. ووفقا لتقارير عدة، فإن الجماعة على صلة باستهداف تلك العيادات بمائتين وثمانين رسالة ملوثة بمادة الانتراكس السامة في شهر أكتوبر التالي مباشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001،



وحين أقامت الجماعة حفلا في شهر يناير من ذلك العام بمناسبة العام الخامس لنشأتها. فإن كثيرا من المتحدثين حثوا سامعيهم على تبني العنف ضد تيارات الإجهاض واستحلوا دماء العاملين في ذلك المجال .


في تفسيرهم للكتاب المقدس فإنهم يؤمنون بان حواء خلقت من ضلع آدم، ومتأخرة عن خلقه لكي تشبع رغباته. وإنها كانت ضعيفة بطبيعتها ويمكن إغواؤها بسهولة، لذلك فإن عقابها على الآثام التي وقعت بها يقتضى أن تعيش دائما حياة الخضوع.



وهذه الخلفية هي التي تجعلهم يتمسكون بأربعة مبادئ هي: أن تخضع النساء للرجال ــ النساء أقل شأنا من الرجال ــ معاناة النساء فضيلة مسيحية ــ المسيحيات المؤمنات حقا ينبغي أن يصفحن عن إساءة معاملتهن .


الفقرات السابقة منقولة نصا من كتاب «أصول التطرف ــ اليمين المسيحي في أمريكا» الذي حررته كيمبرلى بلاكر. وقد ترجم إلى العربية وصدر في إطار المشروع القومي للترجمة في مصر.


والكتاب الذي طبع في 420 صفحة يضم عدة دراسات أجراها عدد من المتخصصين الليبراليين ممن تصدوا لفكر المنظمات اليمينية التي تلعب دورا مهما في الحياة السياسية الأميركية، خصوصا في محيط الحزب الجمهوري. وكان لهم دورهم المميز في انتخاب الرئيس السابق جورج بوش .


أهم ما في الكتاب أنه يسلط الضوء على عالم الأفكار الشاذة والمستهجنة الشائعة بين المتدينين الأميركيين، والتي يعتنقها ملايين منهم، دون خوف أو هلع، ويراهن على أن الآلية الديمقراطية لا تسمح فقط بتداولها علنا، ولكنها تتيح إمكان تهذيبها واستيعابها بمضي الوقت من خلال حراك وقوة مؤسسات المجتمع المدني.



وقد عنَّ لى أن الفت الانتباه إليه بعدما لاحظت أن إعلامنا في مصر وكثيرين من عناصر الطبقة السياسية لا يكفون عن الصراخ والعويل والهلع كلما سمعوا رأيا شاذا أو وقعوا على تصرف استهجنوه.



علما بأن كل ما تعبر عنه دوائر اليمين الديني في مصر، لا يصل عشر معشار نظيره في الولايات المتحدة ولا تسأل عن نظيره في إسرائيل.



ليس عندي أي دفاع عن الكلام الذي يردده الذين أقصدهم في مصر. ولكنى معنى فقط بالدفاع عن ثبات المجتمع وتوازنه وحسن ترتيب أولوياته .


...........................

 •  1 comment  •  flag
Share on Twitter
Published on April 05, 2011 21:45

April 4, 2011

سؤال الساعة: أتكون ديمقراطية حقيقية أم لا؟ – المقال الاسبوعي

موقع قناة الجزيره الفضائيه الثلاثاء 2 جمادى الاول 1432 – 5 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


سؤال الساعة: أتكون ديمقراطية حقيقية أم لا؟ - فهمي هويدي – المقال الاسبوعي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_05.html



أصبحت السلفية أشهر مصطلح يتردد هذه الأيام في الفضاء المصري. مستصحبا معه أصداء متعددة من الترويع والتخويف، الأمر الذي يستدعي الكثير من أسئلة الحال والمآل.


<?xml:namespace prefix = v ns = "urn:schemas-microsoft-com:vml" /><?xml:namespace prefix = w ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:word" />


(1)



يوم الأحد الماضي مثلا (3/4) تناولت الصحف المصرية الموضوع على النحو التالي:


«الأهرام» تحدثت على صفحتها الأولى عن ائتلاف مدني من ست مجموعات لمنع انقضاض السلفيين على مطالب الثورة الحقيقية.



وذكرت أن مؤتمرا حاشدا ضم أكثر من ألف سلفي عقد بمسجد عمرو بن العاص -أكبر وأقدم مساجد مصر- تحدث فيه الشيخ ياسر برهامي (طبيب أطفال) الذي وصف بأنه أبرز قادة السلفيين، وكانت اللافتات المرفوعة ترسم أهم ملامح المشروع السلفي لمصر، وفي مقدمتها لافتة كتبت عليها عبارة تقول: «إسلامية إسلامية.. لا مدنية ولا علمانية».



في العدد ذاته نقلت الأهرام عن قيادي سلفي آخر قوله إن هدم الأضرحة ليس من الإسلام في شيء. وإن إقدام بعض الشبان على ذلك بمثابة «مصيبة كبرى».



ونقلت عن قيادي ثالث قوله إن كل جريمة تحدث الآن في مصر تنسب إلى السلفيين دون تثبت أو تحقيق.



وتساءل رابع قائلا: لماذا تكال الاتهامات الآن للسلفيين، وهم الذين لم يعتدوا على الأضرحة طوال الثلاثين عاما الماضية؟.



صحيفة «الشروق» تحدثت عن 90 ندوة ومؤتمرا عقدها السلفيون بمحافظات مصر بعد 25 يناير/كانون الثاني، كما نشرت خبرا عن تحذير شيوخ الصوفية من وقوع فتنة كبرى بسبب الاعتداء على الأضرحة. وخبرا آخر عن تحركات سلفية للسيطرة على مساجد الأوقاف.



صحيفة «المصري اليوم» تحدثت عن مؤتمر السلفيين في مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة. وأبرزت في عناوين تقريرها قول دعاتهم: سنطبق منهجنا الإسلامي مهما يكلفنا الأمر، وإذا أراد النصارى أمانا فعليهم الاستسلام لحكم الله.



وفي التقرير أن أحدهم ذكر أنهم تعرضوا لسيل من الافتراءات ذهبت إلى حد اعتبار السلفيين أخطر على مصر من الإسرائيليين.



صحيفة «الوفد» نشرت على صفحتها الأولى عنوانا باللون الأحمر على أربعة أعمدة تحدثت فيه عن تصاعد أزمة الأضرحة بين الصوفية والسلفية. وتحته عناوين أخرى من قبيل: "الصوفية يرفضون الحوار وتحذير من تحويل مصر إلى لبنان أخرى"،


"الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية يقول: ندرس الرد بالقوة ونطالب شرف (رئيس الوزراء) بالتدخل لوقف زحف السلفيين".



صحيفة «روز اليوسف» نشرت أكثر من تقرير حول الموضوع. أحدها تحدث عن "خناقات" في المساجد بسبب السلفية.



والثاني ذكر أن للسلفيين ثلاثة آلاف مسجد وزاوية في مصر، وأن التحالف المصري لمراقبة الانتخابات حذر من تنامي المد السلفي في البلاد.



والثالث ركز على أن مجهولين يوزعون الدستور السلفي في إيميلات مجهولة، ووصف هذه الخلوة بأنها «تطور مفزع لما تقوم به الجماعات السلفية»،



والرابع حوار على صفحة كاملة مع من وصف بأنه رئيس جماعة السلفيين في مصر ورئيس مجلسها للشورى (الدكتور عبد الله شاكر)، قال فيه إن الدعوة للخلافة الإسلامية في هذا الزمان أمر صعب لكن «لدينا البديل»،


كما قال إن «الجماعة» لديها مرشحون للانتخابات البرلمانية. وإن تغيير المنكر لا يكون إلا باللسان أو القلب، إلا أن هناك اختراقات فكرية للسلفيين.



(2)



هذه حصيلة يوم واحد من المعلومات والانطباعات التي تلقاها الرأي العام في مصر.


ولك أن تتصور صدى تلك التعبئة اليومية المستمرة هذه الأيام، خصوصا إذا تخللتها رسائل ترويعية من ذلك القبيل الذي نشرته صحيفة «روز اليوسف» على رأس صفحتها الأولى يوم 30 مارس تحت العناوين التالية:


حالة هلع بعد التهديدات السلفية،


غزوة إخوانية على مقاهي الأعراب في الفيوم بحجة تعاطي الخمور والمخدرات انتهت بمقتل شخص وإصابة 8،


ارتفاع نسبة الغياب في المدارس وإغلاق بعض المدارس المسيحية،


وبيانات سلفية تتهم فلول النظام بالترويج لشائعات خطف المتبرجات،


طالبات بأسيوط يستسلمن للسلفيات ويرتدين النقاب،


مطلقة مسلمة تضرب والدها المسيحي لإصراره على إعادتها للمسيحية.



الكلام عن السلفيين سحب وراءه كل من له صلة بالإسلام، خصوصا الإخوان الذين اتهمهم رئيس تحرير إحدى الصحف (الفجر 4/4) بالمسؤولية عن إحراق أقسام الشرطة، واقتحام مباني أمن الدولة والمحاكم والسجل المدني والسجون «التي فيها أنصارهم»، بدعوى أن الذين هاجموا تلك المواقع «كانوا يحرقون ملفاتهم وسجلاتهم ويمحون من الوجود تاريخهم الأسود».



وأضاف صاحبنا أن لجنة محايدة لتقصي الحقائق (إذا شكلت) ستكشف أن جماعة الإخوان المسلمين ليست بعيدة عما جرى على هوامش الثورة وخلال اشتعالها. ربما من باب الانتقام. وربما تعبيرا عن غريزة شرسة كانت مكبوتة. ربما لتمهيد طريق الحكم بسهولة.



واستطرد بعد ذلك قائلا: إننا وجدنا أهل السلطة يمدون أيديهم إلى الجماعة بحيوية غير مفهومة. ويتركون لها مهمة تعديل الدستور(؟!). ويسارعون بإجراء انتخابات تشريعية يعرفون مقدما أنها تملك الفرصة الأكبر للفوز بها. ليُشَكَّل برلمان ملتح متعصب متشدد ستختار منه لجنة إعداد الدستور الجديد، الذي سيؤسس لنظام سياسي يمنحها فرصة البقاء في السلطة إلى يوم القيامة.



هذه الخلاصة عبر عنها بطريقة أخرى الشاعر في قصيدة نشرتها جريدة «الأهرام» (عدد 31/3) بعنوان «سارق النار»،


قال فيها: إن الظلام استرد معاقله في مدينتنا وتوالت علينا الشرور!!.



(3)



بعدما أعلن أن تشكيل الأحزاب أصبح يتم بالإخطار. صرنا نقرأ كل صباح عن ميلاد حزب جديد. ساعد على ذلك أن المجتمع فقد ثقته في أغلب إن لم يكن كل الأحزاب التي أجازتها السلطة خلال الثلاثين سنة الماضية، وبعضها كان ضمن أجنحة الحزب الحاكم، والبعض الآخر كان مشمولا برعاية جهاز أمن الدولة.



وأثار الانتباه في هذا الصدد تعدد الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. إذ إلى جانب حزب «الحرية والعدالة» الذي يتجه الإخوان إلى إنشائه. فقد صدر مؤخرا حكم أجاز "حزب الوسط"، وثمة شائعات عن تكتل خارج من عباءة الإخوان ومستقل عن الجماعة رُشح له اسم حزب «النهضة».



وليس معروفا موقف الجماعة الإسلامية ولا التيار السلفي، لأن ثمة آراء تتحدث عن احتمال انخراطهما في الحياة الحزبية، وآراء أخرى ترجح انخراطهما في الحياة السياسية دون الحزبية، بمعنى الترشح للانتخابات التشريعية من خارج الأحزاب، أو التصويت لأحزاب دون غيرها.



هذا الظهور المكثف نسبيا للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية نستطيع أن نفهم دوافعه. إذ لا تفسير له سوى أن تلك الشرائح كانت الأكثر تعرضا للقمع والاضطهاد في ظل النظام السابق. وحين زال الحصار الذي فرض عليها طوال الثلاثين عاما الأخيرة وفرض على الأغلبية الساحقة منهم البقاء في عذابات السجون والمعتقلات والمنافي، فإنها اندفعت نحو إثبات الحضور والعمل في النور لتجميع الأنصار في ظل الشرعية.



هذا السلوك لا يخلو من إيجابية، من ناحية لأنه يتيح لنا أن نقرأ أفكارهم في العلن، وأن نناقشها أمام الملأ. وهي ذاتها الأفكار التي كان يتم تداولها في السر وتشيع بين الشباب دون أي مناقشة.


ومن ناحية ثانية، لأن ظهور تلك التجمعات إلى النور يسمح لأصحابها بأن يتحاوروا مع المجتمع ويعملوا له حسابه. وهم الذين ظلوا يحاورون أنفسهم ويتجادلون مع بعضهم البعض طوال السنين التي خلت.



(لاحظ أن الذي تحدث عن "غزوة الصناديق" اضطر في اليوم التالي للتراجع والاعتذار، والاحتجاج بأنه كان يمزح وقد انتشى بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور).



من ناحية ثالثة، فإن ظهور تلك الجماعات إلى العلن يفتح الباب ليس فقط لمناقشة أفكارها ولكن أيضا لتطويرها وإنضاجها في ضوء ردود الفعل المجتمعية إزاءها.



جدير بالذكر في هذا الصدد أن خروج تلك الجماعات إلى النور فتح الباب لاحتمالات التغيير في هياكلها فضلا عن أفكارها، فقد ظهرت تكتلات داخل حركة الإخوان ذاتها، كانت فكرة حزب النهضة وتكتل شباب الإخوان من تجلياتها.



كما حدثت استقالات من مجلس شورى الجماعة الإسلامية بسبب الخلاف حول مبادرة وقف العنف.



كما تباينت المواقف داخل الحركة السلفية إزاء موضوع هدم الأضرحة أو الموقف من الأقباط، واكتشفنا أنهم ليسوا شيئا واحدا ولكنهم مجموعات شتى.



(4)



ضربت مثلا من قبل بحالة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية التي تشكل فيها 400 حزب انتهت الآن إلى 12 حزبا، أقواها اثنان فقط.


وكان رأيي ولا يزال أن تعطى الفرصة للجميع لكي يثبتوا حضورهم. ثم يترك للمجتمع من خلال صناديق الانتخابات أن يقرر من الأجدر بالبقاء ومن الذي ينبغي أن يختفي من المشهد.



ولكن الصوت العالي بين الطبقة السياسية في مصر لم يحتمل ظهور الجماعات ذات المرجعية الإسلامية. وتبنى موقف إقصائها، مستخدما في ذلك أسلوب التخويف والتشهير الذي اتبعه النظام السابق. ولا مفر من الاعتراف هنا بأن أغلب العلمانيين والقوميين ومعهم المتعصبون في الكنيسة القبطية لعبوا دورا مهما في تكريس ذلك الاتجاه.



لا أريد أن أبرئ المنتسبين إلى الإسلام من المسؤولية، لأن بعضهم وقع في أخطاء استخدمها الآخرون في ترويع المجتمع وتخويفه.


ولأن الموقف الإقصائي والمناوئ كان الأصل، ولأن الاصطياد والتربص كان الوسيلة، فإن تلك الأخطاء جرى تضخيمها من ناحية، كما جرى تعميمها على الجميع من ناحية ثانية.



ولأنه لم تكن النوايا صادقة والنفوس صافية، فقد صار الإقصاء بديلا عن الاستيعاب. ولم يكن ذلك أغرب ما في الأمر، لأن الأغرب أن ذلك تم في مرحلة الإعداد للانتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي، يختلف عن الديمقراطية المغشوشة التي عشنا في ظلها طوال العقود الأربعة الأخيرة على الأقل.



لا أريد أن أقارن بحضور ودور أحزاب التطرف اليميني في البرلمان الإسرائيلي، ولكنى أنبه إلى دور جماعات اليمين المسيحي في الولايات المتحدة، وكلهم "سلفيون" وإن اختلفت مرجعياتهم الفكرية.



وأحيل من يريد أن يعرف أكثر عن اليمين المسيحي أن يرجع إلى كتاب «أصول التطرف: اليمين المسيحي في أميركا»، لمؤلفته كيمبولي بلاكر (ترجمته هبة رؤوف وتامر عبد الوهاب، وصدر ضمن المشروع القومي للترجمة بالتعاون مع مكتبة الشروق الدولية).



ومن يقرأ ذلك الكتاب يكتشف أن ما يفعله السلفيون في مصر ليس أكثر من «هزار» بالمقارنة مع ما يفعله أقرانهم في الولايات المتحدة.



إن جوهر الخلاف الراهن في مصر ليس على ما إذا كان هذا الطرف أو ذاك هو الذي سيجني ثمار الثورة، ولكنه يدور حول ما إذا كنا نريد ديمقراطية حقيقية أم لا؟


...........................

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 04, 2011 22:37

April 3, 2011

الشعب السوري أعَز

صحيفة الشرق القطريه الاثنين 30 ربيع الاخر 1432 – 4 أبريل 2011<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" />


الشعب السوري أعَز – فهمي هويدي


http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/04/blog-post_04.html



هناك الكثير الذي ينبغي أن يحسب للنظام السوري، والكثير الذي يحسب عليه.



إذ لا يستطيع أحد أن ينسى له احتضانه للمقاومة الفلسطينية، التي لولاه لكان قادة فصائل المقاومة إما في السجون العربية أو الإسرائيلية، أو مشردين في أصقاع الأرض،


يحسب لذلك النظام أيضا أنه لم يفرط ولم يساوم ولم يشترك في صفقات بيع القضية الفلسطينية،


يحسب له كذلك دعمه للمقاومة الوطنية اللبنانية، التي لولاها لسقط لبنان في فخ «الاعتدال» وفي قبضة الحلف الأمريكي الإسرائيلي،


كما يحسب له دعمه للمقاومة العراقية التي قضَّت مضاجع الاحتلال الأمريكي وأنهكته هناك .


لأن الموقف السوري على المستوى القومي بهذه الصورة التي ذكرت، فلا غرابة في أن تصطف قوى كثيرة للضغط على النظام في دمشق ومحاولة تفجيره من الداخل .


أعني أن هناك كثيرين لا يتمنون خيرا لذلك النظام الذي تمرد عليهم وأقلقهم وحرص على أن يرفع لواء الممانعة مستثمرا ظروفا عدة، بينها علاقاته المميزة بإيران .


الصورة الإيجابية لموقف النظام السوري على ذلك الصعيد أساءت إليها وسحبت من رصيدها العديد من الممارسات الحاصلة على المستوى القطري، الأمر الذي يسوغ لنا أن نقول بأن دولة الصمود والممانعة على الصعيد القومي كانت على الصعيد القطري دولة بوليسية بامتياز.



أدري أن تلك ليست مسؤولية الرئيس بشار الأسد وحده. لأنه ورث هذا النظام عن أبيه الذي استمر في السلطة نحو ثلاثين عاما (1971 ــ 2000).



أدري أيضا أن الرئيس بشار اتخذ عدة خطوات إيجابية نسبية حين تولى السلطة بعد أبيه. فخفف من قسوة الأجهزة الأمنية، وأرخى قبضة الحزب الذي جمدت عمليا لجانه في مختلف المحافظات. وأدخل عدة إصلاحات على صعيد علاقة سوريا واتصالها بالعالم الخارجي.



لكن ذلك كله لم يغير من طبيعة النظام ولا كف أيدي الأجهزة الأمنية الباطشة، التي اختلف أداؤها في الدرجة وليس في النوع. لذلك فإن قامة سوريا على الصعيد القومي كانت أكبر منها على الصعيد القطري. وتقديرنا لنظامها على المستوى الأول تآكل قدر لا يستهان به منه بسبب الحاصل على المستوى الثاني .


لأن الأمر كذلك، فإننا نستطيع أن نتفهم غضب الجماهير السورية كما نتعاطف مع مطالبها التي عبرت عنها التظاهرات التي خرجت في العديد من أنحاء البلاد، وشوقها إلى الحرية التي حرمت منها طوال أربعين عاما. وهو الشوق الذي تجلى في ممارسات ومواقف بعض عناصر النخبة التي لم تكف طوال السنوات الأخيرة عن دق الأجراس والدعوة إلى الانفراج السياسي والإصلاح .


أدري أن ثمة فرقا بين الواقع الذي كان في تونس ومصر من ناحية وبين سوريا من ناحية ثانية، خصوصا في تضاريس الخريطة السكانية التي تتميز في سوريا مثلا بوجود مميز للعلويين والأكراد،



كذلك هناك فرق لصالح سوريا فيما خص القضايا القومية، إلا أن ثمة قاسما مشتركا بين الدول الثلاث لا يمكن إغفاله، يتمثل في الجمود السياسي واحتكار السلطة وتراجع هامش الحريات مع تزايد هيمنة الأجهزة الأمنية.



كما أن هناك قاسما مشتركا آخر بين تلك الدول يتمثل في بطء إجراء الإصلاح السياسي، الأمر الذي أشاع جوا من عدم الثقة في وعود الإصلاح التي تطلق .


إن المتظاهرين الذين خرجوا في العديد من المحافظات السورية في أغلبيتهم الساحقة لم يكونوا دعاة فتنة ولا عملاء لجهات أجنبية ولا مخربين يهددون الاستقرار، ولكنهم مواطنون شرفاء فاض بهم الكيل، وباتوا في شوق لاستنشاق نسائم الحرية التي هبت على مختلف أنحاء العالم العربي.



وإذا لم يستجب الرئيس بشار الأسد لمطالبهم بسرعة فإنني أخشى على رصيده من النفاد في العام الحادي عشر لحكمه، وأتمنى ألا يصدق ادعاء البعض بأن ما تبقى له من رصيد نفد فعلا بعد سقوط عشرات القتلى برصاص قناصة الأجهزة الأمنية في درعا واللاذقية.



عزيز علينا الموقف القومي للنظام السوري، لكن أرجو ألا يكون ذلك على حساب كرامة الشعب السوري. ولا ينبغي أن نخير بين الاثنين ليس فقط لأن الشعب هو الثابت والنظام ومواقفه بطبيعتها متغيرة،


ولكن أيضا لأن الانحياز إلى الشهامة لا يعني بالضرورة التفريط في الكرامة .


.................

 •  2 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 03, 2011 20:51

فهمي هويدي's Blog

فهمي هويدي
فهمي هويدي isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow فهمي هويدي's blog with rss.