أسامة الشاذلى's Blog, page 29
July 30, 2011
وهابية وهابية... في وصف محمد بن حسان

أخرج صراخ الطفل الشيخ من تأملاته، وأسرع ناحيته متحملاً على الرغم من سنوات عمره الكثيرة اداء دور الاب الذي غاب، والذي لا يطيقه سنه خاصة مع هذا الطفل اليتيم الذي لا يلاعب حتى اقرانه في حارات القرية ويكتفي بالانزواء على "مصطبة" الدار وحيداً مستوحشاً.
*****
وفي صباح أحد تلك الايام الصيفية الرطبة، حين يكسو القرية ضجيج دورانها اليومي، اصطحب الجد حفيده الى "كتاب" القرية، حالماً بأن يزيد هذا التعليم من اندماج الفتى مع اقرانه، إلا أن الايام زادت في انعزال الفتي الذي حفظ القرآن كاملاً في 4 سنوات، لينبهر الجد بحفيده وينسى رغما عنه أنه طفلا لم يمارس طفولته يوما.
وتسحب الأيام بعضها بعضاَ ليقوم امام كتابه بتحفيظه متن أبى شجاع فى الفقة الشافعى و بعض متون العقيدة، ويساهم جده من خلال مكتبة مسجد القرية بتحفيظه كتاب رياض الصالحين.
ويلزم الطفل الذي بلغ 13 عاما منبر المسجد في قريته ليخطب الجمعة كل اسبوع، اعتمد خلالها على قدرته الفائقة في الحفظ مما اثار اعجاب الكبارن الذين ملوا ذلك الشيخ ذو الورقة المكتوبة والذي يعيد الخطبة ذاتها عدة مرات خلال الشهر الواحد، وتواصل الايام مرورها وينتقل الطفل الى مرحلة الشباب ويجتاز سنواته الجامعية في يسر ليتخرج من كلية الاعلام.
وتبقى أمنية جده الذي رحل منذ سنوات في أن يصير الحفيد شيخاً، وتبقى نظرة الانبهار في عيون مستمعي خبته تثير لديه شغفا، خاصة بعد أن أجبرت مكانته الدينية في القرية كبارها على أن يعاملوه بطريقة مختلفة عما كان جده يعامل، حيث يعتبر أعيان القرية وصفوتها رجل العالم على نفس المقدرة بغض النظر عن بساطة حاله، أو وا يملكه من الأرض، فيقرر الحفيد الالتحاق بمعهد الدراسات الاسلامية .
الا أن الظروف لا تمهله لينال شهادة دينية تدعمه في تحقيق حلمه ليصير شيخا جليلا، حيث يتم استدعائه للخدمة العسكرية في منتصف الثمانينيات، فيقوم خلالها باداء نفس الدور الذي اداه من قبل في قريته، لتنتهي الخدمة ويبقى هو في نفس المدينة ، مدينة السويس خطيباً لاحد جوامعها.
******
حتى مساء ذلك اليوم الذي أنهى فيه الشيخ الصغير صلاة العشاء في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وهو يستعد للعودة الى تلك الغرفة الصغيرة التي يسكنها خلف المسجد، معتمدا على ذلك الراتب القليل الذي يتلقاه نظير امامته للمسجد في تصريف شئون حياته البسيطة، ليجد من يطلب منه البقاء في المسجد، وخلال ساعات قليلة كانت هي عمر اللقاء بين الشيخ الشاب، وصديقه الشيخ الكبير الذي تعشقه مدينة السويس بالكامل وذلك الشيخ البدوي ذو اللهجة الخليجية، اقتنع صاحبنا بالسفر إلى المملكة السعودية ليعاود تلقى العلم مع راتب يسيل له اللعاب.
*****
سافر الشيخ إلى الرياض و تولى مسئولية مسجد الراجحى بمنطقة الربوة مواصلا تلقى العلم على يد الشيخ أبو صالح سليمان الراجحى، قبل أن ينتقل للدراسة على يد الشيخ عبد العزيز بن باز امام المذهب الوهابي، وقائد جماعة الامر بالمعروف ، ومفتي المملكة السعودية صاحب الاراء الحادة الشديدة التطرف, فسمع منه كثير من الشروح مثل شرح فتح البارى و النونية و الطحاوية و الواسطية و فى الفقة و أصوله و كثير من الشروح.
وبعد هذا كلفه مكتشفه الشيخ سليمان الراجحى بالإنتقال الى مسجده بالقصيم, و فى إفتتاح أحدى المشروعات و بحضور أكابر العلماء فى المملكة كلف الشيخ سليمان الشيخ محمد بالخطابة أمام كم كبير من أكابر العلماء, و قام بعد الخطبة الشيخ عبد الله بن منيع بتكليف من الشيوخ الإجلاء بمنح الشيخ محمد حسان شهادة الدكتوراه.
ليحصل الشيخ الشاب على شهادة دكتوراه على الرغم من أنه لم ينل حتى الماجستير، وعلى الرغم من أنه لم يدرس الفقه والشريعة في أي كلية معترف بها ليكلف بعدها بالتدريس فى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم كليتى الشريعة و أصول الدين, بتزكية من شيخ شيوخ الوهابية محمد بن صالح العثيمين, بتدريس مادة الحديث و مادة مناهج المحدثين و مادة تخريج و طرق الحديث، ليعود بعدها الشيخ الشاب بعد ان تخطى منتصف الثلاثينيات في نهاية تسعينيات القرن الماضي الى وطنه، بعد أن تغير وضعه المادي، وتغير شكل الحلم الذي حلمه الجد ذات صباح ، لم يتغير مظهره لانه حفيده سيبقى شيخاً، ولكن تغير مضمونه لان هذا الحفيد سيواصل الدعوة للمذهب الوهابي، وليس الي ذلك الدين الحنيف الذي عبر عنه الجد من خلال تحفيظه للصبي كتاب رياض الصالحين.
******
وخلال سنوات قليلة ذاع صيت الشيخ الشاب، ومن خلال من سبقوه من شيوخ نفس المذهب في مصر والذين تستروا تحت اسم براق بديلاً لشيوخ المذهب الوهابي ، ليطلقوا على أنفسهم " السلفيون"، صار احد أئمتهم، الذين يسعون خلفه ويشدون الرحال الى ذلك المسجد الذي يخطب فيه أياً كان مكانه.
ومن خلال تواجده في مسجد "العزيز بالله" أكبر تجمع للشباب الذي وجد في هذا المذهب نفسه، فأطلق ذقنه التي لم تتعلم حتى بعد كيفية الخروج، وارتدى ما قصر من جلاليب بيضاء، ونقل ساعة يده الى الجانب الأيمن، معتبرين الشيخ الشاب مثلهم الاعلى، خاصة مع كبر سن كل الشيوخ الذين سبقوه، والذين بدأوا التبشير الوهابي الخليجي منذ بداية عصر البترودولار في نهاية السبعينيات، ليقود وحده بمعونة نفس السلاح البترودولاري تجديد المذهب والدعوة اليه.
*****
ومع بزوغ شمس الألفية الجديدة، ومع انتقال الاعلام الى عصر الفضائيات، ينتقل شيخنا لمرحلة جديدة، يصير خلالها مقدما لبرنامج في قناة دينية متخصصة، قبل أن ينشأ ذلك الشاب الذي تخطى الاربعين ببضع سنوات قناته الخاصة "بماله" الخاص ليزيد المريدون، ويزيد الأتباع .
يدعو الشيخ دائما من خلال دروسه إلى الحجاب، الى فضيلة الطهارة، المواظبة على الصلاة في المسجد، الزكاة، المظهر، حريصاً كل الحرص طيلة سنين طوال على عدم الخوض في سياسة البلد، حتى أنه عندما ضيق عليه ذات يوم ليقول رأيه دعا للرئيس المخلوع مبارك موافقاً اياه على حصار المسلمين في غزة، محافظا على نفسه وعلى قناته، الى ان صدر قرار باغلاق القنوات الدينية في نهاية عام 2010، فخرج الشيخ مباركا ومهللا على منابر المساجد التي يخطب فيها.
******
ومع اندلاع ثورة الخامس والعشرون من يناير حرص الشيخ على تطبيق مبدأ مذهبه الأعظم، ألا وهو تكفير وتحريم الخروج على الحاكم، لدرجة ان الشيخ وجدي غنيم المطرود خارج مصر اتهمه بعد ذلك بالنفاق وركوب الثورة حيث اتهم غنيم حسان بالتناقض وركوب موجة الثورة ، ومهاجمة الثورة قبل انتصارها بأيام قليلة، وبعد نجاحها أيدها ونزل ميدان التحرير .
وأضاف الشيخ غنيم ان حسان أوقع نفسه في مشكلة كبيرة مع شباب الثورة ، وأكد انه يحب محمد حسان ولكن الحق احق أن يتبع .
واضاف غنيم أنه حتى هذه اللحظة لا نعرف موقف حسان من المظاهرات ، لقد أخرج بيان موجه إلي الثورة وحملهم التخريب الذي حدث ، أليس من باب أولى ان يوجه البيان إلى الداخلية وأعوانها في الأساس .
واضاف ان تناقضات السلفية كبيرة ولا نعرف موقفه من التيار السلفي الذي كان يحرم الخروج على حسني مبارك ، ويعتبر المظاهرات حرام .
وذكر غنيم ان حسان قال عن وزير الأعلام الأسبق أنس الفقي بالنص " الأخ أنس الفقي " وأشاد به في أكثر من موقع ، رغم انه لا يقبل به وبمظهره الملتحي ،وقال غنيم عن حسان " لقد كثرت تناقضاتك يا مولانا"
وتابع غنيم ان من اخطر وأعظم هذه التناقضات من وجهة نظره موقف حسان من معمر القذافي الرئيس الليبي والذي ذهب إليه مرتين في ليبيا وقابله رغم أنه ينكر سنة النبي محمد، ويقتل العلماء هناك ، ويعد بذلك كافرا" علي حد وصف غنيم له " ويجب الخروج عليه .
ووجه غنيم اللوم الى حسان ، في عدم قيادة الاخير للمظاهرات ، وقال غنيم انه لو كان موجودا في مصر ولو لم يكن محكوما عليه بالسجن لنزل الى ميدان التحرير مع المتظاهرين .
الا أن الشيخ الشاب قد أتقن هذه المرة اللعبة، وقرر أن يستفيد بهذا الزخم التى يحيط بالحرية في مصر، وقرر الدفع بكل اعضاء التيار الوهابي المسمى بالسلفي، ليتركوا بيع "الهريسة" التي باعوها لاعوام طوال ليقل احتكاكهم مع المجتمع الكافلا وتجارته وناسه الى الوسط السياسي، وليقرر السلفيون بقيادة مجدد دعوتهم الذى صار على اعتاب الخمسينيات استعراض قوتهم في المجتمع.
يقودهم هذا الشيخ العلامة الذي لم يدرس العلم في كلية ولا جامعة الذي يذكرنا بمقارنة بين العالم الأزهري والعالم السلفي والتي وردت على لسان الشيخ على جمعة حين قال"الشاب من دول حيتعب نفسه ويدخل الازهر يقعد 4 سنين وبعدها ياخدله ست سنين ماجستير ودكتوراه يعني 10 سنين علشان يبقى شيخ، وهو ممكن يقراله كتابين في اسبوعين ويبقى شيخ سلفي" ولا يقعد كام سنة في السعودية يا شيخنا وياخد دكتوراه الشيخ عبد الله بن منيع.
*******
الشيخ الشاب الذي شاب بعد أن تجاوز حتى حلمه، وصار الحلم القديم متواضعا أمام ما حققه من مال وجاه، ينفذ وعن قناعة ذلك المخطط السعودي لوأد الثورة في مصر، ويمنح المجلس العسكري الفرصة ليثير خوف امريكا من سيطرة التيار الاسلامي على مصلا لتدعم بقائه.
الشيخ محمد حسان الذي لم يمارس السياسية طيلة 48 عاما،والذي - على حسب قوله - تستقبله السعودية رسميا وتنتظره السيارة تحت الطائرة؟
قرر فجأة أن يكون زعيما، الشيخ الذي هاجم الثورة يتحدث عن انحراف الثورة عن اهدافها،الشيخ الذي ترك يوما بيته المبني بالطوب اللبن ليدخل الجيش صار شيخاً مليونيرا من خلال الدعوة، أو كما فال المثل الشيخ الوهابي ان تاب .....
Published on July 30, 2011 08:14
July 28, 2011
المشير .... لامؤاخذة

منذ البيان الأول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وأنا أناقض نفسي، أتذكر تاريخاً مضى ارتديت فيه الزي العسكري لأكثر من 14 عاماً، بكل ما فيه من ألم وهم، وحاضر يولد أمام عيناي، وشتان ما بين فساد وصلاح.
ولا أدري للأن لماذا تذكرت تلك الليلة الرمضانية الباردة التي دعيت اليها في اواخر التسعينيات، لاحضر مباراة في الدورة الرمضانية العسكرية التي يشارك فيها المشير، الذى تناثرت حوله شائعات اصابته بمرض السرطان، وحسدته أنا بنفسي خلال تلك المباراة التي أحرز فيها 3 أهداف، وجرى حتى انقطعت أنفاسي أنا، حينها فقط أدركت أن المرض اللعين لا يصيب سوى الشرفاء.
****
إلتحقت بالقوات المسلحة في نفس العام الذي ترقى فيه اللواء حسين طنطاوي الي رتبة الفريق، وترك منصبه كقائد لقوات الحرس الجمهوري ليحتل منصب وزير الدفاع، بتوصية إستثنائية من سيدة مصر الأولى في هذا التوقيت سوزان مبارك، وأنهيت دراستي في الكلية الحربية بعدها بسنوات ثلاث والفريق طنطاوي على رتبة مشير، تلك الرتبة التي لا تمنح إلا لأصحاب البطولات الفذة والأعمال العسكرية المبهرة في الحروب، ونالها سيادته على يد الرئيس المصر المخلوع حسني مبارك لإعجابه حينها بالعروض التي تقدمها القوات المسلحة في إحتفالات أكتوبر، ليكون بذلك أول مشير في العالم (فيلد مارشال) يحظى بتلك الرتبة عن طريق الإحتفالات لا الحروب، على الرغم من تعطل التدريب بالوحدات المشاركة والكليات العسكرية لأكثر من 3 شهور طيلة 3 أعوام من آجل تلك العروض.
ومن خلال وجوده كقائد عام للقوات المسلحة، حرص المشير طنطاوي على تغيير المألوف تماماً حيث حرص من سبقه وعلى رأسهم المشير عبدالحليم أبو غزالة - نال رتبة مشير عقب تغييرات فنية ابتكرها في سلاح المدفعية - على دعم الضباط وضباط الصف، والحرص على ولائهم الدائم سواء للقوات المسلحة أو لوزير الدفاع، عبر العديد من الخدمات والترقيات والمكافأت، حيث قام طنطاوي بتعديل قانون الخدمة وزيادة عدد سنوات الخدمة في كل رتبة، وابتكر قانوناً لتحويل عدد كبير من الضباط إلى سن المعاش عند الترقي لرتبة عقيد، متجاوزاً عن عرف امتد لمدة تزيد عن 50 عاماً قبله بالترقي طبقاً للوحدات القتالية التي يقودها الضابط - مثال من قاد كتيبة يجب ان يخدم في رتبة العميد - ليحال مئات الضباط للمعاش وهم في سن الـ40، كذلك أعتمد المشير على رجاله الذين خدموا معاه خلال مشواره العسكري متجاوزاً عن شرط الكفاءة والتفوق، لدرجة أن يخدم اللواء على ماهر رئيساً لهيئة عمليات الجيش - منصب الجمسي في حرب اكتوبر - وهو يعالج في باريس من السرطان لمدة عامين، وخلال ذلك تم استبعاد عدد من الكفاءات تحت شعار الولاء والانتماء أهم من الكفاءة.
****
اعتاد أن يجالس رجاله كل يوم، بذات الوجه الصارم الخالي من اي انفعالات، التي تشبه ابتسامته شقاً في جدار صلد، يتسائل عن أخبارهم، يسمع أكثر مما يتكلم، يكتفي بتلك الايماءات الغامضة التي تجعلهم جميعا في انتظار النتائج، لا يحب الحديث عن حرب اكتوبر، ويدرك جيدا في قرارة نفسه أنها كانت أخر الحروب، وانه عندما يعير قواده بغبائهم في المؤتمرات، ويخبرهم بأنهم قادة سلم، سيتم تغييرهم جميعا وقت الحرب، انه على رأسهم، وانه محارب سلمي تركت فيه الثغرة اثرا لا ينمحي
****
كذلك تم إخلاء القيادات العليا للقوات المسلحة من أي ضابط كفء خوفاً على المنصب الهام ألا وهو وزير الدفاع، وخلال ذلك ومن أثناء خدمتي كضابط صغير في سلاح المدرعات، حرص سيادة المشير على زيادة أعداد الشرطة العسكرية إلى أربعة أضعاف عددها لمطاردة وإهانة أفراد القوات المسلحة في الشوارع خاصة بعد إصدار قانون يمنعهم من السير فيها، لدرجة سخرية بعض الصحف الاسرائيلية يوماً من العدد المبالغ فيه للشرطة العسكرية بقولها لكل جندي أو ضابط مصري مقابل من الشرطة العسكرية، كذلك حرص سيادته على إغراق وحداته بالتفتيشات الشهرية واليومية والمفاجأة والمحددة سلفاً، لتدور أدمغة ضباطه بحثاً عن رضا تلك اللجان القادرة على تدمير مستقبل أي عدد منهم من خلال تقرير واحد، وتنتشر بناء على هذا الرشوة والهدايا بين أفراد القوات المسلحة ليفسد الجسد بعد أن فسد الرأس.
*****
أدرك منذ شبابه أن للقمة في القوات المسلحة طريقين هما الولاء او الكفاءة، وبما ان الثغرة وصمته في كفائته طيلة العمر فلابد من الولاء، الولاء التام، الذي صار مفتاح حياته، حتى ترقي لقيادة الجيش الثاني ومنه للحرس الجمهوري، حينها أدرك أن قواعد اللعبة اختلفت، اتسعت، وان مركز القوى لم يعد ضابطاً أعلى يرتدي كابا، بل امرأة أقوى تدير بلداً باصبعها، أجاد الانحناء والطاعة، لزمها ذهاباً وايابا، حتى اصرت على اسمه عند رحيل الوزير اللقيط يوسف صبري ابو طالب ، الذى عاد للوزارة منتشلا من كحافظة القاهرة ، في وضع ترانزيت لقادم اهم.
*****
رجل مثل هذا أفسد أجيال بأكملها في القوات المسلحة، وتعمد تجهيلها عن طريق كم من التفتيشات اليومية وجريدة القوات المسلحة التي يصر على حفظ الضباط لمانشيتاتها لدرجة أنه قد يطلب من ضابط ترديدها ان قابله في الشارع، لا أتخيل يوماً أن ينقذ مصر، رجل مثل هذا بناه مبارك وجعل منه وزيراً للدفاع، رغم أن تاريخه العسكري يحمل وصمة كبرى في حجم ثغرة الدفرسوار لأنه قائد الكتيبة المسؤولة عن تأمين الجانب الأيمن للجيش الثاني، حيث اخترقت القوات الإسرائيلية.
لن يعمل لمصلحة مصر أبداً، فقط سيعمل لمصلحة من يراه الآن سيدا.
*****
رجل تذوق لذة صفقات السلاح ، وميزانية لا تناقش، وطاعة بلا عيون، يقف حائرا الان امام تاريخ دخله وهو لا يعرفه ولا يؤمن به، ورجل مريض في شرم الشيخ بجواره سيدة منكسرة تعود ان يرفع يده بالتحية مؤمنا لهما، وشباب في التحرير يقضون مضجعه، ومجموعة من اللواءات التى اتقن جمعها عبر عقدين من الزمان يتقافزون خارج سيطرته الان، لانهم ادركوا ان تلك لحظة المساواة، وان الغلبة الان ..... للاقوى.
*****
أتعجب كثيرا من كلبي الذي ربيته طيلة 20 عاما، فمنذ مرضى وانهياري واحتلالي لغرفتي في المستشفى وهو لا يكف عن النباح، هل نسيني الكلب، ام انه فقط ينبح ليبعد اللصوص عن جثماني المتعفن، على ما أظن الكلاب لا تخون اسيادها أبدا
Published on July 28, 2011 06:32
July 26, 2011
برومو برنامج "ولاد الحرام"
برنامج اذاعي ساخر في رمضان على ميجا اف ام 92.7
Published on July 26, 2011 13:23
July 7, 2011
الجنرال المحظوظ

يستقبل الرجل اول ليالي عام 1997 بحزن شديد، يطل من نافذة وحدته على تلك القطعة الجنوبية من أرض مصر، يتذكر فيما يتذكر أحلامه بمستقبل مهني أفضل، ويمنع بالكاد دمعتين ارادتا أن تفرا على خده، ويزيد مقاومتهما بنظرة الي صورته المعلقة على حائط الغرفة، والتي يرتدي فيها لباسه العسكري المزين بال"سيفين" عند ترقيه إلى رتبة لواء.
تخونه قدماه فيرتمي على فراشه ليبحث مع نفسه، ماذا يفعل بعد ان بحال الى التقاعد بعد عامين من الان، لبوظيفة القيادية التي نقل إليها يحال صاحبها للتقاعد بعد ها مباشرة، وفي أفضل الأحوال يتم التمديد له لمدة عام أخر.
يقفز صاحبنا من فراشه وهو يهتف بأقصى أحلامه جموحاً : لازم يتمدلي سنة كمان واخرج معاش سنة 2000
*****
عادة ما يتم التأهيل لدرجة الدكتوراة في العلوم العسكرية بناء على الكفاءة، فيذهب الأكفأ لكلية الحرب، والأقل كفاءة لكلية الدفاع، وصاحبنا يعلم منذ ذهب إلى كلية الدفاع أنها النهاية، وأن هذا العمر الذي قضاه في القوات المسلحة ينتهي، وأن حرصه الشديد على كسب ثقة قواده لم يفد شيئاً في النهاية.
لم يغضبهم يوما فلماذا أقصوه، تمر بخياله ذكرى اليوم الوحيد الذي غضب منه قائد القوات حين كان قائداً لاحد التشكيلات لأنه بعد نهاية الاجتماع، غادر بصحبة أحد زملائه، والذي أصر على تحية رئيس أركان القوات في مكتبه، فصاحبه للسلام، وعند خروجهما من مكتب رئيس الأركان فوجئا بالقائد ، الذي كان على خلاف كبير مع رئيس أركانه، فصرخ فيهما غاضباً.
ولم ينس صاحبنا أنه رفض مغادرة المبني يومها قبل أن يعتذر للقائد، بل وأجبر صاحبه على ابلاغ القائد أنه هو من كان يبغي تحية رئيس الأركان وأنه اصطحبه معه عنوة.
*****
تمر الأيام والليالي على صاحبنا، والحزن يأبى أن يفارقه، يخطط لقادم لا يدري ماهو، حتى صباح ذلك اليوم الشتوي المشمس 17 نوفمبر 97، حين ارتفع رنين هاتف مكتبه ، ليخبره ضابط الاشارة بوقوع مذبحة في معبد الدير البحري بمحافظة الأقصر، ومصرع 58 سائح في هذا الهجوم.
يدير صاحبنا قنوات التلفاز أمامه بسرعة مضطرباً، فلا يجد ما يشير إلى اي شىء، يدير مؤشر ذلك الراديو الموضوع على مكتبه بصفة دائمة، فيجد الاذاعات تردد ما بين أغان وآيات قرآنية.
يبتسم للمرة الأولى منذ عام، ويرفع سماعة هاتفه الأحمر، ذلك الخط المباشر بينه وبين وزيره، تستقبله السكرتارية بذلك البرود الذي تستقبل به قواد الوحدات الفرعية، يصرخ فيهم وعندما يتم تحويله للوزير يهب واقفاً أمام مقعده يبلغه بتفاصيل الحادث كاملة، ثم يغلق السماعة ويجلس بهدوء ضاغطاً على زر استدعاء عامل البوفيه، وهو يقول لنفسه بسعادة : واتمدت السنة التالتة"
******
ليس خافياً على أحد ان الوزير قد ابلغ مبارك بالحادث، وأن مبارك هو من أبلغ حسن الألفي وزير الداخلية، والذي أقاله على اثرها مباشرة، واضافت القوات المسلحة نفسها بريقاً أخر لم تحلم يوماً بوجوده، وليس دورها الحقيقي، فهي العين الساهرة على حماية حدود البلاد، وصارت العين الساهرة على رقابة أمن البلاد، مكسب يضيف الى قائدها العام.
*****
يشعر صاحبنا بأنه عاد الى العشرينات من العمروهو يجتاز ساحة الأمانة العامة عقب استدعاء الوزير له في مكتبه عقب حادثة الاقصر، تصر السكرتارية على ضيافته بحفاوة لم يعتدها من قبل، ينهي ضيافته ليلتقي بالوزير منفردا.
يغادر الوزير مكتبه - ربما للمرة الاولى في حياة صاحبنا الذي يرى وزيره بتلك البساطة - ويحتضنه مهنئاً ، ثم يشير له بالجلوس قائلا : اتمنى عليا أي شىء أحققهولك
تصيب الدهشة لسان صاحبنا بالعقم، ولكنه يطلق "العنان" لخياله ثم يجيب ببطء من تعلم الكلام قريبا " عايز ارجع وادخل كلية الحرب، عايز أكمل يافندم, ومطلعش معاش سنة 2000"
يبتسم الوزير هازئاً من تلك الأمنية البسيطة قبل أن ينهض ليعود خلف مكتبه قائلاً " بس، بسيطة"
وعلى الرغم من انقضاء 6 أشهر على بداية دورة كلية الحرب التي تبدأ في أول يوليو، يدخلها صاحبنا في يناير 98، ليحتفل داخلها بعيد ميلاده ال50 ، ثم يتم تخرجه في يونيو 98 متصدراً لترتيبها، كما أراد الوزير.
وينتظر 3 سنوات فقط ليجد نفسه قائداً للقوات، في مفاجأة لم يتوقعها الغير عالمين ببواطن الأمور، حيث كان هناك من يسبقه في الاقدمية وينتظر هذا المنصب، قبل أن تتم الاطاحة به.
يزيد المنصب صاحبنا التصاقاً بوزيره، وهو يجيد كما أجاد طيلة عمره ارضاء رؤسائه، قبل أن يعاود نجم حظه السطوع مرة أخرى في عام 2005، يتم اختياره رئيساً لاركان حرب القوات المسلحة، كسابقة أولي في التاريخ العسكري العالمي، الذي يصبح فيه ضابطاً في سلاح الدفاع الجوي رئيساً للاركان، لأنه من المعروف أن رئيس الاركان هو القائد الفعلي للجيش، وقواته البرية التي لا ينتمي الدفاع الجوي اليها، ولكن الانتماء والولادء يفوقان كل المعتقدات العسكرية البالية، ويصل صاحبنا لما لم يحلم به.
ويصير الجنرال المحظوظ أحد تلك الاسماء التي يتداولها بعض الناس حيناً في أنه رفض اطلاق النار على الثوار - كما حدث في تونس ليس أكثر - وهو من اعتاد تنفيذ الاوامر الصادرة له طيلة عمره، وكذلك أحد الاسماء المرشحة لتولي الرئاسة اذا اراد الجيش المشاركة في الانتخابات.
*******
يعود صاحبنا كل صباح الى مكتبه، ليفتح حافظته الشخصية متأملاً صورة رفاعي طه القيادي في الجماعة الإسلامية ، الذي امر بتنفيذ مذبحة الأقصر عام 97 وهو يبتسم شاكراً إياه على منحه نجم الحظ.
Published on July 07, 2011 04:52
June 27, 2011
في وداع جزمة

جزمة مقطعة
تمام زيى أنا .... رسم عليها تراب الطريق ميت ألف تجعيدة
ياما خدتنى وراحت فى الزحام ,, مشاوير بعيدة
وفى النهاية تترمى جنب السرير .. منهكة ...
لكن سعيدة
................................................
من كام سنة صاحبت خُطايا
مرة فى خير
مرااااااااات خطايا
لا عمرها يوم اشتكت
لكن بكت على صوت بكايا
على أهه منى على تنهيدة
.................................................
والنهاردة ميعاد طلوعها عالمعاش
مش باقى من نعلها حتة قماش
حتى رباطها اللى اتلضم ميت مرة باش
لكن سؤال واجعنى الليلة عاش
هى ديا المجدعة
انى ارمى جزمة مقطعة
دابت عشانى
عشانى أنا
يا مشاعرى البليدة
Published on June 27, 2011 03:12
June 21, 2011
طل ماتت

طل ماتت
أيوة ماتت, لما حاكم افتكر نفسه الاله
قرر الحاكم قدرها
ازاي تعيش ...بعد ما فكرت تعبد سواه
***
عمرها تسعتاشر سنة... بس ده مش مبرر
اللي فكر قد جنى... وجنايته انه بس فكر
ازاي بتطلب اصلاحات..هو الاله عمره قصر
ازاي بتطلب ديمقراطية.. طب كانت تفسر
العروش في بلادنا.. في السما مين بس يقدر
يطلب منها كرامته.. من غيرى ما يحني الجباه
***
بشار سجد له شعب سوريا... بس طل كانت ابية
في شرع بشار "الأبية" هي القضية.. هي الغبية
وعشانك انتي يا بلاد الشام ما يعيش غبي
بشار خلص عالصبية
بشار وصل الكرسي لغاية منتهاه
***
طل ماتت يا بلاد مفيهاش دكر
كلمة الحق البريئة اترمت في عذاب سقر
بس مين يوم يفتكر
البوعزيزي يوم ما انتحر
شعوب العرب عرفت معنى الحياه
Published on June 21, 2011 03:54
June 5, 2011
أمك يا شرطة

خدعوك فقالوا ... مصر تشهد انفلاتاً أمنياً بعد ثورة 25 يناير
خدعوك فقالوا ... جهاز الشرطة يتراخى في العودة للشوارع لحفظ الأمن
خدعوك فقالوا ... أحداث الثورة وحرق الاقسام والاعتداء على الشرطة أدت لحدوث شرخ في هيبة الشرطة يمنعها من مزاولة عملها.
فالحقيقة أن مصر تشهد انفلاتاً أمنياً منذ أربعة عشر عاماً، منذ حادثة الأقصر الإرهابية، التي لم تسمع عنها الشرطة إلا بعد أن ابلغ الجيش الرئيس المخلوع بحدوثها، وتم اقالة حسن الألفي وزير الداخلية يومها بعد "دش" ساخن من مبارك أمام شاشات التليفزيون عن الشرطة النائمة في العسل، وبقدوم حبيب العادلي للوزارة من على رأس جهاز أمن الدولة، انشغل جهاز الشرطة بتأمين السلطة ونسي تماماً أن هناك شعباً، وتغير شعار الشرطة، من "الشرطة في خدمة الشعب"، الى "الشعب والشرطة في خدمة الوطن" والوطن هنا كان يعني الرئيس المخلوع مبارك، حيث سميت مصر بـ"مصر مبارك".
فشهدنا حوادث مثل حادثة الكشح التي تبعد حوالي 440 كيلومترا جنوبي القاهرة ، وهي حادثة فتنة طائفية مات فيها حسب التقارير الرسمية 20 مواطناً وأصيب حوالي 40 أخرون، قبل أن تصل الشرطة لمكان الحادث، بل وتم اتهام الشرطة خلالها بتعذيب حوالي 1000 مواطن خلال استجوابهم لحل القضية، وشهدنا أيضاً قضية سفاح بني مزار الذي قتل 10 أشخاص في ليلة واحدة، دون أن تحل الشرطة القضية ولجئت كعادتها إلى اتهام مختل عقلياً ثبتت برائته فيما بعد، وحريق مجلس الشورى وحريق المسرح القومي، وكذلك حوادث متفرقة عدة، بالاضاضفة الى الحوادث الفردية التي كانت من حظ بعض التعساء، فحين تسرق شقتك أو سيارتك، لن تحرك الشرطة اصبعاً لايجاد الجناة، الا اذا كنت أحد اصحاب الوسائط، وكان لك ظهراً تحتمي به.
وانتشرت تجارة المخدرات، لدرجة أن هناك مناطق بالكامل كانت تباع فيها المخدرات علانية مثل السيدة، والساحل الشمالي، دون رادع .
وانتشرت أعمال البلطجة، وانتشرت شركات واشخاص تشتري الديون لتحصلها بقوة ذراع بلطجيتها من المديون، وانتشرت ايضاً بلطجة المرور حيث ساهمت ملكية ضباط الشرطة لاسطول من "الميكروباصات" في فرض سطوتهم على الطريق.
بالاضافة لاعمال البلطجة خلال الانتخابات على اي مستوى، والتي كانت تتم في حماية الشرطة.
لدرجة أن مصر تم وصفها بأفضل مكان يعيش فيه الثري على وجه الأرض لأنه يستطيع أن يفعل ما يشاء دون حساب، حتى وان قتل، فلن يمس.
وانتشرت - بفضل انتشار الفقر - عمليات السرقة بالاكراه في أكبر ميادين وشوارع القاهرة نهاراً جهاراً دون أن تحرك الشرطة ساكناً.
كل هذا كان حصيلة أربعة عشر عاماً من عبادة الحاكم وحمايته، من طحن المواطن واعتباره عدواً ما لم يكن له واسطة تحميه، إلى أن جاءت ثورة يناير لتكشف كل هذا، وتعري جهازاً فسد بأكمله وتكشفه للمرة الأولى في تاريخ مصر، ليصرخ بعد ذلك الخائفون، والمصابون الدائمون بالهلع بعد أيام عشرة قضوها في الدفاعن عن منازلهم، وسط أمن وطمأنينة لم تشهدها مصر منذ عقود في غياب الشرطة وحماية رجال اللجان الشعبية، التي أكدت دون قصد الانفلات الأمني الحقيقي الذي عشناه منذ 97.
ولهذا يجب أن لا نطالب الشرطة بالعودة، و"الاسترجال" حسب رأي بعض الزملاء، لانه على الرغم من وجود بعض الشرفاء داخل الجهاز - واغلبهم تم تهميشه - الا أنه لا أمل في إصلاح هذا الجهاز، ويعرف فلاحو هذا الوطن أن الجذع المائل لابد من بتره، لأنه لا يعتدل، ولا يمكن تقويمه.
وأكبر دليل على هذا استمرار قضايا التعذيب، والكذب الفاجر المثير للغثيان الذي تمارسه الشرطة، كذلك محاولة بعض الكبار فيها التخلي عن دورهم في حماية الشارع المصري، عقاباً لهذا الشعب الذي ثار، حتى يدركون قيمة الشرطة، التي باعتهم طيلة عقود لصالح فرد الرئيس.
جهاز الشرطة لم يشعر يوماً بأن مصر هي أمه، لهذا آن لنا أن نقول قبل أن نطالب بتسريحه بالكامل والاعتماد على خريجي أخر 10 دفعات من كلية الحقوق بالاضافة لبعض المتطوعين حملة الشهادات العليا والمتوسطة، للقيام بدور الشرطة كما أدوه على خير وجه خلال اللجان الشعبية، ان نقول بكل صراحة ... أمك يا شرطة.
Published on June 05, 2011 08:41
May 28, 2011
الجنرال التعيس

لا ينسى الشاب النحيل ذلك اليوم الخريفي الكئيب في منتصف الستينيات والذي رفضت فيه الكلية الحربية قبوله بين صفوفها طالبا، ولم يسعده نهائياً ذلك الحديث الودي بينه وبين أبيه ليلتها، بأن دخوله كلية الحقوق قد يتيح له فرصة عظيمة للانضمام الى سلك القضاء.
أرقه فقط في الليل تلك الهيئة المبهرة للبدلة العسكرية، وكذلك تلك الكاريزما المبهرة للزعيم جمال عبدالناصر، قبل أن تجبره الدموع على الغرق في النوم، كارها ذلك الجسد الذي يحوي روحه لأنه السبب في فشله في اجتياز الاختبار الطبي للكلية.
وفي خلال سنوات أربع تناسى صاحبنا فيها حلمه الأكبر بأن يصبح ضابطاً لكنه أبدا لم ينساه، وعلى الرغم من سقوط الجيش المصري بأكمله في حرب 67 ، إلا أنه ظل وفياً لحلم عاص لم يتمكن من تحقيقه، ومرة أخرى يواجه صاحبنا الفشل في اجتياز اختبارات النيابة، ويفشل في الالتحاق بسلك القضاء، لتتحول أحلامه دائماً إلى كوابيس.
فشله في أن يصبح ضابطاً ثم قاضياً، أصابه بالهلع، كره مهنة المحاماة قبل أن يزاولها، قبل أن يقرأ إعلاناً في جريدة قومية يطلب ضباطاً متخصصين من حملة ليسانس الحقوق.
لم ينم من الفرحة يومها، وربما من الخوف أن يعاود الفشل، ولكنه هذه المرة حقق حلمه بالالتحاق بالاكاديمية العسكرية للضباط المتخصصين، ربما لتساهل اللجنة الطبية مع المتقدمين بسبب كونهم لن يحملوا سلاحاً وسيمارسون تخصاصتهم المهنية داخل القوات المسلحة، أو بسبب النكسة التي فتحت الباب للعدد الأكبر للالتحاق بالكليات والاكاديمية العسكرية.
وبعد ستة شهور وقف صاحبنا مبتسماً أمام ابيه، حيث حقق الحلم المزدوج فصار ضابطاً وقاضياً في آن واحد في سلك النيابة العسكرية، لم تشغله أبداً تلك النظرة الدونية خلال الأشهر التي قضاها في الأكاديمة من طلبة الكلية الحربية، أو سخريتهم المريرة من طريقة ارتدائه للـ"بيريه" العسكري، أو حتى من نحول جسده، وطريقة تدريبه على السلاح الآلي وشغفه به، على الرغم من أنه لن يكون مضطراً لاستعماله بعد التخرج.
لكنه لن ينسى أبداً تلك الليالي المؤلمة التي قضاها على مكتبه في الضفة الغربية متابعاً للانتصارات التي يحققها الجيش في الضفة الشرقية من القناة في حرب اكتوبر 73، ولم تمنعه رتبته الصغيرة ومنصبه في القضاء العسكري حينئذ من أن يحقد على كل من حمل السلاح، ويعترف صاحبنا لنفسه أن الحلم ولد ناقصاً لن يتم.
تدرج الشاب النحيل بعد ذلك بين الرتب العسكرية المختلفة، وتميز بشدة أحكامه على تلك القضايا التي تعرض عليه، والتي نفث فيها عن الكثير من غضبه، خاصة أن معظمها كان يمس ضباطاً هربوا من الخدمة، او وقعوا في مشاكل مادية أو اجتماعية، اعتبرها هو كفراً بالنعمة التي لم يدركوا قيمتها ولم يدرك هو تحقيقها.
ومع مطلع الألفية الجديدة وبعد سنوات قليلة من بدايتها، احتل صاحبنا الجنرال التعيس الدرجة الأعلى في مساره الوظيفي وصار قائداً ومديراً للقضاء العسكري، والذي يتلقي أوامره مباشرة من رئاسة الجمهورية بالاحكام المطلوبة لتلك القضايا المحولة من القضاء المدني.
وأثبت صاحبنا خلال أشهر معدودة لمن أختاره وقدمه لمنظومة الرئاسة كفاءة وولاء مابعده ولاء، وبما أن ذلك المعيار كان العامل الوحيد للترقي واحتلال المناصب الكبرى، فلم ينهى صاحبنا وظيفته ليحال الى التقاعد، بل تم ترقيته ليصير مساعدا للوزير للشئون القانونية.
وفي ظروف غير تلك، تعتبر وظيفة مساعد الوزير، مكافأة نهاية الخدمة لكل ضابط حاز على الرضا السامي، حيث يتمكن خلال عامين من مضاعفة ثروته الشخصية، قبل أن يحال إلى التقاعد في احدى الوظائف المدنية.
ولأن صاحبنا صاحب الحلم الغير مكتمل هو الوحيد بين اقرانه الذي لم يحمل سلاحاً قط ليحارب، ولأنه يشعر بتلك النظرة الدونية التي ينظرها له ضباط الأسلحة المقاتلة المختلفة، ولأن البلد تمر بظروف خاصة تحتم اللجوء إليه لتخصصه القانوني، ولأنه لم يمارس القضاء الحقيقي طيلة عمره بين اروقة المحاكم العسكرية على الرغم من حصوله على شهادة الدكتوراة في القانون، فان صاحبنا اضطر الى أن يكون عسكرياً أكثر من كل رفاقه، واضطر إلى إلى تحقيق حلمه على ملايين الشعب المصري الذي لا ينظر إليه تلك النظرة الدونية، بل يعتبره أحد رجال المجلس البارزين، الذين يطلون كثيراً على شاشات التليفزيون.
ليحقق الجنرال التعيش حلمه القديم بعد صبر طويل،وتتحول كل انكسارات الماضي الى انتصارات، لدرجة أن توريطه للمجلس العسكري في الاستفتاء والذي كان ليطيح بشرعية وجود المجلس بالكامل على سدة الحكم، لان الشعب اختار بقاء دستور 71 مع الموافقة على تعديلاته التسع، تحول داخله الى أن الاستفتاء كان لقبول شرعية المجلس العسكري، وهو ما ردده في أروقة المجلس حتى صدقه ليقوله على شاشات الفضائيات.
الجنرال التعيس لن يقبل ابداً أن ينهار الحلم نتيجة ضغوط ثورية من بعض شباب الثورة، الذين أطاحوا بسيد سابق، لكنهم لن يطيحوا أبداً بحلم تحقق بعد صبر طويل.
Published on May 28, 2011 01:44
May 9, 2011
أنـــا والعياذ بالله من كلمة أنا

يضرب الكي بورد بعنف، كما اعتاد دائماً، ليس معنى هذا أنه متوتر، فقط هو يفعل هذا كما تعود دائماً، حيث يعتبر الكتابة هي الطريقة الأمثل لممارسة السعادة في الحياة.
ومن منكم لا يقابل السعادة بقوة.
_________________________________
يتحدث البعض عن نظرة الحزن في عينيه، مع كم الضحكات الهائل الذي يطرحه في أي مكان يتواجد فيه، ويتناسى الجميع أننا لا نأكل بذور الكثير من الفواكه التي نحبها، لمراراتها.
_________________________________
من لا يعرفه، لا يعرفه، ومن يعرفه قد لا يعرفه، فقط القليلون يدركون كنهه، يدركون حقيقته، التي يجهلها هو شخصياً أحياناً.
_________________________________
يتفائل بشدة، يكتئب بشدة، طفل في الفرح وفي الحزن، يحب الرقص في الشوارع ومضاجعة اللحظة، لكنه دائماً يخشى الغد.
________________________________
يبدو غير مهتماً، ولا حتى متحمساً، لكن لا تنخدع فيه، له نصيب من اسمه، الاسد الرابض في عرينه، ابداً لا يكون نائما.
Published on May 09, 2011 09:01
May 4, 2011
هذه ليلتي

مللت الكتاب الذى فى يدى فنحيته جانبا وتأملت الغرفة من حولى .....هذا الفراش العتيق الذى فقد لونه فصار عجوزا وحاشيته المتموجة من فعل الزمان ،تلك الخزانة التى فقدت ابوابها كما يفقد العجوز اسنانه، أيضاً ذلك الطلاء الحائل اللون الكالح بفعل الرطوبة.
ضحكت من نفسى لانى جعلت من هذه الغرفة فى هذا البنسيون الحقير نقطة انطلاقى للهجرة خارج الوطن خلال اختباراتى فى تلك السفارة الاجنبيه .
نقطة انطلاق من القاع الى القمة ............................
بدأ النوم يغزو عيناى، فقمت بهدوء لفتح النافذة حتى يجبرنى هواء ليل القاهرة الشتوى البارد على الاستيقاظ.
وألقيت نظرة على شوارع عاصمتنا المهزومة وتمثال رمسيس الاسير الذى يظهر من بعيد .
ولمحت غطاء عسكريا اسود يغطى جسدا ضئيلا فى احد اركان تلك الشوارع فنفثت دخان سيجارتى فى ملل.
ألقيت نظرة اخيرة على الغطاء الذى بدا من يرتجف وأغلقت النافذة لامنع الضيق من التسرب الى روحي.
* * *
وبعد اعواما طويله فى اول عودة لى لقاهرة المعز اسرعت مغادرا المطار ودون انتظار ركبت سيارة اجرة لتطير بى على محطة القطار لاسافر الى بلدتى وحضن امى الدافىء الذى افتقدته كثيرافى ليالى الغربه.
وهناك فى ميدان رمسيس تذكرت لا ادرى لماذا تلك الليله، وذلك الغطاء العسكرى الاسود فألقيت نظرة حولى، فوجدت غطاء اخر يشبه غطاء ليلتى تلك ولكنه يغطى اكثر من جسد، وتلفت حولى فرأيت الكثير والكثير من تلك الاغطيه تفترش ارصفة الشوارع في غياب تمثال رمسيس ، فاشعلت سيجارتى فى حزن.
كتبت في 2009
Published on May 04, 2011 04:29