أيام البلاد Quotes
أيام البلاد
by
وليد سيف212 ratings, 4.79 average rating, 37 reviews
أيام البلاد Quotes
Showing 1-10 of 10
“رحل الرجل الكبير، وتركني بعده أتساءل عن معنى البطولة. أخي الأكبر أبو صالح، أحمد صالح الشيخ يونس، لن تعلن خبر وفاته الصحف والإذاعات، ولن يتسابق الكُتّاب إلى استدعاء سيرته وذكر مآثره. وقريباً يموت آخر الشهود المجهولين؛ آخر الرواة المنسيين.. أولئك الذين عرفوه أيام فتوّته جواداً برياً لم يُسرج بغير الريح.
فمن يحمل عبء الذاكرة؟ ومن يكتب سيرة من لا سيرة لهم في بطون الكتب؟ أولئك الذين قسّموا أجسامهم في جسوم الناس، وخلّفوا آثاراً عميقة تدلّ على غيرهم.. ولكنها لا تدلّ عليهم!“.”
― أيام البلاد
فمن يحمل عبء الذاكرة؟ ومن يكتب سيرة من لا سيرة لهم في بطون الكتب؟ أولئك الذين قسّموا أجسامهم في جسوم الناس، وخلّفوا آثاراً عميقة تدلّ على غيرهم.. ولكنها لا تدلّ عليهم!“.”
― أيام البلاد
“ما كان لتباعد المسافات بيننا أن ينسيني ذكره في كل حين. وما زلت أقصّ على أبنائي من أخبار شجاعته وتضحياته وبطولاته أيام كان قائد فصيل حطين في الثورة الفلسطينية الكبرى (1936- 1939). وكنت أكرر الكلام على مسامعهم عن فضله على العائلة وعليّ أنا بصفة خاصة. فلولاه لما بلغت ما بلغت من العلم والمركز الأكاديمي الذي أتمتع به الآن في الولايات المتحدة، ولما كان أبنائي الآن يحصدون ثمار النجاح الذي تحقق لأبيهم في أعرق الجامعات الأمريكية والمراكز العلميّة المرموقة، وهو القادم من قرية صغيرة في شمال فلسطين، ومن بيت طيني متواضع. بلى، كان دائماً «أبو العائلة» وفخرها، وإن لم يصب من العلم إلا قليلاً، وانتهى إلى حياة المخيمات، ولم يعد يذكر كفاحه إلا بعض من عاصره أيام فتوّته أو عرفه عن قرب.لا، ما كنت لأغفل عن شيء من هذا.
ولكن، لكأن مفارقات الأقدار قد شاءت هذه المرّة أن تستحضره في وجداني ومخيلتي لتلزمني التواضع أمام صورته المعلّقة على الحائط. فإذْ عدت إلى بيتي في نيو جيرسي بعد انتهاء مراسيم تكريمي بجائزة عليا من الأكاديمية الأمريكية للعلوم والتكنولوجيا، رنّ الهاتف، وكان على الطرف الآخر ابن أخي صالح يتحدث من طولكرم في الضفة الغربية المحتلة، يعلمني أن أباه -أخي الأكبر أبو صالح قد اشتد به المرض، وأنه يذكر اسمي في هذيانه. ولم يزد على ذلك. فأدركت أن الأمر أشد من وصفه. فالعادة عندنا أن يموه الناس ما استطاعوا على النبأ العظيم حين يخبرون به الغائب البعيد.
وفي اليوم التالي كنت في الطائرة إلى عمّان، ومن عمّان قطعت الجسر على نهر الأردن إلى طولكرم.
أدركته في النَّفَس الأخير. وجلست بالقرب من سريره. وبصعوبة بالغة فتح عينيه قليلاً ونظر إليّ دون أن يكون بوسعه أن يقول شيئاً. إلّا من حشرجة ضعيفة. نظر إليّ نظرة غائمة، ثم لاحَ طيف ابتسامة على وجهه. أخذت يده وقبّلتها، ثم تقدّمت برأسي نحوه وهمست: «أنت أبونا وتاج رأسنا. ولولاك ما كنت شيئاً». ثم أغمض عينيه إغماضة الأبد.
رحل الرجل الكبير، وتركني بعده أتساءل عن معنى البطولة. أخي الأكبر أبو صالح، أحمد صالح الشيخ يونس، لن تعلن خبر وفاته الصحف والإذاعات، ولن يتسابق الكُتّاب إلى استدعاء سيرته وذكر مآثره. وقريباً يموت آخر الشهود المجهولين؛ آخر الرواة المنسيين.. أولئك الذين عرفوه أيام فتوّته جواداً برياً لم يُسرج بغير الريح.
فمن يحمل عبء الذاكرة؟ ومن يكتب سيرة من لا سيرة لهم في بطون الكتب؟ أولئك الذين قسّموا أجسامهم في جسوم الناس، وخلّفوا آثاراً عميقة تدلّ على غيرهم.. ولكنها لا تدلّ عليهم!“.”
― أيام البلاد
ولكن، لكأن مفارقات الأقدار قد شاءت هذه المرّة أن تستحضره في وجداني ومخيلتي لتلزمني التواضع أمام صورته المعلّقة على الحائط. فإذْ عدت إلى بيتي في نيو جيرسي بعد انتهاء مراسيم تكريمي بجائزة عليا من الأكاديمية الأمريكية للعلوم والتكنولوجيا، رنّ الهاتف، وكان على الطرف الآخر ابن أخي صالح يتحدث من طولكرم في الضفة الغربية المحتلة، يعلمني أن أباه -أخي الأكبر أبو صالح قد اشتد به المرض، وأنه يذكر اسمي في هذيانه. ولم يزد على ذلك. فأدركت أن الأمر أشد من وصفه. فالعادة عندنا أن يموه الناس ما استطاعوا على النبأ العظيم حين يخبرون به الغائب البعيد.
وفي اليوم التالي كنت في الطائرة إلى عمّان، ومن عمّان قطعت الجسر على نهر الأردن إلى طولكرم.
أدركته في النَّفَس الأخير. وجلست بالقرب من سريره. وبصعوبة بالغة فتح عينيه قليلاً ونظر إليّ دون أن يكون بوسعه أن يقول شيئاً. إلّا من حشرجة ضعيفة. نظر إليّ نظرة غائمة، ثم لاحَ طيف ابتسامة على وجهه. أخذت يده وقبّلتها، ثم تقدّمت برأسي نحوه وهمست: «أنت أبونا وتاج رأسنا. ولولاك ما كنت شيئاً». ثم أغمض عينيه إغماضة الأبد.
رحل الرجل الكبير، وتركني بعده أتساءل عن معنى البطولة. أخي الأكبر أبو صالح، أحمد صالح الشيخ يونس، لن تعلن خبر وفاته الصحف والإذاعات، ولن يتسابق الكُتّاب إلى استدعاء سيرته وذكر مآثره. وقريباً يموت آخر الشهود المجهولين؛ آخر الرواة المنسيين.. أولئك الذين عرفوه أيام فتوّته جواداً برياً لم يُسرج بغير الريح.
فمن يحمل عبء الذاكرة؟ ومن يكتب سيرة من لا سيرة لهم في بطون الكتب؟ أولئك الذين قسّموا أجسامهم في جسوم الناس، وخلّفوا آثاراً عميقة تدلّ على غيرهم.. ولكنها لا تدلّ عليهم!“.”
― أيام البلاد
“الأخبار في القرية الصغرة لا تلبث طويلاً حتى تبلغ الأسماع. الأخبار السيئة بصفة خاصة أما الحسنة فقد يخفيها أصحابها خشية العين.”
― أيام البلاد
― أيام البلاد
“- الناس أجناس يابا. فيه ناس صحيح بكَبْروا خطوتهم عالفاضي.. وفيه ناس بمشوا مزبوط وبوصلوا.. وفيه ناس لا بكبروا خطوتهم ولا بمشوا، وبظلهم واقفين مطرحهم.”
― أيام البلاد
― أيام البلاد
“وهنا قال أحمد إنه بسبب ما هم فيه من الشقاء والفاقة وظلم المتجبّرين من أمثال أبي عايد، فإن عليهما أن يكملا تعليمهما مهما يكن الثمن. نعم، هو كما قال :مسعود لا بد من خلق الأسباب لتغيير الحال ومواجهة الظلم. وأهم هذه الأسباب هو العلم والتعلّم لمن لا يملك إرثاً من المال أو عزوة من الرجال.”
― أيام البلاد
― أيام البلاد
“والإنكليز، الله يكسرهم، فقّروا أهل الفِلح بالضرايب، عن قصد منشان اللي عنده شقفة أرض يبيعها وتصفّي لليهود. شو ظلّ إلنا غير التعليم لحتى نصير ونكبر؟ قال ما بدو يروح عالمدرسة، وبدو يشتغل مع أبوه وإخوته؟! منشان تظل مشحّر طول عمرك، وإحنا معك مشحرين.. أوعى عمرك تقول الخراف.. أنت وأخوك حسن بدكم تتعلموا، وفي يوم من الأيام بدكم تصيروا أساتذة وأفندية، وتمشوا بين الناس لابسين بناطيل ورافعين روسكم، واحنا نرفع روسنا فيكم على اللي زي المختار وأبو عايد. فاهم؟”
― أيام البلاد
― أيام البلاد
“- ما حدّ عاجبته حالته يا أم أحمد“
- اللي مش عاجبه حالته بغيّرها..
- الإيد قصيرة والعين بصيرة.. واللي بكبِّر حجره ما بصيب. قالوا: عدّ غنماتك يا جحا. قال: واحدة قايمة وواحدة نايمة.
لم يكن لينهي الجدال إلا أحمد حين قال:
- يابا خلي الأولاد يتعلموا هالسنة.. وبعدها بنشوف إيش بصير.. واحنا اللي بنقدر عليه بنعمله.. وربنا ما بقطع حدّ بقول: يا ربّ.”
― أيام البلاد
- اللي مش عاجبه حالته بغيّرها..
- الإيد قصيرة والعين بصيرة.. واللي بكبِّر حجره ما بصيب. قالوا: عدّ غنماتك يا جحا. قال: واحدة قايمة وواحدة نايمة.
لم يكن لينهي الجدال إلا أحمد حين قال:
- يابا خلي الأولاد يتعلموا هالسنة.. وبعدها بنشوف إيش بصير.. واحنا اللي بنقدر عليه بنعمله.. وربنا ما بقطع حدّ بقول: يا ربّ.”
― أيام البلاد
“- في يوم من الأيام.. في يوم من الأيام.
نظر إليه أخوه عليّ مستطلعاً، فأردف:
- حتى لو ما فتحت طاقة القدر.. لازم نطلع من هالقرية، نتعلم ونصير كلنا أفنديّة.. ونبني بيت في المدينة.. وبعدين لما نزور القرية توقف الناس وتتطلع علينا..”
― أيام البلاد
نظر إليه أخوه عليّ مستطلعاً، فأردف:
- حتى لو ما فتحت طاقة القدر.. لازم نطلع من هالقرية، نتعلم ونصير كلنا أفنديّة.. ونبني بيت في المدينة.. وبعدين لما نزور القرية توقف الناس وتتطلع علينا..”
― أيام البلاد
“كان كل منهما ينطق عن شخصية مختلفة. أما أم أحمد فكانت تنطق عن أحلام كبيرة لأبنائها، لا تخجل أن تسرح خارج حدود القرية إلى المدن الكبيرة وبيوت الحجر وأما الأب فكان ينطق عن أحلام متواضعة لا تتجاوز طلب الستر والسلامة والعافية والاستغناء عن الناس وأن تحيط به أسرته الصغيرة. وكانت القرية حدود عالمه المألوفة، على ما فيه من نكد أبي عايد وأضرابه ومن ضيق العيش. فالذي تعرفه خير مما تجهله. ولذلك لم يكن غريباً أن يجد الأبناء في أمهم السنديانة التي يسندون إليها ظهورهم، والسّراج الذي يستضيئون به في تجوالهم اليومي في أرض الأحلام والطموحات المستعصية، وهي التي لا تفتأ تردد على أسماعهم، كلما اشتد الحال في «إن شاء الله تبعدوا وتسعدوا يمه». كانت مستعدة لاحتمال غيابهم على قسوته، إذا كان سبباً في ارتقائهم وسعادتهم. كان كل من الأبوين يحب أبناءه على طريقته الخاصة. فكان من حب الأب أنه يريدهم أن يكونوا دائماً حوله، وكان من حب الأم أنها تريد أن يكونوا حيث تكون سعادتهم وتتحقق أحلامهم.”
― أيام البلاد
― أيام البلاد
“كان بيتاً بسيطاً صغيراً، ولكنه كان عامراً بالأحلام الكبيرة وعزّة النفس. وكان أهل القرية يعجبون من هؤلاء «الغربيّة» الفقراء الذين لا يظهرون شيئاً مما يُتوقع ممن كان في رقة حالهم. فإلى جانب التعفف وعزة النفس والنأي عن الدنايا والمشاكل، لم يكونوا ليطأطئوا رؤوسهم لأحد مهما تكن منزلته ووجاهته وماله وعزوته. قد كفوا أيديهم عن الناس، وكفّوا أيدي الناس عنهم.”
― أيام البلاد
― أيام البلاد
