عبد الوهاب الملوح's Blog, page 4

June 10, 2013

لنل في الحياة حياة أخرى

سُعَدَاءُ بِأشْيَاْء قَلِيلَةٍ
نَزْرَعُ فِي الْفِقْدَانِ أَزْهَارًا بَرِّيةً
وَمَا تَيَسَّر مِنْ مَطَالِعِ أُغْنِيَةٍ عَتِيقَةٍ
سُعَداءُ بِمَا يَلْزَمُنَا
مِنْ انْتِظَارَات طَوِيلَةٍ
وَخَسَارَاتٍ هَائِلَةٍ
وَتَلَوُّعَاتٍ أَشَدُّ مِنَ المَوتِ الْقَاسِي
سَنَكُونُ كِبَارًا فِي هَزَائِمِنَا
كَأَبْطَالِ رِوَايَاتِ دويستويفسكي
كَنَهَارٍ عَاطِلٍ عَن الطَّقْسِ
كَما يَرِنُّ هَاتِفٌ طَوِيلاً دُونَ أَنْ يَرُدَّ أَحَدٌ
نُؤَجِّلُ فَرَحًا عَظِيمًا لاِنْشِغَالِنَا بِأَحْزَانِ طَارِئَةٍ
لَنْ نَسْتَرِيحَ مِنْ
سَفَرٍ مُؤقَّتٍ
وَخَمْرٍ مُؤَقَّتٍ
وَإِقَامَةِ مُؤَقَتَةٍ
وعِشْقٍ مُؤقَّتٍ
نُقِيمُ بين حَبَّة مَطَرٍ وَأُخْرَى لا تجِيءُ
لَنَا فِي الحَيَاةِ حَيَاةٌ أُخْرَى
نُحِبُّ دُفْعَةً وَاحٍدَةً
وَلاَ نَنْسَى دُفْعَةً وَاحِدَةً
الْمُهِمُّ بَعْدَ أَنْ نَعْبُرَ شَارِعًا أَوَّلَ النَّهَارِ
نَكْرَهُه لازْدِحَامِه
نَعُودُ إِلَيه
نُحِبُّه آخِرَ الليْلِ لازْدِحَامِه
نكْسِرُ إِيقَاعَ الزَّمنِ بِتَحْوِيلِ كُلِّ لَحْظَةٍ إِلَى مُصَادَفَةٍ
تُدِيم ارْتِعَاشَةَ الْجَسَدِ وَتُطِيلُ إغْمَاءَتهُ مِن خَدَرِ مُرْتَجِفٍ
سُعَدَاءُ بِأشْيَاء قَلِيلَة
بِدَنْدَنَة أُغْنِيَة امْرَأ الجار
تَصْعَدُ مَعَ رَائِحَة البنِ
بِامرأة نُصَلِي لَها تَسْتَعْصِي عَلى الْحُـبِّ وَتُمَـارِسُ التَقَشُّفَ العَاطِفِي
بِحُرِّيَةٍ نُعَارِكُ فِيهَا المَوت وَلا تَقولُنَا
بالنَّوْمِ فِي كِتَابٍ أَوْ
فِي غُرْفَة بِلا شَبَابيك ولاَ جُدُرَان ولا باب
بمَا يَمْنَحُنَا الضَّجَرُ اليَومِي مِن تَشَرُّدٍ أَنِيقٍ
سعَدَاء بِكِبْرِيَاء حُزْننا
فَلَنَا في الْحَياة حياة أخرى
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 10, 2013 20:34

May 16, 2013

ما شأننا والحب

إِنَّنَا ذَاهِبُون َ
عَمَاءُ الهَوَاءِ يُضِيءُ
لَنَا الُّسُّبُلَ الْبَاقِيَه
فَسَدَ الْوَقْتُ
لَيْسَ لَنَا مَا سَنَفْعَلُهُ بِالْكَلاَمِ
سَيَشْغَلُنَا حُزْنُنَا فِي الطَّرِيقِ
تُشَاغِبُنَا الرِيحُ
لَنْ نَصِلَ الآَنَ أَوْ بَعْدَ يَومَيْنِ
يَلْزَمُنَا
سَبَبٌ آَخَرٌ للِبَقَاءِ
وَمَا يَتَبَقَّى يُهَجِّجُنَا خَارِجَ لَونِ الْهَواءِ
وَخَارجَ أَسْمَائِنَا
خَارجَ الْمُدُنِ الْخَائِنَه.
لَم ْ نَقُلْ لِأَحَدٍ إِنَّنَا ذَاهِبُونَ
بِلاَ أَسفٍ خَارِجُونَ
سَنَعْبُرُ الضَّمْتَ
والَّليْلَ نَعْبُرُ جُرْحًا تَوهَّج مِنْ عرْيِنَا
كُلُّهُمْ تَرَكُونَا هُنَا عِنْدَ مُفْتَرَقِ الْمَوْتِ
نَعْرِفُ إِنَّ الوُصُولَ إلى الْحَرْبِ
يَعْنِي التَّخَلِّي عَنِ الحِبْرِ والْحُبِّ وَالْبَحْرِ
مَاشَاْنُنَا نَحْنُ والْحُبُّ
الْبَارِحَه نَزَع الْمَوْجُ مْعْطَفَه وَمَشَى مَعَنا
لَمْ نَقُل إِنَّنَا ذَاهِبُونَ
ولَكِنَنَا عَاطِلُونَ عَنِ الْحُلْمِ
والْعَاصِفَه فِي الْجَنُوبِ
هِي َ الْبَوْصَلَه


خَارجُونَ منَ الانْتظَار
وَصَف الحيَاد
طَريقُ الصَهيل طَويل
و
يَحتاج أَن نبكر قبل الصباح
ليمشي الندى معنا
قبل أن تكسر شمس الغياب هتافاته
للطيور الشريدة أن تذهب ألان
أبعد من هذي السماء
بأجنحة الوجع الصعب
تعتق لون الهواء
من العلب الجاهزه... العلب الفاسده
خارجون من الخوف
عبر الممر الأخير المؤدي
إلى غيمة
سجن القلب ضوء يديها
مخافة أن يذبح الليل
عرق إيقاعه المتهالك
ما شأننا نحن والحب
ليس لنا ما سنفعله بمعاطف من ورق العاطفه
اننا ذاهبون الى اخر الدرب
مبتدا المستحيل
الى جهة في المسافة
بين خيوط المطر وبروق الحجر


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 16, 2013 22:39

قصائد ليست شعرية بالضرورة

-ختم قيس بن الملوح


كُلُّ امْرَأةٍ مُنْذُ العُصُورِ الجَلِيديةِ إِلَى العُصًورِ الجَحيميَّةِ الأَخِيرَةِ


كُلُّ امْرَأَةٍ هُنَا أَو هُنَاكَ


كُلُّ امْرَأَةٍ مَهْمَا كَانَ جِنْسُها


هِي حَبِيبَتِي التِي تَخُونُنِي مَعَ آَخَرٍ تَرَاهُ فِيَّ


كُلُّ امْرَأَةٍ هِي أَنَا


-صباحات خارج الدورة الزمنية


لأًمْرٍ يَعْنِيهِ يَخْرُجُ الصَّبَاحُ


كُلَّ يَومٍ مِنْ حًيْثُ لاَ يَنْتَظِرُهُ أَحَدٌ


الذِينَ خَرَجُوا بِدَوْرِهِم لَنْ يَسْأَلُوا


لِمَ يُبَكِّرُ الصَبَاحُ كَعَادَتِه


قَبْلَ التَّوقِيتِ الإِدَارِي


وَقَبْلَ أَن يَسْتَفِيقَ العَلَمْ


لَنْ يَسْأَلوا أَيْضًا


لِمَ يَجلِسُ الصَّبَاحُ عَلَى مَقْعَدٍ فِي الْحَدِيقَةِ


وَيَظْفِرُ بِنَظَرَاتهِ نَزَقَ الحَجَلِ


وَيُعِدُّ سِلاَل القَهْقَهَاتِ يُوزِّعُهَا عَلى أَطْفَالِ المَدَارِسِ .


الذين خَرَجُوا


هَؤُلاَء ؛ ليس أول~كَ


سَأَلوا فقط لِمَ يَخْتَفي الصباح مُبَكَّرًا ؟


 


-مطر خارج الفصول


وَأَنْتِ تَسْتَلْقِينَ عِنْدَ مَدْخَلِ الَّليْلِ جَنْبَ صَمْتِي


كَانت عَيْنَاك؛ السَّمَاءَ


وَقَمَرٌ طَائِشٌ يَهْتِفُ فِي أَنْحَائِهَا ثَمِلاً .


قُلْتِ : أَلَنْ تُمْطِرَ الليْلَةَ؟


كَانت السَّمَاءُ صَافِيَةً دُونَ أَدْنى شَكٍّ.


رَأَيْـث العُشْبَ يَسْهَرُ عَلَى إِيقَاعِ شَهْوَةٍ تَتَوَهَّجُ


وَأَحْوَالُ الطَّقْسِ الحَارِ تُطْفِئُهَا .


كُنْتُ أُمْطِرُ فِيكِ .


بلا سبب 


كَمَا لَوْ تَدُلُّ الصَّبَاحَاتُ


عَاطِفَةَ الحَلَزُونِ علَى فِكْرَةِ المْاَءِ


مُنْتَهِكاً بُطْأَهُ يَتَسَلَّقُ رَائِحَةَ فِي الضَّبَاب ِ


كََماَ لََوْ


 يُهَاجِرُ بِي  سِرْبُ مُغْتَرِبِينَ


وَلاَ يَسْتَقِرُّ عَلَى أَسَفٍ


يَتَنَسَمُ بَهْجَة غُرْبَتِهِ وَيَحُطُّ عَلى غَيْمَةٍ فِي الْمَجَازِ


كَمَا لَوْ


أُرَبّي حَوَاسَّ التَّوَحُدِ


فِي مِزْهَرِيَّةِ نَارٍ تُطِلُّ عَلَى دَهْشَةِ فِي الْكَلاَمِ


بِلاَ سَبَب ٍ


يَدْخُل ُالحْزْن ُبَيْتِي يُباَغِتُنيِ


يَتَنَاوَلُ قَهْوَتَه ُهَادِئاَ


ثُمَّ يَأْخُذُنِي مِنْ مَتاَعِبِ رُوحِي إِلىَ


لُغَةٍ لاَ يُفَسِّرُهَا غَيْرُ طَيْشِ الْمُحِبِّ


يَرُوحُ إِلَى حَتْفِهِ حَاضِناً أَمَلاً فِي الْغِيَابِ


وَصُورَتهَا مِحْنَةُ الشُّعَرَاءِ


يُحَاوِلُهَا الْحِبْرُ وَالْبَحْرُ


والهذيان يحاولها


وارتباك البنفسج


وَالأَلَقُ الْمُتَوَهِّجُ مِنْ شَجَنٍِ فِي الكَمَانِ

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 16, 2013 22:39

عواء لغينسبرغ ترجمة آمال نوار

ولد آلان غينسبرغ عام 1926 في مدينة نِوارك من ولاية نيوجرسي. ترعرع في مدينة باترسون في كنف عائلة يهودية من أصل روسي، كان لها اهتمامات فكرية وسياسية وأدبية متباينة. الأم، نايومي، كانت ناشطة سياسية في العديد من المنظمات اليسارية، وعضوة فاعلة في الحزب الشيوعي، في حين أن الأب، لويس غينسبرغ، كان رجلاً محافظاً وتقليدياً، حرص على تربية إبنه تربية أرثوذكسية متشددة. عاش غينسبرغ طفولة مشوّشة خلّفت ندباً كثيرة في حياته وأعماله، كان من أهم أسبابها إصابة والدته بمرض عقلي استدعى إدخالها مستشفى الأمراض العقلية، المرة الأولى لمدة ثلاث سنوات أيام كان غينسبرغ لا يزال مراهقاً، ولاحقاً في آخر سنين حياتها حيث أدخلت نهائياً لتموت هناك عام 1956. التباين بين طبيعة الأبوين شوّش شخصية الإبن المراهق وسبب له لاحقاً اضطرابات نفسية استدعت العلاج. ومما زاد في زعزعة شخصيته وتعميق عزلته النفسية، بداية تفتح وعيه بمثليته الجنسية التي أخفى حقيقتها عن أهله وأصدقائه إلى حين بلوغه العشرينات من عمره. استقر فترة في الهند وعاش هناك يتأمل الوجود من خلال ما يدرسه من فلسفات وآداب الهنديين وكان معروفا بأنه ضد المؤسسة وهو من رواد البيتكنس وهي حركة شعرية برزت في امريكا في الستينات وتميزت بتوجهاتها المتمردة هنا ترجمة لآشهر قصيدة على الاطلاق لغينسبرغ وهي عواء وقد ترجمها سركون بولص وهنا ترجمة لآمال نوار للجزء الثالث منها
آمال نوار شاعرة لبنانية مقيمة بأمريكا وله أكثر من مجموعة شعرية


عواء

أيّ أبي هولٍ من الإسمنت والألمنيوم شظّى جماجمهَم وافترس أدمغتهم ومخيّلاتهم؟
مولوخ؛ عزلةٌ! قذارةٌ! بشاعةٌ! براميلُ قمامة ودولاراتٌ بعيدةُ المنال! أطفالٌ يزعقون تحت السلالم!
صبية ينشجون في الجيوش! شيوخٌ ينتحبون في المنتزهات!
مولوخ! مولوخ! كابوس مولوخ! مولوخ سيّد البغضاء! مولوخ الفكري! مولوخ قاضي البشر الصارم!
مولوخ السجن العصيّ على الخيال! مولوخ الحبس الشاقّ بعلامة الموت ذي العظمتين المتقاطعتين وكونغرس المآسي! مولوخ الذي مبانيه يوم الدينونة! مولوخ الحجر الضخم للحرب! مولوخ الحكومات المصعوقة!
مولوخ الذي عقله آلية خالصة! مولوخ الذي دمُهُ مالٌ جارٍ! مولوخ الذي أصابعه عشرة جيوش! مولوخ الذي صدره دينامو آكلٌ لحومِ البشر! مولوخ الذي أذنُهُ قبرٌ يعلوه الدخان!
مولوخ الذي عيونه ألف نافذة عمياء! مولوخ الذي ناطحات سحابه تنتصبُ في الشوارع المديدة كعدد لانهائي من يهوه! مولوخ الذي مصانعه تحلم وتنعق في الضباب! مولوخ الذي مداخنه وهوائياته تتوّج المدن!
مولوخ الذي ولعه نفط وحجر بلا نهاية! مولوخ الذي روحه كهرباء ومصارف! مولوخ الذي فقره شبح العبقرية! مولوخ الذي قدره سحابة من الهيدروجين لا جنس لها! مولوخ الذي إسمه العقل!
مولوخ الذي فيه أقبع وحيداً! مولوخ الذي فيه أحلم بملائكة!
مصروع في مولوخ! مصّاص الذكور في مولوخ! محروم الحبّ ومخنّث في مولوخ!
مولوخ الذي باكراً اقتحم روحي! مولوخ الذي أنا فيه وعي بلا جسد! مولوخ الذي أرعبني وصدّني عن نشوتي الطبيعية! مولوخ الذي أهجره! أصحو في مولوخ! نور يشعّ من السماء!
مولوخ! مولوخ! شقق رّبوطات! ضواحي لامرئية! كنوز هياكل عظمية! رساميل عمياء! صناعات شيطانية! أمم وهمية! مستشفيات مجانين محصّنة! أعضاء ذكوريّة من الغرانيت! قنابل مَهُولة!
قصموا ظهورهم رافعين مولوخ إلى السماء! أرصفة، أشجار، راديوات، أطنان! رافعين المدينة إلى السماء التي تدوام على وجودها وتحيطنا من كل حدب وصوب!
رؤى! تكّهنات! هلوسات! معجزات! نشوات! غاصتْ في النهر الأميركي!
أحلام! عبادات! إشراقات! ديانات! حمولة المركب كلها من القذارات الحسّاسة!
إختراقات! على طول النهر! تشقلبات وحوادث صَلْب! غرقتْ في الطوفان!
سَكَراتٌ! أعيادُ غطاس! حالاتُ يأسٍ! صرخاتٌ حيوانية وإنتحارات لعشر من السنوات! عقولٌ! غراميات جديدة! جيلٌ مجنون! انهواءً على صخور الزمن!
قهقهة مقدّسة حقيقية في النهر! رأوها برمّتها! العيون الوحشية! الصيحات المباركة! قالوا الوداع! وثبوا من السقف! إلى العزلة! ملوّحين! حاملين زهوراً! هابطين إلى النهر! فالشارع

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 16, 2013 22:39

الأعالي عندما الرياح

جورج باتاي(أ)
ترجمة:عبد الوهاب الملوح


تبدو إيميلي برونتي من بين جميع النسوة موضوع لعنة متميزة .لم تكن حياتها القصيرة تعيسة دائما غير أن طهرها الأخلاقي الصافي صفع.
من اجل تقديم أفضل للخير والشر سأعود حيث الوضعية الأساسية ل ’’ الأعالي عندما الرياح’’؛إلى الطفولة زمن البداية الأولى لحب كاترين وهايثكليف.
الحياة وقد أسلمت لصبيين ثم مضت في عدْوات برية عند المستنقعات ؛وليس ثمة ما يزعج الصبيين ؛لا اكراهات؛لا مواثيق(باستثناء تلك التي تعارض الألعاب ذات الأحاسيس الجسدية ؛
غير أنه وهما في براءتها تلك اتخذ الحب الصلب للصبيين موقعا آخر).ربما كان هذا الحب أيضا اختزاليا في رفضه التخلي عن حرية طفولة برية لم ترتهن للقوانين الاجتماعية واللياقة التي تستوجبها المواثيق.
شروط هذه الحياة البرية أساسية (خارج العالم).
لقد جعلت إيميلي برونتي هذه الشروط ذات حساسية –وهي نفسها شروط الشعر ؛الشعر بدون سابقية إضمار وهي التي رفض هذا الصبي والآخر الانغلاق دونها. ما تعارض به المؤسسة اللعب الحر للسذاجة هو العقل المبني على حسابات المنفعة.المؤسسة تأتمر بالشكل الذي يجعل الديمومة ممكنة .لا يمكن للمؤسسة أن توجد إذا ما بسطت عليها هذه الحركات العفوية للطفولة سيادتها؛وهي التي ربطت هذين الصبيين بمشاعر كل واحد منهما شريك الآخر .الإكراهات الاجتماعية كانت ستطلب من الطفلين البريين أن يتخليا عن سيادتهما الساذجة ؛كانت ستطلب منهما أن ينحنيا للمواثيق المعقولة للكهول : معقولة ؛محسوبة ؛بالشكل الذي يلخصها امتياز المجموعة.
المعارضة شديدة الوضوح في كتاب إيميلي برونتي كمايقول جاك بلوندال (2) علينا ان نسجل أن في القصة :[الأحاسيس تتركز في عهد طفولة كاترين وهايثكليف]
لكن يالحظهما ؛لئن استطاع هذان الصبيان نسيان عالم الكهول زمنا فهما به موعودون .هكذا تحل الكارثة.هايثكليف الفتى المستعاد يجد نفسه مكرها على ترك المملكة العجيبة للعدْوات مع كاترين في المستنقعات .ورغم توحشها المستمر تنكر كاترين برية طفولتها : تنجذب نحو حياة هانئة؛ تسحرها إغراءاتها المتمثلة فيشخص فتى غني وحساسلطيف.الحقيقة إن زواج كاترين
ب إدغار لينتون يتوفر على قيمة مزدوجة .هو ليس خسارة حقيقية .عالم ثروشكروس غرانج؛حيث ؛ قريبا من ’’ الأعالي عندما الرياح’’ يعيش لينتون وكاترين ليس في ذهن إيميلي برونتي عالما مسيجا .لينتون طيب؛ لم يتخل عن مرح الطفولة الطبيعي ؛غير إنه يركب .سيادته ترتقي أعلى من الظروف المادية التي ينتفع بها ؛ غير أنه لولم يكن على اتفاق عميق مع هذا العالم المسيج ما كان ليتمتع بأي منفعة .يعود هايثكليف غنيا بعد سفر طويل يرى أن كاترين خانت مملكة السيادة الدائمة وهي التي على ملكه جسدا وروحا .
لقد تابعت ؛بشكل منحرف ؛قصة حيث العنف المتتالي لهايثكليف يعبر عنه هدوء وبساطة الساردة.
موضوع الكتاب هو تمرد الملعون الذي أطرده القدر من مملكته والذي لاشيء يمنعه في أتون رغبته الحارقة من استعادة هذه المملكة المفقودة .
لن أواصل تقديم بالتفصيل بقية الفصول حيث الكثافة مغرية .سأكتفي بتذكير إنه ولا قانون ولا قوة ؛ الميثاق أو الرحمة ستوقف ثورة هايثكليف : الموت نفسه ؛بما إنه وبلا ندم راغبا ؛هو المتسبب في مرض كاترين وموتها التي في ذات الوقت يعتبرها ملكه.
سأتوقف عند المغزى الأخلاقي للتمرد المتولد عن تخيل وحلم إيميلي برونتي.
هو تمرد الشر ضد الخير.
وهو أساسا غير منطقي.
ماالذي تريد أن تقوله مملكة الطفولة هذه التي لا تريد الإرادة الشيطانية لهايثكليف التي ترفض التخلي عنها؟إذا لم يكن المستحيل والموت.هناك إمكانيتان للتمرد ضد هذا العالم الحقيقي الذي يسيطر عليه العقل وتؤسسه إرادة البقاء .الإمكانية الأكثر اتفاقا عليها ؛الراهنة؛ يمكن ترجمتها في رفض الأسلوب العقلي .من السهل ملاحظة أن مبدأ هذا العالم الواقعي ليس حقيقة العقل ؛لكنه العقل مركبا مع العرف ؛المتولد عن العنف او الحركات العفوية. للماضي.مثل هذا التمرد يستعرض مواجهة الخير للشر متمثلة في هذا العنف وجدوى هذه الحركات.هايثكليف يدين العالم الذي يعارضه : هو لن يستطيع بالتأكيد أن ينسبه إلى الخير طالما أنه يصارعه.لكن إذا كان يصارعه بشراسة ؛فهو واع تماما: يعلم إنه يمثل الخير والعقل.
يمقت الإنسانية والطيبة اللذين يثيران عنده القسوة.خارج القصة –وعذوبة القصة- يبدو أسلوبه اصطناعيا؛ مصطنعا.غير أنه لا يتشكل من منطق الكاتب؛ بل من الحلم.ليس ثمة في الأدب الروائي شخصية تفرض نفسها بأكثر واقعية؛وأكثر بساطة من هايثكليف؛ بل أنه يستعيد حقيقة أولية حقيقة الطفل المتمرد ضد عالم الشر؛ضد عالم الكهول؛ وهو ؛ بتمرده غير المتحفظ هو منسوب إلى عالم الشر . لم يكن لهايثكليف الاستمتاع بخرق القانون في غير هذا التمرد .يرى إن سلفة كاترين مأخوذة به فيتزوجها حتى يستطيع إيلام زوج كاترين بأكثر قدر ممكن .يجتثها وحالما يتزوجها يشرع في تضييق الخناق عليها ؛ثم يعاملها بدون رحمة فاتحا أمامها الطريق إلى اليأس . وليس من قبيل المبالغة أن يقارن جاك بلونديل(3 )جملة ساد بجملة إيميلي برونتي .يقول ساد على لسان أحد جلادي جوستين في هذا الصدد :[أي حركة ملتذة هي حركة التقويض ؛ لست أعرف حركة تدغدغ بشكل ألذ مثلها؛ليس هناك نشوة مماثلة كتلك التي نتذوقها ممنوحين لذلك الخزي الالاهي].إيميلي برونتي تجعل هايثكليف يقول:[لو كنت وُلدت في بلد قوانينه أقل قسوة والأذواق أقل أناقة لكنت وفرت لنفسي متعة إقامة تشريح بطيئة لهذين الكائنين لقضاء ليلة من اجل اللهو]


إيميلي برونتي والخرق
لها وحده يعود خلق شخصية متخصصة أساسا في الشر؛ من جانب فتاة متخلقة وبدون تجربة وهذه مفارقة .لكن؛ المهم؛ هاهو السبب المربك لخلق هايثكليف.
هل أن كاترين ايرنشاو متخلقة أصلا؟ هي كذلك حتى أنهاتموت بسبب عدم قدرتها على التخلص ممن كانت تحبه وهي صغيرة.لكنها وهي مدركة أن الشر يسكن دواخلها ؛تحبه إلى درجة أنها تقول هذه الجملة الحاسمة:[ انا هايثكليف][Iam Heaathcliff]
بهذا الشكل يصبح الشر في تمثل حقيقي ليس فقط حلم الشرير ولكنه وبشكل ما حلم الطيِّ[ أيضا. الموت هو العقاب المنشود المرحب به من هذا الحلم اللامسئول غير أنه ليس ثمة من حيلة حتى أن هذا الحلم لا يُحلم به.هذا ما فعله بالشقية كاترين ايرنشاو.بل هو أيضا وبنفس المقاييس فعل بإيميلي برونتي بعد أن خاضت الحالات التي وصفتها ؛ بأي شكل يمكن تشبيهها بكاترين أيرنشاو؟
ثمة في ’’ الأعالي عندما الرياح ’’ حركة شبيهة بتلك الموجودة في التراجيديا الإغريقية ؛ من حيث أن موضوع الرواية هو الخرق التراجيدي للقانون. مؤلف التراجيديا كان متفقا مع القانون الذي يصف عملية خرقه غير أنه يبني التأثرالتآلف الذي يدعيه وإذ يدعيه يتواصل لحساب خارق القانون .وفي كلتا الحالتين فالعقاب ملزم في الخرق. يدرك هايثكليف حالة من الفرح اللامحدود قبل أن يموت ؛ وأثناء موته أيضا غير ان هذه الفرحة العصفورة تراجيدية .
كاترين العاشقة لهايثكليف تموت بسبب خرقها لقانون الوفاء ؛ وهي إن لم تمت في جسمها فقد ماتت في ذهنها؛موت كاترين هو الهاجس الأبدي الذي يتحمل هايثكليف مشاق عنفه.
كما في التراجيديا الإغريقية ليس القانون هو المدان في ’’ الأعالي عندما الرياح’’ بل ما يمنعه ليس مجالا حيث ليس للإنسان ما يفعله. المجال الممنوع هوالمجال التراجيدي أو بالأحرى هو المجال المقدس.حقا إن الإنسانية تزيحه ولكن لتعليه .الممنوع يؤله ما يمنع العبور إليه.يحيل هذا العبور إلى العقاب –الموت- غير أن الممنوع/المحرم ليس فقط استدعاء بل هو حاجز.تعليمية ’’ الأعالي عندما الرياح ’’ هي نفسها تعليمية التراجيدياالإغريقية-بعيدا عن كل ديانة –إذ أن هناك حركة إلهية سكرى ليس بإمكانها أن تحتمل العالم الحكيم للحسابات. هذه الحركة مضادة للخير.الخير ينبني على هاجس حساب المنفعة العامة التي يرتبط اعتبار المستقبل بها بشكل أساسي الألوهية السكرى التي تنتسب إليها ” الحركة العفوية ” للطفولة هي كلها الآن في الحاضر .من الأفضل في الوقت الحاضر لتربية الأطفال التعريف العام للشر .
يحرم الكهول ألوهية مملكة للطفولة على أولئك الذين بلغوا ” النضج”.لكن إدانة اللحظة الحاضرة لحساب المستقبل ؛إذا لم يكن من الممكن تحاشيها هي خطأ حين لا يمكن التأكد منها .
ليس اقل من تحريم العبور السهل و الخطر ؛من الضروري العثور على مجال اللحظة “مملكة الطفولة” وهذا يستدعي خرقا مستمرا للمحرم.
وكلماكان المحرم في مأمن فإن الخرق المستمر حر .ألا يكشف الخرق اليومي –والعقاب- إيميلي برونتي-وكاترين أيرنشاو –الواحدة والأخرى أنهما ليستا فقط متخلقتين بل متخلقتين بشكل مبالغ فيه. ولماكانت الأخلاق هبي مغزى ’’ الأعالي عندما الرياح’’ فإن الأخلاق المبالغ فيها هي التحدي للأخلاق.بدون استحضار للعرض العام المضمن هنا لجاك بلونديل مجردالاحساس في هذاالصدد فهو يكتب (4):[ تظهر ايميلي برونتي قادرة على التجاوز الذي يخلصها من كل خلفية ذات اتجاه عقائدي او اجتماعي .هكذا تتشكل حيوات عديدة مثل الشماريخ المتضاعفة حيث ل واحدة إذا فكرنا في المتنافسين الأساسيين في الدراما يعبر عن تحرر شامل من المؤسسة ومن الأخلاق ؛هناك عزيمة للقطع مع العالم من أجل التحام أفضل مع الحياة في تعددها واكتشاف الخلق الفني وهو ما يرفضه الواقع .إنها الاستفاقة ؛وهي الاختبارالحقيقي للافتراضيات التي لم يطالها الشك بعد ؛ لأن تكون هذا التحرر ضرور فهذا مما لا شك فيه ؛سيحسها بأكثر كثافة أولئك الذين تكون القيم العقائديةفيهم اشد رسوخا ] هذا التوافق بين خرق القانون الأخلاقي والأخلاق المبالغ فيها هذا هو في الاخيرالمغزى النهائي من ’’ الأعالي عندما الرياح’’ لقد وصف جاك بلونديل بدقة العالم الديني؛ البرتستاني الذي يرزح تحت تأثير تنظيرات مثيرة حيث تشكلت شخصية الفتاة إيميلي .الضغط الأخلاقي والقسوة يخنقان هذا العالم .في الأثناء فإن هذه القسوة وهي تدخل في أعتبار إيميلي برونتي ليست هي نفسها التي تنبني عليها التراجيديا الإغريقية .التراجيديا هي في مستوى المحرمات الدينية الأولية من مثل القتل أو قانون العلاقات الجنسية بين أفراد العائلة الواحدة التي لا يبررها العقل . لقد تحررت إيميلي برونتي من الأرثوذوكسية ونأت عن البساطة و السذاجة المسيحية وهو ما لم يجعلها تتخلى عما تتميز به عائلتها من عادات دينية.خاصة في حدود أن المسيحية شديدة الانضباط للوفاء للخير الذي يؤسسه العقل.فالقانون الذي يغتصبه هايثكليف –والذي يحبه رغم إرادته تغتصبه كاترين أيضا – هو نفسه قبل ذلك قانون العقل .هو على الأقل قانون المجموعة الذي أسسته المسيحية بمباركة من المحرم الديني البدائي ؛والمقدس والعقل(5). في جانب ما ينفلت الرب ؛ أساس المقدس من حركات العنف العرفية التي انبني عليها في أزمنة غابرة العالم الإلاهي .
وفق هذه الشروط ثمة انزلاق بدأ:فما أزاحه المحرم البدائي بشكل أساسي هو العنف ( من حيث التطبيق فالعقل له نفس اتجاه المحرم , المحرم البدائي هونفسه متطابق مع العقل )ثمة في المسيحية ازدواجية بين الرب والعقل –ازدواجية تغذي امرارة ومن هنا بدو الجهد في الاتجاه المعاكس للجانسينيزم(ب) مثلا.وهو على إثر هذه المسيرة الطويلة للإزدواجية المسيحية انفجر في موقف إيميلي برونتي لصالح صلابة إخلاقية عفوية ؛ حلم عنف مقدس لا يمكن أن تطاله أي تركيبة ولا اتفاق مع المؤسسة المهيكلة. سبيل مملكة الطفولة –حيث تتبني الحركات السذاجة والبراءة –انوجد بهذا الشكل في رعب العقاب.
تمت استعادة طهارة الحب في الحقيقة الحميمة التي كنت قلتها ألا وهي الموت.
الموت و لحظة ألوهية سكرى يتداخلان من حيث يعارضان سويا نوايا الخير المبنية على ما يحسبه العقل.غير انهما بتعارضهما فالموت واللحظة هم النهاية الأخيرة والمخرج من كل الحسابات . الموت هو دليل اللحظة وفي الحدود التي يكون فيها هو اللحظة يتوقف عن البحث عن الديمومة .
لحظة الكائن الفردي الجديد مشروطة بموت كائنات غابت.فلو لم يكن هؤلاء قد غابوا لما وجد هؤلاء الجدد مكانا لهم. التكاثر والموت يشترطان المتجدد الخالد للحياة ؛يشترطان لحظة متجددة دائما.لهذا السبب لا يمكننا أن نتمتع بالحياة إلا من خلال نظرة تراجيدية ؛ بل لهذا السبب ايضا إن التراجيديا هي دليل المتعة.
وارد أن الرومنطيقية تقول بهذا (6)لكن بين كل الأعمال الرومنطيقية يبقى العمل المتفرد الذي أتى متاخرا والذي هو ’’ ألأعالي عندما الرياح’’ يقول ذلك بالشكل الأكثر انسانية .
الأدب ؛ الحـــرية والتجربة الصوفية
من اللافت في هذه الحركة إن تعليمامثل هذا لا يتوجه كما في المسيحية – هو أيضا كما في الديانة القديمة- إلى مجموعة منظمة حيث يصبح هو أساسهم. إنه يُعنى بالفرد ,المعزول والتائه والذي لن يقدم له شيئا إلا من خلال اللحظة : لحظة الأدب. سبيله هو الأدب الحر ؛ غير العضوي ؛ المتشظي .بهذا الشكل هو أقل من تعليم حكمة الإشراك ؛ او الكنيسة المدعوة للتنسيق مع الضرورة الاجتماعية ؛متمثلة عادة في مواثيق ( مخطئة أحيانا) ولكن أيضا مع العقل
وحده ال{ب بإمكانه أين يفضح لعبة خرق القانون – التي بدونهالن يكون للقانون نهاية- بمعزل عن نظام ينتجه .ليس من شأن الأدب ضبط الضرورة الجماعية . ليس من مهامه أن يلخص:
{ ما قلته يفرض علينا احترام النظام الأساسي لقوانين المدينة }
أو كما تفعل المسيجية :
{ما قلته (تراجيديا الانجيل) يُلزمنا أن سلك سبيل الخير} (يعني العقل في الحقيقة).
الأدب ؛خطير؛ مثله مثل خرق القانون .
بما أنه غير عضوي ؛هو غير مسؤول؛ لا شيء يلزمه.بإمكانه أن يقول كل شيء.
وقد يكون ذا خطورة جسيمة( في الحدود التي هو فيها متماثل ؛وفي الجملة) إذا لم يكن تعبير [أولئك الذين تكون القيم العقائديةفيهم اشد رسوخا ]لن يكون عادة واضحا بهذا المعنى أن التمرد هو الأشد اسبصارا.غير أن المهمة الحقيقية للأدب لن تجد قبولا في غياب رغبة تواصل أساسية مع القارئ .( لا أتحدث عن كمية الكتب المعدة للتبادل بحساب جيد وبأكبر عدد ممكن)وللحقيقة فإن الأدب بحكم القرابة مرتبط منذ الرومنطيقية بتأرجح الدين ( في هذا الصدد وبشكل أقل أهمية ؛ أقل تصادم يعمل الأدب على المطالبة بإرث الدين ) وهو اقل من محتوى الدين مقارنة بالصوفية إلى الصوفية ؛ التي ؛ هي على الهامش مظهر غير اجتماعي تقريبا
نفس الشيء ؛ فالصوفية أقرب إلى الحقيقةوهو ما سأجتهد لتبيانه.
لست أعني بالتصوف تلك الأنظمة التي تنضوي تحت هذا الاسم الشاسع: إني أفكر في ” التجربة الصوفية”, في ” الحالات الصوفية”المعاشة في العزلة .يمكننا في هذه الحالات أن ندرك حقيقة مختلفة عن تلك المرتبطة بالنفاذ عبر الأشياء (المرتبطة أخيرا بالنتائج الثقافية للنفاذ)غير أنهذه الحقيقة ليست ثابتة .فليس بإمكان الخطاب المتجانس أن يعترها ضمن حساباته .بل إنها اللامعبر عنها إذا لم نقاربها من جهتين :الشعر ووصف الشروط العامة التي لابد من توفرها للعبور إلى هذه الحالات .
هذه الشروط تستجيب بشكل حاسم للتيمات التي سبق وأن تحدثت عنها والتي ينبني عليها الانفعال الأدبي الأصيل .إنه دائما الموت- بشكل ما خراب نظام الفرد في عزلته وهو يبحث عن السعادة في الديمومة –الذي يبث القطيعة والتي لولاها ماكان ليحصل على حالة النشوة(7)ماتم العثور عليه هو البراءة ونشوة الكائن إنهما دائما في حركة القطيعة هذه والموت يضيع الكائن داخل عزلته في كل شيء باستثناء عزلته.
لا يهم ماذا سيكون هذا الشيء الآخر.إنها واقعية تتجاوز الحدود العامة رغم إنها في أعماقها غير محدودة لكنها قبل ذلك هي لا شيء : لا شيء.[ الرب هو العدم] قال إيكهارت .
أليس الكائن المحبوب هو نفسه في الحياة العامة تغطية حدود الآخرين ( إنه الكائن الوحيد الذي لا نحس أبدا أو نحس أقل حدود الفردالمتوحد في عزلة تتآكله.ما ينتمي بالخصوص إلى الحالة الصوفية هو النزوع نحو ألغاء نهائيا –بشكل قاطع- صورة العالم المضاعف الذي تتركز فيه صورة الفرد باحثا عن الديمومة .في حركة آلية ( كمافي حركة الطفولة أو الرغبة)ليس الجهد آليا : قطيعة الحدود خاملة ؛وهي ليس هذا فعل ارادة ثقافية متوترة.إنما هي صورة العالم التي تفتقد التجانس وحتى إذا ما فازت بانسجامها فشدة الرغبة تتلوها : حقا إن الرغبة تبحث عن ديمومة اللذة المتحققة في ضياع الهو لكن أليس حركتها الأولى نسيان الهو لصالح الآخر ؟ نحن لا نستطيع أن نشك في جدوى وحدة جميع الحركات للإفلات من حساب المنفعة حيث نعاني كثافة اللحظة الحاضرة. ينفلت التصوف من عفوية الطفولة كما في الظرف الطارئ للرغبة. غير أنه يستعير عبارات الإثارة من قاموس الحب ومن التأمل المتحرر لرد لفعل الخطابي على بساطةابتسامة طفل.
إنه لمصيري التاكيد على المظاهر المحايثة لعادة أدبية حديثة وحياة التصوف.والمقارنة تفرض نفسها حين يتعلق الأمر بإيميلي برونتي.
وبشكل خاص الكتاب حديث العهد لجاك بلونديل وما يمثله من حالة تصوف ؛ كما لو أ، إيميلي برونتي عاينت بدورها مثل تيريزا دافيلا رؤى ؛ لحظات تجلٍ.لعل جاك بلونديل يتقدم بدون مسوغات متينة .فهو يعمل على تحليل أي ؛ أي شيء ايجابي بإمكانه أي يدعم تأويلا .هناك آخرون قبله شعروا بهذه الخطوط العامة التي تقارب الحالات الذهنية للقديسة تيريزا بالحالات التي عبرت عنها إيميلي برونتي في شعرها .غير انه من المشكوك فيه أن كاتب ’’ الأعالي عندما الرياح ’’ قد عرف هذا الهبوط المدوخ داخله بشكل مدروس والذي هو في الأساس مبدأ تجربة تصوف محددة.
يستشهد جاك بلونديل بمجموعة من مقاطع القصائد التي تصف أحاسيس حادة وحالات اضطراب ذاتي تعكس في جميع الإمكانيات حياة روحية مرعبة مكثفة مأخوذة نحو الأبعد وتعبر عن تجربة في الأحزان أو الأفراح داخل العزلة ؛ تجربة عميقة وعاصفة إلى أبعد حد.ولا شيء في الحقيقة يدعو إلى تمييز واضح لتجربة مثل هذه أكثر من مفردة شعرية تعدها أحيانا وتأخذها ؛أكثر من بحث أشد انضباطا ؛ واقع تحت سطوة مبادئ ديانة ؛ على الأقل تمثيل للعالم ( إيجابي أو سلبي ) .هذه الحركات التائهة التي تقودها الصدفة والتي لا تتحرر إطلاقا من رد فعل متقطع بمعنى ما أحيانا هي الأكثر غنى .العالم الذي تكشفه لنا –بشكل غير دقيق – هذه القصائد شاسع ولكنه مدوخ ولكن ليس بإمكاننا لتعريفه أن نشبهه تقريبا بعالم نسبيا معروف والذي وصفه كبار المتصوفة .إنه عالم أكثر هدوء ؛ أكثر برية ؛ حيث العنف لا يذوب في إشراقات بطيئة ومعاشة طويلا .يكفي القول إنه عالم قريب من الاضطراب اللامعبر عنه حيث ’’ الأعالي عندما الرياح’’تعبيرته.
غير أني لا أريد تضييع أي الم ؛ ولا احتمال أقل تعذيب
كلما زاد الرعب من إيلامي قرب موعد الغفران.
تائهة في لهيب الجحيم حيث تلتمع ومضة ربانية
إذا ما بشرت بالموت فالرؤيا إلاهية(_8 )
هي ذي في نظري الأبيات التي تهب الصورة الأكثر قوة والأشد تشخيصا للحركة المنسوبة للشعر – حيث وصف الحالة النفسية- لأيميلي برونتي.
في الأخير ليس من المهم أن نعرف في هذا الاتجاه هل أن إيميلي برونتي عاشت ما نسميه تجربة صوفية أم لا غير انه من هذه التجربة أدركت المعنى الأخير.
يقول أندريه بريتون(9):
[ كل شيء يحمل على الاعتقاد إنه يوجد محطة ما في الذهن حيث الموت والحياة ؛ الواقعي والخيالي ؛ الماضي والمستقبل ؛المتواصل واللامتواصل ستكف عن ا، تكون مخترقة بشكل متضاد]
سأضيف: الخير والشر؛ الألم والفرح.هذه المحطة, الأدب العنيف وعنف التجربة الصوفية يحدد أحدهما الآخر.ليس الاتجاه مهما : المحطة وحدها مهمة.
غير انه من المهم أيضا النظر ل’’الأعالي عندما الرياح’’ ألأشد عنفا ؛ والأبلغ شعرية من جملة ما كتبت إيميلي برونتي ؛ هو اسم “المكان العالي” حيث تنكشف الحقيقة.
هو اسم البيت الملعون حيث تتم استضافة هايثكليف الذي يجلب معه اللعنة .وهنا مفارقة لافتة فبعيدا عن هذا المكان الملعون ” الكائنات تتعفن”(10).فعلا فإن العنف الذي أشاعه هايثكليف كان مصدر شقاء وسعادة “لم يسمتع بها غير العنيفون”.نهاية هذه القصة لأيميلي برونتي الشديدة القتامة هي هذا البزوغ المفاجئ لأشعة رقيقة من النور .
في الحدود التي يمد فيها العنف ظلاله عليه ؛ حيث الكائن يرى موته”امامه مباشرة” فالحياة خير صاف .لاشيء يمكن أن يقوضها.الموت شرطها للتجدد.
دلالة الــــــــــــــشر


في هذه الظروف المتباينة ؛ لم يعد الشر المبدأ المعارض بشكر لا رجعة فيه للنظام الطبيعي كما هو في حدود العقل .الموت الذي هو شرط الحياة والشر الذي يرتبط في حيويته بالموت هو أيضا بشكل مزدوج أساس الكائن .ليس الكائن متخصصا في الشر غير إنه وجب عليه ألا يبقى سجينا في حدود العقل ؛إذا أراد .عليه أن يقبل هذه الحدود أولا؛عليه أن يعترف بحدود العقل .لكن؛ في حدود الحاجة التي يعرفها.يجب عليه أن يعلم أن في داخله حصة غير قابلة للتجزئة؛ حصة ذات سيادة لا يمكن القبض عليها.كعادته في جميع أشكال الإيروتيزم ؛فالشر في حدود إنه يترجم هذه الجاذبية للموت؛ بما أنه تحد أيضا لم يكن غير سبب إدانة مزدوجة.إنه الشر المحتمل في كبرياء ؛ وهو نفسه ما تتحمله الحرب من جانبها في ظروف تنكشف في أيامنا هذا بلا دواء لكن في آخر الأمر هذه هي الحرب على الطريقة الامبريالية .سيصبح إذا من دون فائدة كبرى أن نحاول إخفاء أن في الشر انزلاقا دائما نحو الكارثي الذي يعبر عن الرعب وانعدام الشهية غير إنه من المفيد الإقرار أن الشر وفق وجهة نظر تدعمها جاذبية لا مبالية نحو الموت ؛ يختلف عن ذلك الشر الذي له معنى المنفعة الأنانية.فعل إجرامي “قذر”(x)يعارض “الرغبوي”.يبعد القانون هذه والأخرى ؛ لكن الأدب الأكثر إنسانية هو المكان الأرفع للرغبة .غير إن الرغبة لن تنفلت من اللعنة :وحدها “حصة ملعونة” مخصصة لما له معنى أشد احتقانا(11) في حياة بشرية.
اللعنة هي السبيل الأقل ضبابية لطلب الغفران.
إن كائنا ممتلئا بذاته يقبل بكل ود العواقب الأشد سوءا في تحديه .يلزمه أحيانا أن يذهب إلى ما قبل الأمام .”الحصة الملعونة”؛هي حصة الرهان ؛ هي حصة الحظ ؛ هي أيضا حصة الخطر.
هي أيضا حصة السيادة .غير إن السيادة تتحمل المسؤولية.
عالم ’’ الأعالي عندماالرياح ’’ هو عالم سيادة فوضوية؛ سيادة عدوانية .هو أيضا عالم العقاب .
وما أن يبدأ تنفيذ العقاب تبزغ البسمة التي هي المعادل الدائم للحياة .


هوامش المؤلف:
-1-نعلم أن Wuthering Heigtsتمت ترجمتها أولا إلى الفرنسية تحت عنوان ’’ leshauts de hurlevent ’’”ترجمة بولباك”s Wuthering Heigt”تعني حيث تعصف الرياح بشدة ” وهو اسم المنزل المعزول ؛ المنزل الملعون مركز القصة.
-2-جاك بلونديل :إيميلي برونتي التجربة الروحية والخلق الشعري 1955
-3-جاك بلونديل : نفس المرجع
-4- جاك بلونديل : نفسه
-5-الأكيد إنه في حدود المسيحية يؤلف العقل مع المواثيق الاجتماعية و….
-6- لقد سجل بلونديل كل ما أخذته إيميلي برونتي عن الرومنطيقية خاصة يبرون الذي من المؤكد انها اطلعت عليه .
-7- تنبني الصوفية المسيحيةعلى “موت الذات”.للتصوف الشرقي نفس الأسس. يكتب مرسياإلياد:’’ في الهندتتم ترجمة المعرفة الميتافيزيقية بعبارات القطع والموت….و ينتج عن هذه المعرفة تواصل ذو طبيعة صوفية .يجتهد اليوغي من اجل قطع تواصله مع الظرف غير المقدس ؛ اللاديني…يحلم بالموت “في هذه الحياة”. طبعا ؛ نحن نتابع حياة مشفوعة بانبعاث أسلوب آخر للكيان: وهو ما يتمثل في الخلاص ’’ ( اليوغا. خلود وحرية .بايو 1954ص18-19
-8-ThePrisoner. هذه القصيدة غير المكتملة وبلا عنوان أيضا في les oragesdu cœur لأيميلي برونتي ترجمة ميراي باست .سيغيرس1950ص43-45 لا استشهد بهذه الترجمة المتبعثرة تنأى عن النص .لكن ان النص الأنجليزي .اورد هنا البيت الأخير الذي أفسدته الترجمةالفرنسية :
’’ If it but herald deaththe vision is divine’’
-9- بيانات السريالية ’’ البيان الثاني’’ 1930
-10-جاك بلونديل…
-11-في “حصة اللعنة “(منشورات مينوي1949) حاولت مماثلة ما لهذه الاسس من وجهة نظر في تاريخ الديانات بوجهة النظر الاقتصادية.
هوامش المترجمين:
-أ-جورج باتاي:شاعر ؛مفكر؛روائي ولد ببيلوم بفرنسا سنة1897وتوفيب أورليان سنة1962 تولى مهمة محافظ مكتبة أورليان وأشرف على تسيير مجلة ’’ نقد’’.فيلسوف الرغبة كما يسميه بعضهم اشتهر بدراساته ذات الطابع الإيروتيكي التي تهتم بتحليل الرغبة رغم عدم انتمائه للحركة السريالية لكنه تبنى مقولاتهم حول الإيروتيزم خاصة أصدر عدة مؤلفات منها : ’’كراهية الشعر ’’سنة 1947الذي تضمن مجموعة من الأشعار وقصة بعنوان حكاية الفأر ومجموعة من الإعترافات؛ له أيضا ’’ حصة النار سنة1948و’’التجربة الداخلية ’’سنة1945؛ ’’المتهم ’’سنة1944؛ مجموعة قصصية بعنوان ’’ حكاية عين ’’’’دموع إيروس’’ وله هذا الكتاب الذي أخذنا منه هذا الفصل ’’ الأدب والشر ’’ وهو مجموعة من الدراسات النقدية حول بودلير وميشلة وايميلي برونتي؛ساد؛بروست؛كافكا ؛جان جينية؛ويليام بليك
-ب- الأعالي عندما الرياح : هناكترجمة عربية لهذه الرواية أنجزها حافظ أبو مصلح سنة 1988 وصدرت عن المكتبة الحديثة للطباعة والنشر بعنوان ’’ مرتفعات وذرنغ’’ غير إننا رأينا أن’’ الأعالي عندما الرياح ’’ تقترب أكثر من أجواء القصة كما رأتها مؤلفتها ؛ حاصة وأن الأحداث تدور بين مكانين ؛ المكان الأول عند السفح والثاني حيث تتم أغلب الأحداث وهو في منطقة عالية والعنوان في الصل الانجليزي يشير إلى المكان العالي عندما يشتد هبوب الريح فيه .
-ج- يقصد باتاي هنا العملية الجنسية وعملية التكاثر عموما sexualité

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 16, 2013 22:39

May 14, 2013

ملتقى قصيدة النثر العربية بقفصة في دورته الثانية

ملتقى قصيدة النّثر العربيّة بقفصة




الدّورة الثّانــية


بغضِّ الطّرف عن مقترحاتها الجمالية ومقارباتها الجريئة لتيمات العصر وأسئلتها المحيّرة بعيدا عن الأجوبة ؛ فإنَّ مزيّة قصيدة النّثر العربيّة أنّها لا تفتأ تعيد إلى السّطح سؤال الشّعر في علاقته بالذّات وبالواقع من حيث أنّ الشّعر سؤال ثقافيّ وإبداع حضاريّ.

كان عنوان الدّورة الأولى لملتقى قصيدة النثر بقفصة ’’ الرّاهن والآفاق ’’ حيث تطرّق أكاديميّون ومختصّون لعدّة مسائل ذات صلة براهن قصيدة النّثر العربيّة في محاولة لتأصيلها والبحث في أدواتها الفنيّة واستشراف آفاقها على ضوء منجزها الذي جاء وريثا لمحاولات شهدتها بدايات القرن المنقضي متمثّلة خاصّة في كتابات جبران خليل جبران وأمين الرّيحاني وأمين نخلة وأبي القاسم الشّابيّ. وبناء علي ذلك ياتي عنوان هذه الدّورة الثانيّة :


النّثر الشّعريّ عند الشّابيّ


خاصّة وأنّ سنة 2009 هي سنة الاحتفال بمئويّة الشّابيّ ، شاعر تونس الخالد الذي ترك إضافة لديوانه الشّعريّ الفذّ ’’ أغاني الحياة ’’ مجموعة من الكتابات النّثريّة توزّعت بين المذكّرات والرّسائل والسّرديّات ونصوص نثريّة اختلف النّقّاد في تسميتها : قصائد نثر ؛ نثر فنّيّ ؛ نثر شعريّ ؟..

وتتمحور هذه الدّورة الثانيّة حول المباحث التالية :

-1- جماليّات النّص: هل يمكن الحديث عن خصوصيّة فنيّة تسم النّثر الشّعريّ عند الشّابيّ ؟

-2- النّص والمصطلح: ما هي المسوغات الفنية والثقافية للاصطلاح على شعريّة نثر الشّابيّ ؟

-3- قصيدة النثر : إلى أي مدى يمكن الحديث عن قصيدة نثر عند الشّابيّ ؟

-4- أفق النّص : ما مدى حضور نثر الشّابيّ الشّعريّ في منجز قصيدة النّثر؟

-5- جدل النّص والنّظريّة : ما مدى قدرة قصيدة النّثر على كسب رهان البقاء ؟

هذه ورقة عمل الدّورة الثّانية لملتقى قصيدة النّثر العربيّة الّتي نأمل أن تكرّس البحث دون استعجال أجوبة وإنّما لمزيد الحفر في سؤال الشعر الذي يبقى بالأساس سؤالا ثقافيّا/ حضاريّا مفتوحا على المجهول …


البرنامج


الجمعة 04/12/09


س9و30دق – مراسم الإفتتاح

- كلمة منسق الدورة

- كلمة رئيس فرع إتحاد الكتاب

- كلمة المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث

- كلمة ممثل السلطة

س10 – راحة

الجلسة العلمية الأولى

العنوان:لمسة وفاء للشاعر الراحل عامر بوترعة برئاسة: عباس سليمان

إفتتاح المعرض الخاص بشعر عامر بوترعة من إنجاز أساتذة المعهد العالي للفنون و الحرف بقفصة

1- مداخلة عمار شعابنية: إيقاعات الصور في شعر عامر بوترعة

2- مداخلة محمد الهادي بوقرة:شاعركان يربي النمل في يديه

3- مداخلة الأستاذة ميشال إلينا: المعهد العالي للفنون والحرف بقفصة

4- كلمة أسرة الشاعر الراحل

5- قراءات شعرية لقصائد الراحل

الجلسة العلمية الثانية

العنوان: النثر الشعري عند الشابي برئاسة عبد الرحمان رشيد

س:16- 1- مداخلة محمد الصالح بوعمراني: إشكالية التجنيس في أدب الشابي

س 16و30 دق -2- مداخلة نصر الدين الزاهي: الشمولية الشعرية في قصيدة النثر عند الشابي

س17 -3- مداخلة عمر حفيظ: الإيقاع في قصيدة النثر

س17و30دق نقاش وردود

إستراحة

س18و15دق أمسية شعرية لشعراء قصيدة النثر

س19 إختتام الجلسة الثانية


السبت 05/12/09

الجلسة العلمية الثالثة

العنوان: النثر الشعري عند الشابي برئاسة ابراهيم الدرغوثي

س10 مداخلة مصطفى الكيلاني: السياق الشعري المحايث مذكرات أبوالقاسم الشابي

س10و30دق مداخلة المنصف الوهايبي: النثر الشعري عند الشابي

س11 مداخلة محمد الصالح بن عمر: مفهوم الشابي للشعر المنثور من خلال “صفحات دامية من حياة شاعر”

س11و30دق نقاش وردود

إستراحة

س12 قراءات شعرية لشعراء قصيدة النثر

س13 إختتام الدورة الثانية والتوصيات

الشعراء المشاركون:

- محمد علي اليوسفي

- شمس الدين العوني

- سندس بكار

- منذر العيني

- نورالدين عزيزة

- رياض الشرايطي

- محمد الهادي بوقرة

- طلبة جامعة قفصة

منسـق الدورة

عبـد الـوهاب الـملوح

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 14, 2013 03:10

البلاد

اليد وهي تشرع في ترتيب الثوب مجددا


افتقدت أصابعها


تكاثرت الدبابيس في الكبة وتشابكت


لم يعدهناك خيط واحد يصلح


لرتق البلاد.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 14, 2013 03:10

هنا وهناك

حين تركوا البلاد للخراب

كنا هنا

حنى إذا عادوا

سكنوا في قصور شيدها دمعنا

الذي تحجر في عيون الشهداء

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 14, 2013 03:10

الفن أكبر من التاريخ



إذا سلّمنا إن الفن هو عملية تحويل المادة من حالة جامدة إلى عنصر حيوي متدفق النبض تنبعث في مواتها أسباب الحياة مما يجعلها كائنا يتوفر على مقومات الوجود الأسمى هذا السمو الذي سيعلّي من شأن مجرد واقعة عابرة؛ عرضية إلى رؤيا كونية تتصدى لإشكالية الكينونة ومسألة الوجود كهاجس جماعي أو فردي وإذا بالفن أيضا هو التعامل مع المعاناة بوصفها تجربة ذاتية / جمعية بما تختزنه من موروث أسطوري فولكلوري وديني يقاوم من أجل بقائه وتجليه كمقوم من مقومات ال وجود في تصادمه مع متغيرات الواقع الحداثية هذا التصادم الذي سيكون مصدرا من المصادر القوية للإضافة والتجاوز بل ما يحولها إلى وقود وطاقة فعالة تضفي على الوجود مشروعية السؤال الجمالي ما يكفل لها قدرة الخلق وبعث الحياة في المادة الموات, إذا سلَّمنا إن الفن هو تلك القدرة على الابتكار من اللاشيء وذلك الإيمان بقوة الكائن وما يمتلكه من إمكانات للعطاء وهو أيضا تلك القابلية على التجدد المستمر و الانقلاب على السياقات المألوفة ليس بمعنى الثورة ولكن التحرر بما هو فكاك من النمطية وعقيدة الفن الجوهرية هي التحرر ؛يًصبح وقتها من المشروع مراجعة وجهة نظر هيجل بل وتأكيد بطلان نبوءته بموت الفن وانهزامه أمام ما تحققه العلوم الحديثة من قفزات بمنتوجاتها التقنية والرقمية الآن .

بل سوف يتوجب إعادة النظر في تاريخ الفن ككل ليس باعتباره مسحا انطولوجيا يقوم على استعراض المفاهيم والأفكار واستقراء المبادئ التي قامت عليها المذاهب والمدارس الفنية ؛ لقد قام تاريخ الفن على المراجعات وعمليات المسح بما هي جرد وتثبيت لأهم المدارس والأفكار التي إما تُنظِّر للفن أو تؤرخ له من وجهة نظر مدرسية باعتبار لي ثمة ما هو أبدع مما كان وليس الفن ذلك الذي يتيح للإنسان وقد استعاد ذاته بكل تدفقاتها الانفعالية وتوهجاتها العاطفية ونوازع وجدانها أن يشعر إنه مركز الكون ومبرر الوجود وإذا الفنان ذلك الذي يُعدُّ الفن وعاء يصبُّ فيه ما يجيش به صدره من مشاعر وأحاسيس ومآس ومباهج وما يتبع ذلك من تهويمات وخواطر وهذيان مسترسل وأحلام وردية فليس الفن مجرد أحاسيس ومشاعر وانفعالات عاطفية هدفها أعادة الاعتبار للذات المنكسرة بمعزل عن الوعي بجملة أخرى من الأسباب الاجتماعية والسياسية ..ألخ لهذا ا الانكسار ؛ وكما توقف الفن أن يكون مجرد تطهير بما هو محاكاة للطبيعة وتصويرها على اعتبار إنها المثل الأعلى ؛كما توقف أن يكون تراجيديا الإنسان في صراعه مع الآلهة في تصادمه مع كائنات لا تتقوّى إلا بأنها من صنع الإنسان وإنها فنه الأرقى- لعل الدين من صنع الإنسان بل وفنه الأرقى أيضا – فقد توقف أيضا على إنه تلك النظرية التي ترى فيه انعكاسا للواقع وتمثلا له بالتصدي لمشكلاته ومن ثمة تغييره وبالتالي إنتاجا لواقع مغاير كما لو إن الأثر الفني سلعة والفنان موظف اجتماعي وفي أفضل الأحوال مؤرخ لهذا الواقع يقوم دوره على الإصلاح والتوعية ومن ثمة التغيير حتى إن أصحاب ذهب في اعتقادهم إن الفن وسيلة من وسائل الإنتاج وبالتالي فلا بد من فن حقيقي يعبر عن الطبقة الكادحة في مواجهتها لأصحاب رأس المال في مرحلة أولى على أن يتحول من بعد إلى وسيلة إنتاج للواقع بمنأى عن المشكلات الحقيقية للفرد ؛غير إن النفور من الواقع والطبيعة و الذات وما نتج عنه من لجوء إلى الحلم والإيغال في التجريد والمبالغة في تشفير النشاط الابداعي أو الاحتفاء بعوالم خارقة غرائبية بما يستدعيه من توظيف للأسطورة وتركيز على ما يحفل به المخزون الخرافي؛ فالإيغال في هذه العوالم الرمزية أو الغرائبية بقدر ما يوسع دائرة الفن ويضخها بموتيفات مختلفة المصادر فيضفي جمالية ذات طرافة غير انه يحدد خططا مرسومة مسبقا ويضبط قوانين صارمة على المبدع أن يلتزم بها وهو وإن أدَّى إلى تحقيق تراكم كمي فهو لن يضمن استمرارية الفن وطزاجة آثاره وطراوتها ومن ثمة أصالتها وجدَّتها فإنما هي تلك الآثار المتمردة على السياق التي تبتكرها لحظة وعي جمالي مختلف ومتفرد كنوع مستقل وبقدر ما يتناسل هذا الوعي ويتكاثر فإنما ينزع نحو التراكم النوعي الذي يحقق التجدد الخلاق النضر فتاريخ الفن هو تاريخ تأزماته وانقطاعا ته الإبستيمية , تاريخ الوعي به كاختراقات عميقة وعنيفة في صلب المسارات نسفت المفاهيم وخلخلت الثوابت وإذا بالفن معرفة وقوة ؛ هو إرادة كينونة حسب ما قاله هيجل نفسه :

’’ الجمال هو الأسلوب الوحيد المحدد للتعبير عن الحقيقة وتقديمها والفن لا يعكس الواقع بل الروح المطلقة والفن شأنه شأن الدين والفلسفة يخدم مسألة واحدة هي بحث الروح المطلقة عن ذاتها ’’

لقد ظل هاجس الإنسان منذ بدء الخليقة البحث عن وسائل التواصل مع بقية الكائنات وسائل للتعبير بأكثر الأشكال بساطة وهو ما يجعلها أرقاها جمالا فليس من شك إن تلك المنمنمات والخطوط العشوائية في ظاهرها المنسجمة في أعماقها والتي كان يحفرها الإنسان البدائي على جدران الكهوف هي أصفى جمالا وأبلغ من الفنون التشكيلية الحديثة في تعقيداتها الإيقاعية وهو ما يؤكد إن الإنسان -شبه الحيوان- بحكم ما يتمتع به من سيولة في الخيال وتداعيات حرة مدعومة بالمقارنات الجريئة تسوِّي بين ما هو مقدس( ألاهي) وما هو دوني قذر خسيس هو أكثر حداثية من إنسان القرون الأخيرة .

لقد وُلد الفن مع الإنسان طالما إن هذا الأخير كان لديه هذا النزوع العفوي نحو المجاز للإفلات من سلطة الطبيعة والفكاك من هيمنة البقاء في ظل محاكاتها واستنساخها لذلك كان ثمة دائما هذا اللجوء إلى التشبيه والتداعيات المغرقة في المقارنات وهي تتواتر انتهت إلى رسم صور شكلها ا لخيال البشري تتوفر على قدر من الجمال فاق في بعض تجلياته مظاهر الطبيعة , لقد حررت المخيلة الأشياء من مسمياتها وأعتقتها من الأمكنة المحبوسة فيها ومن هنا امتلك الفن قوة تستمد طاقتها من إرادة التجاوز بالخلق والإبداع ومن إيمان ضروري بالجمال .


إن المنهج الذي يؤرخ للفن من وجهة نظر مدرسية ويلخصه في بعض مدارس أو يصنفه وفق منطق الجيتوات المذهبي أو ينسبه للمؤسسة هو منهج قاصر بالتأكيد بل وخائن لمبدأ الفن الذي يقوم أساسا على التحرر بالتجدد وهو قاصر ليس فقط لأنه يعتمد أسلوبا خطيا أو لأنه يحاول ترويض وحش غامض كامن في أعماق الذات الإنسانية- فردا أو مجموعة - متمرد على الطبيعة وليس لأنه يسعى لتقنين الفوضى على اعتبار إن العملية الإبداعية التي تحقق الفنية إنما تنتجها حالة غير مستقرة حالة هائجة من الأفكار تمتزج بالمخيلة بالمعاناة ولكن لأنه لا وجود لخطة مسبقة في الفن ؛ إنه النشاط البشري الوحيد الذي يتشكل وينتعش فيتدفق ويكون من اللحظات الفارقة والتوجسات البوهيمية من ميكانيزم بلا محركات وما يهجس به الحدس من دوافع للتوهج ف:

’’ الأشياء الغامضة تحث العقل على ابتكارات جديدة’’ كما هتف ليوناردودا فنشي ذات يوم غير إن مشكلة الفن هي مشكلة إيقاع أيضا لذلك ما تزال فكرة الفيثاغوريين قائمة إلى الآن من أن الانسجام والإيقاع أصل الوجود . ليس ثمة من نظرية تعرف الإيقاع كما ليس هناك حقيقة تحدد الإيقاع وما سيزيد الطين بلة إن لكل إبداع إيقاعه بل لكل مبدع إيقاعه الخاص الذي سوف يميزه عن معاصريه ويجعله يتفرد ويحقق منجزه الفردي المختلف جماليا وفكريا غير إن هذا الإيقاع قد يخون الفن الحقيقي ويعطي انطباعا على انه الفن الأصح والأجمل كما هتف غوتة ذات يوم منبها :

’’ الإيقاع مغر . لقد امتدحوا قصائد سخيفة تماما وذلك بسبب إيقاعها الناجح ’’

وكما يوهم نجاح الإيقاع إذا بنجاح الأثر الفني حين يتقن الفنان في أي مجال فني ترويض حدسه وتشكيله وفق معايير مضبوطة المقاييس,صارمة المؤشرات فيجيء منجزه لافتا في لحظته خلبا للأنظار والأسماع والأذهان غير انه سرعان ما يفقد ألقه ويخبو توهجه كذلك يحدث مع الأعمال التي تحاول أن تكرر نفس التجربة وتعيد إنتاجها أو تنوع عليها في عملية استنساخ سوف تُفتضح بحكم أساليبها التي تنزع إلى تكرار الأصل مع إضافة بصمة ذاتية لن تظهر كإضافة في العمل ككل ؛ كما يحتاج العمل الفني إلى امتلاء سوف يلزمه أن يتجاوز هذا الامتلاء ويتخلص منه ليقدر على تحويل المادة إلى عنصر ينبض حيوية . إن ’’اللعب ’’ والعبارة ل ’’كانت ’’ في نفس الساحة ليس أمرا معيبا غير انه سوف يصير عطالة إذا لم تكن فيه لمسة فنية مغايرة تحقق جوهر اللعب: المتعة والإضافة.


وكل استقراء لمسيرة الفن لا يضع في الحسبان هذه الأفكار هو قراءة خادعة وخائنة فتاريخ الفن هو تاريخ الطوارئ فيه , بدءا من هوميروس مرورا بهوراس والنحت في الشرق الأدنى والشعرية العربية الجاهلية و الانقلابات التي حدثت على مستوى الوعي الجمالي سواء في الأدب أو العمارة أو في أشكال تسيير الحياة اليومية في الأندلس أو ما جاءت به النهضة من أفكار والثورات التي أعلنت تمردها على أفكار النهضة الفنية وصولا إلى التحديات التي يواجهها الفن أمام الزحف الرقمي .

المهم ؛ إن الفن غير قابل للتقنين وهو يقاوم من اجل أن يبقى قيمة غير قابلة للتعديل أو المساومة في مواجهة المحاولات التي تعمل على تدجينه وضبطه وفق مذاهب أو مؤسسات أو مدارس ولقد التجأ الفن طبعا فيما ينجزه الفنانون إلى التجريبية باعتبارها سبيلا للبحث واختبار أساليب مغايرة وتحريرا للمخيلة في جموحها وهي تحلق في عوالم عير معهودة تتنفس في مناخات مختلفة و تستكشف مجاهل تُجلي ما خفي من جمالياتها غير المعهودة ؛ هو التجريب أيضا يُطَوِّع أدوات الفن من أجل الاحتفاء بأشياء الواقع العادية يتوقف عند التفاصيل الصغيرة ويحتفي باليومي في ما يتجلي من العرضي ؛ هذا الطارئ الذي سوف يؤكد قوة حضور البديهة وجمالية التلقائية ؛ إن الخوض في هذه العوالم كإفساح المجال للتخيل دونما قيد واحتفاء باليومي وما يحويه من دوني ومهمل ومهمش وتحويل كل هذا إلى مادة فنية لهو سبيل للخلق بما هو وجه من وجوه البحث عن الجمال من خارج القواعد بمنأى عن النماذج وهو ما حول وجهة الفن تماما من شيء معطى إلى بحث مستمر ودونما توقف عن الأجمل ؛ ولعل الفن هنا استفاد من العلم والتطور التكنولوجي في مجالات عدة من مثلى السينما والفن التشكيلي والعمارة والنحت والموسيقى وهو ما أدى إلى ثورة في مفهوم الأدب الذي استثمر منجزات الفنون البصرية لتطوير الأجناس الأدبية من الداخل من مثل الرواية والشعر والمسرح بل و استحداث أنواع أدبية لم تكن موجودة من قبل ؛ غير انه لا بد من التأكيد على روح المغامرة و لحظات الوعي الجمالي الفارقة التي عبر التاريخ التي أوصلت بالفن إلى تقديم منتجات فارقة أيضا ودونما أسبقية لها فلا بد من الإشارة إلى الكوميديا اللاهية وأعمال ليوناردو دافنشي وأعمال ميكيل انجلو ميريزي والملقب كارافاجيو من بعده وخاصة لوحته ’’موت العذراء’’ وقد أدخل تقنية إدخال الضوء والظلال وهو ما سيحدث ثورة فيما بعد تحدث قفزة نوعية في الفن التشكيلي في كيفية التعامل مع البياض والتعامل مع الفراغ والألوان بكيفية إحداث انقلاب في الرؤيا المألوفة للألوان سواء إن كان الطبيعية أو الاصطناعية أو الفنية ولعل أهم انقلاب في هذا السياق إن للألوان سياقاتها الدلالية وهي كائن حيوي تقول كما تقول الكلمة في الأدب وتقول كما تعبر الحجارة مرصوفة في هيكل معماري فتهتف في من يتفرج فيها جمالا مختلفا بحيث يتهجى أبجديات وجودها من خلال ترصفها وتقول كما يهتف رجل في الشارع هنا مفارقة الفن الحقيقة إنها تهب الأشياء كينونتها الحقيقية / الحقيقية ويمكن القول نفس الشيء بالنسبة لفن العمارة حيث كانت القترة القوطية هي الممهد للانقلابات الكبرى التي أنجزها مهندسو العمارة الحديثة .

إن الفن هو التجريب ؛ تجريب القدرة على احتمال الحياة في تصريفاتها المجهولة دونما اللجوء إلى قوى غيبية أو قوى موهومة ؛ الشعر قوة للتحرر ؛ ا لموسيقى قدرة على اختراق مجهول الموت؛ الفن التشكيلي تأويل مختلف ومتخلد لحالات الطبيعة في متغيراتها ؛ الطبيعة بما فيها الإنسان ومتعلقاته .

الفن هو التجريب ؛ تجريب قدرة الوعي على التأقلم مع المختلف ؛ قدرة الوعي على تحويل الموت إلى حياة ؛ قدرة نرويض ما هو متوحش على أن يكون مألوفا في نفس الوقت متوحشا ؛ قدرة تحويل ساعة الحداد إلى امتلاء أيضا . الحداد إلى امتلاء أيضا . كيف يمكن الامتلاء بالجرأة وليس فقط الإحساس بالمغامرة بل إنجاز المغامرة والخروج بشيء مختلف في صلب الجمال ؛ لعل هذا هو المطلوب ممن يبحث عن تأريخ للفن ؛ انه تأريخ انقطاعا ته مع سلفه وتأريخ بداياته المتجددة ؛ ليس ثمة من إرث للفن وليس له من ماض .

الفن لا تاريخ له غير ما يبدعه من جمالية وفق مزاجية الراهن غير ما لا يؤسسه ذلك إن الفن ليس قابلا للتاريخ كما الإنسان والطبيعة ؛ إنه الكينونة . وللحديث صلة مع ناس خرجوا عن السياقات المعتادة وأبدعوا فنجحوا خارج الأطر المعتادة في الموسيقى أو الشعر أو العمارة أو المسرح أو الطهي أو موضة الملابس أو السينما ...


 


 


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 14, 2013 03:10

اللعنة هي السبيل الأقل ضبابية لطلب الغفران



تبدو إيميلي برونتي من بين جميع النسوة موضوع لعنة متميزة .لم تكن حياتها القصيرة تعيسة دائما غير أن طهرها الأخلاقي الصافي صفع.

من اجل تقديم أفضل للخير والشر سأعود حيث الوضعية الأساسية ل ’’ الأعالي عندما الرياح’’؛إلى الطفولة زمن البداية الأولى لحب كاترين وهايثكليف.

الحياة وقد أسلمت لصبيين ثم مضت في عدْوات برية عند المستنقعات ؛وليس ثمة ما يزعج الصبيين ؛لا اكراهات؛لا مواثيق(باستثناء تلك التي تعارض الألعاب ذات الأحاسيس الجسدية ؛

غير أنه وهما في براءتها تلك اتخذ الحب الصلب للصبيين موقعا آخر).ربما كان هذا الحب أيضا اختزاليا في رفضه التخلي عن حرية طفولة برية لم ترتهن للقوانين الاجتماعية واللياقة التي تستوجبها المواثيق.

شروط هذه الحياة البرية أساسية (خارج العالم)

لقد جعلت إيميلي برونتي هذه الشروط ذات حساسية –وهي نفسها شروط الشعر ؛الشعر بدون سابقية إضمار وهي التي رفض هذا الصبي والآخر الانغلاق دونها. ما تعارض به المؤسسة اللعب الحر للسذاجة هو العقل المبني على حسابات المنفعة.المؤسسة تأتمر بالشكل الذي يجعل الديمومة ممكنة .لا يمكن للمؤسسة أن توجد إذا ما بسطت عليها هذه الحركات العفوية للطفولة سيادتها؛وهي التي ربطت هذين الصبيين بمشاعر كل واحد منهما شريك الآخر .الإكراهات الاجتماعية كانت ستطلب من الطفلين البريين أن يتخليا عن سيادتهما الساذجة ؛كانت ستطلب منهما أن ينحنيا للمواثيق المعقولة للكهول : معقولة ؛محسوبة ؛بالشكل الذي يلخصها امتياز المجموعة.

المعارضة شديدة الوضوح في كتاب إيميلي برونتي كمايقول جاك بلوندال (2) علينا ان نسجل أن في القصة :[الأحاسيس تتركز في عهد طفولة كاترين وهايثكليف]

لكن يالحظهما ؛لئن استطاع هذان الصبيان نسيان عالم الكهول زمنا فهما به موعودون .هكذا تحل الكارثة.هايثكليف الفتى المستعاد يجد نفسه مكرها على ترك المملكة العجيبة للعدْوات مع كاترين في المستنقعات .ورغم توحشها المستمر تنكر كاترين برية طفولتها : تنجذب نحو حياة هانئة؛ تسحرها إغراءاتها المتمثلة فيشخص فتى غني وحساسلطيف.الحقيقة إن زواج كاترين

بإدغار لينتون يتوفر على قيمة مزدوجة .هو ليس خسارة حقيقية .عالم ثروشكروس غرانج؛حيث ؛ قريبا من ’’ الأعالي عندما الرياح’’ يعيش لينتون وكاترين ليس في ذهن إيميلي برونتي عالما مسيجا .لينتون طيب؛ لم يتخل عن مرح الطفولة الطبيعي ؛غير إنه يركب .سيادته ترتقي أعلى من الظروف المادية التي ينتفع بها ؛ غير أنه لولم يكن على اتفاق عميق مع هذا العالم المسيج ما كان ليتمتع بأي منفعة .يعود هايثكليف غنيا بعد سفر طويل يرى أن كاترين خانت مملكة السيادة الدائمة وهي التي على ملكه جسدا وروحا .

لقد تابعت ؛بشكل منحرف ؛قصة حيث العنف المتتالي لهايثكليف يعبر عنه هدوء وبساطة الساردة.

موضوع الكتاب هو تمرد الملعون الذي أطرده القدر من مملكته والذي لاشيء يمنعه في أتون رغبته الحارقة من استعادة هذه المملكة المفقودة .

لن أواصل تقديم بالتفصيل بقية الفصول حيث الكثافة مغرية .سأكتفي بتذكير إنه ولا قانون ولا قوة ؛ الميثاق أو الرحمة ستوقف ثورة هايثكليف : الموت نفسه ؛بما إنه وبلا ندم راغبا ؛هو المتسبب في مرض كاترين وموتها التي في ذات الوقت يعتبرها ملكه.

سأتوقف عند المغزى الأخلاقي للتمرد المتولد عن تخيل وحلم إيميلي برونتي.

هو تمرد الشر ضد الخير.

وهو أساسا غير منطقي.

ماالذي تريد أن تقوله مملكة الطفولة هذه التي لا تريد الإرادة الشيطانية لهايثكليف التي ترفض التخلي عنها؟إذا لم يكن المستحيل والموت.هناك إمكانيتان للتمرد ضد هذا العالم الحقيقي الذي يسيطر عليه العقل وتؤسسه إرادة البقاء .الإمكانية الأكثر اتفاقا عليها ؛الراهنة؛ يمكن ترجمتها في رفض الأسلوب العقلي .من السهل ملاحظة أن مبدأ هذا العالم الواقعي ليس حقيقة العقل ؛لكنه العقل مركبا مع العرف ؛المتولد عن العنف او الحركات العفوية. للماضي.مثل هذا التمرد يستعرض مواجهة الخير للشر متمثلة في هذا العنف وجدوى هذه الحركات.هايثكليف يدين العالم الذي يعارضه : هو لن يستطيع بالتأكيد أن ينسبه إلى الخير طالما أنه يصارعه.لكن إذا كان يصارعه بشراسة ؛فهو واع تماما: يعلم إنه يمثل الخير والعقل.


يمقت الإنسانية والطيبة اللذين يثيران عنده القسوة.خارج القصة –وعذوبة القصة- يبدو أسلوبه اصطناعيا؛ مصطنعا.غير أنه لا يتشكل من منطق الكاتب؛ بل من الحلم.ليس ثمة في الأدب الروائي شخصية تفرض نفسها بأكثر واقعية؛وأكثر بساطة من هايثكليف؛ بل أنه يستعيد حقيقة أولية حقيقة الطفل المتمرد ضد عالم الشر؛ضد عالم الكهول؛ وهو ؛ بتمرده غير المتحفظ هو منسوب إلى عالم الشر . لم يكن لهايثكليف الاستمتاع بخرق القانون في غير هذا التمرد .يرى إن سلفة كاترين مأخوذة به فيتزوجها حتى يستطيع إيلام زوج كاترين بأكثر قدر ممكن .يجتثها وحالما يتزوجها يشرع في تضييق الخناق عليها ؛ثم يعاملها بدون رحمة فاتحا أمامها الطريق إلى اليأس . وليس من قبيل المبالغة أن يقارن جاك بلونديل(3 )جملة ساد بجملة إيميلي برونتي .يقول ساد على لسان أحد جلادي جوستين في هذا الصدد :[أي حركة ملتذة هي حركة التقويض ؛ لست أعرف حركة تدغدغ بشكل ألذ مثلها؛ليس هناك نشوة مماثلة كتلك التي نتذوقها ممنوحين لذلك الخزي الالاهي].إيميلي برونتي تجعل هايثكليف يقول:[لو كنت وُلدت في بلد قوانينه أقل قسوة والأذواق أقل أناقة لكنت وفرت لنفسي متعة إقامة تشريح بطيئة لهذين الكائنين لقضاء ليلة من اجل اللهو]




إيميلي برونتي والخرق


 


لها وحده يعود خلق شخصية متخصصة أساسا في الشر؛ من جانب فتاة متخلقة وبدون تجربة وهذه مفارقة .لكن؛ المهم؛ هاهو السبب المربك لخلق هايثكليف.

هل أن كاترين ايرنشاو متخلقة أصلا؟ هي كذلك حتى أنهاتموت بسبب عدم قدرتها على التخلص ممن كانت تحبه وهي صغيرة.لكنها وهي مدركة أن الشر يسكن دواخلها ؛تحبه إلى درجة أنها تقول هذه الجملة الحاسمة:[ انا هايثكليف][Iam Heaathcliff]

بهذا الشكل يصبح الشر في تمثل حقيقي ليس فقط حلم الشرير ولكنه وبشكل ما حلم الطيِّ[ أيضا. الموت هو العقاب المنشود المرحب به من هذا الحلم اللامسئول غير أنه ليس ثمة من حيلة حتى أن هذا الحلم لا يُحلم به.هذا ما فعله بالشقية كاترين ايرنشاو.بل هو أيضا وبنفس المقاييس فعل بإيميلي برونتي بعد أن خاضت الحالات التي وصفتها ؛ بأي شكل يمكن تشبيهها بكاترين أيرنشاو؟

ثمة في ’’ الأعالي عندما الرياح ’’ حركة شبيهة بتلك الموجودة في التراجيديا الإغريقية ؛ من حيث أن موضوع الرواية هو الخرق التراجيدي للقانون. مؤلف التراجيديا كان متفقا مع القانون الذي يصف عملية خرقه غير أنه يبني التأثرالتآلف الذي يدعيه وإذ يدعيه يتواصل لحساب خارق القانون .وفي كلتا الحالتين فالعقاب ملزم في الخرق. يدرك هايثكليف حالة من الفرح اللامحدود قبل أن يموت ؛ وأثناء موته أيضا غير ان هذه الفرحة العصفورة تراجيدية .

كاترين العاشقة لهايثكليف تموت بسبب خرقها لقانون الوفاء ؛ وهي إن لم تمت في جسمها فقد ماتت في ذهنها؛موت كاترين هو الهاجس الأبدي الذي يتحمل هايثكليف مشاق عنفه.


كما في التراجيديا الإغريقية ليس القانون هو المدان في ’’ الأعالي عندما الرياح’’ بل ما يمنعه ليس مجالا حيث ليس للإنسان ما يفعله. المجال الممنوع هوالمجال التراجيدي أو بالأحرى هو المجال المقدس.حقا إن الإنسانية تزيحه ولكن لتعليه .الممنوع يؤله ما يمنع العبور إليه.يحيل هذا العبور إلى العقاب –الموت- غير أن الممنوع/المحرم ليس فقط استدعاء بل هو حاجز.تعليمية ’’ الأعالي عندما الرياح ’’ هي نفسها تعليمية التراجيدياالإغريقية-بعيدا عن كل ديانة –إذ أن هناك حركة إلهية سكرى ليس بإمكانها أن تحتمل العالم الحكيم للحسابات. هذه الحركة مضادة للخير.الخير ينبني على هاجس حساب المنفعة العامة التي يرتبط اعتبار المستقبل بها بشكل أساسي الألوهية السكرى التي تنتسب إليها " الحركة العفوية " للطفولة هي كلها الآن في الحاضر .من الأفضل في الوقت الحاضر لتربية الأطفال التعريف العام للشر .


يحرم الكهول ألوهية مملكة للطفولة على أولئك الذين بلغوا " النضج".لكن إدانة اللحظة الحاضرة لحساب المستقبل ؛إذا لم يكن من الممكن تحاشيها هي خطأ حين لا يمكن التأكد منها .

ليس اقل من تحريم العبور السهل و الخطر ؛من الضروري العثور على مجال اللحظة "مملكة الطفولة" وهذا يستدعي خرقا مستمرا للمحرم.

وكلماكان المحرم في مأمن فإن الخرق المستمر حر .ألا يكشف الخرق اليومي –والعقاب- إيميلي برونتي-وكاترين أيرنشاو –الواحدة والأخرى أنهما ليستا فقط متخلقتين بل متخلقتين بشكل مبالغ فيه. ولماكانت الأخلاق هبي مغزى ’’ الأعالي عندما الرياح’’ فإن الأخلاق المبالغ فيها هي التحدي للأخلاق.بدون استحضار للعرض العام المضمن هنا لجاك بلونديل مجردالاحساس في هذاالصدد فهو يكتب (4):[ تظهر ايميلي برونتي قادرة على التجاوز الذي يخلصها من كل خلفية ذات اتجاه عقائدي او اجتماعي .هكذا تتشكل حيوات عديدة مثل الشماريخ المتضاعفة حيث ل واحدة إذا فكرنا في المتنافسين الأساسيين في الدراما يعبر عن تحرر شامل من المؤسسة ومن الأخلاق ؛هناك عزيمة للقطع مع العالم من أجل التحام أفضل مع الحياة في تعددها واكتشاف الخلق الفني وهو ما يرفضه الواقع .إنها الاستفاقة ؛وهي الاختبارالحقيقي للافتراضيات التي لم يطالها الشك بعد ؛ لأن تكون هذا التحرر ضرور فهذا مما لا شك فيه ؛سيحسها بأكثر كثافة أولئك الذين تكون القيم العقائديةفيهم اشد رسوخا ] هذا التوافق بين خرق القانون الأخلاقي والأخلاق المبالغ فيها هذا هو في الاخيرالمغزى النهائي من ’’ الأعالي عندما الرياح’’ لقد وصف جاك بلونديل بدقة العالم الديني؛ البرتستاني الذي يرزح تحت تأثير تنظيرات مثيرة حيث تشكلت شخصية الفتاة إيميلي .الضغط الأخلاقي والقسوة يخنقان هذا العالم .في الأثناء فإن هذه القسوة وهي تدخل في أعتبار إيميلي برونتي ليست هي نفسها التي تنبني عليها التراجيديا الإغريقية .التراجيديا هي في مستوى المحرمات الدينية الأولية من مثل القتل أو قانون العلاقات الجنسية بين أفراد العائلة الواحدة التي لا يبررها العقل . لقد تحررت إيميلي برونتي من الأرثوذوكسية ونأت عن البساطة و السذاجة المسيحية وهو ما لم يجعلها تتخلى عما تتميز به عائلتها من عادات دينية.خاصة في حدود أن المسيحية شديدة الانضباط للوفاء للخير الذي يؤسسه العقل.فالقانون الذي يغتصبه هايثكليف –والذي يحبه رغم إرادته تغتصبه كاترين أيضا – هو نفسه قبل ذلك قانون العقل .هو على الأقل قانون المجموعة الذي أسسته المسيحية بمباركة من المحرم الديني البدائي ؛والمقدس والعقل(5). في جانب ما ينفلت الرب ؛ أساس المقدس من حركات العنف العرفية التي انبني عليها في أزمنة غابرة العالم الإلاهي .


وفق هذه الشروط ثمة انزلاق بدأ:فما أزاحه المحرم البدائي بشكل أساسي هو العنف ( من حيث التطبيق فالعقل له نفس اتجاه المحرم , المحرم البدائي هونفسه متطابق مع العقل )ثمة في المسيحية ازدواجية بين الرب والعقل –ازدواجية تغذي امرارة ومن هنا بدو الجهد في الاتجاه المعاكس للجانسينيزم(ب) مثلا.وهو على إثر هذه المسيرة الطويلة للإزدواجية المسيحية انفجر في موقف إيميلي برونتي لصالح صلابة إخلاقية عفوية ؛ حلم عنف مقدس لا يمكن أن تطاله أي تركيبة ولا اتفاق مع المؤسسة المهيكلة. سبيل مملكة الطفولة –حيث تتبني الحركات السذاجة والبراءة –انوجد بهذا الشكل في رعب العقاب.

تمت استعادة طهارة الحب في الحقيقة الحميمة التي كنت قلتها ألا وهي الموت.

الموت و لحظة ألوهية سكرى يتداخلان من حيث يعارضان سويا نوايا الخير المبنية على ما يحسبه العقل.غير انهما بتعارضهما فالموت واللحظة هم النهاية الأخيرة والمخرج من كل الحسابات . الموت هو دليل اللحظة وفي الحدود التي يكون فيها هو اللحظة يتوقف عن البحث عن الديمومة .

لحظة الكائن الفردي الجديد مشروطة بموت كائنات غابت.فلو لم يكن هؤلاء قد غابوا لما وجد هؤلاء الجدد مكانا لهم. التكاثر والموت يشترطان المتجدد الخالد للحياة ؛يشترطان لحظة متجددة دائما.لهذا السبب لا يمكننا أن نتمتع بالحياة إلا من خلال نظرة تراجيدية ؛ بل لهذا السبب ايضا إن التراجيديا هي دليل المتعة.

وارد أن الرومنطيقية تقول بهذا (6)لكن بين كل الأعمال الرومنطيقية يبقى العمل المتفرد الذي أتى متاخرا والذي هو ’’ ألأعالي عندما الرياح’’ يقول ذلك بالشكل الأكثر انسانية .

الأدب ؛ الحـــرية والتجربة الصوفية

من اللافت في هذه الحركة إن تعليمامثل هذا لا يتوجه كما في المسيحية – هو أيضا كما في الديانة القديمة- إلى مجموعة منظمة حيث يصبح هو أساسهم. إنه يُعنى بالفرد ,المعزول والتائه والذي لن يقدم له شيئا إلا من خلال اللحظة : لحظة الأدب. سبيله هو الأدب الحر ؛ غير العضوي ؛ المتشظي .بهذا الشكل هو أقل من تعليم حكمة الإشراك ؛ او الكنيسة المدعوة للتنسيق مع الضرورة الاجتماعية ؛متمثلة عادة في مواثيق ( مخطئة أحيانا) ولكن أيضا مع العقل


وحده ال{ب بإمكانه أين يفضح لعبة خرق القانون – التي بدونهالن يكون للقانون نهاية- بمعزل عن نظام ينتجه .ليس من شأن الأدب ضبط الضرورة الجماعية . ليس من مهامه أن يلخص:

( ما قلته يفرض علينا احترام النظام الأساسي لقوانين المدينة)

أو كما تفعل المسيجية :

(ما قلته (تراجيديا الانجيل) يُلزمنا أن سلك سبيل الخير) (يعني العقل في الحقيقة).

الأدب ؛خطير؛ مثله مثل خرق القانون .

بما أنه غير عضوي ؛هو غير مسؤول؛ لا شيء يلزمه.بإمكانه أن يقول كل شيء.

وقد يكون ذا خطورة جسيمة( في الحدود التي هو فيها متماثل ؛وفي الجملة) إذا لم يكن تعبير [أولئك الذين تكون القيم العقائديةفيهم اشد رسوخا ]لن يكون عادة واضحا بهذا المعنى أن التمرد هو الأشد اسبصارا.غير أن المهمة الحقيقية للأدب لن تجد قبولا في غياب رغبة تواصل أساسية مع القارئ .( لا أتحدث عن كمية الكتب المعدة للتبادل بحساب جيد وبأكبر عدد ممكن)وللحقيقة فإن الأدب بحكم القرابة مرتبط منذ الرومنطيقية بتأرجح الدين ( في هذا الصدد وبشكل أقل أهمية ؛ أقل تصادم يعمل الأدب على المطالبة بإرث الدين ) وهو اقل من محتوى الدين مقارنة بالصوفية إلى الصوفية ؛ التي ؛ هي على الهامش مظهر غير اجتماعي تقريبا

نفس الشيء ؛ فالصوفية أقرب إلى الحقيقةوهو ما سأجتهد لتبيانه.

لست أعني بالتصوف تلك الأنظمة التي تنضوي تحت هذا الاسم الشاسع: إني أفكر في " التجربة الصوفية", في " الحالات الصوفية"المعاشة في العزلة .يمكننا في هذه الحالات أن ندرك حقيقة مختلفة عن تلك المرتبطة بالنفاذ عبر الأشياء (المرتبطة أخيرا بالنتائج الثقافية للنفاذ)غير أنهذه الحقيقة ليست ثابتة .فليس بإمكان الخطاب المتجانس أن يعترها ضمن حساباته .بل إنها اللامعبر عنها إذا لم نقاربها من جهتين :الشعر ووصف الشروط العامة التي لابد من توفرها للعبور إلى هذه الحالات .

هذه الشروط تستجيب بشكل حاسم للتيمات التي سبق وأن تحدثت عنها والتي ينبني عليها الانفعال الأدبي الأصيل .إنه دائما الموت- بشكل ما خراب نظام الفرد في عزلته وهو يبحث عن السعادة في الديمومة –الذي يبث القطيعة والتي لولاها ماكان ليحصل على حالة النشوة(7)ماتم العثور عليه هو البراءة ونشوة الكائن إنهما دائما في حركة القطيعة هذه والموت يضيع الكائن داخل عزلته في كل شيء باستثناء عزلته.

لا يهم ماذا سيكون هذا الشيء الآخر.إنها واقعية تتجاوز الحدود العامة رغم إنها في أعماقها غير محدودة لكنها قبل ذلك هي لا شيء : لا شيء.[ الرب هو العدم] قال إيكهارت .

أليس الكائن المحبوب هو نفسه في الحياة العامة تغطية حدود الآخرين ( إنه الكائن الوحيد الذي لا نحس أبدا أو نحس أقل حدود الفردالمتوحد في عزلة تتآكله.ما ينتمي بالخصوص إلى الحالة الصوفية هو النزوع نحو ألغاء نهائيا –بشكل قاطع- صورة العالم المضاعف الذي تتركز فيه صورة الفرد باحثا عن الديمومة .في حركة آلية ( كمافي حركة الطفولة أو الرغبة)ليس الجهد آليا : قطيعة الحدود خاملة ؛وهي ليس هذا فعل ارادة ثقافية متوترة.إنما هي صورة العالم التي تفتقد التجانس وحتى إذا ما فازت بانسجامها فشدة الرغبة تتلوها : حقا إن الرغبة تبحث عن ديمومة اللذة المتحققة في ضياع الهو لكن أليس حركتها الأولى نسيان الهو لصالح الآخر ؟ نحن لا نستطيع أن نشك في جدوى وحدة جميع الحركات للإفلات من حساب المنفعة حيث نعاني كثافة اللحظة الحاضرة. ينفلت التصوف من عفوية الطفولة كما في الظرف الطارئ للرغبة. غير أنه يستعير عبارات الإثارة من قاموس الحب ومن التأمل المتحرر لرد لفعل الخطابي على بساطةابتسامة طفل.

إنه لمصيري التاكيد على المظاهر المحايثة لعادة أدبية حديثة وحياة التصوف.والمقارنة تفرض نفسها حين يتعلق الأمر بإيميلي برونتي.

وبشكل خاص الكتاب حديث العهد لجاك بلونديل وما يمثله من حالة تصوف ؛ كما لو أ، إيميلي برونتي عاينت بدورها مثل تيريزا دافيلا رؤى ؛ لحظات تجلٍ.لعل جاك بلونديل يتقدم بدون مسوغات متينة .فهو يعمل على تحليل أي ؛ أي شيء ايجابي بإمكانه أي يدعم تأويلا .هناك آخرون قبله شعروا بهذه الخطوط العامة التي تقارب الحالات الذهنية للقديسة تيريزا بالحالات التي عبرت عنها إيميلي برونتي في شعرها .غير انه من المشكوك فيه أن كاتب ’’ الأعالي عندما الرياح ’’ قد عرف هذا الهبوط المدوخ داخله بشكل مدروس والذي هو في الأساس مبدأ تجربة تصوف محددة.


يستشهد جاك بلونديل بمجموعة من مقاطع القصائد التي تصف أحاسيس حادة وحالات اضطراب ذاتي تعكس في جميع الإمكانيات حياة روحية مرعبة مكثفة مأخوذة نحو الأبعد وتعبر عن تجربة في الأحزان أو الأفراح داخل العزلة ؛ تجربة عميقة وعاصفة إلى أبعد حد.ولا شيء في الحقيقة يدعو إلى تمييز واضح لتجربة مثل هذه أكثر من مفردة شعرية تعدها أحيانا وتأخذها ؛أكثر من بحث أشد انضباطا ؛ واقع تحت سطوة مبادئ ديانة ؛ على الأقل تمثيل للعالم ( إيجابي أو سلبي ) .هذه الحركات التائهة التي تقودها الصدفة والتي لا تتحرر إطلاقا من رد فعل متقطع بمعنى ما أحيانا هي الأكثر غنى .العالم الذي تكشفه لنا –بشكل غير دقيق – هذه القصائد شاسع ولكنه مدوخ ولكن ليس بإمكاننا لتعريفه أن نشبهه تقريبا بعالم نسبيا معروف والذي وصفه كبار المتصوفة .إنه عالم أكثر هدوء ؛ أكثر برية ؛ حيث العنف لا يذوب في إشراقات بطيئة ومعاشة طويلا .يكفي القول إنه عالم قريب من الاضطراب اللامعبر عنه حيث ’’ الأعالي عندما الرياح’’تعبيرته.

غير أني لا أريد تضييع أي الم ؛ ولا احتمال أقل تعذيب

كلما زاد الرعب من إيلامي قرب موعد الغفران.

تائهة في لهيب الجحيم حيث تلتمع ومضة ربانية

إذا ما بشرت بالموت فالرؤيا إلاهية(_8)

هي ذي في نظري الأبيات التي تهب الصورة الأكثر قوة والأشد تشخيصا للحركة المنسوبة للشعر – حيث وصف الحالة النفسية- لأيميلي برونتي.

في الأخير ليس من المهم أن نعرف في هذا الاتجاه هل أن إيميلي برونتي عاشت ما نسميه تجربة صوفية أم لا غير انه من هذه التجربة أدركت المعنى الأخير.

يقول أندريه بريتون(9) :

’’ كل شيء يحمل على الاعتقاد إنه يوجد محطة ما في الذهن حيث الموت والحياة ؛ الواقعي والخيالي ؛ الماضي والمستقبل ؛المتواصل واللامتواصل ستكف عن ا، تكون مخترقة بشكل متضاد’’


سأضيف: الخير والشر؛ الألم والفرح.هذه المحطة, الأدب العنيف وعنف التجربة الصوفية يحدد أحدهما الآخر.ليس الاتجاه مهما : المحطة وحدها مهمة.

غير انه من المهم أيضا النظر ل’’الأعالي عندما الرياح’’ ألأشد عنفا ؛ والأبلغ شعرية من جملة ما كتبت إيميلي برونتي ؛ هو اسم "المكان العالي" حيث تنكشف الحقيقة.

هو اسم البيت الملعون حيث تتم استضافة هايثكليف الذي يجلب معه اللعنة .وهنا مفارقة لافتة فبعيدا عن هذا المكان الملعون " الكائنات تتعفن"(10).فعلا فإن العنف الذي أشاعه هايثكليف كان مصدر شقاء وسعادة "لم يسمتع بها غير العنيفون".نهاية هذه القصة لأيميلي برونتي الشديدة القتامة هي هذا البزوغ المفاجئ لأشعة رقيقة من النور .

في الحدود التي يمد فيها العنف ظلاله عليه ؛ حيث الكائن يرى موته"امامه مباشرة" فالحياة خير صاف .لاشيء يمكن أن يقوضها.الموت شرطها للتجدد.


دلالة الــــــــــــــشر




في هذه الظروف المتباينة ؛ لم يعد الشر المبدأ المعارض بشكر لا رجعة فيه للنظام الطبيعي كما هو في حدود العقل .الموت الذي هو شرط الحياة والشر الذي يرتبط في حيويته بالموت هو أيضا بشكل مزدوج أساس الكائن .ليس الكائن متخصصا في الشر غير إنه وجب عليه ألا يبقى سجينا في حدود العقل ؛إذا أراد .عليه أن يقبل هذه الحدود أولا؛عليه أن يعترف بحدود العقل .لكن؛ في حدود الحاجة التي يعرفها.يجب عليه أن يعلم أن في داخله حصة غير قابلة للتجزئة؛ حصة ذات سيادة لا يمكن القبض عليها.كعادته في جميع أشكال الإيروتيزم ؛فالشر في حدود إنه يترجم هذه الجاذبية للموت؛ بما أنه تحد أيضا لم يكن غير سبب إدانة مزدوجة.إنه الشر المحتمل في كبرياء ؛ وهو نفسه ما تتحمله الحرب من جانبها في ظروف تنكشف في أيامنا هذا بلا دواء لكن في آخر الأمر هذه هي الحرب على الطريقة الامبريالية .سيصبح إذا من دون فائدة كبرى أن نحاول إخفاء أن في الشر انزلاقا دائما نحو الكارثي الذي يعبر عن الرعب وانعدام الشهية غير إنه من المفيد الإقرار أن الشر وفق وجهة نظر تدعمها جاذبية لا مبالية نحو الموت ؛ يختلف عن ذلك الشر الذي له معنى المنفعة الأنانية.فعل إجرامي "قذر"(x)يعارض "الرغبوي".يبعد القانون هذه والأخرى ؛ لكن الأدب الأكثر إنسانية هو المكان الأرفع للرغبة .غير إن الرغبة لن تنفلت من اللعنة :وحدها "حصة ملعونة" مخصصة لما له معنى أشد احتقانا(11) في حياة بشرية.

اللعنة هي السبيل الأقل ضبابية لطلب الغفران.

إن كائنا ممتلئا بذاته يقبل بكل ود العواقب الأشد سوءا في تحديه .يلزمه أحيانا أن يذهب إلى ما قبل الأمام ."الحصة الملعونة"؛هي حصة الرهان ؛ هي حصة الحظ ؛ هي أيضا حصة الخطر.

هي أيضا حصة السيادة .غير إن السيادة تتحمل المسؤولية.

عالم ’’ الأعالي عندماالرياح ’’ هو عالم سيادة فوضوية؛ سيادة عدوانية .هو أيضا عالم العقاب .

وما أن يبدأ تنفيذ العقاب تبزغ البسمة التي هي المعادل الدائم للحياة .


هوامش المؤلف:


-1-نعلم أن Wuthering Heigtsتمت ترجمتها أولا إلى الفرنسية تحت عنوان ’’ leshauts de hurlevent ’’"ترجمة بولباك"s Wuthering Heigt"تعني حيث تعصف الرياح بشدة " وهو اسم المنزل المعزول ؛ المنزل الملعون مركز القصة.


-2-جاك بلونديل :إيميلي برونتي التجربة الروحية والخلق الشعري 1955


-3-جاك بلونديل : نفس المرجع


-4- جاك بلونديل : نفسه


-5-الأكيد إنه في حدود المسيحية يؤلف العقل مع المواثيق الاجتماعية و....


-6- لقد سجل بلونديل كل ما أخذته إيميلي برونتي عن الرومنطيقية خاصة يبرون الذي من المؤكد انها اطلعت عليه .


-7- تنبني الصوفية المسيحيةعلى "موت الذات".للتصوف الشرقي نفس الأسس. يكتب مرسياإلياد:’’ في الهندتتم ترجمة المعرفة الميتافيزيقية بعبارات القطع والموت....و ينتج عن هذه المعرفة تواصل ذو طبيعة صوفية .يجتهد اليوغي من اجل قطع تواصله مع الظرف غير المقدس ؛ اللاديني...يحلم بالموت "في هذه الحياة". طبعا ؛ نحن نتابع حياة مشفوعة بانبعاث أسلوب آخر للكيان: وهو ما يتمثل في الخلاص ’’ ( اليوغا. خلود وحرية .بايو 1954ص18-19


-8-ThePrisoner. هذه القصيدة غير المكتملة وبلا عنوان أيضا في les oragesdu cœur لأيميلي برونتي ترجمة ميراي باست .سيغيرس1950ص43-45 لا استشهد بهذه الترجمة المتبعثرة تنأى عن النص .لكن ان النص الأنجليزي .اورد هنا البيت الأخير الذي أفسدته الترجمةالفرنسية :


’’ If it but herald deaththe vision is divine’’


-9- بيانات السريالية ’’ البيان الثاني’’ 1930


-10-جاك بلونديل...


-11-في "حصة اللعنة "(منشورات مينوي1949) حاولت مماثلة ما لهذه الاسس من وجهة نظر في تاريخ الديانات بوجهة النظر الاقتصادية.


هوامش المترجمين:

-أ-جورج باتاي:شاعر ؛مفكر؛روائي ولد ببيلوم بفرنسا سنة1897وتوفيب أورليان سنة1962 تولى مهمة محافظ مكتبة أورليان وأشرف على تسيير مجلة ’’ نقد’’.فيلسوف الرغبة كما يسميه بعضهم اشتهر بدراساته ذات الطابع الإيروتيكي التي تهتم بتحليل الرغبة رغم عدم انتمائه للحركة السريالية لكنه تبنى مقولاتهم حول الإيروتيزم خاصة أصدر عدة مؤلفات منها : ’’كراهية الشعر ’’سنة 1947الذي تضمن مجموعة من الأشعار وقصة بعنوان حكاية الفأر ومجموعة من الإعترافات؛ له أيضا ’’ حصة النار سنة1948و’’التجربة الداخلية ’’سنة1945؛ ’’المتهم ’’سنة1944؛ مجموعة قصصية بعنوان ’’ حكاية عين ’’’’دموع إيروس’’ وله هذا الكتاب الذي أخذنا منه هذا الفصل ’’ الأدب والشر ’’ وهو مجموعة من الدراسات النقدية حول بودلير وميشلة وايميلي برونتي؛ساد؛بروست؛كافكا ؛جان جينية؛ويليام بليك


-ب- الأعالي عندما الرياح : هناكترجمة عربية لهذه الرواية أنجزها حافظ أبو مصلح سنة 1988 وصدرت عن المكتبة الحديثة للطباعة والنشر بعنوان ’’ مرتفعات وذرنغ’’ غير إننا رأينا أن’’ الأعالي عندما الرياح ’’ تقترب أكثر من أجواء القصة كما رأتها مؤلفتها ؛ حاصة وأن الأحداث تدور بين مكانين ؛ المكان الأول عند السفح والثاني حيث تتم أغلب الأحداث وهو في منطقة عالية والعنوان في الصل الانجليزي يشير إلى المكان العالي عندما يشتد هبوب الريح فيه .


-ج- يقصد باتاي هنا العملية الجنسية وعملية التكاثر عموما sexualité

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 14, 2013 03:10

عبد الوهاب الملوح's Blog

عبد الوهاب الملوح
عبد الوهاب الملوح isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد الوهاب الملوح's blog with rss.