أحمد صبري غباشي's Blog, page 4
February 19, 2011
توابع ثورة - لكل مؤيدي مبارك
الناس اللي لسه بتدعو لـ جمعة تخرج فيها تضامناً مع مبارك وتكريماً له .. انا مش فاهم على أساس إيه .. احنا هنشتغل بعض ؟
فجأة خرجت بعض الكتابات العحيبة اللي بتتكلم عن تدهور صحة مبارك ودخوله في غيبوبة ، أو إننا كنا ظالمينه وإن ثروته - يا عيني -
بخمسة مليار بس .. مش فاهم إيه الغرض من ده يعني ؟
بس واضح إن ده وجد صدى عند البعض بدليل إنهم عاوزين يخرجوا يكرموه !
ماشي محدش أبداً موافق على شتيمة مبارك أو إهانة شخصه ..
إنما معلش برضه بنظرة كلها حيادية وموضوعية .. ما يتم ذكره من إنجازات على غرار : مترو أنفاق وقضاء على إرهاب وإسكان شباب .. دي كلها حاجات من العبث إننا نحسبها إنجازات .. دي حاجات تتأرجح بين تطورات طبيعية للعصر والزمن أو بديهيات حُكم ..
يعني إيه إني احمي البلد اللي انا حاكمها من الإرهاب وأسكن شبابها وأحسب ده إنجاز عظيم ليا ؟
يا سلام !
الإنجاز هو اللي بعدم وجوده تبقى الحياة طبيعية .. الإنجاز هو التميز مش الأبجديات ..
افتكرت إني قريت مرة مقال او كلمة لكاتب مش فاكر مين .. بيعدد فيها عظائم مبارك ويقول إنه في عهده مصر بقى فيها تليفون وتليفزيون وموبايلات وإنترنت .. والخ !
وإزاي اننا ناكرين للجميل ومش واخدين بالنا من ده كله ..
أياً كان اللي قال كده .. هو أكيد تلميذ ممتاز لـ ممتاز القط !
وبرضه بنظرة حيادية هنبص للراجل ده - مبارك - هنلاقي إنه كان ساكت على فساد كبير قاتل حاصل ، ومشارك فيه ، وطاغية ، وبيخون بلده ومتورط في علاقات مع العدو ، وعايش في بذخ وشعبه مش لاقي ياكل ، وبيصدر غازنا لإسرائيل ، ومبنشوفش منه عائد قناة سويس ، وبيحكم مع عصابة حواليه ، وكان بيجهز الكرسي لابنه على قفانا ، ولما شعبه احتج ضد الفساد قتّل فيه بعميانية شديدة وغباء وصلف .. وحارب عشان الكرسي باستماتة وأزهق أرواح كتير في سبيل ده هو ونظامه ..
حصل ده واكتر وللا لا ؟
يعني إيه بعد ده كله نطلع في مظاهرات تأييد له او تضامن معاه ؟ إيه التهريج ده ؟
احنا كده بنثبت إننا تايهين مش عارفين عاوزين إيه !
الراجل ده كان طاغية ..
ومع احترامي لأي حد .. بس انا ضد المجموعات المزعومة اللي بتعلن إنها هتخرج تتضامن معاه الجمعة الجاية ..
لأني شايف في ده إهانة للشهدا - اللي قتلهم نظام مبارك - اللي ضحوا بأرواحهم وخرجوا عشان هو يمشي ويسيب البلد ، وإهانة لثورتنا اللي أبهرت العالم كله !
اللهم بلغت .. اللهم فاشهد
فجأة خرجت بعض الكتابات العحيبة اللي بتتكلم عن تدهور صحة مبارك ودخوله في غيبوبة ، أو إننا كنا ظالمينه وإن ثروته - يا عيني -
بخمسة مليار بس .. مش فاهم إيه الغرض من ده يعني ؟
بس واضح إن ده وجد صدى عند البعض بدليل إنهم عاوزين يخرجوا يكرموه !
ماشي محدش أبداً موافق على شتيمة مبارك أو إهانة شخصه ..
إنما معلش برضه بنظرة كلها حيادية وموضوعية .. ما يتم ذكره من إنجازات على غرار : مترو أنفاق وقضاء على إرهاب وإسكان شباب .. دي كلها حاجات من العبث إننا نحسبها إنجازات .. دي حاجات تتأرجح بين تطورات طبيعية للعصر والزمن أو بديهيات حُكم ..
يعني إيه إني احمي البلد اللي انا حاكمها من الإرهاب وأسكن شبابها وأحسب ده إنجاز عظيم ليا ؟
يا سلام !
الإنجاز هو اللي بعدم وجوده تبقى الحياة طبيعية .. الإنجاز هو التميز مش الأبجديات ..
افتكرت إني قريت مرة مقال او كلمة لكاتب مش فاكر مين .. بيعدد فيها عظائم مبارك ويقول إنه في عهده مصر بقى فيها تليفون وتليفزيون وموبايلات وإنترنت .. والخ !
وإزاي اننا ناكرين للجميل ومش واخدين بالنا من ده كله ..
أياً كان اللي قال كده .. هو أكيد تلميذ ممتاز لـ ممتاز القط !
وبرضه بنظرة حيادية هنبص للراجل ده - مبارك - هنلاقي إنه كان ساكت على فساد كبير قاتل حاصل ، ومشارك فيه ، وطاغية ، وبيخون بلده ومتورط في علاقات مع العدو ، وعايش في بذخ وشعبه مش لاقي ياكل ، وبيصدر غازنا لإسرائيل ، ومبنشوفش منه عائد قناة سويس ، وبيحكم مع عصابة حواليه ، وكان بيجهز الكرسي لابنه على قفانا ، ولما شعبه احتج ضد الفساد قتّل فيه بعميانية شديدة وغباء وصلف .. وحارب عشان الكرسي باستماتة وأزهق أرواح كتير في سبيل ده هو ونظامه ..
حصل ده واكتر وللا لا ؟
يعني إيه بعد ده كله نطلع في مظاهرات تأييد له او تضامن معاه ؟ إيه التهريج ده ؟
احنا كده بنثبت إننا تايهين مش عارفين عاوزين إيه !
الراجل ده كان طاغية ..
ومع احترامي لأي حد .. بس انا ضد المجموعات المزعومة اللي بتعلن إنها هتخرج تتضامن معاه الجمعة الجاية ..
لأني شايف في ده إهانة للشهدا - اللي قتلهم نظام مبارك - اللي ضحوا بأرواحهم وخرجوا عشان هو يمشي ويسيب البلد ، وإهانة لثورتنا اللي أبهرت العالم كله !
اللهم بلغت .. اللهم فاشهد
Published on February 19, 2011 09:08
•
Tags:
توابع-ثورة-لكل-م
رسالة إلى شعب مصر
رسالة كتبتها ونشرتها يوم 9 فبراير 2011
رسالة إلى شعب مصر
كل المؤيدين والمعارضين .. اللي برة والللي جوه .. كل شخص على كوكب الأرض ممكن يكون متابع اللي بيحصل يقدر يدرك بسهولة إن مصر بتشهد فترة من أهم الفترات في تاريخها كله ، وإن الأيام دي أيام فارقة في تحديد مستقبلها ..
الثورة اللي قمنا بيها احنا الشباب مؤخراً ابتداءً من 25 يناير وحتى لحظة كتابة السطور دي ، ثورة لفتت انتباه العالم كله ، وأذهلته وأبهرته .. أبهرت الكل .. ما عدا الداخل المصري .. لأن الثورة في مصر قسمت المجتمع تلات أقسام :
- قسم نضيف : وده اللي اتحرك وقام بالثورة وآمن بيها عشان ينقذ البلد اللي كانت خلاص على شفا انهيار
- قسم غير نضيف : وده اللي هاجم الثورة وبيحاول باستماتة إنه يقضي عليها عشان يستعيد سلطاته وترجع ريما لعادتها القديمة
- قسم مُضلَّل : وده ضحية الإعلام الفاسد .. ده القسم اللي تاه بين الاتنين ومرعوب من (الفتنة والتخريب والتدخلات الخارجية) ..
والقسم الأخير ده احنا مفيش بيننا وبينه أي مشاكل لأن اللي الدافع في موقفه هو نواياه الطيبة برضه ، وحبه للبلد .. هو بس تم تغييبه بواسطة أعظم أداة تنويم مغناطيسي على وجه الأرض : التليفزيون ..
كل اللي منزلش الشارع في الفترة اللي فاتت خسر كتير .. كل اللي منزلش الشارع ، ومشافش شعب مصر وهو تحت بيهتف وبينتفض ضد الظلم ، ومشافش الصحوة اللي بجد - هيفضل تايه وميعرفش فين بالظبط الحقيقة ، وهيفضل يدور ع الحقيقة اللي عمره ما هيلاقيها في التليفزيون ..
دي رسالة مني لكل فرد في مصر .. سواء اللي في ميدان التحرير وشوارع مصر في كل المحافظات ، أو اللي قاعدين في بيوتهم ولسه مش مقتنعين بالثورة .. فوقوا .. اوعوا ينضحك عليكو باللي بيتم ..
يا اللي لسه مش عارفين الحق فين ومش مقتنعين بالثورة واللي قاموا بيها .. احنا بنحبكو والله ، ولحد دلوقت بنكافح عشان نجيب حقكو .. مش هنقولكو احنا الصح واللي بنعمله صح .. احنا بس هنطالبكو تحكموا عقلكو .. متسلموش دماغكو لحد .. عشان ده وقت تحديد المواقف .. لازم قرارك يبقى طالع منك .. انزلوا الشارع وشوفوا انتوا بنفسكو اللي حاصل .. شوفوا مين بيضرب مين ، ومين بيخرب ! ومين بيحافظ ع البلد .. لاحظوا انتوا بنفسكو الفرق بين سلوك المؤيدين لـ مبارك وبين المعارضين .. ولما توصلوا يبقى أهلاً بيكوا في مصر اللي بقت كلها ميدان للتحرير ..
ويا اللي قمتوا من أول يوم وثورتوا وانتفضتوا لحقكو .. اوعوا تناموا .. اوعوا تقتنعوا ان تم الاستجابة لينا ولمطالبنا .. اوعوا تنشغلوا بإنكو تقعدوا ع الفيس وتجمعوا حصاد الثورة .. وأطرف النكت واللافتات والمواقف وكوميديا الثورة .. لا مش وقته .. الثورة لسه مخلصتش .. فيه مئات الشهدا ماتوا .. بقى فيه تار وهنتحاسب لو سبناه .. القضية دي مات في سبيلها شباب مصري زي الورد ، فلازم نكمل .. وعشان كده هنفضل في التحرير وفي كل شوارع مصر .. خلوا كل قضيتكو الفترة دي انكو توعوا الناس اللي التبس عليها الأمر وتفهموهم الصح فين .. دوركو ع النت حالياً مهم جداً جنب نزولكو الشارع .. انشروا فضايح النظام وكذبه في كل مكان .. وانشروا فيديوهات الثورة والمقاومة والصمود ، وانشروا مواقف كل الشرفا في مصر وكتاباتهم عشان الناس تفهم !
الناس لسه عايشة في سجن "دستور يا أسيادنا" .. فيه ربط قوي بين الدستور والأسياد .. ميعرفوش إن الثوار اللي في الشوارع دول دلوقت هم أسياد الدستور .. وإن مفيش أي حاجة من مطالبنا لسه تم الاستجابة ليها .. وإنه بيتم سحبنا ببطء لـ (طاولة المفاوضات) .. لدوامة التفاصيل .. بس ميعرفوش إن شعب مصر وشباب مصر أذكى منهم مليون مرة .. دي ثورة على الفساد والظلم والدستور المهترئ .. الدستور ده كان أكبر رقعة في أمن مصر ، فأكيد مش هنقوم بالثورة عشان نرجع نلعب بقوانين نفس الدستور .. طظ في الدستور .. احنا هنبدأ من جديد بدستور ونظام جديد .. احنا قدام شرعية ثورية مش شرعية دستورية ..
عمر سليمان - نائب الرئيس - بيحاول يكسب الأحزاب لصالحه ويغرقهم في دوامة التفاصيل .. وبيظهر لإعلام الغرب بيقولهم إن اللي بيحصل في مصر مجرد تيار إسلامي .. وإن دي مش أفكار الشباب ، وإنما أفكار خارجية ، وإن شعب مصر معندوش ثقافة ديموقراطية ، وإن الشباب دول مدفوعين من الخارج ..
ده رأي عمر سليمان في اللي بيحصل .. اوعوا تنخدعوا بتغيير الوشوش .. كملوا اللي بدأتوه .. وإلا هتبقوا انتوا الضحية في الآخر ..
بعض أعضاء مجلس الشعب المزور ، ورجالة النظام القديم هم اللي بيقتلوا فيكوا دلوقت .. هم اللي بيحاربوا باستماتة عشان الأوضاع ترجع زي ما كانت ونعيش في مجتمع مشوّه تاني ، وسط الفساد والظلم والرشوة والتحرش والواسطة والبطالة والفقر والغلاء والزحمة والاعتقالات ..
مصر لازم تنضف من كل ده .. هانت .. احنا قربنا اوي .. بس بلاش نقف في النص وإلا هنبقى هدينا كل حاجة..
أنظار العالم كله بقت علينا .. مستنيين يشوفوا مصر اللي بتستعيد مجدها ، وتوحد الأمة من حواليها ، وتبني نفسها ، وغازها الطبيعي يبقى لها ، وعائد قناة سويسها يبقى بتاعها ، وخيرها كله يبقى لولادها .. مصر نضيفة وتبقى قبلة لكل الفنانين والشرفا في كل العالم ..
تخيلوا إننا قربنا اوي من تحقيق ده .. بس لازم نفهّم كل اللي محتار .. ولازم نكمل اللي بدأناه وبلاش نقف دلوقت ..
نحاول نوحّد صفنا كمصريين ونجتمع على كلمة واحدة.. وإن شاء الله ربنا مش هيضيعنا ..
التوقيع : وطني
بيحب البلد دي
رسالة إلى شعب مصر
كل المؤيدين والمعارضين .. اللي برة والللي جوه .. كل شخص على كوكب الأرض ممكن يكون متابع اللي بيحصل يقدر يدرك بسهولة إن مصر بتشهد فترة من أهم الفترات في تاريخها كله ، وإن الأيام دي أيام فارقة في تحديد مستقبلها ..
الثورة اللي قمنا بيها احنا الشباب مؤخراً ابتداءً من 25 يناير وحتى لحظة كتابة السطور دي ، ثورة لفتت انتباه العالم كله ، وأذهلته وأبهرته .. أبهرت الكل .. ما عدا الداخل المصري .. لأن الثورة في مصر قسمت المجتمع تلات أقسام :
- قسم نضيف : وده اللي اتحرك وقام بالثورة وآمن بيها عشان ينقذ البلد اللي كانت خلاص على شفا انهيار
- قسم غير نضيف : وده اللي هاجم الثورة وبيحاول باستماتة إنه يقضي عليها عشان يستعيد سلطاته وترجع ريما لعادتها القديمة
- قسم مُضلَّل : وده ضحية الإعلام الفاسد .. ده القسم اللي تاه بين الاتنين ومرعوب من (الفتنة والتخريب والتدخلات الخارجية) ..
والقسم الأخير ده احنا مفيش بيننا وبينه أي مشاكل لأن اللي الدافع في موقفه هو نواياه الطيبة برضه ، وحبه للبلد .. هو بس تم تغييبه بواسطة أعظم أداة تنويم مغناطيسي على وجه الأرض : التليفزيون ..
كل اللي منزلش الشارع في الفترة اللي فاتت خسر كتير .. كل اللي منزلش الشارع ، ومشافش شعب مصر وهو تحت بيهتف وبينتفض ضد الظلم ، ومشافش الصحوة اللي بجد - هيفضل تايه وميعرفش فين بالظبط الحقيقة ، وهيفضل يدور ع الحقيقة اللي عمره ما هيلاقيها في التليفزيون ..
دي رسالة مني لكل فرد في مصر .. سواء اللي في ميدان التحرير وشوارع مصر في كل المحافظات ، أو اللي قاعدين في بيوتهم ولسه مش مقتنعين بالثورة .. فوقوا .. اوعوا ينضحك عليكو باللي بيتم ..
يا اللي لسه مش عارفين الحق فين ومش مقتنعين بالثورة واللي قاموا بيها .. احنا بنحبكو والله ، ولحد دلوقت بنكافح عشان نجيب حقكو .. مش هنقولكو احنا الصح واللي بنعمله صح .. احنا بس هنطالبكو تحكموا عقلكو .. متسلموش دماغكو لحد .. عشان ده وقت تحديد المواقف .. لازم قرارك يبقى طالع منك .. انزلوا الشارع وشوفوا انتوا بنفسكو اللي حاصل .. شوفوا مين بيضرب مين ، ومين بيخرب ! ومين بيحافظ ع البلد .. لاحظوا انتوا بنفسكو الفرق بين سلوك المؤيدين لـ مبارك وبين المعارضين .. ولما توصلوا يبقى أهلاً بيكوا في مصر اللي بقت كلها ميدان للتحرير ..
ويا اللي قمتوا من أول يوم وثورتوا وانتفضتوا لحقكو .. اوعوا تناموا .. اوعوا تقتنعوا ان تم الاستجابة لينا ولمطالبنا .. اوعوا تنشغلوا بإنكو تقعدوا ع الفيس وتجمعوا حصاد الثورة .. وأطرف النكت واللافتات والمواقف وكوميديا الثورة .. لا مش وقته .. الثورة لسه مخلصتش .. فيه مئات الشهدا ماتوا .. بقى فيه تار وهنتحاسب لو سبناه .. القضية دي مات في سبيلها شباب مصري زي الورد ، فلازم نكمل .. وعشان كده هنفضل في التحرير وفي كل شوارع مصر .. خلوا كل قضيتكو الفترة دي انكو توعوا الناس اللي التبس عليها الأمر وتفهموهم الصح فين .. دوركو ع النت حالياً مهم جداً جنب نزولكو الشارع .. انشروا فضايح النظام وكذبه في كل مكان .. وانشروا فيديوهات الثورة والمقاومة والصمود ، وانشروا مواقف كل الشرفا في مصر وكتاباتهم عشان الناس تفهم !
الناس لسه عايشة في سجن "دستور يا أسيادنا" .. فيه ربط قوي بين الدستور والأسياد .. ميعرفوش إن الثوار اللي في الشوارع دول دلوقت هم أسياد الدستور .. وإن مفيش أي حاجة من مطالبنا لسه تم الاستجابة ليها .. وإنه بيتم سحبنا ببطء لـ (طاولة المفاوضات) .. لدوامة التفاصيل .. بس ميعرفوش إن شعب مصر وشباب مصر أذكى منهم مليون مرة .. دي ثورة على الفساد والظلم والدستور المهترئ .. الدستور ده كان أكبر رقعة في أمن مصر ، فأكيد مش هنقوم بالثورة عشان نرجع نلعب بقوانين نفس الدستور .. طظ في الدستور .. احنا هنبدأ من جديد بدستور ونظام جديد .. احنا قدام شرعية ثورية مش شرعية دستورية ..
عمر سليمان - نائب الرئيس - بيحاول يكسب الأحزاب لصالحه ويغرقهم في دوامة التفاصيل .. وبيظهر لإعلام الغرب بيقولهم إن اللي بيحصل في مصر مجرد تيار إسلامي .. وإن دي مش أفكار الشباب ، وإنما أفكار خارجية ، وإن شعب مصر معندوش ثقافة ديموقراطية ، وإن الشباب دول مدفوعين من الخارج ..
ده رأي عمر سليمان في اللي بيحصل .. اوعوا تنخدعوا بتغيير الوشوش .. كملوا اللي بدأتوه .. وإلا هتبقوا انتوا الضحية في الآخر ..
بعض أعضاء مجلس الشعب المزور ، ورجالة النظام القديم هم اللي بيقتلوا فيكوا دلوقت .. هم اللي بيحاربوا باستماتة عشان الأوضاع ترجع زي ما كانت ونعيش في مجتمع مشوّه تاني ، وسط الفساد والظلم والرشوة والتحرش والواسطة والبطالة والفقر والغلاء والزحمة والاعتقالات ..
مصر لازم تنضف من كل ده .. هانت .. احنا قربنا اوي .. بس بلاش نقف في النص وإلا هنبقى هدينا كل حاجة..
أنظار العالم كله بقت علينا .. مستنيين يشوفوا مصر اللي بتستعيد مجدها ، وتوحد الأمة من حواليها ، وتبني نفسها ، وغازها الطبيعي يبقى لها ، وعائد قناة سويسها يبقى بتاعها ، وخيرها كله يبقى لولادها .. مصر نضيفة وتبقى قبلة لكل الفنانين والشرفا في كل العالم ..
تخيلوا إننا قربنا اوي من تحقيق ده .. بس لازم نفهّم كل اللي محتار .. ولازم نكمل اللي بدأناه وبلاش نقف دلوقت ..
نحاول نوحّد صفنا كمصريين ونجتمع على كلمة واحدة.. وإن شاء الله ربنا مش هيضيعنا ..
التوقيع : وطني
بيحب البلد دي
Published on February 19, 2011 09:04
•
Tags:
رسالة-إلى-شعب-مصر
February 17, 2011
من جوانب الثورة المصرية جـ 1
كُتبت بتاريخ الأحد - 30 يناير 2011
أنا مبارك
أنا الرئيس مبارك .. شاهدت ثورة الشعب المصري ، وسمعت الهتافات ضدي ، ورأيت صوري تتحطم ويدوسونها ، وعرفت أن العالم كله يدينني ، وأنا الآن متضايق ..
حسناً يا شعب .. لقد صارت اللعبة الآن : هي من فينا الأطول نفساً ..
وسنرى !
مسئول حكومي رفيع المستوى
مرحباً .. أنا مسئول حكومي من العيار الثقيل .. أنتمي للنظام الفاسد طبعاً .. بدأتُ أسمع بعض الأقاويل واللغط عن وقفات احتجاجية ومظاهرات سلمية في يوم 25 من شهر يناير الجاري .. يا للملل ! .. ألن ييأس هؤلاء الشباب ؟ .. مجموعة من الشباب الخرع الفارغ الذي يعشق إحداث الصخب والتشدق بما لا يفهم ولا يعي من مصطلحات كالحرية والديموقراطية .. ما لهم وما للحرية والديموقراطية ؟ .. عيشتهم في مصر ميت فل وعشرة ، وعليهم أن يحمدوا ربهم .. ماذا يظنون أنفسهم ؟ .. ولّى منذ زمن عهد الثورات والضباط الأحرار والغضب وكل هذا الهراء أيها الحمقى .. الآن هذا عصرنا .. نحن نملك مصر ..
حسناً فليقيموا ما شاءوا من أيام احتجاجية أو سلمية .. فقط بشرط ألا يعكروا صفو حياتي وليسمحوا لي بمص دمائهم ونهب أموالهم ..
الثلاثاء 25 يناير :
ما كل هذه الجموع الغاضبة ؟ .. لم نتفق على هذا !! .. ظننت أنهم سيكونون بعض العشرات من الأشخاص الذين سيقضون نهارهم يسبون نظامنا ، ويبيتون ليلتهم في أقسام شرطتنا .. لكن كل هؤلاء الآلاف ؟؟ .. في كل أنحاء القاهرة .. وأنباء عن آلاف محتشدة في الإسكندرية .. في السويس .. في المنصورة .. في الغربية .. كفوا عن الهتاف أيها الملاعين .. تريدون إسقاط النظام ؟؟ إسقاط الحكومة ؟ .. كيف تجرءون على قول هذا ؟؟ .. حبيب العادلي باطل ؟؟ جمال مبارك باطل ؟؟؟ أحمد عز باطل ؟؟؟ مجلس الشعب باطل ؟؟؟ .. الرئيس مبارك باطل يا ملاعين ؟؟ الرئيس مبارك - رعاه الله وحفظ مقامه وأمد في عمره وبارك في صحته - باطل ؟؟؟ .. لابد من التصرف ومواجهة الأمر بأقصى سرعة .. فلتملئوا الشوارع يا رجال الشرطة ويا دُمى الأمن المركزي .. بوركت سواعدكم ولا بارك الله لكم في رحمتكم وعقولكم !
الأربعاء 26 يناير :
الأمور تخرج عن السيطرة ، وبدأت وكالات الأنباء العربية والعالمية تهتم بما يحدث .. يا للنهار الغائم ! .. هذه الجموع الغاضبة لا تريد أن تهدأ .. لقد خرجت ولن ترضخ حتى يكون لهم ما أرادوا .. إنه الاعتصام الاعتصام حتى يسقط النظام - كما يقولون .. .. ما مصدر هذه الثورات وهذا الإصرار ؟ الإنترنت ؟؟ .. ومن فعلها ؟ شباب الفيسبوك ؟؟ .. لقد جلبنا الفيسبوك لكم ليشغلكم عنا يا ملاعين لا لكي يحشدكم ضدنا !! .. ثم ما كل هذا الوعي والتحضر في التظاهر ؟؟ نريد أن نصيد لكم خطئاً واحداً !! .. هناك أنباء عن تجمعات جماهيرية أخرى يوم الجمعة .. ماذا يسمونها ؟؟ ثورة الحرية ؟؟ هع ! والله عال .. والجمعة القادمة هي (جمعة الغضب) ؟؟ .. حسناً .. ستفرون جرياً إلى جحوركم كالفئران عندما ترون غضبنا الساطع !
الخميس 27 يناير :
لماذا تهدد ثرواتنا وأعمالنا في الخارج والداخل أيها الشعب القاسي ؟؟ .. لماذا أنتم مصممون على الاستمرار حتى الجمعة ، وتراهنون بكل ما لديكم على هذا الاستمرار ؟ .. لابد من وقف هذه الفوضى بأي ثمن !! .. يا إعلامنا المضلل الجميل .. اشغلوا الناس عما يحدث .. حدثوهم عن المشاكل في لبنان .. واستخفوا أمامهم بما يحدث هنا في مصر .. قولوا أن الاضطرابات في البلاد هي نتاج أعمال شغب وهي بالطبع تحت السيطرة .. قولوا أن الإخوان المسلمين كالعادة يسعون إلى إحراق البلد وخرابها حتى يـ... أحمد عز باشا ، لماذا تحزم حقائبك وتبدو مضطرباً هكذا ؟ .. اممم حسناً مع السلامة .. ويا حزبنا الوطني أطلق بلطجيتك ليندسوا في صفوفهم واجعلهم يقومون بالتخريب لتشويه صورتهم أمام العالم كي يعطونا سبباً لـ .. سيدنا جمال مبارك ، إلى أين تذهب ؟ لماذا تعدو خائفاً في اتجاه لندن ؟ تشعر بصداع ؟ .. عسى الله أن يكتب لك الشفاء في لندن الحبيبة .....
فتُسكتوا هذه الهتافات إنها تربكني !!! .. سنوقف هذه الثورة مهما كان الثمن .. لن تبلغوا يوم الجمعة يا ثوار الفيسبوك العظماء .. سنوقف هذه الثورة بالدم .. بأرواحكم .. افصلوا عنهم الإنترنت الذي يحشدهم ضدنا بمثل هذا الشكل !!! امنعوا هذه التحركات المنظمة !!!
الجمعة 28 يناير :
الثورة في القاهرة رغم الضحايا .. عشرات الألوف يصرخون في القاهرة .. في الإسكندرية .. في المنصورة .. في الغربية .. في أسيوط .. في الشرقية .. في دمياط .. في أسوان .. إن مصر كلها تصرخ .. أفراد شعب مصر يريدون إسقاط النظام .. اخرسوا جميعاً !!! صارت فضيحتنا عظيمة أمام العالم .. حسناً حسناً سنبدأ النظر فيما تريدون لكن اصمتوا .. اسكتوا يا أولاد الكلاب يا جاحدين .. حرمناكم من الإنترنت ومن كل أشكال الاتصالات فكيف خرجتم ؟؟ هواتفكم ميتة .. لا تحطموا كل صور الرئيس مبارك بمثل الشكل القاسي !!! .. قنابل الغاز المسيلة للدموع لم تُسكتكم .. الرصاص المطاطي لم يوقفكم .. والرصاص الحي لم يردعكم .. ما هذا ؟؟ .. يا عساكر الأمن المركزي عودوا إلى صفوفكم !! يا لواءات الشرطة عودوا إلى صوابكم !!! .. لماذا تتركون مهمتكم وتندمجون وسط الجماهير ؟؟ .. عليكم اللعنة ، أظننتم أنكم من لحم ودم ؟؟ أنتم مجرد عرائس نحركها .. عساكر على رقعة شطرنج نتحكم نحن في مساراتها !! .. لعنة الله عليكم يا خونة !! .. لم تشهد مصر في تاريخها كله حدثاً مثل هذا .. ونظامنا أضعف من أن يتحمل هذه الضربة .. ربنا يستر !
السبت 29 يناير :
ها قد أعلن الرئيس عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة أحمد شفيق ، وعيّن عمر سليمان نائباً له .. هه ماذا تريدون بعد ذلك ؟ .. ها قد أصبح لكم صوت ، وأصبحت لمطالبكم استجابة يا أولاد المحظوظة !! .. ماذا ؟؟ تريدون إسقاط الرئيس ؟؟؟.. لقد زاد الأمر عن حده .. فلنواجهكم بأسلحتنا بأعنف ما يمكن .. وسنفرض عليكم حظر تجوال وأحذركم من كسره .. آن لكم أن تقبعوا في بيوتكم وتربوا عيالكم .. الآن سنفتح السجون ونخرج ما فيها من مجرمين ليهددوا أمنكم .. سنتبع سياسة العدو فيكم : سنشغلكم بأنفسكم حتى نرتع نحن كيف شئنا فيما نملك أو فيما نريد أن نملك ..
يتبع طبعاً ......
أحمد صبري غباشي
أنا مبارك
أنا الرئيس مبارك .. شاهدت ثورة الشعب المصري ، وسمعت الهتافات ضدي ، ورأيت صوري تتحطم ويدوسونها ، وعرفت أن العالم كله يدينني ، وأنا الآن متضايق ..
حسناً يا شعب .. لقد صارت اللعبة الآن : هي من فينا الأطول نفساً ..
وسنرى !
مسئول حكومي رفيع المستوى
مرحباً .. أنا مسئول حكومي من العيار الثقيل .. أنتمي للنظام الفاسد طبعاً .. بدأتُ أسمع بعض الأقاويل واللغط عن وقفات احتجاجية ومظاهرات سلمية في يوم 25 من شهر يناير الجاري .. يا للملل ! .. ألن ييأس هؤلاء الشباب ؟ .. مجموعة من الشباب الخرع الفارغ الذي يعشق إحداث الصخب والتشدق بما لا يفهم ولا يعي من مصطلحات كالحرية والديموقراطية .. ما لهم وما للحرية والديموقراطية ؟ .. عيشتهم في مصر ميت فل وعشرة ، وعليهم أن يحمدوا ربهم .. ماذا يظنون أنفسهم ؟ .. ولّى منذ زمن عهد الثورات والضباط الأحرار والغضب وكل هذا الهراء أيها الحمقى .. الآن هذا عصرنا .. نحن نملك مصر ..
حسناً فليقيموا ما شاءوا من أيام احتجاجية أو سلمية .. فقط بشرط ألا يعكروا صفو حياتي وليسمحوا لي بمص دمائهم ونهب أموالهم ..
الثلاثاء 25 يناير :
ما كل هذه الجموع الغاضبة ؟ .. لم نتفق على هذا !! .. ظننت أنهم سيكونون بعض العشرات من الأشخاص الذين سيقضون نهارهم يسبون نظامنا ، ويبيتون ليلتهم في أقسام شرطتنا .. لكن كل هؤلاء الآلاف ؟؟ .. في كل أنحاء القاهرة .. وأنباء عن آلاف محتشدة في الإسكندرية .. في السويس .. في المنصورة .. في الغربية .. كفوا عن الهتاف أيها الملاعين .. تريدون إسقاط النظام ؟؟ إسقاط الحكومة ؟ .. كيف تجرءون على قول هذا ؟؟ .. حبيب العادلي باطل ؟؟ جمال مبارك باطل ؟؟؟ أحمد عز باطل ؟؟؟ مجلس الشعب باطل ؟؟؟ .. الرئيس مبارك باطل يا ملاعين ؟؟ الرئيس مبارك - رعاه الله وحفظ مقامه وأمد في عمره وبارك في صحته - باطل ؟؟؟ .. لابد من التصرف ومواجهة الأمر بأقصى سرعة .. فلتملئوا الشوارع يا رجال الشرطة ويا دُمى الأمن المركزي .. بوركت سواعدكم ولا بارك الله لكم في رحمتكم وعقولكم !
الأربعاء 26 يناير :
الأمور تخرج عن السيطرة ، وبدأت وكالات الأنباء العربية والعالمية تهتم بما يحدث .. يا للنهار الغائم ! .. هذه الجموع الغاضبة لا تريد أن تهدأ .. لقد خرجت ولن ترضخ حتى يكون لهم ما أرادوا .. إنه الاعتصام الاعتصام حتى يسقط النظام - كما يقولون .. .. ما مصدر هذه الثورات وهذا الإصرار ؟ الإنترنت ؟؟ .. ومن فعلها ؟ شباب الفيسبوك ؟؟ .. لقد جلبنا الفيسبوك لكم ليشغلكم عنا يا ملاعين لا لكي يحشدكم ضدنا !! .. ثم ما كل هذا الوعي والتحضر في التظاهر ؟؟ نريد أن نصيد لكم خطئاً واحداً !! .. هناك أنباء عن تجمعات جماهيرية أخرى يوم الجمعة .. ماذا يسمونها ؟؟ ثورة الحرية ؟؟ هع ! والله عال .. والجمعة القادمة هي (جمعة الغضب) ؟؟ .. حسناً .. ستفرون جرياً إلى جحوركم كالفئران عندما ترون غضبنا الساطع !
الخميس 27 يناير :
لماذا تهدد ثرواتنا وأعمالنا في الخارج والداخل أيها الشعب القاسي ؟؟ .. لماذا أنتم مصممون على الاستمرار حتى الجمعة ، وتراهنون بكل ما لديكم على هذا الاستمرار ؟ .. لابد من وقف هذه الفوضى بأي ثمن !! .. يا إعلامنا المضلل الجميل .. اشغلوا الناس عما يحدث .. حدثوهم عن المشاكل في لبنان .. واستخفوا أمامهم بما يحدث هنا في مصر .. قولوا أن الاضطرابات في البلاد هي نتاج أعمال شغب وهي بالطبع تحت السيطرة .. قولوا أن الإخوان المسلمين كالعادة يسعون إلى إحراق البلد وخرابها حتى يـ... أحمد عز باشا ، لماذا تحزم حقائبك وتبدو مضطرباً هكذا ؟ .. اممم حسناً مع السلامة .. ويا حزبنا الوطني أطلق بلطجيتك ليندسوا في صفوفهم واجعلهم يقومون بالتخريب لتشويه صورتهم أمام العالم كي يعطونا سبباً لـ .. سيدنا جمال مبارك ، إلى أين تذهب ؟ لماذا تعدو خائفاً في اتجاه لندن ؟ تشعر بصداع ؟ .. عسى الله أن يكتب لك الشفاء في لندن الحبيبة .....
فتُسكتوا هذه الهتافات إنها تربكني !!! .. سنوقف هذه الثورة مهما كان الثمن .. لن تبلغوا يوم الجمعة يا ثوار الفيسبوك العظماء .. سنوقف هذه الثورة بالدم .. بأرواحكم .. افصلوا عنهم الإنترنت الذي يحشدهم ضدنا بمثل هذا الشكل !!! امنعوا هذه التحركات المنظمة !!!
الجمعة 28 يناير :
الثورة في القاهرة رغم الضحايا .. عشرات الألوف يصرخون في القاهرة .. في الإسكندرية .. في المنصورة .. في الغربية .. في أسيوط .. في الشرقية .. في دمياط .. في أسوان .. إن مصر كلها تصرخ .. أفراد شعب مصر يريدون إسقاط النظام .. اخرسوا جميعاً !!! صارت فضيحتنا عظيمة أمام العالم .. حسناً حسناً سنبدأ النظر فيما تريدون لكن اصمتوا .. اسكتوا يا أولاد الكلاب يا جاحدين .. حرمناكم من الإنترنت ومن كل أشكال الاتصالات فكيف خرجتم ؟؟ هواتفكم ميتة .. لا تحطموا كل صور الرئيس مبارك بمثل الشكل القاسي !!! .. قنابل الغاز المسيلة للدموع لم تُسكتكم .. الرصاص المطاطي لم يوقفكم .. والرصاص الحي لم يردعكم .. ما هذا ؟؟ .. يا عساكر الأمن المركزي عودوا إلى صفوفكم !! يا لواءات الشرطة عودوا إلى صوابكم !!! .. لماذا تتركون مهمتكم وتندمجون وسط الجماهير ؟؟ .. عليكم اللعنة ، أظننتم أنكم من لحم ودم ؟؟ أنتم مجرد عرائس نحركها .. عساكر على رقعة شطرنج نتحكم نحن في مساراتها !! .. لعنة الله عليكم يا خونة !! .. لم تشهد مصر في تاريخها كله حدثاً مثل هذا .. ونظامنا أضعف من أن يتحمل هذه الضربة .. ربنا يستر !
السبت 29 يناير :
ها قد أعلن الرئيس عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة أحمد شفيق ، وعيّن عمر سليمان نائباً له .. هه ماذا تريدون بعد ذلك ؟ .. ها قد أصبح لكم صوت ، وأصبحت لمطالبكم استجابة يا أولاد المحظوظة !! .. ماذا ؟؟ تريدون إسقاط الرئيس ؟؟؟.. لقد زاد الأمر عن حده .. فلنواجهكم بأسلحتنا بأعنف ما يمكن .. وسنفرض عليكم حظر تجوال وأحذركم من كسره .. آن لكم أن تقبعوا في بيوتكم وتربوا عيالكم .. الآن سنفتح السجون ونخرج ما فيها من مجرمين ليهددوا أمنكم .. سنتبع سياسة العدو فيكم : سنشغلكم بأنفسكم حتى نرتع نحن كيف شئنا فيما نملك أو فيما نريد أن نملك ..
يتبع طبعاً ......
أحمد صبري غباشي
Published on February 17, 2011 02:40
•
Tags:
من-جوانب-الثورة-ا
February 13, 2011
حكاية : س
يُحكى أنه في وقتٍ من أوقات الله المنقضية.. وقتٌ مهما دار فيه من ملاحم وأهوال فلن يؤثر في ناموس الكون، ولن يُحدث خللاً في ترتيب الفضاء السرمدي.. في وقتٍ كهذا يُحكى أن حاكماً حَكَم لفترةٍ طويلة وبلغ جبروته الذروة، وانتعشت حركة الاعتقالات مستيقظةً من سباتها، وتجلت كل المظاهر لديكتاتورية شبقة تتوق لأفاعيل حاكمٍ ديكتاتور..
تكررت نفس المشاهد التي كنا نقرأها في كتب التاريخ المكسوة بالغبار، والتي كنا نشاهدها في أفلامنا القديمة..
وجوه الثوّار احمرت غضباً، الأقلام المتحمسة تكسو الصفحات، وإعلامٌ يظل فاسداً لأنه طوع أمر الحاكم..
ووسط هذا كله انطلقت كلاب الحاكم مشمشمةً تبحث عن كل من كفر بالحاكم وعرش الحاكم، واكتظت المعتقلات..
اعتقلوا على رأس من اعتُقِل الكاتب (س) الذي أشعل - وحده - التمرد في الشعب مراراً وتكراراً..
(س) الذي دوّخ كلاب الحاكم، والذي أذل قلمه ناصية كل آثمٍ في البلاد..
أدرك الحاكم أن (س) هو المتحكم في قلوب الشعب قاطبةً فأذّن في كلابه أن اخرسوا هذا الصوت..
أودع (س) أقذر السجون، وكان ما يثير جنونه أنه سيُحرم من الكتابة للشعب، وحتى ولو سمحوا له باصطحاب أوراق وقلم داخل سجنه - وهذا من رابع المستحيلات - فإنه بهذا يكتب لنفسه فقط..
هو المسئول عن يقظة هذا الشعب.. هو القادر على أن يُحدث شيئاً.. من لهذا الوطن بعد الله غيره؟
تمكن (س) بأحد الحيل أن يصطحب معه هاتفه المحمول داخل السجن؛ مخفياً إياه عن عيون كلاب الحاكم.. وبالاتفاق المسبق مع الزميل (ص) أوصى بأن يتم تحويل الرصيد بصورة مستمرة لهاتفه المحمول هذا..
وطفق (س) يكتب ليل نهار قصصه ومقالاته المستعرة ناراً على محموله في ظلمة السجن.. داوم على إرسال هذه الأعمال - مستخدماً محموله - للجهات الكثيرة التي تعامل معها دوماً، والتي تتوق هي نفسها لنشر ما يكتب..
وعادت قصصه ومقالاته لتزيين الصحافة الثائرة تحت توقيع: وطني..
وعلى عرشه لم يكف الحاكم عن الانتفاض غضباً لمّا علم بأمر هذا الـ (وطني) - أو ربما كان ينتفض بسبب بعض النتوءات غير المريحة في كرسي عرشه.. لا أحد يعلم! -.. وانتاب السعار كلابه..
انطلقوا يعيثون فساداً في الأرض من جديد..
وعلم (س) بنبأ مقتل (ص) .. بكى يومها كما لم يبكِ منذ زمنٍ بعيد، وحزن كثيراً لمّا أيقن أن مصير نشر أعماله هو التوقف لأن رصيد هاتفه المحمول سينفذ نتيجة لموت (ص) ..
ومر يومان و (س) يخزن أعماله - محسوراً - على جهازه.. وذات ساعة فوجئ بتحويل الرصيد إليه..
لا يدري من أين!.. لكن من قال أنه يهتم!.. سارع على الفور بإرسال ما خزّنه للجهات المعتادة..
كان يصر دوماً على التنبيه بضرورة التوقيع: وطني.. بدلاً من اسمه؛ كي لا يكشف الكلاب أمره ويبحثوا فيما يخصه ويفتشوا ثيابه ويصادروا الجهاز؛ فيتوقف نشر ما يكتب للأبد ويموت مقهوراً.. وأيضاً كي يدرك الحاكم وكلابه أنهم ان استطاعوا أن يخرسوا صوتاً.. فإن ذلك لن يمثل النهاية السعيدة التي يحلمون بها.. وأنه ستظهر آلاف الأصوات كي تبرهن على عجزهم أمام إرادة الشعب..
ظلت تحويلات الرصيد التي لا يدري مصدرها تأتيه دوماً، وظل يتجاهل التفكير في مصدرها مؤمناً أن هذا لا يهم. شاغلاً نفسه بقضايا أكبر..
وظل لا يعلم أن كل طفل في البلاد يدّخر من مصروفه ليقوم بتحويل رصيد لرقم هاتف (س) المحمول..
وعلى عرشه ظل الحاكم ينتفض غضباً لما بلغ لهذا الـ (وطني) من تأثير..
أو ربما كان ينتفض بسبب بعض النتوءات غير المريحة في كرسي عرشه..
لا أحد يعلم!
أحمد صبري غباشي
الثلاثاء - 2 مايو 2006
من كتاب : نادماً خرج القط - الصادر في يناير 2008
http://www.facebook.com/nademan5araga...
تكررت نفس المشاهد التي كنا نقرأها في كتب التاريخ المكسوة بالغبار، والتي كنا نشاهدها في أفلامنا القديمة..
وجوه الثوّار احمرت غضباً، الأقلام المتحمسة تكسو الصفحات، وإعلامٌ يظل فاسداً لأنه طوع أمر الحاكم..
ووسط هذا كله انطلقت كلاب الحاكم مشمشمةً تبحث عن كل من كفر بالحاكم وعرش الحاكم، واكتظت المعتقلات..
اعتقلوا على رأس من اعتُقِل الكاتب (س) الذي أشعل - وحده - التمرد في الشعب مراراً وتكراراً..
(س) الذي دوّخ كلاب الحاكم، والذي أذل قلمه ناصية كل آثمٍ في البلاد..
أدرك الحاكم أن (س) هو المتحكم في قلوب الشعب قاطبةً فأذّن في كلابه أن اخرسوا هذا الصوت..
أودع (س) أقذر السجون، وكان ما يثير جنونه أنه سيُحرم من الكتابة للشعب، وحتى ولو سمحوا له باصطحاب أوراق وقلم داخل سجنه - وهذا من رابع المستحيلات - فإنه بهذا يكتب لنفسه فقط..
هو المسئول عن يقظة هذا الشعب.. هو القادر على أن يُحدث شيئاً.. من لهذا الوطن بعد الله غيره؟
تمكن (س) بأحد الحيل أن يصطحب معه هاتفه المحمول داخل السجن؛ مخفياً إياه عن عيون كلاب الحاكم.. وبالاتفاق المسبق مع الزميل (ص) أوصى بأن يتم تحويل الرصيد بصورة مستمرة لهاتفه المحمول هذا..
وطفق (س) يكتب ليل نهار قصصه ومقالاته المستعرة ناراً على محموله في ظلمة السجن.. داوم على إرسال هذه الأعمال - مستخدماً محموله - للجهات الكثيرة التي تعامل معها دوماً، والتي تتوق هي نفسها لنشر ما يكتب..
وعادت قصصه ومقالاته لتزيين الصحافة الثائرة تحت توقيع: وطني..
وعلى عرشه لم يكف الحاكم عن الانتفاض غضباً لمّا علم بأمر هذا الـ (وطني) - أو ربما كان ينتفض بسبب بعض النتوءات غير المريحة في كرسي عرشه.. لا أحد يعلم! -.. وانتاب السعار كلابه..
انطلقوا يعيثون فساداً في الأرض من جديد..
وعلم (س) بنبأ مقتل (ص) .. بكى يومها كما لم يبكِ منذ زمنٍ بعيد، وحزن كثيراً لمّا أيقن أن مصير نشر أعماله هو التوقف لأن رصيد هاتفه المحمول سينفذ نتيجة لموت (ص) ..
ومر يومان و (س) يخزن أعماله - محسوراً - على جهازه.. وذات ساعة فوجئ بتحويل الرصيد إليه..
لا يدري من أين!.. لكن من قال أنه يهتم!.. سارع على الفور بإرسال ما خزّنه للجهات المعتادة..
كان يصر دوماً على التنبيه بضرورة التوقيع: وطني.. بدلاً من اسمه؛ كي لا يكشف الكلاب أمره ويبحثوا فيما يخصه ويفتشوا ثيابه ويصادروا الجهاز؛ فيتوقف نشر ما يكتب للأبد ويموت مقهوراً.. وأيضاً كي يدرك الحاكم وكلابه أنهم ان استطاعوا أن يخرسوا صوتاً.. فإن ذلك لن يمثل النهاية السعيدة التي يحلمون بها.. وأنه ستظهر آلاف الأصوات كي تبرهن على عجزهم أمام إرادة الشعب..
ظلت تحويلات الرصيد التي لا يدري مصدرها تأتيه دوماً، وظل يتجاهل التفكير في مصدرها مؤمناً أن هذا لا يهم. شاغلاً نفسه بقضايا أكبر..
وظل لا يعلم أن كل طفل في البلاد يدّخر من مصروفه ليقوم بتحويل رصيد لرقم هاتف (س) المحمول..
وعلى عرشه ظل الحاكم ينتفض غضباً لما بلغ لهذا الـ (وطني) من تأثير..
أو ربما كان ينتفض بسبب بعض النتوءات غير المريحة في كرسي عرشه..
لا أحد يعلم!
أحمد صبري غباشي
الثلاثاء - 2 مايو 2006
من كتاب : نادماً خرج القط - الصادر في يناير 2008
http://www.facebook.com/nademan5araga...
Published on February 13, 2011 08:06
•
Tags:
حكاية-س
November 19, 2010
ارتبـاط
صَنعتُكِ ،
وصرتِ ملكي إلى حدٍ بعيد ..
أبعد من خاطر فقدك..،
وخاطر فقدك يكمن فقط ؛
في الأرض السابعة ..في جذر قبرنا ،
وفي السماوات .. حيث تصعد روحي ،
وروحك ..
وحتى هذا فقدٌ مؤقت ..
لأنه سيكون متبوعاً ؛
بوثيقة زواج أبدية ،
لا طلاق فيها .. ولا نزاع ..
سيكون هذا وقت الشَّبَع ..
الذي لا شَبَعَ منه !
وصرتِ ملكي إلى حدٍ بعيد ..
أبعد من خاطر فقدك..،
وخاطر فقدك يكمن فقط ؛
في الأرض السابعة ..في جذر قبرنا ،
وفي السماوات .. حيث تصعد روحي ،
وروحك ..
وحتى هذا فقدٌ مؤقت ..
لأنه سيكون متبوعاً ؛
بوثيقة زواج أبدية ،
لا طلاق فيها .. ولا نزاع ..
سيكون هذا وقت الشَّبَع ..
الذي لا شَبَعَ منه !
Published on November 19, 2010 06:00
February 20, 2010
ومِنَ النَّشرِ ما قَتَل !
قال الكاتب الكبير (محمد عفيفي) ذات مرة : "ليس الثمن المكتوب على غلاف الكتاب هو الذي يحدد قيمته ، فرُبَّ كتابٍ يُباع غالياً ولا يزال مع ذلك كتاباً رخيصاً "
* * * *
نعم .. توجد فوضى واضحة في عملية النشر .. فمِن حول أصحاب المواهب النظيفة التي تنبت بين حينٍ وآخر ، يتكاثر من هم ليسوا كذلك .. ترى الآن كل شخص يكتب في أي شئ ، ويقتحم بجرأةٍ مجالاتٍ لا ناقة له فيها ولا جمل .. الإلحاد وقضايا الديانات لم تعد تخص الفلاسفة وكبار المفكرين كما كانت في السابق .. أنت الآن في 2010 ، حيث لا عجب في أن يرسل لك صديقك (تيكست) كتابه الجديد على (الإيميل) الذي يحوي أفكاره بشأن الإسلام ، ووجود الله ، وما لا يعجبه في المسيحية ، وما يستهويه في البوذية !!!
هذه الأمور التي كانت تشغل الخاصة ، قد أصبحت مشاعاً للعامة ، وفي متناول يد الجميع !
ما هي الموضة في رأيك هذه الأيام ؟ الأدب الساخر ؟ .. فلنكتب كتاباً ساخراً ، والخلطة معروفة : شوية تريقة على أوضاع البلد + توضيب نكت على كم مسئول على حبة أباحة .. وتصير محط الأنظار !
فلتكتب ما تشاء ما دمتَ تدفع !
فلتساهم في تشكيل وعي وثقافة هذا الجيل ما دمتَ تدفع !
هل أنت أهلٌ لهذا ام لا ؟
لا يهم ، فأنت تدفع !
لهذا أحترم - وبشدة - دور النشر ، على قلتها ، التي ترى أن النشر فعلاً رسالة خطيرة لا تقل في أهميتها عن أي رسالة إبداعية أخرى .. بل ربما أخطر .. لأن النشر هو من يوصل هذا الإبداع للناس .. ويجب أن يملك الناشر هذه الحاسة كما يملك آلة حاسبة !
القضية ليست في تعدد دور النشر .. كل المشكلة تكمن في خلل مفهوم النشر نفسه لدى الكثيرين ممن يمارسون هذا العمل ..وأعتقد أن الكثيرين من أبناء جيلي الذين خاضوا تجربة النشر يتفقون معي في هذا ..
أعترف أني لا أمتلك الخبرة التي تكفي لتجعلني أصدر أحكاماً في هذا الموضوع .. لكن سوء الوضع يمكن ملاحظته بسهولة !
أعرف أنه في الخارج توجد مؤسسات أدبية وثقافية تعتني بالكاتب ، وتعتبره مشروعها الخاص .. تتبنى موهبته وتروّج له ، وتتولى كل أمور الطباعة والنشر والدعاية والإعلان من الألف إلى الياء .. هذه الصورة - التي تحول الكتّاب هناك إلى كيانات ثقافية تُحترم - هي صورة مشرفة طبعاً .. هذه الصورة يفكر فيها كل كاتب هنا في مصر وهو يتنهد حالماً بغدِ مشرق وعالمٍ أفضل !
أحمد صبري غباشي
* * * *
نعم .. توجد فوضى واضحة في عملية النشر .. فمِن حول أصحاب المواهب النظيفة التي تنبت بين حينٍ وآخر ، يتكاثر من هم ليسوا كذلك .. ترى الآن كل شخص يكتب في أي شئ ، ويقتحم بجرأةٍ مجالاتٍ لا ناقة له فيها ولا جمل .. الإلحاد وقضايا الديانات لم تعد تخص الفلاسفة وكبار المفكرين كما كانت في السابق .. أنت الآن في 2010 ، حيث لا عجب في أن يرسل لك صديقك (تيكست) كتابه الجديد على (الإيميل) الذي يحوي أفكاره بشأن الإسلام ، ووجود الله ، وما لا يعجبه في المسيحية ، وما يستهويه في البوذية !!!
هذه الأمور التي كانت تشغل الخاصة ، قد أصبحت مشاعاً للعامة ، وفي متناول يد الجميع !
ما هي الموضة في رأيك هذه الأيام ؟ الأدب الساخر ؟ .. فلنكتب كتاباً ساخراً ، والخلطة معروفة : شوية تريقة على أوضاع البلد + توضيب نكت على كم مسئول على حبة أباحة .. وتصير محط الأنظار !
فلتكتب ما تشاء ما دمتَ تدفع !
فلتساهم في تشكيل وعي وثقافة هذا الجيل ما دمتَ تدفع !
هل أنت أهلٌ لهذا ام لا ؟
لا يهم ، فأنت تدفع !
لهذا أحترم - وبشدة - دور النشر ، على قلتها ، التي ترى أن النشر فعلاً رسالة خطيرة لا تقل في أهميتها عن أي رسالة إبداعية أخرى .. بل ربما أخطر .. لأن النشر هو من يوصل هذا الإبداع للناس .. ويجب أن يملك الناشر هذه الحاسة كما يملك آلة حاسبة !
القضية ليست في تعدد دور النشر .. كل المشكلة تكمن في خلل مفهوم النشر نفسه لدى الكثيرين ممن يمارسون هذا العمل ..وأعتقد أن الكثيرين من أبناء جيلي الذين خاضوا تجربة النشر يتفقون معي في هذا ..
أعترف أني لا أمتلك الخبرة التي تكفي لتجعلني أصدر أحكاماً في هذا الموضوع .. لكن سوء الوضع يمكن ملاحظته بسهولة !
أعرف أنه في الخارج توجد مؤسسات أدبية وثقافية تعتني بالكاتب ، وتعتبره مشروعها الخاص .. تتبنى موهبته وتروّج له ، وتتولى كل أمور الطباعة والنشر والدعاية والإعلان من الألف إلى الياء .. هذه الصورة - التي تحول الكتّاب هناك إلى كيانات ثقافية تُحترم - هي صورة مشرفة طبعاً .. هذه الصورة يفكر فيها كل كاتب هنا في مصر وهو يتنهد حالماً بغدِ مشرق وعالمٍ أفضل !
أحمد صبري غباشي
Published on February 20, 2010 00:11
December 13, 2009
كيف تكون مدوِّناً ؟
- هذا المقال كتبته منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام ، وأُعيد نشره هنا نظراً لأنه يناسب أيضاً ما يحدث الآن
(كيف تكون مدوِّناً ؟)
في البدء هل سمعتم عن (عبد الكريم نبيل) ؟! .. أول شخص حاكمه القضاء بتهمة التدوين ؟! .. التدوين .. تلك الظاهرة البريئة التي بدأت تظهر – ثم تجتاح – أوساط المثقفين وأنصاف المثقفين في الوطن العربي على الإنترنت ..
يا لهم من ظالمين ! .. تم الحكم عليه بالرغم من أن السبب تافه للغاية .. لقد كتب (عبد الكريم) في مدونته كلاماً يثور فيه على الأزهر ويسب فيه النبي وأصحابه ، ويحقّر من قيمة شهر رمضان واصفاً إياه بشهر النفاق .. فقط هذا كل ما في الأمر .. ما ذنبه كي يضيعوا من عمره سنيناً أربعة ؟! ..
هل (عبد الكريم) مخبول وأحمق وقذر الفكر والشخصية ويمتاز بسفالةٍ متطورة المستوى ؟! .. نحن معشر المدوّنين لا نعتقد ذلك .. نحن معشر المدونين علينا أن نثور لأجل حق زميلنا المنكوب .. كيف يسمحوا لأنفسهم أن يقيدوا حرية الكلمة ؟!!
وإجابةً لتساؤل الكثير من الحيارى .. هل (عبد الكريم) شخص سيء ؟! ولماذا ثار عليه أهل بيته عندما فعل فعلته وقسوا عليه ؟!
كلا يا أعزاء بالطبع .. (عبد الكريم) هو الانطلاقة الحقيقية .. هو أول الغيث الذي ينذر بقدوم سيل المدوّنين الأحرار الشجعان .. لماذا علينا أن نلتزم بالتقاليد والأعراف على الرغم من أننا لم نخترها ؟! .. لقد فُرضت علينا فرضاً .. وبالنسبة لموضوع أهله فتلك مسائل عائلية لا دخل لنا بها ..
وبهذه المناسبة .. قررنا نحن – معشر المدوّنين – أن نقدم بعض النصائح ..
عزيزي المدوّن .. إليك نصائحنا الذهبية كي تصير واحداً من أفضل المدوّنين العرب قاطبة ..
فقط اتبعها ، وثق أنه بالتنفيذ يأتي إبهار النتائج ..
مبدئياً وقبل أي شيء .. أنت متشائم .. تنعزل عن الناس وترى أن الصداقة الحقيقية تشعّ من شاشة جهاز كمبيوتر ..
كما لابد أن تكون مُعارضاً – بشراسة شديدة – لنظام الحكم في بلدك .. وإن أردتَ التميز فعارض الأنظمة العربية جميعها وسُبّ الشعوب والحكام ..
لن تتحقق فيك الشروط الكاملة ما لم تشعر بالخزي لكونك عربي .. تؤمن بتخلف فكر شعوبنا وفساد عقول شبابنا .. الدنيا مظلمة يا عزيزي . لا محالة ..
لن يتم قبولك بيننا – معشر المدوّنين – ما لم تكن بذيئاً في القول والعمل ..
لكن إياك ثم إياك أن تصدر بذاءتك دون خلفية ثقافية من العيار الثقيل .. استعرض ثقافتك بقدر الإمكان .. لو صرت بذيئاً فحسب فإن هذا يشوّه صورتنا أيها الأحمق ويُظهرنا كـ شتّامين لعانين ..
تحدث في الجنس والسياسة والدين واكسر كل التابوهات ..
إن كنتِ عزيزتي مدوِّنةً أنثى .. فأنتِ تؤمنين بالصداقة المطلقة غير المقيدة بين الولد والبنت طبعاً ..
هل تتحدثين في الجنس بحرية ؟! هل تروين تجاربك بكل جرأة بخصوص من تحرشوا بكِ هنا أو هناك وتصفين الأمر بمنتهى الدقة وتنقلين للقارئ إحساسك وتعليقاتك الفذة بصدد الأمر ؟! .. لا ؟!! .. أنتِ ساذجة بالفعل ولا تدركي أصول التدوين .. هذه أمور بديهية يا حمقاء ولا يجوز أن نتحدث فيها من الأساس لأنها ثوابت .. حاولي أن تكوني صفيقة فتتميزي ويصير لك جمهورك الذي يلتف حولك .. - اشتهاءً لكِ بالتأكيد - ..
لا تنسوا الجانب الرقيق في الأمر .. أنتم دوماً متعجبون مستاءون متقوقعون .. لأن البشر في الخارج غيلان ، وأنتم لستم في مثل شراستهم .. أنتم دوماً متأملون .. تعلّقون وتحللون كل المواقف التي تمر بكم وأتفهها .
شاهدتم رجلاً في الظهيرة يركل حجراً على الرصيف أثناء سيره ؟! .. يا إلهي ! هل الرجل شرس وهمجي إلى هذا الحد ؟! والحجر المسكين .. هل تراه تأذّى ؟! .. لن تتقدم مجتمعاتنا وفيها مثل هذه النماذج !
وكل الحمقى المعتوهين ذوي الأسلوب الفظ الذين يزيحوننا من الطريق عند ركوب المواصلات .. إنهم يجرحوننا ويهينون آدميتنا .. إننا نبكي أياماً متواصلة بسبب فعلتهم هذه ونحتاج لوقت طويل حتى نخرج من حالة الاكتئاب التي سببوها لنا ..
أمس شاهدتم ورقة تطير في الهواء وتسقط في التراب .. تأملوا هذا المشهد العبقري واستخرجوا منه الجوانب المؤلمة .. اكتبوا عن الشعب الجاهل الذي لا يقدر قيمة الأوراق .. هذا بالطبع يشير إلى انعدم الثقافة التام والاستهانة بكل المثقفين والكيانات الثقافية القليلة عندنا ..
يا كل مدوّني العرب .. استمروا فيما أنتم عليه .. ثوروا .. عارضوا وأثيروا الصخب .. حوّلوا حرية الرأي والتعبير إلى مرض ..
حوّلوا التدوين إلى سرطان يسري في جسد ثقافة هذه الأمة .. كوّنوا وجهات نظركم في كل شيء في هذه الحياة حتى لو كان تافهاً لا يستحق .. هذه هي القاعدة الأساسية ..
املئوا صفحاتكم الخاصة على الإنترنت بكتاباتكم الفريدة .. وأثروا حياتنا الثقافية أكثر وأكثر ..
انشروا فكركم الوقح بشأن الدين والسياسة والجنس بكل حرية .. فبهذا وحده – صدقونا – يأتي الإصلاح ..
آه ! .. الإصلاح !
كان من المفترض أن تكون أولى نصائحنا بخصوصه .. لكننا نسينا .. عفواً ..
عموماً تذكروه !
* * * *
هل تعلمون ما المشكلة ؟*
المشكلة أن بعض قراء هذا المقال قد يأخذون الحديث السابق مأخذ الجد ، ويعتبرون هذه النصائح التي أوردتها سلفاً – في محاولة للسخرية والاستهزاء – نصائح حقيقية عليهم العمل بها واتباعها ؛ فأموت أنا في الحال بجلطة في المخ على أقل تقدير !
المشكلة أن (عبد الكريم) هذا قد تم تأطيره داخل إطار بطل ، وهو منه براء ..
المشكلة أن ثمة فئة قذرة من المدوّنين قد شوّهت صورة المدونين جميعاً لتطغى على كتابات أناسٍ في غاية النزاهة والإيجابية ..
والكارثة الحقيقية .. أننا لا زلنا قادرين على تشنيع كل شيء جميل – ثقافي خاصةً – يظهر في حاضرنا ..
وجلّ ما أرجوه أن نكون جميعاً في منأى عن مسئولية ما حدث – وإن كنت لا أعتقد ذلك - .. وألا يكون الارتواء من يد النبي الحبيب – ويكون الارتماء في صدره – حلماً بعيد المنال !
أحمد صبري غباشي
الاثنين - 27 فبراير 2007
---------------------------------------
* طبعاً من الواضح أن معظم ما ورد في المقال لا يعبر عن رأيي الحقيقي وإنما فقط هي محاولة للسخرية من أمثال (عبد الكريم).. ولم أكن أحبذ أن أنوّه لهذا .. لكني أكتب هذا التنويه اتقاءً لسوء الفهم .. فسوء الفهم في هذه القضية بالذات قد يكون سبباً في توجيه اتهامات بشعة لي ! .. كما أنوّه أيضاً أني أتعرض هنا لشريحة بعينها من المدوّنين وليس الجميع طبعاً .
http://www.facebook.com/notes/ahmad-s...
(كيف تكون مدوِّناً ؟)
في البدء هل سمعتم عن (عبد الكريم نبيل) ؟! .. أول شخص حاكمه القضاء بتهمة التدوين ؟! .. التدوين .. تلك الظاهرة البريئة التي بدأت تظهر – ثم تجتاح – أوساط المثقفين وأنصاف المثقفين في الوطن العربي على الإنترنت ..
يا لهم من ظالمين ! .. تم الحكم عليه بالرغم من أن السبب تافه للغاية .. لقد كتب (عبد الكريم) في مدونته كلاماً يثور فيه على الأزهر ويسب فيه النبي وأصحابه ، ويحقّر من قيمة شهر رمضان واصفاً إياه بشهر النفاق .. فقط هذا كل ما في الأمر .. ما ذنبه كي يضيعوا من عمره سنيناً أربعة ؟! ..
هل (عبد الكريم) مخبول وأحمق وقذر الفكر والشخصية ويمتاز بسفالةٍ متطورة المستوى ؟! .. نحن معشر المدوّنين لا نعتقد ذلك .. نحن معشر المدونين علينا أن نثور لأجل حق زميلنا المنكوب .. كيف يسمحوا لأنفسهم أن يقيدوا حرية الكلمة ؟!!
وإجابةً لتساؤل الكثير من الحيارى .. هل (عبد الكريم) شخص سيء ؟! ولماذا ثار عليه أهل بيته عندما فعل فعلته وقسوا عليه ؟!
كلا يا أعزاء بالطبع .. (عبد الكريم) هو الانطلاقة الحقيقية .. هو أول الغيث الذي ينذر بقدوم سيل المدوّنين الأحرار الشجعان .. لماذا علينا أن نلتزم بالتقاليد والأعراف على الرغم من أننا لم نخترها ؟! .. لقد فُرضت علينا فرضاً .. وبالنسبة لموضوع أهله فتلك مسائل عائلية لا دخل لنا بها ..
وبهذه المناسبة .. قررنا نحن – معشر المدوّنين – أن نقدم بعض النصائح ..
عزيزي المدوّن .. إليك نصائحنا الذهبية كي تصير واحداً من أفضل المدوّنين العرب قاطبة ..
فقط اتبعها ، وثق أنه بالتنفيذ يأتي إبهار النتائج ..
مبدئياً وقبل أي شيء .. أنت متشائم .. تنعزل عن الناس وترى أن الصداقة الحقيقية تشعّ من شاشة جهاز كمبيوتر ..
كما لابد أن تكون مُعارضاً – بشراسة شديدة – لنظام الحكم في بلدك .. وإن أردتَ التميز فعارض الأنظمة العربية جميعها وسُبّ الشعوب والحكام ..
لن تتحقق فيك الشروط الكاملة ما لم تشعر بالخزي لكونك عربي .. تؤمن بتخلف فكر شعوبنا وفساد عقول شبابنا .. الدنيا مظلمة يا عزيزي . لا محالة ..
لن يتم قبولك بيننا – معشر المدوّنين – ما لم تكن بذيئاً في القول والعمل ..
لكن إياك ثم إياك أن تصدر بذاءتك دون خلفية ثقافية من العيار الثقيل .. استعرض ثقافتك بقدر الإمكان .. لو صرت بذيئاً فحسب فإن هذا يشوّه صورتنا أيها الأحمق ويُظهرنا كـ شتّامين لعانين ..
تحدث في الجنس والسياسة والدين واكسر كل التابوهات ..
إن كنتِ عزيزتي مدوِّنةً أنثى .. فأنتِ تؤمنين بالصداقة المطلقة غير المقيدة بين الولد والبنت طبعاً ..
هل تتحدثين في الجنس بحرية ؟! هل تروين تجاربك بكل جرأة بخصوص من تحرشوا بكِ هنا أو هناك وتصفين الأمر بمنتهى الدقة وتنقلين للقارئ إحساسك وتعليقاتك الفذة بصدد الأمر ؟! .. لا ؟!! .. أنتِ ساذجة بالفعل ولا تدركي أصول التدوين .. هذه أمور بديهية يا حمقاء ولا يجوز أن نتحدث فيها من الأساس لأنها ثوابت .. حاولي أن تكوني صفيقة فتتميزي ويصير لك جمهورك الذي يلتف حولك .. - اشتهاءً لكِ بالتأكيد - ..
لا تنسوا الجانب الرقيق في الأمر .. أنتم دوماً متعجبون مستاءون متقوقعون .. لأن البشر في الخارج غيلان ، وأنتم لستم في مثل شراستهم .. أنتم دوماً متأملون .. تعلّقون وتحللون كل المواقف التي تمر بكم وأتفهها .
شاهدتم رجلاً في الظهيرة يركل حجراً على الرصيف أثناء سيره ؟! .. يا إلهي ! هل الرجل شرس وهمجي إلى هذا الحد ؟! والحجر المسكين .. هل تراه تأذّى ؟! .. لن تتقدم مجتمعاتنا وفيها مثل هذه النماذج !
وكل الحمقى المعتوهين ذوي الأسلوب الفظ الذين يزيحوننا من الطريق عند ركوب المواصلات .. إنهم يجرحوننا ويهينون آدميتنا .. إننا نبكي أياماً متواصلة بسبب فعلتهم هذه ونحتاج لوقت طويل حتى نخرج من حالة الاكتئاب التي سببوها لنا ..
أمس شاهدتم ورقة تطير في الهواء وتسقط في التراب .. تأملوا هذا المشهد العبقري واستخرجوا منه الجوانب المؤلمة .. اكتبوا عن الشعب الجاهل الذي لا يقدر قيمة الأوراق .. هذا بالطبع يشير إلى انعدم الثقافة التام والاستهانة بكل المثقفين والكيانات الثقافية القليلة عندنا ..
يا كل مدوّني العرب .. استمروا فيما أنتم عليه .. ثوروا .. عارضوا وأثيروا الصخب .. حوّلوا حرية الرأي والتعبير إلى مرض ..
حوّلوا التدوين إلى سرطان يسري في جسد ثقافة هذه الأمة .. كوّنوا وجهات نظركم في كل شيء في هذه الحياة حتى لو كان تافهاً لا يستحق .. هذه هي القاعدة الأساسية ..
املئوا صفحاتكم الخاصة على الإنترنت بكتاباتكم الفريدة .. وأثروا حياتنا الثقافية أكثر وأكثر ..
انشروا فكركم الوقح بشأن الدين والسياسة والجنس بكل حرية .. فبهذا وحده – صدقونا – يأتي الإصلاح ..
آه ! .. الإصلاح !
كان من المفترض أن تكون أولى نصائحنا بخصوصه .. لكننا نسينا .. عفواً ..
عموماً تذكروه !
* * * *
هل تعلمون ما المشكلة ؟*
المشكلة أن بعض قراء هذا المقال قد يأخذون الحديث السابق مأخذ الجد ، ويعتبرون هذه النصائح التي أوردتها سلفاً – في محاولة للسخرية والاستهزاء – نصائح حقيقية عليهم العمل بها واتباعها ؛ فأموت أنا في الحال بجلطة في المخ على أقل تقدير !
المشكلة أن (عبد الكريم) هذا قد تم تأطيره داخل إطار بطل ، وهو منه براء ..
المشكلة أن ثمة فئة قذرة من المدوّنين قد شوّهت صورة المدونين جميعاً لتطغى على كتابات أناسٍ في غاية النزاهة والإيجابية ..
والكارثة الحقيقية .. أننا لا زلنا قادرين على تشنيع كل شيء جميل – ثقافي خاصةً – يظهر في حاضرنا ..
وجلّ ما أرجوه أن نكون جميعاً في منأى عن مسئولية ما حدث – وإن كنت لا أعتقد ذلك - .. وألا يكون الارتواء من يد النبي الحبيب – ويكون الارتماء في صدره – حلماً بعيد المنال !
أحمد صبري غباشي
الاثنين - 27 فبراير 2007
---------------------------------------
* طبعاً من الواضح أن معظم ما ورد في المقال لا يعبر عن رأيي الحقيقي وإنما فقط هي محاولة للسخرية من أمثال (عبد الكريم).. ولم أكن أحبذ أن أنوّه لهذا .. لكني أكتب هذا التنويه اتقاءً لسوء الفهم .. فسوء الفهم في هذه القضية بالذات قد يكون سبباً في توجيه اتهامات بشعة لي ! .. كما أنوّه أيضاً أني أتعرض هنا لشريحة بعينها من المدوّنين وليس الجميع طبعاً .
http://www.facebook.com/notes/ahmad-s...
November 22, 2009
ما بين موجتين .. كلتاهما على صواب !
كان لابد أن أكتب هذا المقال لأن الصراع داخلي قد اشتد مؤخراً ، ووجدتُ نفسي على قدر لا بأس به من الارتباك : أشتركُ عصراً في جروب على الفيسبوك اسمه "دقوا الجزائر" ، وعندما يأتي المساء أروّجُ لجروب آخر يدعو للتهدئة بين الشعبين المصري والجزائري .. (!!)
حسناً .. فلنحاول أن نتجاهل الكميات الهائلة من أدرينالين الغيظ والانفعال بداخلنا .. ولنأخذ نفساً عميقاً .. ثم نفكر معاً بهدوء ..
ليس الصراع في قضية (مصر والجزائر) صراعاً بين جمهورين فحسب .. بل تطور ليصبح صراعاً بين رأيين في كل جمهور على حدة .. بل صراعٌ بين موجتين قويتين داخل نفس كل منا ..
إن ما يحدث الآن لهو اختبار قوي نادراً ما نصطدم به بمثل هذا العنف .. تجربة عملية شديدة القسوة تجعلك تسأل نفسك : هل أنت مصري عربي ؟ أو مصري (عروبي قومي) بمعنى أصح ؟
إنه انفصال – غير طبيعي - مخزٍ مؤقت بين مصريتك وعروبيتك .. يجعلك تحدد موقفك الواضح تجاه كلٍ منهما .. ولكن .. هل يوجد أدنى تعارض بين الانتمائين ؟
ما هي المشكلة ؟ وما أسبابها ؟
مباراة كرة قدم بين مصر والجزائر – وهو ما سيجعل الأجيال القادمة فعلاً تضحك منا حتى تستلقي على قفاها - .. قامت المشكلة بسبب تطاول بعض الهمج البلطجية الجزائريين على الجمهور المصري في السودان وإهانته وإهانة رموزه في الفن والثقافة ، وتدنيس العلم المصري. ثم بالتبعية حدوث حالة غليان عارمة في الشارع المصري للمطالبة برد الاعتبار واستعادة حقنا .
وأسباب هذه المشكلة تنقسم إلى قسمين :
- الأول (قبل المباراة) : في رأيي أن الإعلام في كلٍ من البلدين هو المسئول الأول والمجرم الأعتى الذي تسبب في حدوث هذه الأزمة .. إعلام رخيص تافه تم تسطيحه .. عمليات شحن جبارة للجمهورين – المصري خاصةً – لتحويل انتباهه عن مهازل داخلية تتم في مصر .. إعلام صنع من يوم المباراة يوماً مصيرياً بشكل مبالغ فيه .. في كل القنوات لا حديث إلا عن المباراة وأبطالها وعن (الجزائريين الوحشين) .. أغاني وطنية وأحاديث عن مصر عالية الهامة وانتصاراتها وأولاد بلدها الجدعان !! .. ما هذا العبث ؟؟؟
انساق الجمهور المصري طبعاً وراء هذا التغييب الإعلامي المُلحّ ، وأصبح يرى الحياة من منظور الإعلام .. ولا ألومه على هذا كثيراً فنحن شعبٌ لم نسمع عن الانتصارات منذ زمنٍ بعيد ، ولم نذق طعم فرحة حقيقية عارمة تجتاح الشعب منذ دهر .. حتى ولو كانت في عبثٍ كهذا .
وعلى الجانب الآخر في الجزائر جرت كارثة حقيقية .. فلقد اندهشت جداً من كتابات الصحف في الجزائر !! لم أتصور تدنياً في القول والفكر إلى هذا الحد !! إساءات لمصر ولشعبها ولتاريخها بتلفيقات لا تخدع طفلاً صغيراً .. لكن المشكلة أنها خدعت الجمهور الجزائري فعلاً وصدقها !! .. صدّق كتابات الصحف التي تقول أننا كمصريين قتلنا أفراداً من جمهور الجزائر .. وصدّق أننا (يهود) ونسى أننا نحن الذين هزمناهم ! .. ناهيك عن تصديقهم للتمثيليات التي قام بها فريقهم هنا في مصر ليقنعهم أنهم ظُلموا ولم يُرحب بهم !
عمليات الشحن هذه من الجانبين هي التي أدت لحدوث الكارثة في السودان .
- الثاني (بعد المباراة) : حالة الغليان – التي كنتُ جزءً منها – والتي أصابت كل أهل مصر .. وتشويه صورة مصر في الإعلام العربي والجزائري والعالمي .. وغباء الإعلام المصري كالمعتاد الذي ناقش المسألة محلياً فقط فأظهر كل رموزه المثقفين الناضجين – حتى الوقورين منهم – حانقين صارخين .. هذا طبعاً حقهم .. لكن ألم تسأل نفسك كيف ستظهر الصورة ؟ .. اعمل (zoom out) بلغة السينما وشوف الصورة من برة ..
في رأيي أن ثلث المشكلة مع الجزائر ؛ بينما ثلثيها عندنا هنا في مصر .. حالة الغليان والثورة في مصر تضاعفت بعدما اكتشف الشعب المصري أن حكومته لم تعبأ به ولم تثأر لحقه .. وأن المواطن المصري "هان على حكومته فهان على الجميع" كما قال إبراهيم عيسى .. انتظر المصريون تحركاً رسمياً فلم يتم .. تابعوا خطاب الرئيس فوجوده لا يغني ولا يسمن من جوع .. تظاهر المواطنون بشكل سلمي في مصر احتجاجاً فتم اعتقالهم ..
هذا كله ضاعف من كرههم للجزائريين على سبيل (فشّ الغل) ..
وأتفق مع د. جلال أمين تماماً هنا عندما قال : إن الحماس الشديد قبل المباراة وأثناءها وبعدها ليس سببه الحب الشديد للوطن، بل سببه هو نفس هذه الظاهرة التى أتكلم عنها: ظاهرة الجماهير الغفيرة. الحماس يشتد لمجرد أنك أصبحت جزءا من جماعة كبيرة جدا، والصياح يعلو لأنك ترى وتسمع آلاف من الناس يقومون بالصياح مثلك، والزمامير تشتد لأنك تعرف أنك واحد من آلاف الزمارين والطبالين
وكالعادة في النقاشات التي تابعتُها هنا وهناك بخصوص العرب وردود الفعل : افتقار تام للغة الحوار ، وانعدام المنطق ، ومنتهى الهمجية في الأسلوب ، وانسياق تام مع الموجة .. أنا ضد التعميم ، لذلك كرهت بعنف لهجة "كفايانا عروبة وأخوة ما دام ده اللي بيجيلنا من وراها" .. من يقول هذا الكلام هل يعي حقاً ما يقول ؟ هل يعرف حجم المصيبة التي يروّج لها ؟
يا أهل مصر لنا حق .. فلا تضيعوه بغضبكم وسخطكم الزائد .. لأهالينا الذين ضربوا وأهينوا في السودان حقوق ، و رد اعتبار واجب .. فلا تردوا على السباب بالسباب .. وأرجوكم كفانا ترديداً لنغمة "مصر عملت وسوت وانتوا لحم كتافكو من خيرنا" .. إن ما فعلته مصر لكل دول العرب كان واجبها باعتبارها الشقيقة الكبرى لهم سواء شاء الكل أم أبى .. إن مصر لم تفعل ما فعلته لكي تُباهي به بعد ذلك كما نفعل الآن ، فلا تُتبِعوا إحسانكم بالمن والأذى ..
الشقيقة الكبرى عندما تُذكّر الكل دوماً أنها الشقيقة الكبرى ؛ فهذا يعني أن الشقيقة الكبرى تعاني من مشاكل نفسية !
أجل طبعاً سيظل العرب على اليوتيوب والفيسبوك يسبون مصر ويسيئون لها .. لكن نظرة واحدة بسيطة منك لـ لغتهم في التعبير تجعلك تدرك أنهم مجموعة من الرعاع لا خطر منهم ولا ضرر .. لنا أخوة عرب يهيمون عشقاً بمصر ويدافعون عنها فلا تصدوهم هكذا.
ما هو موقفي النهائي من هذا كله ؟
أنا غاضب بسبب الانتهاكات التي حدثت للمصريين في السودان ولن أهدأ حتى أرى الضرر يصيب من فعل هذا من همج الجزائر .. وانا ساخط على سياسة دولة الجزائر التي دعمت هذا كله وأطلقت البلطجية من سجونها ليتم شحنهم للسودان ليفعلوا بنا ما فعلوا ..
وفي نفس الوقت لا أخفي غضبي الشديد من تمزيق معنى العروبة في الآونة الأخيرة والفصل التام الغريب الذي حدث بين انتمائنا لمصر وبين كوننا عرب أشقاء .. أثار جنوني ما تكتبه عنا إسرائيل ساخرةً في صحفها !
لذلك .. أنا مع مقاطعة كل ما يمثل الجزائر (رسمياً) بسبب موقف حكومتها العدائي حتى نحصل على رد اعتبار .. لكني لا أحمل في قلبي ضغينة لشعب الجزائر ولمثقفيها .. قرأت الكثير من تعليقات أهل الجزائر الذين يؤكدون أنه لا علاقة لهم بما حدث ويعيشون حالة اكتئاب بسببه ..
ولن أصرف انتباهي أكثر من هذا لقضية كهذه نالت أكثر بكثير من حجمها بسبب إعلام غبي مضلل ..
ورداً على السؤال المهم والأساسي في القضية : نعم .. انا مصري عربي .. ولا أستطيع العيش بغير الصفتين .
ثمة أمنية صادقة أخيرة من قلبي لكل مشجعي الجزائر الذين أهانونا في السودان : أتمنى أن أرى في القريب العاجل كل واحدٍ منهم مستريحاً في جلسته تماماً كما سليمان الحلبي في آخر لحظات حياته !
هذه كلمتي النهائية في الموضوع الذي لن أفتحه ولن أعبأ به بعد اليوم !
أحمد صبري غباشي
الأحد 22 نوفمبر 2009
http://www.facebook.com//note.php?not...
أحمد صبري غباشي
حسناً .. فلنحاول أن نتجاهل الكميات الهائلة من أدرينالين الغيظ والانفعال بداخلنا .. ولنأخذ نفساً عميقاً .. ثم نفكر معاً بهدوء ..
ليس الصراع في قضية (مصر والجزائر) صراعاً بين جمهورين فحسب .. بل تطور ليصبح صراعاً بين رأيين في كل جمهور على حدة .. بل صراعٌ بين موجتين قويتين داخل نفس كل منا ..
إن ما يحدث الآن لهو اختبار قوي نادراً ما نصطدم به بمثل هذا العنف .. تجربة عملية شديدة القسوة تجعلك تسأل نفسك : هل أنت مصري عربي ؟ أو مصري (عروبي قومي) بمعنى أصح ؟
إنه انفصال – غير طبيعي - مخزٍ مؤقت بين مصريتك وعروبيتك .. يجعلك تحدد موقفك الواضح تجاه كلٍ منهما .. ولكن .. هل يوجد أدنى تعارض بين الانتمائين ؟
ما هي المشكلة ؟ وما أسبابها ؟
مباراة كرة قدم بين مصر والجزائر – وهو ما سيجعل الأجيال القادمة فعلاً تضحك منا حتى تستلقي على قفاها - .. قامت المشكلة بسبب تطاول بعض الهمج البلطجية الجزائريين على الجمهور المصري في السودان وإهانته وإهانة رموزه في الفن والثقافة ، وتدنيس العلم المصري. ثم بالتبعية حدوث حالة غليان عارمة في الشارع المصري للمطالبة برد الاعتبار واستعادة حقنا .
وأسباب هذه المشكلة تنقسم إلى قسمين :
- الأول (قبل المباراة) : في رأيي أن الإعلام في كلٍ من البلدين هو المسئول الأول والمجرم الأعتى الذي تسبب في حدوث هذه الأزمة .. إعلام رخيص تافه تم تسطيحه .. عمليات شحن جبارة للجمهورين – المصري خاصةً – لتحويل انتباهه عن مهازل داخلية تتم في مصر .. إعلام صنع من يوم المباراة يوماً مصيرياً بشكل مبالغ فيه .. في كل القنوات لا حديث إلا عن المباراة وأبطالها وعن (الجزائريين الوحشين) .. أغاني وطنية وأحاديث عن مصر عالية الهامة وانتصاراتها وأولاد بلدها الجدعان !! .. ما هذا العبث ؟؟؟
انساق الجمهور المصري طبعاً وراء هذا التغييب الإعلامي المُلحّ ، وأصبح يرى الحياة من منظور الإعلام .. ولا ألومه على هذا كثيراً فنحن شعبٌ لم نسمع عن الانتصارات منذ زمنٍ بعيد ، ولم نذق طعم فرحة حقيقية عارمة تجتاح الشعب منذ دهر .. حتى ولو كانت في عبثٍ كهذا .
وعلى الجانب الآخر في الجزائر جرت كارثة حقيقية .. فلقد اندهشت جداً من كتابات الصحف في الجزائر !! لم أتصور تدنياً في القول والفكر إلى هذا الحد !! إساءات لمصر ولشعبها ولتاريخها بتلفيقات لا تخدع طفلاً صغيراً .. لكن المشكلة أنها خدعت الجمهور الجزائري فعلاً وصدقها !! .. صدّق كتابات الصحف التي تقول أننا كمصريين قتلنا أفراداً من جمهور الجزائر .. وصدّق أننا (يهود) ونسى أننا نحن الذين هزمناهم ! .. ناهيك عن تصديقهم للتمثيليات التي قام بها فريقهم هنا في مصر ليقنعهم أنهم ظُلموا ولم يُرحب بهم !
عمليات الشحن هذه من الجانبين هي التي أدت لحدوث الكارثة في السودان .
- الثاني (بعد المباراة) : حالة الغليان – التي كنتُ جزءً منها – والتي أصابت كل أهل مصر .. وتشويه صورة مصر في الإعلام العربي والجزائري والعالمي .. وغباء الإعلام المصري كالمعتاد الذي ناقش المسألة محلياً فقط فأظهر كل رموزه المثقفين الناضجين – حتى الوقورين منهم – حانقين صارخين .. هذا طبعاً حقهم .. لكن ألم تسأل نفسك كيف ستظهر الصورة ؟ .. اعمل (zoom out) بلغة السينما وشوف الصورة من برة ..
في رأيي أن ثلث المشكلة مع الجزائر ؛ بينما ثلثيها عندنا هنا في مصر .. حالة الغليان والثورة في مصر تضاعفت بعدما اكتشف الشعب المصري أن حكومته لم تعبأ به ولم تثأر لحقه .. وأن المواطن المصري "هان على حكومته فهان على الجميع" كما قال إبراهيم عيسى .. انتظر المصريون تحركاً رسمياً فلم يتم .. تابعوا خطاب الرئيس فوجوده لا يغني ولا يسمن من جوع .. تظاهر المواطنون بشكل سلمي في مصر احتجاجاً فتم اعتقالهم ..
هذا كله ضاعف من كرههم للجزائريين على سبيل (فشّ الغل) ..
وأتفق مع د. جلال أمين تماماً هنا عندما قال : إن الحماس الشديد قبل المباراة وأثناءها وبعدها ليس سببه الحب الشديد للوطن، بل سببه هو نفس هذه الظاهرة التى أتكلم عنها: ظاهرة الجماهير الغفيرة. الحماس يشتد لمجرد أنك أصبحت جزءا من جماعة كبيرة جدا، والصياح يعلو لأنك ترى وتسمع آلاف من الناس يقومون بالصياح مثلك، والزمامير تشتد لأنك تعرف أنك واحد من آلاف الزمارين والطبالين
وكالعادة في النقاشات التي تابعتُها هنا وهناك بخصوص العرب وردود الفعل : افتقار تام للغة الحوار ، وانعدام المنطق ، ومنتهى الهمجية في الأسلوب ، وانسياق تام مع الموجة .. أنا ضد التعميم ، لذلك كرهت بعنف لهجة "كفايانا عروبة وأخوة ما دام ده اللي بيجيلنا من وراها" .. من يقول هذا الكلام هل يعي حقاً ما يقول ؟ هل يعرف حجم المصيبة التي يروّج لها ؟
يا أهل مصر لنا حق .. فلا تضيعوه بغضبكم وسخطكم الزائد .. لأهالينا الذين ضربوا وأهينوا في السودان حقوق ، و رد اعتبار واجب .. فلا تردوا على السباب بالسباب .. وأرجوكم كفانا ترديداً لنغمة "مصر عملت وسوت وانتوا لحم كتافكو من خيرنا" .. إن ما فعلته مصر لكل دول العرب كان واجبها باعتبارها الشقيقة الكبرى لهم سواء شاء الكل أم أبى .. إن مصر لم تفعل ما فعلته لكي تُباهي به بعد ذلك كما نفعل الآن ، فلا تُتبِعوا إحسانكم بالمن والأذى ..
الشقيقة الكبرى عندما تُذكّر الكل دوماً أنها الشقيقة الكبرى ؛ فهذا يعني أن الشقيقة الكبرى تعاني من مشاكل نفسية !
أجل طبعاً سيظل العرب على اليوتيوب والفيسبوك يسبون مصر ويسيئون لها .. لكن نظرة واحدة بسيطة منك لـ لغتهم في التعبير تجعلك تدرك أنهم مجموعة من الرعاع لا خطر منهم ولا ضرر .. لنا أخوة عرب يهيمون عشقاً بمصر ويدافعون عنها فلا تصدوهم هكذا.
ما هو موقفي النهائي من هذا كله ؟
أنا غاضب بسبب الانتهاكات التي حدثت للمصريين في السودان ولن أهدأ حتى أرى الضرر يصيب من فعل هذا من همج الجزائر .. وانا ساخط على سياسة دولة الجزائر التي دعمت هذا كله وأطلقت البلطجية من سجونها ليتم شحنهم للسودان ليفعلوا بنا ما فعلوا ..
وفي نفس الوقت لا أخفي غضبي الشديد من تمزيق معنى العروبة في الآونة الأخيرة والفصل التام الغريب الذي حدث بين انتمائنا لمصر وبين كوننا عرب أشقاء .. أثار جنوني ما تكتبه عنا إسرائيل ساخرةً في صحفها !
لذلك .. أنا مع مقاطعة كل ما يمثل الجزائر (رسمياً) بسبب موقف حكومتها العدائي حتى نحصل على رد اعتبار .. لكني لا أحمل في قلبي ضغينة لشعب الجزائر ولمثقفيها .. قرأت الكثير من تعليقات أهل الجزائر الذين يؤكدون أنه لا علاقة لهم بما حدث ويعيشون حالة اكتئاب بسببه ..
ولن أصرف انتباهي أكثر من هذا لقضية كهذه نالت أكثر بكثير من حجمها بسبب إعلام غبي مضلل ..
ورداً على السؤال المهم والأساسي في القضية : نعم .. انا مصري عربي .. ولا أستطيع العيش بغير الصفتين .
ثمة أمنية صادقة أخيرة من قلبي لكل مشجعي الجزائر الذين أهانونا في السودان : أتمنى أن أرى في القريب العاجل كل واحدٍ منهم مستريحاً في جلسته تماماً كما سليمان الحلبي في آخر لحظات حياته !
هذه كلمتي النهائية في الموضوع الذي لن أفتحه ولن أعبأ به بعد اليوم !
أحمد صبري غباشي
الأحد 22 نوفمبر 2009
http://www.facebook.com//note.php?not...
أحمد صبري غباشي
November 19, 2009
فلتدعي يا أم داوود !!!
فلتدعي يا أم داوود !!!
"من كتاب : نادماً خرج القط لـ أحمد صبري غباشي"
تمت كتابتها في يوم : الخميس - 23 ديسمبر 2004
يسير الفتى منكساً رأسه، حاملاً همه، وقد بهت وجهه بألوان الحزن، وعلى الرغم من ذلك فلم يفلح حزنه في قتل خبث نظرته ولؤم عينيه.. يمضي في الطريق ملتاعاً، ساخطاً..
سار إلى أن وصل لأبيه وأمه.. أبوه الذي أبصره على هذا الحال فأقبل عليه هلعاً.. وسأله: " ما بك يا (داوود)؟!!"
سالت دموع الفتى من عينيه، وابتدأ سرد شكواه قائلاً:
" لم يعد بإمكاني الاحتمال يا أبت.. فظيعٌ هذا الذي ألقاه!..
أقراني أولاد الجيران.. (مرسي)، و (حسين)، و (حمدان).. مخلوقات رهيبة يا أبت.. أصابوني بالإحباط.. زرعوا بداخلي محاصيل اليأس التي لم أعرفها يوماً.. غدوتُ أمام نفسي: (لا شيء).. تبخرت ثقتي بقدراتي وذهبت أدراج الرياح.. تصور يا أبت!!.. أنا الذي لم يُخلق بعد من هو في مثل خبثي وشرى.. أنا.. فشلتُ في تحقيق مرادي معهم.. تصور!!
كانوا أول من حرمني لذة النجاح.. صرتُ مغتماً على الدوام.. أصبحتُ أهيم على وجهي في الطرقات.. غدوتُ أحادث نفسي أحياناً كثيرة بسببهم.. أفقدوني عقلي..
إن وجود أشخاص كهؤلاء محالٌ حدوثه يا أبت.. صدقني.. سأحكى لك ولتحكم بنفسك..
فكرتُ طويلاً في طريقة تجعلني محبوباً عندهم. أكسب بها ودهم وأصير لديهم مقرباً.. ووجدت تلك الطريقة بعد عناء، ثم عزمت على تنفيذها..
وذات صباح انفردتُ بـ (مرسي).. أقبلتُ عليه هاشاً باشاً لاصقاً على وجهي ابتسامة متوددة - تلك التي علمتنيها يا أبت؛ تعرفها بالتأكيد -.. فبادلني الابتسام.. تيقّظ عقلي واستعددتُ لأن أصب حديثي في أذنيه حتى أخدره وأكسب وده..
وما إن فتحتُ فمي لأهم بالتحدث حتى وجدته يتحدث إلىّ في مرحٍ وبغير تكلف، وينبئني بأنه سعيد بمعرفة شخص ذكي محترم مثلي، وأنه يراقبني منذ فترة وقد لفتت شخصيتي انتباهه، ويود لو نتناسى تلك العداوة بيننا وبين أسرته، ويأمل أن تعود علاقتي معه طبيعية، وأنه سيسعد بهذا التطبيع جداً..
دمعت عيناي غيظاً حينها يا أبت.. لقد أضاع الأحمق مجهودي وطول تفكيري في غمضة عين.. لم يشعرني بنجاحي الذي أتوق له.
وذات مرة قضيتُ إحدى لياليّ ساهراً أخطط وأدبر وقيعة بين (مرسي) و (حسين).. أرسم الخطط، وأنهك عقلي مفكراً، وأعصر مخي كي آتي بنتيجةٍ مرضية.. وأخيراً وصلتُ، واعتزمتُ التنفيذ..
وأتيتُ (صديقي) (حسين).. - فلقد نلتُ صداقة ثلاثتهم بالطبع - متظاهراً بالحزن والأسى والتذمر لأجله.. وبالطبع أعددت العدة وجهزت الحجج والدلائل اللازمة لنجاح الوقيعة..
وقبل أن أفتح فمي بادرني هو بالحديث الغاضب - وكان يبدو أنه يشكو لي -.. أخذ يرغى ويزبد، وملأ وجهي بالرذاذ الذي تطاير من فمه، وبين الحين والحين ينهال بالسباب على (مرسي)، يذكر مساوئه لي، ويطلعني على أسراره، ويستعرض - (حسين) - أفضاله على ذلك الذي لا أم له - (مرسي) -..
حينها وددتُ لو أفرغ مدفعي الصغير - ذلك الذي أحضرتُه لي يوم عيد ميلادي - في رأسه.. يا له من خنزير!.. ها هو فشلي يعانقني للمرة الثانية..
اللعنة!.. إن هذا لموجع يا أبت! ، موجع للغاية.
وتبقّى لي الأمل الأخير في (حمدان).. ذلك الذي يهوى تربية الكتاكيت.. كتاكيته التي تناديني كي آخذها وأضمها لحجرتي.. لا أخفى طمعي وجشعي ورغبتي المُلحّة في الاستيلاء عليها.. وكعادتي، أرّقني التفكير في كيفية إقناع (حمدان) بأن آخذها..
علىّ أن أقابل ثورته بأسباب تقنعه، علىّ أن أستعد لامتصاص غضبه.. تُرى هل سيوافق بسهولة ويسر؟!!..
وعلى هذا الحال قضيتُ ليلتي..
وفى الصباح أتيتُ (حمدانَ) باسم الثغر.. أخبرتُه برغبتي وتحفزت خلايا مخي للمعركة الكلامية.. فإذا به يخبرني أنها هدية منه إليّ، سيسعده أن أقبلها.. يا للشيطان!.. عندها لم أستطع التحمل وكظم غيظي يا أبت.. صفعتُه على وجهه وكدتُ أبصق عليه من فرط السخط..
أخذَته المفاجأة لبرهة وما لبث أن لانت ملامحه، وأخبرني كم أنا مهزار خفيف الظل، وأخطرني بأنه قد قبل مزاحي، وأن صفعتي لم تكن ثقيلة عليه قط، غير أنه كان يفضلها على قفاه مما سيوطد العلاقة بيننا، ومما سيضفى ظرفاً أكثر..
عندها كدتُ أخرّ صريعاً بصدق.. أقسم على هذا.
أدركني يا أبت، أنا منهار، لم أعهد في نفسي تلك الخيبة من قبل.. أبتاه أغثني أرجوك."
نحت الأسى ملامحه على صخرة وجه الأب.. صوّب بصره شطر ولده في إشفاق وقال: " (داوود) صغيري.. فلتهدأ..
لكن.. . أتعلم؟.. يا لفاجعتك وعذابك حقاً!.. يا لك من تعس!.. لقد كُتب عليك الذل بملاقاة أناس كهؤلاء.. ليس أشق على المرء من أن يكون عدوه غبياً ساذجاً أبلهاً أجوفاً أخرق؛ فهذا يحرمه لذة النصر عليه.. يا للشر الذي أحاق بك يا بنى.. إنهم متساهلون معك بدرجة غير محتملة فعلاً..
هل بلغ الحمق هذه الدرجة؟!!.. تظل ترسم، وتخطط، وتدبر، وتجهز، وتفكر كي تنال مرادك، وبعد هذا الجهد تجد عدوك الأرعن الأحمق يقدم لك ما تريد بكل سهولة وعلى شفتيه ابتسامة بلهاء!!.. إن هذا لمؤلم!.. إن هذا ليدفع للانتحار.. لم يُذكر في تاريخ عائلتنا بأسره أن لاقت خصماً بمثل هذا البله!.. ألا من عدوٍ حاذق؟!!.. ألا من عدوٍ يستحق التخطيط والتدبير؟!!.. يا لسوء حظك يا (داوود).. يا لسوء حظك يا بنى! "
سكت الأب قبل أن يطرق برأسه..
لم تستطع أم الصبي الصمت على هذا.. للسماء رفعت ذراعيها وصاحت تدعو الله:
" اللهم ردّ أعداء (داوود) إلى صوابهم، وقوِّهم، واجعلهم متحدين ثابتين..
اللهم اجعلهم رجلاً واحداً يقف في وجه (داوود)، وأصلح أحوالهم لكي يستعيدوا توازنهم ويصبحوا خصوماً أقوياء جديرين به.. حتى يهنأ (داوود) بنصره عليهم..
اللهم استجب دعاء أم (داوود)."
* * *
أحمد صبري غباشي
"من كتاب : نادماً خرج القط لـ أحمد صبري غباشي"
تمت كتابتها في يوم : الخميس - 23 ديسمبر 2004
يسير الفتى منكساً رأسه، حاملاً همه، وقد بهت وجهه بألوان الحزن، وعلى الرغم من ذلك فلم يفلح حزنه في قتل خبث نظرته ولؤم عينيه.. يمضي في الطريق ملتاعاً، ساخطاً..
سار إلى أن وصل لأبيه وأمه.. أبوه الذي أبصره على هذا الحال فأقبل عليه هلعاً.. وسأله: " ما بك يا (داوود)؟!!"
سالت دموع الفتى من عينيه، وابتدأ سرد شكواه قائلاً:
" لم يعد بإمكاني الاحتمال يا أبت.. فظيعٌ هذا الذي ألقاه!..
أقراني أولاد الجيران.. (مرسي)، و (حسين)، و (حمدان).. مخلوقات رهيبة يا أبت.. أصابوني بالإحباط.. زرعوا بداخلي محاصيل اليأس التي لم أعرفها يوماً.. غدوتُ أمام نفسي: (لا شيء).. تبخرت ثقتي بقدراتي وذهبت أدراج الرياح.. تصور يا أبت!!.. أنا الذي لم يُخلق بعد من هو في مثل خبثي وشرى.. أنا.. فشلتُ في تحقيق مرادي معهم.. تصور!!
كانوا أول من حرمني لذة النجاح.. صرتُ مغتماً على الدوام.. أصبحتُ أهيم على وجهي في الطرقات.. غدوتُ أحادث نفسي أحياناً كثيرة بسببهم.. أفقدوني عقلي..
إن وجود أشخاص كهؤلاء محالٌ حدوثه يا أبت.. صدقني.. سأحكى لك ولتحكم بنفسك..
فكرتُ طويلاً في طريقة تجعلني محبوباً عندهم. أكسب بها ودهم وأصير لديهم مقرباً.. ووجدت تلك الطريقة بعد عناء، ثم عزمت على تنفيذها..
وذات صباح انفردتُ بـ (مرسي).. أقبلتُ عليه هاشاً باشاً لاصقاً على وجهي ابتسامة متوددة - تلك التي علمتنيها يا أبت؛ تعرفها بالتأكيد -.. فبادلني الابتسام.. تيقّظ عقلي واستعددتُ لأن أصب حديثي في أذنيه حتى أخدره وأكسب وده..
وما إن فتحتُ فمي لأهم بالتحدث حتى وجدته يتحدث إلىّ في مرحٍ وبغير تكلف، وينبئني بأنه سعيد بمعرفة شخص ذكي محترم مثلي، وأنه يراقبني منذ فترة وقد لفتت شخصيتي انتباهه، ويود لو نتناسى تلك العداوة بيننا وبين أسرته، ويأمل أن تعود علاقتي معه طبيعية، وأنه سيسعد بهذا التطبيع جداً..
دمعت عيناي غيظاً حينها يا أبت.. لقد أضاع الأحمق مجهودي وطول تفكيري في غمضة عين.. لم يشعرني بنجاحي الذي أتوق له.
وذات مرة قضيتُ إحدى لياليّ ساهراً أخطط وأدبر وقيعة بين (مرسي) و (حسين).. أرسم الخطط، وأنهك عقلي مفكراً، وأعصر مخي كي آتي بنتيجةٍ مرضية.. وأخيراً وصلتُ، واعتزمتُ التنفيذ..
وأتيتُ (صديقي) (حسين).. - فلقد نلتُ صداقة ثلاثتهم بالطبع - متظاهراً بالحزن والأسى والتذمر لأجله.. وبالطبع أعددت العدة وجهزت الحجج والدلائل اللازمة لنجاح الوقيعة..
وقبل أن أفتح فمي بادرني هو بالحديث الغاضب - وكان يبدو أنه يشكو لي -.. أخذ يرغى ويزبد، وملأ وجهي بالرذاذ الذي تطاير من فمه، وبين الحين والحين ينهال بالسباب على (مرسي)، يذكر مساوئه لي، ويطلعني على أسراره، ويستعرض - (حسين) - أفضاله على ذلك الذي لا أم له - (مرسي) -..
حينها وددتُ لو أفرغ مدفعي الصغير - ذلك الذي أحضرتُه لي يوم عيد ميلادي - في رأسه.. يا له من خنزير!.. ها هو فشلي يعانقني للمرة الثانية..
اللعنة!.. إن هذا لموجع يا أبت! ، موجع للغاية.
وتبقّى لي الأمل الأخير في (حمدان).. ذلك الذي يهوى تربية الكتاكيت.. كتاكيته التي تناديني كي آخذها وأضمها لحجرتي.. لا أخفى طمعي وجشعي ورغبتي المُلحّة في الاستيلاء عليها.. وكعادتي، أرّقني التفكير في كيفية إقناع (حمدان) بأن آخذها..
علىّ أن أقابل ثورته بأسباب تقنعه، علىّ أن أستعد لامتصاص غضبه.. تُرى هل سيوافق بسهولة ويسر؟!!..
وعلى هذا الحال قضيتُ ليلتي..
وفى الصباح أتيتُ (حمدانَ) باسم الثغر.. أخبرتُه برغبتي وتحفزت خلايا مخي للمعركة الكلامية.. فإذا به يخبرني أنها هدية منه إليّ، سيسعده أن أقبلها.. يا للشيطان!.. عندها لم أستطع التحمل وكظم غيظي يا أبت.. صفعتُه على وجهه وكدتُ أبصق عليه من فرط السخط..
أخذَته المفاجأة لبرهة وما لبث أن لانت ملامحه، وأخبرني كم أنا مهزار خفيف الظل، وأخطرني بأنه قد قبل مزاحي، وأن صفعتي لم تكن ثقيلة عليه قط، غير أنه كان يفضلها على قفاه مما سيوطد العلاقة بيننا، ومما سيضفى ظرفاً أكثر..
عندها كدتُ أخرّ صريعاً بصدق.. أقسم على هذا.
أدركني يا أبت، أنا منهار، لم أعهد في نفسي تلك الخيبة من قبل.. أبتاه أغثني أرجوك."
نحت الأسى ملامحه على صخرة وجه الأب.. صوّب بصره شطر ولده في إشفاق وقال: " (داوود) صغيري.. فلتهدأ..
لكن.. . أتعلم؟.. يا لفاجعتك وعذابك حقاً!.. يا لك من تعس!.. لقد كُتب عليك الذل بملاقاة أناس كهؤلاء.. ليس أشق على المرء من أن يكون عدوه غبياً ساذجاً أبلهاً أجوفاً أخرق؛ فهذا يحرمه لذة النصر عليه.. يا للشر الذي أحاق بك يا بنى.. إنهم متساهلون معك بدرجة غير محتملة فعلاً..
هل بلغ الحمق هذه الدرجة؟!!.. تظل ترسم، وتخطط، وتدبر، وتجهز، وتفكر كي تنال مرادك، وبعد هذا الجهد تجد عدوك الأرعن الأحمق يقدم لك ما تريد بكل سهولة وعلى شفتيه ابتسامة بلهاء!!.. إن هذا لمؤلم!.. إن هذا ليدفع للانتحار.. لم يُذكر في تاريخ عائلتنا بأسره أن لاقت خصماً بمثل هذا البله!.. ألا من عدوٍ حاذق؟!!.. ألا من عدوٍ يستحق التخطيط والتدبير؟!!.. يا لسوء حظك يا (داوود).. يا لسوء حظك يا بنى! "
سكت الأب قبل أن يطرق برأسه..
لم تستطع أم الصبي الصمت على هذا.. للسماء رفعت ذراعيها وصاحت تدعو الله:
" اللهم ردّ أعداء (داوود) إلى صوابهم، وقوِّهم، واجعلهم متحدين ثابتين..
اللهم اجعلهم رجلاً واحداً يقف في وجه (داوود)، وأصلح أحوالهم لكي يستعيدوا توازنهم ويصبحوا خصوماً أقوياء جديرين به.. حتى يهنأ (داوود) بنصره عليهم..
اللهم استجب دعاء أم (داوود)."
* * *
أحمد صبري غباشي
فلتدعي يا أم داوود !!!
فلتدعي يا أم داوود !!!
"من كتاب : نادماً خرج القط لـ أحمد صبري غباشي"
تمت كتابتها في يوم : الخميس - 23 ديسمبر 2004
يسير الفتى منكساً رأسه، حاملاً همه، وقد بهت وجهه بألوان الحزن، وعلى الرغم من ذلك فلم يفلح حزنه في قتل خبث نظرته ولؤم عينيه.. يمضي في الطريق ملتاعاً، ساخطاً..
سار إلى أن وصل لأبيه وأمه.. أبوه الذي أبصره على هذا الحال فأقبل عليه هلعاً.. وسأله: " ما بك يا (داوود)؟!!"
سالت دموع الفتى من عينيه، وابتدأ سرد شكواه قائلاً:
" لم يعد بإمكاني الاحتمال يا أبت.. فظيعٌ هذا الذي ألقاه!..
أقراني أولاد الجيران.. (مرسي)، و (حسين)، و (حمدان).. مخلوقات رهيبة يا أبت.. أصابوني بالإحباط.. زرعوا بداخلي محاصيل اليأس التي لم أعرفها يوماً.. غدوتُ أمام نفسي: (لا شيء).. تبخرت ثقتي بقدراتي وذهبت أدراج الرياح.. تصور يا أبت!!.. أنا الذي لم يُخلق بعد من هو في مثل خبثي وشرى.. أنا.. فشلتُ في تحقيق مرادي معهم.. تصور!!
كانوا أول من حرمني لذة النجاح.. صرتُ مغتماً على الدوام.. أصبحتُ أهيم على وجهي في الطرقات.. غدوتُ أحادث نفسي أحياناً كثيرة بسببهم.. أفقدوني عقلي..
إن وجود أشخاص كهؤلاء محالٌ حدوثه يا أبت.. صدقني.. سأحكى لك ولتحكم بنفسك..
فكرتُ طويلاً في طريقة تجعلني محبوباً عندهم. أكسب بها ودهم وأصير لديهم مقرباً.. ووجدت تلك الطريقة بعد عناء، ثم عزمت على تنفيذها..
وذات صباح انفردتُ بـ (مرسي).. أقبلتُ عليه هاشاً باشاً لاصقاً على وجهي ابتسامة متوددة - تلك التي علمتنيها يا أبت؛ تعرفها بالتأكيد -.. فبادلني الابتسام.. تيقّظ عقلي واستعددتُ لأن أصب حديثي في أذنيه حتى أخدره وأكسب وده..
وما إن فتحتُ فمي لأهم بالتحدث حتى وجدته يتحدث إلىّ في مرحٍ وبغير تكلف، وينبئني بأنه سعيد بمعرفة شخص ذكي محترم مثلي، وأنه يراقبني منذ فترة وقد لفتت شخصيتي انتباهه، ويود لو نتناسى تلك العداوة بيننا وبين أسرته، ويأمل أن تعود علاقتي معه طبيعية، وأنه سيسعد بهذا التطبيع جداً..
دمعت عيناي غيظاً حينها يا أبت.. لقد أضاع الأحمق مجهودي وطول تفكيري في غمضة عين.. لم يشعرني بنجاحي الذي أتوق له.
وذات مرة قضيتُ إحدى لياليّ ساهراً أخطط وأدبر وقيعة بين (مرسي) و (حسين).. أرسم الخطط، وأنهك عقلي مفكراً، وأعصر مخي كي آتي بنتيجةٍ مرضية.. وأخيراً وصلتُ، واعتزمتُ التنفيذ..
وأتيتُ (صديقي) (حسين).. - فلقد نلتُ صداقة ثلاثتهم بالطبع - متظاهراً بالحزن والأسى والتذمر لأجله.. وبالطبع أعددت العدة وجهزت الحجج والدلائل اللازمة لنجاح الوقيعة..
وقبل أن أفتح فمي بادرني هو بالحديث الغاضب - وكان يبدو أنه يشكو لي -.. أخذ يرغى ويزبد، وملأ وجهي بالرذاذ الذي تطاير من فمه، وبين الحين والحين ينهال بالسباب على (مرسي)، يذكر مساوئه لي، ويطلعني على أسراره، ويستعرض - (حسين) - أفضاله على ذلك الذي لا أم له - (مرسي) -..
حينها وددتُ لو أفرغ مدفعي الصغير - ذلك الذي أحضرتُه لي يوم عيد ميلادي - في رأسه.. يا له من خنزير!.. ها هو فشلي يعانقني للمرة الثانية..
اللعنة!.. إن هذا لموجع يا أبت! ، موجع للغاية.
وتبقّى لي الأمل الأخير في (حمدان).. ذلك الذي يهوى تربية الكتاكيت.. كتاكيته التي تناديني كي آخذها وأضمها لحجرتي.. لا أخفى طمعي وجشعي ورغبتي المُلحّة في الاستيلاء عليها.. وكعادتي، أرّقني التفكير في كيفية إقناع (حمدان) بأن آخذها..
علىّ أن أقابل ثورته بأسباب تقنعه، علىّ أن أستعد لامتصاص غضبه.. تُرى هل سيوافق بسهولة ويسر؟!!..
وعلى هذا الحال قضيتُ ليلتي..
وفى الصباح أتيتُ (حمدانَ) باسم الثغر.. أخبرتُه برغبتي وتحفزت خلايا مخي للمعركة الكلامية.. فإذا به يخبرني أنها هدية منه إليّ، سيسعده أن أقبلها.. يا للشيطان!.. عندها لم أستطع التحمل وكظم غيظي يا أبت.. صفعتُه على وجهه وكدتُ أبصق عليه من فرط السخط..
أخذَته المفاجأة لبرهة وما لبث أن لانت ملامحه، وأخبرني كم أنا مهزار خفيف الظل، وأخطرني بأنه قد قبل مزاحي، وأن صفعتي لم تكن ثقيلة عليه قط، غير أنه كان يفضلها على قفاه مما سيوطد العلاقة بيننا، ومما سيضفى ظرفاً أكثر..
عندها كدتُ أخرّ صريعاً بصدق.. أقسم على هذا.
أدركني يا أبت، أنا منهار، لم أعهد في نفسي تلك الخيبة من قبل.. أبتاه أغثني أرجوك."
نحت الأسى ملامحه على صخرة وجه الأب.. صوّب بصره شطر ولده في إشفاق وقال: " (داوود) صغيري.. فلتهدأ..
لكن.. . أتعلم؟.. يا لفاجعتك وعذابك حقاً!.. يا لك من تعس!.. لقد كُتب عليك الذل بملاقاة أناس كهؤلاء.. ليس أشق على المرء من أن يكون عدوه غبياً ساذجاً أبلهاً أجوفاً أخرق؛ فهذا يحرمه لذة النصر عليه.. يا للشر الذي أحاق بك يا بنى.. إنهم متساهلون معك بدرجة غير محتملة فعلاً..
هل بلغ الحمق هذه الدرجة؟!!.. تظل ترسم، وتخطط، وتدبر، وتجهز، وتفكر كي تنال مرادك، وبعد هذا الجهد تجد عدوك الأرعن الأحمق يقدم لك ما تريد بكل سهولة وعلى شفتيه ابتسامة بلهاء!!.. إن هذا لمؤلم!.. إن هذا ليدفع للانتحار.. لم يُذكر في تاريخ عائلتنا بأسره أن لاقت خصماً بمثل هذا البله!.. ألا من عدوٍ حاذق؟!!.. ألا من عدوٍ يستحق التخطيط والتدبير؟!!.. يا لسوء حظك يا (داوود).. يا لسوء حظك يا بنى! "
سكت الأب قبل أن يطرق برأسه..
لم تستطع أم الصبي الصمت على هذا.. للسماء رفعت ذراعيها وصاحت تدعو الله:
" اللهم ردّ أعداء (داوود) إلى صوابهم، وقوِّهم، واجعلهم متحدين ثابتين..
اللهم اجعلهم رجلاً واحداً يقف في وجه (داوود)، وأصلح أحوالهم لكي يستعيدوا توازنهم ويصبحوا خصوماً أقوياء جديرين به.. حتى يهنأ (داوود) بنصره عليهم..
اللهم استجب دعاء أم (داوود)."
* * *
أحمد صبري غباشي
"من كتاب : نادماً خرج القط لـ أحمد صبري غباشي"
تمت كتابتها في يوم : الخميس - 23 ديسمبر 2004
يسير الفتى منكساً رأسه، حاملاً همه، وقد بهت وجهه بألوان الحزن، وعلى الرغم من ذلك فلم يفلح حزنه في قتل خبث نظرته ولؤم عينيه.. يمضي في الطريق ملتاعاً، ساخطاً..
سار إلى أن وصل لأبيه وأمه.. أبوه الذي أبصره على هذا الحال فأقبل عليه هلعاً.. وسأله: " ما بك يا (داوود)؟!!"
سالت دموع الفتى من عينيه، وابتدأ سرد شكواه قائلاً:
" لم يعد بإمكاني الاحتمال يا أبت.. فظيعٌ هذا الذي ألقاه!..
أقراني أولاد الجيران.. (مرسي)، و (حسين)، و (حمدان).. مخلوقات رهيبة يا أبت.. أصابوني بالإحباط.. زرعوا بداخلي محاصيل اليأس التي لم أعرفها يوماً.. غدوتُ أمام نفسي: (لا شيء).. تبخرت ثقتي بقدراتي وذهبت أدراج الرياح.. تصور يا أبت!!.. أنا الذي لم يُخلق بعد من هو في مثل خبثي وشرى.. أنا.. فشلتُ في تحقيق مرادي معهم.. تصور!!
كانوا أول من حرمني لذة النجاح.. صرتُ مغتماً على الدوام.. أصبحتُ أهيم على وجهي في الطرقات.. غدوتُ أحادث نفسي أحياناً كثيرة بسببهم.. أفقدوني عقلي..
إن وجود أشخاص كهؤلاء محالٌ حدوثه يا أبت.. صدقني.. سأحكى لك ولتحكم بنفسك..
فكرتُ طويلاً في طريقة تجعلني محبوباً عندهم. أكسب بها ودهم وأصير لديهم مقرباً.. ووجدت تلك الطريقة بعد عناء، ثم عزمت على تنفيذها..
وذات صباح انفردتُ بـ (مرسي).. أقبلتُ عليه هاشاً باشاً لاصقاً على وجهي ابتسامة متوددة - تلك التي علمتنيها يا أبت؛ تعرفها بالتأكيد -.. فبادلني الابتسام.. تيقّظ عقلي واستعددتُ لأن أصب حديثي في أذنيه حتى أخدره وأكسب وده..
وما إن فتحتُ فمي لأهم بالتحدث حتى وجدته يتحدث إلىّ في مرحٍ وبغير تكلف، وينبئني بأنه سعيد بمعرفة شخص ذكي محترم مثلي، وأنه يراقبني منذ فترة وقد لفتت شخصيتي انتباهه، ويود لو نتناسى تلك العداوة بيننا وبين أسرته، ويأمل أن تعود علاقتي معه طبيعية، وأنه سيسعد بهذا التطبيع جداً..
دمعت عيناي غيظاً حينها يا أبت.. لقد أضاع الأحمق مجهودي وطول تفكيري في غمضة عين.. لم يشعرني بنجاحي الذي أتوق له.
وذات مرة قضيتُ إحدى لياليّ ساهراً أخطط وأدبر وقيعة بين (مرسي) و (حسين).. أرسم الخطط، وأنهك عقلي مفكراً، وأعصر مخي كي آتي بنتيجةٍ مرضية.. وأخيراً وصلتُ، واعتزمتُ التنفيذ..
وأتيتُ (صديقي) (حسين).. - فلقد نلتُ صداقة ثلاثتهم بالطبع - متظاهراً بالحزن والأسى والتذمر لأجله.. وبالطبع أعددت العدة وجهزت الحجج والدلائل اللازمة لنجاح الوقيعة..
وقبل أن أفتح فمي بادرني هو بالحديث الغاضب - وكان يبدو أنه يشكو لي -.. أخذ يرغى ويزبد، وملأ وجهي بالرذاذ الذي تطاير من فمه، وبين الحين والحين ينهال بالسباب على (مرسي)، يذكر مساوئه لي، ويطلعني على أسراره، ويستعرض - (حسين) - أفضاله على ذلك الذي لا أم له - (مرسي) -..
حينها وددتُ لو أفرغ مدفعي الصغير - ذلك الذي أحضرتُه لي يوم عيد ميلادي - في رأسه.. يا له من خنزير!.. ها هو فشلي يعانقني للمرة الثانية..
اللعنة!.. إن هذا لموجع يا أبت! ، موجع للغاية.
وتبقّى لي الأمل الأخير في (حمدان).. ذلك الذي يهوى تربية الكتاكيت.. كتاكيته التي تناديني كي آخذها وأضمها لحجرتي.. لا أخفى طمعي وجشعي ورغبتي المُلحّة في الاستيلاء عليها.. وكعادتي، أرّقني التفكير في كيفية إقناع (حمدان) بأن آخذها..
علىّ أن أقابل ثورته بأسباب تقنعه، علىّ أن أستعد لامتصاص غضبه.. تُرى هل سيوافق بسهولة ويسر؟!!..
وعلى هذا الحال قضيتُ ليلتي..
وفى الصباح أتيتُ (حمدانَ) باسم الثغر.. أخبرتُه برغبتي وتحفزت خلايا مخي للمعركة الكلامية.. فإذا به يخبرني أنها هدية منه إليّ، سيسعده أن أقبلها.. يا للشيطان!.. عندها لم أستطع التحمل وكظم غيظي يا أبت.. صفعتُه على وجهه وكدتُ أبصق عليه من فرط السخط..
أخذَته المفاجأة لبرهة وما لبث أن لانت ملامحه، وأخبرني كم أنا مهزار خفيف الظل، وأخطرني بأنه قد قبل مزاحي، وأن صفعتي لم تكن ثقيلة عليه قط، غير أنه كان يفضلها على قفاه مما سيوطد العلاقة بيننا، ومما سيضفى ظرفاً أكثر..
عندها كدتُ أخرّ صريعاً بصدق.. أقسم على هذا.
أدركني يا أبت، أنا منهار، لم أعهد في نفسي تلك الخيبة من قبل.. أبتاه أغثني أرجوك."
نحت الأسى ملامحه على صخرة وجه الأب.. صوّب بصره شطر ولده في إشفاق وقال: " (داوود) صغيري.. فلتهدأ..
لكن.. . أتعلم؟.. يا لفاجعتك وعذابك حقاً!.. يا لك من تعس!.. لقد كُتب عليك الذل بملاقاة أناس كهؤلاء.. ليس أشق على المرء من أن يكون عدوه غبياً ساذجاً أبلهاً أجوفاً أخرق؛ فهذا يحرمه لذة النصر عليه.. يا للشر الذي أحاق بك يا بنى.. إنهم متساهلون معك بدرجة غير محتملة فعلاً..
هل بلغ الحمق هذه الدرجة؟!!.. تظل ترسم، وتخطط، وتدبر، وتجهز، وتفكر كي تنال مرادك، وبعد هذا الجهد تجد عدوك الأرعن الأحمق يقدم لك ما تريد بكل سهولة وعلى شفتيه ابتسامة بلهاء!!.. إن هذا لمؤلم!.. إن هذا ليدفع للانتحار.. لم يُذكر في تاريخ عائلتنا بأسره أن لاقت خصماً بمثل هذا البله!.. ألا من عدوٍ حاذق؟!!.. ألا من عدوٍ يستحق التخطيط والتدبير؟!!.. يا لسوء حظك يا (داوود).. يا لسوء حظك يا بنى! "
سكت الأب قبل أن يطرق برأسه..
لم تستطع أم الصبي الصمت على هذا.. للسماء رفعت ذراعيها وصاحت تدعو الله:
" اللهم ردّ أعداء (داوود) إلى صوابهم، وقوِّهم، واجعلهم متحدين ثابتين..
اللهم اجعلهم رجلاً واحداً يقف في وجه (داوود)، وأصلح أحوالهم لكي يستعيدوا توازنهم ويصبحوا خصوماً أقوياء جديرين به.. حتى يهنأ (داوود) بنصره عليهم..
اللهم استجب دعاء أم (داوود)."
* * *
أحمد صبري غباشي