Alaa Al Aswany's Blog, page 3
August 19, 2012
تنبيه للاصدقاء
August 14, 2012
مقاله علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم: ” فرحة صادقة ومخاوف مشروعة “
مقاله علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم
" فرحة صادقة ومخاوف مشروعة "
15 اغسطس 2012
اذا كنت شاركت في الثورة المصرية أو دعمتها أو حتى تفهمت أسبابها فلاشك أن قرارات الرئيس مرسي الأخيرة قد أسعدتك . بالرغم من كل محاولات النظام القديم لاجهاض الثورة الا أن الشعب استطاع أن يفرض رئي…سا مدنيا منتخبا لأول مرة منذ ستين عاما واستطاع هذا الرئيس المنتخب ان يحقق مطلبا أساسيا للثورة وهو اسقاط حكم العسكر ..باقالة المشير طنطاوي والفريق عنان والغاء الاعلان الدستوري المكمل يتحول الدكتور مرسي فعلا الى رئيس منتخب يمتلك كل الصلاحيات اللازمة لاقامة الجمهورية الثانية في مصر ..
بامكان الرئيس مرسي الآن أن يبدأ بناء الدولة الديمقراطية التى استشهد وأصيب آلاف المصريين وهم يحلمون برؤيتها . .
قرارات الرئيس مرسي جلبت الفرحة لكل من رأيتهم لكن هذه الفرحة لم تكن صافية وانما شابتها مخاوف .. . مصريون كثيرون يتساءلون هل يجب أن نفرح لأن حكم العسكر الذى طالما هتفنا بسقوطه قد سقط أم يجب أن نقلق على مصر لأن ما يحدث هو تمكين للاخوان من السيطرة على الدولة..؟! هذه المخاوف لها أسباب مشروعة تتلخص في الآتي :
أولا : ان الرئيس مرسي بالرغم من كونه منتخبا وشرعيا الا انه ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين بكل ما يكتنف هذه الجماعة من غموض في السلوك والتنظيم والتمويل ..
الجماعة غير مسجلة ولا مرخصة وميزانيتها الهائلة لا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وأظن أن الرئيس من واجبه أن يقنع قيادات الاخوان أو يلزمهم بفتح الصندوق الأسود للجماعة وتوفيق أوضاعها واخضاعها لرقابة الدولة حتى يقضى على كل الهواجس التي تراود ملايين المصريين ..
ثانيا : مع الغاء الاعلان الدستوري المكمل أعطى الرئيس مرسي لنفسه حق تشكيل جمعية تأسيسية للدستور اذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية الحالية لعملها .. هذا الحق الذى منحه الرئيس لنفسه غير ديمقراطي وغير مقبول .. لأن الجمعية التأسيسية يجب أن تعبر عن ارادة الشعب لا عن رغبات الرئيس حتى ولو كان منتخبا .
كنا ننتظر من الرئيس مرسي أن يعيد الحق للشعب صاحب السلطة فيكون من حق الشعب اختيار لجنة تأسيسية للدستور عن طريق الانتخابات الحرة وكنا ننتظر منه أن ينفذ وعده باعادة تشكيل اللجنة الحالية بحيث لا يسيطر عليها التيار الاسلامي ويوجهها وفقا لأفكاره.
ثالثا : المعروف في العالم كله أن وزارة الاعلام اختراع قمعي فاشل لا يوجد الا في الأنظمة الشمولية حيث تسعى أنظمة الاستبداد الى توجيه الرأى العام عن طريق انشاء وزارة للاعلام تشرف على تلقين الناس مجموعة من الاكاذيب تمجد الحاكم المستبد وتبرر كل ما يفعله حتى لو ارتكب جرائم ..
كان مطلب الثورة أن يتم الغاء وزارة الاعلام وانشاء مجلس أعلى للاعلام يراقب المعايير المهنية لوسائل الاعلام لكننا فوجئنا بالرئيس يحتفظ بوزارة الاعلام ويضع على رأسها أحد الاعضاء البارزين في جماعة الاخوان .
لايمكن تفسير ذلك الا برغبة الرئيس في ترويض الاعلام بدلا من تحريره وقد بدأ السيد وزير الاعلام عمله بطريقة أمنية تماما فقام بحملة من أجل فحص التصاريح الخاصة ببعض المذيعين الذين يعملون في القنوات الخاصة ثم أعقب ذلك بقرار اداري من الحكومة باغلاق قناة الفراعين ..
لايمكن بالطبع أن أدافع عن الأداء الاعلامي المنحرف لقناة الفراعين فالسيد توفيق عكاشة صاحب هذه القناة استعملها في قذف وسب معظم الوجوه التى ارتبطت بالثورة وأنا منهم وقد تقدمت ببلاغ للنائب العام ضد شتائم مقذعة انهال بها توفيق عكاشة على شخصى في برنامجه لكن البلاغ كالعادة تاه في أدراج النائب العام منذ شهور .. توفيق عكاشة وأمثاله يستحقون المساءلة القانونية بلاشك لكن اغلاق القنوات التليفزيونية في النظام الديمقراطي لا يكون أبدا تنفيذا لأمر اداري وانما تغلق القنوات تنفيذا لحكم قضائي نهائي ..
واذا قبلنا اليوم اغلاق الفراعين بقرار اداري فان أية قناة تليفزيونية ستغضب الرئيس مرسي في المستقبل سيتم اغلاقها بقرار اداري . كما أن توفيق عكاشة ليس الوحيد الذى يمارس القذف والسب على الهواء فهناك توفيق عكاشه آخر ينتسب للتيار الاسلامي هو الشيخ خالد عبد الله على قناة الناس وهو يوجه شتائم مقذعة لكل من يختلف معه في الرأى وقد نالنى أيضا جانبا من شتائمه فتقدمت ببلاغ ضده للنائب العام لكن البلاغ نام أيضا في الادراج مثل البلاغ الآخر ..
- السؤال .. هل يحاسب توفيق عكاشة على أدائه الاعلامي المتدني وتطاوله بغير حق على الناس عموما أم أنه يحاسب فقط على تطاوله على الرئيس مرسي ..؟ اذا كان عكاشه يحاسب على تجاوزه فيجب أن يحاسب أيضا الشيخ خالد عبد الله لأنه لايقل عنه تجاوزا أما اذا كان عكاشه يعاقب لأنه أغضب الرئيس فهنا يجب أن ننبه الى خطورة أن يدفع الرئيس حكومته للتنكيل بمعارضيه بينما من يرتكب نفس التجاوزات اذا كان منتميا للتيار الاسلامي لا يحاسبه أحد
رابعا : في كل النظم الديمقراطية تحفل وسائل الاعلام بالنقد لرئيس الدولة لكن القانون لايحاسب أحدا على نقده للرئيس مهما يكن قاسيا ومتجاوزا .القانون في النظام الديمقراطي ، في جريمة القذف والسب ، لا يتسامح فيما يخص الاشخاص العاديين لكنه يتسامح تماما فيما يخص الوزراء والرئيس .. فلو أنك قلت لجارك أو زميلك في العمل : أنت لص وكذاب .. يستطيع أن يقاضيك ويحصل على حكم ضدك أما اذا كتبت في جريدة أن رئيس الجمهورية كذاب ولص فان القانون يعفيك من أية محاسبة لأن نقد رئيس الجمهورية حتى ولو كان قاسيا الغرض منه الصالح العام ..
في فرنسا جريدة ساخرة شهيرة اسمها البطة المقيدة . تصدر كل أربعاء منذ عام 1915 لتسلخ رئيس جمهورية فرنسا وكبار المسئولين بسخرية لاذعة وتصورهم في كاريكاتير بطريقة مضحكة لايمكن أن يقبلها المواطن العادي على نفسه لكن المسئول العام يقبلها .
وقد عبر عن هذا المعنى الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت (1858 ـ 1919 ) عندما جاءه أحد وزرائه يشكو من قسوة هجوم الصحافة عليه فابتسم روزفلت وقال ساخرا :
ـ من يعمل داخل المطبخ لايحق له أن يشكو من حرارة الفرن ..
مغزى هذه العبارة أن تحمل النقد القاسي أو الجارح أحد واجبات المنصب العام في النظام الديمقراطي .
هذه هي الديمقراطية التى نريد بناءها في مصر . لكننا فوجئنا للأسف بمصادرة جريدة الدستور وتحويل رئيس تحريرها الى المحاكمة بتهمة اهانة رئيس الجمهورية بالاضافة الى التهم المطاطة المعروفة مثل اثارة الفتنة الطائفية والتحريض وهذه التهم من الممكن توجيهها الى أى شخص لا يرضى عنه الرئيس مرسي …
أتمنى أن يقلع الرئيس مرسي عن ملاحقة الصحفيين حتى يقتنع المصريون أنه يريد فعلا بناء ديمقراطية حقيقية .
خامسا : معظم الصحف القومية في مصر مؤسسات فاسدة وفاشلة اداريا وصحفيا وكلها مديونة بمئات الملايين من الجنيهات التى تم اهدارها ونهبها من اموال الشعب المصري .. طبقا للقانون فان مجلس الشوري يمتلك المؤسسات الصحفية وكان يعين رؤساء تحريرها بمساعدة أجهزة الأمن وكانت النتيجة أن معظم رؤساء التحرير كانوا يتبارون في نفاق رئيس الدولة وفي نفس الوقت تعود صحفيون كثيرون على النفاق والتعامل مع جهاز أمن الدولة من أجل ضمان الترقي بعيدا عن معيار الكفاءة ..
بعد الثورة طالب الصحفيون بالغاء ملكية مجلس الشورى للمؤسسات الصحفية بحيث تكون مستقلة تماما عن الدولة وتم اعداد مشروعات متكاملة وجيدة من أجل استقلال الصحف القومية وتطويرها .
لكننا فوجئنا بمجلس الشورى ( الذى يسيطر الاخوان على أغلبية مقاعده ) يسارع بالاعلان عن مسابقة لتعيين رؤساء التحرير .. هذه المسابقة واللجنة التى أشرفت عليها أثارتا الكثير من الاعتراضات وعلامات الاستفهام ..
ثم تم اعلان النتائج وتعيين رؤساء تحرير جدد لكل الصحف القومية . . بعض رؤساء التحرير الجدد الذين فازوا في هذه المسابقة مشهود لهم بالكفاءة فعلا مثل الاستاذ سليمان قناوي والاستاذة ثناء أبو الحمد وغيرهما ..
لكن اعتراضنا هنا لا ينصب على الاشخاص وانما على النظام الذى يحتفظ لمجلس الشورى بالهيمنة على رؤساء التحرير .. فمهما كانت كفاءة رئيس التحرير الجديد لا يمكن أن ينسى أنه تم تعيينه بموافقة الاخوان المسلمين الذين يسيطرون على مجلس الشورى وأن معارضته للاخوان في أية لحظة قد تكلفه منصبه وبالتالي من الطبيعي أن يكون حذرا في التعامل مع أى موضوع يخص الاخوان أو الاسلاميين..
وهكذا نرى أن الاخوان ، بدلا من أن يحققوا أهداف الثورة ويساعدوا في تحرير المؤسسات الصحفية من سيطرة مجلس الشورى حتى تكون الصحافة القومية مستقلة محترمة ، فانهم خلعوا سيطرة أجهزة الأمن على المؤسسات الصحفية ليسيطروا عليها بأنفسهم بواسطة مجلس الشورى..
كل هذه الوقائع المقلقة تطرح نفس السؤال مجددا :
هل نحن أمام رئيس جمهورية عازم على تفكيك آلة الاستبداد لتعود السلطة الى صاحبها الشرعي وهو الشعب المصري أم أنه يطوع آلة الاستبداد لمصلحته وينزع سلطة العسكر عن الدولة ليؤسس سلطة الاخوان ..؟!. اذا كان مشروع الرئيس أخونة الدولة المصرية فهذا مشروع محكوم عليه بالفشل لأن الشعب سيقاومه بشدة ولن يسمح به أبدا والشعب الذى تصدى لحكم مبارك وأسقطه وحاكمه لن يقبل أبدا أن تتحول مصر الى دولة الاخوان ..
اذا كان الرئيس يريد فعلا أن يقضى على الاستبداد ليؤسس ديمقراطية حقيقية فلابد أن يصلح كل هذه الأخطاء المقلقة ويؤكد بأفعاله أنه رئيس للمصريين جميعا .يجب أن يفرج الرئيس عن المعتقلين الثوريين جميعا كما أفرج عن المعتقلين الاسلاميين .
لولا تضحيات شباب الثورة المعتقلين في السجن الحربي لما كان للرئيس مرسي أن يصل الى القصر الجمهوري . يجب أن ينفذ الرئيس وعوده بطمئنة الاقباط وتعيينهم في مناصب فعالة وموثرة ليدلل على احترامه لمبدأ المساواة بين المواطنين .
يجب أن ينفذ الرئيس وعده باجراء تغييرات في تشكيل اللجنة التاسيسية للدستور لتكون معبرة بحق عن كل أطياف المجتمع ولا يهيمن عليها التيار الاسلامي واذا تعثرت هذه اللجنة يجب أن يعاد تشكيلها عن طريق انتخابات حرة وليس عن طريق لجنة يختارها الرئيس على هواه .
تحية واجبة للرئيس مرسي على قراراته الشجاعة لانهاء حكم العسكر لكننا في انتظار قرارات أخرى منه حتى يثبت لنا أنه رئيس المصريين جميعا وأنه يريد فعلا أن يقضى على الاستبداد العسكري لا ليؤسس بدلا منه استبدادا دينيا وانما ليصنع نظاما ديمقراطيا حقيقيا يحقق لمصر المستقبل الذى تستحقه ..
الديمقراطية هي الحل
العنوان الإليكتروني
Dralaa57@yahoo.com
(( نرجو الارسال من خلال هذا الايميل فقط ))
August 7, 2012
مقاله علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم : ..ماذا تنتظر مصر ..؟!..
مقاله علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم
7 اغسطس 2012
..ماذا تنتظر مصر ..؟!..
هل يجوز أن تهاجم انسانا وهو يؤدى فريضة دينية ؟! .. هل يجوز أن تهاجم انسانا وهو يصلى سواء كان مسلما أومسيحيا أو يهوديا أو يعتنق أي دين آخر..؟!. هل يجوز أن تهاجم انسانا ص…ائما وهو يستعد للافطار والصلاة ..؟! .هذه جريمة حقيرة ودنيئة في كل الأعراف والقوانين .
بعض الجماعات الارهابية المنتسبة للدين كذبا هاجمت الجنود والضباط المصريين في رفح وهم صائمون يستعدون للافطار . أطلقت النار عليهم وهم يقومون بواجبهم في حماية حدود بلادهم .
أسفر الهجوم الاجرامي عن استشهاد 16 ضابطا وجنديا مصريا واصابة العديد من زملائهم ثم استولى الارهابيون على مدرعتين مصريتين وهجموا بهما على الحدود الاسرائيلية حيث تعامل معهم الجيش الاسرائيلي وقصف المدرعتين ثم أذاع أنه أحرق مدرعة ولم يشر الى مصير المدرعة الأخرى .. الحادث مريب وخطير فعلا ويثير أسئلة عديدة ويفرض علينا رؤية مختلفة للمشهد في مصر . ..
أولا : منذ أن نجحت الثورة في خلع مبارك ، تولى المجلس العسكري سلطة رئيس الجمهورية لحين كتابة الدستور وانتخاب رئيس جديد وقد طالبت القوى الثورية أكثر من مرة بتشكيل مجلس رئاسي مدنى من شخصيات وطنية مستقلة مع وجود ممثل للجيش بحيث يؤدي هذا المجلس الرئاسي مهام رئيس الجمهورية خلال الفترة الانتقالية .
اقتراح المجلس الرئاسي المدنى كان يستند الى حقيقيتين : أولا أن القادة العسكريين مع خبرتهم العسكرية الكبيرة ليس لديهم أدنى خبرة بادارة الدولة مما سيؤدي الى أزمات ومشكلات حدثت بالفعل ولازلنا نعاني منها جميعا
وثانيا : أن مهمة القادة العسكريين في العالم كله أن يتفرغوا لمهمتهم الأساسية في الدفاع عن الوطن بعيدا عن شئون الحكم والصراعات السياسية لكن المجلس العسكري رفض هذا الاقتراح وأصر على أن يتولى بنفسه الشئون السياسية وغرق اللواءات أعضاؤه في تفاصيل كتابة الدستور واجراء الانتخابات وحل مجلس الشعب وللأسف فان استغراق قيادات الجيش في الشئون السياسية قد ترك أثره بالتأكيد على تركيزهم في أداء دورهم العسكري .ان هذا الحادث الارهابي ينم عن تقصير مؤسف من بعض الأجهزة في القوات المسلحة .
لقد تنبأت اسرائيل وأعلنت عن وقوع عملية ارهابية في سيناء بل وحذرت المواطنين الاسرائيليين من زيارة جنوب سيناء . اذا كان هذا الهجوم الارهابي متوقعا ومعلنا بهذا الشكل قبل حدوثه بأيام فلماذا لم يتخذ القادة العسكريون في مصر الاحتياطات اللازمة لاحباط هذا الهجوم وحماية جنودنا الذين استشهدوا ..؟! ..
لماذا لم تصدر تعليمات برفع درجة الاستعداد تحسبا لهجوم أكدت اسرائيل أنه سيحدث في سيناء ..؟! ان هذا التقصير الذى أدى الى سقوط 16 شهيدا مصريا يجب أن يكون محل تحقيق فوري موسع وحازم داخل القوات المسلحة حتى لا يتكرر ..
ثانيا : منذ اليوم الأول للثورة المصرية وقفت اسرائيل بوضوح وقوة في صف حسني مبارك الذي وصفه مسئولون اسرائيليون بأنه كنز استراتيجي للدولة العبرية . ولأول مرة في تاريخ اسرئيل يعقد رئيس وزرائها ثلاثة مؤتمرات صحفية في أقل من ثلاثة أسابيع من أجل هدف واحد ..
تدعيم نظام مبارك ضد الثورة بل ان اسرائيل مارست ضغوطا غير مسبوقة على الادارة الأمريكية حتى تمنع سقوط مبارك لكن الثورة انتصرت وخلعت مبارك .
من السذاجة اذن أن نتصور ان اسرائيل سيسعدها نجاح الثورة أو أنها ستقف مكتوفة الأيدي حتى يتم التحول الديمقراطي في مصر . اسرائيل تعرف جيدا حجم مصر وتأثيرها في العالم العربي وتعلم أيضا أن مصر تملك امكانات كبرى وأنها لو أتمت التحول الديمقراطي فسوف ستتحول في سنوات قليلة الى دولة كبرى وتستعيد دورها في قيادة الوطن العربي . اسرائيل تعلم أن الثورة في مصر لو نجحت فان العالم العربي كله سوف يحقق النهضة وهي ستبذل كل جهدها لمنع هذه النهضة . ..
من ناحية أخرى فان اسرائيل تتحرك وفقا لعقيدة صهيونية تعتبر حدود اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات وبالتالي فان كل المعاهدات التى توقعها اسرائيل تعتبرها خطوات تكتيكية تستطيع أن تتنصل منها في أى وقت لتنفذ خطتها النهائية في السيطرة على العالم العربي . هذه العملية الارهابية لا تفيد أحدا الا اسرائيل بل ان شكوكا قوية تحيط بدور اسرائيل في هذا الهجوم . لماذا وكيف تنبأت اسرائيل بالعملية الارهابية قبل حدوثها بأيام…؟ مالذى يدفع الارهابيين الى دخول اسرائيل بمدرعتين ؟!.. هل من المعقول أن يتصوروا أنهم سينفذون أية عملية داخل اسرائيل باستعمال مدرعتين فقط ..؟!.
ألم يعلم الارهابيون يقينا أن القوات الاسرائيلية تراقبهم وسوف تقصفهم فور اقترابهم من الحدود ..؟! ان دخول الارهابيين الى اسرائيل يزيد من الشكوك حول دور اسرائيل في الهجوم .. أضف الى ذلك أن الهجوم الاسرائيلي على المدرعتين داخل اسرائيل يقضى على كل أمل لمصر في معرفة شخصيات الارهابيين ومن يقف وراءهم ..ان هذا الهجوم يحقق أهدافا محددة لاسرائيل التى أعدت الرأى العام في العالم من أجل هذه اللحظة . .
اسرائيل منذ فترة تملأ الدنيا ضجيجا في الصحافة الغربية عن خطورة الفراغ الأمنى في سيناء ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حذرت أكثر من مرة من عمليات ارهابية قد تنطلق من سيناء ضد اسرائيل وقد أطلق وزير الدفاع الاسرائيلي تصريحا يلوم فيه الجيش المصري لأنه قصر في حماية الحدود ويلوح باستدعاء قوات دولية لحماية أمن اسرائيل .كل هذا في رأيي يبدو مدبرا ومخططا . .
سوابق اسرائيل تؤكد أنها لاتترك أى حدث في مصر أو المنطقة بغير أن تستعمله من أجل تحقيق المزيد من التوسع والعدوان وهي تستهدف من هذا العمل الارهابي تحقيق أحد الهدفين : اما التدويل لقطاع من سيناء ووضعه تحت اشراف دولي واما الدفع بقوات اسرائيلية لاحتلال قطاعا من سيناء بزعم حماية نفسها من الاعتداءات .
ثالثا : نرجو ألا يستغل هذا الحادث الارهابي من أجل تشويه صورة اخوتنا الفلسطينيين في غزة واستعادة الحصار ضدهم .. لقد ارتكب نظام مبارك جريمة بشعة ضد الفلسطينيين عندما شارك اسرائيل في حصارهم وتجويعهم . نرجو من أعضاءالمجلس العسكري والرئيس مرسي ألا ينساقوا الى ماتريده اسرائيل ويستأنفون حصار اهلنا في غزة .. ان محنة الفلسطينيين في غزة لم تعد شأنا عربيا وانما قضية انسانية .ان منع المياه والكهرباء والغذاء عن سكان مدنيين جريمة ضد الانسانية بعض النظر عن مرتكبها وضحيتها . القوافل التى جاءت مرة تلو الأخرى لفك الحصار عن غزة كان معظم أعضائها من الاجانب المسيحيين واليهود الذين اعتبروا مايحدث في غزة جريمة ضد الانسانية يحتم عليهم التزامهم الاخلاقي مقاومتها و منعها
رابعا : قام المجلس العسكري بمهام رئيس الجمهورية أثناء الفترة الانتقالية وكنا ولازلنا نعتقد أن المجلس العسكري ارتكب أخطاء جسيمة أدت بنا الى الورطة نحن فيها .. لقد حافظ المجلس العسكري على نظام مبارك الذى تسبب في كل المشكلات التى أعقبت الثورة بدءا من الانفلات الامنى والأزمة الاقتصادية الى نشر الفوضى من أجل استعادة النظام القديم بأى ثمن ..
المجلس العسكري مسئول سياسيا عن مذابح راح ضحيتها العشرات من الشهداء والمصابين بالاضافة الى مئات المدنيين الذين حكوموا عسكريا وألقى بهم الى السجن الحربي .. كنا ولازلت ننتقد تصرفات المجلس العسكري وفي كل مرة كنا نحرص على التأكيد أن النقد الذى نوجهه لسياسات المجلس العسكري لا ينسحب أبدا على الجيش المصري الذى هو جيش الشعب المصري .
لايوجد بيت في مصر لايضم مجندا أو ضابطا في القوات المسلحة . كنا نؤكد دائما اعتزازنا بالجيش وان كنا نعترض على سياسات المجلس العسكري ونرفض اقحام الجيش في السياسة الأمر الذى بدأنا ندفع ثمنه جميعا .. بالرغم من نقدنا للمجلس العسكري واعتراضنا على سياساته ففي هذه اللحظات الحرجة ، نجد من واجبنا أن ندعمه بكل قوتنا من أجل قيادة هذه المعركة دفاعا عن الوطن ..
المجلس العسكري الذى طالمنا اختصمناه ونددنا بسياساته يجب أن يتحول في نظرنا الآن الى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يجب أن ندعمه بكل قوتنا ليقوم بمهمته من أجل الدفاع عن الوطن . آن الأوان أن تراجع مصر معاهدة كامب دافيد التى تمنحها حق مراجعة بنودها كل فترة ، ان القوات المصرية الموجودة في سيناء غير كافية لتأمين الحدود المصرية. آن الآوان أن يرد الجيش المصري الصاع صاعين لكل من يهاجم جنديا مصريا .
لانريد من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتصرف بنفس الطريقة التى اتبعها عندما اقتحمت القوات الاسرائيلية الحدود المصرية وقتلت 6 جنود مصريين في العام الماضى واكتفت السلطات المصرية آنذاك بما يشبه الاعتذار من اسرائيل ..
في الداخل يجب القضاء على الانفلات الأمنى فورا وتماما . .
ان الانفلات الأمنى المتعمد من نظام مبارك جريمة في حق مصر لكنه اذا استمر في هذا الظرف الخطير يكون بمثابة خيانة عظمى للوطن . عندما تتعرض مصر للخطر فيجب أن نكون كلنا على مستوى المسئولية . الواجب علينا الآن ألا نتصرف من منطلق صفتنا السياسية وانما بدافع انتمائنا الوطني .
في هذه اللحظة لانكون سلفيين أو اخوانا أوليبراليين أو يساريين وانما نكون فقط مصريين واجبهم أن يدعموا القيادة العسكرية للجيش المصرى بكل قوتهم مهما كانوا مختلفين مع أدائها السياسي .واجبنا جميعا الآن أن نتوحد ونرتفع الى مستوى المسئولية ونضع كل طاقاتنا في خدمة الوطن .
لا يعنى ذلك بالطبع أن ننسحب ونوقف التحول الديمقراطي فان مصر يعاد تشكيلها الآن بعد الثورة ولابد أن نشارك بآرائنا ومجهودنا لكن علينا أن نعي أن الوطن يمر بلحظة خطرة تسمح بالخلاف في الرأى لكنها لاتسمح أبدا بالصراعات مهما تكن أسبابها ..
نتمنى أن يستجيب المجلس الأعلى للقوات المسلحة الى مطالبنا ويعود الى عمله الأصلى في الدفاع عن الوطن ويترك الشئون السياسية للرئيس المنتخب ووزارته . مهما كان اختلافنا مع الرئيس مرسي ومهما يكن رأينا سلبيا في الوزارة التى شكلها فان مصلحة مصر ، كما تفرض علينا الوقوف خلف قيادة القوات المسلحة ،
تفرض علينا أيضا أن نساعد الرئيس المنتخب على تأمين بلادنا وحل أزماتها لأننا قد نتعرض في أية لحظة الى هجوم آخر من اسرائيل التى تملك الآن ذريعة للتدخل العسكري في سيناء … .مصر تنتظر منا جميعا أن نرتفع جميعا عن خلافاتنا ونقدم مصلحة الوطن على أى اعتبار آخر .. حفظ الله مصر ورحم الله الشهداء . .
الديمقراطية هي الحل
العنوان الإليكتروني
Dralaa57@yahoo.com
July 31, 2012
مقاله د. علاء الأسوانى فى جريدة المصرى اليوم : هل ندعم الإخوان أم العسكر..؟!
هل ندعم الإخوان أم العسكر..؟!
مقاله د. علاء الأسوانى فى جريدة المصرى اليوم
٣١/ ٧/ ٢٠١٢
«القرآن يدعو إلى الكراهية والعنف والإذعان والقتل والإرهاب.أنا لا أكره المسلمين. أنا أكره الإسلام نفسه»..
هذه الكلمات البذيئة قالها جيرت فيلدرز، زعيم اليمين المتطرف فى هولندا، هذا الرجل يثير موجات من الكراهية ضد المسلمين أينما ذهب، وهو يعتبر الإسلام خطرا على أوروبا يجب محاربته بشراسة، وقد صنع فيلماً بعنوان «فتنة» حافلا بالهجوم الجاهل الظالم على الإسلام مما أدى إلى محاكمته بتهمة إثارة الكراهية (وهى تهمة أتمنى أن يتم تطبيقها فى مصر ضد كل من يسىء إلى الآخرين بسبب معتقداتهم الدينية). جيرت فيلدرز ليس نموذجا نادرا وإنما هو جزء من ظاهرة تجتاح أوروبا الآن، حيث يصعد اليمين المتطرف ويكتسب مقاعد فى البرلمانات تتراوح بين ٥ و٢٠ فى المائة. فى كل بلد أوروبى يوجد حزب يمينى متطرف يتبنى خطابا معاديا للمهاجرين. أسباب صعود اليمين المتطرف عديدة: سقوط الاتحاد السوفيتى وتأثيره السلبى على أحزاب اليسار، والأزمة الاقتصادية التى تجعل بعض الأوروبيين يشعرون بالكراهية نحو الأجانب لأنهم فى ظنهم يأخذون فرصهم فى العمل، هناك أيضا اعتداءات ١١ سبتمبر فى الولايات المتحدة والعديد من العمليات الإرهابية التى تورط فيها متطرفون إسلاميون..
أضف إلى هذا أن معظم المساجد فى الغرب ينفق عليها شخصيات أو جمعيات وهابية من الخليج، وبالتالى تقدم القراءة الوهابية المتشددة التى تعطى صورة سيئة وغير حقيقية عن الإسلام.. فى كل الأحوال، فإن صعود اليمين المتطرف فى الغرب ظاهرة سيئة تقلق الغربيين جميعا، لأن هذه الأحزاب المتطرفة ليست فقط معادية للإسلام بل هى أيضا غالبا معادية لليهود والملونين والسود، وهى تؤمن غالباً بمبدأ عنصرىّ اسمه «التفوق الأبيض»، يفترض أن جينات الرجل الأبيض تجعله كائنا إنسانيا أرقى من الإنسان غير الأبيض (هذا الافتراض من الناحية العلمية هراء لا يستحق المناقشة).. الأحزاب اليمينية المتطرفة تتحفظ عادة على حقوق المرأة، وهى كثيرا ما تجاهر بالإعجاب بالأفكار النازية والفاشية، وكلاهما ضد الديمقراطية.. وقد أدت هذه الأحزاب المتطرفة إلى ظهور مجموعات مسلحة من اليمينيين المتطرفين، يحلقون شعر رؤوسهم ويجوبون المدن الأوروبية ليعتدوا على المهاجرين ويحرقوا بيوتهم وقد قامت هذه المجموعات بعمليات إرهابية مروعة، كان آخرها اعتداء النرويج الذى نفذه يمينى متطرف، وراح ضحيته ٧٧ شخصا..
الديمقراطية الغربية تواجه إذن موقفا فريدا من نوعه: باسم الديمقراطية تكونت أحزاب تحمل أفكارا عنصرية، تحض على الكراهية، وتعتنق نظريات قد لا تعترف بالديمقراطية أساسا.. والسؤال: لماذا لا تتخذ الحكومات الغربية قرارا بإغلاق هذه الأحزاب واعتقال أعضائها فتستريح وتريح الناس؟.. الإجابة: إن المبادئ الديمقراطية تمنع أى إجراءات استثنائية، ومن حق أى مواطن أن يعبّر عن أفكاره مادامت لا تخالف القانون. أعضاء الأحزاب المتطرفة بمجرد أن يقولوا أو يفعلوا ما يخالف القانون يتم القبض عليهم وإحالتهم للمحاكمة، ولو أن أى حكومة غربية اتخذت إجراء استبدادياً وأغلقت الأحزاب المتطرفة سيكون أول من يدافع عن هذه الأحزاب خصومهم السياسيين، لأنهم فى هذه الحالة يدافعون عن قواعد الديمقراطية حتى لو استفاد منها من يخالفهم فى الرأى.
لقد تعلمت الديمقراطيات العريقة أن منع المتطرفين من التعبير السياسى لا يقضى على أفكارهم وإنما يضاعف من تأثيرها، ولو أنها اتخذت قرارا بإغلاق الأحزاب المتطرفة، فلسوف تتحول خلال شهور إلى تنظيمات سرية مسلحة ترتكب عشرات الاعتداءات على المواطنين والممتلكات. علاج التطرف الوحيد إذن هو تدعيم النظام الديمقراطى… إن الأفكار المتطرفة مثل الجراثيم التى تهاجم الجسم، لابد من تقوية الجهاز المناعى للجسم من أجل القضاء عليها. الجهاز المناعى للمجتمع هو النظام الديمقراطى، كلما دافعنا عنه وقمنا بترسيخ قواعده سيكون قادرا على محاربة التطرف. هذه الدروس من الديمقراطيات العريقة أتمنى أن نتعلمها فى مصر.. لنتخيل مثلا أن الجيش فى أى بلد أوروبى قد قام بانقلاب واستولى على السلطة، وألغى النظام الديمقراطى، وقال لمواطنيه: «سوف يتولى العسكريون الحكم لأننا لو أجرينا الانتخابات فسوف تفوز بها الأحزاب اليمينية المتطرفة» عندئذ سيكون الشعب بين اختيارين إما أن يستسلم للحكم العسكرى بكل ما يعنيه من استبداد وما ينتج عنه من كوارث، وإما أن يطالب بالديمقراطية التى سيستفيد منها المتطرفون.
لاشك عندى أن ذلك لو حدث فى أى بلد غربى، فإن المواطنين جميعا سيتوحدون من أجل إنهاء الحكم العسكرى وإعادة الديمقراطية، أما المتطرفون فإن الديمقراطية قادرة دائما على منع شرورهم.. هذا الاختيار البائس بين الإخوان والعسكر قد تم فرضه علينا فى مصر على مدى ثلاثين عاما، وشكّل ذريعة «مبارك» الدائمة فى الاستبداد بالحكم.
أكثر من مرة استمعت إلى مسؤولين فى نظام مبارك وهم يقولون: «نحن مضطرون لتزوير الانتخابات وإلا فإن الإخوان سوف يفوزون».
وهكذا ارتضى قطاع كبير من المصريين بالاستبداد كبديل للتطرف، فتدهورت أحوال بلادنا حتى وصلت إلى الحضيض فى كل المجالات، ثم قامت الثورة المصرية ونجحت فى خلع «حسنى مبارك»، لكنها فشلت حتى الآن فى التخلص من نظام مبارك الذى لايزال يحكم مصر برعاية المجلس العسكرى.. ومنذ اليوم التالى لخلع مبارك بدأ نظام مبارك فى وضعنا أمام الاختيار ذاته: تحالف الإخوان والعسكر على حساب الثورة، الإخوان أرادوا أن يحققوا غرضهم فى السلطة، والعسكر نجحوا فى استعمال الإخوان كفزاعة من أجل إعادة النظام القديم. مخطط متكامل تم تنفيذه فى الشعب المصرى: انفلات أمنى متعمد وفوضى وبلطجية تابعون لأجهزة الأمن يهاجمون كل شىء حتى المستشفيات ومدارس الأطفال.. وقد خص نظام مبارك الأقباط بترويع مضاعف، فتم إحراق كنائس عديدة أمام أعين أفراد الشرطة المدنية والشرطة العسكرية، وتم الاعتداء على بيوت الأقباط وممتلكاتهم بواسطة ملتحين دون أن يحاكم المعتدون، بالرغم من ظهورهم بالصوت والصورة فى فيديوهات مسجلة، وبلغ ترويع الأقباط ذروته فى مذبحة ماسبيرو، حيث تم قتلهم بالرصاص ودهسهم بالمدرعات.
كانت الرسالة: «أنتم أيها الأقباط فقدتم مبارك الذى كان يحميكم من المتطرفين الإسلاميين وعليكم الآن أن تدفعوا ثمن مناصرتكم للثورة..»، هذا ما يجعلنا نتفهم لماذا صوّت معظم الأقباط لصالح شفيق ممثل نظام مبارك حتى لا يتمكن مرشح الإسلاميين من الفوز بالرئاسة. إننا اليوم أمام الاختيار البائس نفسه الذى ظلت مصر تتخبط فيه على مدى عقود.. أما أن نعترف برئيس منتخب شرعى لكنه ينتمى إلى «الإخوان المسلمين» التى يعتبرها كثيرون جماعة متطرفة خطرة لأن لها جزءا غاطسا سريا لا نعرف عنه شيئا، فنحن لا نعرف من يمول الإخوان ولا نعرف ميزانية الجماعة ولا نعرف حقيقة وجود تنظيم مسلح للإخوان، كل هذه الهواجس نحو الإخوان مشروعة ومفهومة وهى تدفع الكثيرين إلى الحذر فى التعامل مع الرئيس مرسى، لكن الاختيار الثانى أمامنا أن نؤيد بقاء المجلس العسكرى فى السلطة حتى يحمينا من الإخوان، وفى هذه الحالة سوف نجهض الثورة بأيدينا..
لقد قامت الثورة المصرية أساسا فى رأيى من أجل إنهاء الحكم العسكرى الذى استمر ستين عاما (مع تقديرى العميق للزعيم العظيم عبدالناصر) إذا تمسكنا بالحكم العسكرى خوفا من الإخوان فلماذا قمنا بالثورة أساسا..؟!
علينا عندئذ أن نعتذر لـ«حسنى مبارك» ونعيده للسلطة، لأنه أفضل من يستطيع السيطرة على الإخوان بالقمع والاعتقالات.. الاختيار الصحيح فى رأيى أن نرفض الحكم العسكرى ونعترف بشرعية الرئيس المنتخب ثم نضغط عليه من أجل تصحيح مسار الإخوان: يجب أن نطالب الرئيس بإعلان ميزانية الإخوان وإخضاعها لرقابة الدولة.. واجبنا أن نمنع الإخوان من الاستحواذ على السلطة ونرفض تحويل مصر إلى دولة دينية، على أن يتم ذلك عن طريق النظام الديمقراطى وليس خارجه.
وقد رأينا كيف خسر الإخوان المسلمون، بسبب أدائهم السيئ، خلال شهور قليلة نحو نصف الناخبين من انتخابات البرلمان إلى الانتخابات الرئاسية، بل إن الرئيس مرسى نفسه لم ينجح بأصوات الإسلاميين وإنما بأصوات مصريين عاديين قرروا أن يدعموه ليمنعوا عودة النظام القديم ممثلا فى «شفيق». إن حماية الديمقراطية من التطرف لن تتحقق أبدا بتسليم الحكم إلى العسكر وإنما تستطيع الديمقراطية دائما حماية نفسها بنفسها عن طريق الرقابة الشعبية واحترام نتيجة الانتخابات مهما تكن غير مرضية بالنسبة إلينا. فى مصر الآن رئيس منتخب بإرادة الشعب، يواجه نظام مبارك الذى لايزال يحكم برعاية العسكر.. نظام مبارك يشن حملة عاتية ضد الرئيس، يستعمل فيها مخاوف المصريين من الإخوان المسلمين، لكن الهدف من هذه الحملة ليس حماية مصر من التطرف وإنما استمرار الحكم العسكرى. كل مطالب الثورة الآن يتم تقديمها فى الإعلام باعتبارها مطالب الإخوان.. إذا طلب الرئيس إقالة لواءات الداخلية من رجال العادلى المسؤولين عن قتل المتظاهرين والانفلات الأمنى، فإن الإعلام يقدم ذلك باعتباره محاولة الإخوان السيطرة على وزارة الداخلية.. إذا طالب أحد بالتحقيق مع أحمد شفيق الهارب فى ٣٥ قضية فساد مقدمة ضده منذ أكثر من عام، فإن الإعلام يقدم ذلك باعتباره بلاغات الإخوان الكيدية ضد شفيق.. إن نظام مبارك يختبئ خلف فزاعة الإخوان من أجل منع التغيير واستمرار الحكم العسكرى لمصر. الذين لا يتفقون سياسيا مع الإخوان ـ وأنا منهم ـ أمامهم طريقان لإقصاء الإخوان عن الحكم: إما أن يدعموا المجلس العسكرى من أجل السيطرة على الإخوان، لكنهم عندئذ سيكونون سببا فى إجهاض الثورة والديمقراطية معا.. وإما أن يبعدوا العسكر عن السلطة ويدعموا النظام الديمقراطى القادر وحده على هزيمة الإخوان عن طريق صناديق الانتخابات.
أكاد أسمع بعض المعترضين يقولون: أنت تقارن الناخبين المصريين بنظرائهم الأوروبيين الذين يفوقونهم فى مستوى التعليم والوعى.. الواقع أن ممارسة الديمقراطية لا تحتاج إلى شهادة الدكتوراة، والدليل على ذلك الهند، البلد الذى يعانى الفقر والجهل والأمية، لكنه استطاع أن يكون من أكبر الديمقراطيات فى العالم، ولدينا دليل آخر من تاريخنا، ففى عام ١٩٥٠، أجريت آخر انتخابات نزيهة قبل ثورة ١٩٥٢ وكان الإخوان المسلمون آنذاك فى ذروة قوتهم، لكنهم فشلوا فى الحصول على مقعد واحد فى البرلمان، لأن حزب الوفد اكتسح الانتخابات وفاز بأغلبية المقاعد… نحن محصورون منذ عقود بين الإخوان والعسكر، والمخرج الوحيد فى رأيى أن نعمل على ترسيخ ديمقراطية حقيقية تكون قادرة على حماية مصر من التطرف ومن الاستبداد معا.
July 24, 2012
مقاله علاء الأسوانى فى جريدة المصرى اليوم : من المتحول يا ساويرس؟!
من المتحول يا ساويرس؟!
مقاله علاء الأسوانى فى جريدة المصرى اليوم
٢٤/ ٧/ ٢٠١٢
منذ بضعة شهور، سافر السيد نجيب ساويرس فى زيارة إلى كندا أجرى خلالها عدة مقابلات فى التليفزيون، وقد كرر ساويرس - فى كل لقاءاته - مطالبته للدول الغربية بالتدخل فى مصر من أجل حماية الأقباط ومساعدة الليبراليين فى بناء الدولة المدنية وعندما اعترض المذيع على تدخل الغرب فى شؤون مصر صاح ساويرس غاضبا:
- لماذا تتركون قطر والسعودية تمولان الإخوان المسلمين؟!. إما أن تمنعوا هذا التمويل أو تتدخلوا فى مصر لصالحنا.
وفى لقاء آخر مع المذيعة الكندية كريستينا فريلاند طالب ساويرس الغرب بالتدخل لحماية الأقباط والليبراليين من الإسلاميين وعندما اعترضت المذيعة على التدخل فى شؤون مصر قال ساويرس بالحرف:
- عندما تتدخل الدول الغربية لدعمنا لا يجب أن يكون ذلك علنا.
واندهشت المذيعة وقالت:
- أنت إذن تطالب الدول الغربية بدعم سرى..
.. كل هذه اللقاءات مسجلة ومتوفرة على الإنترنت ولا يستطيع ساويرس إنكارها.. ليس من حقى أن أشكك فى وطنية نجيب ساويرس لكننى أرفض تماما هذا الطلب الذى قدمه للدول الغربية حتى تتدخل فى شؤوننا.. وإذا كان هناك تمويل للإسلاميين من قطر والسعودية فالحل الصحيح أن تخضع ميزانيات الأحزاب الإسلامية والمدنية جميعا لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات مع تجريم أى تمويل سرى مهما يكن نوعه ومصدره.. أما أن يطالب ساويرس الحكومات الغربية بالتدخل فى مصر لحماية الأقباط فلا شك عندى أن الأقباط بكل تاريخهم الوطنى سيكونون أول من يرفض هذا التدخل المشين، أنا يسارى أدافع عن الدولة المدنية التى يتساوى فيها المواطنون بغض النظر عن أديانهم لكننى أرفض أى تدخل أجنبى فى شؤون بلادى وأسأل السيد ساويرس:
أى ديمقراطية تلك التى ستصنعها لنا الحكومات الغربية الاستعمارية؟!. اذكر لى بلدا عربيا واحدا قامت فيه الحكومات الغربية بحماية الأقليات.. هل حمت الولايات المتحدة المسيحيين أو الشيعة فى العراق المحتل؟! هل حمت الدول الغربية المسيحيين فى فلسطين الذين تقتلهم قوات الاحتلال الإسرائيلى وتدمر كنائسهم؟!
إن مصر قد ناضلت على مدى عقود وقدمت آلاف الشهداء مسلمين وأقباطا من أجل الاستقلال والسيادة الوطنية وبالتالى فإن دعوة ساويرس للغرب بالتدخل فى مصر إنما تهدر كل ما مات هؤلاء الشهداء من أجله، أدعو السيد ساويرس أن يقرأ قليلا عن تاريخ الكنيسة المصرية ليفخر كما أفخر كمصرى بمواقفها الوطنية العظيمة التى قدمت مصلحة مصر على أى اعتبار، أدعو ساويرس لقراءة تاريخ بطل وطنى من طراز رفيع هو القمص سرجيوس، أحد زعماء ثورة ١٩١٩ الذى خطب فى الأزهر وأعلن أن الأقباط يرفضون حماية الاحتلال البريطانى لهم ويطالبونه بالجلاء الفورى عن مصر.. الغريب أن السيد ساويرس دعا الدول الغربية إلى التدخل فى بلاده وطلب دعمهم السرى لكنه فى نفس الوقت عندما جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية فى زيارة رسمية معلنة إلى الرئيس مرسى المنتخب فإن نجيب ساويرس رفض هذه الزيارة وأعلن أنها تعتبر تدخلا فى شؤون مصر.. من المتحول يا سيد ساويرس؟!
ثانياً: ما موقف نجيب ساويرس من الثورة ؟! هل كان يؤيدها أم يعارضها؟! شاهدت تسجيلات عديدة للسيد ساويرس فأصابتنى دهشة بالغة: السيد ساويرس ينتقل من الموقف إلى نقيضه بلا أدنى حرج .. قبل الثورة أعلن نجيب ساويرس مرارا وتكرارا أنه يحب حسنى مبارك ويؤيده ويعتبره بطلا قوميا.. وفى بداية الثورة، فى مداخلة على قناة المحور خرج ساويرس على الناس باكيا من فرط تعاطفه مع مبارك.. عندئذ قال له المذيع سيد على:
- يا أستاذ ساويرس دموعك غالية علينا. أنا عارف أن دموعك دى عشان مصر.
وفى لقاءات متوالية، أثناء الثورة، أكد ساويرس أنه لايريد لمبارك أن يرحل وأنه لم ينزل إلى ميدان التحرير بل نزل إلى ميدان مصطفى محمود حيث حمله مؤيدو مبارك على الأعناق وراح يهتف معهم من أجل بقاء مبارك.. هذا الموقف يتحول إلى نقيضه بعد نجاح الثورة فيؤكد ساويرس، فى لقاءات مسجلة أيضاً، أنه أيد الثورة منذ اليوم الأول وفرح بها فرحا شديدا ثم يبالغ فيقول (فى ندوة فى كندا) أن تأييده العارم للثورة جلب عليه غضب أفراد أسرته الذين خافوا عليه من عواقب شجاعته الثورية.. هذه المواقف المتناقضة لنجيب ساويرس مسجلة وموجودة وإذا سمح لى سأطبعها له على سيديهات وأرسلها إلى مكتبه ليطالع مواقفه على مهل ويعرف من هو المتحول!!
ثالثاً: السيد ساويرس غضب منى واتهمنى بالعنصرية لأننى أوردت فى مقالى الأخير الجملة التالية: « بعض الأقباط أصابهم الذعر من وجود رئيس إسلامى لدرجة جعلتهم يريدون التخلص منه حتى لو كان الثمن إجهاض الثورة وعودة النظام القديم».
أولاً: سأوضح تعريف العنصرية فى القوانين الغربية:
«العنصرية هى الاعتقاد بأن الاختلاف فى العنصر أو الجنس يؤدى إلى الاختلاف فى القدرات الإنسانية» أنصح السيد نجيب بأن يكتب هذا التعريف ويفهمه جيداً وألا يستعمل بعد ذلك مصطلحات يجهل معناها.. أما عن الجملة التى أثارت غضبه فهو للأسف لم يكن أمينا فى نقلها فقد كتبت «بعض» الأقباط لكن السيد ساويرس أورد الجملة بعد حذف «بعض» مما يوحى بأن رأيى ينسحب على الأقباط جميعا. على كل حال تعالوا نتحدث بصراحة:.. هل ننكر أن قطاعا كبيرا من الأقباط قد صوتوا لصالح شفيق وكانوا سيصوتون لعمر سليمان رحمه الله لو أنه أكمل ترشحه؟! الكاتب القبطى البارز سليمان شفيق أكد فى مقاله باليوم السابع أن ٨٠ فى المائة من الأقباط صوتوا لصالح شفيق.. هل ننكر أن وصول شفيق أو عمر سليمان إلى الحكم كان سيعنى إجهاض الثورة أو على الأقل نهاية الموجة الأولى من الثورة؟!. أنا أتفهم موقف الأقباط الذين دعموا النظام القديم خوفا من الإسلاميين لكننى لا يمكن أن أوافقهم على هذا الموقف.
رابعاً: يقول السيد ساويرس إن قناة «أون.تى.فى» لعبت دورا مهما فى الثورة وأنا أوافقه تماما وقد كان لى حظ الاقتراب من هذه القناة ورأيت المجهود العظيم الذى بذله مدير القناة ألبير شفيق ونجومها المتألقون مثل يسرى فودة وريم ماجد وآخرون ورأيت عشرات الشباب يتعلمون ويمارسون القواعد المهنية لإعلام راق وصادق.. كنت فخورا بقناة «أون.تى.فى» ورأيتها وهى تحارب بشجاعة لتنقل الحقيقة ثم ماذا حدث؟!. ما إن أعلن عن خوض أحمد شفيق جولة الإعادة ضد محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة حتى تصرف نجيب ساويرس بمنطق صاحب الكرة (عندما كنا نلعب الكرة ونحن أطفال كان صاحب الكرة له الكلمة النهائية ولابد أن نطيعه وإلا فإنه سيأخذ الكرة ويمضى فلا تكون هناك مباراة أصلاً) فرض ساويرس على قناة «أون.تى. فى» تأييد أحمد شفيق ومنع انتقاد شفيق فى كل البرامج وتم إلغاء دعوات لضيوف عديدين من منتقدى شفيق وفى وقت ما تم إلغاء معظم البرامج الحوارية ثم نتيجة لكل هذه الضغوط انسحب الإعلامى الكبير يسرى فودة ووجه بيانا لمشاهديه قائلاً: «لقد انسحبت احتراما لكم» ثم رفض العودة للقناة لأن المسألة مسألة مبدأ كما قال.. كل هذه وقائع لايستطيع ساويرس إنكارها بل إن تأييده العارم لشفيق، الذى ينكره الآن، عليه عشرات الشهود وأذكر أن رجلا مصريا عظيما - واحد من أهم رموز الثورة فى مصر - قال لى فى اتصال تليفونى:
- «تصور نجيب ساويرس كلمنى تلات مرات عشان أدعم شفيق..»
ثم عقب الرجل الكبير بكلمة لا أحب أن أذكرها .. الأمثلة على تحولات ساويرس لا تنتهى.
خامساً: يتهمنى السيد ساويرس بأنى تحولت فى موقفى وتحالفت مع الإخوان المسلمين.
ولا أعرف من أين أتى بهذا الكلام، لكننى أدرك أن موقفى صعب الفهم على ساويرس لأننى لست منحازاً لطائفة أو حزب أو مجموعة مصالح، أنا أدافع عن مبدأ، أدافع عن الحق أينما وقع، الإسلاميون (الإخوان والسلفيون) أختلف معهم فى الأفكار والسياسات لكننى أدافع عن حقوقهم كمواطنين تماما كما أدافع عن حقوق الأقباط.. كنت من الأصوات القليلة التى رفضت المحاكمات العسكرية للإخوان وطالبت بحقهم فى إنشاء أحزاب وكتبت ذلك فى عز جبروت نظام مبارك.. وكنت أيضا من أكبر منتقدى الإخوان بعد الثورة لأنهم فضلوا مصالحهم على مصلحة الثورة وتحالفوا مع العسكر على حساب الثورة حتى وصلنا إلى هذه المحنة كما أننى لم أنتخب محمد مرسى ودعوت إلى مقاطعة الانتخابات احتجاجا على ترشح شفيق للرئاسة قبل التحقيق معه فى ٣٥ قضية فساد تلاحقه منذ عام ونصف.. لماذا يتهمنى ساويرس إذن بالتحالف مع الإخوان؟!.. لأننى تلقيت دعوة من رئيس مصر المنتخب لكى يستمع إلى رأيى فى كيفية تحقيق أهداف الثورة. ذهبت إليه بصحبة كوكبة من الثوريين الوطنيين المخلصين: وائل غنيم وأسماء محفوظ ووائل قنديل وحسن نافعة وسيف عبدالفتاح وحمدى قنديل وعبد الجليل مصطفى وعمار على حسن وغيرهم.. قلنا له كل ما نتوقعه منه لكى يصبح بحق رئيسا للمصريين جميعا وليس مندوبا للإخوان فى الرئاسة.. ما العيب فى ذلك؟!. هل كان المفروض أن أرفض دعوة رئيس مصر المنتخب حتى يرضى عنى ساويرس؟!. أنا لايهمنى رضا ساويرس أو غضبه فأنا أفعل دائما ما يمليه على ضميرى بغض النظر عن النتائج.. الغريب أن السيد ساويرس الذى التقى كثيرا بمسؤولين ورجال أعمال اسرائيليين من أجل مشروعاته فى إسرائيل يغضب منى إذا قابلت رئيس مصر المنتخب.. السبب أنه رئيس إسلامى، وهذا فيما يبدو جريمة لا تغتفر فى عرف ساويرس.. ليست هذه أول مرة أكتشف هذا الجانب فى شخصية ساويرس.. ففى أعقاب تكوين حزب الحرية والعدالة اشتركت فى مناظرة تليفزيونية مع الدكتور محمد مرسى باعتباره رئيسا للحزب فى برنامج الإعلامى الكبير يسرى فودة.. ناقشت مع الدكتور مرسى كل مآخذى على تيار الإسلام السياسى وسجلت اختلافى الكامل مع أفكارهم ومضى الحوار بطريقة بناءة ومتحضرة.. وقد أشاد بالحوار الدكتور مرسى والأستاذ يسرى فودة ومعظم المشاهدين على تويتر وفيس بوك.. بعد يومين رأيت نجيب ساويرس بالصدفة عند صديق مشترك ودار بيننا حديث خاص تأكد لى من خلاله إننا ننظر إلى الإسلاميين بطريقة مختلفة.
يا أستاذ نجيب أنا أختلف مع أفكار الإخوان والسلفيين وبيننا خصومة سياسية أما أنت فإن خصومتك مع الإسلاميين تحولت للأسف إلى عداوة.. الخصومة الشريفة لا تمنعك أبدا من الاعتراف بحقوق خصومك والدفاع عنهم إذا كانوا على حق أما العداوة فهى تمنعك من الإنصاف وتدفع بك إلى التحيز والتجنى.. أنا أبنى موقفى على الحق كما أراه وأنت تبنى مواقفك على عداوتك للإسلاميين.. النتيجة أننى والحمدلله أتبنى موقفا متماسكا مستقيما سأظل أدافع عنه مهما يكن الثمن وأنت يا أستاذ نجيب للأسف قد ضللت الطريق حتى أصبحت تشترك فى الموقف نفسه مع جماعة أبناء مبارك وآسفين يا ريس وتوفيق عكاشة..
أستاذ نجيب ساويرس.. عد إلى الحق.. الرجوع إلى الحق فضيلة.
July 17, 2012
مقاله علاء الأسوانى فى جريدة المصرى اليوم : درس وثلاثة تمارين
درس وثلاثة تمارين
مقاله علاء الأسوانى فى جريدة المصرى اليوم
١٧/ ٧/
٢٠١٢
الوحدة الرابعة
الدرس السابع
فى أعقاب الانتخابات البرلمانية المزورة وبسبب انتشار الفساد والبطالة والفقر، بالإضافة إلى القمع الوحشى الذى مارسته أجهزة الأمن ضد المواطنين.. اندلعت الثورة ضد حسنى مبارك فى يوم ٢٥ يناير عام ٢٠١١، واشترك فيها ملايين المصريين. قمعت أجهزة الأمن الثورة بوحشية فقتلت وأصابت آلاف المتظاهرين لكن الثورة استمرت لمدة ١٨ يوما حتى تخلى مبارك مجبرا عن الحكم وعهد بإدارة البلاد إلى المجلس العسكرى الذى اضطر تحت ضغط الشعب إلى القبض على مبارك ومحاكمته بطريقة صورية.. لكن المجلس العسكرى بدلا من أن يعمل على تحقيق أهداف الثورة حافظ على نظام مبارك الذى نفذ خطة محكمة للقضاء على الثورة بالوسائل التالية :
أولاً: إحداث انفلات أمنى فى كل أنحاء البلاد وسط لامبالاة كاملة من جهاز الشرطة والشرطة العسكرية مما تسبب فى ترويع المصريين .
ثانياً: التشويه المتعمد لسمعة الثوريين عن طريق الإعلام الفاسد .
ثالثاً: اصطناع أزمات معيشية متلاحقة مثل ارتفاع الأسعار ونقص المواد التموينية، مما زاد من معاناة المصريين وجعل كثيرين منهم يكرهون الثورة .
رابعاً: ارتكاب سلسلة من المذابح البشعة ضد الثوريين، حيث تم قتل المتظاهرين بالرصاص الحى وفقء عيونهم بالخرطوش وانتهاك أعراض البنات وسحلهن والتحرش بهن جنسيا.. كل ذلك بغرض كسر إرادة الثوار وإعادتهم إلى حالة الإذعان .
خامساً: تحالف المجلس العسكرى مع الإخوان المسلمين الذين تنكروا للثورة التى شاركوا فيها وصاروا بمثابة الذراع السياسية للعسكر وساعدوهم على إجراء تعديلات على الدستور القديم بدلا من كتابة دستور جديد للثورة .
تم تنفيذ المخطط على مدى ١٦ شهراً عانى المصريون خلالها بشدة ثم انهار التحالف بين الإخوان والعسكر، وبدأ الصراع بينهما مما دفع المجلس العسكرى إلى حل مجلس الشعب المنتخب، وتمت الدعوة إلى انتخابات رئاسية، وارتكب الثوريون خطأ جسيما فلم يتوحدوا حول مرشح واحد، مما أدى إلى سقوط مرشحى الثورة جميعاً وجرت الإعادة بين محمد مرسى مرشح الإخوان والفريق أحمد شفيق رئيس وزراء مبارك وتلميذه المخلص الذى لاحقته قضايا فساد عديدة قام المجلس العسكرى بحمايته منها.. أنفق فلول نظام مبارك ملايين الجنيهات لدعم شفيق وساندته أجهزة الدولة جميعا مثل الشرطة والوزارات وأمن الدولة والمخابرات. حدثت المفاجأة عندما أعلنت النتيجة فكان الفائز محمد مرسى. يفسر المؤرخون ما حدث بأن تغيير النتيجة لصالح شفيق كان مستحيلا لأن ملايين المصريين كانوا سيرفضون التزوير. كما أن مجموعة من القضاة المستقلين أعلنت النتيجة الصحيحة قبل إعلانها رسمياً. تقبل المجلس العسكرى فوز مرسى على مضض وأصدر إعلاناً دستورياً مكملاً سحب فيه سلطات كثيرة من رئيس الجمهورية حتى صار أقرب إلى سكرتير للمجلس العسكرى.. منذ اليوم الأول لتولى مرسى مهام الرئاسة بدأت حملة عنيفة من نظام مبارك لإسقاطه، شنت وسائل الإعلام حملة شعواء لتحقير الرئيس المنتخب وإشاعة ذعر بين الناس من مخططات سرية سيقوم بتنفيذها لصالح الإخوان، وفى نفس الوقت قام نظام مبارك المسيطر على أجهزة الدولة بمضاعفة الأزمات المعيشية والانفلات الأمنى.. وقد اشترك فى الحملة ضد الرئيس المنتخب الفئات التالية من المصريين :
١ - فلول النظام القديم الذين يريدون إسقاطه ليفرضوا رئيساً موالياً لهم .
٢ - بعض الأقباط الذين أصابهم الذعر من وجود رئيس إسلامى لدرجة جعلتهم يريدون التخلص منه حتى لو كان الثمن إجهاض الثورة وعودة النظام القديم .
٣ - مجموعة من المثقفين الانتهازيين الذين كانوا يعملون فى خدمة مبارك فتحولوا لخدمة المجلس العسكرى طمعا فى المناصب والعطايا .
٤ - بعض الليبراليين واليساريين الذين لم يدركوا أن جوهر الصراع يدور بين رئيس منتخب وسلطة مستبدة ودفعتهم خصومتهم للإخوان إلى مساندة المجلس العسكرى ضد الرئيس المنتخب .
على أن الرئيس مرسى يتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن إخفاقه لسببين: أولاً لأنه لم يعمل على طمأنة الرأى العام بإجراءات واضحة تثبت أنه رئيس للمصريين جميعا وليس مندوبا للإخوان فى الرئاسة، وثانياً لأن الرئيس مرسى كان يستعمل اللين حين تلزم الشدة. لو أن الرئيس مرسى طالب بصلاحياته كاملة لسانده الشعب فى هذه المعركة الوطنية المشروعة. لكن الرئيس مرسى راح يتحاشى الصدام ويتردد ويناور ويتراجع واستمر فى توزيع تحياته ومجاملاته على جميع الأطراف حتى تمكن العسكر من إسقاطه بعد أقل من عام. تم إجبار الرئيس على تقديم استقالته بعد كتابة الدستور بواسطة لجنة خاضعة لتأثير المجلس العسكرى الذى دعا إلى انتخابات رئاسية قدم فيها العسكر مرشحاً جديداً هو اللواء عبدالظاهر شركس، القائد السابق لسلاح الإشارة.. اندفع النظام القديم بكل طاقته للترويج للواء عبدالظاهر فتم تأليف الأغانى فى تمجيد بطولاته وظهر على التليفزيون خبراء استراتيجيون ليؤكدوا أن اللواء عبدالظاهر شركس عبقرية عسكرية غير مسبوقة لدرجة أن تكتيكاته فى سلاح الإشارة يتم تدريسها فى الأكاديميات العسكرية العالمية.. كان المصريون قد صاروا فى حالة من التخبط والإحباط والإنهاك جعلتهم يستسلمون ويدعمون مرشح المجلس العسكرى أملا فى تحسن الأحوال، فاز اللواء عبدالظاهر فى انتخابات الرئاسة بفارق كبير عن مرشح اليسار حمدين صباحى ومرشح الإسلاميين محمد البلتاجى. وهكذا تم إجهاض الموجة الأولى من الثورة وعاد النظام القديم بكل قوته إلى الحكم. استعاد اللواء عبدالظاهر الأمن فى أيام قليلة ثم منح الموظفين علاوة استثنائية مما جعل المصريين يستبشرون خيراً، ولكن بعد أسابيع قليلة من تولى الرئيس عبدالظاهر لمنصبه شنت أجهزة الأمن حملة مروعة تم خلالها اعتقال آلاف الثوريين وإلقاؤهم فى السجون بتهم ملفقة. كما استمر الفساد ونهب موارد الدولة بطريقة أسوأ من أيام مبارك، وأغلق الرئيس عبدالظاهر الباب تماما أمام محاسبة النظام السابق، ولجأ إلى حيل قانونية مكنته من العفو الصحى عن مبارك وإطلاق سراح رموز نظامه الذين غادروا البلاد إلى أوروبا لينعموا بثرواتهم التى نهبوها من الشعب.. كل هذه الممارسات أثارت غضب المصريين وجعلتهم يتأكدون أن دماء الشهداء ستذهب هدرا إذا استمر عبدالظاهر فى الحكم .. بعد عامين من حكم عبدالظاهر اندلعت الموجة الثانية من الثورة بشكل أقوى مما كانت عليه الموجة الأولى، ووعى الثوار الدرس فتوحدوا جميعا (الإسلاميون والليبراليون) وشكلوا مجلسا لقيادة الثورة كان بإمكانه حشد ملايين المتظاهرين فى كل أنحاء البلاد، واستعمل المجلس العسكرى أعتى أساليب القمع فى مواجهة الموجة الثانية من الثورة فسقط مئات الشهداء، لكن الثوار أصروا هذه المرة على البقاء فى الشوارع حتى تنحية المجلس العسكرى الذى رضخ أخيرا ووافق على تسليم السلطة، وتم عقد اتفاق مكتوب وقّعه الثوار والعسكر وتسلمت الثورة المصرية بموجبه حكم مصر فى يوم ٤ أغسطس عام ٢٠١٥.. كان هذا تاريخ بداية الجمهورية الثانية، اندفع المصريون يعملون بحماس وجدية فتحقق ازدهار لم تشهده مصر من قبل.. تم محو أمية ثلاثين مليون مصرى فى أقل من عامين، وتم توجيه نداء إلى العلماء المصريين فى جامعات الغرب فعاد كثيرون منهم إلى الوطن وقاموا بدور عظيم فى النهضة.. صارت الدولة تقدم العلاج والتعليم مجاناً للفقراء وتوفر السكن والعمل للخريجين وارتقى مستوى التعليم حتى أصبحت الجامعات المصرية تضاهى أكبر جامعات العالم وحققت الصناعات المدنية تقدما مذهلا فأدرت الملايين على ميزانية الدولة كما برز اسم مصر كواحدة من أهم دول التصنيع العسكرى واشتهر المدفع الرشاش المصرى «فجر»، بالإضافة إلى الدبابة المصرية من طراز «أكتوبر» التى لا تقل كفاءتها عن الدبابات التى تنتجها الدول الكبرى، استعادت مصر قدرتها الزراعية بشكل لم تعرفه منذ أيام الرومان واكتفت ذاتيا من المحاصيل وصارت تصدر الفائض. فى أقل من عشر سنوات تحولت مصر إلى دولة كبرى بمعنى الكلمة وصار لها ثقل إقليمى ودولى.. على أن التقدم الأعظم حدث فى مجال حقوق الإنسان، فقد استقل النظام القضائى تماما عن السلطة التنفيذية لدرجة صار معها من الطبيعى أن يستدعى وكيل نيابة رئيس الجمهورية للتحقيق معه، وأصبح جهاز الشرطة فى خدمة المواطنين وليس أداة لقمعهم، أما المعتقلات ومقار أمن الدولة، حيث تم تعذيب ملايين المصريين، فقد تحولت جميعا إلى متاحف مفتوحة يتم تنظيم رحلات مدرسية لزيارتها حتى يشاهد التلاميذ الأدوات التى طالما استعملت فى تعذيب آبائهم وأجدادهم. ازدهرت مكانة المرأة المصرية ورأى المصريون المرأة تعمل فى كل الوظائف دون استثناء، بدءا من النيابة العامة وحتى قيادة الطائرات، وقد استقر النظام الديمقراطى، وصار راسخا حتى تعاقب على رئاسة الجمهورية رئيس من الإخوان المسلمين ورئيس شيوعى ورئيس ليبرإلى فازوا جميعا بانتخابات نظيفة وحكم كل واحد فيهم لفترة رئاسية واحدة، وفى عام ٢٠٣٥، بعد عشرين عاما من قيام الجمهورية الثانية، ترشحت للرئاسة امرأة قبطية اسمها مارى عبدالنور عن الحزب الاشتراكى، ونافسها على المنصب مرشح مسلم هو أحمد عبدالحفيظ عن حزب الوسط. الجدير بالذكر أن الإخوان المسلمين والسلفيين (الذين تطورت أفكارهم وانفتحت على العصر) أعلنوا دعمهم للمرشحة القبطية لأنها فى رأيهم أكفأ للرئاسة من المرشح المسلم مما يجعل تأييدها واجبا شرعيا بغض النظر عن جنسها ودينها. وفازت السيدة مارى عبدالنور لتصبح أول رئيسة قبطية لمصر.. هذه النهضة المصرية الكبرى كيف أثرت على الدول العربية المجاورة..؟! هذا موضوع الدرس القادم
تمارين تُحلّ مع المدرس :
١ - اكتب بالتفصيل كيف استطاع نظام مبارك إجهاض الموجة الأولى من الثورة ولماذا نجحت الموجة الثانية؟
٢ - ضع الكلمة المناسبة مكان النقاط :
■ الديمقراطية معناها…. الشعب وبالتالى لا يجوز لهيئة…. مثل المجلس العسكرى أن تضع الدستور بعيدا عن…. الشعب .
■ كان هدف الثورة المصرية استعادة…. من المؤسسة العسكرية وإعادتها إلى…. لأنه صاحبها الشرعى .
٣ - ضع علامة صح أو خطأ أمام الجمل الآتية :
■ المجلس العسكرى قام بحماية الثورة .
■ الرئيس مرسى ليس مسؤولا عن فشله فى الرئاسة .
■ بعض الأقباط واليساريين والليبراليين تسببوا فى إجهاض الموجة الأولى من الثورة بسبب رفضهم الرئيس المنتخب لأنه إسلامى .
■ الإسلام يمنع تولى المرأة أو القبطى منصب الرئيس .
( الإجابات النموذجية صفحة ٣٤٤ )
( من كتاب التاريخ المقرر على تلاميذ الصف الثالث الإعدادى للعام الدراسى ٢٠٥٠ - ٢٠٥١ )
( طبق الأصل )
الديمقراطية هى الحل .
Dralaa57@yahoo.com
July 9, 2012
مقالة علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم : …هل نكرر خطأ السنهوري ..؟!..
…هل نكرر خطأ السنهوري ..؟!..
مقالة علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم
10 يوليو 2012
الدكتور عبد الرزاق السنهوري ( 1895 ـ 1971 ) من أهم فقهاء القانون في تاريخ مصر والعالم العربي ، هو الذى وضع الدستور والقانون المدنى لبلاد عربية كثيرة منها ليبيا والعراق والسودان والكويت وسوريا والامارات العربية المتحدة . هذا الرجل العظيم ارتكب منذ ستين عاما خطأ جسيما لازلنا ندفع ثمنه حتى اليوم ،
… فقد اشتهر السنهوري بخصومته الشديدة للوفد حزب الأغلبية آنذاك . في عام 1952 قام الضباط الاحرار بانقلاب عسكري ( تحول فيما بعد الى ثورة عندما أيدها الشعب ) و أجبر الضباط الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه الامير الطفل احمد فؤاد مما استوجب تشكيل مجلس الوصاية وطبقا لدستور 1923 كان يتوجب على مجلس الوصاية أن يؤدي القسم أمام البرلمان ذى الاغلبية الوفدية . .
كان عبد الناصر في رأيي زعيما مخلصا عظيما لكنه أيضا أول من أسس للحكم العسكري في مصر ولأنه كان يدرك شعبية الوفد الطاغية ويخشاها فقد لجأ الى السنهوري الذى كان رئيسا لمجلس الدولة ليستشيره ،
كان السنهوري يكره الوفد لدرجة أعمته عن أى اعتبار آخر ولذلك فقد وجد مخرجا قانونيا تمكن به عبد الناصر من استبعاد الوفد ثم سرعان ما أصدر عبد الناصر قرارا بحل الاحزاب جميعا والغاء النظام النيابي نفسه..
عندئذ أدرك السنهوري خطأه : أنه عندما استبعد حزب الوفد ساهم بغير قصد في تقويض النظام الديمقراطي ذاته . حاول السنهوري استدراك الخطأ وراح يعارض عبد الناصر ويدافع عن الديمقراطية ويطالب بعودة الجيش الى الثكنات لكن وقت اصلاح الخطأ كان قد فات . فقد ضاق الضباط الأحرار بمعارضة السنهوري لهم فأرسلوا اليه متظاهرين مأجورين قاموا بالاعتداء عليه بالضرب المبرح في مكتبه ثم اتخذ مجلس قيادة الثورة قرارا بالغاء مجلس الدولة من أساسه ..
وقد أثرت هذه المعاملة المهينة في السنهوري وعاش حزينا حتى وفاته عام 1971 .. هذه الواقعة لها مغزى : ان خصومتنا السياسية مع أى حزب أو جماعة لايجب أبدا أن تعمينا عن الحقيقة . يجب أن ندافع عن مبادئنا حتى لو استفاد من تحقيقها ألد خصومنا السياسيين .
في مصر الآن صراع على أشده بين نظام مبارك الذى لازال مسيطرا على الدولة والدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب .
المشكلة أن هذا الرئيس ينتمى الى جماعة الاخوان المسلمين مما يجعل الكثيرين يناصبونه العداء قبل أن يفعل أى شيء ويعترضون على كلامه قبل أن ينطق … كنت ولازلت أعارض الاخوان المسلمين نظريا وعمليا . . نظريا لأنهم يؤمنون بالخلافة الاسلامية وأنا أعتبرها نظاما استبداديا فاشيا أدى الى سقوط مصر في قبضة الاحتلال العثماني كما أعارضهم لأنهم يعتقدون أن الاسلام دين ودولة بينما أعتقد أن الاسلام لم يقدم نظاما محددا للحكم وانما قدم مباديء عامة وترك للمسلمين اختيار النظام السياسي الذى يحققها ,
وعلى المستوي العملي أعارض سياسة الاخوان التى لاترى الفرق بين مصلحة الجماعة ومصلحة الوطن مما أوقعهم في مواقف انتهازية كثيرة تحالفوا فيها مع السلطة المستبدة ضد ارادة الشعب وأقرب مثال على ذلك تخلي الاخوان عن الثورة وتحالفهم مع المجلس العسكري الأمر الذى ضيع على مصر فرصة كتابة الدستور أولا وأوقعنا في هذا المأزق الذى نعيشه ..
أما السلفيون فأنا أعارضهم لأنهم يحملون القراءة الوهابية السعودية للاسلام المناقضة للقراءة المصرية المعتدلة كما أرفض تشدد بعض السلفيين وضيق أفقهم ومواقفهم المعادية للحريات وحقوق المرأة والفن والأدب ..
علاقتى مع الاخوان والسلفيين ، اذن ، لم تكن قط على مايرام بل ان بعض المنتسبين للتيار السلفى هاجموا عيادتي الخاصة مرتين وحاولوا الاعتداء على عقابا لي على آرائي فتقدمت ببلاغات ضدهم وأحيلوا الى المحاكمة والقضية لازالت منظورة .. هذه الخصومة العنيفة مع تيار الاسلام السياسي لا يجوز أبدا أن تمنعنى من تأييدهم اذا أصابوا أو من مساندتهم اذا خاضوا معركة مشروعة وطنية .
ان الصراع الآن بين طرفين : رئيس منتخب بارادة الشعب ومجلس عسكري يفرض ارادته علينا بقوة الدبابة . هذا الصراع يشكل جوهر الثورة المصرية التى قامت بالأساس من أجل انهاء الحكم العسكري واعادة السلطة الى الشعب صاحبها الشرعي .
ان شعارات الثورة العظيمة " عيش..حرية..عدالة اجتماعية " يستحيل أن تتحقق الا اذا استرد الشعب سيادته على بلاده . . ان الرئيس مرسي يواجه الآن نظام مبارك بكل قدراته وطاقاته . هذا النظام له مؤسسات رسمية معلنة وله تنظيم سري بمعنى الكلمة متغلغل في كل مفاصل الدولة المصرية .
هذا التنظيم السري ( الذى يسمى أحيانا بالدولة العميقة ) هو المحرك الرئيس للأحداث في مصر منذ سقوط مبارك . ان نظام مبارك يعمل وفقا للمعادلة الآتية :
" لقد ثار المصريون ضد أوضاع ظالمة فلو أنهم وجدوا أنفسهم في أوضاع أسوأ بكثير من التى ثاروا ضدها ، يمكن عندئذ اعادة النظام القديم في شكل جديد ". . هذه المعادلة تم تحقيقها بعشرات الوقائع التى دبرها نظام مبارك ، بدءا من القبطى الذى أذاعوا ان السلفيين قطعوا أذنه الى احراق الكنائس بواسطة بلطجية مأجورين بعد انسحاب أفراد الشرطة المدنية والعسكرية الى تشويه سمعة الثوريين بكل وسيلة الى اصطناع أزمات مستمرة في كل مواد المعيشة ..
هدف الخطة أن يكفر المصريون بالثورة ويعانون من تدهور أوضاع المعيشة ثم يتم تقديم مرشح النظام القديم باعتباره البطل المخلص الذى سيستعيد الامن ويرفع المعاناة عن المصريين . حاول نظام مبارك ترشيح عمر سليمان لأداء هذا الدور لكن المعارضة الشعبية كانت من القوة بحيث اضطروا الى سحبه بعد أيام ثم تقدموا بأحمد شفيق وسانده نظام مبارك بكل قوته : انفتحت خزائن رجال الأعمال الموالين لمبارك وأغدقوا الملايين واحتشد حول شفيق لواءات الداخلية وأقطاب الحزب الوطنى وضباط أمن الدولة واعلاميون مخبرون تربوا في أروقة وزارة الداخلية بالاضافة الى أربعة ملايين اسم تم اضافتهم الى الكشوف الانتخابية صوتوا جميعا لشفيق .
أضف الى ذلك مثقفين انتهازيين تأكدوا ان شفيق قادم فقفزوا بسرعة من مركب الثورة وأعلنوا تأييدهم له . على أن ملايين المصريين نزلوا وصوتوا لمرسي ليس حبا فيه وانما من أجل اسقاط شفيق ممثل النظام القديم . وبالرغم من ان فوز مرسي تأكد من البداية فقد تأجل اعلان النتيجة لمدة أسبوع وهناك مؤشرات على أن النية كانت متجهة لتغيير النتيجة لصالح شفيق ( تعرض قناة الفراعين وثيقة صادرة من اللجنة العليا للانتخابات تفيد فوز شفيق على مرسي والغريب أن القضاة الموقعين عليها لم يتقدموا ببلاغ ضد القناة ) ..
تراجع نظام مبارك عن تغيير النتيجة وانسحب مؤقتا أمام الرئيس المنتخب وفي نفس الوقت أصدر المجلس العسكري اعلانا دستوريا غير شرعي اغتصب به صلاحيات رئيس الجمهورية ثم دارت الماكينة الجبارة لنظام مبارك من أجل افشال الرئيس المنتخب وتشويه سمعته حتى قبل أن يبدأ ولايته .
نفس الطريقة القديمة : انفلات أمنى متزايد يحدث أمام أعين رجال الشرطة وجنود الشرطة العسكرية فلا يتدخلون أبدا لحماية الأبرياء . ثم تتابعت وقائع الاعتداء على المواطنين من متطرفين اسلاميين ، بعض هذه الوقائع حقيقية وبعضها أصابع الامن واضحة فيه لكنها في كل الاحوال تجرى أمام أعين رجال الامن فلا يتدخلون أبدا لحماية الناس ثم يتم تضخيمها في وسائل الاعلام من أجل ترويع المواطنين …
لا يجب هنا أن ننسى علاقة أمن الدولة ببعض الجماعات المتطرفة التى اعترف بها الاسلاميون أنفسهم ( ذكر المتحدث باسم حزب النور نادر بكار أربعة مشايخ مشهورين بالاسم وأكد انهم عملاء لأمن الدولة ) ..ما حقيقة جماعة الامر المعروف والنهي عن المنكر التى تبرأت منها كل الاحزاب والجماعات الدينية ولماذا تظهر وتختفى دائما وفقا للظروف السياسية ؟!.
ان قراءة بيانات هذه الجماعة الغامضة تكشف ان غرضها الأول الترويع فهى تتحدث عن دوريات راكبة ليلية ونهارية وعصي خيرزانية وصواعق كهربائية وأسلحة نارية .. لماذا لايتابع المسئولون في الداخلية موقع هذه الجماعة على الانترنت فيتم القبض على أعضائها خلال ساعات .؟!.
الاجابة ان نظام مبارك مستمر في ترويع المصريين حتى تحين الخطوة التالية : …. بالأمس صرحت مستشارة مقربة من المجلس العسكري أن الرئيس مرسي يجب أن يستقيل بمجرد كتابة الدستور .. هكذا يتضح المخطط . سوف تستمر عمليات الترويع للمواطنين ويستمر تشويه الرئيس المنتخب حتى يجبره المجلس العسكري على الاستقالة بعد كتابة الدستور فيحس المواطنون عندئذ براحة عميقة لأن شر الاخوان قد زال عنهم ثم تعاد الانتخابات ويحتشد نظام مبارك وراء مرشح قد يكون شفيق أو عمر سليمان أو أى عضو في المؤسسة العسكرية ..
هنا يجب أن نرتب أولوياتنا بطريقة صحيحة . بعض المصريين تحولت خصومتهم السياسية للاخوان الى عداء شديد يعميهم عن الحقيقة ويدفع بهم الى الموافقة على الحكم العسكري نكاية في الاخوان تماما كما وقف السنهوري مع الضباط الأحرار ضد الوفد ثم ندم بشدة عندما سقط النظام الديمقراطي كله…
من ناحية أخرى فان بعض المتشددين الاسلاميين عاجزون عن فهم مايحدث وهم يسعون لفرض أفكارهم المتزمتة عنوة فيساعدون بغير قصد نظام مبارك في صراعه الباطل ضد الرئيس المنتخب .
يجب أن ندافع عن مباديء الديمقراطية وأهداف الثورة بغض النظر عمن يستفيد منها . عندما نرفض سيطرة المجلس العسكري على الحكم ونطالب بصلاحيات كاملة لرئيس الجمهورية فنحن لا نفعل ذلك من أجل محمد مرسي ولا من أجل الاخوان ولكن من أجل الثورة ومن أجل مصر ….
ان معركتنا الرئيسية الآن مع نظام مبارك الذى يكافح باستماتة من اجل اجهاض الثورة واستعادة الحكم كاملا .. اذا كان الاختيار بين سلطة العسكر وسلطة الشعب فان واجبنا قطعا أن نساند الرئيس المنتخب حتى ولو كنا من أشد المعارضين له سياسيا .. على أن دعمنا للرئيس ليس مطلقا وانما محدد بشروط:
اذا أثبت انه فعلا رئيس للمصريين جميعا واذا نفذ وعوده وخاض معركة من أجل القضاء على نظام مبارك واعادة السلطة للشعب فان واجبنا مساندته بقوة اما اذا تغلب انتماؤه للاخوان على اخلاصه للشعب ودخل في صفقات رخيصة من أجل مصالح الاخوان فسوف نتخلى عنه كما تخلى عن الثورة ..
عندئذ سيكون قدر الثورة ان تواجه العسكر والاخوان جميعا .
وفي كل الأحوال سوف تنتصر الثورة حتما باذن الله وتحقق أهدافها لتبدأ مصر المستقبل الذى تستحقه . . . الديمقراطية هي الحل
Dralaa57@yahoo.com
July 2, 2012
مقالة علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم : …اثبت مكانك .!!..
مقالة علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم
3 يوليو 2012
…اثبت مكانك .!!..
موجة من الحر الشديد اجتاحت مدينة تولوز بفرنسا على مدى يومين ثم هطلت الأمطار فلطفت الجو . أكتب هذا المقال من حجرتي في الفندق وأرى من النافذة الميدان الكبير حيث يتجول مئات الفرنسيين الذي…ن يحضرون فعاليات مهرجان " سباق الكلمات " وهو من أكبر مهرجانات الأدب في فرنسا .مدير المهرجان اوليفييه دارفور مثقف فرنسي كبير يرأس في نفس الوقت اذاعة فرنسا الثقافية وتساعده مجموعة عمل كلهم شباب فرنسيون ومعهم فتاة مصرية صارت معروفة هنا في فرنسا هي داليا حسن . قررت ادارة المهرجان هذا العام اختياري كضيف الشرف في هذه الدورة ، تم تكريمي على مدى أيام واشتركت في ندوات عديدة ثم خصصت لي أمسية قرأت خلالها الممثلة الفرنسية الشهيرة " أريان أسكاريد " مقاطع من أعمالي أمام الجمهور . بالاضافة الى سعادتي الشخصية بهذا التكريم فأنا فخور لأن كاتبا مصريا تم اختياره ضيفا للشرف وسط مجموعة من أهم الأدباء في العالم .
الفرنسيون يتابعون مايحدث في مصر باهتمام بالغ وهم يعتقدون أن مصر هي التى ستحدد شكل المستقبل في العالم العربي كله . وصول محمد مرسي الى الرئاسة أثار جدلا شديدا بين الفرنسيين : بعضهم يرون أن وصول الاسلاميين الى السلطة ( حتى لو كانوا منتخبين ) في اى بلد يشكل كارثة .
هؤلاء يعتقدون ان مصر برئاسة مرسي ستتحول الى ايران أخرى حيث يتم استبدال الديكتاتورية الدينية بالديكتاتورية العسكرية ويؤكدون أن الأقليات والمرأة والفنانين هم أكثر من سيدفع ثمن الدولة الدينية .
البعض الآخر ( وهم الأكثر تحررا ومعظمهم يساريون ) يرون أنه يجب احترام ارادة المصريين مهما تكن النتائج وأن مرسي رئيس منتخب ولابد من التعامل معه واعطاؤه فرصة قبل الحكم عليه كما أن دخول الاسلاميين الى النظام الديمقراطي سيدفعهم الى الاعتدال ويمنعهم من التطرف والعنف .
دافعت عن هذا الرأى الأخير وأكدت لهم أن وجود رئيس اسلامي لا يعنى بالضرورة اقامة دولة دينية و أن الاحزاب الاسلامية في النظام الديمقراطي ستكون أقرب الى الاحزاب اليمينية المسيحية في المانيا وسويسرا .
استمعت الى خطاب الرئيس مرسي في ميدان التحرير فأعجبني لأنه كان واضحا وصادقا وتفاءلت خيرا لكننى تابعت الاحتفال الذى حضره في جامعة القاهرة فانزعجت لأن الرئيس بدا وكأنه يتراجع عن مواقفه السابقة .
لقد وعد الرئيس باستعادة حقوق الشهداء وأوضح أنه لايقصد فقط الشهداء الذين سقطوا أثناء الثورة وانما يقصد أيضا شهداء المذابح التى حدثت تحت حكم المجلس العسكري مثل العباسية ومحمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء وبورسعيد..
استعادة حقوق الشهداء لا تكون فقط بتعويضهم ماديا وانما باجراء محاكمات عادلة لمن تورطوا في قتلهم . هنا لايمكن اعفاء المجلس العسكري من مسئوليته السياسية عن كل هذه المذابح .
لذلك اندهشت عندما سمعت الرئيس مرسي يطالب بتكريم أعضاء المجلس العسكري تقديرا لادارتهم الحكيمة للمرحلة الانتقالية .
في ظل هذه الادارة الحكيمة تم قتل العشرات من شباب مصر بالرصاص ودهسهم بالمدرعات وتم فقء عيون العشرات بالخرطوش وسحلت البنات وهتكت أعراضهن وكل هذه الجرائم موثقة ومسجلة بالصوت والصورة .
كيف سيستعيد الرئيس مرسي حقوق الشهداء وهو ينادي بتكريم المسئولين سياسيا عن قتلهم ..؟!
لقد وقع الرئيس في تناقض عجيب .
هناك تراجع آخر : فقد أعلن الرئيس من قبل رفضه القاطع للاعلان الدستوري الذى يعطى صلاحيات الرئيس للعسكر ويفرغ الديمقراطية من مضمونها ويجعل رئيس الجمهورية أقرب الى سكرتير المشير طنطاوي ..
لكننا فوجئنا بالرئيس يؤدي القسم امام المحكمة الدستورية تماما كما يقضى الاعلان الدستوري الذى يرفضه ثم تكلم في جامعة القاهرة فلم يشر بحرف الى رفضه للاعلان الدستوري الذى قضى ملايين المصرين أياما عديدة معتصمين في الميادين من اجل اسقاطه..
لا يجب ان نتسرع في محاسبة الرئيس مرسي و لايجب ايضا ان نسكت ونحن نلاحظ انه بدأ بالفعل يتراجع عن مواقفه .
هناك مشكلة حقيقية في سلوك الاخوان المسلمين السياسي فهم لا يرون الفرق بين مصلحة الجماعة ومصلحة الوطن وبالتالي يسعون دوما الى تحقيق مصالحهم السياسية بغض النظر عن تأثير ذلك على الشعب والوطن وقد أدى ذلك المفهوم الى تورط الاخوان في التحالف مع كل حكام مصر بدون استثناء واحد بدءا من الملك فاروق وحتى المجلس العسكري ..
الاخوان بطبيعتهم قوة سياسية محافظة اصلاحية غير ثورية تتحاشى الصدام مع السلطة بأى طريقة وتسيطر على قياداتها هواجس من أن الصدام مع الحاكم سيؤدي للقضاء على الجماعة وهم يميلون دائما الى عقد التحالفات والصفقات السرية التى تحقق مصالح الجماعة كما أنهم في حضرة السلطان تعتريهم حالة من الليونة في المواقف تجعلهم يتصرفون في حدود ما يسمح به الحاكم
وقد رأينا ذلك في احتفال جامعة القاهرة عندما ظهر سعد الكتاتنى الذى ملأ الدنيا اعتراضا على قرار المشير طنطاوي بحل مجلس الشعب وأكد أنه يرفض هذا القرار ويعتبره غير شرعي بل انه حاول أن يدخل الى مجلس الشعب متحديا قرار المشير لولا أن منعه رجال الأمن . وبعد هذه الحرب الكلامية الضروس تغير موقف الكتاتنى في جامعة القاهرة وما أن رأى المشير طنطاوي حتى تهللت أساريره وابتهج وكاد يقفز فرحا كأن شيئا لم يكن ….
نفس الليونة السياسية رأيناها في مجلس الشعب الذى حاول أعضاؤه من الاخوان ارضاء المجلس العسكري على حساب الثورة وكلنا نذكر كيف صفق الاخوان عندما اتهم أحد الاعضاء الثوار بانهم بلطجية ومدمنى مخدرات ونذكر كيف ترك الاخوان الثوار يقتلون في محمد محمود حرصا منهم على رضا المجلس العسكري وكيف اتهموا المتظاهرات اللاتي انتهكت أعراضهن باتهامات مشينة بل ان هناك مشهدا فريدا لا أظنه حدث قط في تاريخ البرلمانات فقد اكتشف أعضاء مجلس شعب ضابطا في أمن الدولة مندسا بين الجماهير يحرضهم على اقتحام مجلس الشعب وهاج أعضاء المجلس وماجوا واستمروا في الصياح حتى كادت القبة تسقط على رؤوسهم من فرط الضجيج وطالبوا بحضور وزير الداخلية فورا لمحاسبته بشدة
وفعلا حضر وزير الداخلية فاذا بالاعضاء الموقرين يهرعون اليه ويعانقونه ويأخذون معه الصور التذكارية .
هذه الليونة السياسية الاخوانية لا أعرف لها سببا محددا لكنها ظاهرة امتدت على مدى تاريخ الاخوان منذ انشاء الجماعة في عام 1928 وهي في الواقع أكثر ما يهدد موقف الرئيس مرسي الآن ….
لقد قطع الرئيس مرسي على نفسه وعودا محددة واضحة وتعهد أمام الشعب بتنفيذ المطالب الآتية :
أولا : اسقاط الاعلان الدستوري وانتزاع صلاحيات الرئيس كاملة غير منقوصة وتسليم السلطة فعليا وليس رمزيا بمعنى أن يعود الجيش الى ثكناته ويكتفى بمهمة الدفاع عن الوطن ولايتدخل في القرار السياسي بأى شكل وتحت أى مسمى .
ثانيا : الافراج الفوري عن 14 الف معتقل في السجون الحربية واعادة محاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي ومنع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية
ثالثا : تغيير اللجنة التأسيسية للدستور بحيث تعبر بطريقة أفضل عن ارادة الشعب على ألا يكون للاخوان فيها الاغلبية حتى لايتمكنوا من فرض الدستور الذى يريدونه على الشعب
رابعا : تشكيل حكومة ائتلافية يكون فيها رئيس الوزراء شخصية وطنية مستقلة وتعيين نائبين للرئيس أحدهما امراة والآخر قبطي وتعيين وزراء ثوريين بحيث لا يتجاوز عدد الوزراء الاخوان اكثر من 30 % من عدد الوزراء
خامسا : المحافظة على مدنية الدولة واحترام الحريات الشخصية في حدود القانون وعدم فرض أى زي معين على النساء تحت أى مسمى
سادسا : حماية الأقباط وتحقيق مطالبهم المشروعة التى طالما أهدرت في عهد مبارك
سابعا : المحافظة على حرية التعبير وحماية حرية الابداع في حدود القانون . وعدم التدخل في شئون الفنانين والمبدعين بقيود رجعية متخلفة من شأنها أن تدمر صناعة السينما والابداع الادبي وتعيدنا الى ظلام العصور الوسطى .
هذه العهود قطعها الرئيس مرسي على نفسه أكثر من مرة أمام الشعب المصري وهو يقف الآن في مفترق طرق وأمامه اختياران لاثالث لهما :
- اما أن يتصرف كرئيس منتخب شرعي يمثل الثورة ويخوض معركة سياسية ضد المجلس العسكري لكى ينتزع صلاحياته ويعيد السلطة الى الشعب المصري الذى عاني من حكم العسكر على مدى ستين عاما . عندئذ سيكون واجبنا أن نساند الرئيس بكل قوتنا من أجل تحقيق الهدف الأصيل للثورة وهو انهاء الحكم العسكري ونقل السلطة بشكل حقيقي من العسكر الى الشعب المصري ليحكم نفسه بنفسه بطريقة ديمقراطية لاول مرة منذ ستين عاما
- الاختيار الآخر ( وأرجو الا يحدث ) : أن تلجأ جماعة الاخوان الى التأثير على الرئيس مرسي من أجل دفعه الى المهادنة والليونة السياسية ، عندئذ سيعقد الرئيس صفقة سرية مع المجلس العسكري تمنح الاخوان قدرا من السلطة بقدر ما يسمح لهم المجلس العسكري الذى سيستمر عندئذ في الحكم من وراء الستار بينما تظل سلطة الرئيس شكلية . اذا فعل الرئيس ذلك سيكون قد خذل الشعب وتراجع عن وعوده وقبل ان يعمل مجرد سكرتير للمشير طنطاوي
ان الموقف الذى سيتخذه الرئيس مرسي لن يؤثر فقط في مسار الثورة وانما في مستقبل العالم العربي كله .
من حق الرئيس مرسي أن نمنحه فرصة لتحقيق وعوده ومن واجبنا أيضا أن نصارحه بمخاوفنا وأتمنى أن يكون عند حسن ظن الشعب وينفذ ما تعهد به مهما تعرض للضغوط .
هنا لا أجد أفضل من جملة بليغة يعرفها كل من اشترك في الثورة المصرية . عندما كان جنود الأمن و بلطجية مبارك يهاجمون المتظاهرين ويعتدون عليهم بشراسة .
كان الواقفون في الصفوف الامامية يصيحون في المتظاهرين : اثبت مكانك .. كان هذا النداء يتردد مرة تلو الأخرى فنزداد ثقة في قوتنا وتصميما على الدفاع عن الثورة للنهاية حتى لو قتلونا .
كان المعنى الذى يرسخه النداء في أذهاننا اننا لو تراجعنا لن ننجو بل اننا لو خفنا وركضنا سنمنح المعتدين الفرصة للقضاء علينا وفي كل مرة كنا نعمل بهذا النداء " اثبت مكانك " كنا نتمكن من صد الهجوم وكثيرا ما كان الحال ينقلب فنطارد نحن المعتدين .هذا الثبات هو الذى جعل الثورة بفضل الله تنتصر في النهاية وتتمكن من خلع مبارك من الحكم .. أتمنى ان يحقق الرئيس مرسي مطالب الثورة مهما تكن الضغوط التى يتعرض لها سواء من المجلس العسكري او من جماعة الاخوان .
أيها الرئيس مرسي .. اثبت مكانك .
الديمقراطية هي الحل
June 26, 2012
مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم : …لماذا فاز محمد مرسي ..؟!..
مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم
26 يونيو 2012
…لماذا فاز محمد مرسي ..؟!..
عزيزي القاريء
كم مرة قلت أو استمعت لمن يقول ان الشعب المصري لا يصلح للديمقراطية ..؟! كم مرة قلت أو استمعت لمن يقول ان المصري يحتاج لمن يثقفه ويعلمه حتى يمارس حقوقه السياسية ؟!
… أنا استمعت الى هذه الآراء عشرات المرات داخل مصر وخارجها ، وفي كل مرة كنت أشرح لأصحاب هذه الآراء أن تاريخ مصر الحديث يؤكد أن الشعب المصري تصرف دائما بوعي سياسي صحيح . كنت أقول لهؤلاء أنتم تتحدثون عن الشعب باعتباره فكرة أو تعبيرا نظريا بينما الشعب واقع حي ، الشعب يعنى ملايين الاشخاص الذين قد يختلفون في الخلفية الاجتماعية أو الثقافية لكنهم في لحظة ما يملكون شعورا واحدا وعقلا جمعيا يمكنهم من اتخاذ موقفا موحدا عادة ما يكون صحيحا . الشعب هو الذى صنع الثورات المصرية جميعا . لازلت أذكر يوم 25 يناير عندما وصل آلاف المتظاهرين من امبابة لينضموا الى ميدان التحرير ، هؤلاء البسطاء الفقراء هم الذين دافعوا عن المتظاهرين ضد اعتداءات جنود الأمن المركزي ولولاهم لما نجحت الثورة. الشعب البطل الحقيقي فيما حدث يوم الأحد الماضي 24 يونيو . ذلك التاريخ الذى يشكل نقطة فارقة في تاريخ مصر والعالم العربي كله . على مدى 16 شهرا نفذ المجلس العسكري مخططا معدا بعناية من أجل اجهاض الثورة المصرية : انفلات أمنى وحوادث طائفية وترويع للمصريين أقباطا ومسلمين وأزمات معيشية مصطنعة بالاضافة الى حملات منظمة لتشويه الثورة و مذابح متوالية للثوار سقط فيها شهداء كثيرون وتم انتهاك أعراض بنات مصر على أيدي أفراد الجيش والشرطة .. كان المخطط يستهدف الضغط على المواطن المصري لدرجة تجعله يتعلق بأى شخص يستطيع أن يعيد الأمن.. وهكذا تم الدفع بأحمد شفيق وحمايته من 35 قضية فساد موثقة ومن قانون العزل السياسي .. وعندما أسفرت النتائج عن خوض شفيق ومرسي جولة الاعادة ، كانت المؤشرات كلها تؤكد فوز شفيق . فقد خسر الاخوان تعاطف معظم الثوريين نتيجة لتخاذلهم عن نصرة الثورة من أجل مصالحهم كما أن قطاعا كبيرا من الأقباط أصابهم الفزع من الاخوان فقرروا التصويت لشفيق بالاضافة الى فلول النظام القديم الذين أغدقوا ملايينهم المنهوبة على شفيق لأنه فرصتهم الأخير للعودة للسلطة .. أضف الى ذلك جهاز الدولة بالكامل الذى ساند شفيق بكل قوته بدءا من كبار ضباط الداخلية وأمن الدولة الى الوزارات والهيئات والاعلام الحكومى الذى عاد الى سيرته الأولى في التضليل والكذب والاعلام الخاص المملوك لرجال أعمال تفانى معظمهم في الترويج لشفيق حرصا على مصالحهم الضخمة . قرر كثيرون ( وأنا منهم ) مقاطعة الانتخابات اعتراضا على وجود شفيق بدلا من عزله ومحاكمته . في ظل هذه الظروف كان فوز شفيق حتميا لكن مفاجأة كبرى حدثت . :.. كانت طاقة الاخوان الانتخابية لا تزيد عن 5 مليون ناخب ( الذين صوتوا لمرسي في الجولة الأولى ) ولكن عندما جاءت الاعادة نزل 8 مليون مصري وقرروا التصويت لصالح مرسي ليس لأنهم ينتمون للاخوان المسلمين لكن لأنهم أدركوا أن النظام القديم لو عاد الى الحكم ممثلا في شفيق تلميذ مبارك المخلص ، فان الثورة المصرية تكون قد انتهت..
ان تصويت الملايين لمرشح الاخوان كانت مفاجأة شعبنا الواعي التى قلبت كل الموازين وأحبطت مخطط اجهاض الثورة . وقد وقع المجلس العسكري في ورطة فأصدر اعلانا دستوريا مكملا يقلص صلاحيات الرئيس قبل اعلان النتيجة بساعات . تم تأجيل اعلان النتيجة النهائية للانتخابات الى يوم الخميس ثم الى يوم الاحد وهنا أدرك الشعب مرة أخرى أن شيئا ما يحاك في الكواليس فنزل الملايين الى الشوارع ( من المنتمين للاخوان وغيرهم ) ليشكل احتشادهم عنصر الضغط على من يريد أن يزيف ارادة الناخبين .. سوف يكشف التاريخ يوما ما تفاصيل ما حدث في اللجنة العليا للانتخابات قبل اعلان النتيجة وقد تناثرت روايات كلها تؤكد حقيقة واحدة : بالرغم من أن النظام القضائي في مصر غير مستقل وتابع للسلطة التنفيذية الا أن لدينا قضاة مستقلين عندهم من الضمير والشجاعة ما يدفعهم لقول الحق مهما يكن الثمن . لقد شكل المستشار زكريا عبد العزيز مع مجموعة من القضاة " جماعة قضاة من أجل مصر " وقاموا بمراقبة الانتخابات وأكدوا فوز محمد مرسي بفارق عن شفيق يقترب من مليون صوت.. المستشار زكريا ــ كما أعرفه ـــ لا يوافق على أفكار الاخوان ولا سياساتهم لكنه قاض جليل لا يعرف الا الحق . لقد كان تقرير القضاة المستقلين مبادرة نزيهة وشجاعة أحرجت الذين ألفوا تزوير ارادة الشعب .. الثورة المصرية حققت نصرا عظيما باسقاط شفيق وفوز محمد مرسي الذى ( بغض النظر عن اختلافنا السياسي معه ) هو أول رئيس جمهورية مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث . هذا الانتصار لارادة الشعب لن يؤثر في مصر فقط وانما سوف يدفع عجلة التغيير في البلاد العربية التى تتطلع الى التخلص من حكام مستبدين فاسدين جاثمين على أنفاس شعوبهم منذ عقود .. واجبنا أن نهنيء الرئيس مرسي لكن واجبنا أيضا أن نذكره بعدة حقائق :
أولا : أن الرئيس الجديد لم ينجح بأصوات الاخوان فقط ولم تكن أصوات الاخوان وحدها قادرة على انجاحه . لقد نجح بأصوات ملايين المصريين الذين رأوا في دعمه الوسيلة الوحيدة لمنع عودة نظام مبارك وبالتالي فان الرئيس مرسي مسئول أمام المصريين جميعا ونحن نطالبه بأن يقطع علاقته التنظيمية بالاخوان المسلمين تماما وفورا ، وكما وعد يجب أن يشكل حكومة ائتلافية تضم وزراء الثورة من مختلف الاتجاهات السياسية .
ثانيا : على مدى عام ونصف امتنع المجلس العسكري عن تحقيق أهداف الثورة ورفض أى تغيير في بنية نظام مبارك . الآن بعد فوز الرئيس المنتخب لا يمكن تأجيل التغيير : نتوقع من الرئيس مرسي أن يساعد على اقرار قانون السلطة القضائية حتى يستقل القضاء عن السلطة التنقيذية ، نتوقع منه الغاء الاعلان الدستوري المكمل الذى يضع المجلس العسكري فوق كل سلطات الدولة ، لابد من محاكمة جميع المتهمين بالفساد ( وأولهم أحمد شفيق ).. لابد من تطهير جهاز الشرطة من الفاسدين والجلادين وقتلة المتظاهرين ..لابد من اغلاق مباحث أمن الدولة ومنع قمع أجهزة الأمن للمواطنين … لابد من منع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية والافراج عن 12 ألف مدني محبوسين في السجن الحربي واعادة محاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي . .لابد من تحديد الحد الأدني والأقصى للأجور والقضاء على الفقر والبطالة .. لقد قامت هذه الثورة من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية . سيكتسب الرئيس مصداقيته أو يخسرها بقدر اخلاصه لمباديء الثورة
ثالثا : لم يكن لمحمد مرسي أن يصل الى منصب الرئيس لولا 1200 شاب مصري ضحوا بحياتهم أثناء الثورة وألف مصري لازالوا مفقودين ( غالبا تم قتلهم و دفنهم في أماكن مجهولة ) بالاضافة الى آلاف المصابين كثيرون منهم فقدوا عيونهم بالخرطوش ..هؤلاء أصحاب الفضل على مصر بعد ربنا سبحانه وتعالى ولولا تضحياتهم لما كان لنا أن نعيش هذه اللحظة . ان واجب الرئيس مرسي أن يبدأ فورا في تحقيق القصاص العادل من قتلة الشهداء ورعاية أسرهم وعلاج المصابين على أعلى مستوى داخل مصر أو خارجها على نفقة الدولة. لا يجوز للرئيس الجديد أن يترك مصابي الثورة لرعاية فاعلي الخير ، لا يجوز أن يترك قتلة الشهداء أحرارا محتفظين بوظائفهم وكأنهم لم يسفكوا دماء بريئة لشباب كل ذنبه أنه انتفض من أجل كرامة المصريين . ،
رابعا : أمام الرئيس طريقان لاثالث لهما اما أن يحقق أهداف الثورة للمصريين جميعا واما أن يحقق مصالح جماعة الاخوان المسلمين عن طريق اتفاقات سرية مع المجلس العسكري .. أرجو ألا يكرر الاخوان أخطاءهم التاريخية .فقد كانوا للأسف ، منذ انشاء الجماعة عام 1928 ، يعتبرون أن مصلحة الجماعة هي ذاتها مصلحة الوطن مما أوقعهم دائما في تحالفات مع السلطة أضرت كثيرا بالحركة الوطنية .. كان آخرها تحالفهم مع المجلس العسكري بعد الثورة الذى أضاع علينا فرصة كتابة دستور جديد وأوقعنا في هذه المحنة . ان مهمة مرسي لن تكون سهلة لأنه سيواجه نظام مبارك الذى مازال مسيطرا على الدولة وأتوقع أن يقاوم التغيير بشدة . في معركته الضارية مع نظام مبارك سيحتاج الرئيس الى دعم المصريين جميعا ولن يحصل عليه الا اذا ناضل من أجل مصر وليس من أجل الاخوان المسلمين .
خامسا : تعهد الرئيس مرسي دائما بالحفاظ على " مدنية الدولة " و هذا التعبير يمكن تفسيره بطرق مختلفة . المقصود بمدنية الدولة في رأيي تحقيق ركائز أربع :
أولا حقوق المواطنة ..المواطن المصري يجب أن يحصل على حقوقه كاملة بغض النظر عن دينه . كل حقوق الاقباط التي أهدرت أيام مبارك يجب أن يحصلوا عليها في عهد الرئيس الجديد كما يقضى الاسلام الحقيقي …الركيزة الثانية : حماية الحريات الشخصية المستقرة في مصر منذ قرون . من مظاهر حضارة مصر أنك وحدك تحدد أسلوب حياتك في حدود القانون أما لو تم الاعتداء على الحريات الشخصية من أجل تنفيذ برنامج اخلاقي يحيل المواطنين الى رعايا مقموعين تحت الوصاية كما يحدث في السودان والسعودية فستكون هذه عودة الى عصور الظلام وكارثة على مصر كلها .. الركيزة الثالثة : حماية حرية الفكر والابداع وهنا نحذر الرئيس من الاستماع الى أصوات المتشددين المعادين للثقافة والفن . لقد كانت مصر دائما قلعة الفن والفكر في الشرق . لن نقبل أبدا أن يخضع الابداع لرقابة المتزمتين لأن ذلك سيؤدي الى ضياع تراثنا الفنى والقضاء على الابداع المصري الذى نفخر به جميعا.. الفكر لا يواجه الا بالفكر والابداع لا سلطان لأحد عليه الا بالقانون . هذه هي القاعدة الذهبية لحماية الثقافة المصرية .. الركيزة الرابعة : أى محاولة لتطبيق الحدود طبقا للشريعة الآن ستؤدي الى تمزق المجتمع المصري والدكتور مرسي يعرف جيدا أنه لايمكن تطبيق العقوبات في الشريعة قبل القضاء على الفقر والجهل والمرض . لا يجوز قطع أيدي السارقين قبل أن نوفر لهم حياة كريمة . هذه قاعدة انسانية قبل أن تكون فقهية .,
ان الشعب المصري الذى انتخب محمد مرسي ينتظر منه الكثير وسوف يسانده بقوة مادام يعمل لصالح مصر ويحقق أهداف الثورة .
الديمقراطية هي الحل
June 12, 2012
مقالة علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم : …ظاهرة المواطن المستأنس ..! …
مقالة علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم
12 يونيو 2012
…ظاهرة المواطن المستأنس ..! …
..حدثت هذه الواقعة منذ عشرين عاما ، كنت أعمل طبيبا للأسنان في احدى الهيئات الحكومية وذات صباح كنت أعالج أحد الموظفين في الهيئة ، كان مستلقيا على كرسي الأسنان وقد فتح فمه وقد قمت بتركيب اطار معدني حول ضرسه حتى أتمكن من وضع الحشو .
… بينما أنا منهمك في العمل انفتح باب العيادة ودخل مدير الأمن في الهيئة وفوجئت به يقول لي:
ــ من فضلك اصرف المريض حالا . السيد رئيس الهيئة نازل يعالج أسنانه.
قلت له :
ــــ أمامي نصف ساعة من العمل حتى أصرف المريض
ــــ بل يجب أن تصرفه حالا لأن السيد رئيس الهيئة في طريقه للعيادة
كان مدير الأمن يتحدث بلهجة آمرة مستفزة
فقلت له :
ــــ لا يمكن أن أترك المريض وضرسه مفتوح . كان الأولى بالسيد رئيس الهيئة أن يتصل بي عن طريق السكرتارية لتحديد موعد ..
ابتسم مدير الأمن في سخرية وقال :
ــــ السيد رئيس الهيئة لا يحدد مواعيد . عندما يريد سيادته أن يعالج أسنانه يجب أن تكون مستعدا .
ـــ أنا لا أعمل عند رئيس الهيئة وأنما أعمل في هيئة حكومية هو رئيسها
قال مدير الأمن بلهجة قاطعة :
ــ لآخر مرة .. اصرف هذا المريض لأن السيد رئيس الهيئة قادم .
صحت في وجهه :
ــــ لن أصرف المريض قبل أن أتم علاجه .
كان المريض فاتحا فمه وقد عجز عن الكلام وفوجئت به يصدر أصواتا ويشير الى فقمت بفك الاطار المعدني من فمه . عندئذ قفز الموظف من الكرسي ووجه حديثه الى مدير الأمن قائلا :
ــــ أنا تحت أمر البك رئيس الهيئة . قل لسيادته يتفضل حالا وأنا أبقى أكمل علاجي في وقت آخر .
لم يكتف الموظف بذلك بل خرج بنفسه مع مدير الأمن ليكون في استقبال رئيس الهيئة واصطحبه بنفسه الى عيادة الأسنان ولم ينصرف قبل أن يسأله :
ــ تأمرني بحاجة يا سعادة البك .؟!.
أحسست باحباط بالغ من موقف الموظف . لقد حاولت أن أدافع عن كرامته لكنه خذلني ورحب بالمعاملة المهينة من رئيس الهيئة . .
لقد اتخذت الموقف الصحيح لكن هذا الموظف تعود على المهانة . ان التمسك بالكرامة في نظره نوع من الحماقة أو الجنون وهو لم يعد يرى أبعد من مصالحه المادية :
ان التزلف الى رئيس الهيئة سيدر عليه العلاوات والامتيازات بينما الدفاع عن الحق سيكلفه ثمنا باهظا لايطيقه ولايريده …….
هذه الواقعة القديمة أستعيدها الآن وأنا أحاول فهم ما يحدث في مصر .. لقد قام المصريون بثورة كبرى يعتبرها العديد من أساتذة التاريخ والعلوم السياسية من أعظم الثورات في التاريخ .
ملايين المصريين نزلوا الى الشوارع ، تحملوا الضرب والسحل والانتهاك والقتل والدهس بسيارات الشرطة وفقء العيون بالخرطوش . قدموا آلاف المصابين والشهداء من اجل استرداد الحرية والكرامة وفي النهاية انتصروا وأجبروا الطاغية على التخلي عن السلطة .
السؤال: كيف يحدث بعد هذه الثورة العظيمة أن يتقدم أحمد شفيق تابع الديكتاتور المخلوع وتلميذه المخلص للترشح للرئاسة ؟!.
الاجابة أن المجلس العسكري قاوم التغيير وحافظ على نظام مبارك الذى نفذ بدوره مخططا دقيقا لاجهاض الثورة المصرية .
تعمد تشويه سمعة الثوار والتنكيل بهم في مذابح متلاحقة ومن ناحية أخرى تم انهاك الشعب بأزمات مفتعلة
وفي النهاية تم الدفع بأحمد شفيق ليكون رئيسا لمصر بأى طريقة وأى ثمن .
لقد تم تعطيل قانون العزل وحماية شفيق من المحاكمة في 35 قضية فساد تلاحقه وتم تزوير الانتخابات من أجله وسوف يتم تزوير جولة الاعادة من أجله أيضا . المجلس العسكري يصر على الدفع بأحمد شفيق للرئاسة ليحمى مصالح العسكر ويعيد النظام القديم كما كان وغالبا أسوأ مما كان .. المجلس العسكري هو المسئول الأول عن تعطيل التغيير وتعثر الثورة . كل هذا صحيح لكنه غير كاف لتفسير ما يحدث .
الانفلات الأمنى والأزمات المصطنعة وارتفاع الاسعار ، كل هذه المشكلات لماذا دفعت بعض المصريين الى كراهية الثورة بينما الثوار الذين تعرضوا الى مذابح متتالية على أيدي الشرطة والجيش لم تنكسر ارادتهم ولم يتزعزع ايمانهم بالثورة ..؟!.
لماذا يلعن أحد المصريين الثورة لأنه لا يجد البنزين لسيارته بينما الدكتور أحمد حرارة الذى فقد عينيه الاثنتين في الثورة يظل مبتسما ولا تزيده تضحيته الا اخلاصا لمبادئه ..؟!
هنا يتبين لنا أن المصريين لايقفون جميعا على نفس المسافة من الثورة .
ان الثورة المصرية ــ مثل كل الثورات ــ لم يشترك فيها الشعب كله . بعد الثورة انقسم الشعب الى ثلاثة أقسام :
أولا : الثوريون . هؤلاء عازمون على استكمال الثورة مهما تكن التضحيات ..
ثانيا : أتباع النظام الساقط ( الفلول ) وهؤلاء سيقاتلون بشراسة من أجل استعادة النظام القديم حرصا على مصالحهم وخوفا من المحاكمة على جرائمهم اذا وصلت الثورة الى الحكم ..
ثالثا : المواطنون المستأنسون ( مثل الموظف الذى كنت أعالجه ).. هؤلاء استطاعوا التوائم مع النظام الفاسد بطريقة ما وتوصلوا الى طريقة لتسيير حياتهم ولم يكونوا مستعدين لدفع ثمن التغيير .
ان الأغلبية العظمى من المصريين لازالوا يدعمون الثورة لكن علينا أن نعترف أن المواطنين المستأنسين يشكلون في مصر أقلية معتبرة . لقد فاجئتهم الثورة وأذهلتهم وهم لم يشتركوا فيها وانما تفرجوا عليها في التليفزيون وكأنها مبارة كرة قدم فلما تأكدوا من خلع مبارك نزلوا بأولادهم الى الميادين ليلتقطوا الصور التذكارية ..
المواطنون المستأنسون هم أكثر من تأثروا بالدعاية ضد الثورة وأكثر من أصابهم الحنق من توالي الأزمات المصطنعة وهم الآن يجاهرون بلعن الثورة والثوار ..؟!
لماذا يلعن هؤلاء المستأنسون الثورة مع أنها لم تتول الحكم يوما واحدا ولماذا لايوجهون غضبهم الى المجلس العسكري الذى قام بمهام رئيس الجمهورية وبالتالي يكون المسئول الأول بعد خلع مبارك ..؟!
قد يكون المواطنون المستأنسون مفتقرين الى الوعي السياسي لكننى أعتقد أنهم من البداية لم يحبوا الثورة قط. لقد توائموا وقاموا بتوفيق أوضاع حياتهم مع الفساد ، تشوهت المعاني في أذهانهم فأصبحت الشجاعة حماقة والجبن حكمة والنفاق لباقة ..
المواطنون المستأنسون لا يرتبطون بالضرورة بمصالح مباشرة مع نظام مبارك لكنهم صنعوا شبكات الفساد الخاصة بهم التى مكنتهم من كسب الأموال بطريقة غير قانونية أو على الأقل غير أخلاقية ..: الموظفون الصغار المرتشون المنتشرون في الادارات الحكومية .
أطباء المستشفيات الحكومية الذين يرغمون المرضى الفقراء على الذهاب لعياداتهم الخاصة .. المدرسون الذين يبتزون التلاميذ من أجل اعطائهم دروسا خصوصية ..
الاعلاميون المتعاملون مع أمن الدولة الذين يضللون الرأى العام وينشرون الاكاذيب دفاعا عن النظام .. هل نتوقع من أمثال هؤلاء أن يدعموا الثورة .. ؟!
الطبيعي أن يكرهوا الثورة لأنها تكشفهم أمام أنفسهم . لقد انحرفوا بعد أن أقنعوا أنفسهم بأن التغيير مستحيل وبأنهم لن يصلحوا الكون وبالتالي عليهم أن يتخلوا عن مبادئهم ويتقبلوا الاذلال حتى يعيشوا ويربوا أولادهم . فجأة وجدوا مصريين آخرين يعانون من نفس ظروفهم يصرون على الحرية و يموتون من أجل كرامتهم . .
ان المواطنين المستأنسين ، بقدر ما أصابهم التشوه الأخلاقي بتأثير نظام مبارك الا أنهم يشكلون جمهور المشجعين للثورة المضادة وهم على استعداد لتجاهل الحقائق من أجل انقضاء الثورة حتى يعود كل شيء كما كان .
هؤلاء الذين رأوا بأعينهم بنات مصر يسحلن وتنتهك أعراضهن بواسطة أفراد الجيش فما كان منهم الا أن لاموا الضحية وتساءلوا بكل وقاحة : لماذا نزلت البنات الى المظاهرة أساسا..؟
هؤلاء الذين رأوا مدرعات الجيش تدهس المتظاهرين في ماسبيرو فكذبوا أعينهم واتهموا الأقباط بمهاجمة الجيش ..وهم أنفسهم الذين يتجاهلون الآن أن ترشيح أحمد شفيق مخالف للمنطق والقانون وأنه مسئول عن قتل الشهداء في موقعة الجمل وتهريب أموال مبارك وأولاده .
المستأنسون يدعمون شفيق ويقولون انه سيستعيد الأمن وهم يقصدون بالأمن النظام القديم الذى أفسدهم وتوائموا معه ويتوقون اليه ..
لقد وضعت الثورة المجتمع المصري أمام المرآة فظهرت التشوهات الجسيمة التى تركها فينا نظام مبارك وفي نفس الوقت فان اصرار المجلس العسكري على الدفع بشفيق الى رئاسة الجمهورية كان بمثابة المشهد الأخير الكاشف حين تسقط الأقنعة عن الجميع ..
بينما تدفق ملايين المصريين الثوريين الى الشوارع يرفضون عودة نظام مبارك من جديد على يد شفيق فان المواطنين المستأنسين قد كشفوا عن مدى انتهازيتهم وكراهيتهم للثورة ، ما أن تبين أن شفيق هو رئيس مصر القادم ــ بالتزوير ــ حتى تغير موقف مثقفين معروفين من تأييد الثورة الى تأييد شفيق طمعا في مناصب يحلمون بتوليها من زمان .
بعض الصحفيين الذين طالموا دعموا الثورة تحولوا الى الترويج لأحمد شفيق في شكل حوارات تليفزيونية كانت بمثابة اعلانات صريحة لا نعلم من قبض ثمنها . حتى القنوات التليفزيونية الخاصة التى انحازت للثورة تحولت الآن الى الترويج لشفيق ومنعت أى نقد يوجه اليه ،
اذ أن أصحاب هذه القنوات رجال أعمال يعلمون أن رضا الرئيس القادم سيدر عليهم ذهبا .. هذه لحظة الحقيقة .
بينما ضرب المصريون الثوريون نموذجا للعالم كله في الشجاعة والتضحية من أجل الحرية والكرامة فان المواطنين المستأنسين لم يفهموا الثورة ولم يكونوا بحاجة اليها وهم في الواقع لا يستحقونها ،
انهم مذعنون فاسدون كل ما يشغلهم غنائمهم الرخيصة ومصالحهم الضيقة ..
الصراع الآن بين الثورة ونظام مبارك الذى استوعب الصدمة الأولى وأعاد تنظيم صفوفه وهو يشن هجوما ضاريا ليستعيد السلطة على يد شفيق ..على أن ذلك لا يجب أن يدفعنا الى التشاؤم لأن الثورة تغيير عميق ما أن يبدأ حتى يمتد حتما في النهاية الى كل جوانب المجتمع . ان الثورات قد تتعثر خطواتها لكنها لا تنهزم أبدا .
الثورة سلوك انساني فريد اذا تحقق لابد أن يستمر .
الثورة معناها أن يفضل الانسان في لحظة ما مبادئه على مصالحه ، أن يكسر حاجز الخوف ويتقبل الموت من أجل الحرية ..
الثورة ميلاد جديد للشعب يتطهر فيه من أدرانه وأخطائه جميعا ليبدأ حياة نظيفة عادلة وحرة . ان الروح التى تبعثها الثورة في الأمة لا تموت أبدا مهما كثرت المؤامرات وتعددت المذابح …
الثورة مستمرة باذن الله حتى تنتصر وتحقق أهدافها .
الديمقراطية هي الحل
Alaa Al Aswany's Blog
- Alaa Al Aswany's profile
- 1815 followers
