حسين العبري's Blog, page 2

June 18, 2011

المعرفة والتعاسة


تُربط المعرفة عادةً بالتعاسة. والمعرفة، مع أنها في المنظور العام أمرٌ جيد، إلا أنها تُبيِّن للإنسان أمورا كان الأنسب جهله بها. إن المعرفة تبرز الجوانب السيئة المحيطة بالإنسان في الحياة. ولما ان كانت الجوانب السيئة كثيرة، وهي في معظمها تتعلق إما بأناس آخرين (لا يمكن إصلاحهم!) أو بقَدَرٍ (لا يمكن تغييره)، فإن المعرفة حينها تضحى جالبة للتعاسة. المجانين والحمقى، أولئك الذين يؤخذون على أن حظهم من المعرفة ضئيل، يُنظر لهم على أنهم سعداء. ينطبق الأمر ذاته على الحيوانات (البهائم) فهي تأكل وتتناسل، وليس لديها هموم نفسية ولا معرفية. الأطفالن بهذا المنوال، هم أيضا سعداء. يشتكي المفكرون من المعرفة؛ فتراهم يتذمرون منها ومن العقل الذي جعلهم قادرين على المعرفة، وهم يتذمرون بالكلام (الثرثرة) والتهكم (السخرية) وسرد قصص الآخرين غير العارفين الذين ينالون حظا من الحياة أكثر منهم (الحسد)، وهم يشربون المسكرات ليزيل عنهم العقل ولو لفترة زمنية بسيطة.يُركِّز الأدباء مثلا على موضوعة القلق والحزن، قلق الكتابة الذي ينخر معداتهم ويأكلهم من الداخل. الأرق الذي يمنعهم من النوم. ثمة ربط بين القلق والكتابة الجيدة. لننظر مثلا لحالة الكاتب في رواية "زوربا" التعيس نوعا ما في مقابل زوربا الذي يعيش الحياة بلا زيادة في التفكير. التعاسة المعرفية ليست محض افتراء؛ فالمعرفة توسع النطاق المكاني والزماني للمشاكل المحسوسة. فهي تخبرنا ان ثمة مشكلة ديكتاتورية في أمريكا اللاتينية مثلا، وهي تخبرنا عن معركة خسر فيها من ننتمي إليهم في حقبة تاريخية متقدمة، وهي تتيح لنا المقارنة بيننا وبين الآخرين الذين قد يصدف أن يكونوا أفضل منا في أمور معينة. مع هذا فالتعاسة لا يمكن ان تُحسَب بعدد المشاكل؛ فمشكلة واحدة كبيرة هي أكثر تنغيصا من مشاكل كثيرة صغيرة وبعيدة.والعمال مثلا، بأخذهم بعيدين عن المعرفة النظرية، ليسوا أكثر سعادة: إن طبائع أعمالهم لها سيئاتها وأكدارها.  والحق أن التعاسة ليست صنوا للمعرفة، إنها طبيعة من طبائع البشر أو بعضهم، وهي أكثر مثولا في بعض المهن وعند بعض الفئات المنكوبة.     المعرفة، في رأيي، لا تبرر التعاسة. قد تكون التعاسة مرتبطة بالمعرفة عبر مفكرين متشائمين مثلا، أو عبر موظة ثقافية سائدة (مفكرو وكتاب ما بعد الحرب العالمية الثانية). المعرفة هي في ذاتها لذة، وتعقبها والبحث عنها هو تعقب للذة، بالتالي، نيلها، او نيل جزء منها، ينتج لذة، ويهيئ الحصول على السعادة.            
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 18, 2011 00:55

May 10, 2011

تأملات: (3) ثلاثة أمور نجهلها في عمان


ما هي الأمور الكبرى التي يجب أن أعرفها في عمان ولا أعرفها؟ أولها من يحكم عمان؟ وقد تطرقتُ إلى هذا الامر في التأمل الأول من سلسلة هذه التأملات، ولكنْ أجدني الآن راغبا في قول أن حكم السلطان المطلق، بما أنه لا يقوم حقيقة على مؤسسات، فإنه في أغلبه مَبنِيٌّ على الانفعال والعواطف. طبعا لا يسعنا أن ننكر حسن النوايا، لكنَّ حسن النوايا ليس بضمان مؤكد للوصول إلى نتائج حسنة. إنّ الرؤية الواحدية للأمور، وإن خرجت من قلب محب، تظلُّ أسيرة تكوين خاص وشخصية خاصة، ولا بد أنْ تكون مُؤطَّرَة بنمط معين، وبما أن الحكم مطلق فإن الرغبة في امتداح الحاكم، من قبل من حوله، تعظم من إيجابياته وتمحي سلبياته إلى الدرجة التي يظن الحاكم فيها نفسه أعجوبة زمانه والعارف المتمكن بما يحدث من حوله. لقد مارس السلطان الأمرين معا: انشاء المؤسسسات من جانب وعدم تفعيلها من جانب آخر، وما وجود مؤسسة الديوان إلا نوع من الالتفاف على المؤسسة، فالديوان له كيانه المستقل عن الوزارات، ومع هذا يستطيع التدخل في الوزارات فيصرف المكافآت ويُغنِي بعض الأفراد ويوفر لهم الأراضي المجانية والهبات، وفي الجولات مثلا حين يأمر السلطان ببناء كذا أو كذا، فإنه يخالف الخطة الخمسية التي وضعتها المؤسسة برضاه. وعليه فكأن الحالة تكون كالتالي: هنالك المؤسسات التي أقمتُها لكم، ولكنّها لا تقوم بدورها، ولذا فأنا أقوم بدوري وأعطيكم. ولو تلاحظون فإن المنطق يقول أنه يجب ان يُصلِح المؤسسات لا أن يتدخل بدلا عنها. انظروا معي إلى مثال طازج، ألغيت وزارة الاقتصاد، فهل يستطيع أحد أن يقول لماذا تُلغى وزارة كاملة لها أهميتها من غير أن يُعلَن بالضبط عن السبب؟ لنفترض مثلا أن وزيرها السابق كان فاسدا ومختلسا، فهل الغضب عليه يدفع بالسلطان ان يُلغي الوزارة بكاملها، ثم حين ألغيت فإن داوئرها التي ستوزع على وزارات أخرى لهي دليل على أهميتها. إن الفكرة التي يعتنقها كثير من الناس الآن أن السلطان لم يكن يعرف بفساد جهاز حكومته، وأنه بعد أن عرف بفسادهم قام بإصلاح الأمور وإعادتها لنصابها. (أتذكر الآن اللوائح التي حملها المتظاهرون في صلالة: إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم) وعلى العموم، فإن الحل لم يكن طرد المفسد ومحاولة احلال رجال صالحين مكانه، بل الحل جاء بحل وزارة الاقتصاد وإرجاع المؤسسة المالية ليدي السلطان، وهو عودة للوراء فيما يخص العمل المؤسساتي. ولكأن القول كالتالي: أنشأنا لكم مؤسسات لكن الفساد تشربها ، وعليه يجب أن أمسكها بنفسي حتى لا تفسد. وهذا ليس بمنطق، فإن رجلا واحدا لا يستطيع ان يحكم من غير أن تكون هناك مؤسسات فاعلة. وثاني الأمور الكبرى التي تعتورني، أين يذهب مال الدولة؟ وسيقول قائل أن الدولة تعلن عن ميزانيتها السنوية، ولذا فمعلومٌ أين يذهب المال وفيما ينفق. وهي إجابة خاطئة بامتياز. وطبعا ففي غياب المصادر الموثوقة فإن التخمينات تصبح مشروعة، وعليه فتخميني أن المال يقسم إلى أربعة أقسام (بعد ان تأخذ شركة شل نصيبها من النفط) : قسم يذهب للسلطان والأسرة الحاكمة ، وقسم يذهب للديوان وما حوله من مؤسسات بلاطية، وقسم يذهب للأجهزة الدفاعية والأمنية، والقسم الرابع هو القسم الذي يصلنا نحن، ويكتب لنا في ميزانية الدولة. إن الكلام عن مال الدولة حساس بعض الشيء؛ لأننا لم نعتد من قبل أن نسأل الحاكم: من أين لك هذا؟ وهو أمر نتحرج فيه كثيرا، لأننا نظن أن مثل هذا السؤال قد يُوحي أننا نشك في نزاهة السلطان. وطبعا هذا كلام مقبول لو أننا نسأل عن مالٍ لصديقنا أو لأخينا ، بيد أن الأمر هنا الذي نتكلم عنه هو مال الدولة، والذي يعني بالضرورة مال الشعب جميعا. وعليه فإن الشعب هو صاحب المال الحقيقي لا السلطان ولا الدولة، وعليه فإن الحاكم مسؤول ومُساءَل عن هذا المال، وهو ليس حرا بالتصرف به إلا وفق ما تقتضيه مصلحة الناس. فهل هذا هو الحاصل؟ طبعا لا. فالديوان على سبيل المثال كان مشاركا بصورة كبيرة في إشاعة ثقافة الهبة والمكرمات؛ فالناس يجب أن تأتي وتطلب ثم تُعطى، وضابط الجيش أو الشرطة أو الجهات الأمنية يجب أن يذهب عند باب الديوان ليطلب الهبة والمكرمة التي يستحقها. والمال في  الديوان مثل المال السائب، فهل زراعة قصور السلطان الخاصة هو أمرٌ يجب أن تهتم به مؤسسة من مؤسسات الدولة؟ إن الديوان ثقبٌ كبير تخر عبره ميزانية الدولة باتجاهات شتى. لقد عمق الديوان، بسبب حصوله على جزء غير معلن من مال الدولة، على انعدام المساواة بين الناس. إن الأمر الذي يجب أن تعرفه الحكومة والناس أجمعين أن المال هو مال الأرض وهو مال الشعب، والحكومة بما أنها عاملة لدى الناس فينبغي لها أن تُعطَى أجرا على عملها وفقط، أما أن يتصرف الحاكم بالمال ويهبه ويتكرم به على الآخرين فهذا خارج عن نطاق ما ينبغي أن تكون عليه الحال. ودعوني أقول هنا أن راتب الوزير، ولأقلْ اعتباطا أنه سبعة آلاف ريال هو راتب ضئيل جدا، ولذا يقوم الديوان من جهته بإعطاء ووهب وإكرام الوزراء بأموال خارج معاشاتهم، وهو أمر فاسد ومفسد ، فهو يُعلِم حتى الوزارء أن المال موهوب لهم ومكرمٌ به وأنهم لا ينبغي أن يمكلوه أصلا، ولنا أن نتساءل معا، إلا يدفع هذا الوزير والوكيل إلى الفساد دفعا؟ لكي يستقيم الحال ونقضي على الفساد فلا بد أن توضع حصة معينة من المال للحاكم وللأسرة الحاكمة، وإن تدخل جميع مؤسسات الدولة في الميزانية المُعلنة بما فيها القوات الأمنية والجيش، وإلا فإن المفهوم العام لمال الدولة سيكون ملغزا باستمرار. دعونا نقولها علانية: إن المال مال الشعب، والحكومة عاملة فقط، وعليه فإنه يجب أن تأخذ أجرها كما ياخذه الآخرون. وإن كان التاريخ قد وضعنا في أمرٍ واقع أن الحاكم من أسرة حاكمة، وأن لهذه الأسرة حقا علينا، وحقا من مالنا، فلنقلْ أن لهم الحق فيما سيأتي من أيام قادمة، لكن بقدر معقول وحصة محددة معروفة. وإلا فإن هذا أيضا فساد من الفسادات التي يجب مقاومتها. الأمر الثالث الذي يظل مجهولا عنا، رغم أنه هو ايضا حق عام، ويجب أن يعرفه الناس جميعهم، هو تاريخ عمان الحديث، فإن الدولة بمنطق مفهوم أحيانا وغير مفهوم أحايين أخرى تقوم بتعمية التاريخ ودوسه وإخفائه، وكل ما يتبقى لنا أنه "كان هناك ظلام واليوم نور". والحق أن التاريخ ليس ملك الدولة وليس ملكا للسلطان، وإنّ الفجوة التي تَعمَّد النظام الحاكم في صنعها بين الناس وبين تاريخها السياسي الحديث هي فجوة مصطنعة. وعليه فإن تاريخ السلطان السابق ومن سبقه يجب ان يُدرَس بكل حذافيره بأمور السيئة والحسنة، وتاريخ الثورة الظفارية وتاريخ الإمامة الحديثة يجب ان يقالا علانية ويجب أن يدرسا داخل المدارس والجامعات، ويجب ألا تخاف الحكومة من معرفة الناس للحقائق التاريخية؛ فإن كانت الحكومة صادقة في نقلتها وفي نهضتها فلا شيء سوف ينقص من مقدارها، ولا بد أن يعلم السلطان ومستشاروه، وبالذات مستشاره الاعلامي والثقافي، أن التاريخ ليس سهلا التحكم فيه، وأنه قادر على النهوض حيا من تحت الرماد.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 10, 2011 09:35

May 8, 2011

تأملات: (2) الوزراء المقالون


لماذا أقيل الوزراء المقالون بعد الاحتجاجات؟ هناك في رأيي ثلاث إجابات محتملة. أولها، لأن الرأي العام ضدهم، وبالتالي فهم لا يتمتعون بشعبية تُمكِّنهم من الاستمرار في عملهم ، وبالتالي فالتخلي عنهم، ورقة رابحة في يد السلطان في محاولة إعادة الثقة للحكومة. وثانيها، أنهم غير أكفاء، فهم قادوا البلد باتجاه وضعيتها الراهنة التي أصبحت غير مقبولة ودفعت الناس للتضجر والخروج إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم. وثالثها أنهم فاسدون، أي أن ما يتهمهم به الناس سرا فيما مضى، وعلانية في الوقت الراهن، صحيح. لماذا يجب علينا التساؤل حول سبب الإقالة ؟ لأن كل إجابة تستتبع أمورا مختلفة. فلو كانت القضية انعدام ثقة الناس فيهم وسقوط شعبيتهم، فيجب على الحكومة (السلطان ومن حوله) أن تعرف أن أزمة الثقة هذه لا تقف عند بعض المسؤولين بل تتعداها لتشمل أفرادا آخرين أيضا؛ فرئيس مجلس الوزراء، أي السلطان نفسه، ونائبه، أي فهد، قد لا يكونان بمنأى عن الانتقاد؛ فعادةً ما يرمى بالتبعة على رأس المؤسسة إنْ ضَلَّتْ المؤسسة طريقها. فهل هناك من اقترح للسلطان أن يقوم بتغيير نائبه مثلا؟ وهل مثل هذا الفعل قد يؤدي إلى استقامة الأمور بشكل أفضل؟ الأمر الآخر أن المسؤولين المنعدمةَ ثقتهم لدى الناس، والساقطة شعبيتهم، ما زالوا موجودين؛ فهناك المدعي العام ووزير الاعلام ووكيله والمستشار الاعلامي وآخرين، فهل هي مسألة وقت لإزاحة هؤلاء، أي ان الأمر لا يتعدى أن يكون البدء بترتيب الأوراق المهمة بداية ثم النظر للأوراق الأخرى الأقل أهمية؟ قد يكون بالطبع أن هؤلاء كباش فداء، ضُحِّيَ بهم من أجل حل الأزمة مؤقتا، بيد ان الأمر في رأيي يتعدى الوقت الحالي، وإنْ كانت الحكومة بصدد تهدئة الأوضاع فقط وحل الأزمة من غير أن يكون هناك إصلاح حقيقي فإن الحكومة ترتكب بهذا حماقة للمستقبل. أما إن كان سبب الإقالة أنهم غير أكفاء، فلا بد للحكومة ان تراجع وسائل اختيارها التي أودت لاحتيارات سيئة، وإن كانوا غير أكفاء فلماذا ظل بعضهم في كرسي عمله طوال تلك الفترة؟ ومن ثم فلا بد من عمل آلية مستقبيلة في الاختيار وفترة زمنية لكل وزير، وطبعا هذا لن يتم ما دام الأمر موكول فقط على رأي السلطان وحده من غير أن توجد تشريعات مُلزِمة وقوانين مُؤطِّرة لعمل الحكومة. فقد نسأل جميعا، ما هي الصفات والطرق التي اتُبِعتْ لاختيار الوزراء الجدد ؟ أَدخَلَتْ القبيلة مثلا كجزء في الاختيار؟ ما الذي يمنع الوزراء الجدد ان يكونوا نسخا من الوزراء القدامى؟  أما إن كانوا فاسدين، فإن الحكومة بإقالتهم فقط من غير أن تقوم بخطوات قانونية في سبيل محاكمتهم، تجعلنا نرجع للتساؤل عن مدى صدق الحكومة في قولها أن القانون فوق الجميع. لإن الإقالة (وأشدد على هذه الجملة) قد تكون من حق رئيس الوزراء، الذي هو السلطان، لكن محاكمتهم والتدقيق المالي عليهم هو حق عام للشعب. بل إني أتعدى هذا للقول أنه حق لهم، للمخلوعين، على الحكومة وعلينا جميعا، فإن امر فسادهم شرَّقَ به القاصي والداني وغرَّب، ولقد لاكتهم الألسنة مرارا وتكرارا، وعلى القضاء أن يقول كلمته ليبرئهم إن كانوا بريئيين. ولأضربْ مثالا مناسبا هنا من الماضي القريب، هو مثال وزير القوى العاملة السابق ورئيس بلدية مسقط، فقد أُشيِع عنهما تورطهما في مسألة فساد تخص بناية الأول التي بقرب المطار، وبناء عليه قام السلطان بإزاحتهما من منصبهما، وقوَّضت العمارة فيما يمكن أن يكون حدثا لافتا وغير مسبوق، وتَوجَّه السلطان في خطاب له أمام مجلس عمان ليؤكد على محاربته للفساد وأنَّ القانون فوق الجميع. حسنا، فماذا حصل بعد هذا؟ حسب الأخبار التي تأتي من هنا وهناك، وهي أخبار شبه مؤكدة إلى مؤكدة، فقد عُوِّضَ صاحبُ البناية عن بنايته، ثم بعد فترة ليست بالطويلة قاموا بإعادتهما إلى سلك المسؤولية بوضعهما في مناصب قيادية في شركات شبه حكومية، فبالله عليكم، ما الذي يحدث؟ وهل هما الآن فاسدان أم هما وقعا في مكيدة نصبها لهما الأعداء؟ وأين القضاء من هذا كله؟ إن قشع العمارة وتسويتها بالأرض لم تتم بشكل قانوني، بل كان أمرا تعسفيا ووليد لحظة غضب. إن هذا الأمر يدل دلالة مطلقة على تخبط شديد في حل المشكلة. وعليه فقد ساعدتْ الحكومة والجهات الأمنية في تشويه سمعة وزير القوى العاملة السابق ورئيس البلدية وقوَّضت ثقة الناس بهما، لأنها تدخلت فيما لا يعنيها من الشؤون القضائية. إنني أضرب المثال هنا لأبيِّن للحكومة أن التعامل مع قضايا الفساد بالغضب الفردي والتعبير الشخصي أمر له نتائجه الوخيمة. فالناس لا ترحم الأخطاء، والمقالون لديهم امتدادت اقتصادية وأمنية وعسكرية، ولو كانوا فاسدين فإنهم لا بد يلعبون في الخفاء لعبا عصيبة، وبعد هذا وذاك فنحن ، أي الشعب، لهم الحق في معرفة ما يدور من حولهم وما يسرق من مالهم وأرضهم. 
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 08, 2011 22:59

May 7, 2011

تأملات عامة في الأوضاع الراهنة في عمان


(1) من هي الحكومة ومن هو الحاكم؟ الحكومة في عمان، من حيث المُسمَّى، تشمل السلطان والوزراء وجميع العاملين ضمن القطاع العام بما فيها الأجهزة الأمنية والعسكرية. الحكومة الحقيقية هي السلطان ومن حوله من الوزراء والمسؤولين الموثوق فيهم (كانوا وزير الديوان ووزير المكتب السلطاني، ورؤساء الأجهزة الأمنية ووزير الاقتصاد والمالية وربما الخارجية وبعض المستشارين). هل يدخل نائب رئيس مجلس الوزراء والأسرة الحاكمة في الحكومة الفاعلة؟ بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء فالاحتمال وارد، لكن الآخرين فإنهم مبعدون أو أنهم فاعلون في الخفاء. لو كانت تنحية المسؤولين تَمَّتْ لأن الشعب رفضهم، فلا أظن أن السلطان سيتخلى بين يوم وليلة عنهم، وهذا معناه أنهم ما زالوا فاعلين بطريقة أو بأخرى. لا ننسى أيضا أن من تبقى من مجلس الوزراء كانوا قد جاءوا بتوصية وتذكية من المُقاليِن، وهذا معناه أنهم ينهجون نهجهم أو أنهم موالون لهم. إن كان الوزراء المقالون فاسدين، وكانت التهم المُلقاة عليهم من قبل المواطنين صحيحة، فإنه لا يعقل أن يتم فسادهم من غير تواطؤ من الآخرين الذين حولهم، وهذا يجعلنا نتساءل أكان الفساد المباشر لهم فسادا خاصا بهم، أم أن له امتدادات سرطانية باتجاه مستخدميهم؟ السلطان يقبض في يديه كل الوزارات السيادية وهو رئيس مجلس الوزراء وهو المحرك الأول للأجهزة الأمنية والمكتب السلطاني، إلى الدرجة التي ربما يكون مناسبا إطلاق لقب وزير مسؤول حتى على الوزراء الآخرين الذين هم وزراء الآن. لا يوجد صف ثانٍ من الاقتصاديين والسياسيين في البلد ، ربما يكونون موجودون ككفاءة، لكنهم غير مُهيَّئين ليكونوا خلفا جيدا لمن هم في مناصب الوزارة الآن أو في مناصب المسؤولية. الأمر ذاته ينطبق على السلطان، فهل يوجد خلف جيد له؟ طبعا يجب الاستدراك هنا أن الكفاءات لا تنعدم في أي أرض، لكن التدرج في المسؤوليات ينبغي أن يكون ديدن من يُلقى عليه بالمسؤولية. فبالتالي، وما دام المحتجون في جميع عمان لم ينادوا بإسقاط النظام ولا بتغييره فإنهم ما زالوا يراهنون على مناسبة النظام القائم، والذي يعني انه من المناسب تعيين ولي عهد. عدم تعيين ولي عهد أكثر مناسبة كعمل ديموقراطي واعد، لكنه في نفس الوقت، بما انه لزامٌ أن يكون هناك سلطان بعد السلطان، فإن أمر تأجيل تحديد ولي للعهد غير مناسب للبلد؛ فإن تأجيله يجعلنا في زعزعة وانعدام آمان (تصوروا معي لو كان وزير مكتب القصر فاسدا، وكانت بيديه الأمور جميعها وهو من سيقوم بمسك الحكم في الثلاثة أيام الأولى فأين كنا سنكون بعد وفاة السلطان؟). وطبعا بما أن السلطان قابوس يحظى بتأييد جماهيري حاليا فإن تعيين سلطان من بعده يمكن أن يتم الآن تحت سمعه وبصره، وليكن بتشاور من الأسرة الحاكمة، فما الذي سيختلف إن تم تعيينه الآن أم بعد وفاة السلطان الحالي ( بعد عمر طويل)؟ ، أما إن كانت هناك نية مبطنة من قبل السلطان الحالي والأسرة الحاكمة أن تنعم البلاد بديموقراطية حقيقية بأن ينتخب الشعب حاكمه بنفسه، وهو أمر غير محتمل وغير وارد في هذه المرحلة من التاريخ العماني، فإن الخطوات اللازمة يجب أن تقام الآن. قد يبدو أن تركيز الصلاحيات الآن في يدي السلطان قابوس أمرا محمودا، وخصوصا إن كان المقالون الأكبر تأثيرا فاسدين، لأنه يجعل الصلاحيات في يدي رجل يحترمه الجميع ويعرفون صدق نواياه في إصلاح البلد وتطويره، أي أنه يرجع الصلاحيات التي كانت متوزعة نوعا معا على بعض الوزراء المقالين الأكثر تأثيرا ، يرجعها إلى يدي رجل صالح، بيد أن هذا التركيز للصلاحيات مضر للبلد على المدى البعيد (بعد سنوات خمس مثلا)، وهو يجعلنا أمام سيناريوهات غير محسوبة في المستقبل ، حين مجيء السلطان الجديد. 
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 07, 2011 12:48

March 26, 2011

شذرات



1.   (الجدار)الجدار بيني وبينك،من هنا أنا داخله وأنت خارجه،من هناك أنت داخله وأنا خارجه.حذارِ أنْ نُفكِّر بهدمه؛ليست المشكلة فيهبل المشكلة فينا؛لا يستقيم عيشُنا إلا به،لن نستطيعَ مواجهتَنا في الخواء.  

2.   (سحابة)سئمتُ مطاردةَ الرياحوالعبثَ بي،سئمتُ إخفاءَ الشمس عن وجه الأرض،سئمتُ العيش الغازيَّ؛فانسكبتُ ماءً على قمة الجبل البعيدة.

3.   (الأشياء تتهاوى)كلُّ سنةٍ تسقط أشياء كثيرة في هوّةِ الوهم،الأشخاص يتساقطون،الدول تتهاوى،جبالُ الجليد،ألهة ألومبوس،خلايا ذاكرتي.بدأتُ أخاف عمريَالذي يُذوِي الأشياء ويحيلها باهتة، ويُزلزِلُ سطحَ الثبات الهشّ.
4.   (الضجر)أُراوغُ الضجرَ السديميَّبكلماتٍ نيزكيةٍ لاهبة؛  علَّ وهماً جديداً ينفجرُ في أعقاب وهمٍ قديم. علَّ الحياة تنجلي عن معناها العميق.علِّي أجدُ صحنَ المعنى  مُمتَلئاً بنسغِ الحقيقة.

5.   (حبٌ شامل)أُحبُّكِ على الفراش،وعلى المائدةوالأريكة،ممسكةً بيأو بفنجان قهوتكِ، تنظرين باتجاهي أو باتجاه مظاهراتِ التلفاز.

6.   (وقتٌ لكلِّ شيء)للحبّ وقتٌثم يأتي وقتٌ العمل.أحتاج وقتا للّعب،لتأمّل العالم بعينين فاغرتينوقلبٍ خالٍ.أحتاج وقتا لجسديالذي يرفضُ إلا أنْ ينام،وقتا لنفْسِي أجترُّ فيه حزني.لا وجود لحبٍّ كاملٍ يُذوِّبُني فيكِ،حبٍّ شاملٍ يُغطِّيكِ في كلِّ مكانٍ وزمان.حبِّي مُقطعٌ ومشرذَمٌ كما هو كل شيء.لا تطالبيني بإيجاد غير الموجود؛لم أوجَدْ خالقاً!
7.   (كوابيس)في أحلاميتعوَّدتُ على شخصٍ يطاردُنيحاملاً سكيناً، هادراً بغضب.البارحة فقط رأيتُه عن قرب،وكان يحملُ مع سكيِّنه وجهيَ وجسدي!  

8.   (إقفال)أشباح الموتى يتلقفونني في الحلم،كلٌّ يدعوني إلى شيءٍ مختلف.سئمتُ انعدامَ تناغمهم،احتقرتُ أنانيّتَهم،حبَّهم لعيشِ حياة سابقة.عمّا قليل سأُقفِلُ نافذة حلمي.لِيدقُّوا أبواباً أخرى!

9.   (الأطلال)لا ينبغي المساس بالأطلالطالما كانت بعيدة عن المدينة،ولا ينبغي ترميمها طالما كانت بعيدة عن الإفادة؛ ما بناه الزمن يُسقِطُه الزمن.

10.         (طريقة للفوز)أُرقِّمُ الأسطحَ الستة لحجرِ نردي،أضعُ نقاطاً ستةً على كلِّ سطح،ثم أبدأُ في اللعب، وأفوز!

11.         (دماءٌ مسفوكة)في ساحة التحريرينتشر الدم على الأشياء،على التراب والمطاوي،على الأسيجة الحديديَّة الصدِئة، على عربات الجيش،يجترُّ حياته المتبقية بانفثاءات غليظة على الرصيف.الدماء المسفوكة لأنصار الرئيس،والدماء المسفوكة لمناوئيه،لها نفس اللون وذات الرائحة!

12.         (الثورة)نترقّبُ الثورة، ونُهلِّلُ لها حين تقترب،ونخافُها حين تأتي،وتجعلُنا غير قادرين على معرفة ما نريد،وتديرُ عجلة الفوضى بيننا.وبعدها نجدُنا نحمل قتلى وجرحى، وضمائرَ مُثقَلة،وذاتِ مصائبِنا الأولى!

13.         (خوف)احتجنا خمسَ سنواتٍ لإعدام المَلِك،والآن نحتاجُ ثلاثين سنةً لنُقنِعَ رئيسَ الجمهورية بالتنحِّي.لكم اخاف لوغارتيمات الزمن!

14.         (مرض)أمريكا بغرورها المتوارث من إدارة لأخرى، يعتورُها مرضٌ غريب؛ فهي لا تدرك حدودها الجغرافية،فحين تتعثَّرُ بغلةٌ في مصر أو في العراقينخز أوباما خواصر سفن مارينه بصولجان العبودية.

15.         (سرقة الثورة)كلُّهم يتكلَّمون عن سرقة الثورة،فهم يعرفون أنها ستُسرَق.تكمنُ القضية فيمن سيسرقها.الجميع يُرحِّب أنْ تكونَ سرقةً جماعيةًلفترة محددة،باسم الدستور والحريَّة!

16.         (الرائي كالحاضر)لكثرة ما شاهدتُ مظاهرات التلفازأتخيَّلُني دائما في ميدان التحريررافعا أعلام الوطن،وشعارات الحرية،أشهد جمعة الخلاص.

17.         (احتراز)لمنعِ نفسي من أنْ أُوصَمَ بالخيانة؛أسمِّيهُن كلَّهُنَّ حبِّي. هكذا أتجنب عثرات اللسان،ولزوجة الأسماء،وأُجُرُّ نفسيَ وإياهُّن للاّتمييز.

18.         (الفضائيات)مذيعو الأخبارفي القنوات الفضائيةينظرون للأحداث الداميةكما لو كانوا يلعبون،ورغم بعدهم عن الجمهورإلّا أنَّهم قطيع أكثر من القطيع.
19.         (تعجب) أنتف جناحيْ الفراشة،وأتعجَّبُ من عدم قدرتها على الطيران.
20.         (قنوات)قنوات الإتصال بيننا مسدودة.هل ننظِّفُهاأم نفتح قنوات جديدة؟
21.         (التصاق)في حمى الجنس،ألتصقُ أخيرا بنفسي!
22.         (لا جديد)لا جديد،مع هذا أنا غير متضايق!
23.         (أخيرا)سكنَ الإعصار أخيراًفيم كانت كلُّ هذه الفوضى؟
24.         (بين رصاصتين)بين الرصاصة التي اخطأتني والرصاصة التي أصابتني فكَّرتُ بالحياة.
25.         (حبِّي المُفضَّل)الحبُّ الذي أُحبُّيجب أن يكون مبرأا من كل فائدة، حتى من الحبّ!
26.         (دفء)القطة نامتْ تحت سيارتيمتدثرةً بدفئها.
27.         (جمال)الطائر على إفريز نافذتي لا أعرفُ اسمه،ويظلُّ جميلاً!
28.         (في اللحظة ذاتها)في اللحظة التي أعبرهيعبرني!
29.         (تفتُّح)تتفتَّح الوردةُ هذا الصباحبينا أنا نائم!
30.         (لست أنا)فتاة سعيدة تمر؛لا دخل لي!
31.         (لا صيد)ألقي فخاخي في الأرض،ولا أصطاد طيراً!
32.         (ظن)حسبتُه صلبا،وخرَّ من الرصاصة الأولى!
33.         (ذبابة)بالقرب من أذنيتَطنُّ ذبابةٌ لا أراها!

34.         (تخيل)أتخيل المالانهايةرغم بعدها،ولا أتخيل الصفرمع أني أراه كل يوم.
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 26, 2011 00:20

February 26, 2011

الآن الآن أيتها الحكومة!


مقدمة:تتوالى المظاهرات في عمان مطالبة بحزمة إصلاحات وإجراءات رادعة لمكافحة الفساد. هناك توجه من الحكومة أن تفعل شيئا. الدليل أن عريضة المطالبة التي قدمها المشاركون في المسيرة الخضراء رقم 2 في يدي السلطان حسب ما تقوله الجرائد. تأخر الحكومة في البت في الأمر سوف يؤجج الموقف لا محالة. الحكومة في سبيلها إلى فقد مصداقيتها أمام مواطنيها. الجميع يعرف أن حزمة المطالب المقترحة ومكافحة الفساد ليست من قبيل الأمور التي يمكن أن تتحقق بين ليلة وضحاها. لكن رياح التغيير التي تهب من جميع أرجاء الوطن العربي باتت عاتية جدا. وسوف نصاب بأنوائها شئنا أم أبينا. ولا يخالجني شك في أن سقف المطالب سوف يرتفع مع استمرار الصمت.
مطالبة واقتراح:لذا لدي مطالبة واقتراح. مطالبة للمواطنين بكامل فئاتهم وعلى رأسهم المثقفين والناشطين الحقوقيين لضبط النفس والبعد عن التشنج والعصبيات، والتمسك بمطلب الحوار السلمي مع المسؤولين. وأن يظلوا مسالمين وألا يحاولوا أن يخرجوا قيد أنملة عن النمط المتحضر في مسيراتهم وتظاهراتهم. واقترح على الحكومة أن تخرج من صمتها. وأن تخرج الآن الآن. وتقول بالضبط ما هي الخطة التي تقوم بوضعها. وأن تمنح المواطنين مهلة زمنية محددة لكي تبت في مطالبهم واقتراحاتهم.   
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 26, 2011 00:51

February 17, 2011

أفكار حول المسيرة الخضراء


أمران أود التحدث فيهما. كلاهما يتعلقان بالمسيرة الخضراء. أولهما هل يحق للناس في عمان الخوف من المسيرات والتظاهرات؟ وثانيهما بماذا تحديداً يجب علينا أن نُطالب في المسيرة الخضراء؟ والأمران مرتبطان. ثمة مؤخرا مقالات في الساحة الثقافية تتكلم عن أهمية الاستقرار التي تنعم به عمان، وتدعو الشباب العماني ألا يستجيبوا للدواعي المُغرضَة والخارجية لإحداث أية بلبلة في النظام المُستَتب، والذي يقف على رأسه سلطان عادل محب لوطنه ولشعبه. ويبدو لي أن هذه المقالات والدعوات صادقة في دوافعها. وأنها تنظر للصالح العام. ولا ترغب في أن تكون المطالبة بإصلاحات بسيطة سببا في دخول البلاد في معمعة عنف أو دوامات تفسد ما تحقق من مسيرة البناء الحديثة. ويبدو لي أيضا أن هذه المقالات والدعوات نابعة من دوافع معينة، فبداية فإن البلد فعلا في وضع مستقر إلى حد كبير، والوضع الاقتصادي لفئات عديدة من الناس ليس سيئا كما هو الحال مثلا في دول أخرى كتونس ومصر. ودافع آخر هو أن الناس إلى حد كبير مُسلِّمون أمورَهم إلى الحكومة ولسان حالهم يقول أنّ الحكومة أخبر منهم في تصريف الأمور. ولا ننسى أيضا أن جزءا كبيرا من الشأن السياسي الداخلي في عمان متعلقٌ بالسلطان نفسه، بحيث تتماهى كل من الحكومة والدولة به. وهذا يعني أن قولا ضد الحكومة أو في سبيل إصلاحها معناه قلة الوفاء للسلطان الذي كان وما يزال رمز الوحدة العمانية وباني نهضتها الحديثة. بالتالي فأي كلام حول الإصلاح الجذري هو كلام يُعقِّب الإحساس بالذنب. ولأقل بداية أن أية مسيرة أو حتى مظاهرة سلمية هي من حقوق الشعوب، وحق التظاهر وتوجيه النداء السلمي من مكتسبات الإنسان في تعامله مع سلطات مختلفة عبر العصور. والمسيرة الخضراء من اسمها إنما تتبع هذا المنهاج. فلأنه لا توجد قنوات قصيرة للتكلم مع السلطة فإن المظاهرات والمسيرات قناة لها شرعيتها وأهميتها. إذا ليست المسيرة دعوة للإفساد والتخريب بل دعوة للمضي قدما باتجاه أمور أفضل للبلاد. أما كون السلطان هو الحكومة والحكومة هي عمان فهذه فكرة خاطئة ساعدت الحكومة القائمة على زرعها وإخصابها في عقول الناس. بحيث غدا التكلم عن الإصلاح يؤخذ من باب التصادم مع السلطان ويورث عقدة ذنب أبوية. ولا يجب علينا مهما بلغ احترامنا للسلطان أن نعفو عن حكومته أو أن نُغلِّب مصلحة رجل واحد على مصلحة شعب بأكمله. ليست الحكومة هي السلطان وليس السلطان هو الأب للشعب. الحكومة أداة تسيير للنظام السياسي والاقتصادي في البلاد. لقد قام السلطان بدوره منذ فترة في تسيير النظام نحو الأفضل، وآن له أن يقوم بدور آخر تتطلبه المرحلة الحالية. فكما أنه قاد التقدم في مرحلة ما بطريقة ما فإنه أيضا، إنْ كان ليقوم بنفس الدور، يجب عليه أن يفعل ما تتطلبه المرحلة الحالية. أنا مثلا أرى أن السلطان لو كان احد المرشحين لحكم البلاد في ظل نظام ديموقراطي أو برلماني أو أيا كان لقمتُ باختياره. لكن هذا رأيي أنا فقط. وربما يكون نابعا من خطأ في الحكم كوني تربيت في البلد تحت ظل إعلام موجه. وماذا يجب علينا أن نفعل بعد مضي السلطان ( بعد عمر طويل) هل سيكون الحاكم الجديد عادلا ومتفهما؟ هل ستكون الظروف ملائمة له لأن يكون عادلا ومتفهما ومحبا لشعبه؟ أشك في ذلك وخصوصا لأن الناس أصبحت ذات توجهات مختلفة جدا، ولا يمكن بالتالي لأي نظام مفرد، أي يحكمه فرد واحد، أن يكون مناسبا. وأمر الاستقرار نسبي. فما هو مستقر الآن قد يدخلنا في معمعات قادمة لا سبيل إلى حلها إلا بوجود نظام ديموقراطي إلى حد كبيرفيه يتشاور الناس فيما سيفعلون ويُغلِّبون المصلحة العامة على الخاصة. ولنقل مثلا أن الاستقرار مستتب في عمان اليوم فماذا عن الغد؟ ماذا بعد أن يبدا الاقتصاد في التدهور؟ كيف سيكون مستقرا؟ لا بد لنا أن نعرف أن الوضع اليوم مستقر بسبب عدة عوامل أهمها الاقتصاد النفطي للبلاد، وما لم نتجاوز هذا الأمر، أو نحاول أن نتجاوزه فلن يكون مستقبلنا جيدا. كل الأحوال في عمان الآن تدل دلالة واضحة أننا متجهون إلى كارثة. فالتعليم يتعثر ويزداد تعثرا مع مرور الوقت، والفساد يزداد ولا تتخذ اجراءت حاسمة ضده، والإعلام مكمم وليس له إلا نغمة واحدة، نغمة الاستقرار والتقدم وغض الطرف عن المشاكل الحالية والمشاكل المتوقعة في السنوات القليلة القادمة. أما وجهة نظر الناس في السلطان فلكي تظل جميلة في أذهان الجميع فإنه ينبغي التحرك في مثل هذه المسيرات. فهذه المسيرات تخبر القائمين على النظام أهمية التغيير وما هي الأمور التي يجب أن تغير من خلال إيصال وجهة نظر الناس ، ما دام الإعلام يرفض نقل الحوار الهامس بين الناس وفي المنتديات النتية إلى حوار علني ممنهج. وإذاً هناك حقوق للناس يجب أن تشبع. منها حق التظاهر والتعبيير عن الذات. ومنها توزيع الثروات والسعي نحو تكافل الفرص. ومنها أن الناس تحب أن تحكم نفسها بنفسها إلى حد كبير. ومنها أننا نحب ألا يعتبر البشر مجرد أفراد وجماهير قابلة للقود. ومنها أنها تحب أن تعرف كم هي ثروتها وأين تذهب وماذا يحصل لأمنها وما هو مستقبلها وهل هو في أيد أمينة. ورغم أن المظاهرات والمسيرات هي أمر جديد نسبيا في عمان فليس هذا معناه أنه ليس بالأمر الحميد ما دام كل المشاركين سيكون لديهم التوجه لمسيرة سلمية تحترم الآخرين كما تطالب باحترام الآخرين. أما الوقت فهو الوقت المناسب. ذلك أن العالم العربي يشهد تحولا الآن. وهناك من يحاول من داخل الأنظمة العربية الالتفات على ما حققته ثورتا مصر وتونس. وليس ما تحقق فيهما ببعيد عنا. إن ما تحقق هناك هو مكسب لنا. وهذا هو الوقت المناسب في رأيي ، ليس من قبيل التأجيج والتثوير بل من قبيل أن الأنظمة جميعها عليها أن تلتفت لشعوبها وتهتم بهم ، ومن قبيل أن شرعية أي نظام يجب أن يكون مستمد من الشعب ومن الناس. ما هي المطالب التي يجب أن تكون في المسيرة الخضراء؟ الشعب يريد إصلاح النظام. لكن الإصلاح هنا كلمة مخففة لما هو حقا مطلوب. لكن كلمة الإصلاح هي الأنسب مع هذا. فنحن نريد أن يأتي الإصلاح من داخل النظام لا من خارجه. وهذا ليس لأن النظام جيد جدا ولكن لأننا نحترم السلطان ونقدره. ويجب علينا أن نعض بالنواجذ على ما تحقق من مكتسبات وطنية. لكن لا يعني هذا ان النظام يجب أن يبقى بالطريقة نفسها. لا بد أن يعطى الناس والشعب والمواطنون الضمانات الكافية لتحول النظام مستقبلا إلى أيدي الشعب. أظن هذا المطلب مهم جدا لأن أية مطالب أخرى لن تكون كافية وسوف تحقق تقدما بسيطا. فنحن نعرف أن الحكومة وعلى رأسها السلطان تحاول أن تقيد الفساد مع أننا نرى أن ذلك ليس كافيا ولم يأت بثماره بعد. يجب أن يكون هناك جدول زمني منظم لتحول السلطة من السلطان إلى نظام ديموقراطي أو ملكي دستوري بانتهاء حكم السلطان (بعد عمر طويل) . قد أتفق ويتفق معي الكثيرون من شعب هذا الوطن أن السلطان رجل عادل ومحب لشعبه لكننا لن نتفق هكذا اتفاق مع القادم أيا كان. وسوف نسأل كل الأسئلة ويكون لنا كل الحق في أن نقول أن القادم ربما يكون سيئا . وسنقول لماذا هو بالذات وكل الأمور الأخرى التي ستأتي على بالنا. وإذا لنتفق مع الحكومة من خلال المسيرة أن تكون هناك خطة مجدولة ومقننة للعمل على انتقال سلمي للسلطلة من يد حاكم واحد نحبه إلى أيدي الناس. هل معنى هذا أن الناس أو الوضع الديموقراطي أو الوضع الدستوري الملكي سيكون افضل وأن الحكومات ستكون أفضل . لا . لكن سيكون الناس هم مديرو أمرهم. وحينها سيكون هناك جهات تنفيذية تقوم بدور الرادع للفساد ودور المحاسي لمن تسول له نفسه السرقة والرشوة حسب اجراءات قضائية. أظن أن الوقت حان لذلك ولا يجب علينا أن نقول أن الناس ليست مستعدة لذلك ، فهذا غير صحيح بتاتا. الناس كانت وما تزال مستعدة لأن تقول ما تريد وما لا تريد. وليس أمر الحكم في عمان أمر تاريخيا ببعيد عن الناس . لقد كان الناس هم الحاكمون على مر التاريخ عبر أنظمة مختلفة. وإذاً ارجو أخيرا أن أقول لكل الذي سيتظاهرون غدا أو بعد غد أو بعد بعده أننا يجب أن نرفع سقف مطالبنا، وأن تضع الحكومة الحالية التي نحب رأسها ورئيسها، أن تضع خطة للتغيير الشامل للنظام. أما المطالبة ببعض التغييرات فسوف لن تؤدي في النهاية إلى تغيير حقيقي على المدى الطويل. فالوضع الاقتصادي مختل والفساد منتشر لا بسبب بعض من في الحكومة بل هو بسبب النظام بأكمله ولا بد أن يتغير النظام كاملا. وبما أن التغيير يجب أن يكون سلميا فلا أجد إلا أن تطالب المسيرة الخضراء بوضع خطة مجدولة للتغيير وخطة حازمة للتغيير تبدأ من وضع دستور في البلاد وتسعى لتحقيق طموحات الناس أجمعهم.     
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 17, 2011 07:44

February 12, 2011

من وحي ثورة مصر


وقعت أحداث مصر الأخيرة. آلت الأحداث إلى إسقاط النظام وعلى رأسه رئيس الجمهورية. يجب على الحكومات العربية التحرك لتشخيص المشاكل التي يعاني منها مواطنوها. الحكومة العمانية هي الأخرى محتاجة للاجتماع والتشاور. لكن هناك ثلاثة احتمالات. الأول ألا تتحرك الحكومة بحجة أن ما حصل في مصر بعيد وشأن داخلي لا دعوة لنا به. الثاني أن تتحرك بحركة تسكيتية مباشرة كأن تزيد الرواتب أو تقوم بعمل تسهيلات أو منح أو مكرمات، أي طرح حلول أو أشباه حلول قصيرة المدى. والثالث أن تدرك أن ما حصل في مصر هو في صميم العمل الحكومي في أية دولة عربية، وأنه يجب الوقوف وتمحيص كل أمر من أمور الدولة. هنا ألقي ببعض المواضيع التي يجب أن تناقش في حال ارتأت الحكومة الأمر الثالث:  1.    إدارة الحكم: معظم المواطنين العمانين يحترمون السلطان ويحبونه. هو رمز الوحدة العمانية وباني الدولة الحديثة. السؤال الذي يطرح نفسه في الأذهان هو من يحكم عمان بعده؟ نعرف جميعنا أن هناك بندا في الكتاب الأبيض يحدد علمية انتقال السلطة. لا أظن أن هذا كافيا. فلماذا لا نفعل منذ الآن الحركة باتجاه حكم الشعب لنفسه. المسألة ليست مسألة فجائية يجب أن تقام الآن وهنا. مع هذا يجب أن يكون هناك توجه وجدول زمني لسير العملية الديموقراطية في البلاد. 2.    الكتاب الأبيض:لا بد من تشكيل لجنة قانونية تقوم بإعادة قراءة مواد الكتاب الأبيض وتغيير ما هو متناقض فيه ومحاولة تطبيق ما هو جيد ومعرفة العوائق الكامنة وراء عدم تطبيق مواده. 3.     الأسرة الحاكمة: يتربع بعض من أعضاء الأسرة الحاكمة في مناصب وزارية ومناصب أخرى. لو وجد التوجه لانتقال البلاد لحكم ديموقراطي أو دستوري ملكي، فنحن أمام قضية تحديد ما يجب أن تقوم به الأسرة الحاكمة وما هو دورها بالضبط. 4.    اختيار الوزراء والوكلاء: ليس هناك طريقة محددة لاختيار هؤلاء؛ فاحيانا ترجح كفة القبيلة وأحيانا يتم الاختيار بطريقة مجهولة. كل وزير يجب أن يكون ملائما وذا كفاءة. الاختيار العشوائي أو المجهول لم يعد مقبولا، بل ينبغي أن يكون وفق أسس محددة. سيتغير اختيار الوزير والوكيل بتغير طريقة الحكم. كل وزير سوف تكون له مساوئه ومحاسنه ، لكن إن وجدت طريقة لاختياره وطريقة لتقويمه فإن الأمور ستمضي بطريقة أفضل. 5.    الوزارات السيادية: معظم الوزارات السيادية الآن في يد السلطان. وهو أمر خاطئ فيما يأتي من أيام. لا استطيع القول ( لأني لست الشخص المناسب للقول) أن وزير الاقتصاد غير جيد، لكن بما أن عدد ضخم من المواطنين يرون أنه غير جيد فيجب أن يكون هناك حل حاسم فيما يتعلق بهذا الموضوع. 6.    مسألة القبلية ووزراة الداخلية: يجب التخلص سواء بجرة قلم واحدة أو وفق خطة منهجية مجدولة بكل ما يتعلق بالأمور التي تعلي الأشخاص عن طريق قبائلهم. اختيار الأشخاص لمناصب معينة لا يجب أن يتم إلا وفق الكفاءات، واختيارهم لكل الأمور الأخرى مثل تعليمهم وتقديم الخدمات الصحية لهم يجب أن بمبدأ تكافؤ الفرص والحقوق. (أقترح ان يلغى اسم القبيلة من السجل المدني والبطاقة الشخصية ويعتاض عنه باسم الجد الرابع إن كان ضروريا). أما وزارة الداخلية فلا يبدو أنها تقوم بشيء مهم . فهل تقوم بعملية إمداد شيوخ القبائل بالمال؟ ولماذا؟ ما فائدة وجود الشيوخ في المناطق أصلا؟ وما فائدة وجود الوالي؟ أين يبتدئ الوالي وأين ينتهي الشيخ؟ الوالي هل هو ممثل للحاكم أم ماذا؟ ولا بد أيضا من إلغاء قانون منع الزواج من الخارج ( الذي ينتهك من قبل العديدين ) لأنه غير مبني على أسس منطقية أو تشريعية. 7.    الوضع الاقتصادي:ما هو الوضع الاقتصادي الحقيقي للبلد ؟ وإلى كم يمكن أن يستمر النفط المحرك الاقتصادي الأول؟ وهل تستطيع الزراعة والسياحة والصناعة والتجارة بوضعها الحالي المشاركة الفعالة في الناتج المحلي؟ لماذا لم تتطور الزراعة والثروة السمكية مثلا بعد تلك الندوة التي عقدت أثناء تجوال السلطان في المناطق. ما هو الرقم الحقيقي لدخل الدولة السنوي وكيف يتم توزيعه؟ كيف يتم التعامل مع الفساد المالي؟8.    الديوان وشؤون البلاط والمكتب السلطاني:الديوان أصبح دولة داخل الدولة. وزير الديوان يبدو أحيانا وكأنه رئيس الوزراء مع وجود رئيس وزراء أو نائبه . ما فائدة وجود المكتب السلطاني إن كان جهاز الأمن يقوم بكل مهامه، وما فائدتهما مع وجود مكتب التحقيقات في الشرطة. وما فائدة الجميع بعد أن تم اختراقها جميعا من قبل خلية التجسس التابعة لدولة الإمارات. الديوان في رأيي تكسير لمبدأ حكومة المؤسسات. وزراة الصحة لا تستطيع تحصيننا ضد أنفلونزا الخنازير، يتدخل الديوان ولكأنه مؤسسة أخرى. وزارة الثقافة لا تستطيع ان تقيم مهرجانا للشعراء يتدخل الديوان. وإذا ما فائدة وزارة الثقافة والصحة. تحول الديوان إلى خزانة مال المسلمين أيام الدولة العباسية وكل من يقترب من الحاكم أو ممن يملكون السلطة يعطى من بين المال بدون حساب. إن الهبات والعطايا والمنح والأراضي ونحو ذلك ، كل هذه الأمور يجب أن تنتهي بجرة قلم. 9.    فصل السلطات:لا يجب أن يكون الإدعاء بأي طريقة جزءا من كيان الشرطة. ولا يجب أن يكون القضاء مستقلا تمام الاستقلال. ويجب أن يراجع قانونيون مختصون القوانين الحالية ومناسبتها. وأن تكون هناك كيان تشريعي. 10.                       الجيش والشرطة:بداية إن اسم الشرطة السلطانية أو الجيش السلطاني غير صحيح، فالشرطة هي شرطة عمان والجيش هو الجيش العماني. يبدو الأمر كما لو أن كل هذه الأجهزة تقوم بدور حماية السلطان لا حماية البلاد. وعموما فإن وضع الحاكم كقائد للعسكر حتى وإن كان مقبولا الآن فإنه سيتغير حتما مع مجيء خلف السلطان. 11.                       مجلس الشورى:إن كانت هناك نوايا حقيقية لتطوير مجلس الشورى ليكون فاعلا فلا بد أن يكون الآن. إن هذا التدرج بالقطارة كان سيكون  مناسبا في بلد له قناة تلفزيونية واحدة . لكن الآن مع وجود كل هذه القنوات الفضائية وكل زخم النت لا أظن أن هناك داعٍ لهذا التدرج البطيء جدا 12.                       العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات:في حالة بلد سكانه لا يتجاوزون المليونين وبلد نفطي إلى حد ما ونسمع بين فترة وأخرى بالاختلاسات الحاصلة هنا وهناك، لا يجب والحال هذه أن يكون هناك فقراء يتسولون الحكومة المعونةَ الاجتماعية. توزيع الأراضي غير العادل، وتوزيع المكافأت غير العادل من قبل الحكومة لا بد أن ينتهي. ولا ضير أن تشكل لجنة تبحث في اموال الجميع من أصغر موظف إلى أكبر موظف لمعرفة كيف تم جني ثروة كل شخص. 13.                       وزارة الإعلام وحرية التعبير:هناك توجه لدى قطاع كبير من الناس أن وزارة الإعلام غير قائمة بما يجب أن تقوم به. يجب التساؤل المباشر ما هي حالتها الحقيقية ولماذا هي هكذا. وكيف يمكن إصلاحها إن كانت قابلة للإصلاح. حرية التعبير التي باتت هما عالميا يجب أن يكون في الحسبان. الصحافة التي لا تناقش الفساد والرشوات والحوادث الحقيقية التي تقع في البلد هي صحافة مُستورِدة لأحداث الخارج. يجب على الحكومة أن ترفع حظرها غير المبرر لوسائل الإعلام. الإعلام ليس للتسلية إنه سند للحكومة في معرفة الأحداث الداخلية وتقصي الفساد. 14.                       التعليم:التعليم بالذات محتاج إلى غربلة حقيقية فما يحدث من تحطيم لأهمية التعليم بكل الطرق يجب أن ينتهي. هذه وبالذات خيانة وطنية. هذا التوجه المحموم نحو انتاج جيل يشتغل في محطات البترول والمصانع باجور زهيدة ، يجب أن ينتهي. لم تخلق البلد حتى الآن أجيالها من القانونين والمهندسين والأطباء والعلماء والمختصين بينما يشجع كل أحد هذه الألاعيب التي تدهور التعليم . ( انظروا تصريحات وزارة التعليم : المهرجانات كانت دلالة على تطور التعليم في عمان!). اقترح أن تقوم الدولة بشراء الجامعات الخاصة التي تدهور التعليم ولا تعليه وتجعلها مجانية للجميع. أين الجيل السياسي الذي نستطيع أن نعول عليه أين الاقتصاديون أين المفكرون الذين عليهم أن ينيروا لنا دربنا. أخيرا علي أن أقول أمرا وهو أننا يجب أن نخرج من الكليشيهات الجاهزة التي أسست للعديد من مفاهيمنا اليومية في التعامل مع الحكومة ومع أنفسنا:1.    نحن أصحاب المال وليست الحكومة. المفروض أن تكون الحكومة برمتها عاملة لدينا. الحكام ياتون ويذهبون. الأسر الحاكمة تأتي وتروح. الباقية هي عمان. 2.    لا يجب التعامل مع الحكومة كأب او مع السلطان كأب. إن هذا المفهوم خطير جدا. إنه يجعلنا مكفوفي الأيدي أمام كل شيء سيء يمكن أن يأتي من الحكومة. الحكومة جهة تسير البلد لا أكثر ولا أقل. 3.    العمانيون ليسو طيبين. هذا كلام مبالغ فيه. مع كل الحروب القبلية والانشقاقات غريب أن نحكم بطيبتهم. ثم أن الطيبة والقبح والعداوة تنبع أكثر ما تنبع من الظروف المحيطة بالأشخاص. لن نستيطع أن نقول لمن لا يجد عملا ولا مجالا للتعليم كن طيبا. لقد سقطت أسطورة أن الشعب المصري شعب كلام، ولا بد أن تسقط أسطورة أن العمانيين طيبون.  فالطيبة التي يفتعلها العمانيون هي طيبة نفاقية وطيبة خضوع أحيان وليست طيبة القادر والمنتصر. ( أنظروا مثال علاقتنا بالإمارات: خبر قصير عن خلية التجسس في قمة انشغال العالم بأزمة مصر. كيف يجب أن نفسر هذا؟ ماذا تريد الحكومة بالله عليكم من كذا بيان مقتضب؟ كيف ينبغي لي أن أتعامل الآن مع الدولة المجاورة وبأي منطق؟ 4.    كلنا نعرف أن العلاقات الخارجية لعمان مبنية على السلام. مرة أخرى سلام ماذا؟ كيف نستطيع أن نكون على الحياد ما دمنا لا نتكلم أصلا. إن السياسة الخارجية القائمة على المشي بجانب الحيط جيدة لكنها لن تكون مجدية أبدا. 5.    السلطان ليس عمان وليست عمان السلطان. والحكومة ليست عمان. كل الدجل الطي مورس في المهرجانات المنصرمة لإشاعة هذه العبارة تخل بعمان. 6.    الاستقرار جيد. نعم إن الاستقرار جيد لكن ليس الاستقرار الذي يحيلنا إلى كارثة. لا أعرف ما الذي يجعل من كل الأمور الحاصلة في البلد غير ذات أهمية ولا تلقي بثقلها على المسؤولين. تخترق المؤسسة الأمنية ولا أحد يستقيل. يصبح التعليم أداء مهرجانات ولا يستقيل وزير التعليم. تتدهور حالة التعليم العالي ولا يستقيل وزير التعليم العالي. 
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 12, 2011 07:13

February 10, 2011

ارتحال


1.   (لغة واضحة)بالإشارات فقط، يُخبِرُنا الشارعُ الصامت،أين نمضي ومتى نقف.
2.   (موت)قاومتْ الوردةُ طويلاً،لكنَّها تقفُ الآن ميتةً وجاهزةً للفناء.
3.   (كذب)منذ مكيافيللي، وقبله بقرون،السياسيون يكذبون بصدق!
4.   (اتصال)الوردة المطلوبة غير متوفِّرة؛الرجاء البحث في حديقة أخرى.
5.   (امتلاء)يملؤني الحب؛أحتاج أنْ أنسكبَ قليلاً.
6.   (ثبات)أُكرِّرُ نفسي كلَّ يومبالحركات والأفعال، بالابتسامات؛لأبدوَ شخصيةً ثابتة.
7.   (تفرُّد مُضجر)أينكِ أيتها الصحون الطائرة،مللنا تفرُّدَنا في الكون.8.   (حنين)يشدُّني الحنينُ إليكِفأُسلِّطُ عليه مقصَّ النسيان.
9.   (تسليم)تُسلِّمُنا اللحظةُإلى اللحظة القادمة بأمانة.
10.                     (حسن إدارة)من الراحلة أُطلبُرسالة توصية أُقدِّمُها للقادمة؛كيما أُتجاوز البدايات.
11.                     (أرجوكِ)أجِّجي موقدي؛يكاد جمري يخبو.
12.                     (تائه)قفي يا رِجْلِي!لا تتبعيني!لا أعرفُ طريقي.
13.                     (قبر)شاهدة القبر مائلة،هل تبقَّى شيءٌ من الجثة؟
14.                     (تحذير)يوم الحسابأمام الرب،تستطيعون قول أنني غرَّرتُ بكم،لكنَّ عذابكم لن ينقص. 15.                     (تعريف)الصداقة، حسب صديقي،أنْ تُدخِل يدك في جيب الصديق وتأخذ ما تشاء؛لذا أعمل جاهدا أنْ يظلَّ جيبي خالياً.
16.                     (عدَّاد الزمن)عدَّادُ الزمن الذي نحمله في أجسادنا،يَحسِبُ الوقت المنصرمولا يَحسِبُ الوقت المتبقِّي.
17.                     (جسور)أَبنِي جسوراً مع الآخرينولا أستخدمها؛فأهدُمُها.
18.                     (المنجل)لا يفرِّقُ المنجلُ بين العشبة الضارةوالزهرة.
19.                     (ثمن قصيدة)وعدتُ البائع بقصيدةإنْ منحني رغيفاً،فأشَّرَ لي ضاحكاً أنْ أذهب.مع هذا كتبتُها.
20.                     (سراب)أعرفُ أنه سراب، لكنْ إلى أي شيءٍ آخر يجب أنْ أسعى.
21.                     (رجاء)لا تبحثوا عن الله،فهو موجود في كلِّ مكان!
22.                     (ترجمة)تُرى كم يتبقَّى من الشِعر إذا تُرجِم إلى لغةٍ أخرى،ثم تُرجِم مجدَّدا إلى لغته الأصل.
23.                     (إسراف)إشارة المرور الثلاثيةتضيئ الحمراء ثم الصفراء ثم الخضراء.هكذا تُستخدَمُ ثلاثةُ أمكنةٍ وثلاثةُ أزمنة،مع أنه يُمكِنُ فعلَها بمكانٍ واحد وثلاثة أزمنة.
24.                     (دعوات)أدعو في الليالي الساكنةعَلَّ ربَّا يلتقط موجتي!
25.                     (استعداد)يقُصُّ شعرَ مناطقه الخاصة،كيما يبدو نظيفاً لمُغسِّليه،فيما لو مات فجأة!
26.                     (لهو)على رتل النمل القادم من تلة السُكَّرسكبتُ الماء؛كيما ألهو بالحياة!
27.                     (تطوُّر)من فرط تطوُّرِيلم أستطعْ العيش في الغابة!
28.                     )ارتحال)يرتحل الطائرقاطعا آلاف الأميال؛كيما يتناسل.
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 10, 2011 10:01

January 28, 2011

بعض النقاط على الحروف


1.   (انسحاب)حين قالت أنها ستأتي انتظرتها،ولما لم تأتِ آثرتُ الانسحاب!
2.   (إخفاء)يا قمري!أخفتكِ غيومُ هذا المساء!
3.   (خيانة ممنهجة)أنتِ في القلب؛لا تهتمي بالأعضاء الأخرى!
4.   (عون)جاءني باكيا يسألني العون، فقلت له عليك بالبحر.وفي صحيفة اليوم التالي كان خبر وفاته غرقا!
5.   (الأشياء المهمة)الأشياء المُهمَّة التي تعلَّمتُها كان جيدا تعلُّمُهالأدركَ أنها غيرُ مهمَّة!
6.   (المزهرية للزهرة الجديدة) يا لكِ من ساذجة!ها أنت تأتيني ندية،وهم فرحون بك، وعما قليل تذبلين،ويستبدلونك بزهرة أخرى!
7.   (نداء عاجل)أيها القادة!ماذا تنتظرون؟ الخوف بداخلكم يأكلكم،اركبوا طائراتكم الميمونة! جَدَّة بانتظاركم!
8.   (الثورة)لم أعرف ما حصل؛كنتُ جالساً على مقهى الرصيف،وحين مروا حاملين لافتاتهم مشيتُ معهم،ولما أنْ كانوا مُتعبِين، وحناجرهم قد اهترأت من الزعيق،بادرتُ بالصراخ بدلا عنهم.الآن فقط أدركتُ أنني قدتُ الثورة!
9.   (سؤال فقهي)هل تجوز عبادة المفضول مع وجود الأفضل؟
10.                     (النقاط على الحروف)·       نحن لا نعمل لدى الدولة،الدولة تعمل لدينا!·       المال مالنا، إنه ليس مال الخزنة العامة!·       جيدٌ إقامة المهرجانات؛ إنها تُفرِح القلب،لكنها تحرق المال بمفرقعاتٍ نارية!لماذا لا يقيمونها من مالهم الخاص؟   ·       كلُّ مرّة يقولون مكرمة، ولكأنهم يعطوننا ما ليس لنا!·       لا أفهم كيف حدثَ أنّ أرضي ستمئة متر مربعوأرضَ جاري ستة آلاف!أتراهم زادوا بالخطأ صفره أم أنقصوا صفري؟!·       لا أفهم حرص ضباط الشرطة على اقتناء أرقام صغيرة لسياراتهم الشخصية!·       تُوزِّع وزراة الإسكان الأراضي، من يُوزِّع البحر والجبال؟!·       ثمة موقع جميل على شاطئ القرم،ليس به مشروع،ولا جرفه الإعصار أودُّ لو أتملَّكه، إلى من أذهب؟!·       راغبٌ في بناء مسجد،وقلقٌ ألا يقرضني البنك،وإنْ أقرضني أخافُ ألا يدخل مسجدي الطائعون،أأتقدم بطلب بعض المال من الديوان؟!·       جيد أن يكون هناك أجنحة للشخصيات المهمة في المستشفياتلا يعقل أن تكون مريضا وتجد بجوارك الوزيرَ مريضاً،سيتكهرب الجو حتما.المشكلة فقط أنهم يبالغون في التخفي حين يرسولنهم إلى ألمانيا!·       بما أنكم بصدد تقسيمها،أرغبُ أنا أيضاً في نصيبي من الكعكة! ·       أنا عبريٌّ، وقد فعلَ أجدادي كثيراً من التاريخ،فلماذا لا يُوجَد وزيرٌ منا؛ألم يقلْ مكيافيللي:منكم وزير ومنا وزير!·       أبو ذر يقول: اخرجوا بسيوفكم إنْ لم تجدوا ما تأكلوا،المشكلة أننا نغامر حينها بالفوضى با أبا ذر، ثم أنّ سيوفنا مُعدَّةٌ للاحتفالات فقط!·       اقتداءً بأمنا أمريكا، متى يكون لنا وزير أسود البشرة بعد أن أصبح لنا وزيرا مؤنثاً؟!
11.                     (بروميثيوس)سرقت لكم النار من جبل الآلهة،فهل ما زلتم تتذكروني؟
12.                     (أنط)أمتطي الزنبرك وأنط به؛عَلِّي أكتشف نطاق جاذبيتكِ.
13.                     (خفق)خفق عباءتك يشدني فأنطلق فيك جارا ذيل حبي، كما النيزك يمر على ثقب أسود.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 28, 2011 08:31

حسين العبري's Blog

حسين العبري
حسين العبري isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow حسين العبري's blog with rss.