أسامة الشاذلى's Blog, page 7

June 21, 2013

مقطع من "نوستالجيا" في ذكرى السندريلا


ابتسم رغماً عنه عندما رأى صورتها معلقة على الحائط، صورة ورقية قديمة ترك عليها الزمان أثاره، صبغها باللون الاصفر وغابت ألوانها اعتراضاً على طغيانه الكريه، لكن كل هذا عجز عن منع تلك الملامح الجميلة لصاحبتها...أدرك الاسم منذ وقعت عيناه على الصورة.
ردده محتفظاً بنفس الابتسامة :
- سعاد حسني..حب المراهقة وما تلاها
اجتاحته ذكريات عديدة، درك للتو أنها لما تكن مجرد ممثلة فتنته وشغلت مراهقته بجمالها العبقري، بل صديقة خاصة في صداقة نادرة من نوعها، صداقة من طرف واحد أقتصر دور الطرف الثاني على الفتنة والبهجة وتلك الرسائل التي لم تنقطع يوماً عبر شاشة التليفزيون، عبر افلامها.
حفظ أفلامها منذ نبت شاربه، تابعها ومارس عادته السرية للمرة الأولى على مشهد من فيلم "خللي بالك من زوزو"، وظل يعجز عن كتم ضحكته كلما رأى المشهد بعد ذلك، بدت فاتنة في بدلة الرقص، عجز عن كبح جماح رغبته الوليدة، فار كالتنور، فبقيت ذكرى لا تنسى، لم يعتبرها رسالة ولم تكن، فقط كان بداية الارتباط.
أدرك بعدها أن حبه ليس لجسدها الفائر ودلالها العفوي، بل لروحها التي تملأ الشاشة فتفيض على المشاهدين، وعندها بدأت الرسائل التي لم تنقطع ابداً.
حين كان يجري بحثه الأخير لكتابة روايته عن العسكر، وانشغاله بفكرة كتابة التاريخ الشخصي لأحد كبار القوات المسلحة ودوره السري في حرب افغانستان، وقعت بين يديه نسخة لفيلمها النادر "أفغانستان لماذا؟"، كتب بعدها السيرة دون تردد
حتى في مراهقته يوم اختلف مع أحد اصدقائه على حب فتاة ما، ومابين غضب الرجولة المصطنع، واستخسار الفتاة في الآخر حتى لو كان صديقه، شاهد فيلم "الثلاثة يحبونها" على القناة الثانية عقب صلاة الجمعة ظهر أحد الأيام الشتوية في الثمانينيات، قبل أن يراه بعدها بيومين على جهاز فيديو ابن عمه في سهرة عائلية، فترك الفتاة منفذا رغبة سعاد.
وعندما احتار عند التقديم للكلية الحربية، وشاهد "فيلم للرجال فقط" وأدرك أنه في سبيل الشهادة التي يحلم بها عليه أن يتحمل ما لا يطيق من أجل حلمه، وانتهت الحيرة، حتى عندما غضب ولم يطق الحياة العسكرية، كانت تأتيه في فيلم "أميرة حب أنا" لتغني "بمبي" فتهبه الطاقة والبهجة اللازمة لاستكمال الطريق.
تذكر ايضاً تلك المرة التي كاد يقدم فيها على تنازل من أجل ميزة عسكرية، وعلى الغداء في "ميس" الضباط وقبل أن يبلغ قائده بالموافقة كانت حاضرة لفيلم "القاهرة 30".
وحين قرر أن يترك الحياة العسكرية، بحثاً عن نفسه، كانت حاضرة بفيلم "المشبوه" شاهده مصادفة ثلاث مرات في أسبوع واحد، وقرر البدء من جديد.
عشرات الرسائل لم تتوقف سعاد حسني عن إرسالها له واستقبلها كلها ولم يخب ظنه.
علق صورتها تلك منذ بلغ الثامنة عشر، وعجزت غيرة زوجته عن منعه من تعليق أخرى في غرفة نومهما في منزله الجديد الذي لا يعرف مكانه الآن، لكنه يعرف أنه يحوي صورة سعاد حسني.
غادر الغرفة مسرعاً ليفتح التليفزيون، ويدوس أزرار "الريموت كونترول" بحثاً عن فيلم تعرضه إحدى الفضائيات لها، وقبل أن ييأس بعد مرور نصف ساعة كان على موعد مع فيلم "الحب في الزنزانة" في نصفه الثاني..لم تصله الرسالة تلك المرة...لكنه شاهده حتى غلبه النوم :
وخلال نومه لم يشاهد في أحلامه غير سعاد حسني حاملة منديلها الأخضر خلف القضبان تشير إلى حبيبها حتى يتعرفها.

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 21, 2013 08:28

June 6, 2013

أرشيفي السينمائي: رضوان الكاشف.. شاعر السينما الثائر


لم يكن عامل «الأفيش» الذي عمل على رفع أفيش فيلم «عرق البلح» منتصف ليلة الثلاثاء 22 يونيو 1999، استعدادا لعرضه الأول في اليوم التالي في سينما "أوديون"، يعلم أنه بعد أسبوع واحد سيزيله من على السينما.

كذلك كان حضور صاحبه «رضوان الكاشف» لتلك الدنيا خاطفا، ابن موت كما يحلو للمصريين دائما أن يصفوا هؤلاء العباقرة الذين يخطفهم الموت مبكرا.

كان الطالب السوهاجي الصعيدي الذي ولد في حي السيدة زينب الشعبي عاشقا للشعر، حيث قدم عدة أبحاثا ودراسات في الفلسفة الصوفية عند «ابن عربي» و«ابن الفارض» و«الفارابي»، ثم تخرج ليصدر كتابين عن «عبدالله النديم» كرمز للثورة، وتجديد الفكر عند «زكي نجيب محمود».

عاشق للشعر الصوفي يكتب عن الثورة وتجديد الفكر، هذا هو تماما صانع الأفلام رضوان الكاشف، الذي كان فيلمه الأول «ليه يا بنفسج» أغنية شعرية رقيقة، ثم تبعه بقصيدته الملحمية «عرق البلح» ثائرا على شكل السينما ومجددا في طريقة الفكر فيها.

قدم «الكاشف» قرية مصرية تمردت على الواقع وانفصلت عن الزمان فاحتفظت بشكلها البكر، ومن خلال الهجرة التي يضطر إليها الرجال في هذا العصر، ويمزج «الكاشف» الزمنين، ثم يضيف إليهما زمنا آخر بأسطورة النخلة العالية التي تطرح بلحا أبيض.

يقدم «الكاشف» فيلمه دون زمن محدد، ويستعرض خلاله في صورة شديدة الثراء والعمق العادات الحقيقية للصعيد المصري، فيقدم المرأة ك«حارسة الثقافة وعنصر مقاومة التغير الذي يتجه إليه المجتمع»، لكنه لا يقدم أبطاله كملائكة بل يحملون خطاياهم مثل البشر العاديين.



*****

لم ينجح المعتقل عام 81 في أن يترك أثره على روح حالم مثل رضوان الكاشف، فقط خرج لينضم إلى معهد السينما ليتخرج متصدراً دفعته، وتمنحه وزارة الثقافة جائزة العمل الأول عام 1988عن فيلم «الجنوبية» القصير مشروع تخرجه، الذي يدور حول فتاة حرة ترفض تقاليد المجتمع الذي أجبرها على الزواج ممن تكره ولكنها تمارس الحب المحرم مع مَن تحب، فيكون مصيرها القتل.

ومن أجل أن يقدم حلمه «عرق البلح» المكتوب قبل «ليه يا بنفسج»، اضطر إلى تقديم حلمه الصغير عبر بوابة الواقعية السحرية للفيلم المأخوذ عن رواية «باهيا» للكاتب البرازيلي  «جورج آمادو» .

استعرض الفنان قاع المجتمع المصري بصدق وواقعية ليتم اعتباره أحد رواد الجيل الثاني في السينما الواقعية المصرية، لتنهال عليه الجوائز، ويبقى فيلم «عرق البلح» مجرد سيناريو يصيب من يقرأه بالانبهار مع ملحوظة واحدة متكررة مهما تغير الشخص


وبإصرار الصعيدي الثائر بداخله يخرج «عرق البلح» للنور دون أي تغيير في السيناريو، مع ميزانية محدودة، ويناقش الكاشف قضية الهجرة وعادات المجتمع وآفاته وكيف يكون الحل دائما  «حكاية ولازم تخلص».

وهو نفسه ما فعله المنتجون مع الفيلم الذي استمر عرضه في القاهرة لمدة اسبوع وفي باريس لمدة 6 أشهر.

كشف الثائر عورات المجتمع وشركات الإنتاج، فكان لابد أن «تخلص» الحكاية.

******

قد يكون رضوان الكاشف أقسم خلف الكاميرا عند أول فيلم صوّره في معهد السينما أنه لن يعمل إلا ما يحب، وهو ما فعله طيلة حياته القصيرة، والتي بدى فيها كصرخة في عالم السينما، ومحاولة لنفخ الروح في شكل جديد للصورة السينمائية المصرية من خلال مفردات شديدة المحلية.

وفي فيلمه الأخير «الساحر» كان وكأنه يعرف أنه يودع الجمهور، فأراد أن يكمل رسالته الفنية من خلال نظريته الأهم عن صناعة البهجة من قلب الحزن، ربما خرج مرتبكاً بعض الشيء ولا يشبه قصائد الكاشف السينمائية ولكنه أودع فيه أنفاسه الأخيرة.

رحل رضوان الكاشف في الخامس من يونيو 2002، بعدما قدم 3 أفلام طويلة وفيلما قصيرا و3 افلام تسجيلية في 17 عاما، قدم فيها رؤية إخراجية جديدة منذ أول أفلامه «الجنوبية» للقضاء على الانفصال بين المثقف وواقعه الحقيقي، من خلال حركة الكاميرا «المتأملة» التي تهتم اهتماما مدهشا بعرض التفاصيل ليدفع المشاهد إلى التخلي عن مجرد الفرجة والمشاركة بروحه فيما يشاهد بدرجات مختلفة من خلال اقتراب الكاميرا أو ابتعادها.

ومن خلال فيلميه «الجنوبية» و«عرق البلح» كانت عودة المثقف إلى مسقط رأسه لكي يبدأ حل الأزمة بالجدل والنقاش باعتباره الأقدر عليه.

عليه أن يعود ليفهم ويتعلم ويصبح بعدها ممتلكا لأدوات التغيير المناسبة، بعد أن يتخلص من غروره وتعاليه وإحساسه بأنه الأقدر والأكثر فهما.

وكانت النهاية تشبه نهاية بطله الذي كشف عجز الرجال وقلة حيلتهم، فكان لابد أن يسقطوا عليه عجزهم، ويكبلوه إنتاجيا وتجاريا، وقلب الحالم لا يحتمل، وكما صعد «أحمد مصطفى» بطل «عرق البلح» النخلة البيضاء ولم يعد، غادر رضوان الكاشف هذه الدنيا.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 06, 2013 10:02

أرشيفي السينمائي: الفلاح في السينما المصرية.. قروي ساذج أو باحث عن هجرة


في بلد بنى حضارته الطويلة عن طريق مهنة الزراعة، تعاملت السينما المصرية بتنميط وسطحية مع «الفلاح» منذ فيلم «زينب» لمحمد كريم سنة 1930، وحتى فيلم «عصافير النيل» للمخرج مجدي أحمد علي سنة 2010.

وظل الفلاح المصري شخصية هامشية في السينما منذ انطلاقها وحتى ثورة 23 يوليو 1952، من خلال بعض الأدوار المساعدة داخل أحد القصور الموجودة في الريف والتي تدور فيها بعض أحداث تلك الأفلام.

ولم تخرج على تلك القاعدة سوى بعض الأفلام القليلة أهمها فيلم «زينب» الذي يستعرض حياة فلاحة بسيطة وقعت في قصة حب وأرغمتها التقاليد على الزواج من رجل آخر، وعلى الرغم أن الفيلم لا يتعرض لحياة الفلاحين بصورة عميقة إلا أنه استعرض بعض العادات الريفية.

إلا أن الفيلم الأهم عن حياة الفلاح في تلك الفترة هو فيلم «ابن النيل» الذي أخرجه يوسف شاهين عام 1951، والذي يستعرض قصة فلاح تمرد على أوضاعه وهاجر تاركاً القرية وانغمس في حياة العاصمة قبل أن يعود لينقذ زوجته التي تركها بعد أن خرج من السجن.

وتشير التقارير الإحصائية إلى أن عدد الأفلام التي تناولت الفلاح والريف المصري بلغ على أفضل تقدير 2.4% من حجم الإنتاج السينمائي في تلك الفترة، في حين كانت الأفلام التي تناولت حياة الليل تشكل 35% من إجمالي عدد الأفلام.

تغير الحال كثيراً بعد ثورة يوليو، حينما أرادت الدولة التحكم في صناعة السينما وتوجيهها لتحقيق أهداف دعائية تخدمها، لتقدم السينما أفلاماً مثل «الوحش» لصلاح أبو سيف 1954 و«صراع في الوادي» ليوسف شاهين  1954 و«أرضنا الخضراء» لأحمد ضياء الدين 1956 و«أدهم الشرقاوي» لحسام الدين مصطفى 1964 و«الحرام» لبركات 1965 و«الزوجة الثانية» لصلاح أبو سيف 1967 و«البوسطجي» لحسين كمال 1968 و«شيء من الخوف» لحسين كمال 1969 و«الأرض» ليوسف شاهين 1970.

ويبدو واضحاً خلال فترة الخمسينيات والستينيات حرص السينما على توضيح الظلم والقهر الذي تعرض له فلاح ما قبل الثورة من خلال الإقطاع والطبقة الحاكمة.

وتبقى أفلام «شيء من الخوف» و«الأرض» و«الزوجة الثانية» أهم أفلام تلك الفترة، حيث استعان الأول برمزية الأرض والفلاح ليهاجم السلطة في ذلك الوقت الذي عانى فيه من الكبت، بينما استعرض الثاني حياة الفلاحين بكامل تفاصيلها الدقيقة بصورة لم يسبق تقديمها في السينما المصرية من قبل، وكان الثالث الأكثر إنسانية وواقعية ولهذا اعتمدت شخصياته ممثلة للريف المصري حتى وقتنا هذا رغم تغير الأوضاع كثيرا، ولم تعد مكونات المجتمع الريفي هي ذاتها التي صورها صلاح أبو سيف عام 1967.

لكن ما يميز تلك الفترة أن نسبة الأفلام التي تناولت الفلاح المصري وصلت لـ 6.9% ، وهي زيادة ملحوظة عن المرحلة الأولى.

ومع انتصاف السبعينيات واتجاه الدولة إلى الانفتاح الاقتصادي، عاد الفلاح ليحتل مكانه الهامشي في خلفية الصورة، ليكتفي بدور المهاجر الساذج الذي يصل إلى القاهرة لينبهر بما فيها، ويقع في مفارقات مضحكة، مثل فيلمي «المتسول» و«عنتر شايل سيفه» لأحمد السبعاوي سنة 1983، أو من خلال الفلاح الساذج الذي يتم تجنيده من خلال فيلم «البريء» لعاطف الطيب.

وتعود نسبة الأفلام المنتجة في الثلاثين عامًا الأخيرة إلى أقل من معدلات المرحلة الأولى، وتصل تقريبًا إلى 2.3% من حجم الأفلام المنتجة.

وتنكر السينما رغماً عنها ولثقافة صناعها القليلة بالريف المصري بعض العادات الاجتماعية المهمة للفلاحين، مثل الأسرة الممتدة، وهي الأسرة التي تضم ثلاثة أجيال يعيشون في بيت العائلة الكبير، وكذلك رغبة الفلاح الدائمة في ألا يرث أبناؤه مهنته، فيحرض على تعليمهم وإلحاقهم بوظائف أخرى بعيداً عن «عار الفلاحة».

ولكن السينما كانت أكثر صدقاً مع الفلاح المصري فيما يخص التعليم، حيث استعرضت في كل مراحلها اكتفاءه بالكُتّاب، وحلمه بعالمية الأزهر من خلال أفلام مثل «شباب امرأة» لصلاح أبو سيف سنة 1956، لكنها دائما ما كانت قضية هامشية وغير رئيسية في موضوعاتها، لكنها لم تهتم نهائيًا بالموضوعات الحياتية الأخرى مثل الصحة والسكن، لدرجة أن الحكومة المصرية اصدرت قراراً عام 1947 يمنع تصوير منازل الفلاحين، ونصَّ على ذلك صراحةً لتدني مستواها.

حتى على مستوى التدين، اهتم السينمائيون بإبراز الجانب الأسطوري في علاقة الفلاحين بالأديان وتصديقهم بالجان والسحر وخضوعهم التام للشيوخ، وأغفوا الجوانب الأخرى في حياة الفلاح الدينية.

لكن كانت خطيئة السينما الكبرى في تشويه العلاقة بين الرجل والمرأة في الريف، حيث أبرزت السلطوية الكاملة للرجل، على الرغم من أن المرأة في الريف تكاد تكون مسؤولة وحدها عن إدارة الحياة، واقتصر دور الرِّجال في بعض الأسر على مجرد العمل بالحقل وكسب المال ومجالس الرجال، ويبدو هذا واضحًا وجليًا للغاية في صعيد مصر.

وكما أنكر المجتمع فلاحيه أنكرتهم السينما، وكما تتقلص مساحة الأرض الزراعية في مصر تتقلص نسبة الأفلام التي تهتم بصُناع حضارتها في الماضي، وكما تجتاح حوائط الطوب الأحمر خضرة الأرض الزراعية التي تم تجريفها خصيصًا من أجله، ينسحب الفلاح من السينما المصرية معتمدًا على الدراما التي حوّلته إلى «إكليشيه» ثابت لا يتغير ولا يشبه الحقيقة نهائياً.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 06, 2013 10:00

June 1, 2013

"نقل عام"...للثورة جنودا لا تنهزم


لست متخصصا في النقد الأدبي، لكن الكتابة عن مجموعة "نقل عام" للكاتب علي هشام تجربة ممتعة تستحق المحاولة، تلك المجموعة التي أصدرتها دار "دون" منذ شهرين للقاص الشاب صاحب السنوات الـ16، والتي تعد عمله الأدبي الأول.
تم تقسيم قصص المجموعة الـ32 إلى أربعة أقسام، أو محطات تماهياً مع عنوان المجموعة "نقل عام"، وكانت المحطة الأولى تشبه كثيرا بإبهارها وطزاجتها وكم الدهشة التي يملأ المسافر عند محطته الأولى، حيث تميزت بكونها أعمق المحطات وأكبرها سنناً ربما أضعاف عمر صاحب المجموعة، وكانت قصص "نداء"،"جرائد"، و"سفر" غرهاصات حقيقية لثورة شارك فيها هذا الجيل، وكانت قصص "عجلة بسندات" و"عالم أخر" إرهاصات أننا أمام موهبة أدبية حقيقية.
ثم جاءت المحطة الثانية كذلك لتشبه محطة المسافر أو القاريء الثانية، تلك التي يبدأ معها في الشعور بالتعب، ربما بحكم تناولها حكايات الشهداء، حيث كانت مباشرة كطبيعة الأدب الثوري، ولا يعيب هذا تلك المحطة لكنها يجعلها أقل المحطات إتقانا وجمالاً.
لكن أديبنا الشاب وفي المحطة الثالثة "اللي يحب النبي يزق" يخترق بنا عالم جديد على الأدب من وجهة نظر عريضة وفاحصة في أسلوب شيق وجميل، يجعل القاريء يتمنى أن يكتب لنا مجموعة أخرى من داخل المدرسة فقط، ذلك العالم الثري الذي كتب عنه الأدباء بعد أن تجاوزوه فضاعت تفاصيله، خاصة في ظل وجود هذا الجيل الذي يعتبر التغيير هواية استجاب لها القدر رغماً عنه.
وأخيرا المحطة الرابعة "أخر الخط" حيث تكون محطة الوصول المليئة بكل معاني الرحلة، في مجموعة من القصص التي تشبه الرسائل الفلسفية في مقها، والخطابات البشرية في توجيهها، في محطة تنافس الأولى في روعتها، وعلاماتها "مجنون"، "الرفيقان"، و"الغرفة".
مجموعة نقل عام، للكاتب علي هشام علامة أدبية مبشرة، على أن لتلك الثورة زهورا تطرح في كل المجالات، وأن الجيل القادم لن يتأخر عن موعده، ولن تعيثه أية معوقات.
تحية إلى دار "دون" على شجاعتها في التصدي لعمل أدبي جيد كنا سنخسره إذا تعاملت مثلما تعاملت غيرها من دور النشر مع سن الكاتب لا جودة إنتاجه.
وتحية إلى علي ذلك الصغير الكبير، الذي يهبنا هو وكتاباته المزيد من الأمل نحو غد يليق بهذا الوطن
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 01, 2013 12:47

May 22, 2013

الأُمـــــــــــــــــــــــة


فاكرة الأُمة...حيطة لما بنلمسها بنفوز
لعبة قديمة..بس نسيتها لأني عجوز
لكن لما رجعت لحضنك
مش عارف ليه حسيت
إن أنا فزت، وحضنك ليا كان محجوز
بُعدك توهة..والدنيا متاهة
لما نسيتك لحظة..ورحت مع النداهة
كنت بغالط نفسي ف عد دموعي قبل النوم
كنت باصحى وأنام مهزوم
ورجعت أكركع ضحك لما رجعت لبيتك "جوز"
مش مهزوز
وكأني أبو ذر بيقينه
وكأني ذي يزن وسيوفه سابقينه
وكأني وكأني وكأني....
وياكي حبيبتي أنا المحظوظ 
*****
حالف جوه عيونك أزرع فدادين راحة
ولما انطق اسمك بالراحة
تغني الدنيا...ف ثانية
ومتبقاش في بينا مساحة
أصلنا واحد مش مقسوم
وإن كان صابه البعد ف يوم
وحسينا حشرجة ف الحلقوم
ده كان موتنا 
قربنا قوتنا
وخلاص فوتنا
لحظات كانت كده جراحة
*****
وجايز ألون كده بشفايفك ورد الكون
ماهو لو مرة شخبطتك بجنون
تطرح كل الدنيا ورود
ييجي الندى يلمس شفايفها
تغير الريح ويبان في حفيفها
ينكسف الورد..يبان اللون
أرقص وأتنطط وأدبدب
تراب الأرض يثور..يتكركب
تتخضي عليا...يحل سكون
أنا ياحبيبتي بيكي مجنون
*****
تطلع شمس الصبح وباهتة
طول الليل سهرانة تفكر
قلب حبيبتي زي البفتة
خايفة ينور زيها وأكتر
تخاف الشمس يطبطب قلبك
يظهر بدر السما من جنبك
طفل وليد
فرحان وسعيد
يبدأ تاني الكون من عندك
وأبقى معاندك
باتدلع جايز
أو يمكن عايز
أسمع كلمة حب جديدة
دوشة وصوت مزيكا سعيدة
خمسينة شاي أو كنكة بن 
من غير تحويجة
*****
أيوة أنا فزت..لمست الأًمة
وحعمل حالا هيصة ولمة
وحرسم رسمة
على حيطة الصبح
طاب فيها الجرح
وزالت الغمة

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 22, 2013 21:39

May 20, 2013

الخرفان المقدسة (القاهرة 2090)


صفرت الرياح عبر ذلك الطريق الترابي المعبد الذي يصل ما بين حي العباسية وما كان يعرف باسم مطار القاهرة، والذي عُلقت على إحدى حوائطه يافطة زرقاء بهت لونها بفعل الزمان، مكتوب عليها طريق "حسن البنا".."صلاح سالم" سابقاً.
واحتمى بعض المارة من تلك الرياح الترابية بالمباني المتهدمة لأرض المعارض، التي تحولت لساحة كبيرة لصلاة العيد خلال الـ20 عاماً الأخيرة، وتم هدم كل صالاتها ماعدا بعض المباني الإدارية التي قام معها الزمن بنفس الواجب لكنه كان أكثر رحمة فترك أطلالاً .
وعلى الجانب الأخر وعلى "مدد الشوف" احتلت المباني الصاجية التي تسكنها بعض العائلات، والتي تطلق عليها الحكومة "مساكن المشاة"، نسبة إلى رواية قديمة تشير إلى وجود إدارة المشاة وبعض المنشأت العسكرية في تلك المنطقة.
استغل شرطي المرور الذي انتفشت لحيته وتبعثرت بفعل الرمال الدقيقة الناعمة، وتحول لون جلبابه الأبيض إلى اللون الأصفر ذاته الذي غطى السماء ، سكون لحظي للريح ليتيح لبعض الناس عبور الطريق.
عبر بعض الأطفال العراة سريعاً وتبعتهم سيدات ارتدين النقاب ليلحقوا بسيارة الماء التي استظلت ببقايا شجرة قديمة في منتصف الطريق، ولكي يضمن الجندي المسؤول عدم تعطيل الطريق، اكتفى بعد التفاهم مع جندي المرور، على منع الملأ الفردي، وطالب الجميع، بالتجمع عند مسجد "عين شمس" المواجه لنفق العباسية لملأ "الجراكن" من خزانه الكبير قبل صلاة المغرب.
وقبل أن ينصرف الجميع، أطلق شرطي المرور صفارات متقطعة، بينما تسمر جندي المياه مكانه، واحتلت عيون الناس نظرة رعب وحيرة، لينحني الجميع في تتالي - يشبه سقوط قطع الدومينو - ساجدين لقطيع من الخرفان المقدسة التي خرجت من مزرعة "ستاد القاهرة" تريد الكلأ.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 20, 2013 23:00

May 18, 2013

أيام في سيناء


ملازم حديث التخرج، بلغ بالكاد عامه الـ21 وجد نفسه مشحوناً ضمن وحدته الكبرى لإجراء مناورة - يطلق عليه داخل الجيش مشروع - كأكبر وحدة عسكرية تجري مناورة داخل سيناء منذ حرب أكتوبر 73.
احتاج النقل والشحن بعض الوقت حتى تعود بعض الدبابات من الشرق إلى الغرب، حتى يتوافق عدد الدبابات مع إتفاقية "كامب ديفيد"، عادت وحدات صغرى بأكملها من شرق القنال إلى أماكن تمركزها في الغرب وعبرنا نحن إلى أرض الفيروز.
وعلى المحور الأوسط في سيناء وهو بالمناسبة الأقل كثافة بشرية على الإطلاق في شبه الجزيرة، وفي منطقة يسميها "البدو" (جبجب والعكش) كان الملازم صاحب النجمة الوحيدة على كتفه يعاون بقية أفراد وحدته لنصب الخيام وعمل المعسكر.
وطيلة ما يزيد عن 3 شهور ما بين نوفمبر 1995 و فبراير 1996، وخلال العديد من التدريبات المنفصلة والمجمعة كانت التعليمات واضحة، لا تتعاملوا مع البدو، احذروهم، إياكم والكلام معهم.
وأهل سيناء تحديداً في تلك المنطقة الفقيرة عبارة عن بدو رحل يعيشون في أكواخ من الصاج يرعون الماعز وينتقلون خلف الكلأ كل فترة.
ولأن الممنوع مرغوب، ولأن الشاب في تلك الفترة يكون مغرما بالممنوع، اقتربت من تلك الأكواخ البالية التي سدوا باباها بقطعة من قماش خيمة عسكرية قديمة.
كانت علامة التعارف مجموعة من معلبات العدس والفاصوليا والمربى، ظن ساعتها الشاب السيناوي، صاحب الوجه الأسمر الرفيع المنحوت من صخر تلك البقعة من أرض مصر بشاربه الرفيع أنني أريد بعض "البانجو" كما اعتادوا على التعامل والتبادل مع افراد القوات المسلحة منذ مطلع التسعينيات.
اشاح بوجهه ورفض المعلبات مشيرا وبلهجة لم افهم معظمها - عن جهل مني - أنه لا يتاجر في "البانجو"، اتسعت الإبتسامة على وجهي وأخبرته أنها هدية والعرب لا يرفضون الهدية.
كاد الشك أن يقفز من عينيه ليقيدني ويجبرني على الإعتارف بما ورائي، وبكرم عربي وإحراج من "تناحتي" في عرض نفسي، "عزمني" الشاب "مفلح" على كوب من الشاي.
تسائل كثيرا عما نفعل في هذا التوقيت، وكذبت حتى خجل مني الكذب، حتى لا يتم استدراجي للإعتارف لجاسوس عن معلومات عسكرية.
وسألته لكنه لم يعرني انتباها فقط حدثني عن الأتي:
- كل الطرق التي نستخدمها أقامتها إسرائيل خلال السنوات الـ6 التي احتلت فيها سيناء.
- أغلب البنية التحتية في سيناء صنعتها غسرائيل في نفس الفترة، وقد أخذت في الإنهيار لعدم صيانتها منذ حوالي 18 عام - كنا عام 95 -
- أن عمه الأكبر الذي يعيش في ساحل سيناء الشمالي، وشيخ قبيلته قد مرض يوما، فنقلته إسرائيل بالطائرة إلى تل أبيب من أجل تلقي العلاج، وتركت لأبنائه مبلغا من المال.
- أنهم لا يعرفون لماذا تعاملهم الحكومة المصرية بهذه الطريقة، لماذا لا يدخلون الجيش، لماذا لا يوجد لديهم اي خدمات، لماذا تتم معاملتهم على أنهم خونة وجواسيس
قاطعته ساعتها مشيرا إلى أن عمه عولج عند العدو وقبل منه المال
ظهر عليه الغضب ونهض منهيا الحوار وهو يسخر مني قائلا : عندما تكون على شفا الموت ستقبل أن يعالجك إبليس ذاته.
رحلت بعد تركني ودخل "عشته" غاضبا.
تحدث الجنود من خلف ظهري، خاصة عندما رأوني عائدا بدون أي لفة أو كيس.
ضحكوا وسخروا متوقعين أن العربي نصب على الملازم، حتى الجنود يعتبرونه نصابا وعربيا وجاسوسا .
بعد حوالي شهر من تلك الواقعة كانت الإجراءات قد تم تشديدها في المعسكر لأن مجموعة خطفت جنديا بسلاحه لأنه حاول الإعتداء على إحدى نسائها.
علمنا بعدها أن قائد كتيبة قد اختطف لأنه استولى على جملين وذبحهم، ولم يعد إلا بعد التعويض المناسب وتمت محاكمته بعد ذلك.
عدنا من سيناء والأغلبية تتسائل عن سر تلك الأرض التي ارتوت من دماء الألاف من جنودنا، ورغم هذا نحن غير قادرين على حبها.
*****
بعد 6 سنين من تلك الواقعة عدت إلى السيناء فيما يسمى "حملة القضاء على الزراعات المخدرة"، حددنا إحداثيات المزارع بالطائرات، وهاجمناها أحرقنا كل ما فيها، وانبهرنا بطريقة زراعتها عبر وضع "مشمع" كبير وردمه بـ30 سم من الرمال، وريه بالتنقيط عن طريق براميل مليئة بالماء وخراطيم مخرومة بطول الأرض.
زادت قناعتنا أننا نواجه عدوا، زادت الكراهية، تداولنا معلومات خطف أخرى، ادعى بعض من عاد - طلبا للبطولة - أننا هوجمنا وأطلق علينا الرصاص.
كنا نحتفل ساعة العبور للغرب وكأننا ابطال أكتوبر لحظة العبور العظيم، الفارق فقط أننا كنا نعبر بالعكس.
*****
عقود طويلة زرعت فيها السلطة الإهمال والعزل والتخوين، حتى يأس أهل شبه الجزيرة من إثبات العكس، كانوا يفخرون في المؤتمرات الرسمية المشتركة مع الجيش بما فعله ابائهم وبعضهم للجيش المصري إبان حرب الإستنزاف، وكان أغلبنا ينتهز الفرصة ليذكرهم بخائن أو اثنين.
لم تجد القوات في المنطقة (أ) و(ب) عدوا تواجهه في أرض العمليت، فاعتبرت السكان العدو.
تم الإستعانة بأهل الدلتا والصعيد في كل المدن السياحية التي تدر الدخل الوحيد المتاح في سيناء، وطرد أهلها الأصليين، لتضيف الأنظمة المتعاقبة جريمة جديدة لجرائمها في حق مصريين، كل ذنبهم أنهم نشأوا وترعرعوا في سيناء.
أو كما لم تقل "شادية" يوم الإحتفال بتحرير سيناء : سينا عمرها ما رجعت لينا.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on May 18, 2013 16:51

April 24, 2013

أرشيفي السينمائي : عبلة كامل إمرأة بدون وجه


يقول المتشائمون أنها انتحرت عام 2002 عن عمر يناهو الـ42 عاماً، بينما يعتبرها الخياليون صاحبة موهبة "السندريلا" التي رحلت عندما دقت عقارب ساعة الألفية الجديدة، بينما يبدو العالمون ببواطن الأمور أكثر غموضاً حين يقولون أنها عندما بلغت سن النبوة أصابتها لعنة شريرة، فتركت أشباح "رقية البدري"، و "تقى"، و"رقية"، و"فاطمة"، و"وداد"، وأخيراً "جليلة" التي امنت بها ورحلت إلى الجانب الأخر من النهر، حيث "فرنسا"، و"عسلية"، و"حنيفة"، و"استفتاح"، تلك الضفة المختلفة التي تجعلك نجماً دون أن تسطع، التي يملك أصحابها القدرة على زيادة الأصفار يمين رصيدك في "البنك" بأوراق سحرية ملونة يسمونها "شيكات"، لا تدفع مقابلها شيئاً سوى المزيد من الرخص.
على الضفة الأولى قبل الهجرة كانت عبلة كامل تتلقى بشارتها الأولى على يد محمد صبحي على المسرح، حين كان راهباً فيه، وكأنه أصابها بلعنته فتبعته في هجرته، قبل ان يلتقطها يوسف شاهين ليقدمها في "وداعا بونابرت"، ومَن  تختاره كاميرا "جو" فقد فاز فوزاً عظيماً.
وما بين سحر رأفت الميهي في "للحب قصة أخيرة" ومزامير إسماعيل عبدالحافظ وأسامة أنور عكاشة في "ليالي الحلمية" كانت تستعد لمكانتها التي تسحقها موهبتها، وبعد ما يزيد عن الأعوام العشرة وهي تنمو كشجرة صبار مثل كل أشجار تلك الضفة التي تنمو ببطء ولكن بجذور أقوى وقدرة لا محدودة على الخلود، وبنهاية فيلم "عرق البلح" أسطورة رضوان الكاشف، قررت أن تقترب من وحل الضفة لتعرف أين يذهب النهر، ربما بحكم تجربتها السابقة في "هستريا" مع أحمد زكي الفنان الوحيد الذي امتلك قارباً خاصاً تنقل فيه بين الضفتين حينما يشاء.
وبفيلم "أشيك واد في روكسي" عام 99 كانت إرادة عبلة أقل إحتمالاً من المد والجزر، وعقب أدائها الأخير في مسلسل أحاديث الصباح والمساء كانت النجمة الموهوبة تودع جمهورها بطاقتها القصوى، كانت صحوة الموت تعطيها بريقاً يليق بموهبة قررت صاحبتها أن تستبدلها بنقود وحجاب.
وخلال ما يزيد عن عشرة أعوام جديدة، على تلك الضفة التي يحكمها "السبكي" وأنصاف المواهب، والتي يحدد بريق نجومها رصيدهم في البنك، كانت موجودة بنفس سوقية "فرنسا" وإبتذال أم اللمبي، كانت كعذراء اختارت بمحض إرادتها أن تزف إلى عريسها على الطريقة "الشعبية".
وتبقى عبلة كامل كأحد القلائل في تاريخ السينما الذين اختلفوا في نهايته، لكن المؤكد أنها ليست العنقاء حتى تنهض مرة اخرى من الرماد، ولا أنها ماتت ويصر "الزومبي" الخاص بها في تعذيب جمهورها، ولا أنها ما زالت حية، لأن سذاجتنا علمتنا أن من باع لا وجه له.

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 24, 2013 18:25

الجـزء الثالث : رسالة منسية من الملك

على باب المدينة... يسأله الحراس، لماذا عدت؟
يبتسم ساخراً ويقول أتمنعون الهواء عن الصدور
 أتقدرون على منع تفتح الزهور
عدت ...لأنني حياً ما مت
*****
ترتجف المدينة حزينة... هي جداً حزينة
تخاطب الملك العائد خائفة مرتجفة
لا أعدك بالعرش ولا بالبقاء
لا أضمن حين ينتهي الإنكسار حكم القضاء
يبتسم الملك متفهماً
ينظر بهدوء إلى السماء
يسألها بهدوء عن قدرة رب السماء
عن نبت الأرض الزاهر عن النماء
يروي عن كل المدن المهزومة
التي تتمنى الفناء
عن تلك الأسوار الرمادية التي تحجزها
وتمنع النقاء
عن ظرف يمنع حكم
عن حزن وإكتئاب وانحناء
يطالبها بالكف عن الكلم
عن التفكير، عن تداول الأسماء
يربت على حجر بارز، منقوش بالأنباء
مكتوب فيه أن مليك مدينتنا جاء
جاء ليبقى إن ذهب العرش وصار هواء
فالسكنى لا تعني الملك
وإلا كان الحب محض هراء
يفترش الأرض بلا ضجة بلا إستحياء
ويقول بعلو الصوت، ما للحب من ثمن
ليس هناك أروع من سكنى الوطن
يخاطبها : دعيني أحبك حتى يجلو الوسن
عندها نحطم على مذبح الحب للخوف ألف وثن
وإن قلتي يوما، لا استطيع أن أمنحك العرش
سأنحني محييا ,أصير بعضاً من زمن
ذكريات لا تنسي ولا تهن
لأنه زمن المحن
ويوم تنتصرين
سنبقى ما دام الزمن
****
يخلع التاج ويحدق فيه ملياً ويبتسم
على ملامح وجهه، وجهك يرتسم
ينقسم الملك قلوباً لا تنقسم
يحيط مدينته الغرقى في الألم
يدرك أن ما بها بعضاً من سقم
ينتظر شفاء يرجو ويعتصم
بالحب وسيلته الأولى
بالحب سلاحه الأبقى
بالحب كل ما يبقى
منتصر ولا ينهزم
الجزء الثاني : http://monnam.blogspot.com/2010/07/bl...
الجزء الرابع : http://monnam.blogspot.com/2012/12/bl...
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 24, 2013 11:13

April 17, 2013

بائع المصاحف

دون أي تعبير على وجهه، يردد ندائه بصورة آلية دون أن يعبأ بذلك الضجيج الذي تصدره حركة عجلات "المترو" على القضبان الحديدية، يعبر أجساد الناس الملضومة كحبات عُقد صنعته طفلة لم تتعدى السابعة في سهولة وكأن جسده اعتاد اختراق أجساد الآخرين بحكم الممارسة.
ينادي مرة أخرى :
- المصحف المفسر...المصحف المفسر بـ 7 ونص
يلتفت شاب ملتح ويشير إليه طالباً نسخة، بينما يدير الجالس بجواره رأسه في اتجاه شباك العربة متسولاً نسمة هواء باردة في يوم حار، ترتسم إبتسامة شاب لفتاة على الجانب الأخر من نفس العربة التي هدأت من حركتها استعداداً لاستقبال المحطة، بينما اشارت عجوز جالسة لابنها الواقف بجوارها لشراء نسختين.
يفرك بائع المصاحف الأوراق النقدية في يده قبل أن يعيد باقي الـ20 جنيه للشاب، ثم يتحسس حقيبته معلنا :
- أخر مصحف معايا، مين شاري؟
يبدو الامتعاض على وجه شاب سمين اصطدم به البائع دون قصد، فسقطت السماعة من أذنيه، تسللت الموسيقى على استحياء فطردها ضجيج المحطة، وأعادها صاحبها إلى اذنه بحثاً وهو يهز جسده منفصلاً عن الواقع.
يغادر بائع المصاحف العربة في الثانية ظهراً، بعد أن فرغت حقيبته، وهو يكلم أخر على هاتفه المحمول قائلاً
- أنا مروح بقى، خللي الولاعات والكشافات تنفعك.
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 17, 2013 12:01