صافي ناز كاظم's Blog, page 36
May 24, 2012
النداء اليوم يتجدد: اسمعوا صوت الشعبلاأدري من الذي ألقى ف...
النداء اليوم يتجدد: اسمعوا صوت الشعب
لاأدري من الذي ألقى في روع المنادين بتنحية الدين عن شئون حياتنا أن أرض مصر قد دانت لهم ولم يبق عليهم سوى التخلص من المتدينين بالإساءة إلى سمعتهم بسيل أكاذيبهم وتشويه منطلقاتهم و تحريف أفكارهم وممارساتهم وتحميلهم مسئولية إخفاقات دولتهم المستترة تحت لافتة "المدنية"، التي عزلت الدين عن الحكم منذ إستبد العسكري الجاهل محمد علي بحكم مصر عام 1805، آملين، أمل إبليس في الجنة، الإنتهاء منهم تماما والجلوس على تلّها.
هؤلاء، الذين أصبحوا يسيطرون على كثير من نوافذ الجعير الإعلامي في مصر بواسطة رؤوس أموال ما أنزل الله بها من سلطان لها أهواءها وأهدافها ومخططاتها ومصالحها السرية والمعلنة، يعترفون بعظمة لسانهم أن "الدين" هو الوسيلة لكسب قلوب أهل مصر واستقطاب مشاعرهم وذلك حين يقررون أن المادة الثانية من الدستور، التي تنص على: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، تم تعديلها بواسطة الرئيس الراحل محمد أنور السادات "لدغدغة" مشاعر الناس واستمالتهم، على حد تعبير أستاذ قانون دستوري من المطالبين بإلغائها، فإذا كان هذا الزعم له وجه من الصحة أفلا يعني أن تحكيم الشريعة الإسلامية، التي لاتطبق إلا على المسلمين، مطلب شعبي؟ فهلاّ طرحوا أنفسهم في إستفتاء يستطلع رغبة الناس في "الدين" أو "اللادين" لنرى على أي سند "ديموقراطي" يستندون في مطلبهم المُلح لإبعاد الدين عن الحياة؟
هبطت علينا لافتة "الدولة المدنية" متخفية، كمثل الشر الذي نزل من حصان طروادة ليطعن الآمنين في غفلة منهم، وكان المنطقي أن ينخدع بها الناس متصورين أنها "غير العسكرية" و"غير البوليسية" فإذا بنا نباغت، قبل 25 يناير وبعدها، بكل أقوال التجاوز و التواقح على الدين والمتدينين، بل والتحريض الأمني عليهم في عبارات ترميهم بـ"ثقافة التخلف"،( وكان صاحب المصطلح قد أوصي في سلسلة مقالات نشرها في صحيفة قومية، مهيبا بكل أجنحة سلطة حسني مبارك البائدة، بعدم التهاون مع أتباعها فهم وقود الإرهاب وليس بينهم متطرف ومعتدل فكلهم جميعا، في ملته واعتقاده، يستحقون الإقتلاع بسيف حماية "الديموقراطية" و"التنوير" الملحق طبعا بقلمه البتار، ولِمَ لا وهو مسئول ثقافي، نال جائزة القذافي المليونية، وكان، ولا يزال، متحكما وقادرا على الدس والبث ويطل من كل شرفات هذا العصر اللاديني المقيت)، حتى طالت الألسنة المجرمة الفتح الإسلامي لمصر عام 20 هـ وتجرأت، وهو نعمة الله علينا، بنعته: "قوة إحتلال إستيطاني مسلحة ومحاربة قادمة من الصحراء!"، ومن ثم صرنا نحن، مالم نتبرأ من الدين، "أحفاد الغزاة الآتين من الصحراء" إلى آخر تخليطات الأبخرة الكريهة الخارجة من أفواه تفننت في الكذب والبهتان وكل أشكال الأذى، وإذا بنا أمام مؤامرة تحاك لنا تقهرنا لننزلق إلى "دولة لادينية"؛ تعدّت أطماعها مقولة "لادين في السياسة ولا سياسة في الدين" إلى "لادين" على الإطلاق في أي منحى من مناحي الحياة وعلى رأسها مناهج التربية والتعليم.
لابأس حانت لحظة الإحتكام إلى صوت الشعب فكفاكم لغطا: "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". صدق الله العظيم، يوسف\آية 21.
لاأدري من الذي ألقى في روع المنادين بتنحية الدين عن شئون حياتنا أن أرض مصر قد دانت لهم ولم يبق عليهم سوى التخلص من المتدينين بالإساءة إلى سمعتهم بسيل أكاذيبهم وتشويه منطلقاتهم و تحريف أفكارهم وممارساتهم وتحميلهم مسئولية إخفاقات دولتهم المستترة تحت لافتة "المدنية"، التي عزلت الدين عن الحكم منذ إستبد العسكري الجاهل محمد علي بحكم مصر عام 1805، آملين، أمل إبليس في الجنة، الإنتهاء منهم تماما والجلوس على تلّها.
هؤلاء، الذين أصبحوا يسيطرون على كثير من نوافذ الجعير الإعلامي في مصر بواسطة رؤوس أموال ما أنزل الله بها من سلطان لها أهواءها وأهدافها ومخططاتها ومصالحها السرية والمعلنة، يعترفون بعظمة لسانهم أن "الدين" هو الوسيلة لكسب قلوب أهل مصر واستقطاب مشاعرهم وذلك حين يقررون أن المادة الثانية من الدستور، التي تنص على: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، تم تعديلها بواسطة الرئيس الراحل محمد أنور السادات "لدغدغة" مشاعر الناس واستمالتهم، على حد تعبير أستاذ قانون دستوري من المطالبين بإلغائها، فإذا كان هذا الزعم له وجه من الصحة أفلا يعني أن تحكيم الشريعة الإسلامية، التي لاتطبق إلا على المسلمين، مطلب شعبي؟ فهلاّ طرحوا أنفسهم في إستفتاء يستطلع رغبة الناس في "الدين" أو "اللادين" لنرى على أي سند "ديموقراطي" يستندون في مطلبهم المُلح لإبعاد الدين عن الحياة؟
هبطت علينا لافتة "الدولة المدنية" متخفية، كمثل الشر الذي نزل من حصان طروادة ليطعن الآمنين في غفلة منهم، وكان المنطقي أن ينخدع بها الناس متصورين أنها "غير العسكرية" و"غير البوليسية" فإذا بنا نباغت، قبل 25 يناير وبعدها، بكل أقوال التجاوز و التواقح على الدين والمتدينين، بل والتحريض الأمني عليهم في عبارات ترميهم بـ"ثقافة التخلف"،( وكان صاحب المصطلح قد أوصي في سلسلة مقالات نشرها في صحيفة قومية، مهيبا بكل أجنحة سلطة حسني مبارك البائدة، بعدم التهاون مع أتباعها فهم وقود الإرهاب وليس بينهم متطرف ومعتدل فكلهم جميعا، في ملته واعتقاده، يستحقون الإقتلاع بسيف حماية "الديموقراطية" و"التنوير" الملحق طبعا بقلمه البتار، ولِمَ لا وهو مسئول ثقافي، نال جائزة القذافي المليونية، وكان، ولا يزال، متحكما وقادرا على الدس والبث ويطل من كل شرفات هذا العصر اللاديني المقيت)، حتى طالت الألسنة المجرمة الفتح الإسلامي لمصر عام 20 هـ وتجرأت، وهو نعمة الله علينا، بنعته: "قوة إحتلال إستيطاني مسلحة ومحاربة قادمة من الصحراء!"، ومن ثم صرنا نحن، مالم نتبرأ من الدين، "أحفاد الغزاة الآتين من الصحراء" إلى آخر تخليطات الأبخرة الكريهة الخارجة من أفواه تفننت في الكذب والبهتان وكل أشكال الأذى، وإذا بنا أمام مؤامرة تحاك لنا تقهرنا لننزلق إلى "دولة لادينية"؛ تعدّت أطماعها مقولة "لادين في السياسة ولا سياسة في الدين" إلى "لادين" على الإطلاق في أي منحى من مناحي الحياة وعلى رأسها مناهج التربية والتعليم.
لابأس حانت لحظة الإحتكام إلى صوت الشعب فكفاكم لغطا: "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". صدق الله العظيم، يوسف\آية 21.
Published on May 24, 2012 03:12
May 21, 2012
..إنه في يوم الأربعاء 23 مايو 2012في طريقي إلى لجنة مدرسة...
..إنه في يوم الأربعاء 23 مايو 2012في طريقي إلى لجنة مدرسة الشهيدة شيماء للإدلاء بصوتي أختار الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيسا لجمهورية مصر العربية، من بين 13 اسما مترشحا لهذه المسئولية المهيبة، التي نتحملها اليوم "فرحة هلّت ونحن حزانى" أو كما قال الشاعر.
13 اسما مطروحا للإختيار يجيب على تساؤل غبي طالما ألقوه بوجوهنا بنبرة التيئيس:"ماهو البديل ؟" ليتوجّب الرد بـ "لا أحد " سوى حضرة الكابس فوق أنفاسنا لا يتزحزح إلا بالموت.
أطرد عن دماغي كل اللغط الذي صاحب ويصاحب هذه "النّعمة" التي تبدو كمعجزة: إنتخابات حرة رئاسية، ليست استفتاء بنعم أو لا حول شخص واحد يقبض بالفعل على سلطة الحكم، لا و ليست موافقة لتصعيد نائب فاقد القيمة يحل مكان سابق وافته المنية ويطمع في مُلك عضوض يورّثه لمنعدم الأهلية.
ليس معي، يصاحبونني في طريقي، سوى وجوه الشهداء وجراح الذين خرجوا بالجسارة الوطنية يفتدون الوطن، أدندن وهم بعيني وعقلي وفؤادي: "آه لو قلبك يدري، آه لو تعرف مابي، إنها فرحة عمري، إنه عيد شبابي"! نعم "شبابي" قلتها بلا تردد وأنا أدنو نحو الخامسة والسبعين؛ إستعادة لشمس البشاير من 6 أكتوبر 1973.
يا من تصاحبونني، بفضل "الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون"، اليوم يأتينا عبور مماثل، هو حقنا الأصيل في ترسيخ معنى "النظام الجمهوري"، هذا الذي ظل حبيسا ، 57 سنة، حبرا على الورق منذ إعلانه في 18 يونيو 1953، يقسمون له قسم الحفاظ عليه و كلهم الحنث بالقسم ديدنهم؛ لايتحرجون ولا يتأثمون من خيانة الأمانة وعدم الوفاء بالعهد.
مشوار طويل عبرناه بالصبر 207 سنوات مريرة، منذ أوقعتنا سلامة نية شيخنا السيد عمر مكرم في قبضة السفاح محمد علي مؤسسا دولة استبداد تملكت البلاد والعباد وأشاعت وباء الخنوع لقوة الطغاة، تنهش أكباد المقاومين على مدار ما يقرب من قرن ونصف، حتى أذن الله بزوالها في 23 يوليو 1952، إلى أن أخذتنا يد المطامع من جديد لمنهاج استبدادي غاشم لم يختلف، بتنكره لحقوق الشعب في الكرامة والحرية والعدالة الإجتماعية، عن عهود الإستبداد الملكي.
اليوم نحن الشعب المصري نملك زمام أمرنا بأصواتنا؛ نفي بقسم الولاء للنظام الجمهوري، نختار منا رئيسنا، ساهرا خائفا وجلا من ثقل الأمانة، لايؤنسه إلا الحق ولا يوحشنّه إلا الباطل.
ربّ يسّر ولا تعسّر ربّ تمّم بالخير.
13 اسما مطروحا للإختيار يجيب على تساؤل غبي طالما ألقوه بوجوهنا بنبرة التيئيس:"ماهو البديل ؟" ليتوجّب الرد بـ "لا أحد " سوى حضرة الكابس فوق أنفاسنا لا يتزحزح إلا بالموت.
أطرد عن دماغي كل اللغط الذي صاحب ويصاحب هذه "النّعمة" التي تبدو كمعجزة: إنتخابات حرة رئاسية، ليست استفتاء بنعم أو لا حول شخص واحد يقبض بالفعل على سلطة الحكم، لا و ليست موافقة لتصعيد نائب فاقد القيمة يحل مكان سابق وافته المنية ويطمع في مُلك عضوض يورّثه لمنعدم الأهلية.
ليس معي، يصاحبونني في طريقي، سوى وجوه الشهداء وجراح الذين خرجوا بالجسارة الوطنية يفتدون الوطن، أدندن وهم بعيني وعقلي وفؤادي: "آه لو قلبك يدري، آه لو تعرف مابي، إنها فرحة عمري، إنه عيد شبابي"! نعم "شبابي" قلتها بلا تردد وأنا أدنو نحو الخامسة والسبعين؛ إستعادة لشمس البشاير من 6 أكتوبر 1973.
يا من تصاحبونني، بفضل "الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون"، اليوم يأتينا عبور مماثل، هو حقنا الأصيل في ترسيخ معنى "النظام الجمهوري"، هذا الذي ظل حبيسا ، 57 سنة، حبرا على الورق منذ إعلانه في 18 يونيو 1953، يقسمون له قسم الحفاظ عليه و كلهم الحنث بالقسم ديدنهم؛ لايتحرجون ولا يتأثمون من خيانة الأمانة وعدم الوفاء بالعهد.
مشوار طويل عبرناه بالصبر 207 سنوات مريرة، منذ أوقعتنا سلامة نية شيخنا السيد عمر مكرم في قبضة السفاح محمد علي مؤسسا دولة استبداد تملكت البلاد والعباد وأشاعت وباء الخنوع لقوة الطغاة، تنهش أكباد المقاومين على مدار ما يقرب من قرن ونصف، حتى أذن الله بزوالها في 23 يوليو 1952، إلى أن أخذتنا يد المطامع من جديد لمنهاج استبدادي غاشم لم يختلف، بتنكره لحقوق الشعب في الكرامة والحرية والعدالة الإجتماعية، عن عهود الإستبداد الملكي.
اليوم نحن الشعب المصري نملك زمام أمرنا بأصواتنا؛ نفي بقسم الولاء للنظام الجمهوري، نختار منا رئيسنا، ساهرا خائفا وجلا من ثقل الأمانة، لايؤنسه إلا الحق ولا يوحشنّه إلا الباطل.
ربّ يسّر ولا تعسّر ربّ تمّم بالخير.
Published on May 21, 2012 17:08
May 18, 2012
مأثورات فتحي رضوان عن الرئاسةفتحي رضوان هو المحامي والأد...
مأثورات فتحي رضوان عن الرئاسة
فتحي رضوان هو المحامي والأديب والخطيب والسياسي الثوري، من سلالة أحمد عرابي ومصطفى كامل ومحمد فريد، الذي عندما قامت 23 يوليو 1952 كان في سجن الملك فاروق وكان من البدهي أن يطلق سراحه في الحال ويضع نفسه متطوعا لخدمة المصلحة الوطنية لا يريد من أحد جزاء ولا شكورا. هو حكاية كبيرة طويلة عريضة لا مجال لتلخيصها في تعريف مبتسر لهذا الجيل الثوري المنتمي لـ 25 يناير 2011، يكفي أن أقول أنه من آباء هذه الثورة التي يتنازعها الآن من ليسوا منها ويلبسون ثوبها وهم يضمرون قتلها أو دفنها بالحياة على أقل تقدير.
اسمع يابني منك له إذهب إلى مؤشر البحث عن المعلومات في حاسوبك وستعرف عنه مؤقتا مايجعلك تتعجب كيف تمكنوا من طمس ذكرى رجل بهذا القدر من الوطنية والموهبة والكفاءة وأنه أول من دعا إلى إنشاء وزارة الثقافة والإرشاد القومي وكان أول وزير لها، وليس غيره كما يوحي البعض بذلك، ثم أخذها منه الضابط صلاح سالم، عضو مجلس قيادة الثورة، ثم عاد إليها لإنقاذها حتى تاريخ إعتذاره عنها وعن المشاركة برمتها أكتوبر 1958، واستلمها من بعده الدكتور الضابط ثروت عكاشة الذي فوجئ باختياره وهو يستمع إلى نشرة الأخبار من الإذاعة وكان وقتها سفيرا لمصر في روما! ولقد مرت ذكرى ميلاد فتحي رضوان المئوية، 11 مايو 2011، من دون أي تنبّه أو إهتمام ممن ربضوا على أنفاس ساحاتنا الثقافية الذين لم يعنهم في يوم من الأيام إحياء أي ذكرى تستحق الإحياء. ماعلينا: في إستحضار لصوته وبشاشته في عيد ميلاده الواحد بعد المئة، الذي مضى منذ أيام قليلة، عدت إلى قراءة كتابه الوثيقة، "72 شهرا مع عبد الناصر"، أتعجب وأضحك وأطمئن أن معظم مآسينا ليست وليدة اللحظة.
في نصيحة مستخلصة من التجربة والخبرة يقول فتحي رضوان، في مجال العقبات التي يلاقيها رئيس الدولة في سعيه لإختيار معاونيه: "ليس أشق على أي رئيس دولة من اختيار رجاله الذين يعملون معه، وينفذون أوامره، ويقترحون عليه الأفكار والمشروعات، وينصحونه، أو ينقدون قراراته عند الاقتضاء؛ فإذا وفق الرئيس إلى اختيار الرجل الصالح والمناسب فإن (بطانة) الرئيس المقربة إليه والمحببة إلى قلبه قد لا تقبل هذا الرجل لأنها ترى فيه ما يهدد امتيازاتها ويشاركها في حب الرئيس فتفعل المستحيل لتمنع تعيينه. وإذا صمد الرئيس للمؤامرات حوله، وعيّن الرجل الصالح الذي اختاره، فقد تطارده (البطانة) بعد ذلك وتضع في طريقه العراقيل والعقبات حتى يفر من وجهها نجاة بنفسه، وإذا صمد في وجهها رأى نفسه آخر الأمر غير قادر على أن يعمل شيئا. وقد يرى الرجل الصالح أن خير وسيلة لبقائه هي أن ( يفسد)، وأن يخضع لأوامر البطانة والحاشية ذات النفوذ ثم يكتشف الرئيس أن الرجل الذي ظنّه (صالحا ومناسبا) لا هو صالح ولا مناسب."!
ومن الفقرات الطريفة ما يحكيه عن جلسات مجلس الوزراء التي كانت طويلة "طولا لم يعهده مجلس وزراء لا في مصر ولا في غيرها"، ونتج عن ذلك أن عددا من الوزراء كان يستغرق في النوم أثناءها، ولهذا أصبح من فكاهات المجلس المتداولة، حين يتوجب إحصاء الآراء في المسائل المعروضة، قول فتحي رضوان: "الموافق من حضراتكم يصحى"!
فتحي رضوان هو المحامي والأديب والخطيب والسياسي الثوري، من سلالة أحمد عرابي ومصطفى كامل ومحمد فريد، الذي عندما قامت 23 يوليو 1952 كان في سجن الملك فاروق وكان من البدهي أن يطلق سراحه في الحال ويضع نفسه متطوعا لخدمة المصلحة الوطنية لا يريد من أحد جزاء ولا شكورا. هو حكاية كبيرة طويلة عريضة لا مجال لتلخيصها في تعريف مبتسر لهذا الجيل الثوري المنتمي لـ 25 يناير 2011، يكفي أن أقول أنه من آباء هذه الثورة التي يتنازعها الآن من ليسوا منها ويلبسون ثوبها وهم يضمرون قتلها أو دفنها بالحياة على أقل تقدير.
اسمع يابني منك له إذهب إلى مؤشر البحث عن المعلومات في حاسوبك وستعرف عنه مؤقتا مايجعلك تتعجب كيف تمكنوا من طمس ذكرى رجل بهذا القدر من الوطنية والموهبة والكفاءة وأنه أول من دعا إلى إنشاء وزارة الثقافة والإرشاد القومي وكان أول وزير لها، وليس غيره كما يوحي البعض بذلك، ثم أخذها منه الضابط صلاح سالم، عضو مجلس قيادة الثورة، ثم عاد إليها لإنقاذها حتى تاريخ إعتذاره عنها وعن المشاركة برمتها أكتوبر 1958، واستلمها من بعده الدكتور الضابط ثروت عكاشة الذي فوجئ باختياره وهو يستمع إلى نشرة الأخبار من الإذاعة وكان وقتها سفيرا لمصر في روما! ولقد مرت ذكرى ميلاد فتحي رضوان المئوية، 11 مايو 2011، من دون أي تنبّه أو إهتمام ممن ربضوا على أنفاس ساحاتنا الثقافية الذين لم يعنهم في يوم من الأيام إحياء أي ذكرى تستحق الإحياء. ماعلينا: في إستحضار لصوته وبشاشته في عيد ميلاده الواحد بعد المئة، الذي مضى منذ أيام قليلة، عدت إلى قراءة كتابه الوثيقة، "72 شهرا مع عبد الناصر"، أتعجب وأضحك وأطمئن أن معظم مآسينا ليست وليدة اللحظة.
في نصيحة مستخلصة من التجربة والخبرة يقول فتحي رضوان، في مجال العقبات التي يلاقيها رئيس الدولة في سعيه لإختيار معاونيه: "ليس أشق على أي رئيس دولة من اختيار رجاله الذين يعملون معه، وينفذون أوامره، ويقترحون عليه الأفكار والمشروعات، وينصحونه، أو ينقدون قراراته عند الاقتضاء؛ فإذا وفق الرئيس إلى اختيار الرجل الصالح والمناسب فإن (بطانة) الرئيس المقربة إليه والمحببة إلى قلبه قد لا تقبل هذا الرجل لأنها ترى فيه ما يهدد امتيازاتها ويشاركها في حب الرئيس فتفعل المستحيل لتمنع تعيينه. وإذا صمد الرئيس للمؤامرات حوله، وعيّن الرجل الصالح الذي اختاره، فقد تطارده (البطانة) بعد ذلك وتضع في طريقه العراقيل والعقبات حتى يفر من وجهها نجاة بنفسه، وإذا صمد في وجهها رأى نفسه آخر الأمر غير قادر على أن يعمل شيئا. وقد يرى الرجل الصالح أن خير وسيلة لبقائه هي أن ( يفسد)، وأن يخضع لأوامر البطانة والحاشية ذات النفوذ ثم يكتشف الرئيس أن الرجل الذي ظنّه (صالحا ومناسبا) لا هو صالح ولا مناسب."!
ومن الفقرات الطريفة ما يحكيه عن جلسات مجلس الوزراء التي كانت طويلة "طولا لم يعهده مجلس وزراء لا في مصر ولا في غيرها"، ونتج عن ذلك أن عددا من الوزراء كان يستغرق في النوم أثناءها، ولهذا أصبح من فكاهات المجلس المتداولة، حين يتوجب إحصاء الآراء في المسائل المعروضة، قول فتحي رضوان: "الموافق من حضراتكم يصحى"!
Published on May 18, 2012 03:14
May 15, 2012
إنعاش ذاكرةإصطف الناصريون، ومن يؤازرهم، خلف حمدين صباحي ي...
إنعاش ذاكرةإصطف الناصريون، ومن يؤازرهم، خلف حمدين صباحي يمنون النفس من خلاله بعودة لوهم كبير اسمه "الحقبة الناصرية"؛ زوّقوها ومشّطوها وألبسوها ثوب التشابه المستحيل مع الثورة الشعبية 25 يناير 2011 وأعدوها لـ "التوريث"، بزعم جدارتها، وهي "حكم عسكر" على أصوله، لرفع راية الديموقراطية والدولة المدنية على ربوع مصرنا الحبيبة على يد الابن البار لزعيمهم جمال عبد الناصر: الأستاذ حمدين صباحي! وبما أنني واحدة من شهود تلك الحقبة، التي تحشد لها المساعي لإعادة إنتاجها، والعياذ بالله، أرى أن من حق بلادي أن أشهد شهادتي لإنقاذها من تكرار الخديعة.
عاش عبد الناصر بعد هزيمته في 5 يونيو 1967 ثلاث سنوات وثلاثة أشهر و23 يوما حتى توفّاه الله في 28 سبتمبر 1970: سماّ أو غما والله أعلم.
حين ننظر إلى هذه الفترة الآن لا نستطيع أن نهرب من مواجهة حقيقة لم تخف على أحد، وإن أخذت أسماء عديدة، وهي أن عبد الناصر كان يتحلل وينكمش تدريجيا، وأخذت أوراق لعبه السياسية تتكشف بجلاء حتى لمحبيه والباقين على حماسهم لشخصه، ومع إحساسه بفقدان هيبته، خاصة عندما قامت أول مظاهرات معارضة له 1968 بعد صدور أحكام ما كانت تعرف بقضية الطيران، لم يجد عبد الناصر حرجا في أن يدين أسلوب المظاهرات بشكل مُطلق حتى تلك المظاهرات الوطنية التي شارك فيها في الثلاثينيات بالإسكندرية، والتي طالما افتخر بها كدليل على وعيه الوطني منذ صباه، وظهر عبد الناصر في التلفزيون يلقي خطابا غاضبا على الأمة ويعالج موضوع مظاهرة الطلبة الإحتجاجية بأسلوب ناظر مدرسة يمسك العصا وإن كان يؤجل استعمالها لعدم ثقته في قوته بعد وتكلّم عن الطلبة على أساس أنهم: "شويّة عيال مش فاهمين حاجة"، وقال إنه لن يعاقب ولن يعتقل أحدا منهم لكنه سيتركهم لآبائهم يؤدبونهم، على أساس أن الآباء قد ذاقوا بطشه الذي لم ينسه أحد بعد!، مشيرا، بلا خجل، لماضيه العريق في إصدار قرارات الإعتقال ظلما وبلا روية قائلا: "أنا كنت أقدر أحبسهم، أنا لمّا عُزت في 1965 أصدرت قرارا باعتقال 18 ألف في يوم واحد!"، متناسيا أن تراكمات هذه المظالم هي التي أدت إلى هزيمته وفشله.
وأدرك الناس أن عبد الناصر لم يتسامح مع تلك المظاهرات المعبرة عن الشعب لطيبة قلبه ولكن لأنه ساعتها لم يكن قادرا على أن يقوم بدور الوحش الكاسر، الذي أجاده و تعوّده منه أهل مصر قبل أن تسقط آخر أوراقه وتكتشف أكاذيبه بفضيحة حرب الأيام الستة، مما جعله يلجأ إلى تكتيكه بإشعال البلد في ضجة بلا طحن، وبدأ ضجته الفارغة بإنزال قيادات حزبه السرّي، (حزب الطليعة الذي أنشأه سريا على الشعب للتجسس علي شهيقه وزفيره)، تقيم يوميا ندوات للإجابة على تساؤلات الناس: لماذا لا نكوّن جيشا شعبيا نخوض به مقاومة تنطلق عبر الضفة الأخرى من القناة ولا تعطي المحتل فرصة يهدأ فنعوّق استقراره حتى ننتهي من إعادة بناء الجيش، مثلما كان الشعب المصري يفعل ضد معسكرات المحتل الإنجليزي على القناة مطلع الخمسينات قبل 23 يوليو 1952. وحضرت وقتها، بصفتي الصحفية، مؤتمرا عقده السيد عبد المجيد فريد في حي العباسية، الذي أسكن به، وكان يقول للناس ببرود مع استخفاف بمقترحاتهم ما مفاده: لاتشغلوا أنتم بالكم بهذه الموضوعات واستمروا في عجلة الإنتاج، وثقوا أن القيادة السياسية عين ساهرة لا تنام، عليكم الهدوء فحسب وإن شاء الله إن شااااااااااء الله سنخوض المعركة...............!. أيقنت في لحظتها أن هذه الندوات ليست إلا حفلات "زار" لإنهاك الشعب المجروح في دوامتها إلى أن تمتص طاقة حزنه العصبية، وتهدهده لينام ولا يفتح عينيه على المصائب التي توالت بعد الهزيمة؛ من قبول للقرار 242ــ الذي يتضمن قبول مصر بحدود آمنة معترف بها لإسرائيل وهو بمثابة بداية الفتق نحو كامب ديفيد فيما بعد ــ إلى مبادرة روجرز إلى مذبحة المقاومة التي ارتكبها الملك حسين ملك الأردن، وكانت المقاومة الفلسطينية تذبح في سبتمبر الأسود 1970 والشعب المصري يضع أذنه على المذياع ويستمع إلى صرخات العطاشى ونداءات المقاتلين وهو مذهول لتلكؤ عبد الناصر ثم تكوينه لجنة من الباهي الأدغم من تونس وجعفر النميري من السودان والقذافي من ليبيا للذهاب وتقصي حقائق ما يحدث وتقديم التقريرعنه!
................................................................................................................................................
أقفز فوق تفاصيل هامة ملخصها صرخة نجيب سرور: "مصر يامه يا منكوبة دايما بالخيانة، والخناجر في الضهور"، كان كل الصادقين من أبناء مصر يشعرون أن دفّة الأمور لم تكن تسير وفق ما يجب أن يكون بلا استعراض واجهات دعائية كاذبة؛ كان عبد الناصر يتكلم بالنهار عن النضال وما يجب أن يسترد بالقوة وفي النهار نفسه كانت سلطات قمعه تحرق كل بذور ونوايا النضال، وكان محمد حسنين هيكل يخرج لنا كل جمعة بأفيون "بصراحة"، يغالط في ضوء الشمس كل الحقائق الصارخة مؤكدا أننا لا نستطيع أن نكون مثل فيتنام لأن فيتنام دولة فقيرة وشعبها بدائي وليس لديه مايخسره، أما شعب مصر فشعب عريق لديه السد العالي والأهرامات ولا يمكن أن يعرضها للدمار والنسف بخوضها حربا شعبية مثل حرب فيتنام! ــ (رجاء مراجعة مقالات هيكل بالأهرام مابين 6 \ 1967 إلى 12 \1967) ــ واستمر هيكل يركز على الحل السلمي وفقا لقرار 242، المعترف بحدود آمنة لإسرائيل، وأن الحرب الوحيدة الممكنة هي حروب إستنزاف لفرض الحل السلمي، معززا رأيه بأننا لا يمكننا محاربة إسرائيل لأن الحرب معها تعني الحرب مع أمريكا ونحن لايمكن، حسب تعبيره، "أن نناطح أمريكا"، وخرج لنا باختراع خرافة اسمها "تحييد أمريكا" مما دعا الشاعر أحمد فؤاد نجم إلى التهكم بقصيدة تبدأ "إيه رأيك إنت ياويكا بحكاية تحييد أمريكا؟".
كانت مقالات هيكل السامة دائبة السعي لتحطيم وسحق معنويات الشعب المصري، تبدو ديناصورا ساديا كريها ومع ذلك كانت ترضي شرائح من المثقفين المهزومين؛ الثوريين مع وقف التنفيذ: " اليويو والحلاويللا" وهم "بتوع نضال آخر زمن في العوامات" كما وصفهم أحمد فؤاد نجم بدقة، وكانت تلك الشرائح، كعادة أمثالها في كل زمان ومكان، تبحث وسط الخراب عن المكسب الذاتي والمصلحة الشخصية، وترى في راية المقاومة الشعبية ما يهدد استقرارها وراحتها لذلك كان من المنطقي أن تتبنى مقولات هيكل وتجده "العاقل" و "الحكيم" إذ وجدت في "صراحته" الكاذبة صياغة رائعة لما يجول في ضمائرها ويخدم مصالحها، وكان أهم ما أبدعه هيكل هو إعلانه أننا "إنتصرنا في حقيقة الأمر" ــ رغم الشهداء والإحتلال ــ ونصرنا هو: أن نظام عبد الناصر لم يسقط. وبالفعل صرنا نحتفل بعيد للنصر رغم الهزيمة!
هل منّا من يريد إعادة إنتاج كل هذه الكوابيس؟
عاش عبد الناصر بعد هزيمته في 5 يونيو 1967 ثلاث سنوات وثلاثة أشهر و23 يوما حتى توفّاه الله في 28 سبتمبر 1970: سماّ أو غما والله أعلم.
حين ننظر إلى هذه الفترة الآن لا نستطيع أن نهرب من مواجهة حقيقة لم تخف على أحد، وإن أخذت أسماء عديدة، وهي أن عبد الناصر كان يتحلل وينكمش تدريجيا، وأخذت أوراق لعبه السياسية تتكشف بجلاء حتى لمحبيه والباقين على حماسهم لشخصه، ومع إحساسه بفقدان هيبته، خاصة عندما قامت أول مظاهرات معارضة له 1968 بعد صدور أحكام ما كانت تعرف بقضية الطيران، لم يجد عبد الناصر حرجا في أن يدين أسلوب المظاهرات بشكل مُطلق حتى تلك المظاهرات الوطنية التي شارك فيها في الثلاثينيات بالإسكندرية، والتي طالما افتخر بها كدليل على وعيه الوطني منذ صباه، وظهر عبد الناصر في التلفزيون يلقي خطابا غاضبا على الأمة ويعالج موضوع مظاهرة الطلبة الإحتجاجية بأسلوب ناظر مدرسة يمسك العصا وإن كان يؤجل استعمالها لعدم ثقته في قوته بعد وتكلّم عن الطلبة على أساس أنهم: "شويّة عيال مش فاهمين حاجة"، وقال إنه لن يعاقب ولن يعتقل أحدا منهم لكنه سيتركهم لآبائهم يؤدبونهم، على أساس أن الآباء قد ذاقوا بطشه الذي لم ينسه أحد بعد!، مشيرا، بلا خجل، لماضيه العريق في إصدار قرارات الإعتقال ظلما وبلا روية قائلا: "أنا كنت أقدر أحبسهم، أنا لمّا عُزت في 1965 أصدرت قرارا باعتقال 18 ألف في يوم واحد!"، متناسيا أن تراكمات هذه المظالم هي التي أدت إلى هزيمته وفشله.
وأدرك الناس أن عبد الناصر لم يتسامح مع تلك المظاهرات المعبرة عن الشعب لطيبة قلبه ولكن لأنه ساعتها لم يكن قادرا على أن يقوم بدور الوحش الكاسر، الذي أجاده و تعوّده منه أهل مصر قبل أن تسقط آخر أوراقه وتكتشف أكاذيبه بفضيحة حرب الأيام الستة، مما جعله يلجأ إلى تكتيكه بإشعال البلد في ضجة بلا طحن، وبدأ ضجته الفارغة بإنزال قيادات حزبه السرّي، (حزب الطليعة الذي أنشأه سريا على الشعب للتجسس علي شهيقه وزفيره)، تقيم يوميا ندوات للإجابة على تساؤلات الناس: لماذا لا نكوّن جيشا شعبيا نخوض به مقاومة تنطلق عبر الضفة الأخرى من القناة ولا تعطي المحتل فرصة يهدأ فنعوّق استقراره حتى ننتهي من إعادة بناء الجيش، مثلما كان الشعب المصري يفعل ضد معسكرات المحتل الإنجليزي على القناة مطلع الخمسينات قبل 23 يوليو 1952. وحضرت وقتها، بصفتي الصحفية، مؤتمرا عقده السيد عبد المجيد فريد في حي العباسية، الذي أسكن به، وكان يقول للناس ببرود مع استخفاف بمقترحاتهم ما مفاده: لاتشغلوا أنتم بالكم بهذه الموضوعات واستمروا في عجلة الإنتاج، وثقوا أن القيادة السياسية عين ساهرة لا تنام، عليكم الهدوء فحسب وإن شاء الله إن شااااااااااء الله سنخوض المعركة...............!. أيقنت في لحظتها أن هذه الندوات ليست إلا حفلات "زار" لإنهاك الشعب المجروح في دوامتها إلى أن تمتص طاقة حزنه العصبية، وتهدهده لينام ولا يفتح عينيه على المصائب التي توالت بعد الهزيمة؛ من قبول للقرار 242ــ الذي يتضمن قبول مصر بحدود آمنة معترف بها لإسرائيل وهو بمثابة بداية الفتق نحو كامب ديفيد فيما بعد ــ إلى مبادرة روجرز إلى مذبحة المقاومة التي ارتكبها الملك حسين ملك الأردن، وكانت المقاومة الفلسطينية تذبح في سبتمبر الأسود 1970 والشعب المصري يضع أذنه على المذياع ويستمع إلى صرخات العطاشى ونداءات المقاتلين وهو مذهول لتلكؤ عبد الناصر ثم تكوينه لجنة من الباهي الأدغم من تونس وجعفر النميري من السودان والقذافي من ليبيا للذهاب وتقصي حقائق ما يحدث وتقديم التقريرعنه!
................................................................................................................................................
أقفز فوق تفاصيل هامة ملخصها صرخة نجيب سرور: "مصر يامه يا منكوبة دايما بالخيانة، والخناجر في الضهور"، كان كل الصادقين من أبناء مصر يشعرون أن دفّة الأمور لم تكن تسير وفق ما يجب أن يكون بلا استعراض واجهات دعائية كاذبة؛ كان عبد الناصر يتكلم بالنهار عن النضال وما يجب أن يسترد بالقوة وفي النهار نفسه كانت سلطات قمعه تحرق كل بذور ونوايا النضال، وكان محمد حسنين هيكل يخرج لنا كل جمعة بأفيون "بصراحة"، يغالط في ضوء الشمس كل الحقائق الصارخة مؤكدا أننا لا نستطيع أن نكون مثل فيتنام لأن فيتنام دولة فقيرة وشعبها بدائي وليس لديه مايخسره، أما شعب مصر فشعب عريق لديه السد العالي والأهرامات ولا يمكن أن يعرضها للدمار والنسف بخوضها حربا شعبية مثل حرب فيتنام! ــ (رجاء مراجعة مقالات هيكل بالأهرام مابين 6 \ 1967 إلى 12 \1967) ــ واستمر هيكل يركز على الحل السلمي وفقا لقرار 242، المعترف بحدود آمنة لإسرائيل، وأن الحرب الوحيدة الممكنة هي حروب إستنزاف لفرض الحل السلمي، معززا رأيه بأننا لا يمكننا محاربة إسرائيل لأن الحرب معها تعني الحرب مع أمريكا ونحن لايمكن، حسب تعبيره، "أن نناطح أمريكا"، وخرج لنا باختراع خرافة اسمها "تحييد أمريكا" مما دعا الشاعر أحمد فؤاد نجم إلى التهكم بقصيدة تبدأ "إيه رأيك إنت ياويكا بحكاية تحييد أمريكا؟".
كانت مقالات هيكل السامة دائبة السعي لتحطيم وسحق معنويات الشعب المصري، تبدو ديناصورا ساديا كريها ومع ذلك كانت ترضي شرائح من المثقفين المهزومين؛ الثوريين مع وقف التنفيذ: " اليويو والحلاويللا" وهم "بتوع نضال آخر زمن في العوامات" كما وصفهم أحمد فؤاد نجم بدقة، وكانت تلك الشرائح، كعادة أمثالها في كل زمان ومكان، تبحث وسط الخراب عن المكسب الذاتي والمصلحة الشخصية، وترى في راية المقاومة الشعبية ما يهدد استقرارها وراحتها لذلك كان من المنطقي أن تتبنى مقولات هيكل وتجده "العاقل" و "الحكيم" إذ وجدت في "صراحته" الكاذبة صياغة رائعة لما يجول في ضمائرها ويخدم مصالحها، وكان أهم ما أبدعه هيكل هو إعلانه أننا "إنتصرنا في حقيقة الأمر" ــ رغم الشهداء والإحتلال ــ ونصرنا هو: أن نظام عبد الناصر لم يسقط. وبالفعل صرنا نحتفل بعيد للنصر رغم الهزيمة!
هل منّا من يريد إعادة إنتاج كل هذه الكوابيس؟
Published on May 15, 2012 04:51
May 10, 2012
اللهم أكرمنا بتوليتك عبد المنعم أبو الفتوح رئيسا لجمهورية...
اللهم أكرمنا بتوليتك عبد المنعم أبو الفتوح رئيسا لجمهورية مصر، يتحقق به يا ربي أمرك بالمعروف وبالعدل والإحسان. ونستدفع بك عنا يا حي يا قيوم حمدين صباحي حليف صدام حسين ومعمّر القذافي وكل ديكتاتور قهر شعبه وأنت به عليم يارب العالمين. ونستعيذ بك يا رب المستضعفين من عنجهية عمرو موسى وازدرائه لمن يخالفه وعدم قدرته على كبح عدوان غروره. يارب بك نستغيث وإليك نفر.
Published on May 10, 2012 23:38
May 9, 2012
يسقط يسقط قُبح المشهد!لم أشاهد الفيلم المسجّل لأحدا...
يسقط يسقط قُبح المشهد!
لم أشاهد الفيلم المسجّل لأحداث الجمعة 4 مايو 2012، ولم أشاهد لقطات قنوات التلفزيون المحلّي والفضائي لها؛ كنت أسمع وأشاهد واقع المشهد حيا من شرفة بيتي في الدور الثاني عشر المطلّة على جامعة عين شمس وجامع النور وميدان العباسية وشارع أحمد لطفي السيّد. قبل ذلك اليوم وقبل أحداثه كنت قد تعوّدت على سماع الطلقات والفرقعات، التي كنت أحيانا أحسبها صواريخا أو غير ذلك أحيانا أخرى، أسمعها نهارا وعصرا ومغربا وتزداد ليلا، لا تتوقف ولا تخلف مواعيدها حتى أصبحت من المألوف الذي يصاحب أوقاتي في عقر داري ويتراوح بين المعقول واللامعقول؛ بين ما أبرره بمناوشات إحتياطية أو أنكره تصعيدا مخيفا، كذلك الذي ساد مساء الثلاثاء 1 مايو 2012 متواصلا حتى بلغ أشدّه مروعا وأنا أهرع بوضوئي لصلاة فجر الأربعاء 2 مايو 2012 أبتهل إلى الله أن يمن باللطف على المعتصمين وقد علت إستغاثاتهم بالتكبيرات تكررها مكبرات الصوت بآذان الفجر والإقامة من مسجد النور، إستغاثات من كانوا قد أتموا الوضوء إستعدادا لصلاة الفجر حين باغتتهم المجزرة ووقع من وقع من الشهداء والجرحى، أما في مشهد ما حدث بعد صلاة الجمعة 4 مايو 2012 فقد هطلت الفرقعات والطلقات في عز الظهيرة بدوي مهول أرعب عصافير حدائق جامعة عين شمس وكلابها. كانت جماعات العصافير تطير فارة يمينا ناشدة مهربا لا تجده فتعود شمالا ولا ملاذ لها يهدئ من فزعها، وكانت قبيلة الكلاب، التي طالما أرّقني نباحها الجماعي، تندفع جريا نحو السور الحجري الفاصل بين الجامعة ومساكننا، (مساكن هيئة تدريس جامعة عين شمس بأرض الزعفران)، قبيلة الكلاب لا تجد منفذا في السور فتكر راجعة في حيرة المحاصر بين النار والنار لا تصدر صوتا فقد كتم الهلع قدرتها على النباح، والله إنني لأصف ما رأيت حتى أنني بكيت شفقة على العصافير والكلاب فكيف لا ينخلع قلبي من أجل الإنسان \ المتظاهرين وأنا أراهم عزلا فارين من ميدان العباسية نحو شارع أحمد لطفي السيّد تطاردهم فيالق الجنود بالحجارة والقنابل والطلقات يتقدمون بكل عنجهية القوة في تفوّق كاسح مبين وراء شباب من أهلهم ومن لحمهم ودمهم!
علا نحيبى وأصابني المغص وأنا اشاهد القبح المستعيد لذكريات حوادث كوبري عباس فبراير 1946 وغيرها من ممارسات القمع التي لا يجوز، مهما كانت مبرراتها، أن نورّط فيها جنودا مصريين يضربون مظاهرات واحتجاجات شعبية سلّم الجميع بمشروعيتها وكان الوعد هو حمايتها.
كان هناك على قناة "المحروسة" رجل عريض المنكبين، لم أتنبّه لاسمه، يزعق بتحريض فاقد لكل صواب يطالب المسؤولين بأن يضربوا الناس "بيد من نار"، وهو إبداع جديد لم أسمعه من قبل في موسوعة التحريضات المتنوعة التي شملت من أول التوصية بـ"الضرب بيد من حديد" و التجهم للشعب بـ "العين الحمراء"، حتى المناشدة بإعلان الأحكام العرفية فورا، (بيان د. عصمت الميرغني الأهرام 14 أكتوبر 2011 ص 9)!
يا أخي المسئول: صديقك من صدقك بمناشدة، لا نفاق فيها، تبني الثقة و تداوي الثارات وتخمد نيرانها، و تعالج الجراح لا أن تزيدها تقيحا وإدماء، إن من مسئولية المسئول "الحكمة" وهي تقتضي عدم الإلتفات إلى من يزينون لكل الحكام والمسؤولين في كل العهود الإغترار بـ "عنجهية القوة" التي ما اغتر بها مغتر إلا هلك.
بقى أن أتعجب من فقرة، نسبت إلى حضرة اللواء عادل المرسي رئيس هيئة القضاء العسكري في الأهرام 9 مايو 2012 ص 7، تفيد بأن القضاء العسكري سيواجه "التهكم" على القوات المسلحة بالقانون؛ والله أنا لم أصدّق عيني: إذا أردنا أن نُطاع نطلب ما يُستطاع، نحن هنا في مصر التي لايمكن لأهلها العيش من دون "التهكم" ومشتقاته؛ هكذا خلقنا ربنا، و"آدي ألله وآدي حكمته"، بالإضافة إلى أن هذا الكلام يشبه تماما ما كان يسمى في الأزمنة البائدة: "العيب في الذات الملكية"، وما كان يروى عن تجريم "النّكت" في الحقبة الناصرية وكان هذا الأمر في حد ذاته: "نُكتة"!
لم أشاهد الفيلم المسجّل لأحداث الجمعة 4 مايو 2012، ولم أشاهد لقطات قنوات التلفزيون المحلّي والفضائي لها؛ كنت أسمع وأشاهد واقع المشهد حيا من شرفة بيتي في الدور الثاني عشر المطلّة على جامعة عين شمس وجامع النور وميدان العباسية وشارع أحمد لطفي السيّد. قبل ذلك اليوم وقبل أحداثه كنت قد تعوّدت على سماع الطلقات والفرقعات، التي كنت أحيانا أحسبها صواريخا أو غير ذلك أحيانا أخرى، أسمعها نهارا وعصرا ومغربا وتزداد ليلا، لا تتوقف ولا تخلف مواعيدها حتى أصبحت من المألوف الذي يصاحب أوقاتي في عقر داري ويتراوح بين المعقول واللامعقول؛ بين ما أبرره بمناوشات إحتياطية أو أنكره تصعيدا مخيفا، كذلك الذي ساد مساء الثلاثاء 1 مايو 2012 متواصلا حتى بلغ أشدّه مروعا وأنا أهرع بوضوئي لصلاة فجر الأربعاء 2 مايو 2012 أبتهل إلى الله أن يمن باللطف على المعتصمين وقد علت إستغاثاتهم بالتكبيرات تكررها مكبرات الصوت بآذان الفجر والإقامة من مسجد النور، إستغاثات من كانوا قد أتموا الوضوء إستعدادا لصلاة الفجر حين باغتتهم المجزرة ووقع من وقع من الشهداء والجرحى، أما في مشهد ما حدث بعد صلاة الجمعة 4 مايو 2012 فقد هطلت الفرقعات والطلقات في عز الظهيرة بدوي مهول أرعب عصافير حدائق جامعة عين شمس وكلابها. كانت جماعات العصافير تطير فارة يمينا ناشدة مهربا لا تجده فتعود شمالا ولا ملاذ لها يهدئ من فزعها، وكانت قبيلة الكلاب، التي طالما أرّقني نباحها الجماعي، تندفع جريا نحو السور الحجري الفاصل بين الجامعة ومساكننا، (مساكن هيئة تدريس جامعة عين شمس بأرض الزعفران)، قبيلة الكلاب لا تجد منفذا في السور فتكر راجعة في حيرة المحاصر بين النار والنار لا تصدر صوتا فقد كتم الهلع قدرتها على النباح، والله إنني لأصف ما رأيت حتى أنني بكيت شفقة على العصافير والكلاب فكيف لا ينخلع قلبي من أجل الإنسان \ المتظاهرين وأنا أراهم عزلا فارين من ميدان العباسية نحو شارع أحمد لطفي السيّد تطاردهم فيالق الجنود بالحجارة والقنابل والطلقات يتقدمون بكل عنجهية القوة في تفوّق كاسح مبين وراء شباب من أهلهم ومن لحمهم ودمهم!
علا نحيبى وأصابني المغص وأنا اشاهد القبح المستعيد لذكريات حوادث كوبري عباس فبراير 1946 وغيرها من ممارسات القمع التي لا يجوز، مهما كانت مبرراتها، أن نورّط فيها جنودا مصريين يضربون مظاهرات واحتجاجات شعبية سلّم الجميع بمشروعيتها وكان الوعد هو حمايتها.
كان هناك على قناة "المحروسة" رجل عريض المنكبين، لم أتنبّه لاسمه، يزعق بتحريض فاقد لكل صواب يطالب المسؤولين بأن يضربوا الناس "بيد من نار"، وهو إبداع جديد لم أسمعه من قبل في موسوعة التحريضات المتنوعة التي شملت من أول التوصية بـ"الضرب بيد من حديد" و التجهم للشعب بـ "العين الحمراء"، حتى المناشدة بإعلان الأحكام العرفية فورا، (بيان د. عصمت الميرغني الأهرام 14 أكتوبر 2011 ص 9)!
يا أخي المسئول: صديقك من صدقك بمناشدة، لا نفاق فيها، تبني الثقة و تداوي الثارات وتخمد نيرانها، و تعالج الجراح لا أن تزيدها تقيحا وإدماء، إن من مسئولية المسئول "الحكمة" وهي تقتضي عدم الإلتفات إلى من يزينون لكل الحكام والمسؤولين في كل العهود الإغترار بـ "عنجهية القوة" التي ما اغتر بها مغتر إلا هلك.
بقى أن أتعجب من فقرة، نسبت إلى حضرة اللواء عادل المرسي رئيس هيئة القضاء العسكري في الأهرام 9 مايو 2012 ص 7، تفيد بأن القضاء العسكري سيواجه "التهكم" على القوات المسلحة بالقانون؛ والله أنا لم أصدّق عيني: إذا أردنا أن نُطاع نطلب ما يُستطاع، نحن هنا في مصر التي لايمكن لأهلها العيش من دون "التهكم" ومشتقاته؛ هكذا خلقنا ربنا، و"آدي ألله وآدي حكمته"، بالإضافة إلى أن هذا الكلام يشبه تماما ما كان يسمى في الأزمنة البائدة: "العيب في الذات الملكية"، وما كان يروى عن تجريم "النّكت" في الحقبة الناصرية وكان هذا الأمر في حد ذاته: "نُكتة"!
Published on May 09, 2012 15:21
May 8, 2012
الزهور هناك لأنها هناكيأتيني الاكتئاب متسللا على غرة حين ...
الزهور هناك لأنها هناك
يأتيني الاكتئاب متسللا على غرة حين أصحو ذات صباح فأجدني راغبة عن استقبال اليوم؛ متخيّلة تصوري عن النكوص يتحقق فأتضاءل حتى أصير جنينا يتناقص إلى أن يصير بذرة تسقط وأختفي. يتملّكني تصور الاختفاء وقد تحقق إلى درجة أن يدهشني صوتي يصدر عني أو حركة من ذراعي. يعود إلي الوعي تدريجيا بأني مازلت وعندما أجدني مازلت أعرف أن النكوص لا يعدو تصوّر لا يمكن أن يتحقق، من ثمّ تبدأ محاولتي لسحبي خارج البئر؛ مثلما تكون محاولات سحب سيارة مغروز عجلها في الرمال.
أمتلئ بالمسرّة ورغبة الإجهاش بالبكاء. هل تذكرين الخسوف؟ أذكره: الشمس البيضاء، الجير، صمت، خرفشة عربة، صمت، ضجيج صوت أطفال، وجه من خلف عريشة، طفل أفلج يعمل في ورشة سيارات، بقع هباب سوداء على خدّيه لكن أسنانه نظيفة وبياض عينيه أزرق. وجه محبّب يكبر، يقترب، يضحك، يعبس، يتكدّر، يغمض في الشمس، ينظر إليْ، مصباح، دفء وردي، أمن مطلق، ردّة جفن، نظرة لئيمة تسقط، إنشطار، هاوية، غياب لكل شئ، ليس هناك العوض عن الوهم. لا يبرحني الوجه، يأتيني بينما أهرب في عبور مفترق، يخرج من منحنى، يبرز في تبديل قدم، وأنا أدلف بوابة وأصعد سلّمة، يأتيني في منتصف الخطوة، يخرج، يكبر، يقترب ولو رأيت وجهي منعكسا على زجاج يكون مقفلا بإحكام؛ جيدا نخفي في الشارع وجهنا خشية لو أخرجت وجهك يأكله الناس ويتخذونك هزوا، نحمل وجهنا، نحمل أنفسنا، خضرتنا، كمية الحب يحملها الإنسان ولا يدري أين يلدها، يظل يحوم مثل قطة تبحث عن ركن أمين تستقر فيه بهراتها العمياء، لحظتها تكون القطة في أقصى حالات حنوّها سُقيا وإطعاما، تكون كذلك في أقصى حالات توترها وتأهبها ضد شراسة العالم الخارجي. الحب: الركن الذي يستطيع الإنسان أن يفتح وجهه؛ أن يبوح، أن يقدر أن يبوح بضعفه كاملا، ومن ذا الذي لا يتمنى أن يعلّق على ظهره لافتة: "هش تناوله بعناية"!
زهور صفراء فاقع لونها جعلتني ألاحظ شجرة أمام البناء ترتفع فروعها فأراها من شرفتي. هذه الزهور خرجت رغم أن ليس هناك مبرر واحد حولها يشجّعها على الخروج أو يبدي اهتماما بخروجها من عدمه، لكنها هناك بكل الثقة الذاتية المدهشة؛ تسمع الطلقات والصرخات والمجزرة وتستمر: زهور صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.
في مسرحية بيتر فايس "مارا \ صاد" يأتي قول للمركيز دي صاد: "أنا أكره الطبيعة"، وكان يعني أنه يكره اللامبالاة القاسية للطبيعة، هل هذه الزهور لامبالاة من الطبيعة أم هي "الشّــعر"؟
الطلقات والصيحات تصاعدت بالمجزرة حتى الفجر وأنا أطل من شرفتي صوب ساحتها بالميدان، مستأذنة الأشجار وزهورها، وأعرف أنه على الرغم من كل شئ لابد أن يستمر إنبثاق "الشـعر": عصارة تتغلغل بمنطقها الخاص وضرورتها الخاصة، تمتد بنبل وحزن وإصباح، تصعد بجوف الشجرة ، تثبت و تقوى معها تلقائية مقاومة القبح.
العصارة حتى لا يجففنا الاكتئاب، حتى لا ننغرز في الرمال فنتشقق ونتقوّض ونُجتث، محال أن يحدث هذا: الطبيعة لا تسمح: الزهور هناك لأنها هناك.
يسقط يسقط قُبح المشهد!
يأتيني الاكتئاب متسللا على غرة حين أصحو ذات صباح فأجدني راغبة عن استقبال اليوم؛ متخيّلة تصوري عن النكوص يتحقق فأتضاءل حتى أصير جنينا يتناقص إلى أن يصير بذرة تسقط وأختفي. يتملّكني تصور الاختفاء وقد تحقق إلى درجة أن يدهشني صوتي يصدر عني أو حركة من ذراعي. يعود إلي الوعي تدريجيا بأني مازلت وعندما أجدني مازلت أعرف أن النكوص لا يعدو تصوّر لا يمكن أن يتحقق، من ثمّ تبدأ محاولتي لسحبي خارج البئر؛ مثلما تكون محاولات سحب سيارة مغروز عجلها في الرمال.
أمتلئ بالمسرّة ورغبة الإجهاش بالبكاء. هل تذكرين الخسوف؟ أذكره: الشمس البيضاء، الجير، صمت، خرفشة عربة، صمت، ضجيج صوت أطفال، وجه من خلف عريشة، طفل أفلج يعمل في ورشة سيارات، بقع هباب سوداء على خدّيه لكن أسنانه نظيفة وبياض عينيه أزرق. وجه محبّب يكبر، يقترب، يضحك، يعبس، يتكدّر، يغمض في الشمس، ينظر إليْ، مصباح، دفء وردي، أمن مطلق، ردّة جفن، نظرة لئيمة تسقط، إنشطار، هاوية، غياب لكل شئ، ليس هناك العوض عن الوهم. لا يبرحني الوجه، يأتيني بينما أهرب في عبور مفترق، يخرج من منحنى، يبرز في تبديل قدم، وأنا أدلف بوابة وأصعد سلّمة، يأتيني في منتصف الخطوة، يخرج، يكبر، يقترب ولو رأيت وجهي منعكسا على زجاج يكون مقفلا بإحكام؛ جيدا نخفي في الشارع وجهنا خشية لو أخرجت وجهك يأكله الناس ويتخذونك هزوا، نحمل وجهنا، نحمل أنفسنا، خضرتنا، كمية الحب يحملها الإنسان ولا يدري أين يلدها، يظل يحوم مثل قطة تبحث عن ركن أمين تستقر فيه بهراتها العمياء، لحظتها تكون القطة في أقصى حالات حنوّها سُقيا وإطعاما، تكون كذلك في أقصى حالات توترها وتأهبها ضد شراسة العالم الخارجي. الحب: الركن الذي يستطيع الإنسان أن يفتح وجهه؛ أن يبوح، أن يقدر أن يبوح بضعفه كاملا، ومن ذا الذي لا يتمنى أن يعلّق على ظهره لافتة: "هش تناوله بعناية"!
زهور صفراء فاقع لونها جعلتني ألاحظ شجرة أمام البناء ترتفع فروعها فأراها من شرفتي. هذه الزهور خرجت رغم أن ليس هناك مبرر واحد حولها يشجّعها على الخروج أو يبدي اهتماما بخروجها من عدمه، لكنها هناك بكل الثقة الذاتية المدهشة؛ تسمع الطلقات والصرخات والمجزرة وتستمر: زهور صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.
في مسرحية بيتر فايس "مارا \ صاد" يأتي قول للمركيز دي صاد: "أنا أكره الطبيعة"، وكان يعني أنه يكره اللامبالاة القاسية للطبيعة، هل هذه الزهور لامبالاة من الطبيعة أم هي "الشّــعر"؟
الطلقات والصيحات تصاعدت بالمجزرة حتى الفجر وأنا أطل من شرفتي صوب ساحتها بالميدان، مستأذنة الأشجار وزهورها، وأعرف أنه على الرغم من كل شئ لابد أن يستمر إنبثاق "الشـعر": عصارة تتغلغل بمنطقها الخاص وضرورتها الخاصة، تمتد بنبل وحزن وإصباح، تصعد بجوف الشجرة ، تثبت و تقوى معها تلقائية مقاومة القبح.
العصارة حتى لا يجففنا الاكتئاب، حتى لا ننغرز في الرمال فنتشقق ونتقوّض ونُجتث، محال أن يحدث هذا: الطبيعة لا تسمح: الزهور هناك لأنها هناك.
يسقط يسقط قُبح المشهد!
Published on May 08, 2012 23:07
May 5, 2012
والله الفقر وله عوزة ياولاد!* يحكى أن حاكما ظالما لم يكن ...
والله الفقر وله عوزة ياولاد!
* يحكى أن حاكما ظالما لم يكن يكفيه حبس واعتقال وتعذيب أعداء أفكاره فكان بين كل حين وآخر يبتكر وسيلة زائدة يعكنن بها على ضحاياه داخل سجونه، بما يسمى "التكدير"، وقد حدث بالفعل في يوم من أيامه السوداء أن أملى على شياطينه حفر حفرة هائلة في فناء المعتقل الصحراوي ألقى فيها بكل ماكان لدى المعتقلين من طعام وشراب ودواء وثياب وما كان قد تجمع لهم من مؤونة زيارات أهاليهم، وبينما كان أصحاب الخسارة ينظرون متألمين حزانى إلى متاعهم المدمر إذا بواحد منهم، لم يكن له في كل هذا الحرمان ولا حتى ذرة ملح، يدور مبتهجا مغنيا: "والله الفقر وله عوزة ياولاد!".
* قالت الدكتورة ريم سعد في حسابها على التويتر جملة مُحكمة: "صمت المتلخبط عبادة"! إنها والله لحكمة ماسية ياسلام لو أدركها المنجعصون المصعّرون خدهم للقراء يخلطون بكل ثقة في مُعظم الأمور حتى وصل الأمر بأحدهم إلى "التلخبط"، فيما لا مجال للتلخبط فيه، بين المتصوّف الحسين بن المنصور "الحلاج"، من القرن الرابع الهجري، وبين نقيضه السفاح "الحجاج" بن يوسف الثقفي، من القرن الأول الهجري، إذ قال مستعرضا ثقافته في عمود له : "...والذكرى باقية من صلاح عبد الصبور في رائعته عن الحجاج بن يوسف الثقفي الشهير بالقول أنه يرى رؤوسا قد حان قطافها..."؛ و غاب عن حضرته أن مسرحية صلاح عبد الصبور عنوانها "مأساة الحلاج" ولا علاقة لها البتّة بـ "الحجاج" سواء من قريب أو بعيد!
* قال حمزة أبو خمس سنوات لأمه مروة: مش عيد الأم يعني أزور كل البنات اللي بحبها؟ قالت مروة: ومين البنات دول ياحمزة؟ ذكر حمزة عمته وجدّته ثم قال: وصافي ناز اللي عندها القطط! قالت مروة: حاضر يا حمزة نروح عندها إن شاء الله، قال حمزة لأمه في دهشة: الله هو حضرتك جاية معايا؟
* صرت أضيف إلى دعائي قبل الأكل: اللهم اكفني شر التسمم والعدوى ووجع البطن، أما قبل قراءة الصحف فأقول من سورة الحجر: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون(97) فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين(98) واعبد ربك حتى يأتيك اليقين(99)" صدق الله العظيم.
Published on May 05, 2012 00:57
May 2, 2012
الظلم بالظلم يُذكرمن وثائق انتفاضة الطلبة المصريين 1972 \...
الظلم بالظلم يُذكر
من وثائق انتفاضة الطلبة المصريين
1972 \ 1973
بعد انتصاره على خصومه في 15 مايو 1971، قرر الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن يلبس ثوبا مغايرا لمرحلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واختار لهذا الثوب شعار: الحرية والديمقراطية وهدم السجون وإلغاء المعتقلات. تحت هذه الشعارات كان لابد أن تعود مصر إلى أسلوبها الذي تعودت عليه وهو إعلان مطالبها عن طريق الاحتجاجات الشعبية، فقامت في يناير 1972 مظاهرات طلابية أعادت إلى الأذهان صورة المظاهرات الوطنية المجيدة التي اجتاحت القاهرة في الأربعينيات، ضد الاحتلال الإنجليزي، وضد الفساد السياسي، وضد كل ما كان معاكسا للمصلحة الشعبية.
وكما كانت مظاهرات الأربعينيات من القرن الماضي قوامها طلبة جامعة فؤاد الأول، كانت مظاهرات 1972، من القرن نفسه، قوامها طلبة كل الجامعات وعلى رأسها، جامعة القاهرة وجامعة عين شمس، وتم تأييدها بعناصر وطنية من المثقفين والأدباء والشعراء.
في ذلك اليناير عام 1972 كنت في مناسك فريضة الحج، أطوف حول البيت الحرام وأنا أبتهل من جوامع قلبي ونفسي: «يا رب على الحاكم الظالم». لم أكن ساعتها على علم بمظاهرات الطلبة الاحتجاجية، لكنني كنت على علم بالظلم الذي وقع على قلمي بمنعي من النشر والتعبير من دون سبب واضح أو مسوغ منطقي، وكنت قد رأيت في إجراءات التنكيل بي دليلا فاضحا يكذب كل شعارات «الديمقراطية» و«الحرية» و«الأمان» التي رفعها السادات. بعد عودتي من أداء فريضة الحج، حاولت أن أستعيد حقي في النشر عن طريق تقديم مذكرات، وعن طريق مقابلات مع مسؤولين لم يكفوا عن بث غرامهم بالحرية والديمقراطية.. إلخ ـ منهم بالمناسبة دكتور أحمد كمال أبو المجد الذي تولى وزارة الإعلام في المرحلة الساداتية لفترة ـ وخاب مسعاي والوجوه كلها ساقعة مثلجة.
في 29 ديسمبر 1972 تم اعتقال مجموعة كبيرة من الكتاب والمحامين والمثقفين والشعراء، ولم يكن بنقابة الصحفيين إلا المؤيدين للنظام بالحق وبالباطل. في موقف أقرب إلى التعبير الشعري ساقتني قدماي للانضمام إلى اعتصام طلبة جامعة عين شمس في 3 يناير 1973. قلت للطلبة، إنني أؤيد مطالبهم بتحقيق شعارات حرية التعبير وحرية الرأي، ولأنني ممنوعة من النشر فليس أمامي سوى أن أكون بنفسي بينهم متضامنة مع مطالبهم لأنها مطالب كل الناس لمصلحة كل الأمة. رحبوا بي، وكان الجو نقيا، والإحساس صادقا، والنفوس طيبة. كنت في الخامسة والثلاثين وكانوا بين 19 و24 سنة، معظمهم من كليات الطب والآداب والحقوق والهندسة. طالبات نابهات مفوهات بليغات في التعبير عن الأزمات وآلام الوطن وطلبة مثلهم وإن غلبت على الجميع لمسات طريفة من ناتج البراءة والسذاجة والعفوية.
حين تم اقتحام الاعتصام الذي استمر حتى 11 يناير 1973 تحلق حولي الضباط للقبض علي بدعوى أنني الرأس الكبير الذي تزعم كتيبة الطلبة وأنني مندسة بين صفوفهم، وكانت هذه هي التهمة التي أكدتها تحريات المباحث ووجدتها أنا شرفا لا أدعيه، فالحقيقة أن الشباب الطلابي كانوا هم العقل والحركة واللسان، وكنت مبهورة بعنادهم وصلابتهم ولم يتعد دوري المساندة والرصد والإعجاب والفرح بأن مصر قد أنجبت مثل هذا الجيل المتأجج بالحماس والحيوية. أشياء كثيرة قالوها وحوادث كثيرة تتابعت ومفارقات عديدة أضحكتني وآلام شديدة أوجعتني.
بعد سنوات بلغت الثلاثين قام المحامي النبيل عادل أمين، الذي كان ضمن كتيبة دفاع وقفت بلا مقابل مادي تطالب لنا بإخلاء السبيل، بتجميع الوثائق الخاصة بالحركة الطلابية، بدأب وصبر وأمانة وأخرجها في مجلد من 632 صفحة، مبوبة ومنسقة مثل «ألبوم» لصور نحبها من أيام الشباب تحت عنوان: «انتفاضة الطلبة المصريين، 1972 – 1973، الجزء الأول، عادل أمين المحامي، القاهرة 2003، رقم الإيداع 14704 / 2002، طبع بالمكتب الفني».
معظم الأشياء التي وردت في تلك الوثائق كنت قد نسيتها تماما مثل ذلك البيان الذي أردت إرساله إلى نقابة الصحفيين تهريبا من سور جامعة عين شمس فصادره أحد ضباط مباحث أمن الدولة ليقدمه مع مستندات تحرياتهم عني التي تقول: «أصدرت بيانا يتضمن استنكارها لبيان نقابة الصحفيين الصادر في 29/12/1972، ووصفت هذا البيان بأنه لا يعبر عن الرأي الحر داخل نقابة الصحفيين، وأنها قررت الاعتصام مع طلبة جامعة عين شمس لإحساسها بالغربة والوحدة داخل نقابتها». وفي صفحة 57 من الوثائق التي قدمها الأستاذ عادل أمين وجدت، ويا للفرحة، نص بياني الذي كنت قد حسبته قد ضاع إلى الأبد، بعد أن ضاع تماما من ذاكرتي، وهو كالتالي: «بيان إلى نقابة الصحفيين رقم 2: في اليوم الخامس لاعتصامي تضامنا مع الاعتصام الطلابي بجامعة عين شمس، الذي انقضى عليه الآن سبعة أيام والذي يشكل استمراريته وصموده شكلا من أشكال الإرادة الرائعة والإصرار الجميل على المطلب الشعبي في تحقيق الديمقراطية وترسيخ مبدأ الممارسة الصادقة الفعلية لحرية الفكر والتعبير عن الرأي، أعلن تضامني مرة أخرى مع هذه الحركة الطلابية النزيهة أولا: بإدانة التشويه المتعمد لهذه الحركة الطلابية واحتجاجي الخارج من صميم الوجدان الشعبي على هذا التشويه الذي تشارك فيه بالدرجة الأولى الصحف المصرية كجزء من حملة إعلامية المقصود بها ضرب الحركة الطلابية لغير مصلحة شعبية. ثانيا: أعلن إضرابي عن الطعام بداية من يوم الاثنين الموافق 8/1/1973 تضامنا وتدعيما لقرار الإضراب عن الطعام الذي اتخذته المجموعة التي تمثل قوة الاعتصام الطلابي بجامعة عين شمس بقصر الزعفران حتى يتم الإفراج عن جميع المعتقلين الوطنيين الذين بدأت سلسلة اعتقالاتهم منذ يوم الجمعة 29/12/1972 والتي لا تزال جارية ومستمرة حتى الآن والمندرج بعضها تحت اسم قضية 902 لسنة 1972 حصر أمن دولة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. التوقيع: صافي ناز كاظم 7/1/1973».
الطريف في تلك الوثائق كان إصرار المباحث على تعريفي بـ«الماركسية»، ولم يكن قد مر على أدائي لفريضة الحج غير عام واحد، بينما لم تشر إلى حقيقة أي واحد ممن كانوا يفخرون بانتمائهم الماركسي والعلماني.
ومنذ ذلك التعريف المباحثي الأمني غير الصادق وغير الحقيقي، عن هويتي العقائدية، وأنا أواجه المصرين على تصديق «ادعاءات» المباحث وتكذيب «صدقي» في أنني لم أكن في أي لحظة من لحظات عمري ماركسية أبدا أبدا أبدا والله خير الشاهدين.
ملف التحقيق معي 11 يناير1973مأخوذ من كتاب إنتفاضة الطلبة المصريين 1972 ــ 1973الجزء الأول ص 592تجميع وعمل الأستاذ عادل أمين المحاميالقاهرة 2003
صافي ناز محمد كاظم \ صحفية
قُبض عليها بجامعة عين شمس في الساعة السادسة من صباح يوم 11\1\1973 وحقق معها الأستاذ صفوت عباس وكيل نيابة أمن الدولة العليا بمبنى ادارة مباحث أمن الدولة في الساعة الثامنة من مساء نفس اليوم، وأثبت في صدر محضره فحوى كتاب مباحث أمن الدولة الذي يفيد أنه بتاريخ 3 \ 1 \1973 توجهت المذكورة إلى الطلبة المعتصمين بكلية الطب جامعة عين شمس وخطبت فيهم وذكرت أن زوجها أحمد فؤاد نجم معتقل وأن جامعة القاهرة قامت بمظاهرة مطالبة بالإفراج عن المعتقلين وطالبتهم بمشاركة جامعة القاهرة وعلى إثر ذلك خرج حوالي مائة طالب من طلبة الكلية في مسيرة إلى جامعة عين شمس وانضموا إلى طلبتها وقدّمها الطالب خليل فاضل خليل بكلية طب عين شمس وذكرت أنها توجّهت صباح نفس اليوم إلى نقابة الصحفيين للوقوف مع الحركة الطلابية الشريفة ولكنها لم تجد تجاوبا مما جعلها تحضر إلى مؤتمرهم وتعلن بصفتها الصحفية تأييد الحركة الطلابية واستنكار موقف السلطة واعلنت الإعتصام مع الطلبة والمبيت معهم بالكلية، كما ذكرت أن شهر يناير الحالي سوف يشهد صراعا دمويا بين الطلبة والسلطة الحاكمة.
وقد سُئلت عن تاريخ بداية صلتها بالمحيط الطلابي فقررت أن أول لقاء تم بينها وبين المحيط الطلابي كان عند دعوتها إلى ندوة بكلية الحقوق يوم 14 \ 12 \ 1972 لحضور الأسبوع الثقافي الذي عقد في كلية الحقوق بجامعة عين شمس يوم 14 \ 12 \1972، فسُئلت عن كيفية وصول الدعوة فقررت أنها كانت مع زوجها أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام في حوش آدم ووصلت مجموعة من الطلبة لدعوة ثلاثتهم لحضور هذه الندوة وكانت الدعوة شفوية، وبدأت الندوة بأشعار وطنية لأحمد فؤاد نجم ثم غنى الشيخ إمام، ثم قام أحد الطلبة وقرأ بيانا طلابيا موجه إلى الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المزمع عقده في اليوم التالي 15 \ 12 \ 1972.
وسُئلت عن سبب حضورها ندوة كلية الآداب جامعة القاهرة يوم 16 \ 12 \ 1972 فأفادت أنها حضرت هذه الندوة بناء على دعوة وجهت إليها مع بعض الصحفيين الآخرين وعند حضورها وجدت أن المتحدثين هم: محمد عودة وأمير اسكندر وحسين عبد الرازق المحررين بجريدة الجمهورية، وقد طلب منها أحد الموجودين أن تسرد لهم ما حدث في اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين يوم 15 \ 12\ 1972 فسردت ماحدث بالضبط.
وعندما واجهها المحقق بما ورد بمذكرة مباحث أمن الدولة أنها هاجمت في حديثها محمد حسنين هيكل وموسى صبرى وإحسان عبد القدوس ووصفتهم بأنهم عناصر متعفنة، قالت الكلام ده حصل فعلا لأنهم تعمدوا باستمرار أن يساهموا في قمع حريات الصحفيين وتعويق وجهات النظر المخالفة لهم وخضوعهم الكامل لتعليمات الرقابة والمباحث.
ثم سُئلت إن كانت قد توجهت هي وزوجها والشيخ إمام إلى كلية الآداب جامعة عين شمس يوم 21 \ 12 \1972 فأفادت أن نجم وإمام لم يذهبا لأن أحدا لم يذهب لإحضارهما من حوش آدم وأنها هي التي ذهبت تسأل عنهما في الجامعة وعلمت أن الندوة مُنعت بأمر المباحث ونصحها الطلبة بعدم حضور نجم وإمام حتى لا يعتدي عليهما بعض العناصر الطلابية المأجورة.
وسُئلت عن ترددها على الجامعة وظروف هذا التردد، فقالت أثناء وجودها بنقابة الصحفيين يوم 2 \ 1 \ 1973 حضر وفد طلابي من جامعة عين شمس إلى النقابة لمقابة النقيب لتسليمه بيانا طلابيا، فقامت بسؤالهم عما يدور الجامعة فأخبروها أنهم معتصمين بكلية الطب جامعة عين شمس فاستفسرت منهم عن إمكانية حضورها فأبدوا ترحيبهم فتوجهت بالفعل إلى مقر اعتصامهم يوم الأربعاء 3 \ 1\ 1973 بقصد الإشتراك معهم والتعرف على نوعياتهم وعند معايشتهم إنفعلت لموقفهم ووجدت نفسها ترحب بمشاركتهم الإعتصام؛ إذ أنهم عكسوا لها وجها مشرقا للجيل الجديد الذي كانت تجهله وتحدثت إليهم مؤيدة لهم في موقفهم الذي هو احتجاج سلمي على ماقامت به السلطة ضد بعض زملائهم الشرفاء، وكتعبير عملي عن هذا التأييد أعلنت انضمامها إلى إعتصامهم الذي كان قد بدأ منذ أول يناير 1973 بقصد الإفراج عن المعتقلين وتحقيق ممارسة الديموقراطية داخل الجامعة وإطلاق حرية الصحافة الجامعية.
وأضافت في أقوالها أنه في الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 3 \ 1 \ 1973 تداول الطلبة والطالبات حول موضوع نقل الإعتصام إلى حديقة الحرم الجامعي عين شمس على أساس أن الإعتصام بكلية الطب معزول وبعيد عن حضن الجامعة وجماهير الطلاب، ووفق على هذا الإقتراح وتوجهوا إلى حديقة الحرم الجامعي وهي معهم ومكثوا في الحديقة حتى المساء وعندما شعروا ببرودة الجو لجأوا إلى أحد مدرجات كلية الآداب حيث بات الطلبة في المدرج ولجأت الطالبات إلى المسجد المجاور، وفي صباح يوم الخميس 4 \ 1 \ 1973 إستأنفوا نشاطهم في الحديقة فانتهز المسؤولون الفرصة وأغلقوا المدرج وإزاء ذلك قرر الطلبة الإنتقال إلى إدارة الجامعة ومقر المدير وكان القصد من ذلك هو الاحتماء بالحرم الجامعي وخشية اقتحام الأمن المركزي وحتى يكون ما يحدث أمام مدير الجامعة، ولما بدأت مشكلة المبيت أخذ التصويت مرة أخرى على أن يتم داخل إدارة الجامعة. واستمر الإعتصام من يوم 4 \ 1 \ 1973 إلى يوم 11 \ 1 \ 1973 في المبنى المذكور حتى القبض عليهم.
وحتى يوم 7 \ 1 \ 1973 لم يشعر الطلبة بأي تقدم من ناحية السلطة تجاه موقفهم فأرادوا أن يصعدوا الموقف من ناحيتهم عن طريق الإضراب عن الطعام لأن هذا هو التصعيد السليم للإحتجاج السلمي واتفق على أن يبدأ الإضراب يوم 8 \ 1 \ 1973، وأضافت أنها أصدرت في يوم 7 \ 1 \ 1973 بيانا بذلك نصه: في اليوم الخامس لإعتصامي، تضامنا مع الإعتصام الطلابي لجامعة عين شمس الذي مضى عليه الآن سبعة أيام والذي يشكل باستمراريته وصموده شكل من أشكال الإرادة الرائعة والإصرار الجميل على المطلب الشعبي في تحقيق الديموقراطية وترسيخ مبدأ الممارسة الصادقة الفعلية لحرية الفكر والتعبير عن الرأي، أعلن تضامني مرة أخرى مع هذه الحركة الطلابية النزيهة؛أولا: بإدانة التشويه المتعمد لهذه الحركة الطلابية واحتجاجي الخارج من صميم الوجدان الشعبي، هذا التشويه الذي تشارك فيه بالدرجة الأولى الصحف المصرية كجزء من حملة إعلامية المقصود بها ضرب الحركة الطلابية لغير مصلحة شعبية.ثانيا: أعلن إضرابي عن الطعام إبتداء من يوم الإثنين الموافق 8 \ 1\ 1973 تضامنا وتدعيما لقرار الإضراب عن الطعام الذي اتخذته المجموعة التي تمثل قوة الإعتصام الطلابي بجامعة عين شمس بقصر الزعفران حتى يتم الإفراج عن جميع المعتقلين الوطنيين الذين بدأت سلسلة اعتقالاتهم يوم الجمعة 29 \ 12 \ 1972 والتي لاتزال جارية حتى الآن.
وقد تمت إحالتي بعد التحقيق في قائمة تضم 56 إسما، معظمهم من طلبة الجامعات، إلى محكمة أمن دولة عليا فيما زُعم أنها " الجناية رقم 1 سنة 73 أمن دولة الوايلي ـ كلّي ـ 131 سنة 73 نحن محمد حلمي راغب رئيس نيابة أمن الدولة العليا نتهم:......."...........إلخ!
من وثائق انتفاضة الطلبة المصريين
1972 \ 1973
بعد انتصاره على خصومه في 15 مايو 1971، قرر الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن يلبس ثوبا مغايرا لمرحلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واختار لهذا الثوب شعار: الحرية والديمقراطية وهدم السجون وإلغاء المعتقلات. تحت هذه الشعارات كان لابد أن تعود مصر إلى أسلوبها الذي تعودت عليه وهو إعلان مطالبها عن طريق الاحتجاجات الشعبية، فقامت في يناير 1972 مظاهرات طلابية أعادت إلى الأذهان صورة المظاهرات الوطنية المجيدة التي اجتاحت القاهرة في الأربعينيات، ضد الاحتلال الإنجليزي، وضد الفساد السياسي، وضد كل ما كان معاكسا للمصلحة الشعبية.
وكما كانت مظاهرات الأربعينيات من القرن الماضي قوامها طلبة جامعة فؤاد الأول، كانت مظاهرات 1972، من القرن نفسه، قوامها طلبة كل الجامعات وعلى رأسها، جامعة القاهرة وجامعة عين شمس، وتم تأييدها بعناصر وطنية من المثقفين والأدباء والشعراء.
في ذلك اليناير عام 1972 كنت في مناسك فريضة الحج، أطوف حول البيت الحرام وأنا أبتهل من جوامع قلبي ونفسي: «يا رب على الحاكم الظالم». لم أكن ساعتها على علم بمظاهرات الطلبة الاحتجاجية، لكنني كنت على علم بالظلم الذي وقع على قلمي بمنعي من النشر والتعبير من دون سبب واضح أو مسوغ منطقي، وكنت قد رأيت في إجراءات التنكيل بي دليلا فاضحا يكذب كل شعارات «الديمقراطية» و«الحرية» و«الأمان» التي رفعها السادات. بعد عودتي من أداء فريضة الحج، حاولت أن أستعيد حقي في النشر عن طريق تقديم مذكرات، وعن طريق مقابلات مع مسؤولين لم يكفوا عن بث غرامهم بالحرية والديمقراطية.. إلخ ـ منهم بالمناسبة دكتور أحمد كمال أبو المجد الذي تولى وزارة الإعلام في المرحلة الساداتية لفترة ـ وخاب مسعاي والوجوه كلها ساقعة مثلجة.
في 29 ديسمبر 1972 تم اعتقال مجموعة كبيرة من الكتاب والمحامين والمثقفين والشعراء، ولم يكن بنقابة الصحفيين إلا المؤيدين للنظام بالحق وبالباطل. في موقف أقرب إلى التعبير الشعري ساقتني قدماي للانضمام إلى اعتصام طلبة جامعة عين شمس في 3 يناير 1973. قلت للطلبة، إنني أؤيد مطالبهم بتحقيق شعارات حرية التعبير وحرية الرأي، ولأنني ممنوعة من النشر فليس أمامي سوى أن أكون بنفسي بينهم متضامنة مع مطالبهم لأنها مطالب كل الناس لمصلحة كل الأمة. رحبوا بي، وكان الجو نقيا، والإحساس صادقا، والنفوس طيبة. كنت في الخامسة والثلاثين وكانوا بين 19 و24 سنة، معظمهم من كليات الطب والآداب والحقوق والهندسة. طالبات نابهات مفوهات بليغات في التعبير عن الأزمات وآلام الوطن وطلبة مثلهم وإن غلبت على الجميع لمسات طريفة من ناتج البراءة والسذاجة والعفوية.
حين تم اقتحام الاعتصام الذي استمر حتى 11 يناير 1973 تحلق حولي الضباط للقبض علي بدعوى أنني الرأس الكبير الذي تزعم كتيبة الطلبة وأنني مندسة بين صفوفهم، وكانت هذه هي التهمة التي أكدتها تحريات المباحث ووجدتها أنا شرفا لا أدعيه، فالحقيقة أن الشباب الطلابي كانوا هم العقل والحركة واللسان، وكنت مبهورة بعنادهم وصلابتهم ولم يتعد دوري المساندة والرصد والإعجاب والفرح بأن مصر قد أنجبت مثل هذا الجيل المتأجج بالحماس والحيوية. أشياء كثيرة قالوها وحوادث كثيرة تتابعت ومفارقات عديدة أضحكتني وآلام شديدة أوجعتني.
بعد سنوات بلغت الثلاثين قام المحامي النبيل عادل أمين، الذي كان ضمن كتيبة دفاع وقفت بلا مقابل مادي تطالب لنا بإخلاء السبيل، بتجميع الوثائق الخاصة بالحركة الطلابية، بدأب وصبر وأمانة وأخرجها في مجلد من 632 صفحة، مبوبة ومنسقة مثل «ألبوم» لصور نحبها من أيام الشباب تحت عنوان: «انتفاضة الطلبة المصريين، 1972 – 1973، الجزء الأول، عادل أمين المحامي، القاهرة 2003، رقم الإيداع 14704 / 2002، طبع بالمكتب الفني».
معظم الأشياء التي وردت في تلك الوثائق كنت قد نسيتها تماما مثل ذلك البيان الذي أردت إرساله إلى نقابة الصحفيين تهريبا من سور جامعة عين شمس فصادره أحد ضباط مباحث أمن الدولة ليقدمه مع مستندات تحرياتهم عني التي تقول: «أصدرت بيانا يتضمن استنكارها لبيان نقابة الصحفيين الصادر في 29/12/1972، ووصفت هذا البيان بأنه لا يعبر عن الرأي الحر داخل نقابة الصحفيين، وأنها قررت الاعتصام مع طلبة جامعة عين شمس لإحساسها بالغربة والوحدة داخل نقابتها». وفي صفحة 57 من الوثائق التي قدمها الأستاذ عادل أمين وجدت، ويا للفرحة، نص بياني الذي كنت قد حسبته قد ضاع إلى الأبد، بعد أن ضاع تماما من ذاكرتي، وهو كالتالي: «بيان إلى نقابة الصحفيين رقم 2: في اليوم الخامس لاعتصامي تضامنا مع الاعتصام الطلابي بجامعة عين شمس، الذي انقضى عليه الآن سبعة أيام والذي يشكل استمراريته وصموده شكلا من أشكال الإرادة الرائعة والإصرار الجميل على المطلب الشعبي في تحقيق الديمقراطية وترسيخ مبدأ الممارسة الصادقة الفعلية لحرية الفكر والتعبير عن الرأي، أعلن تضامني مرة أخرى مع هذه الحركة الطلابية النزيهة أولا: بإدانة التشويه المتعمد لهذه الحركة الطلابية واحتجاجي الخارج من صميم الوجدان الشعبي على هذا التشويه الذي تشارك فيه بالدرجة الأولى الصحف المصرية كجزء من حملة إعلامية المقصود بها ضرب الحركة الطلابية لغير مصلحة شعبية. ثانيا: أعلن إضرابي عن الطعام بداية من يوم الاثنين الموافق 8/1/1973 تضامنا وتدعيما لقرار الإضراب عن الطعام الذي اتخذته المجموعة التي تمثل قوة الاعتصام الطلابي بجامعة عين شمس بقصر الزعفران حتى يتم الإفراج عن جميع المعتقلين الوطنيين الذين بدأت سلسلة اعتقالاتهم منذ يوم الجمعة 29/12/1972 والتي لا تزال جارية ومستمرة حتى الآن والمندرج بعضها تحت اسم قضية 902 لسنة 1972 حصر أمن دولة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. التوقيع: صافي ناز كاظم 7/1/1973».
الطريف في تلك الوثائق كان إصرار المباحث على تعريفي بـ«الماركسية»، ولم يكن قد مر على أدائي لفريضة الحج غير عام واحد، بينما لم تشر إلى حقيقة أي واحد ممن كانوا يفخرون بانتمائهم الماركسي والعلماني.
ومنذ ذلك التعريف المباحثي الأمني غير الصادق وغير الحقيقي، عن هويتي العقائدية، وأنا أواجه المصرين على تصديق «ادعاءات» المباحث وتكذيب «صدقي» في أنني لم أكن في أي لحظة من لحظات عمري ماركسية أبدا أبدا أبدا والله خير الشاهدين.
ملف التحقيق معي 11 يناير1973مأخوذ من كتاب إنتفاضة الطلبة المصريين 1972 ــ 1973الجزء الأول ص 592تجميع وعمل الأستاذ عادل أمين المحاميالقاهرة 2003
صافي ناز محمد كاظم \ صحفية
قُبض عليها بجامعة عين شمس في الساعة السادسة من صباح يوم 11\1\1973 وحقق معها الأستاذ صفوت عباس وكيل نيابة أمن الدولة العليا بمبنى ادارة مباحث أمن الدولة في الساعة الثامنة من مساء نفس اليوم، وأثبت في صدر محضره فحوى كتاب مباحث أمن الدولة الذي يفيد أنه بتاريخ 3 \ 1 \1973 توجهت المذكورة إلى الطلبة المعتصمين بكلية الطب جامعة عين شمس وخطبت فيهم وذكرت أن زوجها أحمد فؤاد نجم معتقل وأن جامعة القاهرة قامت بمظاهرة مطالبة بالإفراج عن المعتقلين وطالبتهم بمشاركة جامعة القاهرة وعلى إثر ذلك خرج حوالي مائة طالب من طلبة الكلية في مسيرة إلى جامعة عين شمس وانضموا إلى طلبتها وقدّمها الطالب خليل فاضل خليل بكلية طب عين شمس وذكرت أنها توجّهت صباح نفس اليوم إلى نقابة الصحفيين للوقوف مع الحركة الطلابية الشريفة ولكنها لم تجد تجاوبا مما جعلها تحضر إلى مؤتمرهم وتعلن بصفتها الصحفية تأييد الحركة الطلابية واستنكار موقف السلطة واعلنت الإعتصام مع الطلبة والمبيت معهم بالكلية، كما ذكرت أن شهر يناير الحالي سوف يشهد صراعا دمويا بين الطلبة والسلطة الحاكمة.
وقد سُئلت عن تاريخ بداية صلتها بالمحيط الطلابي فقررت أن أول لقاء تم بينها وبين المحيط الطلابي كان عند دعوتها إلى ندوة بكلية الحقوق يوم 14 \ 12 \ 1972 لحضور الأسبوع الثقافي الذي عقد في كلية الحقوق بجامعة عين شمس يوم 14 \ 12 \1972، فسُئلت عن كيفية وصول الدعوة فقررت أنها كانت مع زوجها أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام في حوش آدم ووصلت مجموعة من الطلبة لدعوة ثلاثتهم لحضور هذه الندوة وكانت الدعوة شفوية، وبدأت الندوة بأشعار وطنية لأحمد فؤاد نجم ثم غنى الشيخ إمام، ثم قام أحد الطلبة وقرأ بيانا طلابيا موجه إلى الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المزمع عقده في اليوم التالي 15 \ 12 \ 1972.
وسُئلت عن سبب حضورها ندوة كلية الآداب جامعة القاهرة يوم 16 \ 12 \ 1972 فأفادت أنها حضرت هذه الندوة بناء على دعوة وجهت إليها مع بعض الصحفيين الآخرين وعند حضورها وجدت أن المتحدثين هم: محمد عودة وأمير اسكندر وحسين عبد الرازق المحررين بجريدة الجمهورية، وقد طلب منها أحد الموجودين أن تسرد لهم ما حدث في اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين يوم 15 \ 12\ 1972 فسردت ماحدث بالضبط.
وعندما واجهها المحقق بما ورد بمذكرة مباحث أمن الدولة أنها هاجمت في حديثها محمد حسنين هيكل وموسى صبرى وإحسان عبد القدوس ووصفتهم بأنهم عناصر متعفنة، قالت الكلام ده حصل فعلا لأنهم تعمدوا باستمرار أن يساهموا في قمع حريات الصحفيين وتعويق وجهات النظر المخالفة لهم وخضوعهم الكامل لتعليمات الرقابة والمباحث.
ثم سُئلت إن كانت قد توجهت هي وزوجها والشيخ إمام إلى كلية الآداب جامعة عين شمس يوم 21 \ 12 \1972 فأفادت أن نجم وإمام لم يذهبا لأن أحدا لم يذهب لإحضارهما من حوش آدم وأنها هي التي ذهبت تسأل عنهما في الجامعة وعلمت أن الندوة مُنعت بأمر المباحث ونصحها الطلبة بعدم حضور نجم وإمام حتى لا يعتدي عليهما بعض العناصر الطلابية المأجورة.
وسُئلت عن ترددها على الجامعة وظروف هذا التردد، فقالت أثناء وجودها بنقابة الصحفيين يوم 2 \ 1 \ 1973 حضر وفد طلابي من جامعة عين شمس إلى النقابة لمقابة النقيب لتسليمه بيانا طلابيا، فقامت بسؤالهم عما يدور الجامعة فأخبروها أنهم معتصمين بكلية الطب جامعة عين شمس فاستفسرت منهم عن إمكانية حضورها فأبدوا ترحيبهم فتوجهت بالفعل إلى مقر اعتصامهم يوم الأربعاء 3 \ 1\ 1973 بقصد الإشتراك معهم والتعرف على نوعياتهم وعند معايشتهم إنفعلت لموقفهم ووجدت نفسها ترحب بمشاركتهم الإعتصام؛ إذ أنهم عكسوا لها وجها مشرقا للجيل الجديد الذي كانت تجهله وتحدثت إليهم مؤيدة لهم في موقفهم الذي هو احتجاج سلمي على ماقامت به السلطة ضد بعض زملائهم الشرفاء، وكتعبير عملي عن هذا التأييد أعلنت انضمامها إلى إعتصامهم الذي كان قد بدأ منذ أول يناير 1973 بقصد الإفراج عن المعتقلين وتحقيق ممارسة الديموقراطية داخل الجامعة وإطلاق حرية الصحافة الجامعية.
وأضافت في أقوالها أنه في الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 3 \ 1 \ 1973 تداول الطلبة والطالبات حول موضوع نقل الإعتصام إلى حديقة الحرم الجامعي عين شمس على أساس أن الإعتصام بكلية الطب معزول وبعيد عن حضن الجامعة وجماهير الطلاب، ووفق على هذا الإقتراح وتوجهوا إلى حديقة الحرم الجامعي وهي معهم ومكثوا في الحديقة حتى المساء وعندما شعروا ببرودة الجو لجأوا إلى أحد مدرجات كلية الآداب حيث بات الطلبة في المدرج ولجأت الطالبات إلى المسجد المجاور، وفي صباح يوم الخميس 4 \ 1 \ 1973 إستأنفوا نشاطهم في الحديقة فانتهز المسؤولون الفرصة وأغلقوا المدرج وإزاء ذلك قرر الطلبة الإنتقال إلى إدارة الجامعة ومقر المدير وكان القصد من ذلك هو الاحتماء بالحرم الجامعي وخشية اقتحام الأمن المركزي وحتى يكون ما يحدث أمام مدير الجامعة، ولما بدأت مشكلة المبيت أخذ التصويت مرة أخرى على أن يتم داخل إدارة الجامعة. واستمر الإعتصام من يوم 4 \ 1 \ 1973 إلى يوم 11 \ 1 \ 1973 في المبنى المذكور حتى القبض عليهم.
وحتى يوم 7 \ 1 \ 1973 لم يشعر الطلبة بأي تقدم من ناحية السلطة تجاه موقفهم فأرادوا أن يصعدوا الموقف من ناحيتهم عن طريق الإضراب عن الطعام لأن هذا هو التصعيد السليم للإحتجاج السلمي واتفق على أن يبدأ الإضراب يوم 8 \ 1 \ 1973، وأضافت أنها أصدرت في يوم 7 \ 1 \ 1973 بيانا بذلك نصه: في اليوم الخامس لإعتصامي، تضامنا مع الإعتصام الطلابي لجامعة عين شمس الذي مضى عليه الآن سبعة أيام والذي يشكل باستمراريته وصموده شكل من أشكال الإرادة الرائعة والإصرار الجميل على المطلب الشعبي في تحقيق الديموقراطية وترسيخ مبدأ الممارسة الصادقة الفعلية لحرية الفكر والتعبير عن الرأي، أعلن تضامني مرة أخرى مع هذه الحركة الطلابية النزيهة؛أولا: بإدانة التشويه المتعمد لهذه الحركة الطلابية واحتجاجي الخارج من صميم الوجدان الشعبي، هذا التشويه الذي تشارك فيه بالدرجة الأولى الصحف المصرية كجزء من حملة إعلامية المقصود بها ضرب الحركة الطلابية لغير مصلحة شعبية.ثانيا: أعلن إضرابي عن الطعام إبتداء من يوم الإثنين الموافق 8 \ 1\ 1973 تضامنا وتدعيما لقرار الإضراب عن الطعام الذي اتخذته المجموعة التي تمثل قوة الإعتصام الطلابي بجامعة عين شمس بقصر الزعفران حتى يتم الإفراج عن جميع المعتقلين الوطنيين الذين بدأت سلسلة اعتقالاتهم يوم الجمعة 29 \ 12 \ 1972 والتي لاتزال جارية حتى الآن.
وقد تمت إحالتي بعد التحقيق في قائمة تضم 56 إسما، معظمهم من طلبة الجامعات، إلى محكمة أمن دولة عليا فيما زُعم أنها " الجناية رقم 1 سنة 73 أمن دولة الوايلي ـ كلّي ـ 131 سنة 73 نحن محمد حلمي راغب رئيس نيابة أمن الدولة العليا نتهم:......."...........إلخ!
Published on May 02, 2012 01:54
April 29, 2012
تداعيات مع مأساة الحلاج بعد الخلط غير المتعمّد بين "...
تداعيات مع مأساة الحلاج
بعد الخلط غير المتعمّد بين "الحلاج" المتصوف من القرن الرابع الهجري و"الحجاج" السفاح من القرن الأول الهجري، هرعت إلى ركن في مكتبتي أضع فيه مجموعة مؤلفات أخي وصديقي الشاعر صلاح عبد الصبور أبحث عن مسرحيته "مأساة الحلاج"، التي صدرت عن دار الآداب ببيروت 1965،والممهورة بإهدائه لي، بخطه الجميل الدقيق، نهاية عام 1966 مع "خالص مودته وتقديره"! الحمد لله لم يكن عليها أي غبار متراكم بسبب ترددي عليها كلما حاصرني الضيق أقتبس من أبياتها ما يهدئ من روعي، وأبتسم متذكرة احتجاجاتي: " شايف يا صلاح ما يكتبون؟" فيجيبني بهدوئه الساخر: "يا ستي ولا يهمك؛ يعني هم يكتبون على رأسنا؟"!
كتب صلاح عبد الصبور "مأساة الحلاج"، في الحقبة الناصرية، رسالة إدانة واضحة لـ "تكويش" سلطتها الإستبدادية القاهرة على مقدرات البلاد وعباد الله؛ تستحل قتل العلماء وتعذيب من يغريه تفكيره، من أي جانب، بالرأي الحر المعارض حتى يتحقق فيه الإنكسار والإذلال ويسود الخنوع وتخرج صيحة الإستسلام الناطقة بلسان الغضب المسحوق، التي جاءت في خاتمة قصيدة "مذكرات رجل مجهول" كتبها صلاح عبد الصبور متزامنة، بتوقيت كتابتها بين 1964 و1965، مع كتابته "مأساة الحلاج: " ها قد سلّمت لكم قد سّلمت، ضاعت بسماتي ، لم تنفعني فلسفتي، سلّمت، كٍُسرت راياتي، عجزت عن عوني معرفتي، سلّمت، وشجاعا كنت لكي أنضو عن نفسي ثوب الزهو المزعوم، وشجاعا كنت لكي أتهاوى عريانا أثني ساقي، أستصرخكم: هل تدعوني وحدي؟ وكفاكم إني سلّمت؟ أم تضعوني في لحدي؟ كونكم مشئوم، كونكم مشئوم"، وتسبق هذه الصيحة المحتجة، التي تبدو كأنها تقبل الهزيمة، حيثياتها المؤدية إليها و منها: "هذا يوم كاذب، قابلنا فيه بضعة أخبار أشتات لقطاء، فأعنّاها بالمأوى والأقوات وولدنا فيه كذبا شخصيا، نمّيناه حتى أضحى أخبارا تعدو في الطرقات، هذا يوم خوّان، سألونا قبل الصبح عن الحق الضائع، فنكرناه وجحدناه.............هذا يوم بعناه للموت اليومي، بحياة زائفة صلدة، وفرحنا أنـّا ساومناه، وخدعناه، ومكسناه" و "الأبنية المرصوصة في وجه المارين سجون ............والأيام الأشراك، من تحت ملاءتها أخفتها عنا مائدة الإفطار........"!
إختار صلاح مخاطرة "الجهر بالكلمات" التي كان عليها ، مع ذلك، أن تتخفى وراء رمز تاريخي، مثل "الحلاج" يتعلق بثوبه يختبئ في أقواله ليعرض أحوال زمانه، "الفقر هو القهر، الفقر هو استخدام الفقر لإذلال الروح، الفقر هو استخدام الفقر لقتل الحب وزرع البغضاء............."، ولم يكن أمام ثورة جيل صلاح عبد الصبور الشبابية ضد الطغيان في الستينيات سوى ذلك التحايل!
في إطار إنعاش الذاكرة بعرض مسرحية "مأساة الحلاج"، التي أخرجها سمير العصفوري على مسرح دار الأوبرا الخديوية في الموسم المسرحي القاهري 1967 \ 1968، وذلك قبل الإحتراق الغامض للمبنى التاريخي العريق 28 أكتوبر 1971، أذكر رفضي أخذها كوثيقة تاريخية لقصة الحسين بن المنصور الحلاج، وإن أشار إليها الكثيرون وحاسبوها باعتبارها كذلك، ولعل مرجع التشويش يعود إلى التذييل الذي أرفقه المؤلف بالنص فأوحى فعلا بأنه يعني أن الرواية تاريخية، غير أن استقبالي شخصيا للمسرحية كان باعتبارها محك أشجان عصرية،وقد سمح لي هذا الإستقبال برؤية خاصة وقت عرضها، في الحقبة الناصرية، توضحت من خلال ما اعتبرته سقطات الإخراج حين برز التناقض الداعي للسخرية بين كلمات تقولها شخصية الحلاج مثل "بدني الناحل وجلدي المتغضن" وبين ما كنا نراه معاكسا تماما للحقيقة والكلمات تجري على لسان ممثل، ( محمد السبع)، متورد الوجه عظيم البدن! وقد جعلني هذا التناقض أرى قيمة واقعية مخالفة لرمز الحلاج المتصوف فرأيته عند ذلك: المثقف المتخم الذي أفسده تدجين السلطة أو الفنان المستريح الذي أخذ النضال قضية جدل ونقاش وحوار وحيرة ثرثارة مضيعة للوقت عن أيهما يختار: "أرفع صوتي أم أرفع سيفي" ومؤيد الصوت والسيف كلاهما يتكلمان ولا يفعلان!
وكم يكون لطيفا لوعنّ لمخرج شاب، من أيامنا هذه، أيام العصر الذي فرضته "25 يناير 2011"، تقديم هذا النص مؤكدا على إبراز التناقض المادي، الواقع بالفعل، بين الكلمات وقائليها؛ بين عناوين الأشياء وبين شكلها الحاصل، بحيث تكون " خرقة المتصوف"، التي يتردد لفظها والإشارة إليها رمزا للزهد المزعوم، تكون مثلا قطيفة ثمينة أو حريرا مرصعا بالأبهة ومثقلا بالإنعام وجوائز \ رشاوى السلطان. لو بدأ المخرج من هذه الزاوية لتوضح الكثير من جوانب العمل ولأمكن أن يقدم مفارقات ساخرة تلاحقها ضحكات، من شر البلية، التي تدمع معها العيون إحساسا بواقع المأساة التي لم تفارقنا منذ عرض المسرحية 1967 حتى الآن؛ منذ أحسسنا الفجوة المفجعة بين القول والفعل.
إن الموصول بين الماضي والحاضر هو الثورة المقاومة الرافضة للقهر والإفساد، مهما اشتد بغي القتلة واللصوص وفرحوا بما أوتوا وظنوا أنهم قد ملكوا الأرض واستعبدوا أهلها، فوعد الله سبحانه أن يأخذهم بغتة فإذا هم مُبلسون.
بعد الخلط غير المتعمّد بين "الحلاج" المتصوف من القرن الرابع الهجري و"الحجاج" السفاح من القرن الأول الهجري، هرعت إلى ركن في مكتبتي أضع فيه مجموعة مؤلفات أخي وصديقي الشاعر صلاح عبد الصبور أبحث عن مسرحيته "مأساة الحلاج"، التي صدرت عن دار الآداب ببيروت 1965،والممهورة بإهدائه لي، بخطه الجميل الدقيق، نهاية عام 1966 مع "خالص مودته وتقديره"! الحمد لله لم يكن عليها أي غبار متراكم بسبب ترددي عليها كلما حاصرني الضيق أقتبس من أبياتها ما يهدئ من روعي، وأبتسم متذكرة احتجاجاتي: " شايف يا صلاح ما يكتبون؟" فيجيبني بهدوئه الساخر: "يا ستي ولا يهمك؛ يعني هم يكتبون على رأسنا؟"!
كتب صلاح عبد الصبور "مأساة الحلاج"، في الحقبة الناصرية، رسالة إدانة واضحة لـ "تكويش" سلطتها الإستبدادية القاهرة على مقدرات البلاد وعباد الله؛ تستحل قتل العلماء وتعذيب من يغريه تفكيره، من أي جانب، بالرأي الحر المعارض حتى يتحقق فيه الإنكسار والإذلال ويسود الخنوع وتخرج صيحة الإستسلام الناطقة بلسان الغضب المسحوق، التي جاءت في خاتمة قصيدة "مذكرات رجل مجهول" كتبها صلاح عبد الصبور متزامنة، بتوقيت كتابتها بين 1964 و1965، مع كتابته "مأساة الحلاج: " ها قد سلّمت لكم قد سّلمت، ضاعت بسماتي ، لم تنفعني فلسفتي، سلّمت، كٍُسرت راياتي، عجزت عن عوني معرفتي، سلّمت، وشجاعا كنت لكي أنضو عن نفسي ثوب الزهو المزعوم، وشجاعا كنت لكي أتهاوى عريانا أثني ساقي، أستصرخكم: هل تدعوني وحدي؟ وكفاكم إني سلّمت؟ أم تضعوني في لحدي؟ كونكم مشئوم، كونكم مشئوم"، وتسبق هذه الصيحة المحتجة، التي تبدو كأنها تقبل الهزيمة، حيثياتها المؤدية إليها و منها: "هذا يوم كاذب، قابلنا فيه بضعة أخبار أشتات لقطاء، فأعنّاها بالمأوى والأقوات وولدنا فيه كذبا شخصيا، نمّيناه حتى أضحى أخبارا تعدو في الطرقات، هذا يوم خوّان، سألونا قبل الصبح عن الحق الضائع، فنكرناه وجحدناه.............هذا يوم بعناه للموت اليومي، بحياة زائفة صلدة، وفرحنا أنـّا ساومناه، وخدعناه، ومكسناه" و "الأبنية المرصوصة في وجه المارين سجون ............والأيام الأشراك، من تحت ملاءتها أخفتها عنا مائدة الإفطار........"!
إختار صلاح مخاطرة "الجهر بالكلمات" التي كان عليها ، مع ذلك، أن تتخفى وراء رمز تاريخي، مثل "الحلاج" يتعلق بثوبه يختبئ في أقواله ليعرض أحوال زمانه، "الفقر هو القهر، الفقر هو استخدام الفقر لإذلال الروح، الفقر هو استخدام الفقر لقتل الحب وزرع البغضاء............."، ولم يكن أمام ثورة جيل صلاح عبد الصبور الشبابية ضد الطغيان في الستينيات سوى ذلك التحايل!
في إطار إنعاش الذاكرة بعرض مسرحية "مأساة الحلاج"، التي أخرجها سمير العصفوري على مسرح دار الأوبرا الخديوية في الموسم المسرحي القاهري 1967 \ 1968، وذلك قبل الإحتراق الغامض للمبنى التاريخي العريق 28 أكتوبر 1971، أذكر رفضي أخذها كوثيقة تاريخية لقصة الحسين بن المنصور الحلاج، وإن أشار إليها الكثيرون وحاسبوها باعتبارها كذلك، ولعل مرجع التشويش يعود إلى التذييل الذي أرفقه المؤلف بالنص فأوحى فعلا بأنه يعني أن الرواية تاريخية، غير أن استقبالي شخصيا للمسرحية كان باعتبارها محك أشجان عصرية،وقد سمح لي هذا الإستقبال برؤية خاصة وقت عرضها، في الحقبة الناصرية، توضحت من خلال ما اعتبرته سقطات الإخراج حين برز التناقض الداعي للسخرية بين كلمات تقولها شخصية الحلاج مثل "بدني الناحل وجلدي المتغضن" وبين ما كنا نراه معاكسا تماما للحقيقة والكلمات تجري على لسان ممثل، ( محمد السبع)، متورد الوجه عظيم البدن! وقد جعلني هذا التناقض أرى قيمة واقعية مخالفة لرمز الحلاج المتصوف فرأيته عند ذلك: المثقف المتخم الذي أفسده تدجين السلطة أو الفنان المستريح الذي أخذ النضال قضية جدل ونقاش وحوار وحيرة ثرثارة مضيعة للوقت عن أيهما يختار: "أرفع صوتي أم أرفع سيفي" ومؤيد الصوت والسيف كلاهما يتكلمان ولا يفعلان!
وكم يكون لطيفا لوعنّ لمخرج شاب، من أيامنا هذه، أيام العصر الذي فرضته "25 يناير 2011"، تقديم هذا النص مؤكدا على إبراز التناقض المادي، الواقع بالفعل، بين الكلمات وقائليها؛ بين عناوين الأشياء وبين شكلها الحاصل، بحيث تكون " خرقة المتصوف"، التي يتردد لفظها والإشارة إليها رمزا للزهد المزعوم، تكون مثلا قطيفة ثمينة أو حريرا مرصعا بالأبهة ومثقلا بالإنعام وجوائز \ رشاوى السلطان. لو بدأ المخرج من هذه الزاوية لتوضح الكثير من جوانب العمل ولأمكن أن يقدم مفارقات ساخرة تلاحقها ضحكات، من شر البلية، التي تدمع معها العيون إحساسا بواقع المأساة التي لم تفارقنا منذ عرض المسرحية 1967 حتى الآن؛ منذ أحسسنا الفجوة المفجعة بين القول والفعل.
إن الموصول بين الماضي والحاضر هو الثورة المقاومة الرافضة للقهر والإفساد، مهما اشتد بغي القتلة واللصوص وفرحوا بما أوتوا وظنوا أنهم قد ملكوا الأرض واستعبدوا أهلها، فوعد الله سبحانه أن يأخذهم بغتة فإذا هم مُبلسون.
Published on April 29, 2012 13:54