كوثر الجهمي's Blog, page 5

March 7, 2022

أرض الزقوم

 


*نُشرتْ على فاصلة


ولأنّي كرهتُ الحرام، بقيتُ بلا راتب لخمسة أعوام قابلة للتمدّد.

انتقلتُ بعدَ زواجي للإقامة في العاصمة، وكان أمرًا بَدَهيًّا أن أبدأ من ثمّ في إجراءات الانتقال الوظيفي. قيلَ لي إنّ راتبي سيَتوقّف حتى أجل غير مُسمّى ولَم أصدّق، فأنا أتّبع الإجراءات القانونيّة.

قيلَ لي: ستُساعدك إدارة مدرستك، وسيَتم تسجيل حضورك فيها، وسيَنزل راتبك دون حاجة إلى المُداومة ودون حاجة إلى جدول...
قلتُ لهم: حرام!

قيلَ لي: يا هبلة! سينزل راتبك في قريتك وأنتِ مرتاحة في بيتك مع زوجك!
قلتُ لهم: حرام!

قيلَ لي: نحنُ قرية صغيرة، والناس فيها يعرفون بعضهم، ولن يتردّد مدير المدرسة الطيّب هذا في التغاضي عن عدم حضورك، لا، ولن يتردد حتى مدير رقابة التعليم ولا موظّفوه، هؤلاء موظّفون في الدولة ويَسمحون لك بذلك!
قلتُ لهم: حرام!

قيلَ لي: تَحمّلي إذًا عقبات ما سيحدث لك.

وتحمّلتُ، وتحمّلت… حتى التُّخمة!

لأنّي رفضتُ الحرام، تحمّلتُ موظفين وموظفات غير راغبين في العمل، وكلّما جئتهم بمسوِّغات مطلوبة، طلبوا غيرها. تحمّلتُ الطواف حول المباني الإدارية والسعي بين مكتب وإدارة وإدارة ومكتب، تحمّلتُ مشاهد السفنز والكيك والشاي والقهوة المختلطة بأوراق ومعاملات الناس، تحمّلتُ تأفُّفَهم من وجودي واستهجانهم زياراتي المتكررة.

مدير في إحدى المصالح الحكومية التي أسعى بينها سألني: لِمَ انتقلتِ وقد كان بوسعك أن تتلقّي راتبك من مسقط رأسك دون حاجة إلى عملك هناك؟

لَم أردّ عليه كما كنت أفعل في السابق، فقد بدأتُ أشكّ في معايير الحرام والحلال التي أعرفها.

وحين ادّعتْ إحدى الموظفات نفاد حبر الطابعة لورقة أحتاجُها وخرجتُ من مكتبها ذليلة، سمعتُ قهقهتها وزميلتها، ثم صوت الأخرى تطلب منها الإسراع في طباعة ورقةٍ ما لها! وتساءلتُ: هل طعم الحرام لذيذ؟!

تُخبرني قريبة لي أنّ أفضل وسيلة هي "التبحبيح"، أي الرشوة، تقولها ثم تنطلق عائدة إلى شقّتها الكائنة في إحدى العمارات المأخوذة عنوَة مِن مُلّاكها، أو الذين دفعوا دفعات مقدّمة لحجزها قبل سنوات طويلة. هل تعي قريبتي في أي بحر هي غارقة؟

حين قرّروا في نهاية المطاف التخلّص مني، أرسلوني لاستخراج وثيقة ما من مكتب عرفتُه، فجارنا العزيز يعمل فيه؛ فرحتُ وقلتُ في نفسي: خلاص، فُرِجَتْ!

فإذا بزميله يطلب منّي العودة بعد شهر أو اثنين، ريْثما يجدون بديلًا عن جارنا، سألته: وهل استقال؟ قال: لا، ولكنه نازح هُدِم بيته وما يزال نازحًا في مدينةٍ أخرى...

لقد رأيتُ جارنا صباح اليوم وألقى عليّ التحية. تقول زوجته إنّه يتعب في العمل، ولا أدري ماهيّة عمله هذا! تقول زوجته: الراتب والله ما يسدّ، البركة منزوعة من الوقت والفلوس!

تُراها تقصد الراتبين معًا؟ أم راتبه الحكومي الذي ينزل له شهريًّا بلا عمل، وبكذبة؟ ومن أين ستأتيكم البركة يا حاجّة؟ أم تُراني أنا التي تهذي؟!

لأني رفضتُ الحرام -أو ما بتُّ أظنه حرامًا- اكتشفتُ صدفةً أن أوراقي ومستنداتي جميعها ضاعت، اختفت، انتهتْ، وصار لزامًا عليّ الآن أن أبدأ مجدّدًا في جمع الأوراق، تصويرها، ختمها، توقيعها، بالطّواف والسعي سبعين أسبوعًا.

بدأ الندم يتسلّل إلى قلبي، هل سأكون المَلاك الوحيد وسط هؤلاء؟ في غمرة حيرتي، عاد زوجي بأَسًى جديد وهمّ عظيم أرخى كتفيه وأظلم وجهه، فهو عازم على تقديم استقالته!

- ما خطبك؟! أنا على وشك ولادة طفلنا الثاني، ولا راتب لي... كيف سنعيش؟
- الرزق على الله يا سميرة.

وحين أنصتُّ إليه، عرفتُ أنّ مديره يدعوه إلى مشاركتهم مائدة عظيمة مِن ثمار الزَّقّوم، يأنف زوجي الملعون بلعنتي المشاركة فيها، يقول إنه دُعي باستمرار لاستغلال منصبه، يحثّه مديره على الشفط واللهط، يقول له: "طشّة زقيقيم شن بيديرلك؟! استفيد من مكانك توّا قبل لا تندم"... وَوَدّت الزانية لو أنّ النساء كلّهن زواني!

ضاقت عليْنا إذًا، نحن نعيش في أرض يُعدّ فيها الزّقّوم بضاعة مدعومة، من رأس الدولة إلى أصغر حُرّاسها.

- هل سيَضرّنا بعض الزّقّوم يا صلاح؟

تأمّلَني قليلًا قبل أن يُجيبَني:
- جرّبيه، وأطعميه لطفلك هذا والذي في بطنك معك! ولنَرَ...

حَوْقَل ثُمّ أضاف:
- أنتِ تعرفين جيدًا ما الحرام وما الحلال، ولكن ربما لَم يخبرك أحد أنّ الحلال أصعب!

إلى أي حدّ سنَمضي في الطريق الصعب؟ لستُ واثقة، أنا واثقة فقط أنّي سأعجز عن وضع رأسي فوق وسادتي إن تناولتُ حبّة زقّوم واحدة من هذه الأرض الخصبة به.

- كتابة | كوثر الجهمي
- تدقيق | نِسرين أبولويفة
- مراجعة | آية أبو سعيدة

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 07, 2022 01:22

الفرصة الملتهبة




 يُعدّ الاستعراض عنصرًا أساسيًّا لدى معظم الأبطال الخارقين في الكرتون بدءًا من جريندايزر، أو حتى في مسلسلات الأطفال مثل سلسلة الباور رينجرز؛ إذ تسبق لحظات الهجوم هتافات تحمل أسماءهم أحيانا، او حوارًا قصيرًا جدًّا غنيًّا جدًّا بالتهديد والوعيد، تليها لحظات تسطع فيها انفجارات أحيانًا وأضواء فسفورية أحيانا أخرى حول البطل/ البطلة/ الأبطال، فتتغير أزياؤهم فجأة (وتعود فجأة أيضًا بقدرة قادر بعد انتهاء الصراع)، وتقفز الأسلحة أو الآليات بين أيديهم من العدم، ويرافق هذا التحول العظيم بضعة حركات وشقلبات وركلات استعراضية مبتذلة للقدرات الجسدية، ثم تُختتم بوقفة عزّ وشموخ، ولا بدّ أن تحمل هذه الوقفة بعض الغنج إن كان البطل أنثى (الدعسوقة مثلا).

المهم.. لطالما تساءلتُ: لِمَ لا ينتهز الغريم هذه اللحظات الثمينة؟ لِمَ يقف موقف المشاهد أمام الاستعراض؟ كنت دومًا أقول بيني وبين نفسي سرًّا كي لا يعتقد أحدهم أني في صفّ الشر: هذه فرصته!كيف يقف بلا حراك منصتًا إليهم يهتفون: دوق فليد.. الضربة الملتهبة.. الأسد الخارق.. الضوء اللامع.. القفزة المنعوجة.. الركلة المشتعلة.. النملة المنفطسة... كيف!؟أوه.. لحظة.. أهذا ما فعلتْ روسيا مع أوكرانيا في لحظة اعتزاز بالنجمات الأوروبية؟ ربّما! أحدهم انتهز الفرصة وفعلها.فلنكن أقل وهمًا، وأكثر تواضعًا كي تقلّ فرص النيل منَّا، رغم أن الحياة ستفعل على أيّ حال.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 07, 2022 01:13

March 6, 2022

ابن عُمر: سيرة مدينة

 



حين كنت في منتصفها انتابتني بعض الغيرة، ووددتُ لو وُلد هذا العمل بقلمي، والأسباب لا تحير:

* يقدم الكتاب سيرة حياة متخيلة لشخصية رجل ليبي، منذ لحظة ولادته، صراعاته ونزاعاته، لحظات فرحه وترحه، في إطار روائي تاريخي لا يهمل أحداثا فاصلة مرت بها مدينة طرابلس، فيعرضها ضمن سياق شخصي دقيق، فلا تعود سيرة حياة متخيلة بل جزء من سيرة المدينة.

* يقدم الراوي شخصية تبتعد في مواقفها عن المثالية والابتذال، فنحن نراقب شخصية ابن عمر، نتفق معه أحيانا ونختلف أحيانا أخرى ولكننا نظل في حالة ترقب للخطوة التالية التي سيخطوها ولقراره القادم.

* هذا عمل فخم بمحتواه، غني بأوصافه وأجوائه وتفاصيله، سيّما وزمن أحداثه من أغنى وأثرى ما وصلنا عبر المخطوطات واليوميات، زمن من حكم الأسرة القرامنلية.

* الكاتب يحترم قرائه، وهذا يبدو جليًّا بين سطور الرواية، سواء من حيث تأثيث المشاهد أو الشخصيات، أو قوة الحبكة وتماسكها، وأنا أحب القراءة لهذا النوع من الكُتّاب والروائيين


استمتعت جدا بقراءتها، وتألمت أيضا...


ربما لي مآخذ بسيطة ولكنها لم تحمل وزنا عندي فهذه الرواية الأولى لمحمد حمودة، أولها بعض مقاطع الحوارات التي ارتأيت ألا ضرورة فنية لها، ثانيها كثرة أسماء الشخصيات مما أربكني بعض الشيء خاصة في منتصفها.


النهاية منصفة وجميلة. أنا في انتظار جديد حمودة.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 06, 2022 22:58

December 3, 2021

الروائية عائشة ابراهيم: كوثر الجهمي صانعة الفخاخ العجيبة



هكذا وجدت نفسي، وبتواطؤٍ مني، قد وقعت في فخ رائع نصبته الروائية كوثر الجهمي عبر روايتها (عايدون) الفائزة بجائزة مي غصوب للرواية 2019. أخذتني في تجربة متميزة، طيلة صفحات الرواية المئة وسبعين، اتعقب خلالها شخصيتين فريدتين، بطلتا الرواية: السيدة الإعلامية غزالة الكريتلي، وابنتها الشابة (حسناء)، وتسرد الرواية أحداثاً عاشتها هذه الأسرة الصغيرة بعد عودة الأم من مهجرها (سوريا) لتعيش شعور اغتراب جديد في بلد يشهد تحولات الحرب وصراع النفوذ والايدلوجيا، ثم تجد الأسرة نفسها مجبرة على الهجرة من جديد بعد أحداث عنف عاشتها طرابلس في العام 2014، ومحاولة اختطافٍ تعرضت لها حسناء بسبب نشاطها الإعلامي المناهض للتشكيلات المسلحة.الرواية اعتمدت على تقنية تعدد الأصوات في السرد، من خلال صوت الأم وصوت الابنة، إضافة إلى صوت الجد وصديقة الابنة، لكن المدهش حقاً أن تلك الأصوات تصلك حارة ونابضة، وكأنك في حالة تلقّي اعترافات، وتجد نفسك أمام بوح حقيقي وتجربة ناضجة وعميقة تناقش بوعي مفهوم الاستقلالية والتحرر والانفتاح على الثقافات والتجارب الإنسانية، تجعلك في حالة توحد مع الشخصيات، وتأخذك إلى تفاصيلها، بثقافة المرأة التي تعيش حياة مستقلة، وحالاتها الإنسانية كأنثى وأم وأرملة وسيدة مثقفة مكتظة بالمشاعر والرؤى والأفكار، وكذلك شخصية الابنة التي تعبّر عن تيار شبابي مقاوم ومتمرد ويرتكز على ثقافة مدنية ورؤية منفتحة على الحياة.(عايدون) رواية استطاعت أن تطرح بحبكة جميلة قضية العائدين من المهجر، وكيفية تعايش هذه الأسرة في مجتمع مغرق في تقليديته، وناقشت قضايا التحولات التاريخية وتجربة الاغتراب ومعاناته ومفهوم الانتماء وصراع الهويات، والفروق الحضارية، وفلسفة الاختلاف والنمطية والاستثناء، وأيضا الدوافع النفسية وعلاقتها بالسلوك ومستويات الوعي الجمعي والأخلاق.اللافت في الأمر أنه مع كل صوت من أصوات الرواية (الأم والابنة) أشعر بحالة من التماهي كأنني فعلا استمع إلى صوت تلك الشخصية وتتجسد أمامي صورة غزالة الكريتلي بجمالها المتجذر من أصول يونانية، ببحة صوتها من أثر تدخين السجائر، بأرستقراطيتها وهيبة حضورها. وبين ملامحها وصوتها وأفكارها، تسيطر عليّ فكرة أنني حقاً أراها تطل بوجهها من بين الصفحات، أتعرف على أسرارها، وألاحق معها هواجسها وأحداث حياتها المتشابكة، وهنا يأتي الفخ الحقيقي، حين استعيد واقعيتي وأتذكر أن غزالة الكريتلي هي شخصية روائية صنعتها كوثر الجهمي، وأن كل هذه التجربة الثقافية والإنسانية العميقة التي رافقت غزالة، هي من صنع خيال كوثر الجهمي، وهي وحدها صاحبة كل هذه المناورات والمقاربات الفلسفية، هي وحدها صانعة هذه الحبكة المدهشة وفخاخها العجيبة.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 03, 2021 12:22

November 19, 2021

لا تقرأ!

 


عمرك سألت نفسك ليش تقرأ؟ 

هل القراءة واحدة والا تختلف بين قارئ وآخر؟ وهل في قراءة صحيحة وأخرى خاطئة؟... 

مهما كان شكل بدايتك مع القراءة، حابة نقولّك وقّف شوية... لا تقرأ!... أنا كوثر الجهمي، وهذي الحلقة الثانية من بودكاست الحكواتية. 

https://anchor.fm/kawther-jahmi/episo...

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 19, 2021 04:07

November 15, 2021

الحقير

 


أنا الحقير!

انطق قُلها!

أما الحريّة!؟ فاخرس!

لا حرّيّة إلا تلك التي أُفصّلها على مقاسي، ولا كرامة لك أيها المسكين إن اعترضت كرامتي، أو كرامة جيبي وحساباتي المصرفيّة.

أنا الحقير... قلها فأنا لا أُبالي، بيدي ملكوت خبزك، وأعلافك، وأنا بوسعي أن أحشو في فيك نعالي...

سيأكلنا الدود جميعًا في النهاية؟ كليشيهات وعظيّة سخيفة، أنا أعرف ذلك، ولكني مستمرّ إلى النهاية، فغايتي هي رحلتي، وغايتك هي قبرك.

مغفور ذنب كلّ الطغاة ماداموا يأكلون فُتاتي، وملعون ذاك الطويغة (أو مشروع الطويغة) الذي جاء بِعجلٍ سمين ليأخذ مكاني... أما انت؟ أنت خارج المسألة، أيّها الساذج المغفّل، مسموح لك فقط بتمجيدي وتمجيد طغياني والركوع عند قدميّ أنا وأشباهي، ممنوع انت من الصرف إلا بصكوكي المصرفيّة أو خلف سواتري الرمليّة، ممنوع انت من التنفس والكلام والوقوف، إلا تحت راياتي، أو تحت مؤخرتي.

قلها ولا تخف! فنحن دولة ديمقراطيّة.. اصرخ واشكُ وابكِ... لن أمنعك، لن أجلدك فنحيبك يطربني... أرأيتَ كيف أنّي خيرٌ ممن سبقوني؟

ولكن إيّاك أن تقرّر، أو تُفكّر في القرار، إياك أن تنفّذ غايةً غير غاياتي، وإلا أخرجتك من الهاوية إلى سقر، لا تبقي ولا تذر، وعهدٌ مني ألّا أُبقي منك لا ذرّة ولا أثر.

أنا الحقير طبعًا! هذا قدري، وقدرك أن تلعق حوافري.. وسأظلّ حقيرًا ما حييت، قلها! أرأيت كم أنّي ديمقراطي نزيه؟


1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 15, 2021 02:49

November 8, 2021

الزواج السعيد في المجتمع الفريد (كتاب رقمي)


لا يُقدّم هذا الكتاب أي حلول، وهو ليس دليلًا للحياة الزوجية السعيدة، فما ينقصنا قبل وضع المعايير خطوة أهمّ؛ اكتشاف منابع العلل، وتجفيفها أوّلًا، وهذا يعني الاعتراف بمواضع النقص والتقصير.

هذا الكتاب يقدّم –فيما أحسب وأرجو-  بعض المعالجة لبعض المظاهر  التي تتسم بها منظومة الزواج والأمومة والتربية في المجتمع الليبي بشكل خاص، وفي المجتمع الشرقي بشكل عامّ.

قدّمت في هذا الكتاب ستّ مقالات بالخصوص، بعضها كُتب بأسلوب ساخر، والآخر بحنق وحيرة وتساؤل. نُشرتْ هذه المقالات عبر منصة فاصِلة، حاولتُ فيها وضع خبرتي المتواضعة الناتجة عن تجربتي زوجةً وأُمًّا متفكّرة في حالي وحال أمثالي، تجربة عمرها اثني عشر عامًا، كانت متخمة بأوقات صعبة ورائعة، متأرجحة بين الشّكّ تارة والثقة تارة أخرى، بين الامتنان والخوف والرهبة، ولستُ هنا أدّعي وصولي إلى التوليفة الصحيحة لبناء أسرة صحّيّة، فأنا في حالة جهاد مستمرّة، إنما أحاول تسليط الضوء على مظاهر ومواقف ومشاكل قد تعيق بناء الأسرة السليم، ولم أتمكّن بعد من الإلمام التامّ، ولا أحسبني سأفعل.

لتحميل الكتاب بصيغة pdf، اضغط أو اضغطي على عنوان الكتاب:

الزواج السعيد في المجتمع الفريد

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 08, 2021 07:54

November 5, 2021

كيف تصبح سيّد إلهامك؟


 في هذه الحلقة أحاول فهم معنى الإلهام أو الوحي، أو المفهوم الذي يتكئ عليه كثير من المبدعين في شتى صنوف الإبداع، سيّما ما تعلق منها بالكتابة. كيف يمكننا استدعاء هذا الإلهام بدل انتظاره؟ وكيف يمكن الاستفادة من العصف الذهني، وما أدواته؟ هنا تجربتي الشخصية. 

استمتعوا بالاستماع 😊 

https://anchor.fm/kawther-jahmi/episo...

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 05, 2021 09:26

منظومة القهر الوطني


*نُشرتْ على فاصلة 31 أكتوبر 2021


 كُلُّ الدلائل كانت تشير إلى أنَّ مصدر الانفجار هو رأسها لا غير، حرفيًّا.


حسنًا، لم يكن الأمر إذًا مجرّدَ شائعة، والمرحومة كانت تَعني ما تقولُ حينَ سمعها الجيران مِرارًا تصرخ في صغارها: "راسي بيتفجّر!".


جلس زوجها مطأطئًا، متفاجئًا، ساهمًا على شفير الهذيان، قبالة رجل التحرّيات، يرافقه الطبيب الشرعيّ الذي لم تقابله من قبل جثةٌ بهذا الشكل، الرأس مُهشّم بالكامل، وكأنّ أحدهم حشاه بالديناميت.


- ما اسم المرحومة الرباعي؟


ردَّ بعد هنيهةٍ من التردُّدِ والحيرة والتفكير:

- صعب نقولّك يا أفندي.


نشق بأنفه ثُمَّ واصل أمام استفهام المتحرّي:

- في جواز السفر، اسمها سلمى عمران عبد الحميد الفاخري، في شهادة ميلادها الإلكترونية هي: سليمى عمّار عبد المجيد الفخاري، في شهادات ميلاد صغارنا الإلكترونيّة هي سلوى عامر عبد القدير فخران...

- أنتَ وامّاليها شن تقولولها؟

- نعرفها "سالمة عمر عبد الفتّاح الفايدي"، هكّي مكتوب في عقد الزواج.

- شن هالسلاطة؟!

- القصّة يا أفندي بدت من لمّا عرفنا حاجة اسمها منظومة الرقم الوطني، كانوا غالطين في لقبها بس عدّلناه بعد جولة ومعاناة بين الدوائر والمكاتب، وبعد ما استهلكنا ورق يستهلكه طالب في عام دراسي كامل، لكن لمّا تعدل اسمها في شهادة الميلاد، كان فات وقت تصحيحه في منظومة الجوازات، اللي اكتشفنا بقدرة قادر أنَّ حتّى اسمها واسم بوها وجدّها فيه مكتوب غلط…


ووقتها حتّى الصغار كانوا خشّوا مدارس، ولمّا قرّرنا ننتقلوا من بلديّة لبلديّة ونطلّعوا الصحايف الإلكترونية لصغارنا اكتشفنا أنّهم وَلُّوا اخترعوا اسمها، وأنّها متسجّلة في المركز الوطني باسم جديد… ولمّا مشينا نعدّلوا اسمها في وثائق الصغار، وّلُّوا وغيّروا اسمها في منظومة السِّجِل المدني.


الحق، ركبني الشك حتّى أنا؛ بديت نضبّحلها "يا مرا، يا أم محمد..."، والصغار يعرفوها ماما بس، إلّا بوها وأمّها الله يرحمهم كانوا ينادوا عليها سالمة زي ما مكتوب في عقد زواجنا، وأظن أنّ هذا هو اسمها الحقيقي.


كُل مرّة نمشوا نردموا حُفرة ونعدّلوا اسمها في تركينة نلقوا حُفرة جديدة وغلط جديد في تركينة ثانية، وفي كل مرّة لمّا نكتشفوا غلطة جديدة تبدا المرحومة تسِبّ وتلعن، وتشد في راسها وتقول: "راسي بيتفجّر!".


تبّي الحق، الحاجات الإلكترونيّة هذي تبّي ناسها، همّا قتلوها! همّا اللي يدخّلوا في بيانات منظومة الرقم الوطني، همّا ما فيش غيرهم.


- تو مش شغلك هذا، ما زال موضوعها مش واضح، وأنتَ المُتّهم الأوّل يا... ذكّرني باسمك؟

- تبّيه زي ما مكتوب في شهادة الميلاد ولّا البطاقة ولّا في مستندات الصغار ولّا في الجواز ولّا في...

- بس... خلاص شن هذا؟! طلّعلي بطاقتك.

_______


باتَ الزوجُ تلكَ الليلةَ تحت ذِمّة التحقيق، لم تنتهِ عمليّة التحقيق نظرًا إلى حدوث الانفجار الثاني، الذي أشارت كلُّ الدلائل لاحقًا بأنَّ مصدره هو رأسه لا غير، تمامًا كزوجته... وبقيتْ القضيّة مفتوحة، مستفزّة، غامضة، تعجيزيّة، عويصةً على الفهم.


سُجّلتْ المرحومةُ وزوجها في شهادتَيْ الوفاةِ باسمَيْهما المكتوبَيْن في عقد الزواج، باعتبار أنَّ العقدَ كُتب بخطِّ اليد وفي حضور وكِيلَيْهِما والشهود! وهما اسماهُما الصحيحان اللذان حُرما منهما في جميع الوثائق الرسميّة خلال حياتَيْهما، ولم يصعُب على صغارهما حين كبروا أن يزوروا قبرَيْهما.


غيرَ أنَّ لعنةَ الأسماءِ المُتعدّدة، والقهرَ البيروقراطي، وضياعَ الأوراق، والطوافَ بين الدوائر الإداريّة، كلّها باتت إرثًا عائليًّا، ينتقل من جيل إلى جيل، ضاعت الأسماءُ الأولى، وتعدّدَت الهُويّات، وتكاثر القهر من النوع الوطنيِّ الممتاز، بحيث بات من الممكن تصديرُه إلى كلِّ دول العالم، ويزيد…


وفي ركن ما، في مكتبٍ ما، كان هناك طفلٌ متعجرف، تعلّم لتوّهِ الحروف الأبجديّة، والأرقام من 1 إلى 100، لا يُميّز بعدُ بين التاء والثاء، أو بين الدال والذال، أو بين الجيم وأخواتها… يجلسُ على كرسيٍّ مكتبيٍّ مُريح، وُضعت فوقه وسادتان ليرتفعَ مستوى الجالس أمام مكتبٍ بشاشة كمبيوتر مسطّحة حديثة، ولوحة مفاتيح أكبر من راحتَيْ يديه، يضرب عليها بأصابعه محاولًا إدخالَ بيانات أحدِ المواطنين البؤساء، كبؤس سالمة وزوجها وذُرّيتهما.


سيكبرُ هذا الطفلُ المتعجرف يومًا ما، ويتحوّل إلى رجُل بأذنين طويلتين من الدرجة الرفيعة، بشكل سيسمح له أن يمسكَ بيديه تقرير مصير عددٍ أكبرَ من البؤساء، وسيأتي مكانه طفلٌ متعجرف آخر، ليجلس على منظومة القهر الوطني، مسجِّلًا بذلك بطولاتٍ في تفجير الرقم القياسي من رؤوس المواطنين والمواطنات.


- كتابة | كوثر الجهمي

- تدقيق | آية أبو سعيدة

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 05, 2021 09:16

October 30, 2021

الحلقة الافتتاحية

 


في هذه الحلقة الافتتاحية لبودكاست حكواتية:

1. تعريف بنفسي.
2. أسبابي لإطلاق هذي القناة رغم أني مش بودكاستر!
3. شن حيكون محتوى قناة الحكواتية؟لسماع الحلقة (مدتها 3 دقائق) زوروا الرابط:https://bit.ly/3nLsv5o
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 30, 2021 15:19