رأفت رحيم's Blog, page 11
April 6, 2023
هل قتلت نجاة الصغيرة كامل الشناوي؟

يحكي مصطفى أمين عن غرام كامل الشناوي بالمطربة نجاة (حتى وإن لم يذكر اسمها صراحة) ويقول: الشناوي:
(وكان كامل يقول: إن ولعي بالجمال لا يقف عند حد، فأنا أحب الجمال في الطبيعة والفن والأخلاق والمرأة». وعشت معه حبه الكبير الأخير وهو الحب الذي أبكاه وأضناه وحطمه وقتله في آخر الأمر، أعطى كامل لهذه المرأة كل شيء: المجد والشهرة والطبل والزمر والدعاية والشعر، ولم تعطه شيئا أحبها فخدعته، أخلص لها فخانته، جعلها ملكة فجعلته أضحوكة، وقد كتب قصيدة «لا تكذبي إنى رأيتكما معا في غرفة مكتبي بشقتي فى الزمالك وهي قصيدة حقيقية ليس فيها مبالغة أو خيال حتى إن الموسيقار عبد الوهاب سماها «إني ضبطكما معا!!
وكان كامل ينظمها وهو يبكي كانت دموعه تختلط بالكلمات فتطمسها، وكان يتأوه كرجل ينزف منه الدم الغزير وهو ينظم، وبعد أن انتهى من نظمها قال إنه يريد أن يقرأ القصيدة على المطربة بالتليفون وكان تليفوني بسماعتين، أمسك هو سماعة وأمسكت أنا وأحمد رجب سماعة في غرفة أخرى، وتصورنا أن المطربة ما تكاد تسمع القصيدة حتى تشهق وتبكي وتنتحب ويغمى عليها وتستغفر وتعلن توبتها.. وكان في رأى أحمد رجب ورأيي أن هذا منظر تاريخي يجب أن نحضره.
وبدأ كامل يلقى القصيدة بصوت منتحب خافت تتخلله الزفرات والعبرات والتنهدات والآهات مما كان يقطع القلوب، وكانت المطربة صامتة لا تقول شيئا ولا تعلق ولا تقاطع ولا تعترض وبعد أن انتهى كامل من إلقاء القصيدة قالت المطربة:- كويسة قوى.. تنفع أغنيها.. لازم أغنيها! وانتهت المحادثة التاريخية ورأينا كامل الشناوي أمامنا جثة بلا حراك!
وكتب إليها يلعنها ويقول: "لم يعد بيننا ما يغرى بأن أخدعك أو تخدعيني، فقد خرجت من حياة نفسي لا تدهشي.. فالحياة التي أحياها اليوم لا يربطني بها إلا ما يربط الناس بحياتهم من أمل ويأس أو راحـة وعـذاب.. انها حياة لا أتحرك فيها، ولكن أتمدد كجثة.. وهي لا تضمني بين أحضانها ولكن تلفني كالكفن!في استطاعتي الآن فقط أن أصارحك بحقيقة قصتي معك، لقد خدعتني وخدعتك، خدعتني بكذبك الذكي، وخدعتك بصدقي الغبي.. ظللت سنوات أتوهم أنك تحبينني فجريت وراءك بقلبي الأبله ومشاعري.. الحمقاء.. وخلال تلك السنين كنت أنتزع من نفسي خلجاتها وأقدمها لك فى، آهة، دمعة، كلمة قصيدة.. وقد دفعك إيمانك بصدق عاطفتي إلى أن تمارسي حقوق حواء بقدرة وجدارة.. فغدرت بوفائي وضحكت من دموعي"
وسمع كامل الشناوي أن حبيبته المطربة الكبيرة عندما علمت بعذابه قالت لأصدقائها:- مسكين كامل الشناوي.. لقد دمرته الغيرة..
وكتب كامل يقول لها "صدقيني إذا قلت لك إنني لست مسكينا، ربما كنت كذلك لو أنني استسلمت للوهم الذي علقني بك، ولكنني قاومته ورفضت، وجعلت من كبريائي حصنا يحميني منك، ومن قلبي ولا شيء يقوى أن يدمرني لأنني أحيا، وما دمت أحيا، فإن العواطف التي تهب من حولي لا تزيدني إلا قوة على مواجهة الأعاصير، إنني لست كثيبا من الرمل، تبدده حفنة من الهواء، ولكنني جبل لا أبالى العاصفة، بل احتفى بها، وبدلا من أن تزمجر فى الفضاء أجعلها تغنى من خلال صخوری وليس صحيحا انى أغار من أى إنسان تعرفينه فالغيرة لا تكون إلا ممن تحبينهم، وقد عرفت بالتجربة أنك لم تحبى إلا ذاتا، واحدة، لا أستطيع أن أغار منها لأنها مختبئة في ثيابك انك تحبين نفسك، وتغارين ممن يشاركونك حبها، بل إنك تناصبينهم العداء، ومن أجل ذلك عاملتينى كما لو كنت عدوك الطبيعي.. أحببتك فكرهتني، قدمت إليك قلبي، فطعنته بخنجر مسموم"
ومضت المطربة تثير كامل الشناوي بأنها تعشق فلانا الطبيب، وتحب علانا المحامي، وتخرج مع ترتان المهندس!
وكتب كامل يقول لها: " ليتك تعلمين أنك لا تهزيننى بتصرفاتك الحمقاء فلم يعد يربطني بك إلا ماض لا تستطيع قوة أن تعيده إلينا أو تعيدنا إليه.. كنت أتعذب فى حبك بكبرياء، وقد ذهب الحب، وبقيت لي كبريائي كنت قاسية فى فتنتك، ونضارتك وجاذبيتك، فأصبحت قاسية فقط".
وكان كامل يحاول بأي طريقة أن يعود إليها، يمدحها ويشتمها يركع أمامها ويدوسها بقدميه يعبدها ويلعنها، وكانت تجد متعة أن تعبث به يوما تبتسم ويوما، تعبث ساعة تقبل عليه وساعة تهرب منه، تطلبه في التليفون فى الصباح ثم تنكر نفسها منه فى المساء، وكان يقول انه لا يفهمها، وهي امرأة غامضة لا أعرف هل هى تحبنى أم تكرهني هل تريد أن تحييني أم تقتلني؟
وكتب عنها يقول: "أنا لا أفزع إلا من شيئين، آلام مرض لا أعرفه وغموض امرأة أعرفها.. وقد أتحمل آلام المرض، بأمل أو يأس، أما غموض المرأة فلا يجدي معها أملى فيها أو يأسى منها.. إن غموض الرجل يثير فيه ريبة أصدقائه فيبتعدون عنه. والمرأة الغامضة تثير الريبة فيمن يحبها. ان كل خلجاته، ونبضاته تظل تسأل في حيرة عن سر هذا الغموض، إذا أبدت الرضى ظن أنها تخدعه، وإذا غضبت منه اعتقد أنها تكرهه.. وإذا كانت وحدها سعى إليها فيحس وحده أنه فضولي متطفل، ضيف غير مدعو! وإذا أقبلت عليه فكر فيما ينطوي عليه إقبالها من نيات ماكرة".
واستمرت لعنة الحب الفاشل تطارده، وتعذبه، وكان يعتقد أن الهجر قتله وأنه لم يبق إلا موعد تشييع الجنازة وكان يجلس يكتب كل يوم عن عذابه وكان يخيل إلى أنه كان يكتب كل يوم نعيه. وفوجئت به يتردد على المقابر، ولم تكن هذه عادته، وسألته ماذا حدث فابتسم ابتسامة حزينة وقال: أريد أن أتعود على الجو الذي سأبقى فيه إلى الأبد.
وقد كتب يصف رحلته إلى المقبرة يقول: "ما أعجب هذه الصحراء، كل شيء فيها يشبه الآخر، الناس متشابهون فى حركاتهم والانقباض البادي في مسحات وجوههم، القبور متشابهة، كلها أحجار وطوب وزهور وماء يبل الثرى، كلها يضم عظاما نخرة.. هنا، تحت المقابر تساوت الأعمار، والقيم، الشاب والشيخ، والذكي والغبي من كان له مثل أعلى في الحياة، ومن غادر الحياة ولم يكن له فيها مثل أو هدف ووصلت الى المقبرة التي تعودت أن أزورها فى أكثر من مناسبة، ففيها يرقد أحبابي الذين تركوا حياتي وذهبوا إلى حيث سنذهب مثلهم.. حاولت أن أبكيهم فتعثرت الدموع في محاجري.. حاولت أن أرثيهم فلم تنطق منى إلا كلمات خرساء، ووقفت في خشوع، ثم جثوت فوق التراب الذي ضمهم بالأمس وسيضمني غدا، وحنيت رأسي اجلالا للموت الذي احتواهم بين ذراعيه.. بهاتين الذراعين سيحتويني يوما أيها الموت أنا لا أخافك.. ولكنى لا أفهمك.. فمن تكون؟ هل أنت تنزف دماءنا وأعمارنا لتروي ظمأك؟ أم لتروي ظمأ الحياة؟ ما أنت يا موت.. وما الحياة يا أسفى على أني أعيش حياتي ولا أعرفها، وألقى الموت دون أن أعرفه. أيتها الصحراء، يا مدينة القبور والموتى إذا جئت إليك محمولا في نعش فاستقبليني بروحك الوديعة التي شعرت بها اليوم، عندما جئتك محمولا فى سيارة ".
ومات كامل الشناوي.. ومضت السنون وقابلت المطربة التي كان يعشقها وقلت لها: إنني كرهتها طول حياتي منذ قصيدة «لا تكذبي إني رأيتكما معا»!
قالت: انني لم أحبه، هو الذي كان يحبني.. إنني كنت أحبه كصديق فقط. وطلب منى أن يتزوجني فرفضت لأننا نختلف في شيء أنا رقيقة وهو ضخم، أنا صغيرة وهو عجوز أنا أجد متعة فى أن أجلس مع الناس، ومتعته أن يجلس معي وحدي أنا لا أريد أن يعرف الناس من أحب، وهو يريد أن تعرف الدنيا كلها أنه يحبني
قلت لها: إن أصدقاءه يعتقدون أنك فتلتيه ! قالت: لا.. إنه هو الذي انتحر! سألتها: تقصدين أنه انتحر حبا؟ قالت بل انتحر غيرة ولم أصدقها طبعا...)
April 3, 2023
قال الموسيقار محمد عبد الوهاب: أول لحن لي كان سخيفا وبايخًا. وماذا عن الحب الأول في حياة عبد الوهاب؟


في لقاء بين مصطفى أمين ومحمد عبد الوهاب، سأله مصطفى أمين الكثير من الأسئلة، هذا جزء منها:
(..وسألت عبدالوهاب مرة : هل تذكر أول لحن لحنته؟! وضحك عبد الوهاب :وقال قد تستغرب أن أول لحن لي كان كلاما سخيفا بايخا لا معنى له . لم يهتم أحد بأن يعطيني قصيدة الحنها أو أغنية أضع موسيقاها، وحدث أن كنت أقرأ فى جريدة، وكان شيء في داخلى يريد أن يخرج كموسيقى، وقرأت خبرا عن نقل حضرة الفاضل الصاغ المأمور على المفتي إلى مدينة زفتى ووجدت نفسى ألحن هذا الخبر أحوله إلى موسيقى وأنغام، وأردده وأغنيه
ولكن أول أغنية حقيقية لحنتها من نظم أحمد شوقى بك أمير الشعراء. كان ذلك فى فرح ابنة شوقى، ودعا شوقى بك زعيم الأمة لحضور فرح، واعتذر سعد بأن صحته لا تسمح له بالسهر فتقرر أن يبدأ الفرح ساعة الخامسة مساء.
وعندما سمعت بهذا النبأ جن جنوني كنت أعشق من طفولتي هذا الرجل، ألف على الصواوين التى يخطب فيها، واندس بين المتفرجين سمعه وهو يخطب، كنت أقف على سور الأندية لأشاهده من بعيد، هذه فرصتي لأراه عن قرب، لأشمه، وفى تلك المناسبة كتب شوقى أغنية زفة عروسة وهي تقول دار البشاير مجلسنا، وليل زفافك مؤنسنا، إن شاء تفرح يا عريسنا، إن شاء الله دايما تفرحنا». وغنيت الأغنية أمام سعد وأبدى اعجابه بها، ورأيت وأنا أغنى أصابعه وهي تدق على حافة الكرسي.
جعلني اعجاب سعد على أن أمضى فى التلحين وغنيت أغانى بسيطة مثل «فيك عشرة كوتشينة» وبعض أغانى تهجيص، ولم يكن شوقى وقتها مستعدا أن ينظم لى قصائد أو أغاني.
قلت لعبد الوهاب : أعرف أنك وأنت ولد صغير كنت تغنى أغاني الحب؟ مثلا نظم لك شوقى فى بداية حياتك أغنية تقول «شبكت قلبي ياعيني شوفى بقى مين يحله؟» إلى أن يقول «توحشنى وأنت ويايا، واشتاق لك وعنيك في عينيه، واتذلل والحق معايا، واعاتبك ماتهونش على؟ كيف تلحن هذه المعاني التي تنبض حبا وعشقا وهوى وغراما دون أن تحب وتعشق وتهوى وتغرم؟
قال عبدالوهاب : أول مرة خفق قلبى للحب كان عمرى تسع سنوات كان حبا خطيرا من أخطر ألوان الحب التي هزت حياتي كانت سيدة عمرها ٢٥ سنة ! أكبر منى بتسعة عشر عاما، كانت تسكن بجوارنا في حي الشعراني، وكان زوجها كاتب وقف المسجد، كانت اسمها خديجة، سيدة رائعة الجمال، طويلة، سمراء، عيناها ،واسعتان لا أزال أذكر أسنانها البيضاء، ابتسامتها الحلوة المنورة، عندما تضحك كنت أرى نورا ينبعث من شفتيها من شدة بياض أسنانها وجمالها، وكانت تحب صوتي، وكانت تطلب منى أن أغنى لها «عذبينى فمهجتى فى يديك " فكانت تحتضنى وتنظر إلى عينى نظرة ساحرة، فأذوب بين يديها وأحس بمتعة وهناء غريبين وإذا بزوجها يغار منى ويطردنى ويمنعني من دخول البيت ويضربني ولم يكتف الزوج بذلك فأبلغ أخى الشيخ حسن فانهال على ضربا، ولكن هذا الضرب لم يشفنى من الحب بقيت أحبها ولا ألقاها، وأغنى لها ولا ألقاها إلى أن التقيت بزينب!
كنت ألتقى بأصدقائى فى منزل واحد منهم بالحلمية كان يسكن بيتا فخما وكنت أغنى لهم، وسمعتنى زينب فأعجبت بي ورأيتها فهمت بها غراما، والتقيت بها في حوش البيت وأعطتنى منديلا وبقى المنديل معى ١٥ سنة أشمه فأجد فى عطره رائحة حب حقيقي لحنت عدة أغاني حب والمنديل فى يدى، كان المنديل يوحى لى بالنغم، كنت أرى فيه صورتها، أشم فيه رائحتها ورائحة الحب، سافر أخو زينب في بعثة فى لندن فانقطعت زيارتي لبيت حبيبتي، ومرت سنوات ورأيتها في قطار الاسكندرية فى سنة ۱۹۲۸ وكنت أصبحت عبدالوهاب المشهور الذي غنى «يا جارة الوادى» و «مريت على بيت الحبايب» وأحسست بشعور غريب، أحسست بذكرى حزينة مؤلمة ولكنها لذيذة، عجيب أن تجتمع اللذة بالألم، أحسست بمتعة وبلذة الذكرى، وبألم الفراق فى وقت واحد، سألتها: ازيك يازينب ؟ وعملتى إيه ؟ وجدتها ست ،بيت متزوجة، سيدة سمينة معها طفل، هذا المنظر قضى على إحساسى الأول، رأيت شيئا آخر، وليست هذه هي زينب التي عشت أحبها وأحلم بها وألحن على صورتها تجاهلت صورتها الأخيرة، وبقيت فى خيالى صورتها الأولى، زينب فتاة الحلمية صاحبة المنديل.)
March 31, 2023
(مُترجم) - مآساة أمريكية - مقال من مجلة الأتلانتك عن اتهامات ترامب الأخيرة

بقلم توم نيكولس – الأتلانتك (RR من ترجمتي )---------------------دونالد ترامب على وشك أن يتهم بارتكاب جرائم في نيويورك. لا أعرف ما إذا كان مذنبا بأي من هذه التهم - لا نعرف حتى الاتهامات الدقيقة حتى الآن - ولا أنت أيضا. هذا أمر تقرره هيئة المحلفين، وسيكون لكل من ترامب وولاية نيويورك يومهما في المحكمة. وبهذا المعنى، هذا يوم جيد لأميركا، لأنه يظهر، بأكثر الطرق المباشرة الممكنة، أنه لا يوجد أحد في هذا البلد فوق القانون.
لكن هذه الفوضى برمتها، بغض النظر عما آلت إليه الأمور، وبغض النظر عن الاتهامات الأخرى التي قد تأتي إلى ترامب من مكان آخر، هي أيضا مأساة أمريكية. وضع ترامب كرئيس سابق لم يحميه من المساءلة عن جرائمه المزعومة. تم إطلاق لائحة الاتهام نفسها بالتوتر، لأن ترامب، في الواقع، رئيس سابق ومرشح رئاسي بارز حالي - مما يؤكد الحقيقة المروعة المتمثلة في أنه بغض النظر عن مقدار ما نتعلمه عن هذا المعتل اجتماعيا الفظ ، فقد صوت ملايين الأشخاص لصالحه مرتين وما زالوا يأملون في عودته إلى السلطة في البيت الأبيض.
سوف يجادل المدافعون عن ترامب بأن قضية نيويورك هي مجرد ثأر سياسي محلي، وأن الجرائم المحتملة المعنية بسيطة نسبيا. وكما لاحظ زميلي ديفيد جراهام، فإن "تزوير السجلات جريمة، وجريمة سيئة"، ولكن هذا أشبه بمحاولة إقناع آل كابوني بالتهرب الضريبي، وخاصة لأن "قضية مانهاتن تبدو وكأنها ربما تكون القضية الأقل أهمية والأضعف من الناحية القانونية". ويشير ديفيد أيضا إلى أنه حتى بعض منتقدي ترامب يتمنون أن يكون المدعي العام لمنطقة مانهاتن ألفين براج قد انتظر توجيه الاتهام إلى ترامب بتهم محتملة أكثر أهمية.
لست متأكدا. أبقى ترامب أنصاره في حالة من التوتر الشديد خلال الأسابيع القليلة الماضية ، حيث ادعى أولا أنه سيتم اعتقاله يوم الثلاثاء ، 21 مارس ، ثم في تجمع مرعب -يشبه تجمع الطوائف الدينية - في "واكو"، مشيرا إلى أن عام 2024 سيكون "المعركة النهائية" بعد أن حذر سابقا من أن توجيه الاتهام إليه سيكون بمثابة عنف قضائي واضطرابات مدنية. ربما تكون اتهامات نيويورك قد فجرت فقاعة التوتر هذه. يمكن لترامب الآن أن يذهب ويتذمر من ذلك بينما يعد الآخرون القضية بحجة أنه ارتكب جرائم ضد الديمقراطية الأمريكية.
لكن التركيز على لائحة الاتهام التي يجب أن تأتي عندما يكون تجاهل أن ترامب قد اعترف بالفعل بسلوكه الفظيع في الأحداث المحيطة بالقضية. ينكر ترامب (الذي يشير أحيانا إلى ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز باسم "وجه الحصان") أنه كان على علاقة معها ، لكن لا أحد يجادل في أنه أمر بالدفع لها حتى تصمت ، ولا ينكر فريقه القانوني أنه كذب بشأن تلك الأموال أثناء خطابه في القاعدة الجوية Air Force One – (جزء من حجتهم السخيفة بأنها كانت تحصل على أموال لإخراسها للصمت بشأن علاقة غرامية لم تحدث أبدا. إنهم يقولون ببساطة أنه من الناحية الفنية، لم ينتهك أي قوانين نامبي بامبي حول إدخالات في دفاتر الحسابات وتمويل الحملة).
ومن المؤسف أننا كثيرا ما تركنا هذه الأنواع من الحجج تحدد ملحمة ترامب القانونية. إذا تم تقديم ترامب للمحاكمة بتهمة أكثر خطورة تتمثل في محاولة تقوية ذراع مسؤولي الانتخابات في جورجيا، فسوف يزعم المدافعون عنه أن لائحة الاتهام هذه، أيضا، هي مجرد مطاردة محلية. سيجدون أعذارا أخرى في حالة اضطراره بطريقة ما إلى المساءلة عن دوره في محاولة قلب عملياتنا الدستورية. ومرة أخرى، حتى بعد النظر إلى سلوك ترامب نفسه، بما في ذلك مكالمته الهاتفية مع وزير خارجية جورجيا ونصيحة الغوغاء في 6 يناير، سيركز الكثير من الأمريكيين على ما إذا كان قد ارتكب جريمة فعلية بدلا من العودة إلى رشدهم وإدراك ذلك في أي ديمقراطية وظيفية وصحية، شخص مثل ترامب كان سيشعر بالعار ويجبر على المنفى السياسي والاجتماعي منذ سنوات.
ترامب، مثل الانتهازيين الجمهوريين الذين يتشبثون به مثل سمكة ريمورا الطفيلية التي تتخبى تحت سمكة قرش، لا يهتم بالعار - إنه يهتم بالإفلات من العقاب. في الواقع، بدلا من مغادرة الساحة العامة، استمتع ترامب بكل شيء، وتدحرج في قمامة حياته الخاصة والشخير بسعادة حول كيفية عدم تطبيق القواعد على النخب الحقيقية مثله. نسيان (ريتشارد نيكسون)، الذي استقال علنا. ترامب ليس حتى (سبيرو أغنيو) ، الرجل الذي غضب من تهم الفساد الجنائية الموجهة إليه ولكن كان لديه شعور بعدم التباهي بها. (أغنيو أصر على براءته لمدة شهرين ثم دفع "بعدم الطعن" في تهمة واحدة للتهرب الضريبي ، وبعد ذلك اختفى في الغالب عن الأنظار).
لا يوجد مثل هذا الحظ هذه المرة. الفوز أو الخسارة في المحكمة، ترامب مصمم على إدخالنا جميعا في مكب نفايات الصيف معه لأطول فترة ممكنة. وهذا يقودنا إلى آخر شيء وأكثرها إثارة للصدمة في أخبار اليوم: في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم، ذكرت وسائل الإعلام المحلية في نيويورك أن الأمن كان مشددا في مناطق معينة من المدينة. هكذا عرفنا أن شيئا ما قادم: كان الرئيس السابق قد أخبرنا بالفعل أنه ينوي تماما إثارة العنف إذا حاولت مؤسسات القانون المساس به.
وغدا، ورد أن جميع ضباط شرطة نيويورك أمروا بأن يكونوا بالزي الرسمي الكامل وأن يكونوا جاهزين للانتشار. ومرة أخرى، بطريقة ما، قبلنا هذا على أنه الوضع الطبيعي الجديد. لم نعد حتى نرمش عندما تضطر نيويورك، المدينة التي شوهتها هجمات إرهابية متعددة ضد مواطنيها الأبرياء، إلى أن تكون في حالة تأهب لمجرد اتهام ترامب بارتكاب جريمة. هذه الحقيقة الواحدة ، أكثر من أي حقيقة أخرى ، تخبرك إلى أي مدى أدى الانزلاق الطويل إلى الرذيلة والفساد - والعنف - الذي جر ترامب هذا البلد.
كل متهم، بما في ذلك دونالد ترامب، يستحق افتراض البراءة. ولكن عندما يتعلق الأمر ببراءتنا المدنية والسياسية، فقد الأمريكيون منذ فترة طويلة كل ما تبقى لنا.
(RR من ترجمتي ) - مآساة أمريكية - مقال من مجلة الأتلانتك عن اتهامات ترامب الأخيرة

بقلم توم نيكولس – الأتلانتك دونالد ترامب على وشك أن يتهم بارتكاب جرائم في نيويورك. لا أعرف ما إذا كان مذنبا بأي من هذه التهم - لا نعرف حتى الاتهامات الدقيقة حتى الآن - ولا أنت أيضا. هذا أمر تقرره هيئة المحلفين، وسيكون لكل من ترامب وولاية نيويورك يومهما في المحكمة. وبهذا المعنى، هذا يوم جيد لأميركا، لأنه يظهر، بأكثر الطرق المباشرة الممكنة، أنه لا يوجد أحد في هذا البلد فوق القانون.
لكن هذه الفوضى برمتها، بغض النظر عما آلت إليه الأمور، وبغض النظر عن الاتهامات الأخرى التي قد تأتي إلى ترامب من مكان آخر، هي أيضا مأساة أمريكية. وضع ترامب كرئيس سابق لم يحميه من المساءلة عن جرائمه المزعومة. تم إطلاق لائحة الاتهام نفسها بالتوتر، لأن ترامب، في الواقع، رئيس سابق ومرشح رئاسي بارز حالي - مما يؤكد الحقيقة المروعة المتمثلة في أنه بغض النظر عن مقدار ما نتعلمه عن هذا المعتل اجتماعيا الفظ ، فقد صوت ملايين الأشخاص لصالحه مرتين وما زالوا يأملون في عودته إلى السلطة في البيت الأبيض.
سوف يجادل المدافعون عن ترامب بأن قضية نيويورك هي مجرد ثأر سياسي محلي، وأن الجرائم المحتملة المعنية بسيطة نسبيا. وكما لاحظ زميلي ديفيد جراهام، فإن "تزوير السجلات جريمة، وجريمة سيئة"، ولكن هذا أشبه بمحاولة إقناع آل كابوني بالتهرب الضريبي، وخاصة لأن "قضية مانهاتن تبدو وكأنها ربما تكون القضية الأقل أهمية والأضعف من الناحية القانونية". ويشير ديفيد أيضا إلى أنه حتى بعض منتقدي ترامب يتمنون أن يكون المدعي العام لمنطقة مانهاتن ألفين براج قد انتظر توجيه الاتهام إلى ترامب بتهم محتملة أكثر أهمية.
لست متأكدا. أبقى ترامب أنصاره في حالة من التوتر الشديد خلال الأسابيع القليلة الماضية ، حيث ادعى أولا أنه سيتم اعتقاله يوم الثلاثاء ، 21 مارس ، ثم في تجمع مرعب -يشبه تجمع الطوائف الدينية - في "واكو"، مشيرا إلى أن عام 2024 سيكون "المعركة النهائية" بعد أن حذر سابقا من أن توجيه الاتهام إليه سيكون بمثابة عنف قضائي واضطرابات مدنية. ربما تكون اتهامات نيويورك قد فجرت فقاعة التوتر هذه. يمكن لترامب الآن أن يذهب ويتذمر من ذلك بينما يعد الآخرون القضية بحجة أنه ارتكب جرائم ضد الديمقراطية الأمريكية.
لكن التركيز على لائحة الاتهام التي يجب أن تأتي عندما يكون تجاهل أن ترامب قد اعترف بالفعل بسلوكه الفظيع في الأحداث المحيطة بالقضية. ينكر ترامب (الذي يشير أحيانا إلى ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز باسم "وجه الحصان") أنه كان على علاقة معها ، لكن لا أحد يجادل في أنه أمر بالدفع لها حتى تصمت ، ولا ينكر فريقه القانوني أنه كذب بشأن تلك الأموال أثناء خطابه في القاعدة الجوية Air Force One – (جزء من حجتهم السخيفة بأنها كانت تحصل على أموال لإخراسها للصمت بشأن علاقة غرامية لم تحدث أبدا. إنهم يقولون ببساطة أنه من الناحية الفنية، لم ينتهك أي قوانين نامبي بامبي حول إدخالات في دفاتر الحسابات وتمويل الحملة).
ومن المؤسف أننا كثيرا ما تركنا هذه الأنواع من الحجج تحدد ملحمة ترامب القانونية. إذا تم تقديم ترامب للمحاكمة بتهمة أكثر خطورة تتمثل في محاولة تقوية ذراع مسؤولي الانتخابات في جورجيا، فسوف يزعم المدافعون عنه أن لائحة الاتهام هذه، أيضا، هي مجرد مطاردة محلية. سيجدون أعذارا أخرى في حالة اضطراره بطريقة ما إلى المساءلة عن دوره في محاولة قلب عملياتنا الدستورية. ومرة أخرى، حتى بعد النظر إلى سلوك ترامب نفسه، بما في ذلك مكالمته الهاتفية مع وزير خارجية جورجيا ونصيحة الغوغاء في 6 يناير، سيركز الكثير من الأمريكيين على ما إذا كان قد ارتكب جريمة فعلية بدلا من العودة إلى رشدهم وإدراك ذلك في أي ديمقراطية وظيفية وصحية، شخص مثل ترامب كان سيشعر بالعار ويجبر على المنفى السياسي والاجتماعي منذ سنوات.
ترامب، مثل الانتهازيين الجمهوريين الذين يتشبثون به مثل سمكة ريمورا الطفيلية التي تتخبى تحت سمكة قرش، لا يهتم بالعار - إنه يهتم بالإفلات من العقاب. في الواقع، بدلا من مغادرة الساحة العامة، استمتع ترامب بكل شيء، وتدحرج في قمامة حياته الخاصة والشخير بسعادة حول كيفية عدم تطبيق القواعد على النخب الحقيقية مثله. نسيان (ريتشارد نيكسون)، الذي استقال علنا. ترامب ليس حتى (سبيرو أغنيو) ، الرجل الذي غضب من تهم الفساد الجنائية الموجهة إليه ولكن كان لديه شعور بعدم التباهي بها. (أغنيو أصر على براءته لمدة شهرين ثم دفع "بعدم الطعن" في تهمة واحدة للتهرب الضريبي ، وبعد ذلك اختفى في الغالب عن الأنظار).
لا يوجد مثل هذا الحظ هذه المرة. الفوز أو الخسارة في المحكمة، ترامب مصمم على إدخالنا جميعا في مكب نفايات الصيف معه لأطول فترة ممكنة. وهذا يقودنا إلى آخر شيء وأكثرها إثارة للصدمة في أخبار اليوم: في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم، ذكرت وسائل الإعلام المحلية في نيويورك أن الأمن كان مشددا في مناطق معينة من المدينة. هكذا عرفنا أن شيئا ما قادم: كان الرئيس السابق قد أخبرنا بالفعل أنه ينوي تماما إثارة العنف إذا حاولت مؤسسات القانون المساس به.
وغدا، ورد أن جميع ضباط شرطة نيويورك أمروا بأن يكونوا بالزي الرسمي الكامل وأن يكونوا جاهزين للانتشار. ومرة أخرى، بطريقة ما، قبلنا هذا على أنه الوضع الطبيعي الجديد. لم نعد حتى نرمش عندما تضطر نيويورك، المدينة التي شوهتها هجمات إرهابية متعددة ضد مواطنيها الأبرياء، إلى أن تكون في حالة تأهب لمجرد اتهام ترامب بارتكاب جريمة. هذه الحقيقة الواحدة ، أكثر من أي حقيقة أخرى ، تخبرك إلى أي مدى أدى الانزلاق الطويل إلى الرذيلة والفساد - والعنف - الذي جر ترامب هذا البلد.
كل متهم، بما في ذلك دونالد ترامب، يستحق افتراض البراءة. ولكن عندما يتعلق الأمر ببراءتنا المدنية والسياسية، فقد الأمريكيون منذ فترة طويلة كل ما تبقى لنا.
March 30, 2023
(مُترجم) منفى أوسكار وايلد، شبح دبلن الساحر


يقدم ( ريد) رؤية طفولته للكاتب الشهير على أنها أكثر بقليل من حكاية غريبة. كان يبلغ من العمر 20 عاما في عام 1895، عام قضية وايلد. في أوائل أبريل من ذلك العام، كانت الصحف مليئة بدعوى وايلد ضد (مركيز كوينزبيري.) بعد بضعة أسابيع فقط، كانت الصحف مليئة بسقوط (وايلد) من النعمة. أصبح مرادفا للعار في إنجلترا وأيرلندا. الأسوأ من ذلك كله، أصبح اسمه اتهام.
عاش (ريد) الأحداث كلها. الرجل الذي رآه يتجول في "بلفاست" كان يدور الآن حول ساحة السجن. كيف جعلوه يتحسس، تلك الأوراق العريضة على مائدة الإفطار؟ ربما أخافوه. هاجس غير مرحب به لمستقبله. اختًزلت الرغبة في التجارة، رسائل أُرسلت وتأسف على إرسالها، والحياة التي قضاها في انتظار مذكرة المبتز أو طرقات الشرطي على الباب. ومع ذلك، حتى ذلك الحين، يجب أن يكون (ريد) قد عرف أن حياته، على الرغم من أنه كان زميلا مثلي الجنس، لن تتخذ هذا الشكل. كانت عواطف (وايلد) أقل عمقا من مشاعر (ريد)، وأكثر خطورة.
عاشت الوصمة المرتبطة باسم (وايلد) بعد عقود. بعد سبعة عشر عاما من وفاة (وايلد)، أخبر (سي إس لويس)، (آرثر جريفز) أنه سعيد بمناقشة جمال الذكور، طالما أنهم يتجنبون "كل ما يميل إلى الدناءة (ومحكمة الشرطة الوحشية وفضيحة من الحياة الحقيقية القاتمة، مثل قصة أوسكار وايلد)". كانت مأساة (وايلد) أن شخصيته المنسقة بالكامل يجب أن تصبح مرادفا ل "الحياة الحقيقية القاتمة". حتى (إي إم فورستر )أبقاه قريبًا جدًا. في رواية "موريس"، تعترف الشخصية التي تحمل اسما لطبيبه بأنه "لا يوصف، من نوعية أوسكار وايلد".بالنسبة للكثيرين، حياة (وايلد )هي قصة مدينتين. لا يوجد مجال كبير لمدينة دبلن في هذه النسخة من قصته.
بعد أربعة وخمسين عاما من وفاة (وايلد) ، كتب (بريان أونولان) ، وهو رجل تيروني مغرم بالأسماء مستعارة ، كتب روايات باسم (فلان أوبراي)ن وعمود أسبوعي لصحيفة Irish Times باسم (مايلز نا جوبالين) ، منتقدًا نصب تذكاري مقترح في دبلن: "لم يكن (أوسكار وايلد) أيرلنديا ، إلا عن طريق الصدفة الإحصائية لمكان الميلاد. لقد أصبح مُقتلع الجذور تماما ويعيش في إنجلترا قبل أن يبلغ من العمر 20 عاما. لا يوجد أي جزء من عمله الأدبي يشير حتى إلى انعطاف أيرلندي ". لا يمكن السماح لعار (أوسكار) بالتفكير في أيرلندا.
علاقة (وايلد) بشمال أيرلندا غير معروفة. حقيقة أنه كان أيرلنديا على الإطلاق هي معلومة جديدة لبعض الناس. ولد (وايلد) في دبلن عام 1854، وقضى سنواته الأولى في 21 "ويستلاند رو و1 ميريون سكوير". بعد سبع سنوات من المدرسة الداخلية في مقاطعة "فيرماناغ"، عاد إلى دبلن للحصول على شهادة في كلية ترينيتي. لم يغادر إلى إنجلترا حتى بلغ من العمر 20 عاما - لا يزال شابا، ولكن بعد ذلك سيموت عن عمر يناهز 46 عاما. عاش ما يقرب من نصف حياته القصيرة في أيرلندا. ومع ذلك، لا يزال بإمكان إيرلندية أوسكار أن تفاجئ البعض. في عام 1998، أشارت "جيروشا ماكورماك"، التي كانت آنذاك محاضرة في كلية دبلن الجامعية، إلى "إحباطها من اضطرارها إلى أن تشرح للطلاب الأيرلنديين أن (أوسكار وايلد) كان، نعم، في الواقع ، أيرلنديا".
كان (وايلد) في ذروته - تلك الفترة القصيرة بين النشر الأولي" لصورة دوريان جراي" في عام 1890 وإدانته بالفحش الجسيم في عام 1895 – يُماثل مسرح لندن ومجتمع لندن وأزياء لندن. جاء سقوطه في أولد بيلي، المحكمة الجنائية سيئة السمعة في لندن، وهو مبنى ضيق وخالي من الهواء يشتهر بقدرته على إثارة اليأس لدى المتهم والقاضي على حد سواء.
بعد عامين من العمل الشاق جاءت باريس: الشوارع، وشرفات المقاهي، وغرف الفنادق، وفي عام 1900، قبر فقير في Bagneux. لندن وباريس: بالنسبة للكثيرين، حياة (وايلد) هي قصة مدينتين. لا يوجد مجال كبير لدبلن في هذه النسخة من قصته، على الرغم من الجهود الأخيرة التي بذلت للاحتفال (بأوسكار) في مدينة ولادته. في دبلن، (وايلد) هو شبح مرتين.
إذا كانت أيام (وايلد) في دبلن قد حصلت على القليل من الاهتمام في الخيال الشعبي، فهناك مساحة أقل لأيامه في مدرسة "إنيسكيلين Enniskillen". صحيح أنه ليس هناك الكثير مما يمكن القيام به. فقد كان (وايلد) نفسه مشدودا بشكل غير معهود بشأن السنوات السبع التي قضاها في مدرسة (بورتورا) الملكية، الواقعة في "إنيسكيلين" ، مقاطعة "فيرماناغ". أغلقت المدرسة في عام 2016، لكن المبنى الذي عرفه وايلد بين عامي 1864 و1871 لا يزال موجودا. مجموعة من الصناديق الصارمة ملونة بالجرافيت، تجثم "بورتورا "على تل صغير فوق Lough Erne. وأطلق بعض التلاميذ الآخرون على (وايلد) "غراب رمادي". هذا اللقب سيكون جيدا جدا للمدرسة نفسها. إنه مكان قاتم وبارد، حيث تطل النوافذ الجورجية العالية على المياه الداكنة.
تبدو شخصية المدرسة شبه المسرحية أكثر ملاءمة لتلميذ لاحق، "صموئيل بيكيت"، الذي درس هناك بين عامي 1920 و1923. يبدو أن (وايلد) لم يأخذ سوى القليل من "بورتورا "بصرف النظر عن معرفته باليونانية واللاتينية، لكن صبيا من مواهبه كان سيكتسب هذه المعرفة أينما ذهب إلى المدرسة. من المؤكد أنه لم يتعلم شيئا عن أيرلندا في "بورتورا "، والتي بدت وكأنها تعمل تحت ذريعة أنها كانت موجودة في "أوكسفوردشاير" بدلا من "فيرماناغ" - كان التاريخ الإنجليزي هو التاريخ الوحيد.
ولم يكن هناك الكثير من الراحة خارج الفصل الدراسي. كانت الأنشطة اللامنهجية المناسبة لصبي مثل "أوسكار" ضعيفة على الأرض. حتى فرص التجارب الجنسية التي يفترض أنها تكثر في المدارس الداخلية يبدو أنها قد فاتته. لا عجب أنه في وقت لاحق من حياته، قام (وايلد) بمراجعة وقته في المدرسة من سبع سنوات إلى سنة واحدة. عندما أدين بارتكاب فحش جسيم في عام 1895، قامت السلطات في "بورتورا" بمراجعة وقته إلى أبعد من ذلك، من سبع سنوات إلى لا شيء. تمت إزالة اسمه من مجلس الشرف بالمدرسة. تم كشط الحروف O. W. ، التي نحتها على حافة النافذة عندما كان صبيا ، من قبل مدير المدرسة.
إزالة هذا الغرافيتي الطفولي له تأثير بشكل خاص. إن كون الأساتذة على دراية بذلك على الإطلاق في مدرسة كبيرة، وهو مبنى يفترض أنه مليء بالخدوش ورسومات الشعار المبتكرة التي صنعتها أجيال من الأولاد الذين يشعرون بالملل، أمر معبر. كانت تلك الرسائل على حافة النافذة جزءا من تاريخ المدرسة لفترة من الوقت. لقد صنعها صبي استمر في القيام بأشياء عظيمة. لكن الصبي ذهب بعيدا في النهاية. كان لا بد من كشط تاريخ المدرسة مرة أخرى، مع إعطاء طبقة جديدة من الطلاء.
لم تكن “بورتورا “بداية ساحرة لحياة) وايلد(. لقد مرت سبع سنوات حتى أنه لم يكن من الممكن أن يزعج نفسه وجعلها من الأساطير. بدلا من ذلك، قلل من السنوات التي كان فيها تلميذا، ونجح في القيام بذلك. ولكن كان هناك جزء واحد من طفولته الأيرلندية يتبع) وايلد( عبر البحر إلى إنجلترا. جزء صغير من طفولته، باعتراف الجميع. ألطف ومضة من شبابه. ومع ذلك، كانت هذه شخصية من ماضي )أوسكار (ستثبت أنها مفيدة في سقوطه، على الرغم من أن القليل منهم يتذكرون الآن السير )إدوارد كارسون( لهذا السبب. وهو معروف باسم الرجل الذي أنشأ أيرلندا الشمالية.
حقائق سقوط) وايلد(معروفة جيدا لدرجة أن ملخصا موجزا سيكون كافيا. التقى) اللورد ألفريد دوغلاس (في عام 1891. كان (دوغلاس (جميلا ونرجسيا ومللا. لم ينظر) وايلد(إلى الخلف أبدًا. بحلول عام 1893، كان الإثنان لا ينفصلان. أصبح والد (دوغلاس)، (ماركيز كوينزبيري)، منزعجا بشكل متزايد من ارتباط ابنه بأشهر (داندي) في لندن.
وصلت الأمور إلى ذروتها عندما ترك (كوينزبيري) بطاقة (لوايلد) في ناديه في فبراير 1895. وكتب على البطاقة: "بالنسبة لأوسكار وايلد، يتظاهر بأنه لوطي [كذا]". التظاهر هي الكلمة الأساسية. هذا يعني أن (كوينزبيري) يمكن أن يهين (وايلد) دون محاكمته بتهمة التشهير - لم يكن يتهم (وايلد) بأنه لوطي، ولكن بالتظاهر بأنه واحد. أن تكون لواطيا كان جريمة، أما مجرد التظاهر، فليس كذلك.
ربما كان الخطأ الإملائي في اللواط دفاعا من نفس النوع - اتهام رجل ب "لوطي" لا يمكن اعتباره تشهيرا - على الرغم مما هو معروف عن القدرة الفكرية ل(كوينزبيري)، فمن المرجح أنه ببساطة لم يستطع تهجئة الكلمة بالشكل الصحيح.
في وقت لاحق جاءت الأسئلة حول العاهرين من الشباب الصغير. هل تعرّف السيد (وايلد) على هذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهذا الاسم؟على الرغم من الصياغة الدقيقة للبطاقة، رفع (وايلد) دعوى قضائية ضد (كوينزبيري) بتهمة التشهير. كان هذا ضد نصيحة العديد من أصدقائه. كانت البطاقة مهينة، لكنها كانت إهانة شخصية تم تسليمها من رجل إلى آخر. لم يكن هناك خطر من وصول اتهام (كوينزبيري) إلى مجتمع أكبر، ما لم يختار أوسكار الإعلان عنه من خلال اتخاذ إجراءات قانونية. ولم تكن قاعة المحكمة مكانا لرجل مثل (وايلد)، حتى كطرف مجروح. حياته الخاصة جدا تركته عرضة للهجوم المضاد.
تم الاتصال (بإدوارد كارسون) للدفاع عن( كوينزبيري). اعترض في البداية. مثل (وايلد)، ولد (كارسون) في دبلن عام 1854. لقد لعبوا معا كأطفال في أيام العطلات في مقاطعة "وترفورد"، وكان الرجلان قد التحقوا بكلية ترينيتي في نفس الوقت. لقد اصطدموا ببعضهم البعض مرة أو مرتين في لندن على مر السنين، على الرغم من أنهم لم يكونوا أصدقاء أبدا. شعر (كارسون) أن هذا الارتباط السابق مع (وايلد)، مهما كان طفيفا، يمثل تضاربا في المصالح. لن يدافع عن رجل متهم بالتشهير بأحد معارفه، وخاصة رجل مثل (كوينزبيري)، مُهرج الواحة الذي كان تمييزه الوحيد في الحياة هو أنه كان مؤيدا متحمسا لحرق الجثث.
غير (كارسون) رأيه عندما أصبح من الواضح أن مزاعم (كوينزبيري) يمكن إثباتها بشكل قاطع في المحكمة. تم تعقب الأولاد المستأجرين(العاهرين)، وأخذ إفادات الشهود، ومصادرة الهدايا من أوسكار إلى أصدقائه كدليل. هذا التغيير في القلب مثير للاهتمام. لا شك أن حقيقة علاقات (أوسكار) العديدة صدمت المحامي المتدين بشدة ودفعته إلى العمل. وبالمثل، يبدو من الممكن القول إن (كارسون) رفض القضية في البداية لأنه لم يعتقد أنه من الممكن الفوز: أظهر نثر (وايلد) ومسرحياته حساسية منحلة ونهجا غريبا للأخلاق، لكن هذا لم يكن قريبا بما يكفي لإثبات أن (كوينزبيري) كان على صواب في وصفه باللواط. الآن بعد أن تم رسم خريطة لمتاهة عالم (وايلد) الخاص، بدت تبرئة المركيز مؤكدة.
كان استجواب (إدوارد كارسون) ضجة كبيرة. لم يكن ذكاء (وايلد) وسحره وموهبته في المفارقة الفاحشة (وإن كانت رسمية) يضاهي استجواب (كارسون) العنيد الذي كانت أول معركة له انتصارا. صرح (وايلد) للمحكمة بأنه يبلغ من العمر 38 عاما. ذكر (كارسون)، الذي كان يعلم أن (وايلد) ولد في نفس العام الذي ولد فيه، الكاتب المسرحي بأنه يجب أن يكون عمره 40 عاما على الأقل. لحظة صغيرة، لكنها مهمة. كان وايلد قد حنث باليمين. في وقت لاحق جاءت الأسئلة حول الشباب العاهرين. هل تعرف السيد (وايلد) على هذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهل أعطى هذا الصبي علبة سجائر، وذلك الصبي بدلة جديدة من الملابس وعكاز فضي؟ لماذا فعل ذلك؟ لماذا يا سيد (وايلد)؟ لماذا، لماذا، لماذا؟
تعثر ذكاء (وايلد). تم استبدال المفارقات بمزحات صغيرة يائسة. ضحك المتفرجون في قاعة المحكمة معه في البداية. الآن نظروا إليه ببرود. في اليوم الثالث من المحاكمة، أسقط محامي (وايلد) القضية ضد (كوينزبيري). لقد قيل إن (وايلد) اضطر إلى البحث عن ثروته في إنجلترا لسبب بسيط هو أن الأيرلنديين لا يعجبون بالحديث الذكي. في النهاية، ربما كان من المحتم أن يكون زميله الأيرلندي هو الشخص الذي يُطلقه إلى الأرض.--------------------------------------------------------------------مقتطف من كتاب (منزل الغريب: كتابة أيرلندا الشمالية). ©2023 ألكسندر بوتس وأعيد طبعه بإذن من تويلف بوكس / مجموعة هاشيت للكتاب.
(مُترجم) منفي أوسكار وايلد، شبح دبلن الساحر


يقدم ( ريد) رؤية طفولته للكاتب الشهير على أنها أكثر بقليل من حكاية غريبة. كان يبلغ من العمر 20 عاما في عام 1895، عام قضية وايلد. في أوائل أبريل من ذلك العام، كانت الصحف مليئة بدعوى وايلد ضد (مركيز كوينزبيري.) بعد بضعة أسابيع فقط، كانت الصحف مليئة بسقوط (وايلد) من النعمة. أصبح مرادفا للعار في إنجلترا وأيرلندا. الأسوأ من ذلك كله، أصبح اسمه اتهام.
عاش (ريد) الأحداث كلها. الرجل الذي رآه يتجول في "بلفاست" كان يدور الآن حول ساحة السجن. كيف جعلوه يتحسس، تلك الأوراق العريضة على مائدة الإفطار؟ ربما أخافوه. هاجس غير مرحب به لمستقبله. اختًزلت الرغبة في التجارة، رسائل أُرسلت وتأسف على إرسالها، والحياة التي قضاها في انتظار مذكرة المبتز أو طرقات الشرطي على الباب. ومع ذلك، حتى ذلك الحين، يجب أن يكون (ريد) قد عرف أن حياته، على الرغم من أنه كان زميلا مثلي الجنس، لن تتخذ هذا الشكل. كانت عواطف (وايلد) أقل عمقا من مشاعر (ريد)، وأكثر خطورة.
عاشت الوصمة المرتبطة باسم (وايلد) بعد عقود. بعد سبعة عشر عاما من وفاة (وايلد)، أخبر (سي إس لويس)، (آرثر جريفز) أنه سعيد بمناقشة جمال الذكور، طالما أنهم يتجنبون "كل ما يميل إلى الدناءة (ومحكمة الشرطة الوحشية وفضيحة من الحياة الحقيقية القاتمة، مثل قصة أوسكار وايلد)". كانت مأساة (وايلد) أن شخصيته المنسقة بالكامل يجب أن تصبح مرادفا ل "الحياة الحقيقية القاتمة". حتى (إي إم فورستر )أبقاه قريبًا جدًا. في رواية "موريس"، تعترف الشخصية التي تحمل اسما لطبيبه بأنه "لا يوصف، من نوعية أوسكار وايلد".بالنسبة للكثيرين، حياة (وايلد )هي قصة مدينتين. لا يوجد مجال كبير لمدينة دبلن في هذه النسخة من قصته.
بعد أربعة وخمسين عاما من وفاة (وايلد) ، كتب (بريان أونولان) ، وهو رجل تيروني مغرم بالأسماء مستعارة ، كتب روايات باسم (فلان أوبراي)ن وعمود أسبوعي لصحيفة Irish Times باسم (مايلز نا جوبالين) ، منتقدًا نصب تذكاري مقترح في دبلن: "لم يكن (أوسكار وايلد) أيرلنديا ، إلا عن طريق الصدفة الإحصائية لمكان الميلاد. لقد أصبح مُقتلع الجذور تماما ويعيش في إنجلترا قبل أن يبلغ من العمر 20 عاما. لا يوجد أي جزء من عمله الأدبي يشير حتى إلى انعطاف أيرلندي ". لا يمكن السماح لعار (أوسكار) بالتفكير في أيرلندا.
علاقة (وايلد) بشمال أيرلندا غير معروفة. حقيقة أنه كان أيرلنديا على الإطلاق هي معلومة جديدة لبعض الناس. ولد (وايلد) في دبلن عام 1854، وقضى سنواته الأولى في 21 "ويستلاند رو و1 ميريون سكوير". بعد سبع سنوات من المدرسة الداخلية في مقاطعة "فيرماناغ"، عاد إلى دبلن للحصول على شهادة في كلية ترينيتي. لم يغادر إلى إنجلترا حتى بلغ من العمر 20 عاما - لا يزال شابا، ولكن بعد ذلك سيموت عن عمر يناهز 46 عاما. عاش ما يقرب من نصف حياته القصيرة في أيرلندا. ومع ذلك، لا يزال بإمكان إيرلندية أوسكار أن تفاجئ البعض. في عام 1998، أشارت "جيروشا ماكورماك"، التي كانت آنذاك محاضرة في كلية دبلن الجامعية، إلى "إحباطها من اضطرارها إلى أن تشرح للطلاب الأيرلنديين أن (أوسكار وايلد) كان، نعم، في الواقع ، أيرلنديا".
كان (وايلد) في ذروته - تلك الفترة القصيرة بين النشر الأولي" لصورة دوريان جراي" في عام 1890 وإدانته بالفحش الجسيم في عام 1895 – يُماثل مسرح لندن ومجتمع لندن وأزياء لندن. جاء سقوطه في أولد بيلي، المحكمة الجنائية سيئة السمعة في لندن، وهو مبنى ضيق وخالي من الهواء يشتهر بقدرته على إثارة اليأس لدى المتهم والقاضي على حد سواء.
بعد عامين من العمل الشاق جاءت باريس: الشوارع، وشرفات المقاهي، وغرف الفنادق، وفي عام 1900، قبر فقير في Bagneux. لندن وباريس: بالنسبة للكثيرين، حياة (وايلد) هي قصة مدينتين. لا يوجد مجال كبير لدبلن في هذه النسخة من قصته، على الرغم من الجهود الأخيرة التي بذلت للاحتفال (بأوسكار) في مدينة ولادته. في دبلن، (وايلد) هو شبح مرتين.
إذا كانت أيام (وايلد) في دبلن قد حصلت على القليل من الاهتمام في الخيال الشعبي، فهناك مساحة أقل لأيامه في مدرسة "إنيسكيلين Enniskillen". صحيح أنه ليس هناك الكثير مما يمكن القيام به. فقد كان (وايلد) نفسه مشدودا بشكل غير معهود بشأن السنوات السبع التي قضاها في مدرسة (بورتورا) الملكية، الواقعة في "إنيسكيلين" ، مقاطعة "فيرماناغ". أغلقت المدرسة في عام 2016، لكن المبنى الذي عرفه وايلد بين عامي 1864 و1871 لا يزال موجودا. مجموعة من الصناديق الصارمة ملونة بالجرافيت، تجثم "بورتورا "على تل صغير فوق Lough Erne. وأطلق بعض التلاميذ الآخرون على (وايلد) "غراب رمادي". هذا اللقب سيكون جيدا جدا للمدرسة نفسها. إنه مكان قاتم وبارد، حيث تطل النوافذ الجورجية العالية على المياه الداكنة.
تبدو شخصية المدرسة شبه المسرحية أكثر ملاءمة لتلميذ لاحق، "صموئيل بيكيت"، الذي درس هناك بين عامي 1920 و1923. يبدو أن (وايلد) لم يأخذ سوى القليل من "بورتورا "بصرف النظر عن معرفته باليونانية واللاتينية، لكن صبيا من مواهبه كان سيكتسب هذه المعرفة أينما ذهب إلى المدرسة. من المؤكد أنه لم يتعلم شيئا عن أيرلندا في "بورتورا "، والتي بدت وكأنها تعمل تحت ذريعة أنها كانت موجودة في "أوكسفوردشاير" بدلا من "فيرماناغ" - كان التاريخ الإنجليزي هو التاريخ الوحيد.
ولم يكن هناك الكثير من الراحة خارج الفصل الدراسي. كانت الأنشطة اللامنهجية المناسبة لصبي مثل "أوسكار" ضعيفة على الأرض. حتى فرص التجارب الجنسية التي يفترض أنها تكثر في المدارس الداخلية يبدو أنها قد فاتته. لا عجب أنه في وقت لاحق من حياته، قام (وايلد) بمراجعة وقته في المدرسة من سبع سنوات إلى سنة واحدة. عندما أدين بارتكاب فحش جسيم في عام 1895، قامت السلطات في "بورتورا" بمراجعة وقته إلى أبعد من ذلك، من سبع سنوات إلى لا شيء. تمت إزالة اسمه من مجلس الشرف بالمدرسة. تم كشط الحروف O. W. ، التي نحتها على حافة النافذة عندما كان صبيا ، من قبل مدير المدرسة.
إزالة هذا الغرافيتي الطفولي له تأثير بشكل خاص. إن كون الأساتذة على دراية بذلك على الإطلاق في مدرسة كبيرة، وهو مبنى يفترض أنه مليء بالخدوش ورسومات الشعار المبتكرة التي صنعتها أجيال من الأولاد الذين يشعرون بالملل، أمر معبر. كانت تلك الرسائل على حافة النافذة جزءا من تاريخ المدرسة لفترة من الوقت. لقد صنعها صبي استمر في القيام بأشياء عظيمة. لكن الصبي ذهب بعيدا في النهاية. كان لا بد من كشط تاريخ المدرسة مرة أخرى، مع إعطاء طبقة جديدة من الطلاء.
لم تكن “بورتورا “بداية ساحرة لحياة) وايلد(. لقد مرت سبع سنوات حتى أنه لم يكن من الممكن أن يزعج نفسه وجعلها من الأساطير. بدلا من ذلك، قلل من السنوات التي كان فيها تلميذا، ونجح في القيام بذلك. ولكن كان هناك جزء واحد من طفولته الأيرلندية يتبع) وايلد( عبر البحر إلى إنجلترا. جزء صغير من طفولته، باعتراف الجميع. ألطف ومضة من شبابه. ومع ذلك، كانت هذه شخصية من ماضي )أوسكار (ستثبت أنها مفيدة في سقوطه، على الرغم من أن القليل منهم يتذكرون الآن السير )إدوارد كارسون( لهذا السبب. وهو معروف باسم الرجل الذي أنشأ أيرلندا الشمالية.
حقائق سقوط) وايلد(معروفة جيدا لدرجة أن ملخصا موجزا سيكون كافيا. التقى) اللورد ألفريد دوغلاس (في عام 1891. كان (دوغلاس (جميلا ونرجسيا ومللا. لم ينظر) وايلد(إلى الخلف أبدًا. بحلول عام 1893، كان الإثنان لا ينفصلان. أصبح والد (دوغلاس)، (ماركيز كوينزبيري)، منزعجا بشكل متزايد من ارتباط ابنه بأشهر (داندي) في لندن.
وصلت الأمور إلى ذروتها عندما ترك (كوينزبيري) بطاقة (لوايلد) في ناديه في فبراير 1895. وكتب على البطاقة: "بالنسبة لأوسكار وايلد، يتظاهر بأنه لوطي [كذا]". التظاهر هي الكلمة الأساسية. هذا يعني أن (كوينزبيري) يمكن أن يهين (وايلد) دون محاكمته بتهمة التشهير - لم يكن يتهم (وايلد) بأنه لوطي، ولكن بالتظاهر بأنه واحد. أن تكون لواطيا كان جريمة، أما مجرد التظاهر، فليس كذلك.
ربما كان الخطأ الإملائي في اللواط دفاعا من نفس النوع - اتهام رجل ب "لوطي" لا يمكن اعتباره تشهيرا - على الرغم مما هو معروف عن القدرة الفكرية ل(كوينزبيري)، فمن المرجح أنه ببساطة لم يستطع تهجئة الكلمة بالشكل الصحيح.
في وقت لاحق جاءت الأسئلة حول العاهرين من الشباب الصغير. هل تعرّف السيد (وايلد) على هذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهذا الاسم؟على الرغم من الصياغة الدقيقة للبطاقة، رفع (وايلد) دعوى قضائية ضد (كوينزبيري) بتهمة التشهير. كان هذا ضد نصيحة العديد من أصدقائه. كانت البطاقة مهينة، لكنها كانت إهانة شخصية تم تسليمها من رجل إلى آخر. لم يكن هناك خطر من وصول اتهام (كوينزبيري) إلى مجتمع أكبر، ما لم يختار أوسكار الإعلان عنه من خلال اتخاذ إجراءات قانونية. ولم تكن قاعة المحكمة مكانا لرجل مثل (وايلد)، حتى كطرف مجروح. حياته الخاصة جدا تركته عرضة للهجوم المضاد.
تم الاتصال (بإدوارد كارسون) للدفاع عن( كوينزبيري). اعترض في البداية. مثل (وايلد)، ولد (كارسون) في دبلن عام 1854. لقد لعبوا معا كأطفال في أيام العطلات في مقاطعة "وترفورد"، وكان الرجلان قد التحقوا بكلية ترينيتي في نفس الوقت. لقد اصطدموا ببعضهم البعض مرة أو مرتين في لندن على مر السنين، على الرغم من أنهم لم يكونوا أصدقاء أبدا. شعر (كارسون) أن هذا الارتباط السابق مع (وايلد)، مهما كان طفيفا، يمثل تضاربا في المصالح. لن يدافع عن رجل متهم بالتشهير بأحد معارفه، وخاصة رجل مثل (كوينزبيري)، مُهرج الواحة الذي كان تمييزه الوحيد في الحياة هو أنه كان مؤيدا متحمسا لحرق الجثث.
غير (كارسون) رأيه عندما أصبح من الواضح أن مزاعم (كوينزبيري) يمكن إثباتها بشكل قاطع في المحكمة. تم تعقب الأولاد المستأجرين(العاهرين)، وأخذ إفادات الشهود، ومصادرة الهدايا من أوسكار إلى أصدقائه كدليل. هذا التغيير في القلب مثير للاهتمام. لا شك أن حقيقة علاقات (أوسكار) العديدة صدمت المحامي المتدين بشدة ودفعته إلى العمل. وبالمثل، يبدو من الممكن القول إن (كارسون) رفض القضية في البداية لأنه لم يعتقد أنه من الممكن الفوز: أظهر نثر (وايلد) ومسرحياته حساسية منحلة ونهجا غريبا للأخلاق، لكن هذا لم يكن قريبا بما يكفي لإثبات أن (كوينزبيري) كان على صواب في وصفه باللواط. الآن بعد أن تم رسم خريطة لمتاهة عالم (وايلد) الخاص، بدت تبرئة المركيز مؤكدة.
كان استجواب (إدوارد كارسون) ضجة كبيرة. لم يكن ذكاء (وايلد) وسحره وموهبته في المفارقة الفاحشة (وإن كانت رسمية) يضاهي استجواب (كارسون) العنيد الذي كانت أول معركة له انتصارا. صرح (وايلد) للمحكمة بأنه يبلغ من العمر 38 عاما. ذكر (كارسون)، الذي كان يعلم أن (وايلد) ولد في نفس العام الذي ولد فيه، الكاتب المسرحي بأنه يجب أن يكون عمره 40 عاما على الأقل. لحظة صغيرة، لكنها مهمة. كان وايلد قد حنث باليمين. في وقت لاحق جاءت الأسئلة حول الشباب العاهرين. هل تعرف السيد (وايلد) على هذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهل أعطى هذا الصبي علبة سجائر، وذلك الصبي بدلة جديدة من الملابس وعكاز فضي؟ لماذا فعل ذلك؟ لماذا يا سيد (وايلد)؟ لماذا، لماذا، لماذا؟
تعثر ذكاء (وايلد). تم استبدال المفارقات بمزحات صغيرة يائسة. ضحك المتفرجون في قاعة المحكمة معه في البداية. الآن نظروا إليه ببرود. في اليوم الثالث من المحاكمة، أسقط محامي (وايلد) القضية ضد (كوينزبيري). لقد قيل إن (وايلد) اضطر إلى البحث عن ثروته في إنجلترا لسبب بسيط هو أن الأيرلنديين لا يعجبون بالحديث الذكي. في النهاية، ربما كان من المحتم أن يكون زميله الأيرلندي هو الشخص الذي يُطلقه إلى الأرض.--------------------------------------------------------------------مقتطف من كتاب (منزل الغريب: كتابة أيرلندا الشمالية). ©2023 ألكسندر بوتس وأعيد طبعه بإذن من تويلف بوكس / مجموعة هاشيت للكتاب.
منفي أوسكار وايلد، شبح دبلن الساحر


يقدم ( ريد) رؤية طفولته للكاتب الشهير على أنها أكثر بقليل من حكاية غريبة. كان يبلغ من العمر 20 عاما في عام 1895، عام قضية وايلد. في أوائل أبريل من ذلك العام، كانت الصحف مليئة بدعوى وايلد ضد (مركيز كوينزبيري.) بعد بضعة أسابيع فقط، كانت الصحف مليئة بسقوط (وايلد) من النعمة. أصبح مرادفا للعار في إنجلترا وأيرلندا. الأسوأ من ذلك كله، أصبح اسمه اتهام.
عاش (ريد) الأحداث كلها. الرجل الذي رآه يتجول في "بلفاست" كان يدور الآن حول ساحة السجن. كيف جعلوه يتحسس، تلك الأوراق العريضة على مائدة الإفطار؟ ربما أخافوه. هاجس غير مرحب به لمستقبله. اختًزلت الرغبة في التجارة، رسائل أُرسلت وتأسف على إرسالها، والحياة التي قضاها في انتظار مذكرة المبتز أو طرقات الشرطي على الباب. ومع ذلك، حتى ذلك الحين، يجب أن يكون (ريد) قد عرف أن حياته، على الرغم من أنه كان زميلا مثلي الجنس، لن تتخذ هذا الشكل. كانت عواطف (وايلد) أقل عمقا من مشاعر (ريد)، وأكثر خطورة.
عاشت الوصمة المرتبطة باسم (وايلد) بعد عقود. بعد سبعة عشر عاما من وفاة (وايلد)، أخبر (سي إس لويس)، (آرثر جريفز) أنه سعيد بمناقشة جمال الذكور، طالما أنهم يتجنبون "كل ما يميل إلى الدناءة (ومحكمة الشرطة الوحشية وفضيحة من الحياة الحقيقية القاتمة، مثل قصة أوسكار وايلد)". كانت مأساة (وايلد) أن شخصيته المنسقة بالكامل يجب أن تصبح مرادفا ل "الحياة الحقيقية القاتمة". حتى (إي إم فورستر )أبقاه قريبًا جدًا. في رواية "موريس"، تعترف الشخصية التي تحمل اسما لطبيبه بأنه "لا يوصف، من نوعية أوسكار وايلد".بالنسبة للكثيرين، حياة (وايلد )هي قصة مدينتين. لا يوجد مجال كبير لمدينة دبلن في هذه النسخة من قصته.
بعد أربعة وخمسين عاما من وفاة (وايلد) ، كتب (بريان أونولان) ، وهو رجل تيروني مغرم بالأسماء مستعارة ، كتب روايات باسم (فلان أوبراي)ن وعمود أسبوعي لصحيفة Irish Times باسم (مايلز نا جوبالين) ، منتقدًا نصب تذكاري مقترح في دبلن: "لم يكن (أوسكار وايلد) أيرلنديا ، إلا عن طريق الصدفة الإحصائية لمكان الميلاد. لقد أصبح مُقتلع الجذور تماما ويعيش في إنجلترا قبل أن يبلغ من العمر 20 عاما. لا يوجد أي جزء من عمله الأدبي يشير حتى إلى انعطاف أيرلندي ". لا يمكن السماح لعار (أوسكار) بالتفكير في أيرلندا.
علاقة (وايلد) بشمال أيرلندا غير معروفة. حقيقة أنه كان أيرلنديا على الإطلاق هي معلومة جديدة لبعض الناس. ولد (وايلد) في دبلن عام 1854، وقضى سنواته الأولى في 21 "ويستلاند رو و1 ميريون سكوير". بعد سبع سنوات من المدرسة الداخلية في مقاطعة "فيرماناغ"، عاد إلى دبلن للحصول على شهادة في كلية ترينيتي. لم يغادر إلى إنجلترا حتى بلغ من العمر 20 عاما - لا يزال شابا، ولكن بعد ذلك سيموت عن عمر يناهز 46 عاما. عاش ما يقرب من نصف حياته القصيرة في أيرلندا. ومع ذلك، لا يزال بإمكان إيرلندية أوسكار أن تفاجئ البعض. في عام 1998، أشارت "جيروشا ماكورماك"، التي كانت آنذاك محاضرة في كلية دبلن الجامعية، إلى "إحباطها من اضطرارها إلى أن تشرح للطلاب الأيرلنديين أن (أوسكار وايلد) كان، نعم، في الواقع ، أيرلنديا".
كان (وايلد) في ذروته - تلك الفترة القصيرة بين النشر الأولي" لصورة دوريان جراي" في عام 1890 وإدانته بالفحش الجسيم في عام 1895 – يُماثل مسرح لندن ومجتمع لندن وأزياء لندن. جاء سقوطه في أولد بيلي، المحكمة الجنائية سيئة السمعة في لندن، وهو مبنى ضيق وخالي من الهواء يشتهر بقدرته على إثارة اليأس لدى المتهم والقاضي على حد سواء.
بعد عامين من العمل الشاق جاءت باريس: الشوارع، وشرفات المقاهي، وغرف الفنادق، وفي عام 1900، قبر فقير في Bagneux. لندن وباريس: بالنسبة للكثيرين، حياة (وايلد) هي قصة مدينتين. لا يوجد مجال كبير لدبلن في هذه النسخة من قصته، على الرغم من الجهود الأخيرة التي بذلت للاحتفال (بأوسكار) في مدينة ولادته. في دبلن، (وايلد) هو شبح مرتين.
إذا كانت أيام (وايلد) في دبلن قد حصلت على القليل من الاهتمام في الخيال الشعبي، فهناك مساحة أقل لأيامه في مدرسة "إنيسكيلين Enniskillen". صحيح أنه ليس هناك الكثير مما يمكن القيام به. فقد كان (وايلد) نفسه مشدودا بشكل غير معهود بشأن السنوات السبع التي قضاها في مدرسة (بورتورا) الملكية، الواقعة في "إنيسكيلين" ، مقاطعة "فيرماناغ". أغلقت المدرسة في عام 2016، لكن المبنى الذي عرفه وايلد بين عامي 1864 و1871 لا يزال موجودا. مجموعة من الصناديق الصارمة ملونة بالجرافيت، تجثم "بورتورا "على تل صغير فوق Lough Erne. وأطلق بعض التلاميذ الآخرون على (وايلد) "غراب رمادي". هذا اللقب سيكون جيدا جدا للمدرسة نفسها. إنه مكان قاتم وبارد، حيث تطل النوافذ الجورجية العالية على المياه الداكنة.
تبدو شخصية المدرسة شبه المسرحية أكثر ملاءمة لتلميذ لاحق، "صموئيل بيكيت"، الذي درس هناك بين عامي 1920 و1923. يبدو أن (وايلد) لم يأخذ سوى القليل من "بورتورا "بصرف النظر عن معرفته باليونانية واللاتينية، لكن صبيا من مواهبه كان سيكتسب هذه المعرفة أينما ذهب إلى المدرسة. من المؤكد أنه لم يتعلم شيئا عن أيرلندا في "بورتورا "، والتي بدت وكأنها تعمل تحت ذريعة أنها كانت موجودة في "أوكسفوردشاير" بدلا من "فيرماناغ" - كان التاريخ الإنجليزي هو التاريخ الوحيد.
ولم يكن هناك الكثير من الراحة خارج الفصل الدراسي. كانت الأنشطة اللامنهجية المناسبة لصبي مثل "أوسكار" ضعيفة على الأرض. حتى فرص التجارب الجنسية التي يفترض أنها تكثر في المدارس الداخلية يبدو أنها قد فاتته. لا عجب أنه في وقت لاحق من حياته، قام (وايلد) بمراجعة وقته في المدرسة من سبع سنوات إلى سنة واحدة. عندما أدين بارتكاب فحش جسيم في عام 1895، قامت السلطات في "بورتورا" بمراجعة وقته إلى أبعد من ذلك، من سبع سنوات إلى لا شيء. تمت إزالة اسمه من مجلس الشرف بالمدرسة. تم كشط الحروف O. W. ، التي نحتها على حافة النافذة عندما كان صبيا ، من قبل مدير المدرسة.
إزالة هذا الغرافيتي الطفولي له تأثير بشكل خاص. إن كون الأساتذة على دراية بذلك على الإطلاق في مدرسة كبيرة، وهو مبنى يفترض أنه مليء بالخدوش ورسومات الشعار المبتكرة التي صنعتها أجيال من الأولاد الذين يشعرون بالملل، أمر معبر. كانت تلك الرسائل على حافة النافذة جزءا من تاريخ المدرسة لفترة من الوقت. لقد صنعها صبي استمر في القيام بأشياء عظيمة. لكن الصبي ذهب بعيدا في النهاية. كان لا بد من كشط تاريخ المدرسة مرة أخرى، مع إعطاء طبقة جديدة من الطلاء.
لم تكن “بورتورا “بداية ساحرة لحياة) وايلد(. لقد مرت سبع سنوات حتى أنه لم يكن من الممكن أن يزعج نفسه وجعلها من الأساطير. بدلا من ذلك، قلل من السنوات التي كان فيها تلميذا، ونجح في القيام بذلك. ولكن كان هناك جزء واحد من طفولته الأيرلندية يتبع) وايلد( عبر البحر إلى إنجلترا. جزء صغير من طفولته، باعتراف الجميع. ألطف ومضة من شبابه. ومع ذلك، كانت هذه شخصية من ماضي )أوسكار (ستثبت أنها مفيدة في سقوطه، على الرغم من أن القليل منهم يتذكرون الآن السير )إدوارد كارسون( لهذا السبب. وهو معروف باسم الرجل الذي أنشأ أيرلندا الشمالية.
حقائق سقوط) وايلد(معروفة جيدا لدرجة أن ملخصا موجزا سيكون كافيا. التقى) اللورد ألفريد دوغلاس (في عام 1891. كان (دوغلاس (جميلا ونرجسيا ومللا. لم ينظر) وايلد(إلى الخلف أبدًا. بحلول عام 1893، كان الإثنان لا ينفصلان. أصبح والد (دوغلاس)، (ماركيز كوينزبيري)، منزعجا بشكل متزايد من ارتباط ابنه بأشهر (داندي) في لندن.
وصلت الأمور إلى ذروتها عندما ترك (كوينزبيري) بطاقة (لوايلد) في ناديه في فبراير 1895. وكتب على البطاقة: "بالنسبة لأوسكار وايلد، يتظاهر بأنه لوطي [كذا]". التظاهر هي الكلمة الأساسية. هذا يعني أن (كوينزبيري) يمكن أن يهين (وايلد) دون محاكمته بتهمة التشهير - لم يكن يتهم (وايلد) بأنه لوطي، ولكن بالتظاهر بأنه واحد. أن تكون لواطيا كان جريمة، أما مجرد التظاهر، فليس كذلك.
ربما كان الخطأ الإملائي في اللواط دفاعا من نفس النوع - اتهام رجل ب "لوطي" لا يمكن اعتباره تشهيرا - على الرغم مما هو معروف عن القدرة الفكرية ل(كوينزبيري)، فمن المرجح أنه ببساطة لم يستطع تهجئة الكلمة بالشكل الصحيح.
في وقت لاحق جاءت الأسئلة حول العاهرين من الشباب الصغير. هل تعرّف السيد (وايلد) على هذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهذا الاسم؟على الرغم من الصياغة الدقيقة للبطاقة، رفع (وايلد) دعوى قضائية ضد (كوينزبيري) بتهمة التشهير. كان هذا ضد نصيحة العديد من أصدقائه. كانت البطاقة مهينة، لكنها كانت إهانة شخصية تم تسليمها من رجل إلى آخر. لم يكن هناك خطر من وصول اتهام (كوينزبيري) إلى مجتمع أكبر، ما لم يختار أوسكار الإعلان عنه من خلال اتخاذ إجراءات قانونية. ولم تكن قاعة المحكمة مكانا لرجل مثل (وايلد)، حتى كطرف مجروح. حياته الخاصة جدا تركته عرضة للهجوم المضاد.
تم الاتصال (بإدوارد كارسون) للدفاع عن( كوينزبيري). اعترض في البداية. مثل (وايلد)، ولد (كارسون) في دبلن عام 1854. لقد لعبوا معا كأطفال في أيام العطلات في مقاطعة "وترفورد"، وكان الرجلان قد التحقوا بكلية ترينيتي في نفس الوقت. لقد اصطدموا ببعضهم البعض مرة أو مرتين في لندن على مر السنين، على الرغم من أنهم لم يكونوا أصدقاء أبدا. شعر (كارسون) أن هذا الارتباط السابق مع (وايلد)، مهما كان طفيفا، يمثل تضاربا في المصالح. لن يدافع عن رجل متهم بالتشهير بأحد معارفه، وخاصة رجل مثل (كوينزبيري)، مُهرج الواحة الذي كان تمييزه الوحيد في الحياة هو أنه كان مؤيدا متحمسا لحرق الجثث.
غير (كارسون) رأيه عندما أصبح من الواضح أن مزاعم (كوينزبيري) يمكن إثباتها بشكل قاطع في المحكمة. تم تعقب الأولاد المستأجرين(العاهرين)، وأخذ إفادات الشهود، ومصادرة الهدايا من أوسكار إلى أصدقائه كدليل. هذا التغيير في القلب مثير للاهتمام. لا شك أن حقيقة علاقات (أوسكار) العديدة صدمت المحامي المتدين بشدة ودفعته إلى العمل. وبالمثل، يبدو من الممكن القول إن (كارسون) رفض القضية في البداية لأنه لم يعتقد أنه من الممكن الفوز: أظهر نثر (وايلد) ومسرحياته حساسية منحلة ونهجا غريبا للأخلاق، لكن هذا لم يكن قريبا بما يكفي لإثبات أن (كوينزبيري) كان على صواب في وصفه باللواط. الآن بعد أن تم رسم خريطة لمتاهة عالم (وايلد) الخاص، بدت تبرئة المركيز مؤكدة.
كان استجواب (إدوارد كارسون) ضجة كبيرة. لم يكن ذكاء (وايلد) وسحره وموهبته في المفارقة الفاحشة (وإن كانت رسمية) يضاهي استجواب (كارسون) العنيد الذي كانت أول معركة له انتصارا. صرح (وايلد) للمحكمة بأنه يبلغ من العمر 38 عاما. ذكر (كارسون)، الذي كان يعلم أن (وايلد) ولد في نفس العام الذي ولد فيه، الكاتب المسرحي بأنه يجب أن يكون عمره 40 عاما على الأقل. لحظة صغيرة، لكنها مهمة. كان وايلد قد حنث باليمين. في وقت لاحق جاءت الأسئلة حول الشباب العاهرين. هل تعرف السيد (وايلد) على هذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهذا الاسم؟ وهل أعطى هذا الصبي علبة سجائر، وذلك الصبي بدلة جديدة من الملابس وعكاز فضي؟ لماذا فعل ذلك؟ لماذا يا سيد (وايلد)؟ لماذا، لماذا، لماذا؟
تعثر ذكاء (وايلد). تم استبدال المفارقات بمزحات صغيرة يائسة. ضحك المتفرجون في قاعة المحكمة معه في البداية. الآن نظروا إليه ببرود. في اليوم الثالث من المحاكمة، أسقط محامي (وايلد) القضية ضد (كوينزبيري). لقد قيل إن (وايلد) اضطر إلى البحث عن ثروته في إنجلترا لسبب بسيط هو أن الأيرلنديين لا يعجبون بالحديث الذكي. في النهاية، ربما كان من المحتم أن يكون زميله الأيرلندي هو الشخص الذي يُطلقه إلى الأرض.--------------------------------------------------------------------مقتطف من كتاب (منزل الغريب: كتابة أيرلندا الشمالية). ©2023 ألكسندر بوتس وأعيد طبعه بإذن من تويلف بوكس / مجموعة هاشيت للكتاب.
March 22, 2023
(مُترجم)- قصة قصيرة : (روي سبيفي)

جلستُ مرتين بجانب رجل مشهور على متن طائرة. الرجل الأول كان (جيسون كيد)، لاعب كرة السلة في فريق (نيوجيرسي نتس). سألته لماذا لم يسافر في الدرجة الأولى؟
فقال إن: ابن عمه يعمل مع خطوط يونايتد.
- ألن يكون هذا سببًا إضافيًا للحصول على الدرجة الأولى؟
قال وهو يمدد ساقيه في الممر:
- عادي
لم أعلّق على ما قاله، لأن ما الذي أعرفه أنا عن خصوصيات وعموميات كونك أحد المشاهير في عالم الرياضة؟ لم نتحدث بقية الرحلة.
لا أستطيع ذِكْر اسم الشخص المشهور الثاني، لكني سأقول إنه من نجوم هوليود الذين تخفق لهم القلب ومتزوج من نجمة واعدة شابة جميلة. أيضا، يوجد الحرف "V" في اسمه الأول. هذا كل ما أستطيع... لا يمكنني قول أكثر من ذلك. فكرّ في التجسس. حسنًا، أخيرًا، وهذا كل شيء حقًا.. سأطلق عليه اسم (رُوي سبيفي)، وهذا جناس مطابق لاسمه تقريبًا.
لو كنتُ شخصًا أكثر ثقة بنفسي، لما كنت تطوعت للتخلي عن مقعدي في رحلة مزدحمة، ولما تم ترقية مقعدي إلى الدرجة الأولى، ولم أكن لأجلس بجانبه. كانت هذه مكافأتي لكوني ضعيفة لا أعترض. لقد نام طوال الساعة الأولى، وكان من المذهل رؤية وجه مشهور يبدو ضعيفًا وفارغًا هكذا. كان مقعده بجوار النافذة ومقعدي على الممر، وشعرت كما لو كنت أراقبه، أحميه من الأضواء الساطعة والمصورين.
نم، أيها الحاسوس الصغير، نم. في الواقع، إنه ليس صغيراً، لكننا جميعًا أطفال عندما ننام. لهذا السبب، كنت أترك الرجال الذين أواعدهم يروني وأنا نائمة في بداية علاقتنا. هذا يجعلهم يدركون أنه على الرغم من أني خمسة أقدام وأحد عشر بوصة طولا، فأنا ضعيفة وأحتاج إلى العناية. الرجل الذي يستطيع أن يرى الضعف في “عملاق" يُعرف عنه أنه رجل بالفعل وسرعان ما تجعله النساء القصيرات يشعر بالضيق تقريبًا، وهو من الآن لديه نقطة انجذاب للنساء طويلات القامة.
تحرك (روي سبيفي) في مقعده وهو يستيقظ. أغلقتُ عينيّ بسرعة، ثم فتحتهما ببطء، كما لو كنت أنا أيضا نائمة، لكنه لم يفتح عينيه بعد. أغلقت عينيّ مرة أخرى وفتحهما على الفور، ببطء، وهو يفتح عينيه ببطء. والتقت أعيننا، وبدا كما لو أننا قد استيقظنا من نوم واحد، من حلم حياتنا كلها. أنا، امرأة طويلة ولكن غير مميزة؛ وهو جاسوس مميز، في الحقيقة، لم يكن مجرد ممثل، لم يكن مجرد رجل، ربما مجرد صبي. هذه هي الطريقة الأخرى التي يمكن أن يؤثر بها طولي على الرجال: الطريقة الأكثر شيوعًا: أن أصبح أمًا لهم.
تحدثنا بلا انقطاع لمدة الساعتين التاليتين، كانت محادثة تدور حول كل شيء على وجه التحديد. أخبرني بتفاصيل حميمة عن زوجته الجميلة، (السيدة م). من كان يظن أنها بكل هذا الاضطراب؟
- "أوه ، نعم ، كل شيء في التابلويد "الصحف الصفراء" صحيح."- صحيح؟
- نعم، خاصة فيما يتعلق باضطرابات الأكل. "
- لكن الخيانة الزوجية؟
- لا. لا خيانة زوجية. بالطبع لا. لا يمكن أن تصدقي (الكآبة) الجرائد الصفراء. أو علامات التبويب ".
- كآبة؟
- نسمي صحافة الجرائد الصفراء بالتابلويد: الكآبة. أو علامات التبويب.
عندما تم تقديم الوجبات، شعرت كما لو أننا نتناول الإفطار في السرير معًا، ولمّا قمت من مقعدي لاستخدام الحمام قال مازحا:
- ستتركينني!
قلت:
- "سأعود
وبينما كنت أسير في الممر، كان العديد من الركاب يحدقون بي، وخاصة النساء. انتشر الخبر بسرعة في هذه القرية الصغيرة الطائرة. ربما كان هناك حتى بعض كتاب "الكآبة'' على متن الرحلة. بالتأكيد، كان هناك بعض قراء "الكآبة والصحف الصفراء". هل كنا نتحدث بصوت عال؟ بدا لي أننا كنا نهمس. نظرت في المرآة أثناء التبول وتساءلت عما إذا كنت أبسط شخص تحدث إليه على الإطلاق.
خلعت بلوزتي وحاولت أن أغسل تحت ذراعي، وهو أمر غير ممكن حقًا في مثل هذا الحمام الصغير. رميت حفنة من الماء باتجاه الإبطين ولكن الماء سقط على تنورتي المصنوعة من نوع القماش الذي يتحول إلى لون أغمق عندما يتبلل. كان هذا موقفًا صعبا وضعت نفسي فيه. تصرفت بسرعة، خلعت تنورتي ونقعتها كلها في الحوض، ثم عصرتها وارتديتها مرة أخرى بعد أن قمت بفردها بيديّ. كانت التنورة كلها غامقة اللون الآن. مشيت عائدة في الممر وأنا حريصة على عدم لمس أي شخص بتنورتي الغامقة.
عندما رآني (روي سبيفي) صرخ:
- قد عدتِ- ضحكتُ وهو يقول:
- ماذا حدث لتنورتك؟
جلستُ وشرحت الأمر برمته، بداية من الإبطين. كان يستمع بهدوء حتى انتهيت.
- فهل تمكنت من غسل إبطيكِ في النهاية؟- لا
- هل رائحتهما كريهة؟
- أعتقد ذلك
- أستطيع أن أشمهم وأخبرك
- لا!
- لا بأس. إنه جزء من العمل في السينما
- حقا؟
- نعم.. هيا دعيني...
انحنى وضغط أنفه على بلوزتي:
- إنها كريهة الرائحة.
- حسنًا، لقد حاولت غسلهما
لكنه كان واقفًا الآن، يتسلق من جانبي إلى الممر ويفتش في كابينة الحقائب العلوية. سقط مرة أخرى في مقعده بشكل درامي، ممسكًا بزجاجة في رأسها مضخة.
- إنها معطر الجو" فيبريز “.- أوه، لقد سمعت عن ذلك
- "يجف في ثوان، ويأخذ معه الرائحة. ارفعي ذراعيكِ
رفعت ذراعي وبتركيز كبير قام بضخ ثلاث بخاخات طويلة تحت كل كُم
- من الأفضل إبقاء ذراعيكِ متباعدين حتى يجف ".فردت ذراعي حتى امتدت إحداهما إلى الممر وذراع أخرى عبرت فوق صدره، حتى ضغطت يدي على النافذة. أصبح من الواضح فجأة كم كنت طولية. فقط امرأة طويلة جدًا يمكنها تحمل مثل هذا الجناح. حدق في ذراعي أمام صدره للحظة، ثم زمجر وعضها. ثم ضحك، وضحكت أنا أيضًا، لكنني لم أعرف ما كان هذا، عض ذراعي!
- ما كان هذا؟- هذا يعني أنني معجب بك!
- أوك
- هل تريدين عضيّ؟
- لا
- ألستِ معجبة بي؟
- بلا.. أنا معجبة بك
- هل لأنني مشهور؟
- لا
- فقط لأنني مشهور لا يعني أنني لست بحاجة إلى ما يحتاجه الآخرون. هيا، عضني في أي مكان.. عضي كتفي
أزاح سترته للخلف، وفك الأزرار الأربعة الأولى من قميصه، وسحبه للوراء، وكشف عن كتفًا كبيرًا مدبوغًا. انحنيتُ بسرعة كبيرة وعضضت كتفة بخفة، ثم التقطت كتالوج SkyMall الخاص بي وبدأت في القراءة. بعد دقيقة، قام بإغلاق الأزرار، وقام ببطء بالتقاط نسخته من SkyMall. قمنا بالقراءة لمدة نصف ساعة كاملة.
خلال هذا الوقت كنت حريصة على عدم التفكير في حياتي التي كانت بعيدة عنا، في مبنى سكني من الجص البرتقالي الوردي. بدا الأمر كما لو أنني لن أضطر إلى العودة إليها الآن. تدفق طعم ملح كتفه على طرف لساني. قد لا أقف مرة أخرى في منتصف غرفة المعيشة وأتساءل ماذا أفعل بعد ذلك. كنت أقف هناك أحيانًا لمدة تصل إلى ساعتين، غير قادر على توليد الزخم الكافي لتناول الطعام، والخروج، والتنظيف، والنوم. بدا من غير المحتمل أن الشخص الذي عضْ وعضهُ أحد المشاهير ستواجه هذا النوع من المشاكل.
قرأت عن مكانس كهربائية مصممة لامتصاص الحشرات من الهواء. درست رفوف مناشف ذاتية التسخين، والأحجار المزيفة التي يمكن أن تخفي تحتها المفتاح. كنا نبدأ الهبوط. قمنا بتعديل مقاعدنا وطاولات الطعام.
التفت (روي سبيفي) فجأة إليّ وقال:
- "مهلا.. هاي
أنا أيضا قلت:
- هايقال:
- لقد قضيت وقتًا رائعًا معكِ
- وأنا كذلك
- سأكتب رقمًا، وأريدكِ أن تحرسيهِ بحياتكِ
- أوك
- لو وقع رقم هذا الهاتف في يدي الشخص الخطأ، سأضطر إلى جعل شخص ما القيام بتغيره، وهذا صداع كبير
- أوك
كتب الرقم على صفحة من كتالوج Skymall وقطعها ووضعها في راحة يدي
- هذا هو الخط الشخصي لمربية أطفالي. الأشخاص الوحيدون الذين يتصلون بها على هذا الخط هم صديقها وابنها. لذلك هي تجيب عليه دائما. سوف تجعلك تمرين دائمًا. وهي تعرف دائما أين أنا
نظرتُ إلى رقم الهاتف وقلت له:
- إنه ناقص رقم- أعرف ذلك. أريدك أن تحفظي الرقم الأخير. أوك؟
- أوك
- الرقم الناقص هو "أربعة"
حولنا وجوهنا إلى مقدمة الطائرة، وأخذ (روي سبيفي) يدي بلطف. كنت لا أزال أمسك الورقة بالرقم، فحملها معي. شعرت بالدفء والبساطة. لا يمكن أن يحدث لي أي شيء سيء ويدي ممسكة بيده، وعندما أتركها، سيكون معي الرقم المُنتهي ب "أربعة". أردت رقمًا كهذا طوال حياتي. هبطت الطائرة بأمان، مثل خط مرسوم بسهولة. ساعدني في إنزال حقيبتي المحمولة – التي بدت مألوفة بشكل فاحش- من الكابينة العلوية.
- سوف ينتظرني فريقي هناك بالخارج، لذلك لن أتمكن من قول وداعًا على الوجه الصحيح
- أعرف هذا. لا بأس
- لا... إنه أمر سخيف
- لكنى متفهمة
- أوك.. هذا ما سأفعله. قبل مغادرة المطار مباشرة، سوف أتي إليك وأقول، "هل تعملي هنا؟
- أوك.. مفهوم
- لا، هذا مهم بالنسبة لي. سأقول،" هل تعملي هنا؟ " ثم تقولي الجزء الخاص بك
- ما هو الجزء الخاص بي؟
- تقولي: لا
- وسأعرف ما تعنيه. سنعرف المعنى السري.
- أوك
نظرنا إلى عيون بعضنا البعض بطريقة تقول إنه لا شيء آخر مهم بقدر أهميتنا نحن. سألت نفسي إذا كنت سأقتل والديّ لإنقاذ حياته، وهو سؤال كنت أطرحه منذ أن كان عمري 15 عامًا. كان الجواب دائمًا نعم. ولكن في الوقت المناسب تلاشى جميع هؤلاء الأولاد، ووالديّ كانا لا يزالان هناك. كنت الآن أقل وأقل استعدادًا لقتلهم لأجل أي شخص؛ في الواقع، أنا قلقة على صحتهم. في هذه الحالة، ومع ذلك، كان عليّ أن أقول نعم. نعم، كنت سأفعل.
مشينا في النفق بين الطائرة والحياة الحقيقية، وابتعد عني بعد ذلك، دون النظر تجاهي
حاولت ألا أبحث عنه في منطقة استلام الحقائب. سوف يجدني قبل مغادرته. ذهبت إلى الحمام. اخذت حقيبتي. شربت من نافورة الماء. شاهدت الأطفال يضربون بعضهم البعض. أخيرًا، تركت عيني تزحف على الجميع. كانوا جميعا إلا هو، كل واحد منهم. لكنهم كانوا يعرفون اسمه. أولئك الذين كانوا موهوبين في الرسم كان يمكنهم رسمهُ من الذاكرة، ومن الممكن أن يصفه الجميع بالتأكيد، إذا كان طُلب منهم ذلك. المكفوفين فقط هم الأشخاص الوحيدون الذين لم يعرفوا ما هو شكله.
وحتى المكفوفين كانوا يعرفون اسم زوجته، وعدد قليل منهم يعرف اسم البوتيك الذي اشترت منه زوجته بلوزة اللافندر والسروال الذي من نفس النوع. كان (روي سبيفي) موجود في كل مكان وليس له أثر في أي مكان. شخص ما ربت على كتفي:
- المعذرة هل تعملين هنا؟
لقد كان هو. إلا أنه لم يكن هو، لأنه لم يكن هناك صوت في عينيه. كانت عيناه صامتة بلا صوت. كان يمثل.
قلت الجزء الخاص بي:
- لا
ظهرت بجانبي مضيفة من المطار صغيرة وجميلة. قالت بحماس:
- أنا أعمل هنا. يمكنني مساعدتك
توقف مؤقتًا لجزء صغير من ثانية ثم قال، "عظيم".
انتظرت لأرى ما سيأتي به، لكن المضيفة نظرت في وجهي بتوهج كما لو كانت رقبتي مطاطيًة وقد مددتها للتحديق في تطفل بطريقة حمقاء. ثم نظرت إليه وهي تقلب عينيها كما لو كانت تحميه من أشخاص مثلي. أردت أن أصرخ، "لقد كان رمزا بيننا له معنى سري!" لكنني عرفت كيف سيبدو هذا، لذلك تحركت.
في ذلك المساء، وجدتني أقف في منتصف غرفة المعيشة. كنت قد صنعت العشاء وأكلته، وكان لدي فكرة أن أقوم بتنظيف المنزل. لكن في منتصف الطريق إلى المكنسة، توقفت بفعل رغبة ليس لها تفسير، ورُحت أغازل الفراغ في وسط الغرفة. أردت أن أرى ما إذا كان بإمكاني البدء من جديد. لكن، بالطبع، كنت أعرف ما ستكون الإجابة. كلما وقفت هناك، اضطررت للوقوف لفترة أطول. لقد كان هذا الأمر معقدا ومتسارعا. بدوت وكأنني لا أفعل شيئًا، لكنني، في الواقع كنت مشغولة مثل فيزيائي أو سياسي. أضع استراتيجيته لحركتي التالية التي كانت دائمًا عدم التحرك، وهذا لم يجعل الأمر أسهل.
لقد تركت فكرة التنظيف وآملت فقط أن آوي إلى الفراش في وقت معقول. فكرت في (روي سبيفي) وهو في السرير مع (السيدة م). ثم تذكرت الرقم وأخرجته من جيبي. لقد كتب الرقم على صفحة بها صورة ستائر وردية اللون. كانت مصنوعة من نسيج تم تصميمه في الأصل لمكوك فضاء ولكنهم غيروا كثافة القماشة كرد فعل لتقلبات الضوء والحرارة. نطقت جميع الأرقام ثم قلت الرقم المفقود بصوت عالٍ: "أربعة". شعرت بمخاطرة غير مشروعة. صرخت، "أربعة!" انتقلت بسهولة إلى غرفة النوم ولبستُ ثوب النوم، وغسلت أسناني، وخلدتُ إلى الفراش.
استخدمت الرقم عدة مرات على مدار حياتي. ليس رقم الهاتف، فقط رقم "أربعة". عندما قابلت زوجي لأول مرة، اعتدت أن أهمس "أربعة" أثناء الجماع الذي كان مؤلمًا للغاية. ثم تعلمت بعد ذلك عملية صغيرة عسى أن تُكبّر نفسي. همست "أربعة" عندما توفي والدي بسبب سرطان الرئة. وعندما واجهت ابنتي مشكلة ربنا وحده يعلم ما كانت تفعل في مكسيكو سيتي، قلت لنفسي "أربعة" وأنا أعطيها رقم بطاقة الائتمان عبر الهاتف. وكان هذا مربكا أن تفكر في رقم وتنطق برقم آخر.
يمزح زوجي على رقمي المحظوظ، لكنني لم أخبره أبدًا عن(روي). يجب ألا تقلل من قدرة الرجال عندما يشعرون بالتهديد. ليس شرطًا أن تكوني رائعة الجمال كي يتضارب الرجال عليك. في احتفال "لم الشمل" الخاص بمدرستي الثانوية، أشرتُ إلى معلم كنت معجبة وأنا في المدرسة، وبحلول نهاية الليل، كان هذا المعلم وزوجي يتصارعان في جراج الفندق. قال زوجي إن الأمر يتعلق بالعرق، لكنني عرفت أنه من الأفضل ترك بعض الأشياء غير منطوقة.
هذا الصباح، كنت أقوم بتنظيف صندوق المجوهرات الخاص بي عندما عثرت على قطعة صغيرة من الورق لستائر وردية. اعتقدت أنني فقدتها منذ فترة طويلة، ولكن، لا، ها هي، مطوية أسفل زهرات قرنفل جافة وبعض الأساور الثقيلة التي ليس لها استخدام عملي. لم أهمس "أربعة" منذ سنوات. جعلتني فكرة الحظ أشعر بالقلق قليلاً الآن، مثل أعياد الكريسماس عندما لا تكون في حالة مزاجية مناسبة.
وقفت بجانب النافذة أدرس خط يد (روي سبيفي) أسفل الضوء. أنا أكبر سناً الآن نحن جميعًا، لكنه كان لا يزال يُمثل. لديه مسلسل تلفزيوني خاص به. لم يعد جاسوسًا الآن.، بل يعلب دور والد اثنا عشر أطفال اشقياء. خطر ببالي أنه فاتتني هذه النقطة تمامًا. لقد أرادني أن أتصل به. نظرت من النافذة: كان زوجي في مدخل المنزل، يكنس أرضية السيارة بالمكنسة الكهربائية. جلست على السرير والرقم على ركبتي والهاتف في يدي. طلبت جميع الأرقام، بما في ذلك الرقم غير المرئي الذي كان يراعيني خلال حياتي كبالغة. لم يعد الرقم في الخدمة. بالطبع لم يكن يعمل. كان من غير المنطقي بالنسبة لي أن أفكر في أنه سيظل الخط الخاص بمربية أطفاله. لقد كبر أطفال (روي سبيفي) منذ فترة طويلة. ربما تعمل المربية عند شخص آخر، أو ربما عملت بشكل جيد لنفسها من خلال الالتحاق بمدرسة التمريض أو كلية إدارة الأعمال. جيد لها. نظرت إلى الرقم وشعرت بخسارة تتضخم مثل المد والجزر. كان الوقت قد فات. لقد انتظرت أطول من اللازم.
سمعت صوت زوجي وهو يضرب مشايات السيارة على الرصيف. ضغطت قطتنا العجوز على ساقي رغبة في الطعام. لكن يبدو أننى لا أستطيع الوقوف. مرت دقائق.. ما يقرب من ساعة. يبدأ الظلام الآن. كان زوجي في الطابق السفلي يصنع كأسا وكنت أنا على وشك الوقوف.. كانت الجنادب تزقزق في الفناء وأنا كنت على وشك الوقوف.
-------------------------------------------------------------------------
تم نشر هذه القصة في الطبعة المطبوعة من النيويركر يونيو ٢٠٠٧. ميراندا جولاي هي مخرجة سينمائي وكاتبة لها خمس كتب
الكاتبة: ميراندا جولاي
ترجمة: رأفت رحيم
March 16, 2023
المتخيل في الحب والفراق وكراهية لقاء الأبطال

في نيويورك عملتُ في شركة تنظيم وتحضير المؤتمرات الصحفية التي تسبق طرح الأفلام في دور العرض. في بداية عملي، كدت ألا أنام عندما عرفت أني سوف أعمل في الفيلم الفلاني الذي قام ببطولته أحد نجومي المفضلين. في الصباح نزلت لاستقباله على الباب، وأثناء نزوله من السيارة، مر أحد المعجبين به وحاول أن يسلم عليه، لكن النجم رمقه بنظرة احتقار ولم يمد له يده وواصل طريقه كأن هذا المعجب لا شيء.
في التسعينات، قلمّا ظهر نجوما مثل محمد منير أو عمرو دياب في الجرائد أو التلفزيون. لم نكن نعلم عنهم شيئًا سوى أغانيهم. نادرًا ما سمعنا تصريحا بعيدًا عن الغناء. هذا الاختفاء جعلنا نتخيل ونبني أساطير حولهما وحول غيرهم من الأمثلة الكثيرة - في الرياضة والأدب والسينما -التي نجهل شخصها وحياتها الخاصة لكن نعرف ما تقدم من فنون. كان لنا أصدقاء يقومون بنط أسوار نادي سبورتنج لحضور حفلة لمنير أو عمرو دياب. وفي اليوم التالي نجلس نستمع إلى هذا (الناطط) ليحكي لنا كل صغيرة وكبيرة في الحفل.
نظرًا لنقص المعلومات، نقوم نحن ببناء (مُتخيل) من هالات وشخصيات متعددة لكل أبطالنا. وكذلك كان الحال لنجوم نحبهم ولكن لم نعاصرهم مثل محمد فوزي وعبد الحليم وغيرهم. نحن نعرف مجرد قشرة عن شخصياتهم أو بالأصح لم نسمع منهم في فيديو أو تويت أو بوست على الفيس بوك حتى نحكم على مدى غباء أو ذكاء آرائهم. تُرى لو عاش عبد الحليم وفوزي حتى بلغا من العمر أرذله، هل كانا سيحظيان بنفس المكانة؟ نحن نكمل الناقص ونزيد من الحكايات التي تجعلهم أنبياء لا غبار عليهم. وعندما تخرج اشاعة أن الممثل الفلاني أو اللاعب الفلاني يعمل الخير أو يساعد الناس، تكبر الإشاعة حتى تصبح نبوءة جاء بها جبريل وأن هذا اللاعب أو الممثل ما هو إلا ملاك.
وفي الحب، نأكل لأحبابنا الزلط كما يقولون. في البدايات ندعي الكمال.. كان لي صديق واقعي أزيد من اللازم. عندما يصيبنا (كراش) على أحد الفتيات، كان يقول تخيلها وهي في الحمام تعمل رقم ٢ وسوف تنفر منها في الحال. ولي أصدقاء متزوجون صمموا أن يكون المنزل أو شقة الزوجية بحمامين حتى لا يشارك الحمام مع حبيبته ويكتشف أنها إنسان من لحم ودم لها متطلبات بيولوجية مثلنا نجن الرجال. أعرف شاعر كبير وشهير، كنا نجلس على أحد مقاهي القاهرة، وجاء شاب معجب يتصور مع الشاعر. قام الشاعر بإزاحة كل زجاجات البيرة من على الطاولة حتى لا تظهر في الصورة. يجب أن يبقى الشاعر في (المتخيل) لا يشرب البيرة.
حتى في الفراق، الفراق "الراقي".. أي فراق من نحب فقط. نعم.. أحيانًا كثيرة نفارق من نحب لأسباب متنوعة. في هذا الفراق، نأخذ معنا ذكريات بعضها حقيقي وبعضها من (المتخيل). نضع هذه المشاهد والمتخيلات في أرقى وأقرب مقاعد الذاكرة حتى نلجأ إليها عند اللزوم لإنقاذ حياتنا.
يعيش (المتخيل) إلى الأبد طالما حافظنا عليه وحميناه من كل ما هو حقيقي. وينهدم تماما عندما تبدأ حفلات تركي آل الشيخ ويظهر عمرو دياب ومنير على خشبة مسرح واحدة. ينهدم (المتخيل) على قنوات السوشيال ميديا عندما يفتح أبطالنا أفواههم برأي مختلف لا يروقنا. ينهدم المتخيل عندما نستخدم نفس الحمام الذي يستخدمه أحبائنا. تبعد مقاعد الذكريات تلك عندما نشاهد ما حدث للأحباب وكيف غيرّوا أو غيرّهم الزمن!
نصنع بقلوبنا خريطة عقلية مثالية لأبطالنا وأحبابنا، خريطة رسمتها قلوب لا منطقية لأننا نعلم جيدًا أنه لا علاقة للقلوب بالمنطق. وهكذا يكمن جمال القلوب في جنونها. في هذه الخرائط نمحو كل ما يؤذينا ويغير نظرتنا لأبطالنا. لأننا في الواقع نكره لقاء أبطالنا.
March 12, 2023
قصة قصيرة: (وطبعًا أحبكِ)

(قمر)
...
كنت بين اليقظة والمنام أُفكِر في وَلَعْكَ الشديد بعرائس البحر، أُهدهد بين يدي عروس جديد اشتريتها لك عندما وقف على رأس سريري عسكري يتطلع في! صرخت في وجهه مفزوعة وقمت هاربة استفسر عما يحدث. جاءت قوة أمنية ضخمة في الفجر وكسر العساكر الباب. وجدت الصالة مكتظة برجال الأمن وأمي تقف في منتصف الصالة على وجهها ابتسامة واثقة.
لا أظن أنكَ تعلمُ أنهم قبضوا على أبي و أودعوه السجن بسبب مقال..لم يكن مقال بالشكل المتعارف عليه مثل التي كان يكتبها بالماضي، كانت هذه المرة سطور على الفيسبوك، غضب بها رجل ستينّي عاش، هو وجيله، جُل حياته في خيبات متتابعة. يبزغ الأمل ويداعبهم ويبعث فيهم الحياة للحظة ثم ينتهي به المطاف تحت (كاب الجاويش) مثلما يقول دائمًا. الأمل والأحلام كلها تحتضر تحت كاب الجاويش.
حتى هذه اللحظة لا أدرى سبب ابتسامة أمي الواثقة، ربما كانت تتذكر الماضي عندما كان يأتي زوار الفجر بعد كل مقال ليقبضوا عليه. حاول أن يُخيفها قبل أن يتزوجها:
أنا لا أجيد أي شيء سوى الكتابة التى تغضب الجاويش فاطمة
سألته في اتهام:
الكتابة فقط التي تجيدها يا إبراهيم؟
أجابها في عجلة تستنكر السؤال:
وطبعًا أحبكِ
لم أكن أنا في شجاعتها، ولم تكن أنت صادقًا مثله في تعريف ما تجيد ومالا تجيد. نعم تجيد الكتابة مثله ولكنك لم تُقر مثلما قال هو: وطبعًا أحبكِ.
رغم غباء الأسئلة التي نعرف اجابتها ولكننا نحب سماعها في كل الأوقات. تخَلّتْ فاطمة مستقبلها الأكاديمي ووقفت خلف كاتب ثوري شاب يحلم بالعدل والحرية والتوزيع العادل للثروة. أنت تعرف خيبات هذا الجيل أكثر منيّ، طالما اتهمتهم بأنهم عقبة تقف بين أمانينا وأحلام جيلنا الخائبة أيضًا. لطالما سخرتُ من الجيلين
غضبت جدتي أيما غضب عندما حملتني فاطمة إلى سجن طُره حتى أقابل أبي للمرة الأولي بعد ميلادي. قالت لها جدتي:
يا فاطمة أنت نفساء. أول خروجة للبنت الصغيرة تكون سجن طُره. هل يُعقل هذا؟
لم تهتم فاطمة بكلام جدتي، تزينت وذهبت إلى السجن بديعة كي تُذكّره أنها باقية هناك جميلة كما عهدها.. تنتظره وعلى كتفها المستقبل متجسدًا في بكائي
كنت أرتدي في ليلة القبض عليه التي شيرت الأزرق -الذي أحضرته لي من نيويورك- ويتوسطه عصفور صغير محلقًا بجناحيه فوق سلسلة حديدية كُسرّت بعض حلقاتها. أعرف أنك كنت تحب دائمًا تراه وأنا أرتديه لرمزيّة العصفور الصغير الذي يعافر من أجل الحرية.
نعم مازلت ارتدي أشياءك التي لا لن تُعيضيننى عنك أبدًا، لأن التذكّر يُخلّد الحياة كما يقولون. لم أقطّع أوراقك بل أحافظ عليها مثل الأمانة التي سوف تعود يومًا إلى صاحبها. تغيرت أشياء كثيرة في غيابك حتى وإن لم أستطع حتى هذه اللحظة تعريف الغياب. ثمة غائبون وهم في أحضاننا وهناك من هم في أحضاننا ولكنهم غائبون!
لم تهن ولن تهون أبدًا يا عُمَر. كنت أرتاح فقط من احتمالية وجودي معك. لم أُحوّل ماضينا إلى حكاية بعد. سوف يظل جزء منك عالقًا في ثنايايا طول السنين. حماقات المستقبل ربما فرّقت بيننا، ولكني مؤمنة بهذا اليقين، بأن الغائب لابد أن يعود . وبناء على هذا اليقين تحول غيابك إلى مجرد انتظار تمامًا مثلما كنت تسافر في الماضي وفي النهاية تعود. حوّلت انتظاري إلى شوق، والشوق سوف يفوز حتمًا باللقاء. أذكر كلامك:
لا مكان للموج سوى البحر يا قمر. ربما تتهور هذه الموجة وتسافر بعيدًا، ولكنها في النهاية تعود إلى حضن البحر
أنت الذي علمتني أن الحب العظيم لابد أن ينطوى على معاناة، وكنت سعيدة بالمعاناة لو كان هناك وعد ضمنى أو منطقي بأن الحب يمشى معي في نفس الطريق. ربما أنا التي ضللت الطريق.. ربما أنا التي فشلت في معرفة الإتجاهات الصحيحة وتفسير الإشارات. لكن حتى وإن كان هذا صحيحًا، أليس الفشل في تجارب الحب الأولى هو الذي يبرر الحياة و يسوغها؟ لذلك أكتب إليك...
راحت ابتسامة فاطمة بعد اليوم السابع، قضت النيابة بحبسه 15 يومًا احتياطيًا. في الماضي كان شبابهما يتحمل أرض الزنزانة الباردة وزيارات النيابة والجري خلف عربة الترحيلات في شمس أغسطس. كان جهلهم بالمستقبل يقويهم ويمنحهم فرصة ولو ضئيلة بأن هناك في الأفق أمل. لكن لا تنسى كاب الجاويش الذي يبلع كل شيء حتى الإنكسارات!
مرت الأيام تصرع بعضها الآخر، وها أنا ذا مسكورة لا أدري ماذا أصنع. الرعب يخترق روحي كسيف مسموم وأنا أستمع كل يوم في النيابة وأقسام الشرطة إلى الأصوات المحطمة. الشعور بالفقدان مرة أخري يملأ نصف قلبي والنصف الآخر خاوٍ تتراقص فيه مخالب الأفكار السيئة. نجلس في المساء في الصالة التي شهدت ابتسامة فاطمة وهي تسلمهم إبراهيم. نأكل الصمت ونتنفسه. طول النهار نتحدث مع محامين يتفننون في خلق أبجديات قانونية تخنقني. لأول مرة تذهب فاطمة إلى النقطة والاحتمال الذي نتجاهله. ماذا لو مات هناك؟
أشعر أنني أشيخ باكرًا لا بسبب الزمن أو بسبب ما يقع فيه من أحداث ثقيلة مثل الجثث!
أنا أشيخ لأنني وحيدة! لذلك أكتبُ إليكَ
****
(عُمَر)
….
مهما صَغر أو عظم حجم الفقدان، تقف كلمات المواساة عارية من المعاني أمام هذه الدقائق والساعات والأيام التي سرقوها منكما. لقد استولوا بكل بساطة على جزء لن -يعود- من حياتكما.لا أعرف كيف يأتي الناس بالشجاعة عندما يقول شخص لآخر: أنا أشعر بما تشعر به.هذا مستحيل..
نانسي زميلتي في العمل مات زوجها جوزيف ولم تُخبر سوى القليل. يوم موته، جاءت إلى العمل حتى يتم الإنتهاء من إجراءات الدفن. لم تعرف نانسي رجل في حياتها سوى جوزيف. تزوجا في عمر السابعة عشر ولم يفترقا إلا في صباح هذا اليوم عندما طرق الموت بابهما.
ذهبتُ إليها وجلست على مقعد في مكتبها ولم أنطق بحرف. حبسني العجز لا أدري ماذا أصنع وماذا يجب أن أقول. كيف لي أن أواسي أربعين عامًا من الحياة؟ لم أتحرك لدقائق وهي تنظر لي في شفقة! قمتُ من مطرحي وحضنتها ثم ذهبت. المشاعر مثل بصمة الإصبع لا تتكرر أبدًا ،لذلك لن أقول لك أنا آسف لأنهم قبضوا على والدك. فقط أصلي وأدعو أن يعود سالماً.
لقد علمتُ بالخبرَ مؤخرًا ، وقد قرأت البوست الذي كتبه وعلّقت عليه أيضًا. البوست كان عبارة عن سطور ناصحة ، فقد نصح جيلنا في الأربعة سطور ألا نآمن للجاويش وجاء بثلاث أمثلة من التاريخ. كان مخلصًا لا يريد لنا أن نخيب.
إهتمَ الشباب بالبوست وتجمعوا حوله في نقاشات مُتحضرة، وهذا ما أخاف الجاويش: أن يتجمع الناس حول أي شيء وخصوصًا إذا كان هذا الشيء هو رأي واحد، لذلك قبضوا عليه. هم لا يريدون الوجوه القديمة أن تظهر مرة أخرى، وأيضا لا يريدون أن تأخذ وجوه جديدة مكانها. هم يريدون مسخ وعرائس يحركونها بالحبال من خلف الستائر. يريدون أبجديات خالية من علامات التعّجب وأدوات النفي الاستفهام.
رفض أبيك أن يفعل السهل وأن يسلك نفس الطريق الذي سلكه العديد من أبناء جيله: أن يصبح صاحب عمود رأي في جريدة قومية يكتب كل يوم عن الإنجازات التي لا يراها إلا الوطنيون. أن يحذرنا من أعداء الوطن في الداخل والخارج. لكنه رفض أن يمشي مع نفس القطيع الذي كان يسخر منه.
كنت أفكر فينا عندما نكبر. أراني عجوزًا هزيلاً نفذ صبره. وأبتسم وأنا أراكِ دائمًا هيفاء، يافعة ناهدة، عفية. كيف لقلب مثل قلبك أن يشيخ؟ القلوب والعيون لا تشيخ أبدًا ياقمر. نعم.."الوحدة" جُثة ثقيلة تقصف ظهر من يحملها. لا يوجد في الوحدة أبطال، لذلك أنا سعيد لأنكِ كتبتِ لي
يقولون أن أصعب اللحظات في حياة الإنسان تلك التي يمتلأ قلبه فيها بالأوجاع ويعجز عن الكلام. أنا الآخر كتبت كثيرًا، ولكني كتبت عن أشياء لا أتذكرها ولا أكتب عن الأشياء التي لا أنساها أبدًا. حتى على الورق، أجيد المراوغة والتحايُل رغم أن الورق لم يجادلني يومًا أو يتهمني بالهروب. الورق يمدني كل ليلة بسلاحٍ جديد أقتل به نفسي في كل نهار مائة مرة.
سألتُ نفسي مرارًا بعد كل هذه السنين، هل أتعلّم أخيرًا أن الحياة ليست أطروحة وإضافة؟ ربما تأكدتُ الآن أن الحياة بالنسبة لي مجرد تراكمات من الخسائر التي سببّها الإنتظار: أنتظر الشمس حتى أترك المنزل، أنتظر المزاج الرائق حتى أكتب، أنتظر زوال الأرق حتى أنام. ضاعت الحياة وأنا أنتظر. لقد أخطأتُ عندما تركتُ الحياة تحدث لنا، كنا نحن الذين نطاوعها ونرفق بها رغم أنها تعاندنا، نضحك لها، وتُجافينا، نتهادى معها دون أي اعتراض، اتخذنا من موافقة الآخرين مؤشرًا حتى نرضى عن أنفسنا.
كانت لدي أحلام كما تعلمين ولكنها اختفت أثناء الحياة..قتلها الإنتظار.. حطّمها وألقى بها بعيدًا كخرقة بالية متسخة لما يعد لها حاجة ويجب أن نتخلص منها. كنت أحلم بك مرارًا تأتين إليّ تلتقطين هذه الأحلام من الأرض، تمسحي ما عليها من تراب وتأمريني في ثقة: خذ..هذا حلمك..وقع منك.
أنا لا أريد المزيد من الإنتظار، أريد أن أعود. عندما قرأت كلماتكِ، تأكدتُ أنه حتى وإن لم نقُل وداعًا ولم نُرتب طقوس الفراق، وبرغم البعد والمسافات لكنني مازلت أشعر حتى الآن أن كلا منا رهنًا للآخر. أريد أن ألتقط حياتنا من تلك النقطة التي تركتكِ أو تركتينى فيها، أشتاق لتلك النظرة العاشقة كي أستكنّ إليها طويلا بقدر الإمكان. أعرف أننا عندما نذهب ونعود، لا نكون نفس الشخص الذي كان. عندما نذهب، نترك هناك جزء منا متمردا يرفض العودة. ربما ذلك الذي تركته هناك هو الجزء الذي أكرهه وتكرهيه.
لن يهم الآن منْ ترك منْ لأني كنت صادقًا عندما قلتُ لكِ أن الأمواج لابد أن تعود للبحر وتلك الموجة المتهورة التي تختار أن تبتعد بعيد، سوف تبلعها رمال الشطآن. أنا أشعر بالحنين للزمن الماضي الذي أمضيتُه في رحابكِ. بإختصار هذا الحنين يمنحنى أحاسيس مريحة ودافئة نحو نهاية كريمة
لم أفترق يومًا عن عرائسِ بحركِ، اصطحبهم معي من مدينة إلى مدينة. أرصّهم على كل مكتب مؤقت أجلس عليه. الفنادق باردة لا طعم لها، مجرد حالة مؤقته بدونك. كيف جعلتي من غرفة الفندق دارًا وأسرة وتاريخ؟ وها هي المعاني تنسلخ عن كل الأشياء لتعود بدونك إلى لا شيء. أكتب وأتحدث إلى العرائس القابعة أمامي على المكتب. أقرأ عليهم ما كتبت وأمسح الجُمل التي لا تروقهن
كانوا يمنعوننا من نزول البحر ونحن صغار. يحكوا لنا أن عرائس البحر سوف تخطفنا إذا نزلنا الماء دون رقيب، كبير في السن يحمينا. كنت أهرب في المساء وأنزل البحر أملا أن تحتفظ بي احداهن. اكتُشف أمري عندما رآني جارُ لنا ووشى بي عند والدي الذي كان سعيدًا لأنني أتعلم السباحة بمفردي. لكن أمي جاءت بمزيد من الأساطير السوداودية عن عرائس البحر
الأسبوع القادم في تمام الساعة الثانية عشرة تهبط طائرتي، فقط لكي أكون معك. عندما أعود أحب أن أخذك إلى مكان بعيد، أحلم بنفس المكان الذي كتب عنه كافكا في رواية القلعة: " أحلم بمكانٍ عميق وضيق حيث يمكننا أن نربط بعضنا البعض في أذرعنا كما هو الحال مع المشابك وأوّد في إخفاء نفسي في داخلكِ وأن تخفي نفسكِ في داخلي ولا أحد يستطيع أن يرانا أبدًا."
ختامًا...
أخبري الناس أنكِ كنتِ مولعة بي يا قمر، أنكِ حبيبتى، أنني اختصرتُ العالم كله فيكِ، أني لم أكن شخصًا سيئًا. حتى لو كان كل ذلك غير صحيح. واعلمي جيدًا أنني لم أندم على كلمة قلتها لك، الندم جريمة في حق الماضي الجميل الذي أُقدّسه، وتنكيل عبثي بذكرياتي معكِ. السمة الرئيسية للندم أنك لا تستطيع القيام بشيء حياله ولكني سوف أقوم بأشياء كثيرة للإعتذار والإصلاح… وطبعًا أحبكِ.
***