فهمي هويدي's Blog, page 190
June 22, 2011
"المانشيت" ليس عنوان الحقيقة
صحيفة الشرق القطريه الخميس 21 رجب 1432 – 23 يونيو 2011
"المانشيت" ليس عنوان الحقيقة – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_23.html
أعلن الأزهر أنه يؤيد الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، فذكر العنوان الرئيسي لجريدة «الأهرام» 21/6 أنه يدعم «الدولة المدنية».
راجعت نص الوثيقة التي أعلنها شيخ الأزهر بهذا الخصوص مرتين فلم أجد أثرا لمصطلح الدولة المدنية. ولما تحريت الأمر علمت أن المصطلح ذكر في المشروع الأولى للوثيقة، لكنه رفع منها وظل الأزهر على موقفه الذي سجله في البيان المعلن.
وإذ أرجح أن هذا التفاوت بين العنوان والنص فيما نشره الأهرام، تم بحسن نية، وربما لداعي الاختصار (المدنية كلمة واحدة في حين أن الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة أربع كلمات)، إلا أن خلفيات المسألة أكثر تعقيدا وأقل براءة.
ذلك أنني حين وقعت على هذا التباين لم أستبعد أن يحتج بعض الذين يتخفون وراء المصطلح قائلين:
من قال إننا نريدها وطنية دستورية ديمقراطية حديثة، فليس ذلك ما يهمنا، وإنما الأهم أن تكون «مدنية» قبل ذلك كله.
وأغلب الظن أن شيخ الأزهر أو من يمثله في المراجعة النهائية للوثيقة فطن للملعوب، فقال ما معناه إذا كنتم تريدونها مدنية حقا فإننا نفهمها بهذه المواصفات، أما إذا أردتموها مدنية مسكونة بالعلمانية التي لا يرحب بها المجتمع وينفر منها، فذلك مما لا نوافقكم عليه.
وقد نمى إلى علمي أيضا أنه في مرحلة التداول بشأن الوثيقة طرحت صياغة لهذه النقطة تؤيد الدولة الديمقراطية، التي «لا هي علمانية ولا هي ثيوقراطية»، ولكن من الواضح أن المواصفات الأربع للدولة المنشودة لقيت قبولا أكثر باعتبارها أكثر وضوحا وانضباطا.
لا أستبعد أيضا أن يكون بعض أعضاء مجمع البحوث الإسلامية قد تحروا أصل مصطلح الدولة المدنية فلم يجدوا له أثرا في مراجع مصطلحات علوم السياسة أو الاجتماع، حيث تشير تلك المراجع كلها إلى مجتمع مدني يتشكل في مناخ ديمقراطي وليس دولة مدنية.
الأمر الذي يعني أن الديمقراطية هي البيئة التي ينبغي أن تتوفر أولا. بما يسمح بنشوء ونمو مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني. ولذلك فإن الإصرار على مدنية المجتمع قبل ديمقراطيته يصبح بمثابة وضع للعربة أمام الحصان، فضلا عن أنه يدعو للارتياب، من حيث إنه يضع الديمقراطية في المرتبة التالية للصفة المدنية.
ليس في الوثيقة إضافة على ما يعرفه كثير من الباحثين في الفكر السياسي الإسلامي. وربما كان الجديد فيها فقط هو ملابسات وخلفيات إصدارها. لأنها جاءت ثمرة لحوار بين مجموعة من الفقهاء يتقدمهم شيخ الأزهر، وبين بعض المثقفين الذين كان أغلبهم من العلمانيين.
وقد علمت أن أحد هؤلاء قاطع الحوار بعدما صرح بأنه منحاز إلى الدولة العلمانية، ولا يقبل عنها بديلا. ومن ثم لم يجد مبررا للاستمرار في حضور الاجتماعات.
لأن الوثيقة كما ذكرت فإنني لم أجد في مضمونها ما يمكن التعقيب عليه أو مناقشته، وما كان لي أن أتطرق إلى الموضوع إلا بعدما وقعت على المفارقة التي تمثلت في عنوانه الرئيسي، وخشيتي من أن يشيع بين الناس أن وثيقة الأزهر أيدت الدولة المدنية التي يخفيها العلمانيون في ثنايا المصطلح. خصوصا بين القراء الذين تمر أعينهم على العناوين دون أن يقرأوا النصوص المنشورة تحتها.
علما بأن ثمة مدرسة برزت في الصحافة تراهن على هؤلاء ممن يكتفون بقراءة العنوان ولا يكترثون بالاطلاع على تفاصيله، وقد مرت بنا قبل أيام قليلة فضيحة مهنية من ذلك القبيل، حين نشرت إحدى الصحف على صدر صفحتها الأولى يوم 14/6 عنوانا يقول:
«مفاجآت قضية التجسس: الضابط الإسرائيلي اتصل بقيادات الإخوان والتقى السلفيين»، ثم تبين أن الخبر لا أساس له وأن المفاجأة الحقيقية أن الجاسوس الإسرائيلي لم يتصل بالإخوان،
وإنما ذكر التقرير المنشور تحت العنوان أن جهاز الموساد طلب منه جمع معلومات عن الإخوان والأقباط والقوات المسلحة وشباب الثورة!
هناك نماذج كثيرة من ذلك القبيل، يختلط فيها السهو والخطأ بالكيد وسوء القصد، لكنها جميعا تدعونا إلى التريث بعد قراءة عناوين الصحف وعدم الاكتفاء بها، لأن «المانشيت» في الصحافة ليس دائما عنوان الحقيقة، وإنما يظل من قبيل «كلام الجرايد» الذي لا يؤخذ بالضرورة على محمل الجد.
..................
June 21, 2011
في الاغتيال الصامت
صحيفة الشرق القطريه الأربعاء 20 رجب 1432 – 22 يونيو 2011
في الاغتيال الصامت – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_22.html
عندما تنشر صحف الصباح أن مصر تفقد كل ساعة زمن 5 أفدنة من أجود الأراضي الزراعية، ثم لا يتحرك شيء في البلد بعد النشر، فإن ذلك يعني أحد أمرين،
إما أن الخبر مكذوب ومن ثم لم يأخذه أحد على محمل الجد،
وإما أنه اعتبر خبرا عاديا لا يستحق الوقوف عنده. فمر به الجميع مرور الكرام ولم يستوقف أحدا.
ولأنني استبعدت أن يكون خبرا من ذلك القبيل مجرد فرقعة لا أصل لها، واستغربت في الوقت ذاته أن يتم تجاهله وعدم الاكتراث به، فقد قررت أن أتحرى أمره بنفسي.
شجعني على ذلك أن لي معرفة سابقة بالرجل الذي نسب إليه الخبر، وهو الدكتور إسماعيل عبد الجليل الذي يشغل الآن منصب المنسق الوطني لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. إذ كنت قد تعرفت عليه حين كان مديرا لمركز بحوث الصحراء يملؤه الحماس والغيرة والسخط على الأوضاع التي كانت.
الخبر نشر في مختلف صحف السبت 18/6 نقلا عن بيان للدكتور عبد الجليل أصدره بصفته، وصدمنا فيه بمعلومة أخرى ذكرت أن المنظمة الدولية التي يمثلها وضعت مصر في المركز الأول عالميا في التصحر. وهو ما أصابني بغصة قلت على إثرها إن تلك صدارة تفضح ولا تشرف، وهي من علامات التفوق في البلادة والخيبة.
اتصلت هاتفيا به ليطمئنني فزادني غما. إذ قال إن المسألة أخطر مما تظن. وإن البيان الذي أصدره بخصوص الموضوع أراد به التحذير والإنذار من أن مصر لا تشهد فقط عملية منظمة تستهدف الاغتيال الصامت للأرض الزراعية، وإنما هي مهددة بأن تواجه مجاعة غذائية إذا لم يتم التعامل بمنتهى اليقظة والحزم مع الظاهرة.
وهو يشرح خطورة العملية قال إن تلك الأرض الثمينة التي يجري تبويرها والبناء عليها تكون فيها الطمي على مدار مئات السنين. لأن مياه فيضان النيل ظلت تضيف ملليمترا واحدا كل سنة، ما يعني أن السنتيمتر من طين التربة تكون خلال عشر سنوات، وأن متر الطمي ترسب خلال ألف سنة تقريبا. وهو ما يتم هدره الآن والتخلص منه برعونة مستغربة ليحل محله الأسمنت والحديد المسلح.
كانت نتيجة ذلك أن مصر أصبحت تفقد سنويا ما يعادل 30 ألف فدان من الأراضي الزراعية، ولا تجد سبيلا إلى تعويضها. ولك أن تتصور حجم الكارثة التي يمكن أن تحل بالبلد إذا ما تضاعف عدد سكانها خلال الأربعين سنة المقبلة، حيث يقدر أن يصل العدد في عام 2052 إلى نحو 163 مليون نسمة، في حين استمر ذلك التراجع المخيف في مساحة الأراضي الزراعية.
ولئن قيل إن استصلاح الأراضي يمكن أن يعوض ما فقد، فالرد على ذلك أن أفق الاستصلاح محدود، ومحكوم بكمية مياه نهر النيل المتاحة. وهذه الكمية في أحسن فروضها لن توفر لمصر أكثر من مليونين ونصف المليون فدان، الأمر الذي يرفع مساحة الأراضي المزروعة من 8.5 مليون فدان حاليا إلى 11 مليونا حتى تقوم الساعة.
في رأيه أن تبوير الأرض الزراعية وتصحرها ليس المشكلة الوحيدة، وإن كانت الأخطر والأكثر إلحاحا. لأن هناك مشكلة خطيرة أخرى تتمثل في تدهور إنتاجية 2 مليون فدان من الأراضي الزراعية بالدلتا نتيجة لسوء الصرف الذي أدى إلى زيادة الملوحة في التربة.
ذلك أن الأجهزة الحكومية المعنية رفعت يدها عن المصارف، فلا هي قامت بصيانة الموجود ولا هي أنشأت مصارف جديدة، ولم يتمكن المزارعون من إنقاذ التربة بالأسمدة نظرا لارتفاع أسعارها.
وبهذه السياسة ــ اللاسياسة إن شئت الدقة ــ فإن المجتمع يكون قد واصل اغتياله الصامت للأرض، في حين تولت الحكومة إماتتها ببطء.
ثمة دراسة أجريت على واحة سيوة ومدى الهدر المترتب على إهمال العرف الصحي فيها. وقد أثبتت الدراسة أن الواحة التي تتعرض الآن للغرق بسبب أزمة الصرف إذا عولجت مشكلتها فإن ذلك يضيف إلى دخلها السنوي من البلح والزيتون ما يعادل 30 مليون جنيه. وهو مبلغ يضيع عليها بسبب الرعونة والإهمال.
المثير للدهشة أن ذلك التدهور المستمر في حالة الزراعة المصرية يحدث في الوقت الذي يتزايد فيه اهتمام المجتمع الدولي بحقوق المزارع، التي أصبحت في مثل أهمية حقوق الإنسان بحيث أصبحت صيانة تلك الحقوق الأولى التي قررتها لجنة التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة شرطا للحصول على المساعدات المادية والفنية التي تقدم للنهوض بالزراعة في أي بلد.
لقد ساءت سمعة مصر الزراعية، حتى أصبحت إسرائيل هي التي تدرب الأفارقة على مكافحة التصحر.
بالتالي فقد فرغ مصطلح «أم الدنيا» من مضمونه، حتى أخشى أن يستهجنه أحدهم يوما ما ويتساءل: أم ماذا؟
..................
June 20, 2011
عِبَر ترگية لمن يريد أن يعتبر – المقال الأسبوعي
صحيفة الشرق القطريه الثلاثاء 19 رجب 1432 – 21 يونيو 2011
عِبَر ترگية لمن يريد أن يعتبر– فهمي هويدي – المقال الأسبوعي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_21.html
وجهت الانتخابات التركية حزمة من الرسائل التي ينبغي أن تقرأ جيدا، ليس في تركيا وحدها وإنما في مصر والعالم العربي أيضا، وهذه الأخيرة هي الأهم عندي
ــ 1 ــ
الرسالة التي وجهها الأتراك إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم تقول ما خلاصته إن الشعب التركي يريد أردوغان رئيسا وليس سلطانا.
لقد صوتوا له ولحزبه بمعدل واحد من كل ناخبين اثنين. وحين حصل على 50% من الأصوات فقد كانت تلك هي المرة الثالثة في التاريخ التركي المعاصر. إذ لم يسبقه إلى ذلك سوى اثنين هما عدنان مندريس في عامي 1950 و1954 وسليمان ديمريل عام 1965،
كما أنها المرة الأولى التي يحتفظ بها حزب واحد بالأغلبية، يشكل الحكومة منفردا في ثلاث دورات متتالية. وبشهادة الجميع فقد كان أداء الحزب خلال الانتخابات ممتازا، على الأقل من حيث حرصه على أن يمثل مختلف شرائح الشعب التركي واتجاهاته الفكرية والسياسية والعرقية، خصوصا العلويين والأكراد، (كانت له مرشحة يسارية في استنبول هي عائشة نور) واستطاع أن يدخل إلى البرلمان 78 سيدة، أغلبهن من أنصاره (كن 50 في الانتخابات السابقة) ومن بين ممثليه عن استنبول شاب عمره 26 سنة اسمه بلال مجيد)
وبهذه التركيبة الثرية قدم حزب العدالة نفسه بحسبانه حزبا وطنيا يمثل الأمة بمختلف مكوناتها وليس حزبا إسلاميا يمثل فئة بذاتها.
إذا أضفت إلى ذلك النجاحات التي حققها الحزب على صعيد الاستقرار وفي مجال التنمية الاقتصادية والفاعلية السياسية، فإنك تستطيع أن تدرك لماذا صوتت أغلبية الناخبين لصالحه ولماذا حقق فوزه الكبير، لكن الواضح أن المجتمع التركي أراد أن يجعل الفوز مشروطا، بحيث يمكن حزب العدالة ورئيسه من تشكيل الحكومة، لكنه لا يطلق يده في تعديل الدستور منفردا، كيف؟
كنت قد ذكرت من قبل أن أردوغان أعلن على الملأ أن إحدى المهام الأساسية للبرلمان الجديد هي إصدار دستور جديد يؤسس للجمهورية الديمقراطية، بديلا عن الدستور الذي أصدره العسكر في عام 1982، لترسيخ أقدام الجمهورية الكمالية الخاضعة لسلطة العسكر والتطرف العلماني. وهو ما اعتبرته في الأسبوع الماضي ميلادا جديدا ينقل تركيا من ولاية العسكر إلى ولاية الأمة،
وإذا كان الانفراد بتشكيل الحكومة يتطلب الحصول على أغلبية، فإن إصدار الدستور الجديد من جانب حزب العدالة يتطلب فوزه بأغلبية الثلثين، والذي حدث أن حزب العدالة والتنمية فاز بأغلبية الأصوات حقا، لكنه لم يكمل نصاب الثلثين، الأمر الذي يعني أن طريقه أصبح ممهدا لتشكيل الحكومة، أما طريقه إلى تعديل الدستور فقد أصبح شائكا وملغوما.
لقد كان حزب العدالة يرنو للفوز بـ367 مقعدا في البرلمان (550 عضوا) لكي يعد الدستور ولكنه فاز بـ363 مقعدا فقط، الأمر الذي غل يديه فيما انتواه وتعين عليه أن يتفاهم مع الأحزاب الأخرى في هذا الموضوع، ولكن ذلك ليس أمرا سهلا وهو أكثر تعقيدا مما يبدو على السطح.
ــ 2 ــ
تتحدث الطبقة السياسية في استنبول عن أن فكرة إعداد دستور جديد ينقل السلطة من العسكر إلى الأمة أمر لا خلاف عليه لكن ثمة خلافا جوهريا حول مسألة التحول إلى النظام الرئاسي التي يتبناها رئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغان.
وكما قال لي نائب رئيس حزب الشعب أوغوز ساليشي فإنهم متفقون مع الحزب القومي الممثل في البرلمان على رفض ذلك النظام لسبب جوهري هو أنه يشكل خطورة في بلد ثقافته متأثرة بنظام السلطة العثمانية الذي استمر ستمائة عام. ولهذا فإنهم يعتبرون أن النظام البرلماني يوفر ضمانات لحماية الديمقراطية في تركيا بأكثر من النظام الرئاسي.
في هذا السياق فإن البعض يرون أن النظام الرئاسي يشكل أحد الخيارات المتاحة أمام أردوغان، الذي لا يسمح له قانون حزبه بتولي رئاسة الحكومة لثلاث مرات متتالية. ولأن هذه هي فرصته الثالثة والأخيرة فإن أمامه ثلاثة خيارات لمستقبله،
إما أن يترشح للرئاسة بعد ذلك بما يخرج الرئيس الحالى عبدالله جول من الساحة (يرشحه البعض لسكرتارية الأمم المتحدة).
وإما أن يخرج من السلطة ويتفرغ للحزب مدة أربع سنوات ثم يعود للترشح مرة أخرى لرئاسة الحكومة بعد ذلك.
الخيار الثالث أن يقر الدستور النظام الرئاسي فيصبح هو رئيس الدولة وهو رئيس الوزراء في الوقت ذاته وذلك هو الخيار الأفضل بالنسبة له.
يزيد من صعوبة تمرير التعديل الدستوري بالصورة التي يريدها أردوغان أن البرلمان الجديد يضم عناصر قوية من حزب الشعب والحزب القومي إضافة إلى قوة الأكراد الصاعدة (لهم الآن 36 نائبا، كانوا 20 فقط في انتخابات عام 2007).
لهذا السبب فإن ثمة أصواتًا تحدثت عن أن موضوع الدستور الجديد قد لا يصدر في ظل وجود البرلمان الحالي، وهو الذي عبر عنه صراحة الكاتب التركي مصطفى اوزجان.
وإذا صح ذلك فإنه قد لا يؤثر على قوة وثبات حزب العدالة والتنمية، لكنه قد يضع أردوغان أمام خيارات صعبة لا يفضل أيا منها بعد أن أدرك أن المجتمع التركي يريده، لكنه ليس راغبا في أن يعطيه صَّكا للمستقبل على بياض.
ــ 3 ـ
ما خصنا من رسائل الانتخابات التركية أقرب إلى الدروس التي يتعين استيعابها والاعتبار منها.
سأضرب ثلاثة أمثلة مستقاة من سلوك حزب العدالة والتنمية الذي يعرف الجميع جذوره الإسلامية، باعتبار أنه خرج من عباءة حزب الرفاه ذي الاتجاه الإسلامي الصريح الذي أسسه البروفيسور نجم الدين اربكان (توفى هذا العام).
وكان أردوغان مسؤول الشباب في الحزب في مدينة استنبول ثم رئيس الحزب بالمدينة وبهذه الصفة رشح لرئاسة بلدية استنبول في عام 94، ودخل السجن بسبب انتمائه للحزب، وحين خرج طور من أفكاره وأسس مع بعض رفاقه حزب العدالة والتنمية عام 2001، الذي فاز بالأغلبية في العام التالي مباشرة.
ولأن حجاب الرأس يشكل علما ورمزا له أهميته البالغة في تركيا جعلته بمثابة حد فاصل بين الانتماءين الإسلامي والعلماني، فإن تهمة الأسلمة ما برحت تلاحق رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لمجرد أن زوجتيهما محجبتان وكذلك الحال مع أغلب قيادات الحزب، مع ذلك فتعال نَرَ كيف تعامل الحزب مع المجتمع ومع الانتخابات.
الملاحظة الأولى أن الحزب ظل يقدم نفسه بحسبانه مشروعا لخدمة الناس وليس منبرا لوعظهم. وقد فهم السياسة ليس بحسبانها فن الممكن كما هو التعريف السائد في الغرب ولكنه تعامل معها من منظور فقهائنا الذين قالوا إنها كل ما كان به الناس أقرب إلى العلاج وأبعد عن الفساد.
بالتالي فإن الحزب اختار من البداية أن يقنع الناس بأنه أنفع لهم من غيره، وأنه مؤتمن على مصالحهم ومشغول بهمومهم وأوجاعهم.
ومن ثم ترجم السياسة إلى ضرورة أن يكون حالهم أفضل وحلمهم أقرب إلى التحقيق. وكان ذلك هو الباب الذي دخلوا منه إلى البلديات، حيث تنافسوا على خدمة الناس. الأمر الذي أوصلهم بسهولة إلى قلوبهم.
وهى رسالة أهديها إلى التيارات الإسلامية التي تتسابق الآن على تشكيل الأحزاب وأعينها معلقة على المؤسسات السياسية ومدارج السلطة، ولم نر أحدا منها مشغولا بالمجتمع وخرائطه.
الملاحظة الثانية تتمثل في الجهد الذي بذله حزب العدالة لاحتواء الأطياف المختلفة على النحو الذي حوله إلى حزب وطني مهجوس بمستقبل الأمة وليس مشروع الجماعة.
إذ حين يستعرض المرء هويات المرشحين واتجاهاتهم يدهشه أن قادة الحزب كانوا مشغولين طول الوقت بقضية النهوض بالوطن وليس تعزيز موقع الجماعة، مدركين أن الوطن غاية والحزب وسيلة، وهى المعادلة المختلة عندنا، حيث تتعدد لدينا الشواهد الدالة على أن الجماعة أو الحزب هو الغاية بينما الوطن مجرد وسيلة تستخدم لتقوية الغاية.
الملاحظة الثالثة تتمثل في موقف حكومة حزب العدالة وقيادته من قضية الحجاب الذي لا يزال العلمانيون المتطرفون يعتبرونه خطرا يهدد الجمهورية والعلمانية. ولا يزالون يرفضون تصديق أن زوجتي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء محجبتان، ويعتبرون ذلك من الكوارث التي حلت بالبلاد منذ سنة 2002.
ومعلوم أن القوانين التركية تمنع دخول المحجبات إلى دواوين الحكومة والمؤسسات الرسمية، كما تمنع انتظامهن في المدارس والجامعات الحكومية.
ولكن هذه القبضة تراخت بصورة نسبية بضغط المجتمع بالدرجة الأولى منذ تولي حزب العدالة والتنمية للسلطة. ولكن الحجاب لم يسمح به قانونا.
وحين صوتت أغلبية أعضاء البرلمان على الإلغاء في عام 2007. فإن ذلك استنفر أركان المعسكر العلماني الذين تحركوا لرفع قضية أمام المحكمة الدستورية العليا لحل حزب العدالة والتنمية بما يؤدي إلى إسقاط الحكومة وإجراء انتخابات جديدة. وكانت النتيجة أن تم سحب المشروع بسرعة لتجنب أزمة سياسية كبيرة تهدد استقرار واقتصاد البلاد.
وحين طلبت بعض المحجبات أن يترشحن للانتخابات البرلمانية الأخيرة، فإن قيادة الحزب آثرت عدم الاستجابة لطلبهن، لتجنب تأزيم الموقف في البرلمان، فضلا عن التذرع بهذه الخطوة لحل الحزب وإخراجه من المشهد السياسي.
حين ناقشت بعض القيادات في الموضوع فإنهم قالوا إن ذلك القرار اتخذ في ضوء موازنات تمت بين الضرر الأصغر والضرر الأكبر، وإن مسألة الحجاب تحل بالتدريج وطول النفس. لأن المحجبات دخلن إلى مجالس البلديات، وليس ثمة عجلة في إدخالهن إلى البرلمان.
وهناك مصلحة مجتمعية في زيادة تمثيل النساء في البرلمان من 50 إلى 78 سيدة، وهذه تتقدم على المصلحة التي تترتب على ترشيح عدد محدود من المحجبات، فضلا عن أن هذه الفرصة لابد آتية يوما ما، في الانتخابات القادمة غالبا، وذلك درس في التدرج والموازنة يصعب على كثيرين الاقتناع به في بلادنا.
ـ 4 ـ
الرسالة الأخرى التي يصعب على كثيرين استيعابها في المشهد التركي هي أن حزب العدالة والتنمية رغم أنه يعتبر نفسه حزبا وطنيا ومدنيا وليس حزبا إسلاميا، فإن الباحث المدقق يستطيع أن يلحظ أنه يتحرك في إطار المقاصد الإسلامية، التي توصف في الأدبيات السياسية بالمرجعية الإسلامية. وهذه نقطة تحتاج إلى تحرير.
وقبل أن أستطرد أذكر بأن ما أسجله هنا هو اجتهادي الشخصي وليس منسوبا إلى أحد من حزب العدالة والتنمية. ذلك أنني أفرق بين المقاصد التي هي الأهداف الكلية والعليا، وبين الوسائل أو الأحكام التفصيلية.
ومحور المقاصد هو إقامة العدل وتحقيقه بين الناس، باعتباره أمر الله وكلمته بنص القرآن. ويدخل فيه احترام كرامة الإنسان وحقه في مقاومة الظلم وممارسة الحرية والشورى، وتحرير عقله وعصمة دمه وعرضه وماله.. إلى غير ذلك من المقاصد التي تشكل ساحة رحبة للقاء مع الآخرين، وطريقا واسعا للنهوض بالمجتمعات.
وهى هنا مرجعية إسلامية لأن لها تأصيلا شرعيا يدعمها ويؤسس لها. أما تنزيل تلك المرجعية على أرض الواقع فيختلف من مجتمع إلى آخر. فهناك مجتمع يقبل المقاصد وليس مهيأ لاستقبال الوسائل كما هو الحاصل في تركيا، وهناك مجتمع آخر يحتمل الاثنين.
وفي كل الأحوال فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ــ والله أعلم.
..................
June 19, 2011
كارثة أمنيه
صحيفة السبيل الاردنيه الاثنين 18 رجب 1432 – 20 يونيو 2011
كارثة أمنيه – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_20.html
ما يحدث في العالم العربي يعد كارثة أمنية من وجهة النظر الأمريكية، ذلك أن الثورات والانتفاضات الجماهيرية التي تفجرت في أرجائه أسقطت حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى رأسهم الرئيس المصري السابق الذي اعتمدت عليه المخابرات الأمريكية طوال ثلاثين عاما.
هذه واحدة من أهم الخلاصات التي سجلها ملف العدد الأخير من مجلة «نيوزويك» الذي خصص لقراءة التحولات الحاصلة في العالم العربي، من خلال استطلاع آراء الخبراء الأمريكيين الذين كانت لهم أدوارهم في نسج تلك العلاقة أو تتبع أطوارها.
حين يطالع المرء التقرير الأمريكي ويقف على نبرة الأسف فيه على رحيل الرئيس مبارك وسقوط نظامه، فإنه يستحضر على الفور الأسف المماثل الذي عبرت عنه إسرائيل على لسان ساستها، إلى الحد الذي دفع حاخامها الأكبر للدعاء له بالشفاء من مرضه ودعاه إلى محاولة التواصل مع شيخ الأزهر لمنع محاكمته بأي رأى أو فتوى تؤدى الغرض،
وهي إشارات تقنعنا بأن الرئيس السابق لم يكن يعد كنزا إستراتيجيا لإسرائيل فقط، وإنما للولايات المتحدة أيضا. وأنه كان مقبولا ومرحبا به من جانب الأمريكيين والإسرائيليين بأكثر من قبول المصريين له.
بما يعني أنه كان ممثلا وراعيا لمصالحهم بأكثر من رعايته لمصالح الشعب الذي ظل يحكمه طوال ثلاثين عاما.
الملاحظة الأخرى المتصلة بهذه النقطة أن رجل مبارك لدى الأمريكيين ورجل الأمريكيين لدى مبارك كان اللواء عمر سليمان، الذي لعب الدور ذاته في علاقة مصر مع إسرائيل. ولدى الفلسطينيين والأتراك قرائن وشهادات متعددة تجمع على أن الرجل كان متحيزا للإسرائيليين في مباحثاته مع الفلسطينيين.
وفي بعض الحالات، فإنه كان إسرائيليا أكثر من الإسرائيليين، حتى إنه في إحدى المرات نقل إلى الفلسطينيين مطلبا أدهشهم بدعوى أنه صادر عن الإسرائيليين. ونقل المطلب إلى الأتراك، فسافر مبعوث منهم إلى إسرائيل بطائرة خاصة لتحرى الحقيقة في الأمر، ثم تبين أن المعلومة غير صحيحة، وأن الإسرائيليين ليست لديهم فكرة عن الموضوع.
لم يكن مبارك ورجاله فقط هم الوكلاء، لأن ما يستوقف المرء أيضا في التقرير المنشور أن الخبراء الأمريكيين تحدثوا عن قادة الدول العربية ومسئولي الأجهزة الأمنية فيها (المقصود تونس ومصر وليبيا واليمن)، باعتبار أنهم بين رجالهم في المنطقة، في إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة ظلت طوال العقود الأخيرة مطمئنة إلى أن العالم العربي مستسلم ومستكين داخل بيت الطاعة الأمريكي، ولكن مفاجأة الثورات العربية أخلت بهذه المعادلة، بحيث خرج البعض من بيت الطاعة في حين ظل آخرون كامنين في داخله.
ثمة إشارة أخرى مهمة في التقرير هي أن إدارة الرئيس بوش التي دعت في العلن إلى ضرورة الالتزام بقيم الديمقراطية لمحاصرة الإرهاب وتجفيف منابعه، لكنها في الوقت ذاته كانت ترسل المعتقلين إلى مصر ودول أخرى لتعذيبهم واستنطاقهم لمتابعة أنشطة الجماعات الإرهابية، الأمر الذي دفعها في مقابل ذلك إلى غض الطرف عن ممارسات الأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية،
ليس ذلك فحسب، وإنما لجأت الولايات المتحدة إلى حماية تلك الأنظمة، إذ وجدت أن استمرارها يحقق مصالحها الحيوية في المنطقة.
من المفارقات الجديرة بالملاحظة في هذه النقطة، أن إدارة الرئيس بوش ظلت تتحدث عن الديمقراطية في العلن وتناصر الأنظمة الاستبدادية في الواقع، ولكن إدارة الرئيس أوباما وجدت أن رياح الديمقراطية تتقاطع مع مصالحها، فكفت عن الحديث عنها، وظلت على موقفها من رعاية ما تبقى من أنظمة استبدادية.
وفي الوقت ذاته، فإنها اتجهت إلى محاولة اختراق المجتمعات التي تخلصت من الحكم الاستبدادي من خلال الإعلان عن تقديم مساعدات للمنظمات الأهلية بدعوى مساعدة التطور الديمقراطي.
الملاحظة الأخيرة على ملف «نيوزويك» أن ما حدث في العالم العربي من ثورات فاجأ العواصم الغربية وأربكها، وواشنطن في المقدمة منها، وتمثلت المفاجأة في أن ما جرى كان خارج كل التوقعات التي رصدتها الأجهزة الاستخبارية.
وسواء كان السبب في ذلك هو الاستعلاء أم سوء التقدير والغباء، فالشاهد أنهم لم يفهمونا، لا هم ولا أصحابهم الذين حكمونا.
..................
June 18, 2011
أموالنا المنهوبه
صحيفة السبيل الاردنيه الأحد 17 رجب 1432 – 19 يونيو 2011
أموالنا المنهوبه – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_19.html
ماذا يكون شعور المواطن المصري حين يقرأ في الأخبار أن المحكمة الوطنية الإسبانية أطلقت سراح رجل الأعمال المصري الهارب حسين سالم بعد دفع كفالة قدرها 27 مليون يورو (نحو 40 مليون دولار أو ربع مليار جنيه مصري)، وهي الخطوة التي تم اتخاذها بعد إعلان السلطات الإسبانية تجميد 32.5 مليون يورو في حسابات الرجل، ومصادرة عقارات أخرى له بقيمة عشرة ملايين يورو، إضافة إلى مصادرة خمس سيارات فارهة مملوكة له.
المصادرة تمت في الأسبوع الماضي، والكفالة دفعت يوم الجمعة 17/6، بما يعنى أن الحكومة الإسبانية وضعت يدها على ما يعادل 120 مليون دولار من أموال الشعب المصري التي أخفاها الرجل في إسبانيا وحدها، ولم تعرف بعد أرصدته الأخرى في أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل.
وإذا كان ذلك رصيده في دولة واحدة، فلك أن تتصور الحجم المهول من الأموال التي نزحها طوال عهد الرئيس السابق سواء من خلال بيع الغاز المصري لإسرائيل وتجارة السلاح، أو المشروعات والمنتجعات والشركات التي ظل يستأثر بها، مستثمرا علاقته الخاصة جدا مع الرئيس السابق وأسرته.
وهذه النقطة الأخيرة بالغة الأهمية، لأن حسين سالم لم يكن مجرد رجل أعمال على صلة وثيقة بالأجهزة الأمنية، ولكنه كان رجل مبارك في عالم «البيزنس».
وثمة لغط مثار منذ سنوات طويلة حول طبيعة تلك العلاقة والمدى الذي ذهبت إليه، حتى إن البعض يتحدث منذ عدة سنوات عن «شراكة» بينهما.
وعن أن تفاصيل العلاقة لا يعرفها خارج نطاق الأسرة غير رجلين اثنين هما اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة السابق، والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان الرئاسة.
ما نعرفه في القانون أن الكفالة تودع في خزينة المحكمة لمنع المتهم من الهروب، وهي تتحدد في ضوء أحد اعتبارين إما حجم ثروته أو طبيعة الجريمة التي ارتكبها،
ولأن ما نسب إلى الرجل من جرائم لم يتم التحقيق فيه وبالتالي فلم تتم إدانته قانونا، فلم يبق إلا العامل الآخر الذي يعنى أن هذا المبلغ الكبير حكم به عليه بالنظر إلى ثرائه الفاحش.
حالة حسين سالم تجسد نماذج الرجال الذين أحاط بهم الرئيس نفسه، وأطلق لهم العنان لكي ينهبوا البلد ويمصوا دمه وينهشوا لحمه، ولأنهم كانوا فوق الرءوس وفوق القانون، فقد توحشوا وافتروا، إذ فتحت لهم كل الأبواب وقدمت لهم كل التسهيلات والاستثناءات.
كل رجال الرئيس فعلوا ما فعله حسين سالم، مع اختلاف الحظوظ بطبيعة الحال، والكفالة التي حكم بها على الرجل دالة على مدى تكدس البنوك الغربية بالأموال التي نهبها أولئك الرجال من دم المصريين وعرقهم طوال الثلاثين عاما الماضية. الأمر الذي يعيد إلى الضوء قصة الأموال المهربة والجهد المبذول لاستردادها وإعادتها إلى الشعب صاحب الحق الأول فيها.
ولا مفر من الاعتراف هنا بأن الجهد الرسمي الذي بذل لاسترداد تلك الأموال لم يكن بالقوة أو السرعة اللتين تقتضيهما الحال.
إننا نعلم أن الأمم المتحدة أقرت في عام 2003 معاهدة منع الفساد وغسيل الأموال. بضغط من الولايات المتحدة والدول الغربية لمراقبة ومصادرة الأموال التي قيل إنها تمول الإرهاب.
وكان ذلك ضمن إجراءات الحرب على الإرهاب التي اتخذت في أعقاب أحداث سبتمبر عام 2001. وبسببها أجبرت البنوك الغربية على الكشف عن حسابات عملائها تنفيذا لتلك الاتفاقية التي لا يزال مفعولها ساريا إلى الآن.
صحيح أن ثمة إجراءات قانونية يجب الالتزام بها في الحالة التي نحن بصددها، لكن لا أحد ينكر أن الضغوط السياسية التي تمارسها الحكومة تظل صاحبة التأثير الأكبر في حسم المسألة، وهو ما يدعو رجال القانون المعنيين إلى ضرورة اللجوء إليه دون تردد أو تراخ.
أدري أن حبال الصبر عندنا طويلة في مصر ما بعد الثورة، وأن الهم ثقيل والأولويات تتأرجح كل حين، لكننا في حالة الأموال المهربة صبرنا بأكثر مما ينبغي، ولم يقدم لنا تفسير مقنع لذلك، من ثم فينبغي أن يقدر شعور المواطن المصري إذا ما أساء الفهم في هذه الحالة.
..................
June 17, 2011
أحلامنا الكبيرة وحقيقتنا المرة
صحيفة السبيل الأردنيه السبت 16 رجب 1432 – 18 يونيو 2011
أحلامنا الكبيرة وحقيقتنا المرة – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_18.html
لم يصادروا الوطن فحسب، لكنهم صادروا أيضا حقنا في الحلم بِغَدِه.
ذلك أنهم حين اختطفوه فإنهم استأثروا بحاضره ومستقبله. وليتهم سعوا إلى النهوض به، على الأقل كما يفعل أي صاحب «عزبة» بحيازته التي يملكها، ولكنهم شغلوا أنفسهم بنهبه واستحلابه. كما يفعل أي محتل ينقض على ملك غيره.
هذه الفكرة ظلت تلح علي طوال لقاء شهدته مع بعض الكتاب للاطلاع على المخطط الاستراتيجي لإعمار مصر. إذ فوجئت بأن ثمة أحدا يفكر في مستقبل البلد واستراتيجية إعماره،
وكانت المفاجأة الثانية أن يستشار في الأمر بعض أهل الرأي من المثقفين.
أما المفاجأة الثالثة فهي ما رأيت وما سمعت. وهذه النقطة الأخيرة تحتاج إلى بعض التفصيل.
أدري أن الأمر لم يخل من مسئولين من ذوي النوايا الطيبة حاولوا أن يفعلوا شيئا لصالح مستقبل البلد خلال السنوات التي خلت، لكن ذلك الجهد إما أنه أجهض ولم يكتب له الاستمرار، وإما أنه كان يتعامل مع الواقع المصري من زاوية جزئية وليس من منظور شامل، وكانت النتيجة كما نراها الآن، أن النهابين للبلد ظلوا أضعاف البنائين. وأن مصر توقفت عن النمو في حين سبقها آخرون، ممن كانت بلدانهم قرى وأحراشا لا تُذكر على الخريطة، في حين كانت مصر منارة يستضاء بها ومطمعا للمتغولين والفاتحين.
ظلت مصر كما هي، شعب مخنوق في بلد فضفاض. ودولة فقيرة في بلد غني، إلى أن صارت جسما كبيرا بلا عافية، يركض في مكانه طول الوقت، لكنه لا يتقدم إلى الأمام، فلم يضيِّع نفسه فقط، لكنه ضيَّع من حوله أيضا. إذ لا يعقل أن يظل الشعب المصري على مدار تاريخه يعيش على نحو 6٪ من المساحة الكلية للبلد، وأن تظل 94٪ من أرض البلد صحراء جرداء خالية من العمران.
ولا يعقل أن تطل البلد على سواحل بطول نحو 1700 كيلو متر (على البحرين الأبيض المتوسط والأحمر)، وأن يقع في قلب أهم مصادر الطاقة الشمسية في العالم، وأن تكون 24٪ من أراضيه (على الساحل الشمالي) صالحة للتنمية بقليل من الجهد وكثير من الجدية والعزم.
ولا تسأل عما يتوافر له من معادن في سيناء ومناطق أخرى، لا يعقل أن يتوافر للبلد كل ذلك إضافة إلى كثافة سكانه ورصيده من التاريخ والجغرافيا، ثم تكون حاله باعثة على الرثاء على النحو الذي لا تخطئه عين.
إذ لا يليق به أن يعيش نحو ربع سكانه تحت حد الفقر، (نحو 20 مليونا بعضهم يسكن في المقابر). وأن تبلغ نسبة الأمية فيه نحو 30٪ والبطالة عشرة في المائة. وأن تصبح الفجوة بين أغنيائه وفقرائه صادمة ومفجعة كما هو الحال الآن.
اللقاء الذي أتحدث عنه دعا إليه الدكتور فتحي البرادعي وزير الإسكان. وخلاله تم توزيع نسخ من المخطط الاستراتيجي سابق الذكر. ورغم أنه جاء حافلا بالمعلومات الثمينة عن مختلف مصادر التنمية واحتمالاتها في أنحاء مصر، فإن أهم ما فيه ثلاثة أمور:
الأول أنه جمع كافة الدراسات التي سبق إجراؤها على أوجه التنمية في مصر.
الثاني أنه تناول فكرة التنمية من مختلف زواياها، العمرانية والاجتماعية والاقتصادية.
أما الأمر الثالث والأهم فإن المشروع بدأ دعوة قوية لاستعادة عافية الوطن واستثمار طاقاته وقدراته البشرية والمادية.
بمعنى أنه انطلق من فكرة الاعتماد على الذات أولا، وليس مد اليد إلى الآخر. وهو ذات النهج الذي سارت عليه ماليزيا وتركيا والبرازيل، الذي يختلف كثيرا عن النهج الذي اتبع مع باكستان وأفغانستان. وهما الدولتان اللتان بات يضرب بهما المثل في العيش على أعطيات «الدول المانحة».
إحدى أهم الخلاصات التي خرجنا بها من الاجتماع أننا أمام مشروع كبير يتجاوز حدود وزارة بذاتها بقدر ما أنه يلبي طموح وطن يتطلع إلى حياة أفضل ومستقبل أكثر إشراقا. ومسئولية تحقيق ذلك الطموح تتحملها كل أجهزة الدولة وفعاليات المجتمع.
والضمان الوحيد لتحقيقه يتمثل في توفر الإرادة الجادة والحازمة لدى سلطة القرار. وبغير تلك الإرادة فلن يتوافر لذلك الطموح الاستمرار، وإنما سيتحول إلى حلم لاح في الأفق، فهيج العواطف ودغدغ المشاعر ثم انزوى.
حين خرجت من الاجتماع وصادفت أكوام القمامة على طول الطريق المؤدى إلى بيتي. أفقت من الحلم الذي حلّقنا في أجوائه على السؤال التالي:
هل الذين فشلوا في حل مشكلة القمامة في البلد مؤهلون حقا للتطلع إلى النهوض به وإعادته إلى مجرى التاريخ؟!
..................
June 15, 2011
سوريا إلى أين؟
صحيفة الشرق القطريه الخميس 14 رجب 1432 – 16 يونيو 2011
سوريا إلى أين؟ – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_16.html
النظام حاول إعادة إنتاج مذبحة حماة ولم يدرك أن السوريين تغيروا
الوضع في سوريا أشبه بسيارة انفلت عيارها فاندفعت هابطة من قمة جبل مرتفع، بما يجعلك تتنبأ بمصيرها وأنت مغمض العينين.
كان ذلك ردي على من سألني:
إلى أين سوريا ذاهبة؟
ذلك أنه بعد قصف البيوت بالأسلحة الثقيلة، وقتل أكثر من 1200 مواطن، واضطرار عشرة آلاف سوري وسورية إلى اللجوء إلى تركيا هروبا من الجحيم الذي نصبته قوات الجيش والأجهزة الأمنية، بعد كل ذلك فإن رصيد النظام السوري مع شعبه يكون قد انتهى تماما، وباعدت بين الطرفين بركة من الدم مملوءة بجثث الضحايا.
كنت أحد الذين قدَّروا النظام السوري وحمدوا له موقفه إزاء المقاومة وانحيازه إلى جانب العديد من القضايا القومية، كما كنت على استعداد لغض الطرف عن ممارسات تورط فيها النظام في لبنان مثلا.
لكن ما لم يكن تمريره ممكنا ولا قبوله محتملا أن يمعن النظام في سحق وترويع الشعب السوري على النحو الذي شهدناه خلال الأسابيع التي خلت. حتى أزعم أن ممارسات السلطة في دمشق لم تبق للنظام على صديق أو محب، وأن كل الدعايات السوداء التي لاحقت النظام السوري طوال السنوات الماضية باتت تتضاءل وتصغر إذا قورنت بالصورة البشعة التي رسمها النظام لنفسه في الأسابيع الأخيرة.
هذا التحول في المشاعر يلحظه المرء بقوة في تركيا، التي كان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان من أقرب المقربين إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وكان للمودة الشخصية التي نشأت بين الرجلين مردودها القوي على علاقات البلدين اللذين طورا بنجاح تلك العلاقة على مختلف الأصعدة، السياسية والاقتصادية والثقافية.
ولكن الفظائع التي ارتكبت بحق الشعب السوري ألقت بظلالها الكثيفة على تلك العلاقة، وسببت حرجا شديدا للحكومة التركية.
قيل لي في أنقرة إن رئيس الوزراء التركي لم يكف عن تنبيه صديقه بشار الأسد إلى ضرورة الاستجابة لصوت الشارع ومطالب الجماهير.
وسمعت من مصادر موثوقة أن الرئيس السوري ظل يسّوف ويماطل وينقل إلى أردوغان معلومات مغلوطة منها مثلا أن في سوريا 64 ألف إرهابي مسلح وأن هؤلاء يهاجمون الجيش والشرطة،
وظل يكرر على مسامعه حكاية «الشبيحة» الذين عاثوا في البلاد فسادا وترويعا، وكانوا هم الذين تسببوا في قتل المواطنين وأعداد من رجال الجيش. إلى غير ذلك من الروايات التي يصعب تصديقها، والتي جاءت دالة على أن الرئيس السوري لا يريد أن يتراجع وأنه بات مقتنعا بأن «السحق هو الحل».
فى أنقرة يقولون إن أردوغان ألح في وقت مبكر على الرئيس الأسد لإلغاء الطوارئ والعفو عن المسجونين وإجراء بعض الإصلاحات السياسية، إلا أن الرئيس السوري تأخر كثيرا في الاستجابة، في الوقت الذي واصل فيه انتهاج سياسة القمع والسحق، الأمر الذي أفقد تلك الخطوات مغزاها، وأفقد ثقة المواطنين السوريين في صدقية التوجه نحو الإصلاح.
ومن الواضح أن أردوغان فقد بدوره الأمل في صديقه الأسد، فانتقد علنا عملية قتل المتظاهرين وأدان وحشية الأجهزة الأمنية.
ما يثير الانتباه في المشهد السوري أن إسقاط النظام لم يكن مطلبا للمتظاهرين الذين كانت مسيراتهم السلمية التي خرجت في البداية لا تطالب بأكثر من الإصلاح وإطلاق الحريات العامة، لكن حملات القمع التي اتسمت بالقسوة المفرطة وتعاملت مع الجماهير باستهانة وازدراء شديدين، رفعت من وتيرة الغضب. خصوصا حين أسالت دماء المواطنين العزل بمن فيهم الأطفال.
وأدى ذلك تلقائيا إلى رفع سقف المطالب، فتعالت نداءات الغاضبين داعية إلى إسقاط النظام، الذي ثبت أنه صم آذانه عن مطالب الشعب، كما أغمض أعينه عما يجرى في أرجاء العالم العربي.
هذه الخلفية تسوغ لنا أن نقول إن الذين راهنوا على قمع الناس وسحقهم، هم الذين حثوا الجماهير ودفعوها دفعا إلى المطالبة بإسقاط النظام.
وحين أرادوا إعادة إنتاج مذبحة حماة سنة 1982، في عهد الأسد الأب، فإنهم لم يدركوا أن الدنيا تغيرت كما أن السوريين أنفسهم تغيروا، بحيث أن ما مر قبل نحو ثلاثين عاما يتعذر تمريره أو السكوت عليه الآن.
إن أحدا لا يستطيع أن يلوم العزل والمسالمين الذين غضبوا لكرامتهم، ولكن كل اللوم ينبغي أن يوجه إلى الذين عموا وصمُّوا، وآثروا إذلال الناس وقهرهم، فحولوا دموعهم إلى دم وسخطهم إلى ثورة وعتابهم إلى ثأر لا ينسى.
..................
June 14, 2011
نقطة في بحر
صحيفة السبيل الأردنيه الأربعاء 13 رجب 1432 – 15 يونيو 2011
نقطة في بحر – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_15.html
أن يكون لإسرائيل جاسوس في مصر فذلك ليس خبرا. الخبر أن يتم القبض عليه،
أما الضربة الأمنية الحقيقية فهي أن يتم ضبط بقية الجواسيس الذين يرتعون في أرجاء مصر منذ فتحت أبواب المحروسة لأمثالهم عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979.
وليس ذلك اكتشافا ولا هو من قبيل الأوهام، لأن التغير الذي حدث في مصر بوقوع ثورة 25 يناير كان ولا يزال يمثل خبرا كارثيا لإسرائيل، ولا يزال يعد كابوسا لم يفق منه قادتها.
وأي متابع لما تنشره الصحف الإسرائيلية من تعقيبات وما يتسرب من تعليمات لرئيس الوزراء تتعلق بالتعامل مع الأوضاع في مصر، ذلك كله يشير إلى أمرين
أولهما التشاؤم والهلع الذي أصاب النخبة بقيام الثورة وغياب الرئيس السابق (الكنز الاستراتيجي).
الأمر الثاني هو الحذر الشديد من جانب نتنياهو الذي منع الوزراء من التعليق على ما يجرى في مصر حفاظا على «شعرة معاوية» مع نظامها الجديد.
كنت قد نشرت في 22 فبراير الماضي،
مقالة
تحت عنوان: «ماذا يدبـِّرون للنظام الجديد؟»،
قلت فيها ما خلاصته أنه من الطبيعي أن تكون الأحداث في مصر بعد الثورة ــ وقبلها أيضا ــ محل رصد واهتمام، بوجه أخص من جانب الدوائر الأمريكية والإسرائيلية. ليس محبة في المصريين ولا إعجابا بسواعد و عيون المصريات، ولكن لأنهم يدركون جيدا أن أي تغيير في مصر لابد أن يكون له صداه القوى في العالم العربي، الأمر الذي يعني الكثير بالنسبة لهؤلاء. لأن العالم العربي يترجم في النظر الغربي إلى عنوانين رئيسيين هما النفط وإسرائيل، فضلا عن أنه سوق لترويج البضائع وإنعاش تجارة السلاح.
قلت أيضا إن الأمريكيين والإسرائيليين لن يقفوا متفرجين على الحاصل في مصر، ولكن من الطبيعي أن يكونوا على صلة مباشرة بالحدث إن لم يصبحوا في قلبه ومؤثرين على اتجاهاته.
إضافة إلى أن ذلك استنتاج منطقي يخطر على بال أي مشتغل بالعمل العام، فقد أعدت التذكير بمحاضرة وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الأسبق آفي دختر التي ألقاها في شهر سبتمبر عام 2008 على الدارسين في معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني، وفيها تحدث عن الترتيبات الإسرائيلية لمواجهة أي تحولات «كارثية» ــ من وجهة نظرهم ــ يمكن أن تحدث في مصر.
وأشار بوجه أخص إلى أمور خمسة هي: -
إقامة شراكة مع القوى والفعاليات المؤثرة والمالكة لكل عناصر القوة والنفوذ، في دوائر الطبقة الحاكمة ورجال الأعمال والنخب الإعلامية والسياسية.
- إقامة شراكة أمنية مع أقوى جهازين لحماية الأمن الداخلي في البلاد، هما جهاز أمن الدولة والمخابرات العامة.
- تأهيل محطات استراتيجية داخل المدن الرئيسية المؤثرة على صنع القرار، متمثلة في: القاهرة ــ الإسكندرية ــ الإسماعيلية ــ السويس ــ بورسعيد.
- الاحتفاظ بقوة تدخل سريع من المارينز (الأمريكيين) في النقاط الحساسة بالقاهرة (جاردن سيتي ــ مصر الجديدة)، إضافة إلى الجيزة. وبإمكان تلك القوة الانتشار خلال بضع ساعات والسيطرة على مراكز عصب الحياة العامة.
- مرابطة قطع بحرية وطائرات أمريكية في قواعد داخل مصر، خصوصا في الغردقة والسويس ورأس بيناس.
انطلقت هذه الترتيبات كما ذكر الوزير الأسبق من الاقتناع بضرورة تبنى استراتيجية استباقية حيال مصر من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل.
وكان تقدير واشنطن ــ والكلام للوزير الإسرائيلي ــ أنها يجب أن تقيم في مصر بعد وفاة عبدالناصر مباشرة وتولي السادات، مرتكزات ودعائم أمنية واقتصادية وثقافية على غرار ما فعلته في تركيا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة.
لست في موقع يسمح لي بأن أتثبت من أن ما خطط له الإسرائيليون والأمريكيون حدث بالفعل كله أو بعضه، لكن الذي لا شك فيه أنه توفر لهم خلال الثلاثين سنة التي أعقبت توقيع اتفاقية السلام، الوقت الكافي والظرف المواتي لتحقيق ما يريدون.
وعند الحد الأدنى فلا بد أنهم حاولوا على الأقل زرع وتجنيد شبكة من المتعاونين الذين يمدونهم بما يمكنهم من تثبيت أقدامهم، بما لا يسمح لمصر بأن تتراجع عما تورطت فيه، منذ وقعت معها معاهدة السلام.
ولا يستقيم عقلا أن ينحصر الجهد الإسرائيلي في الجاسوس الذي ألقى القبض عليه أخيرا (ايلان تشايم جرابيل)، أو غيره ممن ألقي القبض عليهم في ثلاث قضايا تخابر أخرى خلال الأشهر الأربعة الماضية.
إذ يظل هؤلاء مجرد نقطة في بحر إذا وضعنا في الاعتبار الأهمية القصوى التي توليها إسرائيل لعلاقتها مع مصر وخوفها من تنامي الوطنية المصرية.
..................
June 13, 2011
تركيا على أبواب ميلاد جديد – المقال الأسبوعي
موقع قناة الجزيره الفضائيه الثلاثاء 12 رجب 1432 – 14 يونيو 2011
تركيا على أبواب ميلاد جديد – فهمي هويدي – المقال الأسبوعي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_14.html
هي أكثر من مجرد انتخابات تشريعية، لأنها تفتح الباب لإعلان ميلاد جديد لتركيا يرسي أساس جمهوريتها الثانية، التي تنتقل بها من ولاية العسكر إلى ولاية الأمن.
(1)
إن شئت فقل إننا بصدد حالة من التوافق الوطني على ضرورة طيّ صفحة الانقلابات العسكرية التي تعاقب ثلاثة منها كل عشر سنوات منذ سنة 1960
(الانقلاب الرابع وصف بأنه أبيض لأن العسكر أجبروا حكومة نجم الدين أربكان على الاستقالة في سنة 1997.
أما الخامس فقد أجهض في سنة 2007 ولا تزال ملابساته محل تحقيق حتى الآن).
الجميع اتفقوا على ضرورة وضع دستور جديد لتركيا يزيل آثار عدوان الدستور الذي فرضه العسكر إثر انقلاب عام 1980، وكرس وصايتهم على المجتمع من خلال تشديد قبضة العسكريين على السياسة، وبسط هيمنة التطرف العلماني على مؤسستي القضاء والتعليم.
وهي ذات السياسة التي فرضها مؤسس الجمهورية كمال أتاتورك في عشرينيات القرن الماضي، لكن المجتمع ظل يتملل منها ويحاول الفكاك من أسرها من خلال هوامش الديمقراطية المتاحة.
وكانت العلامة البارزة على ذلك هي الانتخابات التي جرت في عام 1950، التي صوتت فيها الأغلبية لصالح الحزب الديمقراطي ومني حزب الشعب الذي أسسه أتاتورك بهزيمة منكرة أفقدته هيمنته على الحكم التي ظلت مستمرة طوال 17 عاما. وهو ما لم يغفره الجيش المفوض دستوريا بالتدخل لإقرار السلام والأمن الاجتماعي والسياسي في البلاد، فقام في سنة 1960 بأول انقلاب له في ظل الجمهورية، وشكل لجنة تحقيق قضت بإعدام رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ووزيري الخارجية والمالية. ولم ينفذ الحكم بالأول في حين أعدم الثلاثة الآخرون وفي المقدمة منهم رئيس الوزراء عدنان مندريس.
بإعداد الدستور الجديد يرد المجتمع الاعتبار لعدنان مندريس وصاحبيه، الذين كانوا في مقدمة شهداء الديمقراطية في تركيا. ويسجل الفصل الأخير في كتاب الديمقراطية، الذي سطروا بدمائهم فصله الأول في خمسينيات القرن الماضي. هكذا قال رئيس حزب العدالة والتنمية في مدينة إسطنبول عزيز بابوتشو.
نائب رئيس حزب الشعب المنافس أوغوز ساليتشى يؤيد بدوره الحاجة إلى وضع دستور جديد، لكن حزبه لديه قائمة طويلة من الأسئلة حول الجهة التي ستعد الدستور، وحول ما سيقرره من مبادئ للمرحلة المقبلة وأهمية عرضه على الاستفتاء العام في كل الظروف.
(2)
لأن الجميع يدركون أنها لحظة فارقة في تاريخ تركيا الحديث، فإن السباق ظل طول الوقت مفعما بالحيوية والحماسة، ذلك أن موضوعه لم يكن فقط الفوز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان والاشتراك في تشكيل الحكومة، وإنما كان الأمر أكبر من ذلك وأبعد، لأن نسبة الفوز لها مردودها في نسبة المشاركة في صناعة المستقبل وتأسيس الجمهورية التركية الثانية التي تنعقد فيها الولاية للأمة لأول مرة منذ تأسست الجمهورية في عام 1923.
رفع من وتيرة الحماسة أن قادة الأحزاب التقليدية، وفي المقدمة منها حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه كمال أتاتورك ولا يزال يتبنى مشروعه، والحزب القومي الذي يمثل العرق التركي والقومية الطورانية، هؤلاء أدركوا أن الزمن يكاد يتجاوزهم وأن دورهم يتراجع في المشهد السياسي، منذ فاز حزب العدالة بالأغلبية في انتخابات عام 2002 وشكل الحكومة منذ ذلك الوقت دون الحاجة إلى الائتلاف مع أي حزب آخر.
لهذه الأسباب فإن الأحزاب المنافسة ألقت بكل ثقلها لكي تكسر الأغلبية التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية في البرلمان (يمثله في الوقت الراهن 340 عضوا من بين 550 هم مجموع أعضاء البرلمان)،
لكن طموح حزب العدالة والتنمية أكبر وأبعد هذه المرة. فهو لا يريد أن يكتفي بالأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة منفردا (النصف زائد واحد)، وإنما يطمح إلى تحقيق أغلبية الثلثين (367 عضوا) لكي يتمكن من وضع الدستور الجديد.
صحيح أن التنافس على أشده بين حزبي العدالة والتنمية من ناحية والشعب الجمهوري من ناحية ثانية، إلا أن الصورة أوسع من ذلك بكثير. فالأحزاب المسجلة رسميا عددها 60 حزبا، لكن الذين قرروا خوض المعركة الانتخابية نحو 20 حزبا فقط.
والرهانات والأضواء مسلطة في وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي العام على أربعة أحزاب فقط تحاول جذب الأنصار من بين 50 مليون ناخب. وهذه الأحزاب هي:
* حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي ركز في دعايته على أن الهدف هو سنة 2023، ذكرى مرور مائة سنة على تأسيس الجمهورية، شاهرا في ذلك شعار:
لكي تنعم بلادنا بالاستقرار ولكي تصبح تركيا أكبر وأعظم.
ولتحقيق ذلك الهدف فالحزب أعلن عن قائمة طويلة من المشروعات العملاقة والجذابة التي تدغدغ مشاعر الجماهير التركية وتداعب أحلامها.
* حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي الذي تنحى زعيمه السابق بسبب فضيحة أخلاقية، ويسعى رئيسه الجديد كمال كيليجدار أوغلو، وهو يساري علوي من أصول كردية، لتحويله إلى حزب يمثل اليسار الديمقراطي.
لذلك فإنه يخاطب الأكراد والعلويين والطبقة العاملة والفقيرة. وقد ركز في دعايته على تنفيذ بعض المشروعات التي تهم الناس، وفي مقدمتها توسيع مظلة التأمين لتشمل عائلة كردية.
* حزب الحركة القومية الذي أصبح يعاني من شدة الضعف بعد بث تسجيلات فضائحية لعشرة من أعضاء مكتبه السياسي الذي يضم 16 عضوا، مما أدى إلى استقالتهم وأحدث فراغا في قيادته. إضافة إلى أن زعيمه دولت باهشلي عجز عن تقديم برنامج جدي ووعود انتخابية حقيقية. الأمر الذي أصبح يرشح الحزب للخروج من البرلمان
(القانون يشترط لدخول البرلمان أن يحصل الحزب على 10% من أصوات الناخبين على الأقل).
* الكتلة الرابعة المرشحة لدخول البرلمان يمثلها الأكراد المستقلون الذين يمكن أن ينضموا تحت راية حزب السلام والديمقراطية، ويوفروا بذلك نسبة الـ10% التي تمكنه من دخول البرلمان.
(3)
عشت التجربة في تركيا طوال الأسبوع الذي سبق الانتخابات. ولشدة الضجيج الذي ملأ الفضاء خيل إليّ أن أحدا لم ينم خلال الأيام التي سبقت التصويت يوم الأحد الماضي.
فسيارات المرشحين تجوب الشوارع على مدار الساعة، محملة بمكبرات الصوت التي تبث الأغاني التي أعدتها بعض الأحزاب للدعاية لنفسها وبرنامجها، كما تبث الأغاني الشعبية التي يحبها الناس ويرددونها.
وفي كل ميدان مؤتمر لهذا الحزب أو ذاك.
أما الأعلام ورموز الأحزاب فهي تملأ الجدران، وتظلل الشوارع، وبعضها يتدلى من البنايات الكبيرة. الأمر الذي يرشد المارة إلى خريطة أنصار الأحزاب المتنافسة في كل حي.
قيل لي إن شدة التنافس على الانتخابات بين الأحزاب استدعت وجود شركات تخصصت في تنظيم الحملات الانتخابية، بمستلزماتها من السيارات والملصقات والأغاني والمهرجانات وغير ذلك، لكن أكثر ما أثار انتباهي كان كثرة عدد الشبان المتطوعين الذين يشاركون في تلك الحملات.
كنت أعرف أن ثقافة التطوع للعمل الخيري والعام شائعة في تركيا، لكنني دهشت حين علمت أن حزب العدالة والتنمية وحده شارك في حملته الانتخابية بمدينة إسطنبول وحدها 26 ألف متطوع نصفهم من النساء.
وهؤلاء تفرغوا لمهمتهم طوال الشهرين الأخيرين وقيل لي إن أولئك المتطوعين لم يتركوا بيتا أو متجرا لناخب في المدينة إلا وطرقوا بابه وتواصلوا معه واستمعوا إليه.
إلى جانب هؤلاء صادفت في إسطنبول وأنقرة مجموعات من الشباب الاشتراكي الذين قدموا من أنحاء مختلفة من أوروبا للدعاية لحزب الشعب في الشوارع والأسواق، كما كانت هناك مجموعات أكبر من البلقان وبعض الدول الإسلامية جاؤوا لمساندة حزب العدالة والتنمية.
إضافة إلى ما سبق، فثمة ملاحظات أخرى تستوقف المرء في المشهد الانتخابي في مقدمتها ما يلي:
* إن الجدل والتراشق بين الأحزاب منصب على الشأن الداخلي بشكل عام. أما السياسة الخارجية لتركيا فلا أحد يتحدث عنها إذا استثنينا انتقادات من جانب قادة حزب الشعب لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ذكرت أنه اتبع مع إسرائيل "سياسة استفزازية". وانتقادات أخرى سمعتها وجهت إليه لوما لتحالفه مع سوريا (رغم انتقاداته لممارسات النظام السوري).
* إن المجتمع التركي يعيش حالة استقطاب مثيرة للانتباه. وهو ما رصده رئيس مركز أبحاث "كوندا" في أنقرة تارهان أردم، الذي قال إن الاستقطاب بين الناخبين ظل في السنوات الماضية يتراوح بين 50 و60%، لكنه وصل في الانتخابات الأخيرة إلى 80%، الأمر الذي يعني أن هذه النسبة من الناخبين ستصوت لهذا الحزب أو ذاك، دون مناقشة القضايا أو البرامج التي يطرحها.
* إن الأحزاب العلمانية لا تزال تثير خوف الناخبين من الخلفية الإسلامية لقادة حزب العدالة والتنمية، ملوّحة في ذلك بفكرة "الأجندة الخفية" التي يقولون إنه يستبطنها.
وسمعت رئيس حزب الشعب وهو يعلن في أحد المؤتمرات أن حزب العدالة يهدد عقائد الشعب التركي (يقصد أنه يهدد إيمانه بالعلمانية)، ثم وهو يكرر في أكثر من لقاء شعبي "أن الجمهورية في خطر".
* إنه في الوقت الذي أصبحت تركيا على أبواب وضع دستور جديد بديلا عن ذلك الذي أصدره العسكر بعد انقلاب عام 1980، فإن قائد ذلك الانقلاب الجنرال كنعان إيفرين (94 سنة) خضع للاستجواب في الأسبوع الماضي لسؤاله عن علاقته بمحاولة الانفلات التي جرى التخطيط لها في عام 2007.
(4)
فوز حزب العدالة والتنمية بالمركز الأول بين الأحزاب المتنافسة أصبح مسلما به من قبل الجميع. ولأنني أكتب هذه المقالة قبل الإعلان النهائي للنتائج إلا أن الترجيحات تشير بقوة إلى أن الحزب سيفوز بأكثر من نصف المقاعد، أما أغلبية الثلثين التي يتطلع إليها فليس مقطوعا بها.
وعند الحد الأدنى فإن السيد أردوغان الذي تعرض لمحاولة الاغتيال ما بين 12 و13 مرة سيتمكن من تشكيل الوزارة للمرة الثالثة. وهو خبر سار بالنسبة إليه وللحزب بطبيعة الحال، لكنه يحمل في طياته مفاجأة لم ينتبه إليها كثيرون، خلاصتها أنها المرة الأخيرة التي يشغل فيها منصب رئيس الوزراء (الباشبكان).
ذلك أن لوائح الحزب لا تسمح له ولا لغيره من القيادات بأن يشغل موقعه لأكثر من ثلاث مرات، الأمر الذي يعني أنه في الظروف العادية ينبغي أن يغادره إلى غير رجعة بحلول عام 2015، ليس وحده، وإنما سيخرج معه في ذلك التاريخ 150 آخرين من القياديين في الحزب الذين رافقوه في رحلته.
وهو ما يدركه المسؤولون في الحزب جيدا، ويتحسبون له من الآن، الأمر الذي يضيف إلى قائمة الأسئلة التي تطرحها النتائج في صورتها النهائية،
أسئلة أخرى تتعلق بمصير أردوغان وربما مصير النظام السياسي التركي في الدستور الجديد.
ولأن الأسئلة كثيرة، فلم يعد هناك مفر من العودة إلى الموضوع في الأسبوع المقبل بإذن الله.
..................
June 12, 2011
ملفات «المتعاونين»
صحيفة السبيل الأردنيه الاثنين 11 رجب 1432 13 يونيو 2011
ملفات «المتعاونين» – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/06/blog-post_13.html
لم أفهم لماذا أبرزت إحدى الصحف الأسبوعية المصرية تقريرا عن إعلامية تليفزيونية شهيرة، الخبر فيه أنها كانت «تتعاون» مع جهاز أمن الدولة في ظل النظام السابق، ذلك أنني اعتبرت أن التقرير ظالم وغير بريء،
ببساطة لأنها لم تكن وحيدة في هذا المضمار.
لذلك، فإن السؤال الذي خطر لي بمجرد أن قرأت العنوان هو:
لماذا هي دون غيرها من المتعاونين الذين يتصدر بعضهم الواجهات حتى الآن، ولم أجد تفسيرا لذلك سوى أن مسألة التعاون مع أمن الدولة أثيرت لتصفية حسابات أخرى لا أعرفها.
لست في وارد الدفاع عن الإعلامية التي لا تربطني بها أية علاقة، ولم ألتق بها في أي وقت، ولكنني أزعم أن ملف الإعلاميين المتعاونين مع الأجهزة الأمنية لم يفتح بعد، رغم أن تناوله سهل للغاية لمن يريد أن يتعرف على الحقائق والمواقف.
إذ في المجال الصحفي تحديدا، فإن «الأرشيف» المتاح للجميع يحفل بالشهادات التي لا تقبل الشك أو الطعن، ذلك أن ممارسات كل صاحب قلم هي «اعترافاته»، التي لا يستطيع أن يدعى الآن أنه أدلى بها تحت التعذيب أو أنها انتزعت منه بالإكراه.
وإذا جاز لنا أن نتصارح في الموضوع، فلا بد أن نتفق ابتداء على أن مصر ظلت طوال العهد السابق تحكم بالشرطة والإعلام.
الشرطة كانت تقمع الناس، والإعلام كان يغسل أدمغتهم ويشوه إدراكهم،
بسبب من ذلك فإنه ما من مؤسسة صحفية أو مكتب صحفي في مصر إلا وتم اختراقه بصورة أو أخرى، وما من كاتب أو مراسل صحفي إلا وطرق الجهاز بابه وحاول استخدامه.
وكلنا نعلم أن من «تعاون» فاز ونال الرضا، ومن تمنع ورفض فعليه أن يدفع ثمن موقفه.
حدث ذلك معي مرتين حيث تلقيت في منتصف الثمانينيات اتصالين من جهتين مختلفتين.
كان الأول محاولة لجس النبض، حيث دعيت إلى لقاء قيل لي فيه إن أسماء كبيرة (لا داعي لذكرها الآن) قدمت إليها معلومات تتعلق بالسياسات الداخلية والخارجية، ولكنها لم تحسن استخدامها. وإنهم يرشحون أسماء أخرى موثوقا فيها لكي تؤدي «الواجب الوطني» المطلوب.
وهي رسالة لم أستوعبها جيدا إلا حين تلقيت اتصالا هاتفيا قبل رحلة اعتزمت القيام بها إلى إيران، وطلب مني العقيد أو العميد المتصل معلومات معينة، الأمر الذي أصابني بصدمة دفعتني إلى إبلاغ الرجل بألا يعاود الاتصال بي ثانية، ثم أغلقت سماعة الهاتف دون أن أسمع رده.
وفي اليوم التالي مباشرة ذهبت إلى الدكتور مصطفي الفقي الذي كان يعمل في مكتب الرئيس آنذاك، وأبلغته بما حدث.
وطلبت منه أن يبلغ المسئولين في الأجهزة المعنية بأنهم اختاروا الشخص الغلط والعنوان الغلط. ويبدو أنه أوصل الرسالة، لأن أحدا منهم لم يتصل بي بعد ذلك على الإطلاق.
كنت قد رويت في مقام آخر ما سمعته ذات مرة من أحد القياديين في حركة حماس، حين سأل رئيس المخابرات العامة السيد عمر سليمان أثناء لقاء اتسم بالود والتبسط عن الجهة التي تضغط على «الزر» فيهاجم الإعلام الفلسطينيين، ثم تضغط مرة أخرى فتخف اللهجة وتتسم بالاعتدال.
وقتذاك ابتسم عمر سليمان وقال إنه هو الذي يضغط على الزر،
كما أنني لست أنسى في هذا الصدد أنني سمعت ضابطا كبيرا في جهاز أمن الدولة يصف العاملين في إحدى المؤسسات الصحفية بأنهم «أولادنا، الذين ربيناهم على أيدينا حتى كبروا وأفلحوا»!.
وأمثال هؤلاء كثيرون في مختلف الصحف، وبعضهم لا يزال يحتل الصدارة في بعضها.
إن «المتعاونين» يراهنون على ضعف الذاكرة العامة، لكن «الأرشيف» لا يزال حافظا لكل واحد سجله. وإذا قدر للملفات أن تفتح فسوف يدهش الجميع حين يكتشفون المتعاونين الكبار الذين تحولوا الآن إلى ثوريين وإصلاحيين وهم الذين ظلوا أبواقا للأجهزة الأمنية طول الوقت حين تسابقوا على تجميل سياسات الداخلية، ونظموا القصائد في مدح لجنة السياسات، وجندوا أقلامهم وصحفهم لتمرير التوريث وامتداح «اكتساح» الحزب الوطني للانتخابات التشريعية الأخيرة.
وهم الذين روعوا الناس بما سموه «ميليشيا» الإخوان لتبرير الانقضاض عليهم. وهم الذين استخدموا للوقيعة بين المسلمين والأقباط وبين المصريين والفلسطينيين، ووصف بعضهم رجال المقاومة بأنهم «أوباش».
وقال قائلهم إن إيران أخطر على العرب من إسرائيل، وإن العلاقات مع إسرائيل ينبغي أن تقدم على العلاقات مع العرب إذا حدث التعارض بينهما. وكان التوجيه الأمني الخادم للسياسات المعوجة والمرذولة وراء كل تلك الفرقعات والأكاذيب.
حين يترك كل هؤلاء ويتم ذبح إعلامية لأنها كانت متعاونة مع أمن الدولة، فإن ذلك يعد ظلما ما بعده ظلم.
إنني لا أدعو إلى تبرئتها. ولكنني أرجو ــ إذا كان لابد من فتح الملف ــ أن نراجع جيدا قائمة المتهمين، ليعرف دور كل واحد في ذلك «التعاون» المشبوه.
..................
فهمي هويدي's Blog
- فهمي هويدي's profile
- 1314 followers
