Status Updates From مذكرات قاسم محمد الرجب صاحب...

"وفي أيام الحرب العالمية الثانية ارتفعت أسعار الكتب ارتفاعاً فاحشاً، وصار معظم أصحاب المكتبات بمصر والبلاد العربية يبيعون الكتب بالوزن لتصنع(زبائن) للسجائر أو للتغليف بأوراقها أو إعادة صنعها ورقاً أو مقوّى"

انتهيت من الكتاب والانطباع فيما بعد

في أيار سنة 1944 سافرت أول مره إلى خارج العراق، وكانت سفرتي هذه إلى مصر لكي أطلع على الكتب من منبعها، والمكتبات من منشئها، إذ لم تكن دور النشر إلا في مصر، ولم تكن في لبنان حينئذ مكاتب ودور سوى المكتبة الكاثوليكية وبعض المكتبات الصغيرة

يلاحظ عندنا في البلاد العربية، أن معظم الأغنياء لا يهتمون بالكتب ولا يقيمون في بيوتهم مكتبات، وإنما تجد في دورهم الملاهي من بار إلى ساحة تنس إلى غرفة بليارد او قاعة للمقامرة. ولكنهم لا يفكرون في إنشاء مكتبة ولو بسيطة.

اشتريت نسخة قديمة نفسية من كتاب "نهج البلاغة" كتبت سنة ٥٤٨هـ، وقد اشتريتها من أحد الكويتيين بمبلغ زهيد. وإذ جئت اعرضها للبيع، فتصدر مذكرة بمصادرة الكتاب لكونه مخطوطًا أثريًا، وان احرازه من قبلي يعد مخالفة للقانون!

المفروض في باعة الكتب أن يكونوا مهذبين مؤدبين، وأن يكونوا متسمين بالكياسة وحسن اللقاء. ذلك ان صاحب المكتبة يحمل رسالة ثقافية نبيلة يجب أن يؤديها بأمانة وإخلاص. إلا أنني ألاحظ انهم جهلاء تعوزهم اللياقة في فن المقابلة وحسن المعاملة.

أعيش أجمل الأوقات مع هذا الكتاب، ولا توجد الكلمات لوصف المراد، لا شك ان هذا الكتاب قيم وثري، وسينعكس إيجابًا على كل شخص يقرأه ويحب الكتب.

إن المطلوب ممن يشغل بوظيفة الكُتبي، أن يكون عونًا للسائل، ومرجعًا للذين يرتادون المكتبات.

ذات مره اتى شاعر الى مكتبتي وسقطت منه قصيدة مكتوبة بورقة، فأخذتها ونشرتها في مجلة هدى الإسلام في مصر ووضعت عليها أسمي. فأتت العناوين مفاجئة، صوتًا يدوي من بغداد، وإن من الشعر لحكمة.قصيدة عصماء للشاعر العراقي الكبير قاسم محمد الرجب!

يعد ماسينون من المستشرقين أعظم من اهتم بتراث ابي منصور الحلاج المقتول ٣٠٩هـ، فقد كتب عنه دراسات عديدة، وطبع مؤلفاته واشعاره وطواسيه كاملة في باريس. لا ريب أن ماسينون في طليعة المستشرقين الذين خدموا التراث والثقافة الإسلامية.

يعد العراق افقر بلاد العالم قاطبة في المخطوطات اذا ما قيس بمصر واسطنبول ودمشق والهند.

هذا الكتاب فيه من الطرائف والدرر ما يجعل الإنسان تارةً في نوبة ضحكًا هستيرية، وتارة في نوبة إعجاب وانشداه مستغربة حقًا. احببت هذا الكتاب، وهو في بابه شديد الروعة والجمال.

كان حسين الفلفلي من اكثر الناس فهمنا للكتب في زماننا. فهو متوقد الذكاء، كثير الوسواس، لا يسمع لأحد بدخول مكتبته مهما كانت منزلته معه وصداقته، بل انه لا يسمح لأبنائه حتى بدخول مكتبته.

يقول الرحالة نيبور الذي زار العراق في القرن الثامن عشر: إنك اذا كنت تريد كتابًا من بغداد، ولم تجده فانتظر حتى يتوفى أحدهم، فعندئذ ستباع كتب المتوفى في اليوم التالي، فتجد الكتاب الذي تريده.

شارع المتنبي في العراق كان اسمه سابقًا شارع الأكمكخانة.

ولم أجد من اصحاب المكتبات بالسوق من أحرز ثروة إذ ان المعروف ان الكتب لا ثراء منها قط.

كان نعمان إذا باع كتابًا يتغزل به، ويطرق مجلدًا بمجلد ليظهِر له صوتًا كما يفعل باعة الأحذية، ويصيح قائلًا ملئ قلبه "كل الصيد في جوف الفرا"

لقد ذكرتُ ما ذكرت ليعرف حضرات القراء أنني من هذا السبيل تأصل فيّ حب المراسلة والرغبة في التجارة، التي لم أكن أدرك يومئذ أنني سأكون يومًا ما من محترفيها أو صاحب مكتبة، نظرًا لفقري وبؤسي ويأسي، وعدم تشجيع أستاذي يومًا ما وبأي وجه لي.

كأن هذا الكتاب يعوضني عن كل ما قراءة الفترة الماضية، ويمسح على قلبي بلمسة رقيقة. كتاب عظيم ورائع في بابه، وسيرة عصامية، قلّ ان يوجد مثلها. لمن احب الكتب وامعن في عشقها، يجب ان لا تفوته هذه المذكرات.