(?)
Quotes are added by the Goodreads community and are not verified by Goodreads. (Learn more)
إيمان مرسال

“عدودة قبل النوم: اعتاد زوجي أن يجهز طفلينا للنوم وأن يهدهدهما بعد قراءة كتاب لهما ببعض من أغاني طفولته. ظلت هذه الفقرة من حياتنا اليومية خاصة به وليست بي. لم أكن أقوم بذلك إلا إذا كان هو خارج البيت أو نكون في مكانين منفصلين بسبب السفر. كانا يفضلان إحدى حواديت طفولتي على أن أحكيها بالطبع بالانجليزية. كنت أحتفظ ببعض الجمل بالعربية كأنها ستفقد معناها إذا تُرجمت، مثلا، تقول أمنا الغولة لست الحسن: "لولا سلامك سبق كلامك، لكلت لحمك قبل عضامك". أقولها بنفس الصوت الممطوط الذي كانت جدتي تقولها به ، وبينما أتذكر رعبي وأنا أسمعها منها، يضحك طفلاي ويكركران كأنها نكتة لطيفة. في نهاية كل حدتوة، أعود إلى لغتي وجدتي مرة أخرى: "وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات. وتوتة توتة خلصت الحدوتة" . لم يكن لدي من أغاني الأطفال سوى واحدة وهي: " ماما زمانها جاية" كانا يسمعانها بفرح ثم يطلبان هذه الأعنية أو تلك بالانجليزية، بمجرد أن أبدأ مثلا ب " توينكل توينكل" أو " هش، ليتل بيبي" ، يعترض أحدهما أنها ليست هكذا، أن بابا لا يغنيها هكذا ، أنتِ تجعلينها حزينة للغاية. أفكر أن هذا صحيح، يجب أن تهدهد الأمهات أطفالهن بما تربين عليه من هدهدات. كيف لي أن أتبنى أغنية لم أتربَ عليها ؟ كيف أغني لطفلي بلكنة وكأن لغتين تتصارعان خلف كل كلمة؟ لكن من قال أن اللكنة وحدها هي ما يجعل الأغاني المبهجة تكتسي بالحزن؟ ألم يتسرب مثلا الإيقاع الحزين لعديد جدتي على أمي وبكائياتها في الليل إلى صوتي وأنا أغني لولدي بلغة أخرى؟ : " يا مغسلة عدي خواتمها، لحسن يكون الغُسل وقعه منها" ، " شالك جديد ما تنزلي تلميه، ماهياش عزومة ، دا القبر نازلة فيه، فستانك جديد ماترفعي كمامه، ما هياش عزومة، دا القبر نازلة له" ، " إن كنت غاوي الجمال، بص في القبر وشوف، تلقى الجمال انتهى والعضم بقى مكشوف، إن كنت غاوي الجمال، بص في القبر واتطلع ، تلقى الجمال انتهى والشعر متقلع" لو كان طفلاي قد سألاني عن أغنياتي المفضلة عندما كنت طفلة، لكنت غنيت لهما بعض هذه العدودات . لم أكن أشعر قط أن هذه قسوة غير مبررة ، إنهما يعرفانها بالفعل من صوتي عندما أغني لهما بالانجليزية عن قوس قزح ، أو عن فراشات ستطير في الصباح. لقد ربّت جدتي طفليّ معي ، هي لم تعش لتراهما، حكت حوايت وغنت لهما معي، تجلس بجانبي وأنا أحض يوسف، طفلي الذي قضى أكثر من تصف عمره مريضا ، وأنا أتمتم بالرقوة التي ستحميه:" من عين الجدع اللي فيها ودع ، ومن عين المرة اللي فيها شرشرة ، ومن عين كل اللي شافك ورآك وما صلاش على النبي" . أتثاءب وتسيل الدموع من عينيّ بما يعني أنه محسود فعلا، أنا التي لا تؤمن بشئ ، أمارس طقوسها دون أن أتساءل لماذا، دون أن أشعر بغرابة أو بتناقض، كأن أمومتي تتصل بها، وتوجد معها وتنبثق منها. ظللتنا معا نفس الغيمة الكئيبة من الحداد. أرانا نقف جنبا إلى جنب مثل شخصيات كرتونية في فيلم، جدتي وأمي وأنا وطفليّ. ينظر كل منا إلى الأعلى ويشير إلى الغلاف الرقيق الذي يلفنا معا ، إنه كبير ، أكبر من فقد جدتي لا بنتها ومن فقدي مبكرا لأمي ومن الرحم الذي حملت فيه هذين الطفلين. نتنفس نفس الهواء، ونشعر بالأمان لأننا معا بداخله. تختفي أمي فتبدأ جدتي في العديد، أنا على صوتها وأصحو لأجدها أيضا اختفت ويكون علي أن أضع طفلي في الفراش. أغني " توينكل توينكل" بصوت جدتي ، فيقول طفلاي: " لقد جعلتيها أغنية حزينة”

إيمان مرسال, كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها
Read more quotes from إيمان مرسال


Share this quote:
Share on Twitter

Friends Who Liked This Quote

To see what your friends thought of this quote, please sign up!


This Quote Is From


Browse By Tag