لأنك خالفت القانون ..سنساعدك!
نشرت جريدة الوطن بتاريخ (١٤-١١-١٤٣١) خبراً بعنوان " استعادة ١٢ ابناً سعودياً من أمهات إندونسيات: جاء فيه ما يلي: "أسفرت جهود سفارة المملكة في العاصمة الإندونيسية جاكرتا عن إعادة اثني عشر ابناً لمواطنين سعوديين من أمهات إندونيسيات إلى المملكة. وأوضح السفير عبدالله الخياط أن الأبناء الذين تمت إعادتهم هم نتاج زيجات ما بين أمهات إندونيسيات تزوجن بطريقة غير نظامية من مواطنين سعوديين، خلال زيارات عمل أو سياحة قاموا بها إلى هذا البلد. وأشار السفير الخياط إلى أنه فور علم السفارة في جاكرتا بقصة هؤلاء الأطفال، تم التأكد من حقيقة أنهم أبناء مواطنين سعوديين، وعلى إثر ذلك تم الاتصال بآبائهم، ومنحهم كافة التسهيلات للالتحاق بأبنائهم. وفي معظم الحالات كان الآباء السعوديون يتجاوبون ويأتون للقاء أبنائهم. وأوضح أن السفارة عملت في هذه الأثناء على تحسين مستوى حياة هؤلاء الأطفال، وبمجرد وصول آبائهم إلى جاكرتا، تم منحهم تذاكر للسفر بمعية آبائهم إلى المملكة. كما قامت السفارة بالاتصال بالجهات المسؤولة في إندونيسيا وفي المملكة لتسهيل عودتهم مع ذويهم، وإنهاء النواحي الخلافية بين الأبوين. ولفت السفير الخياط إلى أن التعليمات لا تسمح بزواج المواطنين السعوديين من إندونيسيات إلا بإذن مسبق من وزارة الداخلية".
فهناك إذن مواطنون سعوديون يسافرون للخارج للتجارة أو للسياحة ويمارسون زواج متعة (تحرمه المذاهب السنية) ويخالفون أنظمة الدولة التي تمنع بشدة الزواج من أجنبي أو أجنبية دون تصريح مسبق من وزارة الداخلية. وبعد أن يقضوا أوطارهم ويحققوا متعهم الآنية باستغلالهم لحاجات أخواتهم المسلمات الفقيرات، يهجرون هؤلاء النسوة بالطلاق المتعسف، ويتركون أبنائهم يهيمون على وجوههم في أحياء الفقر بدون نفقة، ويعودون من رحلة الصيف مبتهجين وقد جددوا شبابهم ليمارسوا حياتهم الاعتيادية مع زوجات غافلات عن خيانة رفيق الدرب ومغامراته الصغيرة.. فكيف تعاملنا مع هؤلاء المخالفين للشرع والنظام؟
عاملناهم معاملة لا يستحقونها أو كأننا نحن (كدولة) المخطئون! فالسفارة تتحمل وزرهم وتضيع وقتها لتتأكد من نسب الأبناء، وحين تتأكد تقوم برفع مستوى معيشتهم بصرفها عليهم، ثم تقوم بالاتصال بهذا اللعوب المتصابي وترجوه (تكفى ياشيخ) أن يعترف بأولاده، وهو (جزاه الله خير) يتجاوب مع طلب السفارة، ومن ثم يتم تسفيره مجاناً ليأتي ويأخذ أولاده إلى المملكة ويعيشوا في سبات ونبات!
هنا عدة أسئلة يجب أن تُطرح: لماذا لا يعاقب هؤلاء الآباء على فعلتهم بعد عودتهم إلى المملكة؟ لماذا لا يدفعون غرامة معتبرة عن الزواج دون إذن؟ وغرامة عن كل طفل بائس نتج من هذه المتعة؟ لماذا لا يكلفون بعد العودة بدفع نفقات السفر؟ لماذا على البلاد أن تتحمل أوزارهم المادية والمعنوية دون أن يواجهوا أية عقوبات ولو حتى من باب التشهير؟ أي رسالة نرسلها لبقية الذكور الراغبين بتكرار هذه الأفعال المستهترة حين لا توجد عقوبة لمخالفة النظام بل وفوق ذلك هناك دعم مادي ومعنوي للمخالف؟ في حين لا يحصل المواطن الذي تزوج من مواطنة على سنة الله ورسوله وبعد قيامه بتطبيق كافة الاشتراطات من فحص طبي وغيره على دعم من أي نوع.
وهؤلاء الأطفال المساكين..من سيتابع أوضاعهم في السعودية؟ فهم لم يولدوا فيها ولا يعرفون لغة أهلها وليس لهم أم ولا أهل أم؟ كيف نضمن أن يهتم بهم أبوهم الذي تركهم ابتداء؟ كيف نضمن أن يتقبلهم إخوانهم وأم إخوانهم ووجودهم أكبر دليل على خيانة الوالد العظيم؟ وهل سيبقيهم أبوهم على اتصال بأمهم التي لم تتخلى عنهم إلا للعوز والفقر غالباً؟
قبل عدة سنوات حين عملت ذات صيف كصحفية متدربة في صحيفة "عرب نيوز" كنا نحضر لتحقيق عن العنف الأسري ضد الأطفال وعرفنا عن قصة طفل معنف يرقد في المستشفى الجامعي، كان يعاني من شلل رباعي لأن ابن الرابعة لم يعد يتحمل إلقاء والده المتكرر له من النافذة كلما غضب منه! كان (س.ب) يرقد وحيداً عندما زرناه إلا من حنان بعض الممرضات الفلبينات..سألت عن أمه فقيل لي بأنها اندونيسية تزوجها الأب بشكل غير شرعي ثم طلقها ورحلت عن البلاد، وللأب نفسه عدة أطفال من أمهات أجنبيات يطلقهن ويسفرهن بعد أن يأخذ الأطفال ليمارس ساديته عليهم. ومن أحضر هذا الصغير لم يكن سوى أخته (غير الشقيقة)..فابنة الثامنة عشرة استقلت عربة أجرة لتنقذ حياته..لن أنسى أبداً وجه ذلك الملاك المعذب.
الأكثر إثارة للعجب هو أن في الوقت الذي يستطيع المواطن السعودي أن يسافر وينثر نطفه عبر للقارات وهو يعرف بأن خلفه دولة كريمة ستسامحه بل وستمنحه وأطفاله الجنسية بلا مشكلات رغم أنه خالف أنظمتها الواضحة وتسبب لها بحرج دبلوماسي، فإن المواطنة السعودية التي تتزوج وفق شرع الله من رجل مسلم غالباً ما يكون من المقيمين أو حتى المولودين في هذا البلد، وتتزوج بعد أن تأخذ إذناً من وزارة الداخلية، وهو إذن قد يستغرق سنوات ليصدر، هذه المواطنة الصالحة لا يحصل زوجها لا على جنسية ولا إقامة دائمة، ولا يحصل أبنائها الذكور على الجنسية إلا عندما يبلغون الثامنة عشرة، أما بناتها الإناث فلا يحلمن بالجنسية حتى يتكرم عليهن رجل سعودي بالزواج منهن! مع أنهن ولدن وعشن درسن وعملن في هذه البلاد. وبالرغم من أنهن نساء لا يستطعن السفر لوحدهن لبلد أبيهن الأصلي، ويحرمن من كثير من المميزات التي يستطيع أخوهن المتجنس الحصول عليها مثل فرصة الابتعاث أو التوظيف الحكومي، فكيف يمكن تبرير ذلك منطقياً؟
قد يعلق البعض بأن موضوع الزواج من الخارج أمرٌ شخصي وهذا صحيح، ولكن هناك عدة نقاط يجدر بنا التركيز عليها هنا: أولآً، الدولة وضعت شروطاً لهذا الزواج ويمكن المطالبة بتغييرها ولكن حتى يحدث ذلك فستبقى أحكامها نافذة، ثانياً: المواطن والمواطنة كلاهما له حقوق وواجبات..ومن أبسط حقوقهم المساواة في حق الزواج وفي الحقوق الممنوحة لأولادهما، وثالثآ: أن من يخالف قانون الزواج بأجنبي أو أجنبيه، رجلاً كان أو امرأة، يجب أن يعاقب لا أن يكرم..وإلا فابشروا بزيادة أعداد هؤلاد الأطفال حتى نحتاج إلى وزارة للمهاجرين!
وأخيراً: أعتقد أن المحرر في الخبر الذي تقدم ذكره قد خانه التعبير بعض الشيء فكلمة "استعادة" توحى بأن الأم الاندونيسية (الشريرة) قد خطفت الأولاد! والحقيقية هي أن الأب السعودي (البطل) قد تخلى عنهم طائعاً مختاراً..لأن القضية كلها بالنسبة له لم تكن سوى : متعة صيف!
هذا المقال نشر مختصراً (من قبلي) في الوطن بسبب ضيق المساحة
مرام عبد الرحمن مكاوي's Blog
- مرام عبد الرحمن مكاوي's profile
- 36 followers

