عن روايتى وأشياء أخرى

كتبت الإهداء فى روايتى الأولى إلى: "فيرمينا داثا"، وهو اسم بطلة رواية "الحب فى زمن الكوليرا"، عن قصة الحب الكبيرة بين تلك الفتاة وهذا الولد الشاحب "فلورنتينو أريثا" لقد كانت قصة حب ملتهبة بينهما؛ ولأسباب ما (دائما هناك أسباب يا أخى) رحلت فيرمينا داثا وتزوجت من الطبيب الناجح. وتألم فلورنتينوا إلى الدرجة التى جعلت أمه تعتقد أنه قد أصيب بالكوليرا، غير أن الطبيب أخبرها: أن للحب -أحيانا- أعراض الكوليرا. وعلى مدى أكثر من خمسين عاما كان فلورنتينو يجاهد من أجل أن يكون شخصا ناجحا ويكون ثروة حتى يصبح جديرا بمن أحب ذات يوم. ولم يتوقف عن الكتابة عنها طوال هذه الفترة. ورغم تعدد علاقاته النسائية فإنه لم يحب سواها. وفى النهاية قررا أن يذهبا معا فى رحلة على مركبه، رحلة رفعت الراية الصفراء (راية الكوليرا) حتى لا تتوقف فى أى مينا.. ولما سأل قبطان المركب: إلى متى يا سيدى؟ أجاب فلورنتينو: مدى الحياة. وكنت قد كتبت الاهداء، إليها.. مدى الحياة. وكتابة الرواية -مثل موضوع هاملت وموضوع الحنين بالظبط- كانت شكل من أشكال التحرر من "البؤس الذى أغرقنى"، تماما كما يقول هذا الكاتب عن حكايته التى كتب عنها فيلما:




500 Days of Summer المقال عن فيلم

نُشر في جريدة "دايلي ميل" البريطانية في أغسطس 2009


تحتوي تترات البداية في فيلمي على إخلاء الطرف القانوني التقليدي الذي ينص على أن "أي تشابه مع شخصية حية أو ميتة يُعد من باب الصدفة"، إلا أنه يضيف بعدها "بالذات أنت، جيني بكمان، أيتها الحقيرة."

بالطبع يقول لك هذا الكثير عن مشاعري عندما قرَّرت هي إنهاء علاقة أردتُ بكل جوارحي -وإلى حدٍّ مثير للشفقة- أن تنجح، وهذا على الرغم من أنها كانت ترى دومًا، وبوضوح، أن لا مستقبل لنا معًا (هناك الكثير من الجدل على الإنترنت عما إذا كان هذا اسمها الحقيقي، لكنني لن أفصح).

كنتُ قد رأيتها للمرة الأولى على الجانب الآخر من غرفة في أكتوبر عام 2002، عندما التحقتُ بكلية الاقتصاد في لندن للحصول على درجة البكالوريوس في الإعلام والاتصالات، وعلى الفور تقريبًا خطرت لي فكرتان: الأولى أنني وجدتُ فيها بالفعل ما كنتُ أبحث عنه بالضبط، والثانية أن النهاية ستكون سيئة إلى أقصى حد.

كنتُ وقتها أعاني بقايا علاقة سابقة انتهت قبل شهور في نيويورك، عندما كنت أعمل لحساب شركة إنتاج سينمائي. كنت معتزلاً العالم محاطًا بالكآبة. لابد أنك تعرف الموقف جيدًا: الليالي بلا نوم، وأيام طويلة أقضيها في مشاهدة الأفلام السويدية وسماع الموسيقا بلا توقُّف.

لكن اكتئابي تلاشى عندما التقيت هذه الفتاة في لندن، وامتلأ قلبي بالحب، وشعرت بأن يدًا إلهية هي صاحبة كل هذا. بدأنا نتكلَّم، ووجدنا أن لدينا الذوق نفسه في الكتب والموسيقا، وخطر لي أن لهذا دلالة ما لا ريب، أليس كذلك؟

كنت غارقًا في الحب حتى الثمالة، لكنني لم أخبرها بأي شيء، فهي لم تُبد أي لمحة اهتمام بي على الإطلاق. على أنني أخبرت كل من عداها من الأصدقاء المشتركين تقريبًا، ومن ثم أخبرها أحدهم بالحقيقة في حفل ما. أفضى هذا إلى تمشية غير مريحة معها إلى محطة الأتوبيس، لكن كل شيء تغيَّر عندما قبَّلتني في نهاية الطريق.

ثم إننا قرَّرنا –في الواقع، قرَّرت هي- ألا نضع تسمية بعينها لعلاقتنا، لا صاحب وصاحبة أو أي شيء من هذا. المسمَّيات تعني الاستحواذ، وهذه الفتاة كانت سيدة نفسها. لم أمانع، فمن يبالي بالمسمَّى الذي نُطلقه على نفسينا طالما هي معي؟

اعتبرتُ الموقف عصريًّا ثقافيًّا... إلى آخره من الأشياء التي خالفت الواقع تمامًا من ارتباك وحيرة وعزلة. بعض أيامنا معًا كان رائعًا لا شك، وما زالت لديَّ ذكريات جميلة عنا ونحن نحتسي النبيذ ونشاهد العروض الموسيقية ونختلس القبلات في المصاعد. الأيام الأخرى -معظمها- كان شنيعًا إلى درجة يصعب نسيانها؛ وفي النهاية أفصحت هي عما كنت أعرفه طوال الوقت في أعماق قلبي، أن ذلك الشيء، ذلك الذي بيننا أيًّا كان، لن ينجح بأي شكل من الأشكال.

هكذا عدتُ إلى الولايات لأجد نفسي من جديد في دوامة الأفلام السويدية والموسيقا.

قلتُ لنفسي إن الحكاية كلها كانت خطأً كبيرًا. يد إلهية؟ يا للهراء! كان صديقي مايكل هـ. وبر قد بلغ به الملل أقصاه بالطبع من اكتئابي، فقرَّرنا تحويل هذه المشاعر إلى شيء ذي قيمة، أي إلى نص سينمائي.

طبعًا عشتُ كل لحظة مؤلمة وغير مؤلمة من حبي الذي كان أحادي الطرف من جديد، لكن التجربة كانت مُطهِّرة للنفس، والنتيجة كانت فيلمًا لا بأس به على الإطلاق، وهو ما صدمنا في الحقيقة!

يحكي الفيلم القصة كما حدثت بالضبط، حتى عندما صوَّرني مُخلصًا كالكلاب وصوَّرها غير مبالية بأي شيء. يختلف مكان الأحداث في الفيلم عن الواقع، بالإضافة إلى الأسماء كذلك، فتوم هانسن -أنا!- لعب دوره جوزيف جوردون ليفيت الذي يكتب الرسائل على البطاقات البريدية، والفتاة التي حطمَّت قلبه -سمر فين- هي زوي ديشانل التي تعمل سكرتيرة في المكتب نفسه. على أن شيئًا لم يتغير إطلاقًا في النهاية التي لن أحرقها على من لم يشاهد الفيلم، بل سأكتفي بأن أقول إنه لم تكن هناك نهاية سعيدة لقصة توم وسمر، تمامًا كنهاية قصتي مع جيني بكمان.

لقد استطعت بفضل هذا السيناريو وعملية كتابته تحرير نفسي من البؤس الذي أغرقني، وها أنا ذا قد مرَّ عليَّ عامان في علاقة أخرى تُشعرني بسعادة لم أعرفها من قبل أبدًا.

فقط ثمة ملاحظة أخيرة مثيرة للاهتمام: بعد كتابة السيناريو التقيت بجيني للمرة الأولى والوحيدة بعد انفصالنا. يومها تناولنا العشاء في مطعم في كاليفورنيا، وتكلَّمنا عن الحياة والأصدقاء وخلافه، عن كل شيء سوى أي شيء حدث بيننا.

يومها أعطيتها السيناريو لتقرأه على متن الطائرة وهي عائدة إلى لندن، وبعد فترة كتبت لي رسالة تقول إنها أحبت القصة حقًّا، وإن الأحداث فاجأتها ومسَّتها لأنها ارتبطت بشخصية توم بشدة.

نعم، الحقيقة أن جيني لم تُدرك أنها وسمر شخص واحد على الإطلاق!


https://www.facebook.com/notes/%D8%A7...
2 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 13, 2013 08:47
No comments have been added yet.