فى مديح الحب
فى 2008 قال ويل سميث عن شخصية فيلمه الجديد(هانكوك): هانكوك، ليس بطلك الخارق المعتاد،إنه يستيقظ كل يوم غاضباً من العالم، وهو لا يتذكر ما حدث له، ولا يوجد أحد ليساعده للوصول لإجابات.http://nypost.com/2008/06/29/stuporman/
فى أحد المشاهد المؤثرة (الفيلم كله ملوش لازمة باستثناء المشهد ده) يقول : أى وغد كنت حتى لا يسأل على أحد طوال الفترة التى هى عمرى؟. وبالرغم من وجود الصخب فى حياتنا دائما والعديد من الأشخاص، إلا أننا،مع ذلك، نشعر أنه لا أحد.
وأحيانا يضطر بعض الناس بسبب اليأس من ظهور هذا "الأحد" إلى اللجوء للصخب الكاذب بطبيعة الحال باعتباره حلا لمشكلة الوحدة.
ضمن سلسلة مسرح الأفكار فى مهرجان "أفينون" اقترح نيكولاس ترونج وهو من كتاب صحيفة "لوموند" على الفيلسوف الفرنسى الشهير آلان باديو أن يحاوره حول موضوع الحب. وما ذكرته حول سلافوى جيجيك من كلام الناقد الأمريكى فريدريك جيمسون http://www.goodreads.com/review/show/... يمكن أن نعيده هنا -لكن مع التأكيد على كون باديو أعمق - فباديو هو الفيلسوف الأشهر فى فرنسا خصوصا بعد أن قدم أهم أعماله: "نظرية التناقض" (1975) و"الكائن والحدث" (1988) و "منطق العوالم" (2006)، بالإضافة للصدى الواسع لكتاب "حالة ساركوزى". فى كتابه "مديح الحب" يؤمن باديو بقول أفلاطون: إن الشخص الذي لا يتخذ الحب نقطة بداية له لن يعرف أبدا ما هي الفلسفة . إن الفلسفة فى أحد تعريفاتها : هى حب الحكمة. وبالتالى فنحن كما ندرس الحكمة يمكن أن ندرس الحب باعتباره موضوعا فلسفيا.
يقول أوسترافسكى الشاعر: قالت قطعة الجليد - وقد مسها أول شعاع من أشعة الشمس فى مستهل الربيع-: أنا أحب، وأنا أذوب، وليس فى الإمكان أن أحب، وأوجد معا؛ فإنه لابد من الاختيار بين أمرين، وجود بدون حب، وهذا هو الشتاء القارس، أو حب بدون وجود، وذلك هو الموت فى مطلع الربيع. وبسبب الخوف من هذا "الذوبان" يتراجع البعض عن خوض التجربة ويكتفى بحب ذاته والجلوس فى الشتاء وحيدا.. فالحب كما يقول باديو هو مشروع وجود يبدأ بفرصة تلوح من أجل تغيير يحدث لشخصين ويتحداهما من أجل أن يعاينا العالم من وجهة نظر شخصين وليس شخصا واحدا.إن الحب "-رغم خوف البعض منه- هو محور إهتمام للبشرية جميعها وإلا ما ظهرت كل تلك القصص والحكايات والأفلام. لقد تغنى هوميروس بحب باريس لهلينا فى الإلياذة، وتغنى دانتى بحب بياتريس، وتغنى شكسبير بحب رميو لجوليت، وتغنى جوته بحب فاوست لمرجريت، وتغنى تولستوى بحب أندرو لنتاشا، وتغنى ثربانتس بحب دون كيشوت لدولسينا.. وأنا شخصيا هنا "تغنيت" بحب سوزان طه حسين لزوجها http://www.goodreads.com/review/show/...، وبحب عائشة عبد الرحمن للأستاذ أمين الخولى http://www.goodreads.com/review/show/....
ولأن باديو سياسى أيضا، فهو يسأل: ماذا يمكن للأفراد القيام به عندما يجتمعون وينظمون أنفسهم ويفكرون ويتخذون قرارات؟ وفى حالة الحب بين إثنين فإنهما يقومان بإدارة الفوارق بينهما وابتكار شئ جديد.
إلا أن الخطر الذى يواجه الحب فى عصرنا هذا هو خطر البحث عن "حب آمن" ففكرة البحث عن نموذج ما مثل الذى تقدمه الإعلانات في المواقع الإلكترونية، تلك التى تنتصر لمبدأ "حماية الحب"، كما يبدو من شعاراتها: يمكنك أن تكون محبا بدون أن تتألم"، و"يمكنك أن تكون محبا بدون أن تسقط في الحب"، "اكتشف الحب بعيدا عن الصدفة"، ومثل هذا الإغواء كمن يعرض علينا مدربا يحضرنا لمواجهة الإمتحان، لعلنا نحقق حبا مضمون النجاح بعد انتقاء الشريك من خلال معلومات تقترحها تلك المواقع كالصور والاهتمامات وتاريخ الميلاد والبرج وغيرها من التفاصيل التي تدفعك للقول بأن هذا المسار يحقق ما كنت تتمناه.هذا الأمر شبيه بدعاية الجيش الأمريكي لنظرية "الحرب بصفر ضحية"؛رغم أن التاريخ لم يخبرنا أبدا بمعارك بدون ضحايا. هذا البحث المضنى عن الأمان التام، أو عن الهروب من المغامرة أو المخاطرة يحاول -أو يتخيل- أنه يتجنب بذلك المخاطرة، كل شيء محسوب، بعيدا عن الصدفة وعن اللقاء، وبالتالي يضيع كل "الشعر عن الحياة". إن الحب لا يمكنه أن يقوم في ظل الغياب الكامل للمخاطرات. مجرد أن يسقط المرء في حبال الحب يعني أنه قد خاطر بإمكانية الألم والخطأ وخيبة الأمل. وهذه المخاطرة هى ما تعطي الحياة دلالة وكثافة. وفى كل مرة نفشل فيها نستطيع أن نحول الفشل إلى نجاح فى مغامرة جديدة.إن الحب، كما نعلم، يجب أن يبتكر من جديد-كما يقول آرثر رامبو- فى كل مرة إلى أن نصل لذلك"الأحد" والذى قد يساعدنا فى الوصول لإجابات.
فى أحد المشاهد المؤثرة (الفيلم كله ملوش لازمة باستثناء المشهد ده) يقول : أى وغد كنت حتى لا يسأل على أحد طوال الفترة التى هى عمرى؟. وبالرغم من وجود الصخب فى حياتنا دائما والعديد من الأشخاص، إلا أننا،مع ذلك، نشعر أنه لا أحد.
وأحيانا يضطر بعض الناس بسبب اليأس من ظهور هذا "الأحد" إلى اللجوء للصخب الكاذب بطبيعة الحال باعتباره حلا لمشكلة الوحدة.
ضمن سلسلة مسرح الأفكار فى مهرجان "أفينون" اقترح نيكولاس ترونج وهو من كتاب صحيفة "لوموند" على الفيلسوف الفرنسى الشهير آلان باديو أن يحاوره حول موضوع الحب. وما ذكرته حول سلافوى جيجيك من كلام الناقد الأمريكى فريدريك جيمسون http://www.goodreads.com/review/show/... يمكن أن نعيده هنا -لكن مع التأكيد على كون باديو أعمق - فباديو هو الفيلسوف الأشهر فى فرنسا خصوصا بعد أن قدم أهم أعماله: "نظرية التناقض" (1975) و"الكائن والحدث" (1988) و "منطق العوالم" (2006)، بالإضافة للصدى الواسع لكتاب "حالة ساركوزى". فى كتابه "مديح الحب" يؤمن باديو بقول أفلاطون: إن الشخص الذي لا يتخذ الحب نقطة بداية له لن يعرف أبدا ما هي الفلسفة . إن الفلسفة فى أحد تعريفاتها : هى حب الحكمة. وبالتالى فنحن كما ندرس الحكمة يمكن أن ندرس الحب باعتباره موضوعا فلسفيا.
يقول أوسترافسكى الشاعر: قالت قطعة الجليد - وقد مسها أول شعاع من أشعة الشمس فى مستهل الربيع-: أنا أحب، وأنا أذوب، وليس فى الإمكان أن أحب، وأوجد معا؛ فإنه لابد من الاختيار بين أمرين، وجود بدون حب، وهذا هو الشتاء القارس، أو حب بدون وجود، وذلك هو الموت فى مطلع الربيع. وبسبب الخوف من هذا "الذوبان" يتراجع البعض عن خوض التجربة ويكتفى بحب ذاته والجلوس فى الشتاء وحيدا.. فالحب كما يقول باديو هو مشروع وجود يبدأ بفرصة تلوح من أجل تغيير يحدث لشخصين ويتحداهما من أجل أن يعاينا العالم من وجهة نظر شخصين وليس شخصا واحدا.إن الحب "-رغم خوف البعض منه- هو محور إهتمام للبشرية جميعها وإلا ما ظهرت كل تلك القصص والحكايات والأفلام. لقد تغنى هوميروس بحب باريس لهلينا فى الإلياذة، وتغنى دانتى بحب بياتريس، وتغنى شكسبير بحب رميو لجوليت، وتغنى جوته بحب فاوست لمرجريت، وتغنى تولستوى بحب أندرو لنتاشا، وتغنى ثربانتس بحب دون كيشوت لدولسينا.. وأنا شخصيا هنا "تغنيت" بحب سوزان طه حسين لزوجها http://www.goodreads.com/review/show/...، وبحب عائشة عبد الرحمن للأستاذ أمين الخولى http://www.goodreads.com/review/show/....
ولأن باديو سياسى أيضا، فهو يسأل: ماذا يمكن للأفراد القيام به عندما يجتمعون وينظمون أنفسهم ويفكرون ويتخذون قرارات؟ وفى حالة الحب بين إثنين فإنهما يقومان بإدارة الفوارق بينهما وابتكار شئ جديد.
إلا أن الخطر الذى يواجه الحب فى عصرنا هذا هو خطر البحث عن "حب آمن" ففكرة البحث عن نموذج ما مثل الذى تقدمه الإعلانات في المواقع الإلكترونية، تلك التى تنتصر لمبدأ "حماية الحب"، كما يبدو من شعاراتها: يمكنك أن تكون محبا بدون أن تتألم"، و"يمكنك أن تكون محبا بدون أن تسقط في الحب"، "اكتشف الحب بعيدا عن الصدفة"، ومثل هذا الإغواء كمن يعرض علينا مدربا يحضرنا لمواجهة الإمتحان، لعلنا نحقق حبا مضمون النجاح بعد انتقاء الشريك من خلال معلومات تقترحها تلك المواقع كالصور والاهتمامات وتاريخ الميلاد والبرج وغيرها من التفاصيل التي تدفعك للقول بأن هذا المسار يحقق ما كنت تتمناه.هذا الأمر شبيه بدعاية الجيش الأمريكي لنظرية "الحرب بصفر ضحية"؛رغم أن التاريخ لم يخبرنا أبدا بمعارك بدون ضحايا. هذا البحث المضنى عن الأمان التام، أو عن الهروب من المغامرة أو المخاطرة يحاول -أو يتخيل- أنه يتجنب بذلك المخاطرة، كل شيء محسوب، بعيدا عن الصدفة وعن اللقاء، وبالتالي يضيع كل "الشعر عن الحياة". إن الحب لا يمكنه أن يقوم في ظل الغياب الكامل للمخاطرات. مجرد أن يسقط المرء في حبال الحب يعني أنه قد خاطر بإمكانية الألم والخطأ وخيبة الأمل. وهذه المخاطرة هى ما تعطي الحياة دلالة وكثافة. وفى كل مرة نفشل فيها نستطيع أن نحول الفشل إلى نجاح فى مغامرة جديدة.إن الحب، كما نعلم، يجب أن يبتكر من جديد-كما يقول آرثر رامبو- فى كل مرة إلى أن نصل لذلك"الأحد" والذى قد يساعدنا فى الوصول لإجابات.
Published on September 27, 2013 17:15
No comments have been added yet.


