مبارك الخاطر: الباحث الأمين المسؤول عن بقاء الضوء في الماضي
كتب : عبدالله خليفة
رجل غير جامعي يلعب دور جامعة!
منذ عقود غير بعيدة كان هذا الرجل البسيط المتواضع «مبارك الخاطر»، موظفا شبه مجهول في إدارة المحاكم، يدخل ويخرج حاملا أوراقه ومستنداته التاريخية، دون أن يحفل به أحد لم يذهب الى الجامعة ، واعتمد في ثقافته، على تعلمه واجتهاده الشخصي؛ واكب على المعرفة، وتعمق في ميدان ولعه الخاص. التاريخ البحريني ..
قبله، لم يكن ثمة تاريخ، كان الماضي قطعة سوداء من النسيان وفقدان الذاكرة، كان التلميذ البحريني في المدارس لا يعرف «أحمد الفاتح» أو «الزائد» أو «القرامطة»، كان يعرف فتوحات الاسكندر الاكبر، وكيف قتل يوليوس قيصر.. لكن تاريخ بلده، ومنطقته، أشبه باللغز الذي يطرحه ابوالهول..
وقد انطلق مبارك الخاطر في هذه المنطقة المعتمة الوعرة، اختار ميدان التاريخ؛ الميدان الاحفل بالألغام السياسية والفكرية، وبفقدان المواد والحيثيات والوثائق .
وكان الخاطر على صلة عائلية بأحد البارزين في عملية النهضة الخليجية المعاصرة، وهو عبدالله الزائد. فهذا الرجل هو صاحب علامات فارقة في تاريخ البحرين المعاصر فهو مؤسس لرموز تنويرية ساطعة: النادي الأدبي – سينما البحرين – جريدة البحرين ..
وقد دفعته صلة شخصية الى الاهتمام بهذا الرائد. وفي عملية بحثه ورصده لحياة الزائد، تلمّس خطوط التطور الأولى للبلد، فلم تكن حياة الزائد معزولة عن الأحداث والصراعات والتطورات. التي بدت غير واضحة وجلية؛ لمبارك الخاطر نفسه حينذاك، فقد أمسك حياة هذا المصلح الاجتماعي باعتباره شخصا طيبا وعظيما، وأراد أن يغرس ثمار النهضة والحضارة الجديدة في ربوع وطنه، ومن هنا حاول أن يبرز دوره في تأسيس النادي الأدبي وعلاقاته الشخصية مع الشيخ ابراهيم الخليفة وغيره من مؤسسي حركة النهضة في البحرين إبان الثلث الأول من القرن العشرين.
لقد بدت حياة الزائد في كتابه وكأنها حركة شخص يسعى لتأسيس ناد أدبي ودار سينما وخلق جريدة، ومن هنا حاول ان يدافع عن شخصه، من التهم التي «الصقت» به، الكتاب تحول هنا الى ترجمة لفرد، ودفاع شخصي عن الرجل المتنور .
كان هذا الكتاب الأول بكراً في الدرب الطويل؛ إنه افتتاحية البحث التاريخي الموسع الذي سوف يطل بعد سنوات. ولكن في هذه الافتتاحية، نرى الخصائص التي ستظل ملازمة للمنهج البحثي ــ التاريخي ــ الذى اختطه الخاطر لنفسه.
فهو بحث يتركز حول «شخصية»، هامة لعبت دوراً ايجابياً وتنويرياً في وقتها، ودفعت الحياة الفكرية دفعة قوية الى الامام.
والحيثيات التي ستكشف دور هذه الشخصية تعتمد اعتماداً رئيسياً على «الوثائق» المتوفرة، كرسالة أرسلها الزائد إلى الصحف المصرية، أو قصيدة منشورة، أو رسائل إخوانية، أو أعمال ملموسة محددة .
من هذه الوقائع سوف ينطلق الخاطر لتجلية أفعال «بطله» التاريخي؛ مراوحاً بين ظروف وقته الصعبة، وبدائية الامكانيات وندرة الجهود الخلاقة، وبين سطوع أعماله وجرأة أفعاله وأهميتها..
ولن يغوص الخاطر بعيداً في علاقات هذه الشخصية بالظروف الاجتماعية والفكرية والسياسية، وعلاقات هذه البنية الاجتماعية المحلية بالعالم الخارجي وتياراته وصراعاته، بل سوف يستل خيطاً دقيقاً ومهماً، هو دور البطل في مجتمعه، وأثره على معاصريه ..
وهو، في بحثه الأمين الصادق، سوف يتابع الشخصية في ماضيها وحاضرها. فهي ليست شخصية خارقة، بل ابنة ظروف معينة، وأهم هذه الظروف دوماً، لدى الخاطر، هو دور الأساتذة الأوائل والرواد السابقين .. فكان التاريخ هو تاريخ النابهين والمثقفين والمتنورين. فهم اداة الخصب والتغيير في الحياة .
لقد بدت وكأنها «صدفة». ان الخاطر قد بدأ بالزائد، ولكنه دافع الاخلاص والتقدير للشخصية النابهة السابقة . وهو الذي حرك عجلة البحث في حيوات الشخصيات الأخرى. فقد كان الزائد هو شخصية تالية، جاءت، في التاريخ، بعد قاسم المهزع، وناصر الخيري. لكن الكتابة عن الزائد فجرت البحث عن بقية أجزاء السلسلة .
إن هذا الترتيب، يؤكد، عفوية مخطط البحث في البداية، ثم اتجاهه إلى البرمجة والمنهجية المنظمة، فيما بعد.
وقد جاء كتابا «قاسم المهزع» و«ناصر الخيري»، وكأنهما متناقضان، ومرتبكان، في مادتهما، فالشخصيتان كانتا على طرفي نقيض تماماً، فناصر الخيري من المتنورين؛ الذين اتجهوا الى طرح أسئلة ليبرالية في عصر رهيب التخلف، في حين كان قاسم المهزع، من قضاة الشرع والمتحمسين في محاربة التحرر الليبرالي والأشكال الجينية للتنوير حينذاك، والتي يسمها «بدعا».
فكيف استطاع الخاطر أن يكتب عنهما الاثنين، بحرارة، ويدافع عنهما كليهما؟
في كتابه عن «قاسم المهزع». قفز الخاطر قفزة كبيرة في ميدان البحث التاريخي ، وهو هنا لم يأخذ الشخصية المحورية كشخصية متفردة، خارج ظروف الزمان والمكان، بل رسم لوحة عامة، برزت فيها حياة القاضي كجزء من عملية صراعية واسعة النطاق.
لكن هنا أيضا وصف هذه الشخصية ودافع عن دورها «السلفي»، في مواجهة العصرنة الزاحفة، وكانت مسيرة العصرنة – في ذلك الحين – متوافقة مع التدخل الأجنبي. فبدا كأن الظاهرتين من فعل فاعل واحد، ولهذا كانت مواقف قاسم المهزع المتجهة للتصدي للظاهرتين، معا مبررة في رأي الباحث.
ورغم هذا الطابع الضيق، وسيطرة «الايدلوجي» على «العلمي»، فإن الخاطر، في هذا الكتاب، يندفع خطوة جريئة، عبر ربط دور الحركة الفكرية والسياسية، بالبيئة الاجتماعية ككل، ويرى في عجز المصلحين حينذاك نقصا في روابطهم مع الناس، وعدم رؤيتهم للجوانب المتناقضة لفعل الإصلاح البريطاني وقتذاك.
ولكن يأتي في كتاب «ناصر الخيري». ليدافع عن شخصية تقف في منحى آخر، هو المنحى الليبرالي، الذي تعسف القاضي قاسم المهزع في التصدي له ؛ حتى وصل به الأمر إلى التهديد بجدع انف ناصر الخيري، إذا واصل اسئلته المثيرة في بداية القرن العشرين.
هنا نجد التبحر والتوسع الذي قام به الباحث في عالم القاضي المهزع، لم يواصله في عالم ناصر الخيري، ولعل محدودية المواد المقدمة عن الخيري، وعدم وجود انشطة واسعة له، بخلاف المهزع، هي التي جعلت توغله محدودا، مقتصرا على التعليق حول أسئلته المقدمة إلى جريدة «المنار» واجوبة المنار عليها، ثم تعليق آخر حول احدى رسائله، وحول بحثه الضائع؛ عن تاريخ البحرين، الذي لم ير النور.
ولكن هذا يبين كذلك عدم التوسع في رؤية تنويرية ناصر الخيرى المبتورة، من جراء التعسف السابق ذكره وأجواء التخلف الرهيبة حينذاك.
وهنا يبدو هذا الجمع المتردد بين السلفية والليبرالية، أو قل هي السلفية المطعمة بمشاعر ديمقراطية وانفتاحية، متجها لإبراز النهج السلفي التقليدي عن «القاضي الرئيس» وعدم الحماس للوعي الليبرالي النهضوي، كما اضمحل في سيرة الموظف المترجم «ناصر الخيري». في حين كانت سيرة الزائد تضخيماً للطابع الليبرالي المنفتح الذي وصل الى حدود الذوبان فـ«الغرب».
هناك إذن رؤية سلفية – ليبرالية توجه الخاطر في تحليله للشخصيات «النهضوية»، فهي تحافظ على المقومات العربية الاسلامية، كما هي مفهومة لدى التيار السلفي المتفتح، عبر تنقيحها وتشذيبها بمعطيات الحضارة الغربية المعاصرة «الإيجابية»، وإذا كان الخاطر لم يصغ، فلسفيا، مثل هذه الرؤية فإننا نلمح بعض عناصرها من خلال البحوث التطبيقية، أو لعل هذه الرؤية راحت تتشكل أثناء التنقيب في المادة التاريخية، وتبدو هذه القلقلة والترددات بين السلفية والليبرالية، ليست خاصية للخاطر وحده، بطبيعة الحال فهي سمة أجيال كثيرة في الثقافة العربية.
وقد واصل الخاطر بحوثه وتنقيباته التاريخية، بجهد فردي دؤوب، فاستطاع ان يجهز كتابات للمثقفين البحرينيين في الثلث الأول من هذا القرن، ويتابع تطور المسرحية التاريخية كما تشكلت عند العريض وفي المسرح المدرسي ويكتب بحوثا جزئية حول ظهور المطابع في البحرين الخ …
وهذه الجهود كلها تؤكد استمرار الباحث في تسليط الضوء على التاريخ الذي لم يعد مجهولا، كليا، بفضل هذا الجهد الطليعي ..
المؤرخ البحريني مبارك الخاطر يضيء تاريخ الكويت الثقافي
المسيرة الصعبة للكتب والمكتبات والثقافة في الخليج
يمثل مبارك الخاطر المؤرخ الأكثر دأبا ونشاطا في إضاءة زوايا التاريخ الثقافي المعاصر المعتمة، في البحرين ومنطقة الخليج عموما، لقد كثرت اصداراته في هذا المجال وتركزت على تسليط الأنوار على الحركة الثقافية والاجتماعية البحرينية في النصف الأول من القرن العشرين، حيث مثلت «الثقافة» أحد أهم الأشكال والتجليات لنمو الوعي الوطني بعناصره المختلفة، وقد عبرت كتبه «القاضي الرئيس قاسم المهزع»، و«الكتابات الاولى الحديثة لمثقفي البحرين»، و«نابغة البحرين عبدالله الزائد»، وغيرها عن هذا الرصد التحليلي الطويل، بحيث غدا تاريخ البحرين الاجتماعي الثقافي المجهول بشكل كبير، يتجه نحو الوضوح والتبلور.
وهو في كتابه الحالي الذي نستعرضه هنا (المؤسسات الثقافية الاولى في الكويت)، والصادر عن دار قرطاس للنشر سنة 1997، يتوجه نحو حقل جديد من حقول البحث التاريخي، وهو رصد بدايات الحركة الاجتماعية والثقافية في الكويت.
إن منهج مبارك الخاطر يتمثل في التركيز على بؤر بحثية معينة وكشفها عبر موادها المتوافرة، وغالبا ما تكون هذه المواد فقرات من رسائل وصفحات من جرائد وكتب وشهادات من رجال عاشوا في تلك الفترة المبحوثة.
ومبارك الخاطر لا يكشف الفترة المدروسة عبر وضعها في سياقها التاريخي الموضوعي، معتمدا على دراسة تلك الفترة ومشكلاتها وقواها السياسية والفكرية ووضع المنطقة والعالم، فهو يدخل مباشرة الى اللحظة التاريخية وابطالها، معتمدا على أقوالهم وآرائهم عن انفسهم، مستندا الى رسائلهم في اغلب الاحيان، وفي هذا الكتاب الأخير يعتمد على مقتطفات من كتب صدرت حينئذ، واحيانا تكون هذه المقتطفات المستشهد بها كبيرة، بحيث أننا نرى المؤرخ الخاطر يتطابق مع شخصياته المدروسة.
وغالبا ما تكون هذه الشخصيات سلفية، بخلاف عبدالله الزائد الذي كان خارج هذا النسق الفكري، وهذه السلفية السائدة يقول عنها الخاطر انها «تجديدية»، و«تنويرية»، لكن نعجز عن امساك وتحديد هذه التجديدية وغيرها من الصفات الكبيرة.
الشخصيات السلفية التي رأيناها في الكتب البحرينية هي شخصيات تستعيد مذهبا اسلاميا معينا وتدعو له، كما حدده أئمة سابقون، لكن الشخصيات المعاصرة لا تطرح تجديدا وتحديثا، بل تعتبر ذلك بدعة فضلالة !
هذا المنهج يعيد الخاطر نسجه باختصار على تاريخ الكويت الاجتماعي والثقافي، متوجها مباشرة، وبدون مقدمة تحليلية تضع هذا التاريخ في سياقه ومشكلاته؛ فيتحدث عن ثلاثة انجازات كويتية في مجال النهوض، وهي مؤسسات اهلية موجهة للخدمة الاجتماعية والفكرية وهي «الجمعية الخيرية»، و«النادي الأدبي الكويتي»، و«المكتية الأهلية؛».
تبدو هذه المؤسسات التي كونها الشعب الكويتي، وبالتحديد الطبقة الوسطى وخاصة «التجار»، و«الطواشين» مؤسسات منفصلة عن بعضها البعض، غير معبرة عن تحرك اجتماعي سياسي معين، فالخاطر يبحثها كوحدات مستقلة، وليس كتجليات مختلفة لذلك الصعود الشعبي، الذي يحاول أن يتخطى النسيج التقليدي بتخلفه، والوطن بتبعيته للإنجليز..
ولأنه يركز على أقوال وشهادات واشعار الرجال المؤسسين لهذه الحلقات المتعددة المنفصلة، فنحن لا نعرف البنية الاجتماعية المدروسة، التي تتشكل هذه الحلقات لتغييرها، فلا نعرف لماذا نشأت بهذا الشكل دون غيره، ولماذا تجمدت أو انتهت أو تم الحاقها بمؤسسات النظام الاجتماعي؟!
فالجمعية الخيرية الكويتية كانت أحد التجليات للصراع السياسي الدائر حينذاك بين الدولة العثمانية والإنجليز، ورغم أن الخاطر يخلط بين توجهات العديد من المثقفين المعروفين وقتذاك كجمال الدين الأفغاني والكواكبي ومحمد رشيد رضا، حيث مثلوا نزعات ودرجات فكرية مختلفة، فإنه يصل إلى دعوة محمد رشيد التي حث فيها (المثقفين في الخليج على تكوين جمعيات اسلامية ذات نفع عام لخدمة المسلمين كل في بلاده.. لتعزز هذه الخدمة وقوف الخليجيين أمام المد التبشيري الحديث..).
والواقع، انها ليست فقط جمعيات اسلامية ذات نفع، بل جمعيات سياسية تابعة للأتراك، تستغل العمل الخيري للتجنيد وتكوين القواعد للحركة من أجل أهداف سياسية محضة. لهذا كانت هذه الجمعيات تشكل تحركها بأثارة الخوف من التبشير. وهو كان وجها للتوغل الاستعماري. لكن كان عداؤها المستمر للتحديث والتجديد، خوفا من انسحاب القواعد الاجتماعية المحلية من سيطرتها.
لهذا فلا نستطيع اعتبار هذه الحركة تجديدية؛ إلا بشكل محدود جداً، فهي محافظة بقوة، ولن نجد لها بصمات تغييرية عميقة في البنية الاجتماعية المتخلفة، بل هي ستحافظ عليها، خاصة في مجال الوعي.
أن توجه الجمعية الواضح لمساندة الأتراك، وليس لتكوين قواعد نهضوية محلية، يثبت الطابع السياسي الفوقي والخارجي الذي لم يستطع لهذا أن يمد جذوره في التربة الكويتية.
لقد انتهت الجمعية الخيرية الكويتية، التي كانت مؤسسة اجتماعية سياسية أكثر منها مؤسسة ثقافية.
كان يفترض من الباحث أن يقوم برصد هذا العمل الاجتماعي السياسي، وأن يحلل علاقاته بالجمهور الفقير خصوصا، الذي يقوم بمساعدته وتجنيده، ولماذا لم يتم التوجه إلى تثقيف الجمهور وإصلاح الحياة؟ وهل كانت أدوات الاتجاه السلفي قادرة على ذلك؟
لقد تجمد هذا الاتجاه ولم ينم إلا بفضل مساعدات الإنجليز والقوى المحافظة عموما، لهذا وجدنا الحياة الثقافية والفكرية تحتضن من قبل التيارات الحديثة.
ثم يقوم الباحث بتطبيق ذات المنهج الدراسي في قراءة تكون المكتبة الأهلية الكويتية، التي تم تشكيلها سيئة 1922، فوجدنا مسألة المكتبة كحلقة أخرى مفصولة من التطور الثقافي.
فما هي علاقاتها بالنزعات الفكرية وصلتها بالصراع الوطني والاجتماعي؟
ان الباحث يغرق هنا في التفاصيل الماساوية لهذه المكتبة، التي تشكلت من بضعة آلاف من الكتب، وتنقلت بين الدور والدكاكين حتى تآكلت وانهارت وغدت (لا تتجاوز المائتي كتاب، معظمها مقطع الأوصال بعد ان كانت اكثر من الف وخمسمائة كتاب) ص 65 .
لا نعرف ما هي عناوين هذه الكتب، وخدماتها للمثقفين والحياة الفكرية، وتشكيل الأدب والفن ودورها المعرفي المنتظر..
أن حلقات البحث تتقطع، ولا نرى اللوحة العامة للحياة الاجتماعية الثقافية، ونجد الأعمال الاجتماعية والسياسية تغدو في منهج الخاطر عمالا ثقافية، كما لا نجد المستويات الإبداعية في الأعمال الثقافية.
فنحن في الحلقة الخاصة عن النادي الأدبي الكويتي لا نرى دورا أدبيا لهذا النادي وصلاته بالنزعات الثقافية والفكرية، بل سنقرأ مجموعة من الخطب والاشعار التي القيت بمناسبة تشكيل النادي أو التي نظمها بعض المثقفين الكويتيين، خاصة خالد الفرج.
لكن ما هي علاقة كل هذا بسياق النادي، ووظيفته لإنتاج الأدب والثقافة؟ هل استطاع النادي الادبي ان ينتج أدبا ام هو واجهة اجتماعية سرعان ما ذابت؟ وما هي علاقته بالشعر والقصة والمسرح؟
لا نجد اجابات عن كل هذه الاسئلة، وسوف يقوم الباحث بوضع قصائد كاملة لبعض الشعراء في الكتاب، دون أن تتم قراءة نقدية وأدبية لهذه الأشعار.
ويقوم الباحث باشارات إلى التداخل الاجتماعي والسياسي بين الكويت والبحرين، وتأتي هذه الإشارات مفاجئة، وعرضية، دون ان تتحول الى مقارنة عميقة بين التطور المتقارب والمتباين بين المجتمعين الشقيقين.
فالخاطر يعتبر حلقات التطور وإقامة الأندية الثقافية سياقا واحدا، بسبب هذا المنهج العام الذي لا يدخل في التشكيلات النوعية للظواهر، ويقوم بعزلها، وتجريدها، وتشخيصها (أي جعلها شخصية وفردية). فيبدو التاريخان الثقافي والسياسي البحريني والكويتي واحدا.
عموما فإننا نثمن جهد المؤرخ مبارك الخاطر وأعماله المتصلة في قراءة تاريخنا المعاصر، ونود ان يواصل جهوده بمزيد من العمق والتنويع، كما نتمنى أن يظهر مؤرخون شباب يستطيعون استكمال هذا الجهد، عبر أدوات البحث الجديدة والمعاصرة.


