انتظر (بحماس) صواريخ إيران على إسرائيل

مثل أي مواطن عربي ومسلم ساذج وغبي انتظر صواريخ إيران على إسرائيل.
انتظر بحرقة وشوق وحماسة شديدة وعتيدة هذه الصواريخ المنقذة لشعبنا في غزة، الذي يحترق بالمجازر الإسرائيلية بكل صنوف القتل المتعمد.
سوف تأتي حتماً هذه الصواريخ حتماً وتزول إسرائيل.
لقد اعترف رؤساء وملوك العديد من الدول العربية بأنهم لا يستطيعون التورط في حرب مع إسرائيل، قالوها وأيدوا عمليات السلام المختلفة، وساعدوا منظمة التحرير الفلسطينية بما يستطيعون وآزروا السلطة الفلسطينية بما يقدرون عليه.
من أجل أن تنهض هذه السلطة الفلسطينية وتتقوى ويكون لها في الزمان القادم وهي على الأرض فعل جديد، لا أن ترضى بالاحتلال والهمجية الصهيونية.
منطق بعيد المدى، تعلم من دروس الماضي، وختم على المراهقة السياسية والعنتريات التي لعبت أدوارها المشبوهة في ضرب نضالنا القومي.
لكن هذا هو منطق المتعلم المثقف العربي لكنني حماسي وانتظر الحل السريع الباتر.
وقد أعجبت كثيراً بتصريحات بعض القوى السياسية التي نددت بمواقف الدول العربية، وبأنها مواقف جبانة وتكتفي بدعوات لاجتماعات وبانقاذ للمصابين من الحوادث وأنها مجرد بيانات، فقلت سوف يأتي الرد القوي من العاصمة التي يدينون لها بالولاء والتي تدفع رواتبهم ومكآفاتهم النضالية، وتعقد اجتماعاتهم القومية والإسلامية والعالمية، خاصة وقد تفجرت من بيروت تنديدات بالقيادات العربية وأنها متواطئة مع العدوان، رغم أنها شاحبة ومحدودة، على عكس صخب بيروت المعتاد.
قلتُ: سيأتي الرد من طهران.
سوف تتفجر الأرض من تحت أرجل وجنازير الطغاة المحتلين المجرمين.
سوف يأتي الرد من طهران انتظروا.
كيف لا؟ وقد تركت “حماس” صفوف الدول العربية والتحقت بقيادة طهران، ولا شك أنها رتبت معركة دقيقة مع عاصمة النضال الإسلامي، بعد أن شقت منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية واندفعت في بطولة متفردة شجاعة فهي لا تمتلك حتى طائرة عمودية واحدة، ولا أسطولا، ولا شبكات دفاع جوي، ولا مضادات أرضية، وفي مواجهة أكبر جيش في المنطقة.
قلت: ليس هو انتحار كما يظن الساذجون بل مقاومة بطولية وطنية صغيرة ووراءها قوة عظمى كاسحة.
لكن العمليات الرهيبة الدموية الاجرامية استمرت من دون أن تظهرَ القوى الـمُنتظرة، فقد اعتدنا مظاهرات وصرخات الاطفال والفتيان والنسوان العربيات، لكن الرد القوي الجبار قادم من الرجال الصناديد في إيران.
لقد رحل خالد مشعل إلى هناك وأقام معسكرا رياضيا صاروخيا.
وقد نددت القوى المؤيدة للحلف المقدس الثوري بمواقف الدول العربية المتخاذلة وقلنا: سوف يقلبون الدنيا رأساً على عقب، لكنهم اكتفوا كذلك ببيانات، وتحركت فصائل الجمل الثورية في كل مكان، وحرقت الأرض بالأقوال الصارخة الباطشة بإسرائيل المجرمة.
بدأنا نفكر بجدية في خاتمة المطاف:
الرئيس الإيراني يعقد مؤتمرا صحفيا يدلي فيه ببيانات فلسفية عن طبيعة العدوان الإسرائيلي.
الجماعات الثورية جداً تعقد مظاهرات صغيرة والشعوب العربية خارج التاريخ الفعلي.
الدول التي اتهموها بالجعجعة هي التي نصحت “حماس” كثيراً بعدم سلوك طريق المراهقة السياسية، وأنها لابد أن تعود إلى طريق النضال الحصيف بدلاً من أن تعرض شعبها للخراب، من دون أن يصغي قادتها لذلك، ثم سكتت عن اتهامات هذه الحركة نفسها لهذه الدول العربية الشقيقة لها بالعمالة والتواطؤ لصالح إسرائيل.
خـُدعنا كما خـُدع غيرنا بصرخات الرئيس الإيراني وبأنه قادر على إزالة إسرائيل وربما سبحت حماس بحماستها الكثيفة في دخان هذا الحشيش الثوري، لكن الضحايا يبقون هم الضحايا، والجثث هي ذات الجثث التي تموت بأجندة المراهقين المغامرين.
هم أهلنا يذبحون أمام أعيننا بسبب هذه الجمل وهذه السياسات الرثة.
اكتفى قادة إيران بكلمات بسيطة مثل سنرميهم في البحر، أو نذيقهم ملوحته، تعبيراً عن البأس في القتال، فما أظهروا بأساً.
ولكن كلمات الرئيس السابق قوية (سوف نزيل إسرائيل)، (سوف نلغي إسرائيل)، (إسرائيل ليس لها مكان في الشرق الأوسط)، وخالد مشعل كان يرقص طرباً في طهران، وسكرت حماس على رغوة هذه الجمل وجرّت قسماً كبيراً من شعبها لمذبحة وأي مذبحة!
هم دائماً يفعلون بشعوبنا وبأنفسهم ذلك ويدعون الحصافة والعبقرية في النضال.
كم مرة جربنا ذلك ولم نتعظ ولم نأخذ دروساً؟
كم مرة نـُلدغ من الجحر نفسه ولا نتعظ!
سوينا بالحجر في لبنان ولم نتعظ وزايدنا وادعينا الانتصارات.
والآن سوينا بالأرض في غزة ولانزال نكابر.
متى لهذا الجمهور العربي أن يفهم؟
لا للاحتلال ولا للغزو الإسرائيلي الاجرامي ولا للحماقة السياسية العربية ولا لصواريخ إيران الوهمية ولجماعات المراهقة والتخبط السياسي كذلك.
30 ديسمبر 2008

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 13, 2023 23:07
No comments have been added yet.