تجديد ذكرى بتقدير فائق

لأبي العلاء أبيات عدها البعض إنكار للبعث وهي في قوله:
تُحطِّمنا الأيام حتى كأننا
زجاجٌ ولكن لا يُعاد له سبك
فكأن أجسامنا بعد تحللها لن تعود تلتئم مثلها مثل الزجاج. وفي محاضرة له بالجامعة المصرية قال الشيخ محمد المهدي إن هذه الأبيات ليست إنكارا للبعث بحال، "وإنما ذهب فيه مذهب التشبيه القديم الذي ذكره الشاعر في قوله:
إنَّ القلوب إذا تنافر ودها
مثل الزجاجة كسرها لا يُجبَر
يريد أبو العلاء أنَّ الزجاج إذ حُطِّم لم يلتئم، فأما الأجسام فإنها تلتئم بعد البلى".
ولكن طه حسين جادله في ذلك فطالبه الشيخ بدليل على أن أبا العلاء كان يعرف في زمنه إمكانية إعادة سبك الزجاج. وفي رسالة طه حسين للدكتوراة "تجديد ذكري أبي العلاء"، ذكر تلك المناقشة وأتى بالدليل الذي يثبت رأيه ويدحض به رأي الشيخ المهدي. فذكر من اللزوميات قول المعري:
إنَّ الزجاجة لما حُطِّمت سُبِكت
وكم تكسَّر من دُرٍّ فما سُبِكا
وزاد أن أبا العلاء لم ينف البعث في هذه الأبيات فقط بل نفاه في ستين موضع من اللزوميات.
في مايو 1914 تشكلت لجنة الحكم على رسالة طه حسين عن أبي العلاء، وتكونت من الشيخ الخضري والشيخ محمود فهمي والشيخ محمد المهدي، والأخير عارض إعطاء طه حسين الدكتوراة بدرجة فائق، لأنه عارضه في رأيه عن أبي العلاء، فأسرها المهدي في نفسه، ومُنحت درجة الدكتوراة في الآداب لطه حسين بتقدير جيد جدا.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 19, 2022 06:31 Tags: أبو-العلاء
No comments have been added yet.