2⇦ عبدالله الزائد

【الزائد بؤرة المرحلة الجديدة】
لقد تكونت (الطبقة) الوسطى لتعلب دور المحرك الجديد للتغيير . إن شرائحها تتكون من تجار الغوص والطواشين السابقين ، ومن فئة التجار المستوردين ، أصحاب الوكالات وهي الفئة التي ستغدو القسم الأكبر من كيان (الطبقة) الوسطى ، وهناك فئة المقاولين الذين استدعت وجودهم الانشاءات الجديدة وتوريد العمال إلى شركة النفط ، وهناك أصحاب المؤسسات الحرفية والانتاجية الصغيرة .وشجع ذلك أيضاً (تحول رأس المال التجاري تدريجياً من النقل البحري الذي كان يرتبط بالمناشط التقليدية إلى الاستثمار الداخلي والتجارة الخارجية)،(17) .
وفي سنوات الثلاثينيات خاصةً كان نمو هذه الطبقة واضحاً وقوياً ، مما جعل المرحلة الجديدة فترة تشكلٍ واختمار ، أساسها تكوين الروابط الفكرية والاجتماعية لبروز شعب بحريني حديث وطبقة وسطى حديثة ووطنية وطليعية .
وقد عمل الزائد ، تحديداً ، لخلق الحلقة الأولى المهمة حينئذٍ للتطور السياسي والفكري الوطني الجديد في البلد .
فأرستقراطية الغوص كما أوضحنا كانت سنية ، وغير قادرة أن تكون طليعية وطنية عامة ، أما الطبقة الوسطى التي تشكلت من الطائفتين واندماجهما الحديث ، فقد راحت تلعب هذا الدور ، الذي بدأ ثقافياً وفكرياً في سنوات الثلاثينيات وانتهى سياسياً في الخمسينيات .
وقد تشكلت في شخص الزائد مختلف البؤر المجمعة لهذه المرحلة التحضيرية من التطور الاجتماعي .
فالزائد قدم من القيادة(الوطنية) للبنية الاجتماعية السابقة ، وتشرب تاريخها وعلاقاتها ، وهو أيضاً من شريحتها التجارية المتفتحة ، كما أنه انتقل إلى مواقع الطقة الوسطى الحديثة ، باعتباره تاجراً ومستورداً وصاحب مؤسسة طباعية .
والزائد يمتلك علاقات وثيقة بالأرستقراطية ، وصديق وقريب من شيوخٍ بارزين ، كما أنه عقد صداقة مع بعض المسئولين الانكليز في مرحلته الجديدة ، فهو إذن ذو علاقات وطيدة بالكتل الاجتماعية ــ السياسية البرزة وشخصية شعبية .
من هنا كان الزائد محطة استقطاب واستهاض لمختلف البذور والجماعات الأيديولوجية والإبداعية ، التي ستنمو وتتخصص بسبب نشاطه الصحفي والاجتماعي .
وكان التركيز على الشؤون الثقافية ف يهذه المرحلة ، وفي جريدة البحرين ، هو الوسيلة غير المباشرة والمكشوفة لتنامي عناصر العمل الوطني في مرحلة جديدة ومختلفة .
لقد حتمت المرحلةُ الجديدة بروز وظائف التنوير والتخفيف من التعصب وتنامي العمل الوطني . ومن هنا كان عمل الزائد الصحفي والتنويري ، هو خلق هذه الحلقة الأولى الضرورية ، التي لن يستطيع خطاب الزائد الفكري ، فميا بعد ، استيعابها .
إن الحلقة الأولى من تشكل الوعي السياسي الديمقراطي للطبقة الوسطى اعتمدت على الأشكال الثقافية ، حيث ساد الاهتمام بالتعليم وتجسدت المسرحيات التاريخية وانتشرت الأندية وتشكلت بذور الأنواع الفكرية والأدبية من نقد وقصة ومقالة .
كما أن الزائد يمتلك في ذاته الفكرية مختلف البؤر الأدبية للمرحلة ، فهو خطيب وشاعر وناثر .
لكن أعماله الشعرية لم تستطع أن تنقله إلى صفوف الشعراء(18).
كما أن نثره الجيد ، لن يتكون بصورة متخصصة وعميقة ، فلم يتخصص في نوعٍ أدبي معين ، فهو يكتبُ الخاطرة وما يشبهُ القصة ثم يتخصص في المقالة ، التي تعددت أغراضها أيضاً فهي سياسية واقتصادية وريبورتاجية وخبرية .
من هنا كان الزائد محطة للمرحلة الأولى ، استقطبت البذور والأنواع والاتجاهات الإيديولوجية الجنينة، وحضّرت لتحولٍ نوعي تالٍ .
【تفعيل جديد ومختلف】
يلفتُ النظرَ في عمل الزائد التجاري إنه ليس عملاً تجارياً صرفاً ، أي إنه لم يتخصص في تجارةِ استيراد ويقومُ بدفنِ نفسهِ ثقافياً وسياسياً ، بل هو قد أختار الأعمال التجارية الجديدة الخطرة والمؤثرة ، وذات المردود المالي المحدود نسبياً ، كإنشاء مطبعة وجريدة وسينما ، الأمر الذي يعني استمراره في رسالته النهضوية التحويلية رغم النفي السابق والتشرد ، ولكن الرسالة تؤدى الآن بوسائل أكثر مرونة وأوسع تأثيراً ، فليست هي قصائد صاخبة وهجوم بالقوافي على التخلف والتبعية ، بل هي تطوير ملموس ويومي للنهضة .
السينما ــ المطبعة ــ الجريدة ، كلها خطوطٌ لتفعيل الوعي المحلي ، وربطه بالعصر ، صورةً وكلمة .
إن هذه الوسائل الثلاث تعاضدت من أجل خلق فعلٍ ثقافي مشترك ، فالجريدة تقومُ بالدعاية للسينما ، والمطبعة تؤسس الجريدة ، والجريدة تسرع في نمو المطبعة وتخصصاتها وتقنيات الطباعة والعاملين .
وكانت الجريدة هي ذروة الفعل الثقافي والسياسي ، ففيها اللقاء الواسع المباشر بالمثقفين والقراء ، والتحريك لإنتاج الوعي الثقافي .
إن ظهور جريدة البحرين سنة 1939 هو بحدِ ذاته حدثٌ كبير . ولم يظهر إلا لأسباب الصراع العالمي الدائر بين بريطانيا والدول الغربية ، وفيما بعد قوى (الحلفاء) من جهةٍ ، ودول المحور من جهةٍ أخرى .
لقد برز الخطر الفاشي في وسط أوربا ثم أتسع ليشمل العالم بأسره ، مما ترتب عليه تشكيل جبهة ديمقراطية عالمية ، ضد هذه الخطر .
ولعبت إذاعات المحور ، وخاصةً إذاعة برلين ، دور الهجوم الذكي على الاستعمار البريطاني وجرائمه في الشرق العربي خاصةً ، مما أدى إلى تأجج المشاعر المعادية للإنكليز عند العرب والمسلمين .
هذا جعل الإنكليز بأمس الحاجة إلى استقطاب القوى المتفتحة العربية ، وجذب المتنورين والوطنيين للحفاظ على الاستقرار في مستعمراتها المعرضة للهجوم النازي .
وإذا كان الناس البسطاء قد اختاروا غريزياً المحور الألماني ضد عدوهم التقليدي البريطاني ، فإن ذلك يعزز ضرورة الإصلاح والانفتاح .
إذن وُجدت مصلحة مشتركة بين الوطنيين البحرينيين والسلطة البريطانية المحتلة ، عبر توسيع الاصلاحات التعليمية والطبية والثقافية .
ولكن السلطة الاستعمارية لم تكن مستعدةً لظهور حريات سياسية ، وغير مستعدة للقيام بإصلاحات مهمة ، بل كانت أعمالهم التهادنية مع الوطنيين تجميداً للصراع السياسي المحلي ، واستفادةً من طاقة الوطنيين لأجل المجهود الحربي البريطاني . لكن أيضاً كانت آمال الوطنيين الثقافية والفكرية تحضيراً للتطور السياسي فيما بعد .
لقد حاولت السلطة البريطانية أن تهتم بالشؤون المعيشية المباشرة للجمهور كضرب احتكار وتخزين السلع الضرورية وتوزيع الأغذية بالبطاقة ،إضافة إلى السماح بظهور جريدة البحرين وتوسيع أنشطة المسرح المدرسي الخ . .
【الجريدة ذروة التحول】
لقد أحدثت جريدة البحرين نقلة ثقافية في البلد ومنطقة الخليج العربي ، وبرغم إنه (كانت مواد الجريدة موجهة لصالح الحلفاء مما أثر على صدق الأخبار وسلامتها) وخصصت (مساحتها للمادة الدعائية والحربية وتعبر عن وجهة نظر الحلفاء)(19) ، كما يقول د.هلال الشايجي إلا أنها كما يضيف:
(استطاعت هذه الجريدة على الرغم من اتجاهها الدعائي وظروف نشأنها أن تجذب لها كثيراً من القراء والكتاب في منطقة الخليج ، وكانت تطبع ما يقرب من خمسمائة نسخة أسبوعياً ، وصلت بعد ذلك إلى ألف نسخة أثناء الحرب وقدمت خلال سنتين من صدورها نحو ألفين من المقالات . . وعالجت جميع الموضوعات من أدبية وعلمية وسياسية ودينية ورياضية وتربوية ، ورعت دوراً ثقافياً مهماً في هذه المرحلة وكثر تناول المواد الأدبية المختلفة خلال السنوات الثلاث الأخيرة بشكلٍ ملحوظ)،(20) .
إنه بغض النظر عن قيود عملية التعاون مع السلطة البريطانية ، وكانت تلك مسألة مبررة ف يزمن الرب العالمية الثانية الموجهة ضد الهتلرية ، فإن جريدة البحرين دفعت حركة الوعي الوطني الناشىء إلى الأمام ، بإبرازها عشرات الكتاب والمثقفين ، وبالاهتمام بقضايا الوطن والعالم ، وطرحها مسائل الإصلاح الاجتماعي الداخلي خاصة في سنة 1939،(21) .
لكن دفاع الزائد عن سياسة الانكليز في مواجهة دول المحور ، غدا علامة شكٍ في وطنية الزائد .
هذا الدفاع صدم نفراً من المثقفين والقراء ، وحدث الاستغراب من هذا التحول في موقف الزائد ، الذي كان قد انتقل من العداء والحدة إلى الدفاع المستميت عن السياسة البريطانية !
لقد كان الزائد ينشرُ بيانات الثورة وإذا به من المؤيدين للنظام الاجتماعي وسياسته ، الأمر الذي أحدث أزمة حقيقة بين الزائد والجماعة الوطنية،(22) .
لقد كانت الماسحة المعطاة للزائد للتعبير عن رأيه الخاص والمختلف عن الإنكليز ، مساحة ضيقة جداً ، وكان من واجبه كمسئول أول لجريدة البحرين أن ينشر البيانات الحربية والسياسية المختلفة للسلطة البريطانية ، في حين إن معالجاته للقضايا الوطنية المحلية محدودة وغدت معدومة ، وتلاشى النقد في أحيانٍ كثيرة .
ولم يعش الزائد بعد سنوات الحرب العالمية الثانية تلك لكي يعمق موقفه الوطني ، ويلونه في ظروف أخرى أقل حدةً وخطورةً ، مما جعل تلك التساؤلات السياسية الموقفية باقية .
وقد ظهرت أصواتٌ خافتةٌ مؤيدة لدول المحور ، بشكلٍ ذاك الاهتمام الشعبي العفوي بإذاعة برلين ، مما يشير إلى وجود موقفين سياسيين أساسيين من الأحداث،(23) .
وهكذا حدث انقسامٌ على مستوى المثقفين ومستوى الشعب ، عبر ظهور فريقين متنابذين ، فهناك الفريق المؤيد للحلفاء ، والفريق المؤيد لدول المحور .
إن الفريق الأول سيكون من أطروحاته المهمة:
النهضة ، والديمقراطية ، والإصلاح ، وحرية المرأة والعروبة الخ . .
والفريق الثاني ستكون اطروحاته هي:
اسقاط السلطة البريطانية وتحقيق الحرية والعدالة الخ . .
وسيغدو (هتلر) رمز الحرية لهذا الفريق والرجل المحبوب من رجل الشارع !!
وسيكون لهذا الوعي (الشمولي) المتوافق مع البنية الاجتماعية التقليدية ــ تطوراته الخطيرة اللاحقة ونموه في مسارات جديدة .
ولم يكن هذا الصراع الفكري السياسي ، مكشوف الجهتين والفريقين ، فنحن نعرف الجهة الأولى والتي لديها أدوات النشر والعلانية ، في حين أن الجهة الثانية ستكون مغيبة (وسرية) ورغم هذا فهي الفعالة!
إن هذه العملية الانقسامية في الوعي الوطني ستكون دائماً مطروحة في الزمن اللاحق بصور متعددة ، عاكسةً البناء الاجتماعي التاريخي العربي الديني العتيق .
مثل ذلك التباين حول عبدالناصر أم الغرب والمشروع الرأسمالي الليبرالي ، أو حول صدام حسين ووحدويته العسكرية أم التعددية السياسية والتعاون مع الغرب الديمقراطي ، وكذلك حول الموقف من الحركات المذهبية السياسية المختلفة الخ . .
【نحو الديمقراطية】
وقد ظهرت المسألة في زمن عبدالله الزائد وحول موقفه كبؤرة رئيسية من بؤر الاختلاف ، فيكف أمكن للزائد أن يجمع بين موقفه الوطني وموقفه المؤيد للحلفاء ، وهل استمر مع شعبه كما كان أم تحول إلى أداة دعائية بريطانية ؟
أي هل استطاع أن يقدم لشعبه بعض التقدم والتنوير وأن لا يتنازل عن دعواه الأساسية بضرورة التحرر من الإنكليز برغم من التعاون معهم ضد المحور ؟
تعطينا مقالة (الحرب الظاهرة والحرب الخفية) المنشورة سنة 1940 نموذجاً لعملية التوجه الوطني رغم التحالف مع الإنكليز ، فهو يتتبع مظاهر الصراع بين الدول المتحاربة ، بشكلٍ عام ودون تحديد ، مؤكداً أهمية القوة الروحية في الانتصار على القوى المادية الكبيرة الغاشمة . ويقوم بضرب أمثلةٍ عصرية في النهاية ، منتقياً تجربة نضال الفلنديين ضد الاجتياح الروسي لبلادهم ، مبرزاً صمود الفلنديين رغم صغر بلدهم قياساً إلى دولة كبيرة كالاتحاد السوفيتي . إن هذا المثل يعطى للقارئ في البحرين والخليج بكل دلالته الواضحة ، بل أن الزائد يأتي إلى صلب المشكلة وهي الاستعمار البريطاني ، مذكراً بمثال دولة إيرلندا التي تحررت من الهيمنة الإنجليزية بعد نضالٍ طويل وشاق .
إن الزائد يبرز القوة الخلاقة لظهور الأمم وإرادتها الحرة ، وهو يفعلُ ذلك بصورة إنشائية لا تغوص بالتحليل الملموس للعلاقات الاجتماعية ، مستمراً في نهجه العاطفي ، ولكنه يصلُ أحيانا إلى استنتاجات وتنبؤات مدهشة ، كتوقعه تحرر الشعوب الأوربية من السيطرة النازية ، وإن ذلك الفعل المستقبلي سيلعبُ دوراً هاماً في تحجيم الاستعمار العالمي ولظهور (الحضارة الصحيحة التي لا تفرق بين شعب وشعب ولا تميز بين الجنس ولا تعرف فضل لون على لون)،(24) .
إن الزائد يدرك هنا أن تصفية الهتلرية ستقود إلى عملية تحرر واسعة في العالم ، ولكن تعبيره (الحضارة الصحيحة) الضبابي يعبر عن عالمٍ تسودهُ المساواة بين الأمم واحترام كل منها لسيادة الآخر .
إن وصول الزائد لهذا المفهوم يعبرُ عن خوضه معركة الحرية من داخل التحالف مع الانكليز(25) .
وإذا قرأنا مقالته ودعوته من أجل الديمقراطية وعلاقتها بالإسلام(26) فإننا سنجدُ نصاً مهماً يعبرُ بوضوح عن توجه الزائد الإسلامي ، الذي لم يكن يبرز بهذا الشكل عبر بياناته الشعرية السياسية السابقة ، ولكن دعوته للإسلام تغدو كدعوةٍ من أجل مــُثــُـل الثورة الفرنسية كذلك . فهو يعتقد إن هذه الثورة التي طرحت قيم الحرية والإخاء والمساواة ، ليست سوى امتداد أوربي للإسلام ، فهذا الدين احتوى هذه الدعوة الليبرالية (العادلة) منذ نشأته الأولى .
هنا يدمجُ الزائد بصورةٍ عاطفية تعميمية ، مرحلتين من التاريخ الإنساني بسهولة ، غير واضعٍ كل من المرحلتين في شروطها الاقتصادية والاجتماعية الخاصة ، وهو لم يقم بعملية مقارنة فكرية وسياسية دقيقة ، تبين كيف تشكلت شعارات الثورة الفرنسية في الحرية والإخاء والمساواة ، في العصر الإسلامي .
إن الزائد أسرع إلى لاقتطاف بعض الأقوال من الدعوة الإسلامية ودمجها بشعرات الثورة الفرنسية فقد (دعا الإسلام إلى بسط راية الإخاء على الناس جميعاً مسلمين وغير مسلمين على شرط ألا يعتدوا على المسلمين) وأضاف (وبالمساواة أمر الإسلام)،(27) .
إن الزائد يستخرج مــُـثــُل الثورة الفرنسية الحديثة من داخل نصوص الإسلام ، ويقوم بتعميقها في أذهان القراء ، مما يوضح إن موقفه الوطني الداعي للتحرر من الإنكليز وسيطرتهم ، يترافق وإيمانه بالمثل الديمقراطية المعاصرة ، رغم إن عملية الاستخراج والمقارنة تتم من خلال منهج براجماتي مبسط ، يستهدف نقل النموذج الغربي الحديث إلى الواقع العربي في الخليج ، وهو فعلٌ عظيم وريادي .
ومن الواضح إن لغة التفكير السهلة والسريعة التي يكتبُ بها الزائد تجعله شعارياً تبسيطياً لظواهر ، ولكن علينا أن ندرك أن هذه اللغة تمثل مستوىً متقدماً من الوعي السياسي والاجتماعي في منطقة الخليج والجزيرة العربية ، فمثل هذا الفهم الوطني الليبرالي للإسلام ، أو جعل الغرب امتداداً جديداً نموذجياً للإسلام ، لمحتواه الإنساني المغيَّب في عصور ، هو تعبيرٌ عن حركة (طبقة) برجوازية تجارية تقومُ بالنقل السريع للمنتوجات الاقتصادية والاجتماعية والإيديولوجية الغربية ، دون أن تمتلك القدرة على تصنيع هذه المنتوجات في واقعها المحلي والمناطقي ، والزائد كأسرع وأحد ذهن في هذه الفترة ، يعبرُ بأدواته التعبيرية والمفاهيمية عن عملية النقل هذه ، فهو ينقلُ المطبعةَ ــ السينما ــ الجريدة ، واضعاً فيها مضموناً بحرينياً ــ عربياً بسيطاً ، ينمو أو يتضاءل حسب مستوى الأداة الفنية ــ الفكرية ، فهو في السينما مجرد ناقل للأفلام البريطانية والأمريكية والعربية والهندية ، حيث يقوم بالدعاية التجارية لها ، دون أن يمتلك قدرةً على معالجة هذه السينما ونقدها (وبالتأكيد يستحيل الحديث حينئذٍ عن تصنيع سينمائي بحريني) ، ولكنه في المطبعة أقرب للمضمون الوطني ، حيث يجعل المطبعةَ عربيةً ، تهتمُ بنشرِ المطبوعات التجارية ، ثم يوظفها في الكتابة وإنتاج الوعي السياسي البحريني الحديث ، وذلك بخلق جريدة البحرين وفاعليتها الفكرية ، رغم أن الجريدة (نقلت كثيراً من مقالاتها وتعليقاتها التي تطغى عليها الصيغة الدعائية من بعض الجرائد العربية مثل «المقطم» و«الأهرام» وغيرهما، وتسد ما يبقى من مساحة في نشر المواد الأدبية وبعض الأخبار حول منطقة الخليج)،(28) .
إذن يتوجه الوعي البرجوازي التجاري الوطني هنا ، وممثله النشط الزائد ، إلى عملية النقل والاستيراد ، ويندغمُ ذلك بنشر الشعارات النهوضية والتحديثية ، التي تتركز في المجالات الثقافية العامة ، دون أن تتغلغل فيها ، وكذلك لا تمتد هذه الشعرات بقوةٍ إلى نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، لكون هذا التغلغل والامتداد يحتاجان إلى أدوات منهجية وفكرية أكثر عمقاً ، ولغة مفاهيمية أكثر تطوراً ، كما يتطلب إرادة كفاحية أشد صلابة .
【ليبرالية الزائد المحدودة】
لو أخذنا بعض المسائل الأساسية في تطور الحياة الاجتماعية ، سنجد أن الوعي الوطني النهضوي الشعاري لا يستطيع أن يتجذر فيها ، أو هو يحذر من التطرق إليها .
ففي العدد 17 من جريدة البحرين ، الموافق للتاسع والعشرين من يونيو سنة 1939 ، طالب أحد القراء الواعين بجعل التعليم الابتدائي إجبارياً ــ وبضرورة عدم إهمال مدارس القرى ، وإنه ينبغي أن يجلب إليها معلمون أكفاء ، كما ينبغي وضع قسم لدراسة الصناعة وآخر لدراسة الزراعة في المنهج التعليمي .
ويطالب صاحب الرسالة بإلغاء الكتاتيب ووضع رواتب المعلمين البحرينيين أسوةً بالمعلمين الوافدين ، (29) .
وبدلاً من المناقشة العميقة لهذا الوضع التعليمي والاستفادة من الأفكار النيرة لصاحب الرسالة فإن الزائد يرفض هذه المقترحات .
أما المسألة الأكثر أهميةً فهي مناقشة وضع شركة النفط (بابكو) وظروف عمل العمال البحرينيين ، وبطبيعة الحال من المستحيل حينئذٍ الحديث عن مسائل الامتيازات البترولية المجحفة . ولقد جرت مناقشة قضايا عمال النفط المعيشية تحت إلحاح حدث المظاهرة العمالية التي جرت قبل ذلك .
لقد كتبت الجريدةُ تثني على أوضاع العمال المعيشية في الشركة ، ولكنها تستثني مساكنهم في الصحراء (حيث إن هذه البيوت باردةً في الشتاء ، حارة في الصيف ولها سقف من الصفيح «الجينكو» وبدون كهرباء) .
ثم يقوم الزائد بإجراء حديث (قصصي) مع مدير الشركة الأجنبي والسيد حسين يتيم, ويتم تبرير التخفيض الكبير لأجور العمال ، حيث قام المقاول يتيم بانقاص الأجر من روبية واحدة إلى ست آنات في اليوم نظراً لرخص تكاليف المعيشة الذي قيل!(30) .
وبعد هذه المقابلة توقف عرض مسألة النفط في الجريدة ، وظهرت إعلانات شركة بابكو على صفحات الجريدة لتوقف عملية النقد لأكبر شركة استغلالية في البلد ، حتى بروز المسألة مرةً ثانيةً ، وبشكلٍ متفجر في صحاف الخمسينيات!
وقد واصل الزائد رغم كل ذلك في وضع أسس التفكير الليبرالي والديمقراطي في البحرين بدعوته إلى سن قانون مدني وجنائي ، وهو مطلب تم تبنيه في الخمسينيات ، ودعا إلى إصلاح وضع الشرطة بجعلها بحرينية ، كما أهتم بإصلاح السجون والخدمات الطبية وبإيفاد البعثات التعليمية إلى الخارج،(31) .
وإضافةً إلى اهتمامه بوضع ركائز التقدم الاجتماعي الداخلي ، التفت الزائد إلى تبديل وضع السياسة الخارجية للبحرين ، عبر دخولها في اتحاد خليجي ، يمكن أن يلعب دوراً استقلالياً عربياً في المنطقة ، يضع مرتكزات موضوعية وذاتية قوية للخروج من الهيمنة البريطانية ، ولكن مثل هذه المقترحات لم تكن تنطلي على المستعمرين ، وهم الذين أسسوا التمزيق السياسي ، فظل المشروع نائماً حتى استجدت الظروف المعاصرة لبعثه على هيئة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الذي لم يستطع حتى الآن استيعاب مقترات ورقة الزائد المطروحة في جريدة البحرين ، حيث إنها تدعو إلى اندماج اقتصادي اجتماعي وثقافي قاعدي واسع ، في حين تجعل القيادة لمجلس موسع من الملوك والأمراء والحكام .
ومهما قيل بأن مقترحات الزائد هذه منقولة عن مصدر آخر ، فإن طرحها وتفعيلها في الخليج ، يمثل نقلةً نوعيةً لتلك المقترحات،(32) .
كذلك حاول الزائد أن يلعب دوراً في عقدةٍ أخرى من عقد وضع البحرين السياسي ــ الجغرافي ، وهي مسألة الادعاءات الإيرانية تجاه البحرين ، لكن حركته الدبلوماسية الشخصية، كما يقول مبارك الخاطر، لم تنجح،(33).
لقد تحرك الزائد على الوضعين الداخلي والخارجي ، من أجل تقدم وتحرر البحرين ، فإضافة إلى عمله لتكوين أسس النهضة الداخلية التي ستقطع التبعية عبر تناميها ، توجه إلى تغيير وضع البحرين السياسي بإدخالها في كتلةٍ عربية أكبر وذات فاعلية أوسع لعملية التحرر تلك ، ولكن كل هذه الخطط والأعمال لم تقض على التناقضات الموضوعية الحادة المتنامية بين الوطن والسيطرة الأجنبية .
【الخطاب والواقع】
إن الوعي النهضوي الإصلاحي ، ممثلاً في الزائد ، لم يستطع أن ينتج أدوات التحليل المعرفية ، إلا بشكلٍ أولي شعاري مفيد ، محافظاً على علاقاته ومصالحه المندمجة في النظام الاجتماعي التابع ، فهذه المصالح تقلل من طاقاته النقدية الجذرية ، ومن تشكيله لخطاب وطني واسع وعميق ، مما يؤدي إلى انفصاله تدريجياً عن الجمهور العريض ، الذي يصطدم على نحو حثيث بالاستعمار ، وخاصةً في مسائل النفط وإدارة الشئون العامة والحياة المعيشية ونظام الخدمات .
هنا يعجز ذلك الخطاب النهضوي الموجود داخل النظام عن تبرير تفاقم التناقضات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، مما يجعل شعاراته في الديمقراطية والحرية الليبرالية ونهوض المرأة ، أي احتذاء النموذج الغربي ، محل شك ثم رفض عند الجمهور والمثقفين ، الذين ستحولون تدريجياً عن النموذج الغربي ، ومحبذه عبدالله الزائد ، باحثين عن نظام قومي فاشتراكي فديني مركزي ومتشدد ومعادٍ للغرب .
ولكن في سنوات الزائد الأخير وبعد وفاته ، لم تكن هذه الخطوط السياسية ــ الإيديولوجية معروفة ، والتطور الموضوعي ونمو الوعي ، هما اللذان سيجعلان هذين الخطين متقاطعين .
فالزائد الذي أسس الحلقة الأولى من الكفاح الوطني ، هو الذي نشط وغذى الجماعات الليبرالية والديمقراطية التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية ، التي طرحت مطالب الإصلاح والديمقراطية داخل النظام الاجتماع ، وذلك بدعوتها إلى القيام بــ(إصلاحات عامة جذرية في الجهاز الحكومي ، وذلك بإشراك الشعب في إدارة شئونه)،(34).
ولكن المستعمرين لم يقبلوا بحدوث مثل هذه الإصلاحات الداخلية ، التي ستكون نموذجاً لشعوب الخليج العربية ، فهزمت التوجهات الليبرالية والديمقراطية الإصلاحية لصالح النماذج الشمولية التي ستتنامى في العقود التالية .
فالنموذج الشمولي في وعي الجماعات التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية هو الذي سيكون مسيطراً ومعبراً عن مستوى تفكير النخب والناس ، وهو الممكن الوحيد الذي اتاحهُ العسفُ الأجنبي .
لقد أكدت التجربةُ الناصرية منذ سنة 1952 أهمية هذا النموذج الذي بدأ قومياً حاداً ، ثم انعطف إلى الوعي القومي ــ الاشتراكي ، إلى أن تحول الآن ، في بعض قسماته ، إلى المذهبية السياسية الشمولية .
إن هزيمة الخطاب السياسي الليبرالي التنويري تبدأ من زمن الزائد نفسه ، فقد هوجم انحيازه للإنكليز في الحرب العالمية الثانية ، وفي موقفه العام ، وجاءت الحرب بنموذج هتلر المحبوب «محلياً»!)، وساهم الحصار الإنكليزي للتنوير وللوطنيين وتدهور الأحوال المعيشية في إحراج الزائد وشعوره بالهزيمة.
إن أسلوب القبضة الحديدية الإنكليزي ، لم يكن بالإمكان التغلب عليه إلا بأسلوب مشابه ، وهكذا فإن كافة اللبراليين والإصلاحيين قد تم إجهاض أحلامهم في مسيرة تطورية سلمية .
ولكن خطوات التطور الاجتماعي متناقضة ومتداخلة ، فالزائد الذي بدأ وطنياً هجومياً وانتهى إصلاحياً ليبرالياً ، هو الذي غذا النزعتين الوطنية الثورية ، والوطنية الإصلاحية ، ومهد لتحولات الخمسينيات الكبيرة بمفارقاتها المتعاضدة والمتضادة .
وفي زمن الاستقلال وتكون التجربة الوطنية الحالية ، تبرز أهمية استعادة منهج الزائد الليبرالي والتنويري والإصلاحي على تطور الوطن بشكلٍ سلمي ، وصولاً إلى مجتمع مزدهر ومتطور .
خاتمة:
【الزائد : الإمكانية الليبرالية والديمقراطية الضائعة !】
يمثل الزائد ــ في تصوري ــ الإمكانية الليبرالية والديمقراطية وهي تنو في المجتمع البحريني ــ الخليجي ، صغيرةً ، محدودة ، ثم تكبر وتتعرض للجفاف والحصار .
ومن الغريب أن ينبثق الزائد الليبرالي من منظومة إقطاعية عتيقة ، وكانت تمارس علاقات اجتماعية متخلفة ، حيث بدأ كشاب مؤيداً ومحارباً من أجلها ، ولكن علينا أن نميز هنا بين تأييده للنظام الوطني السياسي ، وبين مستوياته الاقتصادية والاجتماعية المتخلفة ، التي اضمحلت فيما بعد ، فهو إذ نراه موالياً للنظام الوطني وقيادته ، التي تحلقت حولها ارستقراطية الغوص والقبائل ، خاصةً في مدينة المحرق ، فإننا لم نقرأ له آراءً مؤيدة للاستبداد أو للتخلف الاجتماعي ، ورغم أن فكره الديني ــ المذهبي ، يجعله ضمناً في قطب المسيطرين بكل ظلاله .
ولكن خلافاً للوعي القبلي الحاد الذي انفجر في العشرينيات ، فإن الزائد ركز على جوانب التصدي للهيمنة الأجنبية وافشالها سياسياً ، وقد قادت دعوته إلى تكون بذور وطنية ، في مدينة المحرق خاصةً ، التي صار الحماس الوطني العارم أحد مميزاتها لاحقاً .
إن دعوته (الثورية) كانت جزءاً من وعي ذاتي ، يشعرُ بالإحباط والهزيمة ، وأضعاف لمدينته وقبائله وتفضيل المنتصر للأجانب ، فمضى يحلق خارج شروط الواقع ، وهذا يعبر عن كون الوعي للطبقة العربية المسيطرة ، والمبعدة من قبل الأنكليز ، كانت تتصور إمكانية الفعل الاجتماعي المحوِّل ، بقدرتها الخاصة ، وبدون التعاون مع الطبقات الفقيرة ، وخاصةً في القسم الريفي ، الذي يشكلُ الخلاف الاجتماعي والمذهبي حائلاً كبيراً ، دونه .
ونظراً لفشل هذه الدعوة ، ولعدم قراءتها لقانون تطور المجتمع والناس ، فإنها تتجه إلى أدانة هؤلاء البشر ، وتظل تعمل سياسياً وفكرياً بدونهم ، ومن خلال عملها الاجتماعي والشخصي الخاص .
ولكن ذات النظام الاجتماعي الجديد ، بشروطه (الرأسمالية) وبعلاقات التبعية فيه ، هو الذي يضع الشروط الموضوعية الجديدة للكفاح الوطني .
هنا نرى الزائد يستجيبُ للشروط الجديدة ويطرحُ الشعارات المتوافقة مع تناميها ، حيث يتم التركيز في مرحلته الوطنية الأولى ، على نشر الوعي الفكري والسياسي ، ووضع مقدمات أسس النهضة الاجتماعية الوطنية الموحدة ، وهنا يغدو (الشعب) البحريني ، وهو يتكون بصورته الحديثة ، حيث يخف الاستقطاب الطائفي ، الذي حاول الاستعمار المحافظة على ركائزه ووجوده ــ مستجيباً للدعوة الإصلاحية الجديدة ، مبعداً مسائل الاختلافات المذهبية جانباً ، مركزاً على ما هو إسلامي وما هو عروبي وقومي ، بحيث راحت الفئة المثقفة ، ومن كلا الطائفتين ، وهي الفئة التي لعبت دور الطليعة ، وكان الزائد في مقدمة من قدموا لها اللغة الإيديولوجية ، المصاغة بنثر دقيق وسهل وهو الذي كون لغة الصحافة الحديثة في البحرين والخليج .
لا يمكن تفسير ليبرالية الزائد الخارج من المحرق عاصمة الغوص ، بعوامل موضعية فحسب ، مثل دور المدينة الانفتاحي ، التي كانت ميناءً وعلى صلةٍ مستمرة بالعالم والبحر ، وبوجود مستوى رأسمالي هام في عروقها الاجتماعية .
بل لا بد من تفسيرها بسيرة الزائد الذاتية الصعبة والذكية كذلك: سفراته الدائمة إلى الهند وأوربا والبلاد العربية ، ونهمه إلى المعرفة والاكتشاف ، واستيعابه لخط التطور الرأسمالي والليبرالي في العالم ، لقد أعطاه ذلك إمكانية القفزات في منظومته الفكرية ، حيث تفصل بين تحولاته سنوات قليلة ، بل وإن كانت حياته قصيرة وامضة .
لقد توقفت حياة الزائد في لحظةٍ دقيقة ومريرة ، فخطابه الليبرالي الديمقراطي لم يتجذر ، وبقى كشعارات عامة ومقالات لم تتغلغل إلى طبقات الأرض الاجتماعية والتاريخ ، وهذا ما ساهم في جعل الخطاب بذوراً ديمقراطية ، وليس تصوراً شاملاً وليس تياراً فكرياً بطبيعة الحال ، لكنه حرك البحيرة الراكدة ، وبعده ظهرت التكوينات الفكرية والسياسية البحرينية ، والتي خلقت مرحلةً تاريخية كاملة .
إن خطاب الزائد الليبرالي ، المنتقل من فكرٍ إقطاعي إلى فكر (رأسمالي) ، لم يتجذر في الجانبين ، فهو إذ ينسلخ من جوانب الأول الاجتماعية المتخلفة ، ويؤيد المستوى السياسي ، فإنه لم يدخل بعمق واتساع في الفكر الثاني .
هذا يجعل الزائد مؤيداً لتوليفة من النظامين الاجتماعيين ، حيث تتحول القاعدة الاقتصادية إلى التجارة ، بينما تظل جوانب عديدة في النظام قديمة .
فهو ــ مثل غيره من الليبراليين العرب ــ لم يتحول إلى تحرري شامل ، لكون هذه العملية صعبة على مستوى علاقة الرجل بالنظام الاجتماعي ، وعلى مستوى تطور الرأسمالية البحرينية ، التي ظلت تجارية وعقارية ولم تتجه للصناعة إلا مؤخراً .
إن هذه العملية لم تتجذر ليس عند الزائد فحسب ، بل عند (طبقته) الرأسمالية المتنامية ، التي لم تصل إلى صيغةٍ لبناء نظام الاقتصاد الحر بشكل شامل .
وهذا لا يتعلق بهذه (الطبقة) فحسب ، بل بعلاقاتها ودورها في المنظومة الرأسمالية العالمية المسيطرة ، التي جعلت البلدان المتخلفة تابعة ، ومصدرة للمواد الخام ، وبعيدة عن الثورة الصناعية والعلمية دائماً .
لهذا قامت بالتصدي للاستعمار قوى شعبية ، رفضت النموذج الليبرالي وحققت تطورات مهمة ، لكن النظام الرأسمالي الليبرالي فرض ذاته عالمياً ، وصار هو الأفق المنظور للبشرية حالياً .
ومن هنا تغدو دعوة الزائد المخنوقة في الحرب العالمية الثانية ، هي الدعوة الهامة حالياً ، والمطلوبة ، ومن هنا تغدو شخصيته وإرثه السياسي والفكري هاماً لمراجعة تاريخ الوطن ومستقبله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والهوامش :
1 - مجلة الوثيقة ، تجارة البحرين منذ فتح العتوب وحتى ظهور النفط ، بقلم خالد الخليفة ، العدد السابع ، يوليو 1985 . وأنظر (صناعة الغوص) لعبدالله خليفة الشملان ص 81 حيث يقول (وكان عدد السفن سنة 1926 يبلغ 515 سفينة ليصل سنة 1936 إلى 264 ، وكان عدد البحارة سنة 1926 يبلغ 19250 رجلاً بينما وصل سنة 1936 إلى 9800 رجل) .
2 - عبدالله خليفة ، قراءة في تاريخ صحافة البحرين ، جريدة أخبار الخليج ، يوم 26ـ9ـ1983 .
3 - كتاب (نابغة البحرين: عبدالله الزائد) ، مبارك الخاطر ، الطبعة الثانية ، ص 143 ، المطبعة الحكومية لوزارة الإعلام بدولة البحرين .
4 - المصدر السابق ، ص 144 .
5 - المصدر السابق ، ص 213 .
6 - المصدر السابق ، ص 215 .
7 - المصدر السابق ، ص 48 .
8 - لمعرفة جوانب من الوعي المحافظ وبواكير التجديد ، أقرأ (القاضي الرئيس قاسم المهزع) الطبعة الثانية ، مبارك الخاطر ، مطبعة وزارة الإعلام ــ البحرين. يقول الخاطر عن القاضي المهزع إنه كان يتألم كثيراً من عدم وجود (الوعي الإسلامي عند القضاة) ، ص 54 ، حتى أن بعضهم وقف ضد الاجراءات الصحية الموجهة للتصدي لمرض الطاعن! وفي التحفة النبهانية (أمر معتمد بريطانيا بمنع السلاح والرقيق في البحرين فهاجت الأهالي وماجت) ، عن المصدر السابق .
9 - عبدالله خليفة ، المصدر السابق .
10 – مبارك الخاطر ، نابغة البحرين ، ص 196 .
11 - المصدر السابق ، ص 199 .
12 - .. (يساءل الزائد في معرض رثائه للزعيم الشيخ عبدالوهاب الزياني (من للقضية بعد موتك) ص 142 ، وهي المرة الأولى التي ترد فيها هذه المفردة في شعر المرحلة الإصلاحية الوطنية ، وكذلك مفردة (الشعب) ص 144، علوي الهاشمي ، كتاب (السكون المتحرك) الجزء الثالث ، ص 119 ، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الشارقة .
13 - مبارك الخاطر ، نابغة البحرين ، ص 203 .
14 - القاضي الرئيس ، مبارك الخاطر ، المرجع السابق .
15 - مبارك الخاطر ، نابغة البحرين ، ص 210 .
16 - يتكلم حسن المدني في كتابه (مواجي وحراسين) عن هذا التداخل والتمازج الوطني بصورة عفوية ، طالع يومياته في بابكو ص 60 ، من إصدارات مؤسسة الأيام للصحافة والطباعة والنشر ، البحرين .
17 - كتاب ( الصحافة في الكويت والبحرين منذ نشأتها حتى عهد الاستقلال ) د . هلال الشايجي ، ص 97 ، مطبوعات بانوراما الخليج ، البحرين .
18 - (. . لعبت حدة العقل وقوة التفكير وتعدد مظاهرها دوراً أفسد في معظم الأحيان قصائد الزائد التي كانت جميعها تقريباً ، حسبما ذكرنا ، تدور في فلك الهموم السياسية ، مما طغى طغياناً واضحاً على صوى العاطفة الخاصة) ، علوي الهاشمي ، المصدر السابق ، ص 53. والواقع إن الأمر لا يعود لقوة التفكير، أو الدوران في فلك الهموم السياسية ، حسب المنهج الشكلاني هنا ، بل لغياب التصوير وسيطرة التقرير.
19 – هلال الشايجي ، المصدر السابق ، ص 106 - 107 .
20 – نفسه ، ص 108 .
21- نفسه ، ص 108 ، 111 .
22- (ورد إلينا صباح أمس كتابٌ غفلٌ من الإمضاء ، خلاصته إننا نناصر الأنجليز ، ونتكتب ونحرر في سبيل مصالحهم لغرض غير وطني ، وقال الكاتب في آخر كتابه إننا غيرنا سيرتنا الوطنية وما تستوجبه العروبة بعد أن كنا مثالاً يُحتذى في لاذب عن قضية الأوطان والشعوب الناطقة بالضاد. ثم ذكر حوادث قمنا بها وأخذ يقارنها بما نفعله الآن مدعياً أن الأمر فيه تناقض مدهش ، وإن كثيراً من الناس في الخليج يعجبون من هذا التحول الغريب . وجوابنا لهذا الكاتب الذي نعتقد إنه ساذجٌ مخدوعٌ ، لا يدرك شئون العالم وسياسات الدول وأطماعها ما يكفي لأن يرده إلى الصواب) ، عبدالله خليفة ، قراءة في تاريخ صحافة البحرين ، أخبار الخليج 22ــ 9 ــ 1983 .
23-(من إذاعة برلين كنا نستمع إلى يونس بحري (. . .) لا أخفي إنني كنتُ أستمتع كل الاستمتاع وأنا أستمع إلى تلك الأخبار والتعليقات والتي كانت تلقى الصدى والقبول من قبل عددٍ من المتابعين المهتمين الذين كانوا يوالون . . الألمان وحلفاءهم ويتمنون لهم الانتصار في الحرب) ، حسن المدني ، المرجع السابق ، ص 41 .
24- مبارك الخاطر ، نابغة البحرين ، ص 253 .
25-(وانغماس الزائد في شؤون السياسة ، واتصاله المباشر مع الأنكليز واضطراره الخضوع لأوامرهم وتوجيهاتهم معظم الأحيان ، وانتسابه للعائلة الحاكمة وعلاقته الوطيدة بالحركة الوطنية وزعمائها ، وانبراؤه مصلحاً اجتماعياً ورائداً من رواد الثقافة والصحافة والأدب ، كل ذلك وغيره جعل هاجس الحرية لدى الزائد قوياً خاصةً على الصعيد الوطني ــ السياسي ، في الوقت الذي جعل حديثه عنها محاطاً بالمحاذير والصعوبات والموانع) ، الهاشمي ، السكون المتحرك ، ص 54 .
26- مبارك الخاطر ، نابغة البحرين ، ص 253 – 263 .
27- المصدر السابق ، ص 254 .
28- هلال الشايجي ، المصدر السابق .
29- عبدالله خليفة ، المصدر السابق .
30- عبدالله خليفة ، المصدر السابق ،
31- مبارك الخاطر ، المصدر السابق ، 127 .
32- يعترض هلال الشايجي على ما ذكره مبارك الخاطر في كتابه عن الزائد في حديثه حول مشروع الاتحاد بين البلدان العربية في الخليج ، من ص 123 إلى ص 126 ، والذي يصوره الخاطر كفكرةٍ خاصة للزائد ، راجع ملاحظة الشايجي في كتابه المذكور سابقاً ص 111.
33-(كان من الممكن تنفيذ هذا المشروع العظيم . . لولا وقوف المصالح الفردية والأجنبية في وجهه واقفاله) مبارك الخاطر ، المصدر السابق ، ص 126 .
34-القافلة البحرينية ، يوم 29 اكتوبر سنة 1954 .
*- يستخدم الباحث كلمات مثل (الطبقة) الوسطى وهو تعبير فيه محاذير ، حيث أنها فئات وسطى ، هذا الفرق يعود للتجذر في مثل هذه الموضوعة الهامة في أعماله التالية .
https://abdullakhalifa.blogspot.com/2...
عبـــــــدالله خلــــــــيفة عرض ونقد عن أعماله
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 29, 2019 07:08 Tags: 2-عبدالله-الزائد
No comments have been added yet.