تقدمية إلى الوراء..

في كتاب "المحاورات الجديدة أو دليل الرجل الذكي إلى الرجعية والتقدمية وغيرها من المذاهب الفكرية" للدكتور لويس عوض، وهو معارضة أو تقليد ظريف على منوال فكرة برنارد شو "دليل المرأة الذكية إلى الإشتراكية والرأسمالية والسوفيتية والفاشية"، لكن مع الفارق الكبير طبعا. في البداية بيكتب لويس عوض عن ذكاء "أدباء المنصورة" اللي قاموا بتنظيم مهرجان للأدب في يونيو 1965، وكان هو محاضر في ندوة بعنوان "لقاء الثقافات" وكان معه فيها: بنت الشاطئ ومحمد زكي عبد القادر ومحمود العالم. ودول ناس بالفعل بيمثلوا مختلف التيارات الفكرية بين اليمين واليسار، ولم يكن ينقصهم إلا اثنان ليمثلوا كل ألوان الطيف أو ثلاثة ليمثلوا كل درجات السلم الموسيقي.. والذكاء كان واضح في إن لويس عوض ومحمود العالم قابلوا قبل الندوة الشيخ محمد الغزالي وقعدوا يتكلموا لمدة ثلاث ساعات في الثقافة والأدب وأمور الدنيا والدين.. وأحد الأذكياء من أدباء المنصورة الشبان قام بتسجيل هذه الجلسة بدون علم المشاركين فيها واللي كانوا براحتهم شوية في الاختلاف فيما بينهم.. وبعد الندوة قرر الأذكياء أن يلطفوا الجو وياخدوا المفكرين والكتاب والأدباء الكبار إلى مصيف جمصة. فوجد الدكتور لويس نفسه على رمال الشاطئ مع عبد الرحمن الخميسي وصلاح عبد الصبور وأحمد حجازي وعبد القادر القط وعز الدين إسماعيل وفاروق خورشيد ورجاء النقاش وعبده بدوي وعامر البحيري وعباس خضر.. وغيرهم من الأدباء والمتأدبين.. وكانت أكتر أسئلة الشاب عن معنى الرجعية والتقدمية، ففكر يكتب الكتاب ده باعتباره محاورات جديدة (زي محاورات أفلاطون) عن المفاهيم المختلفة جدا جدا بين كل الناس دي لمعنى الرجعية والتقدمية. فمثلا يعرفها المعلم العاشر :) بإن الرجعية هي من رجع يرجع والرجوع طبعا لا يكون إلا إلى الوراء.. والحالة الوحيدة اللي حصل فيها رجوع إلى الأمام كانت لبغلة البهاء زهير: وتخال مدبرة إذا ما اقبلت مستعجلة. أي أنها "بغلة" تتقدم إلى الوراء؛ ومن يستطيع أن يتقدم إلى الوراء يستطيع أيضا أن يرجع إلى الأمام.
لما بسمع شكوى من صديق أو صديقة من اللي مش إخوان لكن، مش بس بيحترموهم، لكن كمان بيروجوا ليهم ولمظلوميتهم وساهموا، من حيث لا يدرون أو يدرون لكن يستعبطون، لإنشاء تهمة "معاداة الإخوان" زي معاداة السامية كده.. لما بشوف شكواهم من إن الإخوان دول لما يقروا كلام مؤيد ليهم ومتعاطف معهم يبقوا كويسين وكيوت، لكن لو حد من الأصدقاء دول كتب دفاعا عن تحرر المرأة، أو عن المواطنة وقضايا اضطهاد الأقباط، أو حتى الدفاع عن قضايا اجتماعية للعمال والفقراء أو عن غيرها من القضايا.. بينقلب السحر على الساحر وتبقى شتيمة إخوانية ومكلمة واتهامات لا تنتهي في حق الأصدقاء اللي بيستغربوا من توحش رد الفعل ضدهم مع إنهم متورطين في صناعة التوحش. وبحس بتراجيدية موقفهم وهما بيقولوا بوداعة: يعني ده جزائنا إننا حضرنا العفريت!
تكرار المواقف دي بيفكرني بذكاء أدباء المنصورة وبتقدمية بغلة البهاء زهير، لكنها تقدمية إلى الوراء..
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 27, 2017 15:57
No comments have been added yet.