الولي الـمُـــدلّل: حسان سليم اليعقوبي (3): ملامح من شعر الشيخ سليم اليعقوبي. تأليف: إلياس بلكا.
الولي
الـمُـــدلّل:
حسان سليم اليعقوبي
(3)
:
ملامح من شعر
الشيخ سليم اليعقوبي.
تأليف: إلياس بلكا.
صورة لجنة العلماء التي زارت مقر الدولة العثمانية سنة 1916، والشيخ سليم هو الثالث في صف الجالسين على يسارك. ------------------------------------------------------------------
هذا آخر مقال عن الشيخ سليم، وسيكون المقال القادم بحول الله عن حفيده حسّان الذي أصفه بــ: الولي المُدلَّـــل، لأسباب سيراها القارئ في حينه. شعره: يؤرخ المختصون للشعر الفلسطيني الحديث بمنتصف القرن التاسع عشر، وإن كان الطابع التقليدي هو الغالب على شعراء تلك المرحلة إلى بدايات القرن العشرين.والشيخ سليم اليعقوبي من أبرز شعراء هذه المرحلة، خاصة في العقود الأولى للقرن الماضي.. بل هو في الحقيقة أبرزهم وأكبرهم، من حيث غزارة الإنتاج ومن حيث الإبداع الفني. وقد نشرت له أهم صحف فلسطين آنذاك، خاصة بين سنتيْ 1908 و1914، وصحف أخرى مصرية وسورية، كجريدة الصراط المستقيم الشورى والعلم والسياسة والزمر.. وغيرها. - نظرة في ديوان: "حسنات اليراع". ينقسم هذا الديوان إلى ثمانية أقسام، لكل قسم موضوع معيّن، وهي: الإلهيات. الدهريات. الحمديات. المدائح العامة. المراثي. التهاني. الحوادث الاجتماعية. النبويات. يقول بعض الدارسين إن الطابع العام لهذا الديوان هو التقليدية، إذ كان امتدادا لمرحلة الشكلانية والتقليد التي طبعت الشعر العربي في أواخر العهد العثماني، فغلب عليه الاهتمام بالزخارف اللفظية، والمحسنات البديعية,.. على حساب المضامين والخيال المبدع.- نظرة في ديوان: "النظرات السبع".استطاع الشاعر في هذه المرحلة أن يُطوّر من شعره الذي غدا أكثر نضجا وجمالا، وهذا باتفاق الباحثين، يقول أحدهم: "لعل اليعقوبي في ديوانه الثاني (النظرات السبع)، وفي قصائده الوطنية في فلسطين وجهاد شعبها ضد الإنجليز والصهاينة كان أكثر نموا وقوة وإشراقا مقارنة بديوانه الأول (حسنات اليراع). ولعلّ تطور الأحداث في فلسطين بشكل سريع بعد انتهاء الحكم التركي، ومتابعة الشعراء لتلك التطورات -وكان اليعقوبي واحدا من أولئك الشعراء الذين تابعوا تلك التطورات وانخرطوا في أحداثها المختلفة، وخاصة السياسية والنضالية والاجتماعية..- كلُّ ذلك كان له دوره البارز في تطور الشعر ومضامينه وأساليبه. فقد كان يرى أن عليه واجبا دينيا واجتماعيا وأخلاقيا وسياسيا يجب أن يؤديه بشعره، لخدمة وطنه وعروبته وقوميته."ويدل تعدّد طبعات هذه الدواوين، خاصة النظرات السبع، على تلقي الجمهور العربي المثقف لقصائد صاحبنا تلقـيا جيدا. وفعلا كان لشعره شعبية كبيرة، خاصة بفلسطين ومصر، لذا قال:وكفاني أن شعري مرتجل -- وله في كل مصر ذكرياتونظيمي الفذ غالي الثمن -- وبحسبي أنني رب النظيملم يضارعني به في زمني-- شاعر، والشعر شعري من قديمكما كان الشيخ سليم شديد الاعتزاز بشعره، فيفتخر به ويفضله على غيره، حتى قال: وهل في زماني شاعر وابن شاعر -- سـواي إذا ما انقـاد للشعـر مسمـع فأين المعري وامرؤ القيس من فتى -- لـه الشعـر كالعضب المهند طيـع وأيـن أبو تمـام منـي وشعـره -- كليـل وشعري دونـه الصبح يسطعإذا قلته يـشـدو يراعي بـآيـه -- فيطرب دهـري حينما الدهر يسمعوكان الشاعر سليم شاعرا ملتزما، سخّر قلمه للدعوة إلى الإصلاح في مختلف المجالات، وللدفاع عن مقدسات الأمة واستقلالها ومصالحها، خاصة قضية فلسطين.ورغم ذلك لا يكاد يخلو بابٌ من شعره، كالمدح والفخر والرثاء والحماسة.. حتى الغزل الرقيق.وكانت له صداقة مميزة مع الشاعر حافظ إبراهيم والشاعر الفلسطيني إبراهيم الدباغ.. كما أنه تعرّف في رحلاته الكثيرة، خاصة بالشام ومصر والحجاز، على أكثر شعراء عصره. كذلك تأثر به جماعة من شعراء فلسطين وأخذوا عنه بيافا بعد خروجه من السجن الذي وضعه فيه الإنجليز بالإسكندرية، ومنهم: الشاعر مصطفى درويش الدباغ، وسليمان أبو غوش، وأحمد أبو لبن.وممّا ينبغي ذكره هنا أن الشيخ سليم كان صاحب موقف وصدق ورجولة، فهو مثلا حين دافع عن الخلافة العثمانية ووجوب المنافحة عنها ضد التدخلات الأوربية.. ظل على موقفه هذا حتى بعد انتهاء هذه الخلافة.. وهكذا في أكثر آرائه، فهو صاحب مبدأ وموقف لا رجل سياسة ينقلب مع كل منعطف. وفاته: شاء الله سبحانه أن يموت الشيخ قبيل النكبة بقليل وألاّ يشهد هذه المصيبة العظمى بعام 1948.كما شاء سبحانه أن يتوفى الشيخ سليم ببدايات شهر يناير 1941، وهو بملابس الإحرام أثناء أدائه لمناسك الحجّ بذي الحجة 1359هــ. وقد كانت وقفة عرفة آنذاك في 8 يناير. فدفن بمكة المكرمة وبترابها الطاهر. وسنرى أن لهذا مغزى سرى خاصة إلى حفيده حسّان.. رحم الله الجميع. اقتراح على العائلة: أهمّ من كتب عن الشيخ سليم وشعره رجلان هما: الدكتور سمير محمود شحادة، حيث كان بحثه سنة 1978، بالماجستير، بكلية اللغة العربية بالقاهرة، والتابعة لجامعة الأزهر، بعنوان: "الشيخ سليم أبو الإقبال اليعقوبي: حياته وشعره". وقد طبع بفلسطين.ثم الباحث الفلسطيني عبد الله حسن أبو نمر، في مقدماته لكتاب "سُعُوديّات حسّان فلسطين، للشاعر الشيخ سليم أبي الإقبال اليعقوبيّ،" دراسة ببليوغرافيّة، شرح وفهرسة. وقد صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع بالرياض من قريب.ولعل أفضل الخدمات لذكرى الجدّ الشاعر، وبعض أبنائه وبناته بقيد الحياة، هو وضع كتبه كافة على الأنترنت بصيغة ب.د.ف، أي تصويرها بالسكانير وإتاحتها للناس بنيـّة الوقف (من الأوقاف)... سواء كتبه المطبوعة أو المخطوطة، إذ لا ينبغي انتظار طبعات جديدة لهذه الكتب، فهذا إن تيسّر جيّد، لكنه لا يكفي. كذلك لا ينبغي انتظار تحقيق المخطوطات، بل تُصوّر كما هي وتوضع على النت، ومع الوقت سيظهر بحول الله الدارسون الذين سيخدمونها بالتحقيق وحسن الإخراج.ومخطوطات الشيخ –بحسب علمي- توجد الآن بحوزة أبناء ابنه رشاد بالقاهرة، في أكثر من مجلد. إن مشكلات الكتاب في عالمنا العربي كثيرة، بداية من الطبع لأول مرة، ثم النشر والتوزيع، وانتهاءً بإعادة الطبع.. كما أن الكتاب لا يفيد صاحبه تقريبا أيّ فائدة مالية، بل كثيرا ما يلجأ الكاتب العربي لطبع كتبه على نفقته الخاصة.. فوضعية المؤلف العربي تختلف جذريا عن مثيله الأوربي أو الأمريكي.وهذا اقتراحي أقدّمه ليس فقط لآل اليعقوبي، بل لكل أسرة كان بها عالم أو كاتب أو مفكر، فأفضل خدمة وأحسن تعبير عن المحبة والوفاء لمن مات من معارفنا وأهلينا -من أهل الفكر أو الأدب أو العلم- هو تخليد أعمالهم. والتخليد الآن يكون أساسا بتحويل هذه الأعمال كلها إلى الاستخدام الإلكتروني. وهذا ما بادرتُ شخصيا بعملِه، ولم أنتظر أحدا، ولا موتاً ولا وارثا، فصورتُ أكثر كتبي (ثمانية عناوين) ووضعتها بنيّة الوقف الشرعي بالأنترنت.. وأنوي وقف باقي كتبي أيضا بالنت في المستقبل، وعددها خمسة، بحول الله سبحانه، له الحمد والمنّة.
يتبع..
تأليف: إلياس بلكا.
صورة لجنة العلماء التي زارت مقر الدولة العثمانية سنة 1916، والشيخ سليم هو الثالث في صف الجالسين على يسارك. ------------------------------------------------------------------
هذا آخر مقال عن الشيخ سليم، وسيكون المقال القادم بحول الله عن حفيده حسّان الذي أصفه بــ: الولي المُدلَّـــل، لأسباب سيراها القارئ في حينه. شعره: يؤرخ المختصون للشعر الفلسطيني الحديث بمنتصف القرن التاسع عشر، وإن كان الطابع التقليدي هو الغالب على شعراء تلك المرحلة إلى بدايات القرن العشرين.والشيخ سليم اليعقوبي من أبرز شعراء هذه المرحلة، خاصة في العقود الأولى للقرن الماضي.. بل هو في الحقيقة أبرزهم وأكبرهم، من حيث غزارة الإنتاج ومن حيث الإبداع الفني. وقد نشرت له أهم صحف فلسطين آنذاك، خاصة بين سنتيْ 1908 و1914، وصحف أخرى مصرية وسورية، كجريدة الصراط المستقيم الشورى والعلم والسياسة والزمر.. وغيرها. - نظرة في ديوان: "حسنات اليراع". ينقسم هذا الديوان إلى ثمانية أقسام، لكل قسم موضوع معيّن، وهي: الإلهيات. الدهريات. الحمديات. المدائح العامة. المراثي. التهاني. الحوادث الاجتماعية. النبويات. يقول بعض الدارسين إن الطابع العام لهذا الديوان هو التقليدية، إذ كان امتدادا لمرحلة الشكلانية والتقليد التي طبعت الشعر العربي في أواخر العهد العثماني، فغلب عليه الاهتمام بالزخارف اللفظية، والمحسنات البديعية,.. على حساب المضامين والخيال المبدع.- نظرة في ديوان: "النظرات السبع".استطاع الشاعر في هذه المرحلة أن يُطوّر من شعره الذي غدا أكثر نضجا وجمالا، وهذا باتفاق الباحثين، يقول أحدهم: "لعل اليعقوبي في ديوانه الثاني (النظرات السبع)، وفي قصائده الوطنية في فلسطين وجهاد شعبها ضد الإنجليز والصهاينة كان أكثر نموا وقوة وإشراقا مقارنة بديوانه الأول (حسنات اليراع). ولعلّ تطور الأحداث في فلسطين بشكل سريع بعد انتهاء الحكم التركي، ومتابعة الشعراء لتلك التطورات -وكان اليعقوبي واحدا من أولئك الشعراء الذين تابعوا تلك التطورات وانخرطوا في أحداثها المختلفة، وخاصة السياسية والنضالية والاجتماعية..- كلُّ ذلك كان له دوره البارز في تطور الشعر ومضامينه وأساليبه. فقد كان يرى أن عليه واجبا دينيا واجتماعيا وأخلاقيا وسياسيا يجب أن يؤديه بشعره، لخدمة وطنه وعروبته وقوميته."ويدل تعدّد طبعات هذه الدواوين، خاصة النظرات السبع، على تلقي الجمهور العربي المثقف لقصائد صاحبنا تلقـيا جيدا. وفعلا كان لشعره شعبية كبيرة، خاصة بفلسطين ومصر، لذا قال:وكفاني أن شعري مرتجل -- وله في كل مصر ذكرياتونظيمي الفذ غالي الثمن -- وبحسبي أنني رب النظيملم يضارعني به في زمني-- شاعر، والشعر شعري من قديمكما كان الشيخ سليم شديد الاعتزاز بشعره، فيفتخر به ويفضله على غيره، حتى قال: وهل في زماني شاعر وابن شاعر -- سـواي إذا ما انقـاد للشعـر مسمـع فأين المعري وامرؤ القيس من فتى -- لـه الشعـر كالعضب المهند طيـع وأيـن أبو تمـام منـي وشعـره -- كليـل وشعري دونـه الصبح يسطعإذا قلته يـشـدو يراعي بـآيـه -- فيطرب دهـري حينما الدهر يسمعوكان الشاعر سليم شاعرا ملتزما، سخّر قلمه للدعوة إلى الإصلاح في مختلف المجالات، وللدفاع عن مقدسات الأمة واستقلالها ومصالحها، خاصة قضية فلسطين.ورغم ذلك لا يكاد يخلو بابٌ من شعره، كالمدح والفخر والرثاء والحماسة.. حتى الغزل الرقيق.وكانت له صداقة مميزة مع الشاعر حافظ إبراهيم والشاعر الفلسطيني إبراهيم الدباغ.. كما أنه تعرّف في رحلاته الكثيرة، خاصة بالشام ومصر والحجاز، على أكثر شعراء عصره. كذلك تأثر به جماعة من شعراء فلسطين وأخذوا عنه بيافا بعد خروجه من السجن الذي وضعه فيه الإنجليز بالإسكندرية، ومنهم: الشاعر مصطفى درويش الدباغ، وسليمان أبو غوش، وأحمد أبو لبن.وممّا ينبغي ذكره هنا أن الشيخ سليم كان صاحب موقف وصدق ورجولة، فهو مثلا حين دافع عن الخلافة العثمانية ووجوب المنافحة عنها ضد التدخلات الأوربية.. ظل على موقفه هذا حتى بعد انتهاء هذه الخلافة.. وهكذا في أكثر آرائه، فهو صاحب مبدأ وموقف لا رجل سياسة ينقلب مع كل منعطف. وفاته: شاء الله سبحانه أن يموت الشيخ قبيل النكبة بقليل وألاّ يشهد هذه المصيبة العظمى بعام 1948.كما شاء سبحانه أن يتوفى الشيخ سليم ببدايات شهر يناير 1941، وهو بملابس الإحرام أثناء أدائه لمناسك الحجّ بذي الحجة 1359هــ. وقد كانت وقفة عرفة آنذاك في 8 يناير. فدفن بمكة المكرمة وبترابها الطاهر. وسنرى أن لهذا مغزى سرى خاصة إلى حفيده حسّان.. رحم الله الجميع. اقتراح على العائلة: أهمّ من كتب عن الشيخ سليم وشعره رجلان هما: الدكتور سمير محمود شحادة، حيث كان بحثه سنة 1978، بالماجستير، بكلية اللغة العربية بالقاهرة، والتابعة لجامعة الأزهر، بعنوان: "الشيخ سليم أبو الإقبال اليعقوبي: حياته وشعره". وقد طبع بفلسطين.ثم الباحث الفلسطيني عبد الله حسن أبو نمر، في مقدماته لكتاب "سُعُوديّات حسّان فلسطين، للشاعر الشيخ سليم أبي الإقبال اليعقوبيّ،" دراسة ببليوغرافيّة، شرح وفهرسة. وقد صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع بالرياض من قريب.ولعل أفضل الخدمات لذكرى الجدّ الشاعر، وبعض أبنائه وبناته بقيد الحياة، هو وضع كتبه كافة على الأنترنت بصيغة ب.د.ف، أي تصويرها بالسكانير وإتاحتها للناس بنيـّة الوقف (من الأوقاف)... سواء كتبه المطبوعة أو المخطوطة، إذ لا ينبغي انتظار طبعات جديدة لهذه الكتب، فهذا إن تيسّر جيّد، لكنه لا يكفي. كذلك لا ينبغي انتظار تحقيق المخطوطات، بل تُصوّر كما هي وتوضع على النت، ومع الوقت سيظهر بحول الله الدارسون الذين سيخدمونها بالتحقيق وحسن الإخراج.ومخطوطات الشيخ –بحسب علمي- توجد الآن بحوزة أبناء ابنه رشاد بالقاهرة، في أكثر من مجلد. إن مشكلات الكتاب في عالمنا العربي كثيرة، بداية من الطبع لأول مرة، ثم النشر والتوزيع، وانتهاءً بإعادة الطبع.. كما أن الكتاب لا يفيد صاحبه تقريبا أيّ فائدة مالية، بل كثيرا ما يلجأ الكاتب العربي لطبع كتبه على نفقته الخاصة.. فوضعية المؤلف العربي تختلف جذريا عن مثيله الأوربي أو الأمريكي.وهذا اقتراحي أقدّمه ليس فقط لآل اليعقوبي، بل لكل أسرة كان بها عالم أو كاتب أو مفكر، فأفضل خدمة وأحسن تعبير عن المحبة والوفاء لمن مات من معارفنا وأهلينا -من أهل الفكر أو الأدب أو العلم- هو تخليد أعمالهم. والتخليد الآن يكون أساسا بتحويل هذه الأعمال كلها إلى الاستخدام الإلكتروني. وهذا ما بادرتُ شخصيا بعملِه، ولم أنتظر أحدا، ولا موتاً ولا وارثا، فصورتُ أكثر كتبي (ثمانية عناوين) ووضعتها بنيّة الوقف الشرعي بالأنترنت.. وأنوي وقف باقي كتبي أيضا بالنت في المستقبل، وعددها خمسة، بحول الله سبحانه، له الحمد والمنّة.
يتبع..
Published on April 17, 2017 16:34
No comments have been added yet.
إلياس بلكا's Blog
- إلياس بلكا's profile
- 50 followers
إلياس بلكا isn't a Goodreads Author
(yet),
but they
do have a blog,
so here are some recent posts imported from
their feed.

