الولي الـمُـــدلّل: حسان اليعقوبي(2): الشيخ سليم اليعقوبي.. شاعرا وعالما. تأليف: إلياس بلكا.

الولي   الـمُـــدلّل:     حسان اليعقوبي   (2) : الشيخ سليم اليعقوبي.. شاعرا وعالما.

تأليف: إلياس بلكا.
رأينا في المقال الأول نبذة عن السيد سليم، وهو جدّ الأستاذ حسّان. فصاحبنا الذي نكتب عنه –أي حسّان-  هو ابن حسن ابن سليم ابن حسن اليعقوبي. فالشيخ سليم يعتبر أحد أهم، بل ربما الأهم مطلقا، في شعراء فلسطين الأوائل، وهو مخضرم عاصر العهدين التركي والبريطاني اللذان حكما فلسطين.. وأبوه حسن –أي الجدّ الثاني لصاحبنا-  كان عالما شرعيا، تخرّج من الأزهر، وعاد إلى مدينة اللد حيث تولّى بها  القضاء، فهو الشخصية الأولى في حياة الشيخ سليم، وهو الذي وجّهه للدراسة بالقاهرة. والظاهر أن هذا الجدّ الثاني عاش أكثر عمره بالقرن التاسع عشر. أولا- الشاعـــــــــــــــر: كانت شهرة الشيخ سليم بالشعر أكثر من غيره، بحيث لا يمكن الحديث عن الشعر والشعراء بالشام في النصف الأول من القرن العشرين دون ذكره وبحث مساهمته. لقبه الشعري: واللقب العائلي للشيخ سليم هو أبو الإقبال. وحين عاد من دراسته بمصر كان يوقّع أكثر قصائده باسم "حسـّان فلسطين"، فكان هو اسمه المستعار ولقبه الأدبي، وذلك تيمّنا بشاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسان بن ثابت. فقد أراد الشاعر الشاب أن ينافح عن دين الأمة وقضاياها، ومنها قضية فلسطين، كما نافح حسان عن الإسلام ورسوله ومجتمعه في بدايات الدولة الإسلامية الوليدة بالمدينة المنورة.. كما أنه كان يرى أن شعره يشبه شعر حسان بن ثابت، حتى إنه ألف بحثا مستقلا عن شاعر الرسول.هذا هو اللقب المشهور. وكانت له رحمه الله ألقاب أخرى كشاعر الشام، وشاعر الشرق. أعماله الشعرية : كان الشيخ سليم يكتب القصائد بغزارة، وينشرها في كبريات الصحف الفلسطينية، خاصة بين سنتيْ 1908 و1914. كما كان ينشد الشعر، ويلقيه في مختلف الاحتفالات والمناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية، وينشره في الصحف. ثم جمع بعض قصائده في دواوين:1- كان أولها ديوان "حسنات اليراع"، وذلك في شبابه، نشرته مطبعة التقدم بالقاهرة سنة 1954م، وطبع في السنة نفسها بدمشق أيضا. وجاء على غلاف الكتاب: " ديوان حسنات اليراع للأستاذ اليعقوبي الشيخ سليم أبو الإقبال، مدرس العلوم الشرعية وفنون الآداب في سورية، القائل في عصر مولاه الخليفة الأعظم السلطان عبد الحميد:عصر عبد الحميد ملك ملوك الأرض == وافي بصيــب الرحمــاتعصــر علم به تجـلى يـراع  == خط للناس هذه الحسنات." فهذا يدل على أن نشر هذا الديوان أول مرة كان بالعهد التركي، غالبا سنة 1908.2- ثم جمع ابنه رشاد القصائد التي لم تنشر، ووضعها عام 1920 في ديوان اسمه: "النظرات السبع"، وتحت الاسم عنوان فرعي هو: "سوانح، وخواطر، وذكريات، وأناشيد في العروبة الصادقة، والقومية الحقة، والوطنية الصحيحة."  بينما تولى ابنه الآخر حسن –والد صاحبنا- نفقات طبع الكتاب ونشره. ثم طبع هذا الديوان مرارا، أول مرة بالقاهرة سنة 1933، و1948، و1952 مطبعة مصر.. ثم ببغداد، ونابلس. وربما آخر طبعاته كانت بالقاهرة سنة 1991.3- ولعل آخر ما صَدر وجُمع من قصائد الشيخ سليم هو كتاب "سُعُوديّات حسّان فلسطين للشاعر الشيخ سليم أبي الإقبال اليعقوبيّ."‏ وأصله دراسة ببليوغرافيّة مع شرح وفهرسة قام بها الباحث الفلسطيني عبد الله حسن أبو نمر. وقد صدر الكتاب عن دار الجندي للنشر والتوزيع، في 340 صفحة من الحجم الكبير.وهذه القصائد –كما جاء في التعريف بالكتاب-  "عبارة عن مدائح شعريّة بحجم المعلّقات الجاهليّة في صالح الملوك والأمراء والولاة السعوديّين.. هي من المجموعات الشعريّة وتسميتها منذ العصر الجاهليّ حتّى وصولنا إلى "السعوديّات"، وهذا النوع من الدراسة يظمأ إليها مدرّسو الأدب العربيّ في الجامعات العربيّة والإسلاميّة. وقد جاءت تسمية هذه الدراسة لكونها مجموعة قريض قيلت في حق ولاة الأمور السعوديين، الذين اعتاد الشاعر على رؤيتهم ومدحهم خلال تأدية مناسك الحج والعمرة. "  فقد كان الشيخ سليم كثير الحج والاعتمار، فتعرّف على الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، والذي كان يُنظر إليه آنذاك – بعد انهيار الخلافة العثمانية و في غمرة الاستعمار الأوربي وسيطرته على العالم الإسلامي- على أنه من أركان النهضة والاستقلال المنشود، لذلك كثير من العلماء والمصلحين جمعتهم صلاتٌ طيبة مع الملك عبد العزيز وآله، لعل من أهمهم الشيخ رشيد رضا، صاحب مدرسة المنار. ثانيا: العالــــــِــــم. بالإضافة إلي ذلك فقد كان الشيخ اليعقوبي عالما بعلوم الشرع التي درسها باللدّ، وبالأزهر خصوصا.. ومواد الدراسة الأزهرية في ذلك الزمان معروفة، من تفسير وقراءات وحديث وفقه وأصول ومنطق وعلوم اللغة.. وهذا ما أهّله لتولي وظائف دينية صرفة كالفتيا والخطابة والتدريس.. بكل من سوريا وفلسطين.وقد ترك رحمه الله مجموعة من الكتب والأبحاث، المطبوع منها هو الآتي:1-حكمة الإسلام. طبع بالقاهرة.2-الاتحاد الإسلامي.3-المنهج الرفيع في المعاني والبيان والبديع.4- حسان بن ثابت.5- كعبة الإسلام، نشر بالقاهرة، 1907.
يتبع..