“أن معظم الناس لا يتعرفون سوى على ركن واحد من فضائهم- مكان عند النافذة، شريط رفيع يتحركون عليه ذهاباً وإياباً. هذا فقط يمنحهم بعض الشعور بالأمان. فى حين أن الشعور بالشك الذى يكتنفه الخطر أكثر إنسانية، كالذى يدفع السجناء فى قصص"إدجار آلان بو" كى يتحسسوا أشكال سجنهم الرهيب ولا يشعروا بالغربة تجاه أهوال إقامتهم فيه التى لا توصف. ولكننا لسنا سجناء.لا توجد أقفاص ومشانق من حولنا، ولا يوجد ما يجب أن يخيفنا أو يعذبنا. لقد وُضعنا فى الحياة بوصفها العنصر الذى نلائمه أكبر ملائمة، كما أصبحنا، عبر عملية توافق أستمرت آلاف السنين، شديدى الشبه بهذه الحياة، لدرجة أننا لو سكنا فسيصعب، من خلال محاكاة سعيدة، تمييزنا عن كل ما يحيط بنا. لا يوجد لدينا داع لفقدان الثقة فى عالمنا، لأنه لا يقف ضدنا. إذا كان فيه أهوال، فهى أهوالنا، وإذا كان فيه مهاوى فإنما هى لنا، وإذا وجدت مخاطر فعلينا محاولة حبها. وإذا نظمنا حياتنا تبعا للمبدأ الذى ينصحنا بأن علينا دائما الالتزام بما هو أصعب، فسيتحول ما نراه الآن إلى أكثر الأشياء ألفة وأغلاها. كيف يمكن نسيان الأساطير القديمة التى توجد فى بدايات كل الشعوب، أساطير التنانين التى تتحول فى آخر لحظة إلى أميرات؛ ربما تكون جميع تنانين حياتنا أميرات تنتظر فقط أن ترانا ذات مرة جميلين وشجعاناً. ربما يكون أفظع الأشياء فى قرارة نفسه مجرد عاجز يطلب مساعدتنا.”