(?)
Quotes are added by the Goodreads community and are not verified by Goodreads. (Learn more)
خالد بيومي

“لا أهوى العلاقات الاجتماعية و لا أحب مصادقة الجيران، و لكن في أيام ثورة الغضب اضطررت للتعرف و التودد إلى جاري في الدور السابع كي أستطيع رؤية أحداث الثورة من بلكونته المطلة على الشارع متحملًا في بسالة كثرة أحاديثه المملة عن الثورات لقديمة و شباب الزمن الجميل..

بلكونته تطل على شارع الهرم المليء بالأحداث..موقعٌ استراتيجيّ لرؤية ما يحدث في الشارع الأشهر على الإطلاق..

رأيت كل شيء...

رأيت التظاهرات السلمية و شبابها الرائع... و رأيت مجموعات العنف و البلطجة.. و رأيت أشخاصًا لم يكن لهم همُ سوى حرق كباريهات و كازينوهات شارع الهرم..علمت فيما بعد أن أحد هذه الكباريهات هو ملك للراقصة (لوسي) و التي صرحت بعدها: أن حرق الكباريه الخاص بها هو شيء ميرضيش ربنا على الإطلاق..و أن ( الهشك بشك) شغل محترم و له رسالة سامية لا تقل عن مطالب الثورة..

و وسط هذا رأيت أشخاصًا آخرين يدغدغون محلًا مشهورًا لبيع الخمور..وجوههم تحمل غيظًا رهيبًا..معهم حق فأنا أكره الخمور مثلهم... و لكني ما لبثت أن تراجعت عن إعجابي بعد أن رأيتهم يفتحون زجاجات الخمر و يشربون في نهم.. و أنا أعذرهم بشدة..فهم يحتاجون لنسيان ما حولهم من عنف و فوضى و ضرب و لو لبعض الوقت قبل أن يتابعوا نشاط السرقة من جديد...

و أخيرًا..رأيت دبابات الجيش و مدرعاته و عرباته تدخل شارع الهرم في استعراض لفرض القوة و حفظ الأمن.. رحب الثوار بالجيش ترحيبًا حارًا بينما فر البلطجية..أما الذين كانوا يشربون الخمور فقد سمعت و بصعوبة أعجب حوار...

-- "الصنف ده ممتاز"

--اشمعنى؟

-- بيخليك تشوف دبابات و حركات

-- دي دبابات حقيقية يا بأف مش خيال.. أنا شايف الناس بتشاور لها

-- لا مش معقول تكون حقيقية.. الناس بتشاور للعساكر اللي فوقيها.. إنما هي نفسها مش موجوده

-- يعني العساكر دي ماشيه عالهوا؟؟

-- بالظظظبط يا ابن الهبلة

-- إنت معاك ايه؟

-- كوكا كوستو يوناني.. و أنت؟

-- كوكا كولا مصري

-- قشطة

لم أستطع أن أسمع بقية الحوار و لكني وجدتهم يركضون في فزع بعد أن تأكدوا أنها دبابات و مدرعات و عربات جيش حقيقية.. و لكن ليست مصرية_ هكذا ظنوا_ بل إسرائيلية.. استغلت غياب الشرطة و جاءت لتحتل مصر على الفور...

بمجرد دخول الدبابات و المدرعات إلى الشارع رأيت دموع جاري تنهمر في غزارة.. فقد كان عقيدًا سابقًا في القوات المسلحة و بطلًا من أبطال الحروب.. كان يحكي لي الفارق بين الثورة و الانتفاضة و بين سلطة الجيش و سلطة الشرطة و كيف أنه فقد رجله اليمنى في حرب الاستنزاف و فقد اليسرى في حرب 73 و رغم ذلك كان يلعب الكرة بكل مهارة ليحافظ على رشاقته.. ثم أنه أخيرًا فقد عقله في عصر مبارك قبل أن يصاب بسكتة قلبية تسببت في تفجير رأسه و قضت عليه تمامًا... يعني أنا دلوقتي بكلم المرحوم...
و أذكر أنه بعد عدة أيام من قيام الثورة و بعد أن استتب الأمن قليلًا..جاءت إحدى زميلات العمل في انهيار تام و لما سألناها أخبرتنا أنها أرادت_ككل خلق الله في مصر_ أن تلتقط صورة مع الدبابة الرابضة على (أول الشارع).. ذهبت و طلبت من الجندي أعلى الدبابة أن ينزل و يقوم بتصويرها و لكنه رفض بلطف لأنه لا يستطيع أن ينزل من الدبابة إلا بأوامر القائد.. كادت تتراجع و لكنها لمحت ولدًا صغيرًا.. طلبت منه تصويرها( و هي واخداه الدبابة في حضنها)..
وقفت البنت وضع الاستعداد.. لكن الولد خطف الكاميرا و جري..صرخت الزميلة و توسلت للجندي أن يجري وراءه و يلحقه بالدبابة أو يضرب عليه طلقة من المدفع يخوفه عشان يقف.. رفض الجندي بلطف لأنه لا يستطيع التحرك بالدبابة إلا بأوامر القائد و أنه أيضًا لا يستطيع أن يضرب بالمدفع لأنه ( مش مسدس ميّه)_هكذا قال_ ده مدفع خمسة بوصة.. يعني مش هيخوف الواد بس.. ده هيخرم الواد بالشارع.. و الله يعوض عليكي يا ست...”

خالد بيومي, فانلة داخلية تتسع لعدة أشخاص
Read more quotes from خالد بيومي


Share this quote:
Share on Twitter

Friends Who Liked This Quote

To see what your friends thought of this quote, please sign up!

1 like
All Members Who Liked This Quote

None yet!


This Quote Is From


Browse By Tag