More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
الكلمة أكبر الفتوح الإنسانية في عالم الكشف والاختراع، لو لم يخترعها الإنسان لوجب أن يخترع ما يساويها وينوب عنها؛ لأنه لا حياة له بغير التفاهم بينه وبين أبناء نوعه، ولا تفاهم على شيء من الأشياء بغير الكلمة أو ما يدل دلالتها … أنقول على شيء من الأشياء وكفى؟
تعودنا أن نسأل: ما العلم؟ ما الفهم؟ ما الحسُّ؟ ما الضمير؟ وتعودنا أن نسأل: كيف نعلم؟ ما وسيلة الفهم؟ ولماذا نحس؟ وما بالنا نصغي للضمير؟
الضحك ضحوك عدة إذا صح هذا التعبير، وليس بضحك واحد ونحن نضحك لأسباب كثيرة، ولسنا نضحك لسببٍ فردٍ لا يتعدد، ويوشك أن يكون لكل حالة من حالات ضحكتها التي تصدر عنها ولا تصدر عن حالة غيرها، كأنما هي لغة كاملة على أسلوبها في التعبير. هناك ضحك السرور والرضا، وهناك ضحك السخرية والازدراء، وهناك ضحك المزاح والطرب، وهناك ضحك
العجب والإعجاب، وهناك ضحك العطف والمودة، وهناك ضحك الشماتة والعداوة، وهناك ضحك المفاجأة والدهشة، وهناك ضحك المقرور، وضحك المشنوج، وضحك السذاجة، وضحك البلاهة، وما يختاره الضاحك وما ينبعث منه على غير اضطرار. بل ربما كان لكل مضحكة من هذه المضحكات ألوان لا تتشابه في جميع الأحوال. فالضاحك المسرور قد يكون سروره زهوًا بنفسه واحتقارًا لغيره، وقد يكون سروره فرحًا بغيره، لا زهو فيه بالنفس ولا احتقار للآخرين. والضاحك الساخر قد يضحك من عيوب الناس؛ لأنه يبحث عن تلك العيوب ويستريح إليها، ولا يتمنى خلاص أحد منها، وقد يضحك من تلك العيوب؛
ومنها الظن المختلف، وهو يتوقف على الموقف، وتعدد المشتركين فيه، ووجود اللبس الذي يدعو إلى اختلاف الظنون، ومثاله قصة عن أربعة في مقصورة قطار: فتاة حسناء، وامرأة عجوز، وكهل فرنسي، وضابط ألماني أثناء احتلال الألمان باريس. ودخل القطار نفقًا فسُمِع في المقصورة صوت قبلة وصفعة، ثم خرج القطار من النفق وهم صامتون وعلى وجه الضابط الألماني أثر صفعة، فقالت المرأة العجوز لنفسها: «ما أطهرها من فتاة!» وقالت الفتاة الحسناء لنفسها: «عجبًا له! يقبِّل العجوز ولا يقبِّلني؟» وقال الضابط الألماني: «يا له من فرنسي خبيث! غنم القبلة، وغنمت أنا الصفعة!» وقال الفرنسي: «لقد نجوت بها، قبَّلت ظاهر كفي وصفعت الألماني، ولم
...more
قبل الزواج يسعى الرجل إلى المرأة، وبعد الزواج يسعى للمرأة! قلَّما يكون الرجل بالمزايا التي تراها فيه المرأة قبل الزواج، وقلما يكون بالعيوب التي تراها فيه بعد الزواج. في بعض البلاد الشرقية لا يرى الزوج امرأته قبل الزواج، وفي البلاد الغربية لا يراها بعده!
ويجري الحوار بين اثنين على هذا المنوال: – ماذا تصنع؟ – أبحث عن ورقة ضائعة. – أين سقطت منك؟ – في الشارع الثامن والثلاثين. – لكننا في الشارع الأربعين! – نعم، أعلم ذلك، ولكن هنا نور!
تقص المدرسة على الأطفال قصة الحَمَل الذي لم يسمع كلام أمه فأكله الذئب، فيقول أحد الأطفال في براءة أو في خبث: «والحَمَل الذي سمع كلامها أكلناه نحن!» أو يقول المدرس لتلاميذه الصغار: «إن العصفور المبكر يلتقط الدودة.»
إلا وهو يعرف التورية والمقابلة والمشاكلة والهزل الذي يراد به الجد، وتأكيد المدح بما يشبه الذم، وتجاهل العارف، والإضمار في مقام الإظهار، وإخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، والتشبيه الملفوف والمفروق، والفصل والوصل، والقلب والالتفات والتغليب، والكناية والتحريف والتصحيف.
ويذكر المغالطة في الجواب، ومن قبيلها أن رجلًا قصد إلى أحد المحسنين وأفهمه أنه في عسرة شديدة وأنه يحتاج إلى قرض يسير للنجاة من كارثة محققة. وبعد إعطائه القرض بساعة رآه المحسن اتفاقًا في مطعم من مطاعم الطبقة العليا وأمامه صَحْفة من السمك الفاخر فقال له مؤنِّبًا: «أهكذا تنفق المال الذي تستعيره للضرورات لتأكل به الصحاف الفاخرة؟» فأجابه المحتال وكأنه دهش من سؤاله: «عجبًا لك يا سيدي! متى تظنني آكلها إن كنت لا آكلها مفلسًا، ولا آكلها وفي يدي ثمنها؟» وعلى هذا النمط قصة مدرس في إحدى القرى مولع بالشراب لم يزل يدمن السكر حتى اعتزلته جميع الأسر ونفر منه تلاميذه، فنصح له صديق قائلًا: «إنك تستطيع أن تجمع
...more
وللأجوبة المسكتة نصيب وافر من أساليب الضحك عند فرويد، وهذه أمثلة منها: كان القيصر أغسطس يسيح في أرجاء ملكه فلمح شخصًا يشبهه كل الشبه، فسأله: أكانت أمك تعمل في بيتنا؟ فأجابه الشبيه الجريء: كلا، بل كان أبي! وكان بعض الوعاظ الأمريكيين ينادي بحقوق السود في بلد ليس فيه كثير من السود، فقال له رئيسه: لمَ لا تذهب إلى كنتكي حيث يقيم أصحابك؟ فسأله الواعظ المسئول:
ففي قصة إبراهيم يقول إبراهيم حين زاره الملائكة فلم يعرفهم وخافهم، ثم بشَّروه بولادة إسحاق من زوجته سارة: فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ [هود: ٧٠–٧٢]. فهنا خوف فاطمئنان فبُشْرَى مفاجئة على غير انتظار، فتعجبٌ لا تملك سارة أن تجهر به فتقول: إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. كل عوامل
...more
ومعرفة بعد نكران، وبشارة بما ليس في الحسبان من الولادة بعد سن اليأس وخيبة الأمل في الذرية زمنًا طويلًا تعتلج فيه النفس بأشتات من دواعي الحزن والعزاء والغيرة والتسليم. ولا تغني هنا كلمة «سُرَّت، أو كلمة استبشرت، أو فرحت» في مكان كلمة «ضحكت»؛ فإن الضحك هو الأثر الملائم لهذه الحالة التي تشابكت فأصبحت في قرارة النفس حالات متناقضات.
الحب والعطر لا يختبئان.
الجاهل لا نفع فيه، لا هو إنسان ولا هو حمار.
المذنب المحبوب سرعان ما تنكشف براءته. خيال بلا علم أجنحة بلا أقدام.
تزيدنا السن حمقًا كلما زادتنا حكمة. أصدقاؤنا الأعزاء يقولون كما نقول. الحب مملكة المرأة.
الذي يحسن الحساب لا يثق في حساب.
بطن فارغ أشجع من رأس ملآن.
كانت معزة وحمار في حوزة صاحب واحد، وكانت المعزة تغار من الحمار لأنه كان وافر الطعام يكفيه ويفيض منه، فقالت له: إن حياتك نصب دائم، تدير الطاحون وتحمل الأثقال، فأنصح لك بأن تجمح يومًا وتسقط في حفرة تستريح بعدها، فعمل الحمار بنصيحة المعزة وأصيبت رجله إصابة بالغة من جراء سقطته، وأرسل صاحبه في طلب البيطار ليسأله رأيه، فوصف البيطار للحمار مرقًا من طحال معزة وقال إنه دواء صالح لعلاج دائه، فذبحوا المعزة لمداواة الحمار.
كان لجحا ولد يعصيه كلما أمره بعمل، ويقول لأبيه: وماذا يقول الناس عنا إن عملناه؟! وأراد جحا أن يلقنه درسًا ينفعه، ويعلمه أن رضا الناس غاية لا تدرك، فركب حماره وأمر ابنه أن يتبعه، ولم يمض غير خطوات حتى مر ببعض النسوة فشتمنه وقلن له: أيها الرجل، أما في قلبك رحمة؟! تركب أنت وتدع الصبي الضعيف يعدو وراءك؟!
فنزل جحا عن الحمار، وأمر ابنه بركوبه، ومضى مسافة غير بعيدة، ثم مر بجماعة من الشيوخ يستشرقون، فدق أحدهم كفًّا بكف، ولفتهم إلى هذا الرجل الأحمق وهو يقول ويعيد: لمثل هذا فسد الأبناء، وتعلموا عقوق الآباء … أيها الرجل، تمشي وأنت شيخ، وتدع الدابة لهذا الولد، وتطمع بعد ذلك أن تعلمه الأدب والحياء؟ قال جحا لولده: أسمعت؟ تعال إذن نركب الحمار معًا. وما هي إلا لحظة، حتى مر بهما جماعة من أصدقاء الحيوان صاحوا بهما: أما تتقيان الله في هذا الحيوان الهزيل؟ أتركبانه معًا، وكلٌّ منكما يزن من اللحم والشحم ما يزيد على وزن الحمار؟! قال جحا لولده: الآن نمشي معًا ونرسل الحمار أمامنا، لنأمن سوء القالة من النساء
...more
وسأله تيمورلنك، وقد أخذه معه إلى الحمام، وخلع ملابسه إلا مئزرًا يديره على وسطه: بكم تشتريني الآن لو عرضت عليك في السوق يا خوجة نصر الدين؟ قال: بخمسين دينارًا. قال تيمور: ويحك! إن ثمن هذا المئزر خمسون دينارًا. قال جحا: وهذا هو الثمن الذي حسبته!
ولقيه بعض معارفه في الطريق فقال له: إني رأيت الساعة
رسولًا يحمل مائدة حافلة بالطعام الفاخر. قال جحا: وماذا يعنيني؟ قال صاحبه: إنهم يحملونه إلى بيتك. قال: وماذا يعنيك؟
وسكن في دار، فشكا إلى صاحبها أنه يسمع قرقعة في سقفها.
قال صاحب الدار: لا تخف، إنه يسبح الله. قال: وهذا الذي أخشاه، تدركه رقة فيسجد علينا!
وصفع رجل «جحا» على قفاه بعرض الطريق يريد أن يسخر منه: فأخذ جحا بتلابيبه إلى القاضي ولم يقبل منه اعتذاره بالخطأ فيه؛ لأنه ظنه من أصدقائه الذين يمازحونه بمثل هذا المزاح الثقيل. وكان الرجل العابث من معارف القاضي فأحب أن ينجيه من العقاب، وحكم لجحا بأن يصفعه كما صفعه أو يتقبل منه عشرة دراهم على سبيل الجزاء أو التعويض.
وطمع جحا في الدراهم فسأل القاضي المدعى عليه: أمعك الدراهم؟ وفطن صاحبنا لغرض القاضي فقال: كلا، ولكنني أحضرها بعد قليل من البيت. وأذن له القاضي بالانصراف لإحضار الدراهم، فذهب ولم يعد. وطال الانتظار على جحا، فأدرك حيلة القاضي واقترب منه كأنه يهمس في أذنه، ثم صفعه صفعة عنيفة، وقال له وهو ينصرف: إذا عاد إليك الرجل بالدراهم، فخذها حوالة مني إليك.
وادعى الولاية، فسأله السامعون عن كرامته، فقال: أتريدون
مني كرامة أعظم من علمي بما في قلوبكم جميعًا؟ قالوا: وما في قلوبنا؟ قال: كلكم تقولون في قلوبكم إنني كذاب!
واستعار حلة كبيرة من جاره. ثم أعادها إليه وفيها حلة صغيرة، فسأله جاره: وما هذه؟ قال: هذه بنتها، ولدتها عند...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
ثم استعارها مرة أخرى ولم يردها، فلما سأله عنها، قال: البقية في حياتك، إنها ماتت عندنا في النفاس … رحمها الله. قال صاحب الحلة متعجبًا: أيموت النحاس؟ ...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
وضاع حماره فطفق يصيح وهو يسأل الناس عنه: ضاع الحمار والحمد لله. قيل له: فهل تحمد الله على ضياعه؟ قال: نعم، لو أنني كنت أركبه لضعت معه ولم أجد نفسي.
ورأوه يبحث في أرض لا شيء فيها، فسألوه: عمَّ تبحث؟ قال: خاتم سقط مني.
قالوا: وهل سقط هنا وليس في الأرض أثر للخواتم؟ قال: بل سقط في الزقاق الذي هناك. قالوا: وما بالك لا تبحث عنه حيث سقط؟ قال: وأي جدوى للبحث في الظلام؟
(٢-١١) حمار ممسوخ اشترى حمارًا واقتاده بزمام طويل، فتغفله لصَّان، ذهب أحدهما بالحمار، وربط الآخر نفسه في مكانه. والتفت جحا فرأى إنسانًا في مكان الحمار. فاستعاذ بالله، وسأله: أين الحمار؟ قال: أنا الحمار، أعادني الله إنسانًا ببركتك كما كنتُ بعد أن مُسخت حمارًا لدعاء والدتي عليَّ. فبارك له جحا، وأطلقه وهو يوصيه بطاعة أمه ويحذره العودة إلى إغضابها، وجر الغضب من الله عليه بدعائها. ثم عاد إلى السوق بعد برهة ليشتري حمارًا غير ذلك الإنسان الممسوخ فرأى...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
وحمل إلى تيمور رمانات باكورة ظهرت في غير أوانها، فرضي عنه تيمور وأرضاه.
مصيبة أكبر من مصيبة ونظر تيمور إلى وجهه في المرآة بعد أن تنعم وتعود معيشة القصور فانقبض لمنظره القبيح،
كلهم محقون اختصم رجلان من أصدقائه وجاءه
أصدق من الحمار! ورجاه بعض جيرانه أن يعيره حماره، فاعتذر

