More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
الرجل الكريم الذي أحبَّني لنفسي أكثر مما أحبني لنفسه،
أبكيها بدموع الحزن لا بدموع الندم،
«والله يا أبتِ لو علمتُ أني أستطيع الحياة بدونها لفارقتها بِرًّا بك وإيثارًا لطاعتك، ولكني أعلم أني إن فعلت فقد وضعت أمري في موضع الغَرَر، وخاطرت بعقلي أو بحياتي مخاطرةً لا أعلم ماذا يكون حظي فيها، ولا أحسبه إلا أسوأ الحظين، وأنحس النجمين، ولو أن أحدًا من قبلي استطاع أن يدفع هواه عن قلبه أو يمحو ما قُدِّر له في صحيفة قضائه من شقاء الحب وبلائه لسلكت سبيله التي سلكها، ولكنه بلاءٌ بُليت به لِحَيْنٍ أُريد لي، فلا رأي لي في ردِّه، ولا حيلة لي في اتقائه، وقد نزلت هذه الفتاة من نفسي منزلةً هي منزلة الحياة من الجسم، والغيث من التربة القاحلة، فإن كنتَ لا بد آخذي فخذ معك جسمًا هامدًا لا حراك به، ونبتة
...more
أما وقد عرفت أنني كنت أعيش مع امرأةٍ عاهرة ساقطة لا عهد لها ولا ذمام، فها هي ذي أجرة لياليك الماضية مرسلةٌ إليك.
وتضحك ضحكات السرور من قلبٍ باكٍ، وتنشد أناشيد الهناء من فؤادٍ محترق.
يلبث أحدهم أن يعرفها حتى يهجرها،
وأصبحت تنظر إلى نفسها وإلى ما يحيط بها من الأشياء كأنها تنظر إلى شيءٍ تنكره ولا تعرفه،
لقد رأيت مصرع أمها منذ خمس سنين، ولا يزال أثره باقيًا في نفسي حتى اليوم، ولا أستطيع أن أرى هذا المشهد مرة أخرى في ابنتها وصورتها الباقية عندى من بعدها.
فثقلت نفسي عليَّ، وسمج منظرها في عيني، حتى خيل إليَّ أنها لو كانت حاضرة بين يدي لرميت بها من حالقٍ إلى حيث لا يجمعني وإياها مكان بعد اليوم.
ما كنت أظن يا «أرمان» أن جسم الإنسان يحتمل كل هذه الآلام التي أكابدها، فلقد تمر بي ساعات أعتقد فيها أن الألم الذي أكابده إنما هو ألم النزع، وأنني في الساعة الأخيرة من ساعات حياتي، فإذا استفقت قلت في نفسي: هذا ألم المرض، وقد عجزت عنه، فمن لي باحتمال ألم الموت؟
وربما مرَّت بي ساعات يقف فيها ذهني عن التفكير وخاطري عن الحركة، وينقطع ما بيني وبين يومي وأمسي وغدي وكل شيء في الحياة حتى نفسي.
أهكذا أخرج من الدنيا غريبة عنها كما دخلت فيها لا يحضر موتي قريب، ولا يبكي عليَّ صديق؟!
إن الله قد خلق لكل روح من الأرواح روحًا أخرى تماثلها وتقابلها، وتسعد بلقائها وتشقى بفراقها، ولكنه قدَّر أن تضل كل روح عن أختها في الحياة الأولى، فذلك شقاء الدنيا، وأن تهتدي إليها في الحياة الثانية، وتلك سعادة الآخرة.
فإن فاتتني سعادتي بك في الأرض، فسأنتظرها في علياء السماء!
وهنا كتبتْ بعض كلماتٍ مضطربة، قد محا الدمع أكثرها فلم يبقَ منها واضحًا بعض ال...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
قُضي الأمر وماتت «مرغريت»،
وقال: «رحمةً بي أيها الناس، فقد فاتني أن أودعها وهي حية، فأذنوا لي أن أودعها ميتة!»
«هأنذا أرى ابنتي تموت أمامي مرة أخرى، ولا أزال حتى الساعة على قيد الحياة،